نورد ادناه مقتطفات من حديث سيرغي لافروف وزير خارجية روسيا الاتحادية الذي أدلى به الى محطة اذاعة " كوميرسانت- اف أم " الروسية وتناول فيه بعض القضايا الدولية منها العلاقات الروسية - الامريكية والوضع في سورية وافغانستان والبرنامج النووي الايراني.
في موضوع أفغانستان، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، على وجود الكثير من المصالح المتطابقة بين روسيا والولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب والتصدي لتهديد المخدرات، وتسوية النزاعات. وقال إن روسيا تقدم دعما في قضية تحقيق التسوية في أفغانستان التي تعمل فيها قوات المساعدة الأمنية الدولية بقيادة الناتو بتفويض من مجلس الأمن الدولي، ولكنها "لا تتصدى لاخطار الإرهاب والمخدرات بشكل فعال". وأشار لافروف إلى ان القوات العاملة في افغانستان لا تقوم بتصفية الإرهابيين بقدر ما تزيحهم إلى المناطق الشمالية من البلاد التي كانت قبل نحو ثلاث سنوات هادئة ولم تخلق مشاكل لجيرانها. وأضاف أن المقاتلين أخذوا ينتقلون من تلك المناطق إلى بلدان آسيا الوسطى، إلى حلفاء روسيا في منظمة معاهدة الأمن الجماعي. وتابع قائلا إن هؤلاء المقاتلين يحاولون من هناك التسلل إلى أراضي روسيا الاتحادية، ناهيك عن تهريب المخدرات. وأكد أن روسيا مهتمة وراغبة بأن تنفذ قوات المساعدة الأمنية الدولية في افغانستان مهماتها بشكل فعال، ولهذا فهي تتعاون وتقدم إمكانيات الترانزيت. وفي الشأن السوري قال لافروف ان الصراع يدور على صعيد المنطقة بأكملها وتشارك فيه عدة اطراف واذا ما انهار النظام في سورية فستجد بعض البلدان المجاورة الرغبة في إقامة نظام سني. وقال ان خطوات السلطة في سورية تأتي متأخرة ، وعندما تجري محاولات لحلحة الوضع يحدث فجأة رد فعل معاكس يؤدي الى ايقاف التحرك نحو التسوية. وهذا ما يجري الآن من عرقلة مهمة كوفي عنان المبعوث الخاص لهيئة الامم المتحدة وجامعة الدول العربية. كمل قلل وزير الخارجية الروسي من جدية بعض تصريحات المسؤولين الايرانيين المبالغ فيها الموجهة للاستهلاك الداخلي حصرا.
س- كيف تقيم روسيا قرار الرئيس باراك اوباما بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان في عام 2014. وبعد خروج القوات الأمريكية ستنسحب قوات بقية دول التحالف، فمن سيبقى في أفغانستان؟ ألا ترون ان هذا القرار اتخذ على عجل؟ وهل كان من الأفضل عدم اتخاذ قرار الانسحاب؟ وهناك سؤال آخر: هل يجب الدخول في حوار مع حركة طالبان، أم مواصلة مكافحتها بلا هوادة؟
ج- نرى أن وضع مواعيد مصطنعة في مثل هذه القضايا أمر غير مفهوم بشكل كامل. وتتواجد قوات المساعدة الأمنية الدولية التي تشكل القوة الأمريكية أساسها، في أفغانستان بتفويض من مجلس الأمن الدولي. ولهذا أرى أن من الضروري قبل الانسحاب أن يُقـَدم تقريرٌ إلى مجلس الأمن عن أن هذا التفويض الذي أخذ الناتو على عاتقه تنفيذه في أفغانستان قد نفذ فعلا. وحاليا لا أرى أن التهديد الإرهابي أصبح أقل، فضلا عن أن تهديد المخدرات يتزايد ويصبح اقوى مما كان. إن الشركاء في الناتو لا يريدون تدمير مزارع خشخاش الأفيون في افغانستان على الرغم من طلباتنا الكثيرة، وعلى الرغم أيضا من أنه يجري تدمير مزارع الكوكا في كولومبيا بصفتها الاتجاه الرئيسي في مكافحة المخدرات. كما تقلقنا وتائر إنشاء قوات الأمن الأفغانية التي يتعين عليها تولي مهمة ضمان الأمن والنظام بعد خروج القوات الأجنبية. إن تلك الوتائر غير كافية. نحن نحاول تقديم المساعدة، ونقوم بإعداد وتأهيل الكوادر لأجهزة الأمن وهيئات مكافحة المخدرات في أفغانستان. ونحن مستعدون لتقديم المساعدة بالمعدات اللازمة لذلك أيضا. وقبل مدة قدمنا مع ألمانيا، وبلا مقابل، مروحيتين روسيتين لوزارة الداخلية الأفغانية. ونقوم حاليا ببيع 21 مروحية للجانب الأمريكي لاستخدامها لغرض تعزيز قدرات القوات الأفغانية. ويتعين علينا أن نتأكد من أن أفغانستان ستصبح قادرة على ضمان أمنها بحلول الموعد الذي تنسحب فيه القوات الدولية. وهناك شيء آخر لا نفهمه بشكل كامل، وهو خطط الولايات المتحدة للإبقاء على تواجد عسكري في أفغانستان بعد العام 2014، وبشكل يمكن فيه ان يستخدم ذلك التواجد ضد دول اخرى.
س- أي ضد إيران؟
ج- لم أقل ذلك. لا أعرف. بالطبع إيران "على لسان الكل". ولكن مسألة إنشاء عدة قواعد عسكرية كبيرة على أراضي أفغانستان بدون مواعيد نهائية أو أهداف واضحة تثير تساؤلات.
س- ومن جانب آخر، فان وجود الأمريكيين أفضل من بقاء مقاتلي طالبان يسرحون ويمرحون في طول البلاد (أفغانستان) وعرضها.
ج- لحظة واحدة! إن هذه الخطط لن تقتصر على إنشاء قواعد في أفغانستان فقط فالأمريكيون يسعون بشكل فعال للحصول على مواقع عسكرية، وعلى المدى البعيد، في بلدان آسيا الوسطى. ونريد أن نفهم طبيعة الهدف الذي يرمي الجانب الأمريكي الوصول إليه من وراء مثل هذا التواجد. وإذا كان الهدف من التواجد يتمثل في مواصلة مكافحة تهديدي الإرهاب والمخدرات الصادرين عن افغانستان، فلماذا تخرج القوات الدولية من هذا البلد؟ ولماذا يُوطَد هذا التواجد لسنوات طويلة؟ أما إذا كان ذلك مشروعا جيوسياسيا، فنريد أن نعرف سبب ظهور هذا الإصرار في المنطقة القريبة من حدودنا؟ كما أن الصينيين يريدون ايضا معرفة سبب هذه الحركة المعقدة تجاه أفغانستان وبلدان منطقة آسيا الوسطى.
أما بالنسبة للسؤال المتعلق بالحوار مع طالبان، فاود أن أشير إلى وجود قرار لمجلس الأمن الدولي، اتخذ بناء على طلب من الحكومة الأفغانية، والذي يقول إن الجميع يؤيدون التوجه إلى المصالحة الوطنية، مع إدراك مشاركة المعارضة ممثلة بطالبان او غيرها وباستثناء الإرهابيين و"القاعدة" والتنظيمات المرتبطة بها. ولكن مشاركة حركة طالبان مرهونة بثلاثة شروط: يجب على الحركة قبول الدستور الافغاني، والتخلي عن أساليب العنف لتحقيق اهدافها، وقطع كل علاقاتها بتنظيم "القاعدة" والجماعات المرتبطة بهذا التنظيم. كما لا يجوز إشراك الأشخاص، المدرجة اسماؤهم في قائمة الإرهابيين الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، في الحوار. ويجب أن تكون الحكومة الأفغانية المشارك الرئيسي في المحادثات الخاصة بالمصالحة الوطنية لأنه تتوفر معلومات حاليا عن وجود محاولات لإطلاق حوار بين الأمريكيين وطالبان على أراضي دولة ثالثة، وبدون مشاركة الحكومة الأفغانية، ولو في المرحلة الراهنة. أعتقد أن هذا الحوار غير مثمر،ويجب تغييره. وأود أيضا أن أعود إلى موضوع علاقاتنا مع الولايات المتحدة. يجري بيننا حوار حول افغانستان وبلدان آسيا الوسطى. ويجري هذا الحوار بشكل فعال. وسنواصل هذا الحوار لنصل إلى أجوبة عن الأسئلة التي تنشأ لدينا بشكل مشروع.
س- وهل طرحتم (على الأمريكيين) سؤالا بشان القواعد العسكرية، مثلا؟
ج- نعم، طرحنا، وطرحنا، ولم نحصل على جواب واضح، ولكن الحوار مازال مستمرا.
س – يبقى لدينا الموضوع السوري وايران، ونرجو التحدث بأيجاز جدا. ان ايران ، بخلاف كوريا الشمالية ،تهدد بصورة سافرةاحدى دول المنطقة على الأقل، وهي اسرائيل ، انها تضع هدفا لها بشكل سافر نشر ايديولوجيتها دستوريا في المنطقة. ولكن النظام في كوريا الشمالية يقول :" اتركونا وشأننا ، ونحن لن نمس أحدا". هل يوجد فرق في ذلك ؟
ج – ان ايران تعلن أيضا :" دعونا وشأننا ، ولن نمس أحدا". اما ما كان يصدر عن ايران سابقا على لسان الرئيس وغيره من المسؤولين، فهي اقوال غير مقبولة على الاطلاق حيال اسرائيل، ونحن ندينها بحزم. هذا سلوك غير متحضر فحسب ولا يليق بدولة ذات تأريخ عريق كايران ، وبمثل هذا الشعب العريق وحضارته العظيمة. انني اعتبر ذلك مظهرا ، اذا جاز القول ، من باب التصريحات البلاغية المتسمة بالغلو في السياسة الخارجية وبالذات الرامية الى تحقيق مهام على صعيد السياسة الداخلية ، وليس الداخلية فقط بل المهام في العالم الاسلامي. انها تجسد السعي الى ان تبقي في مسار العداء لاسرائيل ، اولئك الذين يعول الايرانيون عليهم في المناطق المجاورة لهم. ونحن نرفض ذلك بشكل قاطع ، ولدي القناعة بأن ايران لن تقدم على ذلك ابدا ، ولو انطلاقا من ضيق المساحة في المنطقة: فيجري التهديد بتدمير اسرائيل لكن دون تدمير فلسطين – يبدو ان هذا كله غير واقعي. اما فيما يتعلق بسورية فأنك اردت ان تسأل ...
س – نعم ، انني اردت ان أسأل عن سورية. انك قلت في خطابك في مجلس الدوما ان روسيا تدافع عن فكرة العدالة الدولية في سورية. ومن الواضح وجود اختلاف كبير عما يفكرون في العواصم الاوروبية والولايات المتحدة بهذا الصدد. انهم هناك يقولون عن روسيا ان روسيا تقوم في الواقع بدور المحامي الدولي لنظام الأسد وتزوده بالسلاح وتدافع عنه في مجلس الأمن الدولي. بم يرتبط موقف روسيا هذا ؟ هل يرتبط بمصالح معينة مثل القاعدة البحرية في طرطوس وصفقات السلاح وهلمجرا ، ام بموقف مبدئي مفاده :"نحن لن نسمح بفكرة تغيير النظام". هل ان هذا موقف ايديولوجي ام موقف يرتبط بالمصالح العملية حصرا ؟
ج - في واقع الأمر انه أساس النظام العالمي الذي يجب ان ندافع عنه ،والمبادئ المثبتة في ميثاق هيئة الامم المتحدة. حقا ، انها تستثني جذب الاسرة الدولية الى ألعاب تبديل الانظمة. انها تستثني التدخل في النزاعات الداخلية. والاسرة العالمية يمكن ان تتدخل فقط في النزاعات بين الدول حين يكون المقصود وقوع عدوان وحين تهاجم بلاد بلادا أخرى. وتتوفر لدى مجلس الأمن الدولي كافة الصلاحيات لاتخاذ قرار حول اتخاذ هذه او تلك من التدابير القسرية. والحالة الثانية المنصوص عليها في الميثاق هي الاستخدام الشرعي للقوة – انها ممارسة حق الدفاع عن النفس ، سواء الفردي او الجماعي. وهذا كل ما ينص عليه هناك. أما ما يجري في سورية ...
س – تراق هناك الدماء.
ج – تراق الدماء ، تراق الدماء هناك. بالمناسبة تراق الدماء ليس في سورية فقط بل تراق الدماء ايضا في ليييا وتراق الدماء في مالي التي يتدفق المسلحون اليها من ليبيا ، وتراق الدماء في اليمن كالسابق. وكذلك ، بالمناسبة ، تراق في البلدان المجاورة التي تفضل وسائل الاعلام الغربية الدولية عدم الحديث عنها. انت قلت ان موقفنا من سورية يختلف عما يفكرون به في الغرب مثلا. وأنت تعرف بالذات انهم يفكرون هناك بشكل لا يختلف ابدا عما نورده في موقفنا. هناك يفكرون بالاسلوب ذاته بدقة تماما. والاختلاف هائل بين ما يناقشوه بهدوء في سكون المكاتب وهيئات الاركان العامة ، وبين ما يقال علنا في العواصم ذاتها. انهم يدركون هناك كل الادراك بأنه منذ نيسان/ابريل الماضي حين نشرت لأول مرة الانباء حول ظهور مسلحين في صفوف المتظاهرين في سورية، والذين يستفزون السلطات لأبداء رد فعل لا يتناسب مع الحدث. واريد ان يفهم كلامي بكل دقة : نحن لا نبرر القيادة السورية على الاطلاق ، ونعتقد ان القيادة السورية قد تصرفت بشكل خاطئ منذ اللحظات الاولى لبدء الاحتجاجات السلمية ، وان القيادة السورية ارتكبت الكثير جدا من الاخطاء بالرغم من الوعود الكثيرة التي أعطيت لنا ردا على دعواتنا، اما الخطوات اتي تقوم بها في الاتجاه الصحيح فهي تتخذ بشكل متأخر. وهذا ساعد للأسف لحد كبير على بلوغ الأزمة مثل هذه الحدة . لكن اذا ما كنا مبدئيين ، واذا ما أبدينا الاهتمام بالمواطنين المسالمين ، فيجب علينا ان ندين أيضا أولئك الذين يمارسون الاستفزازات ، وبالمناسبة ، منذ وقت بعيد جدا. ويقال ان الشعب السوري حمل السلاح في الفترة الاخيرة فقط. فإذا كان بين المتظاهرين ليس فقط من يدافعون عن بيوتهم ، ويوجد مثل هؤلاء الناس بلا ريب ، وهو شئ مفهوم تماما، لكن يوجد هناك عدد يزداد اكثر فأكثر من المرتزقة والمسلحين الذين يبحثون عن مجال عمل لهم بعد ان قاتلوا في ليبيا ، وكذلك بعد ان قاتلوا في العراق. ان القاعدة موجودة هناك ، وفي الواقع اعترفت بذلك هيلاري كلينتون في اثناء المناقشات في الكونغرس لدى اجابتها عن السؤال حول سبب عدم تزويد المعارضة في سورية بالسلاح ، فقالت :"نحن غير واثقين بصدد الجهة التي ستحصل على هذا السلاح، ونحن لا يمكن ان نقدم السلاح الذي يمكن ان يقع بأيدي الارهابيين". وجدير بالذكر ان زملاء كم من قناة" الجزيرة" الذين جرى تسريحهم من هذه المحطة مؤخرا ، من وسيلة الاعلام هذه ، قد ذكروا انهم منذ ابريل /نيسان الماضي شاهدوا مسلحين كانوا يطلقون النار على المواطنين المسالمين ، ويستفزون السلطات السورية. لهذا لا يجوز السكوت عن هذه الوقائع ، فأنها ستنكشف بالرغم من كل شئ. وكما تعرفون الآن ... فحالما يظهرون ، تتصرف السلطات السورية بشكل متأخر، وترتكب الكثير من الاخطاء ، لكن حالما تنبثق بارقة أمل ، وحالما تجري حركة ما الى الامام ، يحدث رد فعل معاكس ما يحاول ايقاف هذه العملية ...
س - ماذا تقصد بذلك ؟
ج – هذا ما حدث للمراقبين الذين ارسلتهم جامعة الدول العربية. ولم يسمح لهم بالعمل ولو لفترة شهر ، وحتى لم تنتظر جامعة الدول العربية بحث تقريرهم في نيويورك وسحبت المراقبين ، وأوقف عمل هذه البعثة عموما ، بالرغم من أنها بدأت بعمل أشياء تقربنا بهذا القدر او ذاك من تهدئة الوضع ، وعلى اقل تقدير انها قدمت معلومات واقعية يتبين منها انه ليست القوات الحكومية تمارس افعالا غير مقبولة وحدها ، بل يمارس ذلك المسلحون من الطرف الآخر أيضا. والآن التقينا وزراء خارجية جامعة الجدول العربية في القاهرة ، وقد سافرت الى هناك منذ فترة قريبة وإلتقيت زملائي. وقد اتفقنا هناك على خمسة مبادئ للتسوية ينص احدها على :" عدم قبول اي تدخل عسكري من الخارج". وبعد عدة ساعات أعلن رئيس الوزراء وزير خارجية قطر الذي ترأس لجنة جامعة الدول العربية والذي اجريت معه المباحثات ان من الواجب ادخال قوات عربية او دولية الى سورية ، وحدث هذا بعد عدة ساعات من توقيعه على مبدأ " عدم قبول اي تدخل عسكري اجنبي". والآن تعمل بعثة كوفي عنان التي نؤيدها بنشاط ويترأسها رجل محنك ، واذا ما وجد رجل يستطيع طرح شئ ما مقبول من قبل الجميع ، فهو بالذات. انه يعمل الآن ، وقد سافر الى دمشق ، وتحدث مع اعضاء مجلس الامن الدولي عبر الهاتف. وتوجد في سورية الآن مجموعة من الخبراء الذين يطرحون الافكار التي صاغها في اثناء الاتصالات مع الحكومة والمعارضة. وفي هذه اللحظة بالذات تقوم بلدان الخليج العربي بلا اية اسباب مفهومة بسحب جميع سفرائها من دمشق . وفي اللحظة نفسها تحدث تفجيرات سيئة جدا في دمشق وحلب وبعض المدن الأخرى. ان مثل هذه الاشياء ان لم أقل انها تزامنت خصيصا بغية نسف مهمة كوفي عنان ، فأنها من الناحية الموضوعية تمضي لتحقيق هذا الهدف.
س - لمنفعة من يجري تقويضها في هذا الوضع؟ انت تعتقد ان سورية هي رأس الجسر الذي يجري فيه الصراع بين الانظمة السنية في الخليج العربي وايران مثلا؟ يعتقد الكثيرون ان الأمر كذلك. فايران في نهاية المطاف تدعم سورية بقوة جدا ...
ج – ان الصراع يدور في المنطقة كلها ،واذا سقط النظام الحالي في سورية ، فستنبثق رغبة قوية وتمارس ضغوط هائلة من جانب بعض بلدان المنطقة من أجل اقامة نظام سني في سورية، ولا تراودني أية شكوك بهذا الصدد. ويقلقنا في هذا الوضع مصير المسيحيين وهناك اقليات أخرى كالاكراد والعلويين وكذلك الدروز. وما يجري في لبنان ، وليس بوسعي ايضا التنبؤ بشكل ما ، فستكون الامور هناك سيئة جدا ، لأن البلاد متعددة الطوائف والاقليات القومية ايضا، ونظام الدولة هش جدا. كما ان العراق ستمسه لاحقا هذه العمليات في اغلب الظن ، حيث يهيمن في العراق الآن الشيعة في كافة المناصب القيادية. اما كردستان فهي مسالة أخرى حيث توجد هناك منطقة حكم ذاتي كبيرة جدا. ان الأمر الواقع ، وعلى أقل تقدير عدم حل المشاكل المتعلقة بالدستور وعدم حل المشاكل المتعلقة بالوضع الذي يريد السنة ان يجدوا انفسهم فيه في المجتمع. فهذا كله ينذر بالانفجار فعلا جدا ويجب العمل بحذر بالغ. وحالما بدأ كوفي عنان مهمته أعلن ممثل المجلس الوطني السوري من تركيا ان هذه البعثة قد فشلت لأن كوفي عنان لم يطلب رحيل الاسد بإعتباره الشرط الاولي الذي لا بد من قبوله قبل غيره. ونحن كنا في هذا الوضع ، ونحن نعرف حق المعرفة ان هذا المطلب غير واقعي. ليس لكوننا ندافع عن الأسد، وانا اعلنت هذا أكثر من مرة ، بل لمجرد ان هذا غير واقعي. ويكمن الموقف الواقعي الوحيد في ان يطلب جميع من يمارس تأثيرا ما على هذا الطرف او ذاك الذي يحارب في سورية إيقاف جميع العنف واستحداث آلية مراقبة ما تتيح رصد الامور ، وهذا ما يجري. وهذا ما يقوم به كوفي عنان بصفته الخطوة الاولية. وبعد ذلك يمكن اجلاس جميع الذين يؤثرون على اللاعبين السوري وراء طاولة المنفاوضات. هذا يمثل الطريق الوحيد لتهدئة الوضع.
س – انت تحدثت شخصيا مع الأسد وتطلعت الى عينيه. انت تقول انه يتأخر دوما في افعاله. وهو يفهم ذلك ، اليس من الأفضل له ان يستقبل وان يرحل الى مكان ما ، لا أدري الى اين ، الى موسكو او مينسك ، بدلا من ان يصبح في وضع القذافي ويتخفى.
ج – لم يوجه اليه الدعوة للمجئ الى موسكو. ومرة أخرى ان هذا الامر ربما سيقرره الاسد نفسه. وسيقرر ذلك ليس لأن احدا ما في روسيا وموسكو سيطلب منه ذلك. انهم يتحدثون عنه في الكثير من العواصم الغربية بوصفه مجرم حرب ، ويعلنون ان مكانه في لاهاي في المحكمة الدولية. ومعنى ذلك انه يجب على من يطلق مثل هذه التصريحات ان يشرح له اية امكانيات موجودة لديه ، وليس نحن. والشئ الرئيس ان الشعب السوري يجب ان يقرر ذلك. ولدى قناعة بأنه اذا ما بدأ الحوار السوري العام ، كما يتحدث ويدعو اليه الجميع ، وبمشاركة جميع ممثلي المعارضة والحكومة ، فجب ان يتم في اطار هذا الحوار حل جميع القضايا ومنها القضايا حول من سيحكم سورية في الفترة الانتقالية ، وفي الفترة القادمة كما حدث في اليمن. وفي اليمن لم يتحدث اللاعبون الدوليون واللاعبون الخارجيون جميعا بأن هذا يكون الشرط الاولي ، وطالبنا نحن جميعا ، الغرب واوروبا الغربية والولاايت المتحدة وبلدان الخليج العربي وروسيا وهيئة الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي ، طالبنا جميعا كافة اليمنيين بالجلوس الى طاولة المفاوضات. وحتى وبالرغ من من استمرار العمليات القتالية وابداء الجميع الصبر الذي لا نراه في سورية ،فأنهم ابدوا في اليمن الصبر على مدى أشهر كثيرة. وعند ذلك فقط اتفق اليمنيون على كيفية تسليم السلطة وبضمن ذلك رحيل صالح ومنحه الضمانات ، وعند ذلك فقط صادق مجلس الامن الدولي على القرار حول اليمن. أما الآن فانهم يحاولون وضع العربة أمام الحصان ويحاولون ان يفرضوا على سورية عبر مجلس الامن الدولي الحل الذي لن يكون مستقرا بل سيستثير فقط تصعيد المواجهة مجددا.
س – السؤال الاخير : انت نفسك قلت ان الدماء ما زالت تراق في اليمن كالسابق ..
ج – نعم.
س - .. لربما ، اولا ، قد لا يكون هذا هو الحل. بالاخص بعد ان سوت الدبابات مع الارض الاحياء في حمص وكذلك في أدلب – فهذا كله اسفر عن اراقة الكثير من الدم ، وهيهات، حسب رأيي، ان يساعد الحوار الوطني في تحقيق ذلك.هو هل انني فهمت بشكل صائب قولك حول كيف يتم التوصل الى اتفاق ما ، في واقع الامر ، وان روسيا ربما تود ان يغادر الاسد الساحة ؟
ج – في الواقع اننا نريد شيئا واحدا هو ان تتوقف اراقة الدماء في سورية. ونحن نقترح اشياء ملموسة تماما من أجل بلوغ ذلك. وأنا اوردتها لك. يجب على الجميع ارغام اتباعهم على عدم اطلاق النار على بعضهم البعض وقتلهم – ارجو المعذرة عن هذا التعبير غير الدبلوماسي جدا – وان يكفوا عن قتل بعضهم بعضا، وبعد ذلك يجري الرصد غير المتحيز لما يجري ، والذي من شأنه ان يسمح بالتأكد من توقف الجميع عن اطلاق النار ، وبعد ذلك يجري مرة أخرى اجلاس جميع الاتباع السياسيين في هذه المرة الى طاولة المفاوضات المشتركة ، وعندئذ نقول لهم قرروا ، كما يجري انتخاب بابا روما ، ولا تغادروا القاعة قبل اتخاذ القرار . اما الآخرون فيقولون كلا يجب ان يرحل الاسد وعندئذ سيتقرر كل شئ بحاله وبحد ذاته. لكن لن يحدث ذلك. ولا يوجد جواب واضح حول كيف سيتم ذلك ، ومن سيشرف على العملية، اخذا بنظر الاعتبار تشرذم المعارضة السورية. اما في داخل الناتو والاتحاد الاوروبي وفي داخل بعض البلدان الغربية فأنهم عموما يقولون انهم لا يستطيعون فهم الوضع ، ويبدو شبيها بالطريق المسدود. لكنهم في الوقت نفسه لا يريدون اجلاس من يصغي اليهم الى طاولة المفاوضات . وهنا تكمن المصيبة. اما بصدد الدم الذي يراق في اليمن فهو شئ خطير جدا لأن "القاعدة " تبدي نشاطا كبيرا في المين. وعندما تحاول :" القاعدة " استثارة الخلافات الاثنية الموجودة اصلا في اليمن يصبح من المهم جدا توفر بنية متلاحمة.والحمد لله انها موجودة في اليمن ولا يشكك احد في صلاحيات السلطة . هنا يكمن الخلاف ، وهذا ما نصبو اليه في سورية. ولكن عندما تنفذ مثل هذه الافعال الارهابية كما حدث في الامس واول أمس في دمشق وحلب فكيف يمكن ان نطلب من السلطة إلقاء السلاح.
س – هل يفهم الاسد ذلك ؟
ج – اعتقد انه يفهم ذلك. وعندما زرت مع ميخائيل فرادكوف دمشق قال لنا انه مستعد منذ هذه اللحظة للحوار السياسي مع جميع ممثلي المعارضة ، لكن الحرب مع الارهاب لا تتوقف. وفي ظروف مثل هذه الافعال الارهابية ، اعتقد ان مثل هذه الافعال تقف وراءها " القاعدة " ، واذا ما فهمت الامور بشكل صحيح ، فانه لابد طبعا من الرد على مثل هذه الافعال ، وإلا فان الناس سيعشون في حالة رعب دائم .
المصدر قناة روسيا اليوم
في موضوع أفغانستان، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، على وجود الكثير من المصالح المتطابقة بين روسيا والولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب والتصدي لتهديد المخدرات، وتسوية النزاعات. وقال إن روسيا تقدم دعما في قضية تحقيق التسوية في أفغانستان التي تعمل فيها قوات المساعدة الأمنية الدولية بقيادة الناتو بتفويض من مجلس الأمن الدولي، ولكنها "لا تتصدى لاخطار الإرهاب والمخدرات بشكل فعال". وأشار لافروف إلى ان القوات العاملة في افغانستان لا تقوم بتصفية الإرهابيين بقدر ما تزيحهم إلى المناطق الشمالية من البلاد التي كانت قبل نحو ثلاث سنوات هادئة ولم تخلق مشاكل لجيرانها. وأضاف أن المقاتلين أخذوا ينتقلون من تلك المناطق إلى بلدان آسيا الوسطى، إلى حلفاء روسيا في منظمة معاهدة الأمن الجماعي. وتابع قائلا إن هؤلاء المقاتلين يحاولون من هناك التسلل إلى أراضي روسيا الاتحادية، ناهيك عن تهريب المخدرات. وأكد أن روسيا مهتمة وراغبة بأن تنفذ قوات المساعدة الأمنية الدولية في افغانستان مهماتها بشكل فعال، ولهذا فهي تتعاون وتقدم إمكانيات الترانزيت. وفي الشأن السوري قال لافروف ان الصراع يدور على صعيد المنطقة بأكملها وتشارك فيه عدة اطراف واذا ما انهار النظام في سورية فستجد بعض البلدان المجاورة الرغبة في إقامة نظام سني. وقال ان خطوات السلطة في سورية تأتي متأخرة ، وعندما تجري محاولات لحلحة الوضع يحدث فجأة رد فعل معاكس يؤدي الى ايقاف التحرك نحو التسوية. وهذا ما يجري الآن من عرقلة مهمة كوفي عنان المبعوث الخاص لهيئة الامم المتحدة وجامعة الدول العربية. كمل قلل وزير الخارجية الروسي من جدية بعض تصريحات المسؤولين الايرانيين المبالغ فيها الموجهة للاستهلاك الداخلي حصرا.
س- كيف تقيم روسيا قرار الرئيس باراك اوباما بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان في عام 2014. وبعد خروج القوات الأمريكية ستنسحب قوات بقية دول التحالف، فمن سيبقى في أفغانستان؟ ألا ترون ان هذا القرار اتخذ على عجل؟ وهل كان من الأفضل عدم اتخاذ قرار الانسحاب؟ وهناك سؤال آخر: هل يجب الدخول في حوار مع حركة طالبان، أم مواصلة مكافحتها بلا هوادة؟
ج- نرى أن وضع مواعيد مصطنعة في مثل هذه القضايا أمر غير مفهوم بشكل كامل. وتتواجد قوات المساعدة الأمنية الدولية التي تشكل القوة الأمريكية أساسها، في أفغانستان بتفويض من مجلس الأمن الدولي. ولهذا أرى أن من الضروري قبل الانسحاب أن يُقـَدم تقريرٌ إلى مجلس الأمن عن أن هذا التفويض الذي أخذ الناتو على عاتقه تنفيذه في أفغانستان قد نفذ فعلا. وحاليا لا أرى أن التهديد الإرهابي أصبح أقل، فضلا عن أن تهديد المخدرات يتزايد ويصبح اقوى مما كان. إن الشركاء في الناتو لا يريدون تدمير مزارع خشخاش الأفيون في افغانستان على الرغم من طلباتنا الكثيرة، وعلى الرغم أيضا من أنه يجري تدمير مزارع الكوكا في كولومبيا بصفتها الاتجاه الرئيسي في مكافحة المخدرات. كما تقلقنا وتائر إنشاء قوات الأمن الأفغانية التي يتعين عليها تولي مهمة ضمان الأمن والنظام بعد خروج القوات الأجنبية. إن تلك الوتائر غير كافية. نحن نحاول تقديم المساعدة، ونقوم بإعداد وتأهيل الكوادر لأجهزة الأمن وهيئات مكافحة المخدرات في أفغانستان. ونحن مستعدون لتقديم المساعدة بالمعدات اللازمة لذلك أيضا. وقبل مدة قدمنا مع ألمانيا، وبلا مقابل، مروحيتين روسيتين لوزارة الداخلية الأفغانية. ونقوم حاليا ببيع 21 مروحية للجانب الأمريكي لاستخدامها لغرض تعزيز قدرات القوات الأفغانية. ويتعين علينا أن نتأكد من أن أفغانستان ستصبح قادرة على ضمان أمنها بحلول الموعد الذي تنسحب فيه القوات الدولية. وهناك شيء آخر لا نفهمه بشكل كامل، وهو خطط الولايات المتحدة للإبقاء على تواجد عسكري في أفغانستان بعد العام 2014، وبشكل يمكن فيه ان يستخدم ذلك التواجد ضد دول اخرى.
س- أي ضد إيران؟
ج- لم أقل ذلك. لا أعرف. بالطبع إيران "على لسان الكل". ولكن مسألة إنشاء عدة قواعد عسكرية كبيرة على أراضي أفغانستان بدون مواعيد نهائية أو أهداف واضحة تثير تساؤلات.
س- ومن جانب آخر، فان وجود الأمريكيين أفضل من بقاء مقاتلي طالبان يسرحون ويمرحون في طول البلاد (أفغانستان) وعرضها.
ج- لحظة واحدة! إن هذه الخطط لن تقتصر على إنشاء قواعد في أفغانستان فقط فالأمريكيون يسعون بشكل فعال للحصول على مواقع عسكرية، وعلى المدى البعيد، في بلدان آسيا الوسطى. ونريد أن نفهم طبيعة الهدف الذي يرمي الجانب الأمريكي الوصول إليه من وراء مثل هذا التواجد. وإذا كان الهدف من التواجد يتمثل في مواصلة مكافحة تهديدي الإرهاب والمخدرات الصادرين عن افغانستان، فلماذا تخرج القوات الدولية من هذا البلد؟ ولماذا يُوطَد هذا التواجد لسنوات طويلة؟ أما إذا كان ذلك مشروعا جيوسياسيا، فنريد أن نعرف سبب ظهور هذا الإصرار في المنطقة القريبة من حدودنا؟ كما أن الصينيين يريدون ايضا معرفة سبب هذه الحركة المعقدة تجاه أفغانستان وبلدان منطقة آسيا الوسطى.
أما بالنسبة للسؤال المتعلق بالحوار مع طالبان، فاود أن أشير إلى وجود قرار لمجلس الأمن الدولي، اتخذ بناء على طلب من الحكومة الأفغانية، والذي يقول إن الجميع يؤيدون التوجه إلى المصالحة الوطنية، مع إدراك مشاركة المعارضة ممثلة بطالبان او غيرها وباستثناء الإرهابيين و"القاعدة" والتنظيمات المرتبطة بها. ولكن مشاركة حركة طالبان مرهونة بثلاثة شروط: يجب على الحركة قبول الدستور الافغاني، والتخلي عن أساليب العنف لتحقيق اهدافها، وقطع كل علاقاتها بتنظيم "القاعدة" والجماعات المرتبطة بهذا التنظيم. كما لا يجوز إشراك الأشخاص، المدرجة اسماؤهم في قائمة الإرهابيين الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، في الحوار. ويجب أن تكون الحكومة الأفغانية المشارك الرئيسي في المحادثات الخاصة بالمصالحة الوطنية لأنه تتوفر معلومات حاليا عن وجود محاولات لإطلاق حوار بين الأمريكيين وطالبان على أراضي دولة ثالثة، وبدون مشاركة الحكومة الأفغانية، ولو في المرحلة الراهنة. أعتقد أن هذا الحوار غير مثمر،ويجب تغييره. وأود أيضا أن أعود إلى موضوع علاقاتنا مع الولايات المتحدة. يجري بيننا حوار حول افغانستان وبلدان آسيا الوسطى. ويجري هذا الحوار بشكل فعال. وسنواصل هذا الحوار لنصل إلى أجوبة عن الأسئلة التي تنشأ لدينا بشكل مشروع.
س- وهل طرحتم (على الأمريكيين) سؤالا بشان القواعد العسكرية، مثلا؟
ج- نعم، طرحنا، وطرحنا، ولم نحصل على جواب واضح، ولكن الحوار مازال مستمرا.
س – يبقى لدينا الموضوع السوري وايران، ونرجو التحدث بأيجاز جدا. ان ايران ، بخلاف كوريا الشمالية ،تهدد بصورة سافرةاحدى دول المنطقة على الأقل، وهي اسرائيل ، انها تضع هدفا لها بشكل سافر نشر ايديولوجيتها دستوريا في المنطقة. ولكن النظام في كوريا الشمالية يقول :" اتركونا وشأننا ، ونحن لن نمس أحدا". هل يوجد فرق في ذلك ؟
ج – ان ايران تعلن أيضا :" دعونا وشأننا ، ولن نمس أحدا". اما ما كان يصدر عن ايران سابقا على لسان الرئيس وغيره من المسؤولين، فهي اقوال غير مقبولة على الاطلاق حيال اسرائيل، ونحن ندينها بحزم. هذا سلوك غير متحضر فحسب ولا يليق بدولة ذات تأريخ عريق كايران ، وبمثل هذا الشعب العريق وحضارته العظيمة. انني اعتبر ذلك مظهرا ، اذا جاز القول ، من باب التصريحات البلاغية المتسمة بالغلو في السياسة الخارجية وبالذات الرامية الى تحقيق مهام على صعيد السياسة الداخلية ، وليس الداخلية فقط بل المهام في العالم الاسلامي. انها تجسد السعي الى ان تبقي في مسار العداء لاسرائيل ، اولئك الذين يعول الايرانيون عليهم في المناطق المجاورة لهم. ونحن نرفض ذلك بشكل قاطع ، ولدي القناعة بأن ايران لن تقدم على ذلك ابدا ، ولو انطلاقا من ضيق المساحة في المنطقة: فيجري التهديد بتدمير اسرائيل لكن دون تدمير فلسطين – يبدو ان هذا كله غير واقعي. اما فيما يتعلق بسورية فأنك اردت ان تسأل ...
س – نعم ، انني اردت ان أسأل عن سورية. انك قلت في خطابك في مجلس الدوما ان روسيا تدافع عن فكرة العدالة الدولية في سورية. ومن الواضح وجود اختلاف كبير عما يفكرون في العواصم الاوروبية والولايات المتحدة بهذا الصدد. انهم هناك يقولون عن روسيا ان روسيا تقوم في الواقع بدور المحامي الدولي لنظام الأسد وتزوده بالسلاح وتدافع عنه في مجلس الأمن الدولي. بم يرتبط موقف روسيا هذا ؟ هل يرتبط بمصالح معينة مثل القاعدة البحرية في طرطوس وصفقات السلاح وهلمجرا ، ام بموقف مبدئي مفاده :"نحن لن نسمح بفكرة تغيير النظام". هل ان هذا موقف ايديولوجي ام موقف يرتبط بالمصالح العملية حصرا ؟
ج - في واقع الأمر انه أساس النظام العالمي الذي يجب ان ندافع عنه ،والمبادئ المثبتة في ميثاق هيئة الامم المتحدة. حقا ، انها تستثني جذب الاسرة الدولية الى ألعاب تبديل الانظمة. انها تستثني التدخل في النزاعات الداخلية. والاسرة العالمية يمكن ان تتدخل فقط في النزاعات بين الدول حين يكون المقصود وقوع عدوان وحين تهاجم بلاد بلادا أخرى. وتتوفر لدى مجلس الأمن الدولي كافة الصلاحيات لاتخاذ قرار حول اتخاذ هذه او تلك من التدابير القسرية. والحالة الثانية المنصوص عليها في الميثاق هي الاستخدام الشرعي للقوة – انها ممارسة حق الدفاع عن النفس ، سواء الفردي او الجماعي. وهذا كل ما ينص عليه هناك. أما ما يجري في سورية ...
س – تراق هناك الدماء.
ج – تراق الدماء ، تراق الدماء هناك. بالمناسبة تراق الدماء ليس في سورية فقط بل تراق الدماء ايضا في ليييا وتراق الدماء في مالي التي يتدفق المسلحون اليها من ليبيا ، وتراق الدماء في اليمن كالسابق. وكذلك ، بالمناسبة ، تراق في البلدان المجاورة التي تفضل وسائل الاعلام الغربية الدولية عدم الحديث عنها. انت قلت ان موقفنا من سورية يختلف عما يفكرون به في الغرب مثلا. وأنت تعرف بالذات انهم يفكرون هناك بشكل لا يختلف ابدا عما نورده في موقفنا. هناك يفكرون بالاسلوب ذاته بدقة تماما. والاختلاف هائل بين ما يناقشوه بهدوء في سكون المكاتب وهيئات الاركان العامة ، وبين ما يقال علنا في العواصم ذاتها. انهم يدركون هناك كل الادراك بأنه منذ نيسان/ابريل الماضي حين نشرت لأول مرة الانباء حول ظهور مسلحين في صفوف المتظاهرين في سورية، والذين يستفزون السلطات لأبداء رد فعل لا يتناسب مع الحدث. واريد ان يفهم كلامي بكل دقة : نحن لا نبرر القيادة السورية على الاطلاق ، ونعتقد ان القيادة السورية قد تصرفت بشكل خاطئ منذ اللحظات الاولى لبدء الاحتجاجات السلمية ، وان القيادة السورية ارتكبت الكثير جدا من الاخطاء بالرغم من الوعود الكثيرة التي أعطيت لنا ردا على دعواتنا، اما الخطوات اتي تقوم بها في الاتجاه الصحيح فهي تتخذ بشكل متأخر. وهذا ساعد للأسف لحد كبير على بلوغ الأزمة مثل هذه الحدة . لكن اذا ما كنا مبدئيين ، واذا ما أبدينا الاهتمام بالمواطنين المسالمين ، فيجب علينا ان ندين أيضا أولئك الذين يمارسون الاستفزازات ، وبالمناسبة ، منذ وقت بعيد جدا. ويقال ان الشعب السوري حمل السلاح في الفترة الاخيرة فقط. فإذا كان بين المتظاهرين ليس فقط من يدافعون عن بيوتهم ، ويوجد مثل هؤلاء الناس بلا ريب ، وهو شئ مفهوم تماما، لكن يوجد هناك عدد يزداد اكثر فأكثر من المرتزقة والمسلحين الذين يبحثون عن مجال عمل لهم بعد ان قاتلوا في ليبيا ، وكذلك بعد ان قاتلوا في العراق. ان القاعدة موجودة هناك ، وفي الواقع اعترفت بذلك هيلاري كلينتون في اثناء المناقشات في الكونغرس لدى اجابتها عن السؤال حول سبب عدم تزويد المعارضة في سورية بالسلاح ، فقالت :"نحن غير واثقين بصدد الجهة التي ستحصل على هذا السلاح، ونحن لا يمكن ان نقدم السلاح الذي يمكن ان يقع بأيدي الارهابيين". وجدير بالذكر ان زملاء كم من قناة" الجزيرة" الذين جرى تسريحهم من هذه المحطة مؤخرا ، من وسيلة الاعلام هذه ، قد ذكروا انهم منذ ابريل /نيسان الماضي شاهدوا مسلحين كانوا يطلقون النار على المواطنين المسالمين ، ويستفزون السلطات السورية. لهذا لا يجوز السكوت عن هذه الوقائع ، فأنها ستنكشف بالرغم من كل شئ. وكما تعرفون الآن ... فحالما يظهرون ، تتصرف السلطات السورية بشكل متأخر، وترتكب الكثير من الاخطاء ، لكن حالما تنبثق بارقة أمل ، وحالما تجري حركة ما الى الامام ، يحدث رد فعل معاكس ما يحاول ايقاف هذه العملية ...
س - ماذا تقصد بذلك ؟
ج – هذا ما حدث للمراقبين الذين ارسلتهم جامعة الدول العربية. ولم يسمح لهم بالعمل ولو لفترة شهر ، وحتى لم تنتظر جامعة الدول العربية بحث تقريرهم في نيويورك وسحبت المراقبين ، وأوقف عمل هذه البعثة عموما ، بالرغم من أنها بدأت بعمل أشياء تقربنا بهذا القدر او ذاك من تهدئة الوضع ، وعلى اقل تقدير انها قدمت معلومات واقعية يتبين منها انه ليست القوات الحكومية تمارس افعالا غير مقبولة وحدها ، بل يمارس ذلك المسلحون من الطرف الآخر أيضا. والآن التقينا وزراء خارجية جامعة الجدول العربية في القاهرة ، وقد سافرت الى هناك منذ فترة قريبة وإلتقيت زملائي. وقد اتفقنا هناك على خمسة مبادئ للتسوية ينص احدها على :" عدم قبول اي تدخل عسكري من الخارج". وبعد عدة ساعات أعلن رئيس الوزراء وزير خارجية قطر الذي ترأس لجنة جامعة الدول العربية والذي اجريت معه المباحثات ان من الواجب ادخال قوات عربية او دولية الى سورية ، وحدث هذا بعد عدة ساعات من توقيعه على مبدأ " عدم قبول اي تدخل عسكري اجنبي". والآن تعمل بعثة كوفي عنان التي نؤيدها بنشاط ويترأسها رجل محنك ، واذا ما وجد رجل يستطيع طرح شئ ما مقبول من قبل الجميع ، فهو بالذات. انه يعمل الآن ، وقد سافر الى دمشق ، وتحدث مع اعضاء مجلس الامن الدولي عبر الهاتف. وتوجد في سورية الآن مجموعة من الخبراء الذين يطرحون الافكار التي صاغها في اثناء الاتصالات مع الحكومة والمعارضة. وفي هذه اللحظة بالذات تقوم بلدان الخليج العربي بلا اية اسباب مفهومة بسحب جميع سفرائها من دمشق . وفي اللحظة نفسها تحدث تفجيرات سيئة جدا في دمشق وحلب وبعض المدن الأخرى. ان مثل هذه الاشياء ان لم أقل انها تزامنت خصيصا بغية نسف مهمة كوفي عنان ، فأنها من الناحية الموضوعية تمضي لتحقيق هذا الهدف.
س - لمنفعة من يجري تقويضها في هذا الوضع؟ انت تعتقد ان سورية هي رأس الجسر الذي يجري فيه الصراع بين الانظمة السنية في الخليج العربي وايران مثلا؟ يعتقد الكثيرون ان الأمر كذلك. فايران في نهاية المطاف تدعم سورية بقوة جدا ...
ج – ان الصراع يدور في المنطقة كلها ،واذا سقط النظام الحالي في سورية ، فستنبثق رغبة قوية وتمارس ضغوط هائلة من جانب بعض بلدان المنطقة من أجل اقامة نظام سني في سورية، ولا تراودني أية شكوك بهذا الصدد. ويقلقنا في هذا الوضع مصير المسيحيين وهناك اقليات أخرى كالاكراد والعلويين وكذلك الدروز. وما يجري في لبنان ، وليس بوسعي ايضا التنبؤ بشكل ما ، فستكون الامور هناك سيئة جدا ، لأن البلاد متعددة الطوائف والاقليات القومية ايضا، ونظام الدولة هش جدا. كما ان العراق ستمسه لاحقا هذه العمليات في اغلب الظن ، حيث يهيمن في العراق الآن الشيعة في كافة المناصب القيادية. اما كردستان فهي مسالة أخرى حيث توجد هناك منطقة حكم ذاتي كبيرة جدا. ان الأمر الواقع ، وعلى أقل تقدير عدم حل المشاكل المتعلقة بالدستور وعدم حل المشاكل المتعلقة بالوضع الذي يريد السنة ان يجدوا انفسهم فيه في المجتمع. فهذا كله ينذر بالانفجار فعلا جدا ويجب العمل بحذر بالغ. وحالما بدأ كوفي عنان مهمته أعلن ممثل المجلس الوطني السوري من تركيا ان هذه البعثة قد فشلت لأن كوفي عنان لم يطلب رحيل الاسد بإعتباره الشرط الاولي الذي لا بد من قبوله قبل غيره. ونحن كنا في هذا الوضع ، ونحن نعرف حق المعرفة ان هذا المطلب غير واقعي. ليس لكوننا ندافع عن الأسد، وانا اعلنت هذا أكثر من مرة ، بل لمجرد ان هذا غير واقعي. ويكمن الموقف الواقعي الوحيد في ان يطلب جميع من يمارس تأثيرا ما على هذا الطرف او ذاك الذي يحارب في سورية إيقاف جميع العنف واستحداث آلية مراقبة ما تتيح رصد الامور ، وهذا ما يجري. وهذا ما يقوم به كوفي عنان بصفته الخطوة الاولية. وبعد ذلك يمكن اجلاس جميع الذين يؤثرون على اللاعبين السوري وراء طاولة المنفاوضات. هذا يمثل الطريق الوحيد لتهدئة الوضع.
س – انت تحدثت شخصيا مع الأسد وتطلعت الى عينيه. انت تقول انه يتأخر دوما في افعاله. وهو يفهم ذلك ، اليس من الأفضل له ان يستقبل وان يرحل الى مكان ما ، لا أدري الى اين ، الى موسكو او مينسك ، بدلا من ان يصبح في وضع القذافي ويتخفى.
ج – لم يوجه اليه الدعوة للمجئ الى موسكو. ومرة أخرى ان هذا الامر ربما سيقرره الاسد نفسه. وسيقرر ذلك ليس لأن احدا ما في روسيا وموسكو سيطلب منه ذلك. انهم يتحدثون عنه في الكثير من العواصم الغربية بوصفه مجرم حرب ، ويعلنون ان مكانه في لاهاي في المحكمة الدولية. ومعنى ذلك انه يجب على من يطلق مثل هذه التصريحات ان يشرح له اية امكانيات موجودة لديه ، وليس نحن. والشئ الرئيس ان الشعب السوري يجب ان يقرر ذلك. ولدى قناعة بأنه اذا ما بدأ الحوار السوري العام ، كما يتحدث ويدعو اليه الجميع ، وبمشاركة جميع ممثلي المعارضة والحكومة ، فجب ان يتم في اطار هذا الحوار حل جميع القضايا ومنها القضايا حول من سيحكم سورية في الفترة الانتقالية ، وفي الفترة القادمة كما حدث في اليمن. وفي اليمن لم يتحدث اللاعبون الدوليون واللاعبون الخارجيون جميعا بأن هذا يكون الشرط الاولي ، وطالبنا نحن جميعا ، الغرب واوروبا الغربية والولاايت المتحدة وبلدان الخليج العربي وروسيا وهيئة الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي ، طالبنا جميعا كافة اليمنيين بالجلوس الى طاولة المفاوضات. وحتى وبالرغ من من استمرار العمليات القتالية وابداء الجميع الصبر الذي لا نراه في سورية ،فأنهم ابدوا في اليمن الصبر على مدى أشهر كثيرة. وعند ذلك فقط اتفق اليمنيون على كيفية تسليم السلطة وبضمن ذلك رحيل صالح ومنحه الضمانات ، وعند ذلك فقط صادق مجلس الامن الدولي على القرار حول اليمن. أما الآن فانهم يحاولون وضع العربة أمام الحصان ويحاولون ان يفرضوا على سورية عبر مجلس الامن الدولي الحل الذي لن يكون مستقرا بل سيستثير فقط تصعيد المواجهة مجددا.
س – السؤال الاخير : انت نفسك قلت ان الدماء ما زالت تراق في اليمن كالسابق ..
ج – نعم.
س - .. لربما ، اولا ، قد لا يكون هذا هو الحل. بالاخص بعد ان سوت الدبابات مع الارض الاحياء في حمص وكذلك في أدلب – فهذا كله اسفر عن اراقة الكثير من الدم ، وهيهات، حسب رأيي، ان يساعد الحوار الوطني في تحقيق ذلك.هو هل انني فهمت بشكل صائب قولك حول كيف يتم التوصل الى اتفاق ما ، في واقع الامر ، وان روسيا ربما تود ان يغادر الاسد الساحة ؟
ج – في الواقع اننا نريد شيئا واحدا هو ان تتوقف اراقة الدماء في سورية. ونحن نقترح اشياء ملموسة تماما من أجل بلوغ ذلك. وأنا اوردتها لك. يجب على الجميع ارغام اتباعهم على عدم اطلاق النار على بعضهم البعض وقتلهم – ارجو المعذرة عن هذا التعبير غير الدبلوماسي جدا – وان يكفوا عن قتل بعضهم بعضا، وبعد ذلك يجري الرصد غير المتحيز لما يجري ، والذي من شأنه ان يسمح بالتأكد من توقف الجميع عن اطلاق النار ، وبعد ذلك يجري مرة أخرى اجلاس جميع الاتباع السياسيين في هذه المرة الى طاولة المفاوضات المشتركة ، وعندئذ نقول لهم قرروا ، كما يجري انتخاب بابا روما ، ولا تغادروا القاعة قبل اتخاذ القرار . اما الآخرون فيقولون كلا يجب ان يرحل الاسد وعندئذ سيتقرر كل شئ بحاله وبحد ذاته. لكن لن يحدث ذلك. ولا يوجد جواب واضح حول كيف سيتم ذلك ، ومن سيشرف على العملية، اخذا بنظر الاعتبار تشرذم المعارضة السورية. اما في داخل الناتو والاتحاد الاوروبي وفي داخل بعض البلدان الغربية فأنهم عموما يقولون انهم لا يستطيعون فهم الوضع ، ويبدو شبيها بالطريق المسدود. لكنهم في الوقت نفسه لا يريدون اجلاس من يصغي اليهم الى طاولة المفاوضات . وهنا تكمن المصيبة. اما بصدد الدم الذي يراق في اليمن فهو شئ خطير جدا لأن "القاعدة " تبدي نشاطا كبيرا في المين. وعندما تحاول :" القاعدة " استثارة الخلافات الاثنية الموجودة اصلا في اليمن يصبح من المهم جدا توفر بنية متلاحمة.والحمد لله انها موجودة في اليمن ولا يشكك احد في صلاحيات السلطة . هنا يكمن الخلاف ، وهذا ما نصبو اليه في سورية. ولكن عندما تنفذ مثل هذه الافعال الارهابية كما حدث في الامس واول أمس في دمشق وحلب فكيف يمكن ان نطلب من السلطة إلقاء السلاح.
س – هل يفهم الاسد ذلك ؟
ج – اعتقد انه يفهم ذلك. وعندما زرت مع ميخائيل فرادكوف دمشق قال لنا انه مستعد منذ هذه اللحظة للحوار السياسي مع جميع ممثلي المعارضة ، لكن الحرب مع الارهاب لا تتوقف. وفي ظروف مثل هذه الافعال الارهابية ، اعتقد ان مثل هذه الافعال تقف وراءها " القاعدة " ، واذا ما فهمت الامور بشكل صحيح ، فانه لابد طبعا من الرد على مثل هذه الافعال ، وإلا فان الناس سيعشون في حالة رعب دائم .
المصدر قناة روسيا اليوم
~!@q
تدور الايام بين رحايا العاشقين
غزل وهم وجراح مكروبين
فهل بشفتيكي اكون حزين
الدكتور شديد
أستمتعوا معنا في الاستوديو التحليلي بساحه الشعر المنقول
~!@q
شارك
shokry.ahlamontada.net