"العهد النبوي"..أقدم الوثائق الإنسانية أخبار الشبيبة

    • "العهد النبوي"..أقدم الوثائق الإنسانية أخبار الشبيبة

      * الدير تمتع في القرن السابع الميلادي بحماية ومميزات خاصة، حافظت على ممتلكاته ومكتبته العظيمة.

      القاهرة-وكالة الصحافة العربية

      في ظل تعدد الأصوات التي خرجت تنادي بالحريات وتبحث عن تعزيز حقوق الإنسان، وتصيغ القوانين والمبادئ اللازمة لتطبيق تلك القوانين،جاءت الوثيقة النبوية التي كتبها النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-،لتسبق كافة تلك الأصوات والمحاولات؛ لتدشن مبادىء حقوق الإنسان على المنهج الإسلامي؛ لتؤكد سماحة الإسلام في التعامل مع الأديان.

      وفي دير "سانت كاترين" بجنوب سيناء في مصر ، يأتي التطبيق العملي لمبادئ حقوق الإنسان،من خلال عهد الأمان الذي منحه النبي -صلى الله عليه وسلم-، لأقباط مصر، وهو العهد الذي يؤمنهم فيه على أرواحهم وأموالهم وبيعهم وغيرها من الحقوق التي حفظها لهم الإسلام.

      ففي دير سانت كاترين يمكن لأي زائر أن يطلع على عهد الأمان الذي منحه الرسول لمسيحي مصر ونصه:"بسم الله الرحمن الرحيم وبه العون.نسخة سجل العهد كتبه محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كافة النصارى، هذا كتاب كتبه محمد بن عبدالله إلى كافة الناس أجمعين بشيراً ونذيراً ومؤتمناً على وديعة الله في خلقه، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيماً، كتبه لأهل ملته ولجميع من ينتحل دين النصرانية من مشارق الأرض ومغاربها، قريبها وبعيدها، فصيحها وعجمها، معروفها ومجهولها، كتاباً جعله لهم عهداً، فمن نكث العهد الذي فيه وخالفه إلى غيره، وتعدى ما أمره كان لعهد الله ناكثاً ولميثاقه ناقضاً، وبدينه مستهزئاً وللعنه مستوجباً، سلطاناً كان أو غيره من المسلمين المؤمنين، وإن احتمى براهب أو سايح في جبل أو وادٍ أو مغارة أو عمران أو سهل أو رمل أو ردنة أو بيعة، فأنا أكون من ورائهم ذاباً عنهم من كل عدة لهم بنفسي وأعواني وأهل ملتي وأتباعي؛ لأنهم رعيتي وأهل ذمتي، وأنا أعزل عنهم الأذى في المؤن التي يحمل أهل العهد من القيام بالخراج، إلا ما طابت به نفوسهم وليس عليهم جبر ولا إكراه على شيء من ذلك، ولا يغير أسقفا من أسقفيته ولا راهبا من رهبانيته ولا حبيسا من صومعته، ولا سايحا من سياحته، ولا يهدم بيتا من بيوت كنائسهم وبيعهم، ولا يدخل شيئا من بناء كنايسهم في بناء مسجد، ولا في منازل المسلمين، فمن فعل شيئا من ذلك فقد نكث عهد الله وخالف رسوله، ولا يحمل على الرهبان والأساقفة ولا من يتعبد جزية ولا غرامة، وأنا أحفظ ذمتهم أين ما كانوا من بر أو بحر، في المشرق والمغرب والشمال والجنوب.

      وهم في ذمتي وميثاقي وأماني من كل مكروه، وكذلك من يتفرد بالعبادة في الجبال والمواضع المباركة لا يلزمهم مما يزرعوه ولا خراج ولا عشر ولا يشاطرون؛ لكونه برسم أفواههم ويعاونون عند إدراك الغلة بإطلاق قدح واحد من كل أردب برسم أفواههم، ولا يلزمون بخروج في حرب ولا قيام بجزية ولا من أصحاب الخراج وذوي الأموال أوالعقارات والتجارات، مما أكثر من اثنا عشر درهم بالجمجمة في كل عام، ولا يكلف أحد منهم شططاً، ولا يجادلون إلا بالتي هي أحسن، ويحفظ لهم جناح الرحمة ويكف عنهم أذى المكروه، حيث ما كانوا وحيث ما حلوا، وإن صارت النصرانية عند المسلمين فعليهم برضاها وتمكينها من الصلاة وبيعها، ولا يحال بينها وبين هدي دينها، ومن خالف عهد الله واعتمده بالضد من ذلك فقد عصى ميثاقه ورسوله، ويعاونون على مرّمة بيعهم، وصوا معهم ويكون ذلك معونة لهم على دينهم وفعالهم بالعهد، ولا يلزم أحد منهم بنقل سلاح، بل المسلمين يذودون عنهم، ولا يخالفون هذا العهد أبداً إلى حين تقوم الساعة وتنقضي الدنيا، وشهد بهذا العهد الذي كتبه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم لجميع النصارى بالوفاء بجميع ما شرط لهم عليه من أثبت اسمه و شهادته آخره".

      ثم وقَّع العهد كل من شاهد كتابته؛ وهم علي بن أبي طالب، وأبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وأبو هريرة، وعبد الله بن مسعود، والعباس بن عبد المطلب، والفضل بن عباس، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وسعيد بن معاذ، وسعد بن عبادة، و ثابت بن نفيس، وزيد بن ثابت، وأبو حذيفة بن عتبة، وهاشم بن عتبة، ومعظم بن قرشي، وحارث بن ثابت، وعبد العظيم بن حسن، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعامر بن ياسر.

      ثم كتب في نهاية الوثيقة ما يلي، "وكتب علي بن أبي طالب هذا العهد بخطه في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، بتاريخ الثالث من المحرم ثاني سني الهجرة، وأودعت نسخته في خزانة السلطان، وختم بخاتم النبي وهو مكتوب في جلد أديم طايفي فطوبى لمن عمل به، وبشروطه ثم طوباه وهو عند الله من الراجين، عفو ربه والسلام".

      استعرض مدير منطقة آثار دهب للآثار الإسلامية عبد الرحيم ريحانة ، ظروف منح الرسول صلى الله عليه وسلم لنصارى مصر هذا العهد، فيقول: لقد جرت عادة النبي وخلفائه من بعده إعطاء العهود للنصارى ومعاملتهم بروح التسامح، مثل عهد النبي لأهل "أيلة" وعهد النبي لأهل "أذرح"، ويدل تاريخ الإسلام أنه في السنة السابعة من الهجرة أرسل النبي محمد كتبه إلى الملوك والأمراء؛ مثل كسرى وقيصر والمقوقس، نائب الرومان في مصر يدعوهم للإسلام، وأن المقوقس أكرم رسول النبي وزوده بالهدايا إلى النبي ولم يكن لرسول النبي صلى الله عليه وسلم، طريق مختصر إلى مصر سوى طريق سنياء المار بدير "سانت كاترين"، لذا فإنه من المرجح أن يكون رسول النبي، قد مر بالدير ذهاباً وإياباً، وأن رهبان سيناء قد احتاطوا لأنفسهم وأرسلوا معه وفداً يطلع النبي على حال ديرهم، ويطلب منه العهد تأميناً للطريق وصيانة لديرهم ومصالحهم، وهذا من جهة الرهبان.

      وأما النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فقد أعطاهم العهد وآمنهم وأوصى بهم خيراً، لعدة أسباب؛ منها أن النبي قد حبب إليه النسك والزهد، وكان كثيراً ما يذهب إلى غار حراء قرب مكة؛ ليتعبد ويذكر الله فيه، حتى بعث للناس بشيراً ونذيراً، لذلك كان يميل إلى النساك والرهبان ويوصى بهم خيراً، وقال تعالى "لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا، ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون".

      سلاطين مصر أقروا معاهدة الأمان

      ويكشف "ريحان "، عن الأسباب الأخرى التي دفعت النبي صلى الله عليه وسلم لإعطاء عهد أمان لرهبان الدير فيقول: رهبان طور سيناء قد سكنوا أرضاً يقدسها اليهود والنصارى والمسلمون على السواء، وقد ذكر طور سيناء في القرآن الكريم؛ لذلك من المستبعد أن يخيب رسول الله طلب سكانه، ولاسيما الرهبان والنساء ، حيث كان من طبعه الميل إليهم، مع أنه أعطى العهد لجيرانهم أهل "أيلة"، ومن الأسباب الأخرى أيضاً هو وقوع دير طور سيناء في طريق مصر من بلاد العرب، وكان من مصلحة العرب والرهبان تأمين الطريق إلى مصر، ويشير "ريحان"، إلى أن سلاطين مصر فيما بعد أقروا هذه الامتيازات المبينة في العهدة النبوية، وذكروها في فرماناتهم ومنشوراتهم لمطارنة الدير، وذكروا إنما أعطوهم هذه الامتيازات بناء على العهد الذي أخذوه عن النبي وأيده الخلفاء الرشدون.

      ونوه "ريحان"عن كون المؤرخ "مينارديس"، ذكر أن الدير تمتع في القرن السابع الميلادي بحماية ومميزات خاصة، حافظت على ممتلكاته ومكتبته العظيمة، وأصبح دير "كاترين"، في طريق الحجاج المسلمين إلى مكة، حيث يزورون الجامع الفاطمي، وكما ذكر المؤرخ "أماندوس" أنه لم يكن في الإمكان إنقاذ دير سيناء بغير حماية النبي محمد صلى الله عليه وسلم وخلفائه.

      أكثر...


      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions