"القضاء الإداري": تغيير استعمالات الأراضي دون حاجة تخطيطية يؤدي إلى "العشوائية" - جديد جريدة الرؤية

    • "القضاء الإداري": تغيير استعمالات الأراضي دون حاجة تخطيطية يؤدي إلى "العشوائية" - جديد جريدة الرؤية

      مسقط - الرؤية
      -


      أصدرت الدائرة الاستئنافية - برئاسة فضيلة ماجد بن عبدالله بن مبارك العلوي رئيس المحكمة - حكماً في الاستئناف رقم (121/12 ق.س)؛ قضت فيه بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بتعديل منطوق الحكم المستأنف؛ ليكون: "بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً"؟.. وألزمت المستأنف المصاريف.
      وتتحصل وقائع المنازعة في أن المستأنف كان قد أقام دعواه طالباً بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع: 1- أصلياً: بتغيير استعمال قطعة الأرض موضوع الدعوى إلى الاستعمال السكني التجاري وبارتفاع ستة طوابق. واحتياطيا: بتغيير قطعة الأرض موضوع الدعوى إلى الاستعمال السكني وبارتفاع البناء عليها إلى ستة طــوابق على الأقل مع حفظ حقه في إضافة استعمال التجـاري في مرحلة لاحقة. 2- التعويض بأرض أخرى في موقع آخر يوازي في مستواه الموقع الحالي للأرض محل الدعوى باستعمال التجاري وبارتفاع ستة طوابق أو أكثر. وبجلسة 15/1/2012م أصدرت الدائرة الابتدائية المستأنف حكماً قضت فيه أولاً: بقبول الطلب الأصلي شكلاً ورفضه موضوعاً؛ وذلك على النحو المبين بالأسباب. ثانياً: بعدم قبول الطلب الاحتياطي لانتفاء القرار الإداري. ثالثاً: بإلزام المدعي المصاريف. وإذ لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى المستأنف فقد أقام الاستئناف الماثل طعناً عليه بالإلغاء لأسباب حاصلها مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه. وقد استعرضت الدائرة الاستئنافية قانون الأراضي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (5/80) واختصاصات وزارة الإسكان الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (3/2008) مستخلصة من ذلك أن المشروع خوّل وزارة الإسكان تخصيص الأراضي للمخططات السكنية أو لاستخدامات أخرى، وأتاح لها في سبيل ذلك سلطة تقديرية واسعة في اختيار أفضل السبل لتلبية الاحتياجات التنموية، وأنه يجوز لأصحاب الشأن طلب تغيير استعمال الأراضي المملوكة لهم إلى أغراض أخرى أو زيادة ارتفاع البناء، وأن القرار الإداري في هذا الشأن يخضع لرقابة القضاء، فإذا ثبت أن الأسباب التي تذرعت بها جهة الإدارة غير صحيحة أو أنها تغيت من إصدار القرار المطعون فيه هدفاً آخر غير المصلحة العامة التي يبغاها المشرع، فإن قرارها يكون غير مشروع.
      وقد ثبت أن جهة الإدارة سببت قرارها برفض تغيير استعمال قطعة أرض المدعي إلى سكني تجاري وبارتفاع ستة طوابق، كون أن قطعة الأرض المذكورة مخصصة للاستعمال السكني وتقع ضمن المخطط السكني (فيلات) وبمطالعة الرسم المساحي لقطعة الأرض محل الدعوى والمخطط المساحي للمنطقة يبين أن قطعة الأرض مخصصة بالفعل للاستعمال السكني، وأنها تقع على صف واحد ضمن مجموعة أخرى من الأراضي السكنية (فيلات) ولا توجد على ذات خط البناء أو في تلك المجموعة من قطع الأراضي أي أرض باستعمال سكني تجاري ولا يغير من ذلك وجود أراضٍ بالاستعمال السكني التجاري قريبة من موقع الأرض محل التداعي؛ حيث إن هذه القطع من الأراضي تقع في الجهة المقابلة للأرض محل المنازعة ويفصل بينها شارع عام وتقاطع، وأنها موجودة ابتداءً في المخطط الشامل للمنطقة بالاستعمال السكني التجاري فقط، ولما كان تغيير استعمالات الأراضي مرتبطًا في الأصل بالنسق التخطيطي للمنطقة، وأن فتح المجال لطلبات تغيير استعمالات الأراضي دون حاجة تخطيطية لذلك، يؤدي - لا ريب - إلى عشوائية في استعمالات الأراضي على نحو يخالف الغاية من التخطيط التنسيقي للمناطق، وعليه فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر قائماً على سببه مستهدفاً المصلحة العامة متفقاً وأحكام القانون؛ الأمر الذي يضحى الطعن عليه جديراً بالرفض.
      وإذ إن الحكم المطعون فيه انتهى إلى ذات النتيجة، فيكون قد صدر متفقاً وصحيح القانون؛ لذا تعين تأييده محمولاً على أسبابه ورفض الطعن عليه في هذا الجانب. أما عن الطلب الاحتياطي الرامي إلى عدم صحة قرار الوزارة المستأنف ضدها برفض زيادة ارتفاع البناء على قطعة الأرض السكنية محل المنازعة إلى ستة طوابق، فيتعين بحث مدى مشروعية هذا القرار في ضوء وضع المنطقة التي توجد بها الأرض، ووفقاً للخرائط المعتمدة للمخطط الكائنة به. ولأن الثابت أن قطعة الأرض تقع على صف واحد ضمن مجموعة أخرى من الأراضي السكنية المخصصة (فيلات) ولا توجد مبان على ذات خط البناء مع تلك القطعة تم تعليتها بهذا الارتفاع، ومن ثم وإذ أصدرت الجهة الإدارية قرارها برفض هذا الطلب حرصاً على التنسيق التخطيطي للمنطقة، فإن قرارها هذا يكون قد صدر قائماً على سببه متفقاً وصحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه في هذا الجانب جديراً بالرفض.
      ويستفاد من هذا الحكم أن تغيير استعمالات الأراضي يجب ألا يخرج عن النسق التخطيطي للمناطق الواقعة بها؛ إذ لا يصح تغيير استعمالات الأراضي المخصصة في الأصل بالاستعمال السكني وفق نسق معين إلى استعمال سكني تجاري، أو إلى سكني بارتفاعات تزيد على النسق التخطيطي للمنطقة.