جمعية رعاية الأطفال المعوقين تستغيث!! - جديد جريدة الرؤية

    • جمعية رعاية الأطفال المعوقين تستغيث!! - جديد جريدة الرؤية



      10فروع للجمعية مهددة بالإغلاق بعد انحسار التبرعات
      رئيس مجلس إدارة الجمعية: ستة مراكز لتأهيل الأطفال من ذوي الإعاقات العقلية والسمعية والحركية
      - قيام الجمعية بواجبها يتوقف على ما تحصل عليه من تبرعات
      الحل في ضم الجمعية إلى "التنمية الاجتماعية" أسوة بمراكز الوفاء الاجتماعي

      ما أعظم الفارق بين يومين؛ يومَ أخبر فيه الأطباء والد محمد بن خالد البلوشي بأن ولده مصاب بمرض جلدي نادر؛ يُعرف بـ"انحلال البُشرة الفقاعي"، الذي حرم الطفل من أصابع يديه الصغيرتين، ولا يوجد له علاج على وجه المعمورة، فما كان من والد الطفل محمد إلا أن عاد مُحبطا إلى منزله دون أن يفقد أمله في رحمة ربه، وأخذ الطفل يترعرع في منزله، وكلما كبُر ازداد تعلقا بمنزله، واجتنابا لأقرانه من الصغار لما يجده من فوارق بينه وبينهم، ولم تمضِّ أيام إلا وعاش الطفل المحروم من نعمة الأصابع منعزلا. وبين يوم، وقف فيه الصغير محمد الفاقد لأصابع اليدين، ينشد مع أقرانه بل ويتفوق عليهم بموهبة العزف على البيانو.
      حدث هذا عندما أدخله والده في مركز جمعية رعاية الأطفال المعوقين؛ عله يُخرجه بذلك من عزلته الأليمة، وفعلا بدأ الطفل ينخرط تدريجيا وبالمجهود الذي تبذله العاملات في مركز الجمعية، مع أقرانه، وإذا بالمركز يكتشف أن الطفل يتمتع بمواهب جمة، ولم تمر الأيام، وإذا بالصغير يجيد القراءة، والكتابة، ويمارس المطالعة، والعزف على الآلات الموسيقية، لا سيما البيانو. حصد الطفل مجموعة من الجوائز لمشاركاته في مختلف أنشطة المركز؛ منها: مشاركته في المولد النبوي الشريف.
      من المسؤول عن إخراج طفل معوق بتلك الإعاقة النادرة من كتم العزلة والمعاناة، إلى فضاء مخالطة الناس ونسيان الألم؟ كيف تمكنت هذه الجمعية من إعادة تأهيل "محمد" وتسليمه بعدة مواهب نامية إلى المجتمع ليستفيد منه ويفيده أيضا؟
      ولعل العجب يأخذ بمجامع قلب القارئ عندما يعرف أن هذا الذي حدث لذلك الطفل البريء، حدث أيضًا ويحدث باستمرار للعديد من الأطفال في مراكز هذه الجمعية الخيرية العشرة. فهذا ولد لطفل آخر اسمه عبدالله أجمع الأطباء في الولايات المتحدة - عندما درسوا حالته - على أنه، ولنقص الأكسجين؛ بسبب خطأ طبي، سبب في ضمور في الدماغ أدى بالطفل إلى أن يصاب بإعاقة عقلية شديدة منعته من الكلام والمشي والمضغ والتركيز، إلا أنه وبعد التحاقه بالجمعية، تمكن من الجلوس وحده دون مساعدة أحد، ويحاول التكلم باصدار أصوات غير مفهومة، والآن يتم تعليمه المشي، ويأمل والده أن يتمكن طفله من المشي تدريجيا.
      وما لا ينبغي المرور دون ذكره، تلك الرسومات الجميلة، والمفعمة بالحياة، والتي رأيتها لطفلة من قريات؛ فلقد اعتقدت بادئ الأمر أنها ربما تكون مصابة بإعاقة عقلية، إلا أن الذهول تملكني عندما علمت أن الطفلة رسمت هذه اللوحات بأصابع قدميها!! ألا تستحق أولئك الجنديات البواسل اللائي يجلسن خلف كواليس هذه الجمعية، والجنود أيضا، كل التحية والتقدير؟
      لقد انخرط بالعمل في الجمعية اُناس شعروا بأن الواجب الوطني والاجتماعي يدفعهم إلى بذل ما عندهم من إمكانات، بل وتطويرها لأجل أن يكون عملهم متقنا.
      لم تأتِّ المتطوعات إلى هذه المراكز من فراغ، وإنما أتين رغم ان أغلبهن أمهات، وخريجات، وبعضهن ممن التحقن بالدورات المتخصصة التي تمنحها الجمعية لهن، وحصدن فيها شهادات الدبلوم في هذا المجال الاجتماعي والإنساني المهم. قد تلقين عروضا مغرية في سوق العمل العماني الذي يبحث عن مثل هذه الكفاءات، إلا إنهن آثرن العمل في الجمعية مقابل أجرة رمزية، على ألا ينقطع عطاؤهن الاجتماعي والإنساني الكبير من هذا النوع الذي ما أحوج المجتمع إليه. وخير مثال يمكننا عرضه على ما ذكرناه، فرصة العمل التي نالتها وفاء الكاسبية مديرة الجمعية، والتي تضفي على المائتين من الريالات، أربعمائة أخرى، هذا إن انتقلت من الجمعية إلى حيث الوظيفة الجديدة، إلا أنها لم تشأ أن تنقطع عن أداء رسالتها من منطلق قول النبي "ص": "كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته"، وقوله "ص": "مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم، كمثل الجسد الواحد؛ إن اشتكى مه عضو، تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى". وهذا يعني أن وفاء تبذل ما قيمته أربعمائة ريال إضافية في سبيل رسالتها، في الوقت الذي قد ينتقل الواحد منا فيه من وظيفته إلى أخرى؛ لأجل فارق لا يزيد على الخمسين ريالا فقط.
      هموم الجمعية
      ومن خلال حديث عن هموم وتحديات الجمعية للدكتور محمد رضا بن حسن رئيس مجلس إدارة الجمعية، يمكننا صياغة محصلته في النقاط التالية:
      - تأسست الجمعية في العام 1992 للميلاد؛ من منطلق الشعور بالمسؤولية تجاه ضرورة احتضان أطفال هذا المجتمع من ذوي الإعاقات بأنواعها، وسواء كانت تلك الإعاقات فردية أو مزدوجة، وسواء أكان أولئك الأطفال من أبناء مسقط أم غيرها من ولايات ومحافظات السلطنة، إلا أن نداء الواجب يستدعي أن تتحرك هذه الجمعية لأجل إعانتهم وإعادة تأهيلهم، وبذل كل معونة ممكنة لأسرهم حتى تٌدرك رسالتها جيدا تجاه أطفال المعاقين. وبما أن هذه المسؤولية تجاه أولئك الأطفال المعوقين والمتوحدين أيضًا، هي بالدرجة الأولى مسؤولية الحكومة الرشيدة، بالنظر إلى نظامها الأساسي الذي يؤكد ذلك في بعض بنوده بمنتهى الوضوح؛ لهذا جاءت الجمعية لتكون معينا للحكومة في عملها هذا، عبر مد اليد العون ضمن المقدور عليه، وفقا للمساهمات والتبرعات، إلا أن الجمعية وجدت نفسها وحيدة في الميدان، وإذا بالدور الثانوي قد استحال إلى أولي وأساسي، بغياب دور الحكومة في هذا الجانب"!
      - "إن ما ينبغي الالتفات إليه هو أن العمل التطوعي الذي تمارسه هذه الجمعية بجهود استثنائية للمشاركات فيها من الشابات العمانيات، يتوقف على ما تحظى به هذه الجمعية من تبرعات من ذوي القلوب الرحيمة، والأذهان المستوعبة لمسؤولياتها الاجتماعية تجاه المجتمع، إلا أن هذه التبرعات ليست دائما بالحجم الذي يسمح للجمعية أن تمارس رسالتها كما ينبغي، رغم أن ما تم إنجازه يُعد كبيرا ولله الحمد. إن الجمعية تتدخل تدخلا مبكرا لمد يد العون للمعاقين من الأطفال، هذا عندما تكون أعمارهم بين السادسة وحتى الثالثة عشرة، وقد تمكنت من إنشاء ستة مراكز لمساعدة وتأهيل الأطفال من ذوي الإعاقات العقلية، والسمعية والحركية المزدوجة، ولأن أغلب أولئك الأطفال - كما تم اكتشافه - من فئة مرضى التوحد، فقد كان لزاما للجمعية أن تفتح قسما خاصا لهذا النوع من المعوقين من الأطفال".
      واجب نحو الطفل المعاق
      لازلنا في المحصلة التي خرجنا منها بعد حديث الدكتور محمد رضا؛ وهي: "دمج الطفل مع أقرانه العاديين، وإعادته للمجتمع وإلى الحياة الاجتماعية أسوة بالآخرين، والتركيز على تنمية شخصيته، ومساعدة الأسرة على كيفية التعامل الصحيح معه ومساعدته داخل المنزل لتخطي إعاقته، والكشف المبكر عن الإعاقات وتقديم الخدمات التأهيلية منذ السن المبكرة، وبلوغ المناطق التي تكون بالعادة أقل تطورًا لأداء هذه الرسالة فيها، وتطوير العمل لمواجهة مختلف أنواع الإعاقات، وتنبيه المجتمع بمختلف هيئاته ومؤسساته تجاه رسالته نحو الطفل المعوق وحقوقه، بما في ذلك دعم البحوث العلمية والتخصصية في هذا المجال، لكل هذا وجدت الجمعية أنها معنية بالقيام به؛ لذا فنشاطها جزء لا يتجزأ من خطط التنمية الاجتماعية والاقتصادية التي تضطلع الحكومة بالقيام بها. غير أن السؤال الذي يطرحه رئيس مجلس إدارة هذه الجمعية هو: إلى متى ستستمر هذه الجمعية في أداء رسالتها في ظل طول نفس العمل التطوعي في هذا المجال، وإغراء السوق لكوادر الجمعية بالرواتب المجزية، وبالاعتماد فقط على تبرعات المحسنين؟".
      معالم الأزمة.. وطرق الحل
      لنحدد معالم الأزمة التي تبدو أنها في طريقها إلى الاتساع.
      تتمثل الأزمة في النقاط التالية:
      اولا: إن العمل التطوعي ذو استراتيجية بعيدة المدى، من الصعوبة بمكان عليه أن يوفر المتطوعين والمتطوعات على مدى طويل؛ نظرا لأن أغلب المتطوعات مسؤولات وربات منازل، وأن طول مكوثهن في العمل التطوعي يتعارض مع تفرغهن لمسؤوليات أسرهن التي تكبر يوما بعد يوم.
      ثانيا: في حالة انسحاب أغلب المتطوعات، فإن الشلل واقع لا محالة في تمام أداء الجمعية. كما أن البحث عن متطوعين ومتطوعات آخرين ليس بتلك السهولة. وإن تم العثور على بدائل، فإن تأهيلهن سيتطلب مشوارًا طويلًا آخر ينبغي المرور به، وهذا في المحصلة يصب في عدم الارتقاء بأداء الجمعية كما ينبغي.
      ثالثا: إن الأجور الرمزية التي تمنحها الجمعية للمتطوعات والمتطوعين تشكل تدريجيا عائقا لاستمرار أغلبهن في العمل؛ نظرا لضغوط الاحتياج إلى تحسين الأوضاع المعيشية. وتعجز الجمعية التي تستمد كل طاقاتها المالية من التبرعات أن تدفع رواتب مجزية.
      رابعا: بالأمس القريب، وبقرار وزاري تم نقل مراكز الوفاء الاجتماعي التي كانت تمارس ذات الدور الذي تمارسه الجمعية مع فارق مهم، وهو أن مجالس إدارات مراكز الوفاء كان يتم تعيينها من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية، بخلاف هذه الجمعية التي تعتبر أهلية صرفة. وبعد أن أضحت مراكز الوفاء الشقيقة حكومية، ونالت المتطوعات فيها الرواتب المجزية، ارتسمت علامة استفهام كبيرة لدى المتطوعات في هذه الجمعية، حول أسباب حرمانهن من ذات المحصصات؟
      خامسا: الآن وقد بات أمر عدم حصول هذه الجمعية على الدعم المالي الذي يعينها على الاستمرار في أدائها لرسالتها وشيكا؛ فالمتوقع هو انسحاب أغلب المتطوعات من جهة، وعدم تمكن الجمعية من تطوير أدائها بالوجه اللائق لتلبية آمال الأسر.
      فهل من المتوقع أن تعلن الجمعية بفروعها العشرة عن الإفلاس المالي، والذي سينعكس سلبًا على المجتمع، وعلى أسر أطفال التوحد والإعاقات بأنواعها؟ وما الذي سنقوله للأطفال المعوقين في بركاء ومصنعة وصحم؟ وما جوابنا الذي ينبغي أن نجيب به عن تساؤلات واستغرابات - بل وذهول - أهالي ينقل وضنك وجعلان بني بو حسن؟ وكيف نواجه العاملات في مراكز الجمعية بالسيب وقريات والعذيبة؟ هل نلقي باللائمة على التبرعات المحدودة التي تصل بعد مضي أشهر عوضا عن أن تصل شهريا، أم نبدي استغرابا من عدم توفر غطاء حكومي لهذا النشاط المجيد إلى يومنا هذا؟
      نداء استغاثة
      "الرؤية" إذ تنقل هذ الاستغاثة من الجمعية إلى أسماع المجتمع، تتمنى ألا تضيع جهود ثلاثين عاما من العطاء؛ فتتراجع هذه الخدمة إلى دائرة الصفر، وتعود الإمكانات إلى الكمون والضمور مجددًا، فتكون الجمعية التي غدت مزارا لأغلب الوفود الرسمية الدولية لما تبديه من وجه التلاحم الاجتماعي المسؤول، قد سقطت في منتصف مشوارها لإصابتها هي نفسها بالإعاقة جراء تركها في ميدان العطاء وحيدة بلا دعم.
      إن الحاجة ماسة لتأمين الدعم لهذه الجمعية بصورة تكفل لها الاستمرارية في تقديم خدماتها للمحتاجين لها، حتى إن تطلّب الأمر ضمها إلى وزارة التنمية الاجتماعية، أسوة بشقيقاتها من مراكز الوفاء الاجتماعي.




      ¨°o.O ( على كف القدر نمشي ولا ندري عن المكتوب ) O.o°¨
      ---
      أتمنى لكم إقامة طيبة في الساحة العمانية

      وأدعوكم للإستفادة بمقالات متقدمة في مجال التقنية والأمن الإلكتروني
      رابط مباشر للمقالات هنا. ومن لديه الرغبة بتعلم البرمجة بلغات مختلفة أعرض لكم بعض
      المشاريع التي برمجتها مفتوحة المصدر ومجانا للجميع من هنا. تجدون أيضا بعض البرامج المجانية التي قمت بتطويرها بذات الموقع ..
      والكثير من أسرار التقنية في عالمي الثاني
      Eagle Eye Digital Solutions