ما بين الربشة والركشة وأشياء أخرى

    • (24)



      كنت قد طلبت من السائق البحث عن عيادة خاصة للعلاج فيها، بالطبع لم أكن اعرف موقعها لذا أبلغته بعنوان الشارع الذي تبين لي بأنه يجهله، ونظرا لعلمي بأن مقر العيادة قريب من إحدى الفنادق الشهيرة فقد كان الأمر سهل عليه بأن يسأل المارة أو أي شخص عن مكان الفندق. وبعد جهد جهيد وسؤال عدة أشخاص إما يعرفون أو يتظاهرون بمعرفة المكان قرر أن يقف على جنب ليسأل أحد المارة عن مقر الفندق إلا أنه اندهش عندما قدم إليه شرطي المرور يطلب منه "الليسن والملكية".. كنت أراقب الوضع صامتا لكنني اندهشت عندما وجدت يخرج من جيبه ورقة من فئة المئة روبية ويعطيها للشرطي. بدافع الفضول سألت السائق عن سبب إعطاء الشرطي ذلك المبلغ لأنه كسائق لم ألاحظ أنه ارتكب اية مخالفة مرورية خاصة انني كنت أركب السيارة بجنبه في المقعد الأمامي. رد عليّ وكأنه فهم استغرابي قائلا بأن الشرطي اصر أن يعطيه مخالفة على دخوله تلك المنطقة الممنوع الدخول فيها. والذي أثار استغرابي أنني شاهدت سيارات أخرى كانت تدخل المنطقة. ببراءة السائل سالته عن قيمة المخالفة، فرد عليّ أنها لم تكن أصلا مخالفة وإنما كانت "رشوة" حتى لا يسجل المخالفة. لقد اضطر السائق المسكين أن يرشوا الشرطي حتى لا تسجل عليه مخالفة قيمتها أربع أضعاف من ناحية، كما أنها سوف تكون في سجله وسوف تجد الشركة التي يعمل فيها الحجة على طرده من وظيفته باعتباره يرتكب مخالفات مرورية لا ترغبها الشركة.

      رغم الأشياء الجميلة في الهند إلا أنها واحدة من أكثر الدول فسادا بالعالم، حيث تصنفها منظمة الشفافية الدولية في الخانة (95) من بين (178) دولة. وقد قامت تلك المنظمة عام 2005 بإجراء دراسة حول الفساد في الهندفوجدت أن (55%) من الشعب الهندي يدفع الرشاوي لإنهاء المعاملات في القطاع العام. وفي كتاب قام بتأليفه البروفيسور "بيباك ديبروي" و"لافيس بهنداري" بعنوان "الفساد في الهند" ذكر فيه بأن المسئولين في الهند يتلقون أكثر من (18) مليار دولار سنويا بطريقة الفساد، ويقدر الكتاب بأن معدل الفساد يتضاعف سنويا وأن بؤر الفساد تقبع في قطاع النقل والعقارات والخدمات الحكومية الأخرى والتي تشمل الأحزاب السياسية والمناقصات والطب والضرائب ورخص قيادة السيارات. فمثلا، في عام 2008 واجه (120) عضو بالبرلمان من بين (522) تهم اجرامية، وفي أكبر فضيحة عام 2010 تورط فيها الكثير من الوزراء، أما في مجال المناقصات فإنه لا تكاد تمر مناقصة بدون الرشاوى والعمولات تحت الطاولة وخاصة للمشاريع التي ترعاها الولايات بالهند. أما في الحصول على رخص قيادة السيارات فحدث ولا حرج في الهند، بإمكان أي شخص أن يدفع ألف روبية للحصول على الرخصة حتى ولو لم يمسك المقود في حياته، وتؤكد الاحصاءات في الهند أن أكثر من (60%) من الأشخاص لا يخضعون لاختبارات الحصول على الرخصة.

      هل أتى الفساد بالهند إلى السلطنة؟ نعم أتى وفي عدة أشكال؛ من بينها المناقصات، فليس بخاف على المتابع لبواطن الأمور أن كبار رجال الأعمال بالسلطنة هم من الهنود القادرين إلى الوصول إلى بعض المسئولين أو حتى الموظفين الذين يسيل لعابهم إما عن طريق العروض المغرية والتي قد تكون نقدية أو حتى عينية مثل بناء منزل لهم أو شراء سيارة خاصة أو بعض الأجهزة المنزلية في شكل مكيفات او أجهزة حاسب آلي أو أثاث جديد، فهذه النوعية من الفساد يختلف حجمه وشكله باختلاف المناقصات. كما أن هناك مشاريع حكومية أو خاصة دخل فيها العماني شريك مع الهندي، من بينها شركة الأسمدة العمانية الهندية والتي كلفت (969) مليون دولار في ولاية صور. ولعل المراقب يجد أن حجم التجارة بين السلطنة والهند يصل إلى خمسة مليارات دولار بحسب ما ذكره السفير الهندي المعتمد بالسلطنة في تصريح له لجريدة الاوبزرفر العمانية النشر الهندية الفكر والثقافة. وتلك التجارة تتنوع بين العلوم والتدريب والسياحة والطاقة. كما يوجد بين البلدين أكثر من (1500) مشروع شراكة بقيمة استثمارية تصل إلى (7) مليارات ونصف المليار دولار. إذن يفسد الهنود في بلادهم فينقلون بعض أنواع الفساد إلى بلادنا.



      يتبــــــــــــــع
      مدونتي الجديدة المستوحاة من غذاء العماني ماضيا وحاضرا tumoor.org/
    • (25)


      بعد جهد مضني من قبل السائق استطاع تحديد موقع العيادة المتخصصة التي يقصدها العديد من العمانيين ممن يعانون من بعض الأمراض المستعصية على الطب بعمان والممكن علاجها بالهند. رحب بي الطبيب الذي يتحدث ببعض الكلمات العربية اللازمة لعلاج أي مريض كونه يتعامل مع العمانيين كما أخبرني والذين لا يجيدون الانجليزية ولا الهندية بالطبع. عرفت أنه يعمل في مكانين، في العيادة الكائنة في ذلك الشارع والمكان الآخر في مستشفى. هكذا يعزز ذلك الطبيب دخله كما يفعل الكثيرون من الأشخاص بما فيهم أنا؛ حيث أعمل في الصباح بشئون الطيران المدني وفي المساء أقوم بتدريس إدارة وسلامة الطيران في إحدى الكليات الخاصة. ورغم وجود انتقادات على مثل هذا النظام المتمثلة في أن الطبيب العامل في المستشفى المزدحم بالمواعيد فإنه يوجه المرضى إلى العيادة الخاصة إلا أن العمل في حد ذاته ليس سهلا من حيث الارهاق أحيانا وبذل الجهد المضاعف وتقليل ساعات رؤية الأسرة والجلوس معها، إلا أن لكل شيء في الحياة. والاستفادة ماديا وعلميا ومعرفيا تغطي على ذلك الثمن. على كل، تكلفة العلاج كانت معقولة جدا بخلاف لو كنت قد ذهبت إلى عيادة متخصصة في السلطنة. بعد كتابة "الروشتة" توجهت إلى أقرب صيدلية والتي كانت مقابل العيادة لأشتري الدواء، كان الدواء رخيصا جدا، وحيث أن الكمية كانت لمدة شهر ولعدة أنواع فقد أصبت بالذهول وأنا أدفع مبلغا لم يتجاوز الـ(15) ريالا في حين ندفع في السلطنة (10) ريالات لمضاد حيوي لمدة ثلاثة أيام.

      لماذا نجد الأدوية رخيصة جدا في الهند؟ ونجدها غالية جدا بالسلطنة؟ هناك عدة أسباب والتي من بينها الاحتكار الشديد للأدوية بالسلطنة المتمثل في "صيدلية مسقط" والتي أسسها عبدالمنعم الزواوي وعاصم الجمالي، وهما شخصان كان لهما النفوذ القوي جدا في الحكومة خاصة أن الأخير كان وزيرا للصحة. تلك الصيدلية تحتكر الدواء كما أنها وكيل حصري لمئات الأجهزة الطبية التابعة لوزارة الصحة والتي تبيعها للحكومة بأضعاف مضاعفة، فضلا عن قطع غيارها التي تكلف الدولة أموالا طائلا تذهب إلى جيوب الإدارة الهندية لصيدلية مسقط التي استحوذت عليها مؤخرا، وبالكاد تجد في تلك الصيدلية مواطن عماني يعمل كصيدلي إلا القليل رغم وجود معهد متخصص لتدريس الصيدلة. ومن يرغب في المزيد من تفاصيل الأدوية المحتكرة عليه أن يرجع إلى مقال الدكتور حارث الحارثي في هذا الشأن.

      إن رخص الأدوية في الهند يعود إلى كون الهند دولة مصنعة لها؛ فالهند هي الثالثة عالميا فإن إنتاج وتصنيع الأدوية من حيث الحجم والـ(14) من حيث القيمة. وهناك وزارة خاصة تسمى وزارة المواد الكيماوية والأسمدة تشرف على صناعة الأدوية بالهند، وبلغت قيمة مخرجات تلك الصناعة أكثر من (21) مليار دولار عام 2009 صدرت ما قيمتها ما يقارب (9) مليار دولار في نفس العام إلى الولايات المتحدة وروسيا ودول أخرى، كما تتمتع تلك الصناعة بنمو سنوي أكثر من (21%). والمتتبع لتلك صناعة الأدوية يجد أن الحكومة الهندية قد دخلت شريكا مع القطاع الخاص لتطوير تلك الصناعة ابتداء من الستينات من القرن الماضي. كما أن تلك الصناعة هي في الأصل تحت سيطرة الشركات الأجنبية التي يكون لها فروع في الهند نظرا لوجود العمالة المؤهلة الرخيصة العاملة في تلك الصناعة. كما أن الهند تشتهر بالأدوية التي تسمى Generic drugs وهي أدوية تكون بنفس مكونات الأدوية ذو الماركات العالمية لكنها بسعر أقل بكثير عن أسعار تلك الماركات. فمثلا لماذا تشتري مضاد حيوي من شركة "فايزر" بقيمة (10) ريالا إذا بإمكانك شرائه بسعر (3) ريال من شركة أقل شهرة. بالمناسبة الهند تصنع فياجرا هندية تسمى "كماجرا" لكن بربع سعر فايجرا الأصلية التي تنتجها شركة فايزر الأمريكية.

      بالطبع تباع الأدوية الهندية في السلطنة في صيدليات مسقط والصيدليات الأخرى، كما تصرف أيضا في المراكز الصحية والمستشفيات الحكومية، ومع ذلك وإن كانت أقل سعرا عن الأدوية الألمانية والأمريكية والانجليزية إلا أن أسعارها بالسلطنة لا يمكن مقارنتها بأسعارها في الهند بسبب الاحتكار السيء والتي تمارسها بشكل خاص صيدلية مسقط..


      يتبــــــــــــــع
      مدونتي الجديدة المستوحاة من غذاء العماني ماضيا وحاضرا tumoor.org/
    • (26)


      بعد الانتهاء من شراء بعض الأدوية من الصيدلية القريبة من العيادة اتصلت بالسائق الذي كان ينتظرني بعيدا لعدم وجود مواقف سيارات فأتي إلي لكن من شارع آخر، في ذلك الشارع أشاهد القوم يقيمون صلاة الجمعة في مسجد صغير لم يكن كافيا لإقامة الصلاة فخرج المصلون في الأرصفة يؤدون فريضتهم. ارتفع صوت الإمام وهو يخطب بالهندية خطبة الجمعة مع قراءته لآيات قرآنية باللغة العربية. كان صوت الخطبة مرتفعا وباستخدام مكبرات الصوت (الميكروفون) دون أن يعترض أحد على ذلك الصوت الذي ربما يطرب له الهندوس الذي يدخلون الاسلام طوعا، فمن بين (18) مليون شخص يقطن مدينة مومباي لوحدها فإن(15%) أو مليوني ونصف مليون شخص يدينون بالإسلام، كما أن تلك المدينة تحتضن (90) جامعا بخلاف المساجد الصغيرة المنتشرة في ربوع المدينة. وبشكل عام، فإنه يوجد أكثر من (138) مليون مسلم بالهند يشكلون من نسبته أكثر من (13%) من إجمالي السكان، وبالتالي تكون الهند ثالث أكبر دولة في العالم بها مسلمون بعد إندونيسيا وباكستان. وإذا كان المسلمون يتوزعون في الهند فإن هناك ولايات مثل "لاكشادويب" يتجاوز فيها القاطنون المسلمون أكثر من (93%)، وفي مدينة نيودلهي نجد فيها أكبر جامع في جنوب شرق آسيا وهو"مسجد الجماعة" أو كما يعرف أيضا مسجد "جيهان نعمة" ويتسع لأكثر من (25) ألف مصلي.

      من يتتبع تاريخ الاسلام في الهند يجد أن التجارة لعبت دورا لإدخال الدين الحنيف في تلك الدولة التي سادت فيها عبادة الاصنام وحتى اليوم. ورغم أن الفاتح "محمد بن القاسم" كان قد فتح بلاد السند والتي تدعى اليوم باكستان فإن تلك الأراضي كانت تابعة للهند في القرن الثامن للميلاد، وكان ذلك الفتح أثناء الخلافة الأموية. ومع انتشار الاسلام وتغلغله في الأراضي الشاسعة للهند فقد لعب الهنود المسلمون دورا في تشكيل التاريخ الهندي الحديث سواء في الثورة ضد الاستعمار الانجليزي الغاشم أو في الحكومة الهندية. وعلى الرغم من شهرة غاندي الواسعة ضد ذلك الاستعمار إلا أن أسماء مسلمة قد جاهدت في سبيل طرد الانجليز، فكان من بينهم أبو الكلام أزاد وحكيم أجمل خان ورفيع احمد كيداوي وخان عبدالغفار خان والذي اعتبر الواجهة الحقيقية لغاندي، وبالطبع محمد علي جناح الذي تحرك فيما بعد ليقود باكستان كدولة مستقلة عن الهند، أما الشاعر الكبير "محمد اقبال" فقد كان مناضلا هنديا مسلما ضد الاستعمار الانجليزي. ولم يقتصر دور المسلم الهندي في النضال بل تعداه في الأداء الاقتصادي والسياسي بعد الاستقلال، فمن بين (12) رئيس للهند كان هناك ثلاثة مسلمون وهم زاخر حسين والدكتور فخر الدين أحمد والدكتور أبو الكلام، وكان ثلاثة من وزراء العدل مسلمون، أما محمد هداية الله فقد كان الوحيد الذي تربع على كراسي الرئاسة (الرئيس بالوكالة) ونائب الرئيس ووزير العدل، كما أن نائب الرئيس الهندي الحالي واسمه "محمد حميد انصاري" مسلم، بخلاف وجود وزراء مسلمين سابقين أو حاليين مثل وزير الخارجية، ممثل الهند في الامم المتحدة، رئيس الوزراء، وآخرون. وحتى في التمثيل؛ فقد برز فيروز خان وأمجد خان (الشهير بجبار سينج) وزينات أمان وشروه خان وشباني عزمي. وفي مجال التجارة برزت اسماء ثروتها بالمليارات مثل "عازم بريمجي" و"يوسف حميد". ويمكن تلخيص القول هنا بأنه ورغم المنغصات وحتى القلاقل السياسية وحتى الحروب بين الهندي البوذي والهندي المسلم فإن للمسلم وللإسلام وجود قوي في الهند ماضيا وحاضرا.



      يتبــــــــــــــع
      مدونتي الجديدة المستوحاة من غذاء العماني ماضيا وحاضرا tumoor.org/
    • (27)



      من الطبيعي بل من الضروري الاتصال بالأهل وبعض الاصدقاء كلما سافرت، في كثير من دول العالم يمكن الحصول على خدمة الهاتف النقال من خلال شراء "سيم كارد" وكذلك بطاقة الشحن من أكثر من شركة بالمطار قبيل مغادرة مبنى القادمين. يختلف الوضع قليلا في الهند باعتبار أنه ورغم وجود (15) شركة للاتصالات تقدم خدمات الهاتف النقال إلا أنه توجد بعض القيود على شراء تلك البطاقات دون وجود إقامة، ففي بعض الدول مثل تايلاند يمكن للقادم شراء بطاقة السيم بدون تعبئة الاستمارة الخاصة بذلك مع تقديم صورة من جواز السفر، حيث يقوم الزبون الجديد بدفع المبلغ والذي لا يتجاوز الريال مع وجود رصيد بنصف ريال فيدخل البطاقة الجديدة في هاتفه وفي خلال ثواني يتم تفعيل تلك البطاقة دون معرفة هوية ذلك الزبون. أما في الهند وفي عدة دول أخرى وبالطبع في السلطنة فيجب تسجيل هوية الزبون، وتضيف الهند أيضا أنه يجب أن تكون هناك إقامة دائمة للزبون. مبررات الهند الهجمات الارهابية التي تقع فيها من حين لآخر ومن قبل أشخاص يستخدمون هواتف نقالة غير مسجلة في أية شركة اتصالات.

      بنظرة تاريخية إلى قطاع الاتصالات في الهند نجد أن الهواتف النقالة دخلت في منتصف التسعينات، ومع الاقبال الشديد من قبل المستهلك الهندي خاصة فقد شهد ذلك القطاع نموا مطردا استلزم الأمر تحريره من القبضة الحكومية الحديدية، فتأسست الهيئة الهندية لتنظيم الاتصالات التي لم تكن لترى النور وسط المعارضة الشديدة من العقول البالية لبعض الشخصيات الهندية لكن مع الضغط الدولي من قبل البنك الدولي للإنشاء والتعمير ومن قبل الاتحاد الدولي للاتصالات فقد قامت الحكومة الهندية بتحرير ذلك القطاع وتنظيمه من خلال إنشاء تلك الهيئة عام 1995. وبخلاف هيئة تنظيم الاتصالات العمانية فإن تلك الهيئة الهندية لا تتدخل في تنظيم الاسعار بحجة حماية السوق من الاغراق، لذا فإن أسعار الاتصالات في الهند هي الأرخص في العالم وبأسعار لا تصدق. حيث يمكنك أن تتحدث في مكالمة دولية بسعر روبية واحدة للدقيقة (أي سبع بيسات فقط)، لماذا؟ لأنه يوجد لديك كمستهلك (10) شركات اتصالات تقدم الخدمات الدولية و(5) خمس شركات اخرى تقدم خدمات الخدمات النقالة داخل الهند فقط. وحيث أن تحرير الاتصالات كان لازما فقد دخلت عدة شركات دولية من بينها فودان فون وشركة اتصالات الاماراتية. ومع ذلك التحرير ورخص الأسعار في جو شديد المنافسة فقد تضاعف قطاع الاتصالات لينمو بمعدل (21%) سنويا، وهو نمو هائل قلما تشهده الدول التي مازالت تنظم قطاع الاتصالات بشكل احتكاري كما هو الحال في السلطنة.

      وإذا كان الاتصالات النقالة الهندية قد تحررت من قبضة الحكومة الحديدية فإن أختها الانترنت قد تحررت أيضا. حيث يوجد في الهند (180) شركة تقدم الانترنت والتي تشترط عليها هيئة تنظيم الاتصالات ألا تقل السرعة عن (256) كيلو بيتس في الثانية، وفي الفندق الذي أقمت فيه فقد تعدت السرعة (5) ميجا بيتس في الثانية، وهاتان السرعتان قلما نجدها في بلادنا الصغيرة المساحة. وكما أسلفنا فإن عدد شركات الاتصالات النقالة في الهند (15) شركة في حين عدد شركات مقدمة خدمات الانترنت هي (180) شركة، وهذا يعني أن غالبية شركات الانترنت ليست شركات اتصالات نقالة، وهذا النظام معمول به في معظم دول العالم؛ حيث يمكن أن تتقدم شركة معينة لتقديم خدمة الانترنت دون أن يكون لديها شبكة اتصالات هاتفية. وعندئذ يكون التنافس قويا يعود بالنفع للاقتصاد الوطني من حيث التوظيف وانخفاض الأسعار وتحسين الخدمات ودخول زبائن جدد بسبب ذلك الانخفاض.


      يتبــــــــــــــع
      مدونتي الجديدة المستوحاة من غذاء العماني ماضيا وحاضرا tumoor.org/