الحيادية والموضوعية ... عباءة نسائية !!

    • الحيادية والموضوعية ... عباءة نسائية !!


      في الوقت الذي ينتظر ( تيسير علوني ) مناصرة زملاء المهنة ، والوقوف إلى جانبه ... غرق بعضهم في التنظير للحيادية والموضوعية في العمل الصحفي ، وكيف أن الصحفي يجب أن يحترم مهنته ، وألا ينجرّ في كلامه ومقابلاته الصحفية لأفكار وتصريحات مشبوهة !! في اتهامات مبطنة لــ( علوني ) أن حكم المحكمة الاسبانية سيكشف عن تورطه من عدمه ! ويسترسلون بأن التحقيقات ربما أظهرت لنا خيوطاً ، أو شيئاً لا نعلمه عن صلة ( علوني ) بخلية هامبورج مثلاً ، أو أن له يداً في هجمات الحادي عشر من سبتمبر ، وأقل تهمة يواجهها ( علوني) أنه شارك في تلميع صورة القاعدة وزعيمها ، فجنده لخدمة أهدافه ، وعينه مسؤول الدعاية في التنظيم !!

      لم يبق لــ( علوني ) بعد هذا الخذلان ، سوى مظاهرات بسيطة هنا وهناك ، بالاضافة لزملائه في ( الجزيرة ) الذين يعلقون صورته على صدورهم ، قريباً من قلوبهم ، في خطوة يرونها أقل ما يمكن ان يقدم لزميلهم الذي لم يترك لهم إلا أحاديثه وتقاريره المسجلة يتذكرونه بها ، ويضعونها بين الفواصل الإعلانية ، ونشرات الأخبار !

      تعريف الحيادية والموضوعية الإعلامية اليوم ، يشبه تعريف ( الإرهاب ) ، هلامي ، غير واضح المعالم والحدود ، مثل العباءة الكبيرة التي قد تتسع فتخفي تحتها أي شيء مهما كبر! ، وقد تضيق فتعصر الدماء في العروق ! أو قل كالعباءات النسائية كل يوم لها أحجام وأشكال متنوعة ، وموديلات جديدة .. مزركشة .. مطرزة .. تزداد ضيقاً ، وتتجه نحو الهاوية في خدش الحياء !
      كذلك الحيادية ، كل يعرفها حسب هواه ، ويرفضون تعريفاً مشتركاً ينطلقون منه ، ليترك بذلك كل واحد لنفسه المخارج والمداخل مفتوحة بلا قيود أو حدود !

      ذنب ( علوني ) الوحيد أنه أغضب أمريكا ( فقمعته ) بيد اسبانية موالية ، بتهمة إرهابية مدروسة بإحكام ! ... ( علوني ) بقيت له في قلبه عروق تنبض بعروبته ودينه ، ومع كل هذا ، لا ينقل إلا ما تراه عيناه ، تحت الضوء الخافت لكاميرا ( الجزيرة) تحت وابل نيران القصف الأمريكي لكابل ، في ليلة ظلماء !

      نحن في زمن يتطلب تعريف الحيادية أن تتجرد من ( ملابسك) وكل أحاسيسك ، وتلبس تلك العباءة ! وتبقى بعيداً عن كلمات وعبارات يصفونها بأنها تثير مشاعر الكراهية ، وتشحن الشعوب ضد دعاة (السلام والتحرير) ! هذه هي عباءة أمريكا ، واسعة بالأمس ، تزداد ضيقاً اليوم ، ولن يعجزها أن تخفي تحتها دولاً وشعوباً بأسرها ، ناهيك عن جسم ( علوني ) النحيل المريض !
      عباءة لا يرى من تحتها إلا نجوم الحرية الخمسون ، في ظلام دامس بلا أقمار ، سوى أقمار التجسس والبث الفضائي !.
      أن تعيش بملابسك الخاصة ، وبـ( لسانك الطويل ) تثير مشاعر يراد لها النوم العميق ... فهذا ما لا يمكن السكوت عنه ! إذن الحل ببساطة ... حتى لا تكون ( علونياً ) آخر ... إلبس العباءة قبل أن تجرد من ملابسك ، وتبقى على الهواء مباشرةً ، وفي الهواء الطلق بلا ملابس أو أصحاب ، تنقل صورتك العارية الأقمار من فوقك



      محمد زعـل الحـربـي
      خريج جامعة الملك فهد للبترول والمعادن
      محلل نظم