بسم الله الرحمن الرحيم
هذا سؤال اطرحه على كل طالب في اي مرحلة من سنين دراسته :
لماذا هذا الذعر من الإمتحان؟
مادمنا مسلمين ونسلم أمرنا لله ، ونؤمن بالقضاء والقدر ، وأن مايريده الله كائن لا محالة ، ماعلينا سوى الأخذ بالأسباب ، كما أمرنا الله ورسوله ، ثم نترك تقرير المصائر لله عز وجل .
صحيح انه حتى نابليون كان يخشى الإمتحان ، وانه كان يفضل ساحة الوغى بما فيها من مخاطر عن خوض إمتحان واحد ، فذلك مرده إعتقاده بأنه هو الذي كان يصنع الإنتصارات في المعارك وأنه غير قادر على تحقيقه في الإمتحان جاهلاً وغافلاً عن حقيقة هامة مفادها بأن النصر ، هنا أو هناك ، هو من عند الله ( وما النصر الا من عند الله...) .
بينما كان سلفنا الصالح رضي الله عنهم وأرضاهم يؤمنون إيمانا مطلقاً بهذه الحقيقة لذا كانوا يأخذون بالأسباب ( ايمان وثقة بالله ، عدة وعتاد ، تدريب واستعداد و...و...و... ) ثم لا يخشون جيوش الأعداء مهما عظمت .
وكان النصر حليفهم دوماً على من عاداهم ، ولم يندحروا أمام عدو إلى إذا أخلوا بتلك المعادلة الدقيقة ، أقصد الموازنة بين التسليم والأخذ بالأسباب .
وأنت أيها الطالب العزيز تخوض معركةً مماثلةً ، ساحتها قاعة الإمتحان ، لذا عليك قبل دخولها تحقيق المعادلة السابقة .
فإذا سلمت بأن ما كتبه الله عليك واقع لا محالة هدأت سريرتك وأنزل الله سكينته في صدرك وشعرت بالرضى والأرتياح الذي سيكون سلاحك الأول في الإنتقال إلى الطرف الآخر من المعادلة ألا وهو الأخذ بالأسباب . فالتسليم لأمر الله لا يعني التواكل والتمني وإنما يعني الجد والكد والسعي والصدر ممتلئ بالإمان برحمة الله والرضى بما سيختاره لك إن كان نجاحاً أو رسوباً لا قدر الله .
ولا تنسى بأن الخير فيما يختاره الله ، وأن عقولنا البشرية ، بالرغم ممافيها من اعجازات للخالق ، محدودة امام مشيئة الخالق عز وجل ويبقى فهمنا احياناً قاصراً في رؤية الخير الذي ينعم علينا به الله . أليس الموت مصيبة المصائب بأعين جميع الناس؟ ومع ذلك اقول :أليس الموت رحمة من الله بعباده ؟ تصوروا حياةً أبدية بدون موت . تصوروا اجساداً هرمةً معتلةً ضعيفةً تلتهمها الآلام والأوجاع وتنخرها الأمراض والأوبئة الى مالا نهاية والعياذ بالله .
فإذا كان في الموت خيراً ، فما حجم الرسوب ، لا قدر الله ، امامه ؟
هكذا عليك ان تفكر عزيزي الطالب ، وأنت لست بعيداً عن هذا المنطق ، ولكن عليك فقط ان تجسد ايمانك هذا على أرض الواقع .
وانتم أيها الأباء والأمهات اين دوركم في تحقيق هذه المعادلة في عقول أبنائكم ووجدانهم وضمائرهم ، وجعلها مبدءاً راسخاً في حياتهم ؟ فهي النقطة الأولى التي يجب أن ينطلق منها كل واحد منا ، أنا وأنتم وليس هم فقط ، وفي كل مراحل حياتنا وليس في امتحانات الثانوية العامة فقط .
أليس محزناً ان نسمع ان فتاةً توفيت في الإمتحان ؟ صحيح أن عمرها قد انتهى ، وقد لا يكون موتها ناجماً عن الجهد الجسمي و التوتر والضغط النفسي الناتج عن أجواء الإمتحانات ، ولكن هذا التزامن العجيب يفرض علينا الوقوف عنده قليلاً والتفكر فيه . رحمها الله واسكنها فسيح جناته وألهم ذويها الصبر والسلوان .
اما موضوع صعوبة الأسئلة وسهولتها وطولها وشموليتها للمقرر وملائمتها للوقت المحدد للإمتحان فهذا شأن أخر يجب مناقشته على حده .
اسأل العلي القدير ، لكل أبنائنا ، التوفيق والنجاح بإذن الله .