في محاكمتهم،،،، شيء من التفاصيل...

    • [HR][/HR]
      (26)



      ها هو الاستاذ المحامي يعقوب الحارثي الذي يبدأ بصوت خافت ثم يعلو ليسمعه الجميع يتحدث قائلا أن لديه عدة ملاحظات على ما ذكره الادعاء العام والتي من بينها أنه صوّر الأمر وكأن حدثا جللا سوف يحدث في السلطنة، ضابط الميدان يقول أن هناك بطء في السير، عناصر الأمن العام في السكينة والصحة العامة، من وسائل الضبط الإدارية هي وقائية وليست .... (لم أسمع الكلمة). محامي آخر (لم يتسنى لي الاطلاع على شخصه) ذكر ببطلان الاجراءات وأتى بدفوع على النحو التالي: الدفع الأول، بطلان محضر التحري، فالشاهد المقدم وردا على سؤال وجه إليه في المحكمة ما إذا كان هو من كتب المحضر أم لا فرد الشاهد بأنه ليس هو، فهو قد استند إلى تقارير أولية و(بناء على تعليمات وتنسيق). يسأل المحامي: أين هي هذه التقارير الأولية؟ ومن الذي سلم التعليمات؟ طالما أنها الأساس الحقيقي الذي بني عليها الاتهام، فشل الاتهام في تقديم أي دليل آخر، حيث أن المادة (130) تنص على تقديم جميع الأوراق والأدلة للمحكمة. كما أن محضر التحري سلبي ويتيم والاتهام قائم على غير دليل. سرد المحامي بعض المبادئ التي أقرتها محكمة النقض المصرية حول التحريات غير الجدية وأنها لا تصلح ولا تقبل بها المحكمة. أما الدفع الثاني: بطلان الشاهد، حيث أن الشاهد الثاني يتناقض مع الشاهد الذي سبقه. فالشاهد الثاني يدافع دفاعا مستميتا عن شهادته داخل المحكمة وعلى كل صغيرة وكبيرة، وقد ورد في أمر الضبط أنه هو من قدّر الحالة، وأنه هو من كتب المحضر "وبناء على التعليمات والتنسيق".. ثالثا، في قرار الاحالة تم ذكر: "اشتركوا وآخرين في الاخلال بالنظام العام" واستخلاص نية النظام العام وقرار الاحالة لم يفند أو يفسر معنى الاخلال بالنظام العام، فقط ما جاء به الادعاء العام اليوم، وبالتالي يكون الادعاء العام قد فشل في ذلك. لقد ذكر الشاهد أن الاخلال بالنظام العام يعني "استنفار 90% من قوة المركز لتجمع المتجمهرين".. والسؤال هنا: ما هو مظهر الاخلال؟ يواصل المحامي قائلا بأنه حمل شيئا من الاحباط وأنه سبق أن تم تصور أن أمرا جللا سوف ينال من السلطنة من أقصاها إلى أقصاها!!

      يتساءل المحامي: هل يجوز أن تكون بعض المعلومات محذوفة من المحضر؟ ويتساءل أيضا عن ماهية الأمن والنظام العام. كما أورد ملاحظتين حول مفهوم نص التجريم والنص التجريمي، وما هي الأفعال التي تجرّم، وقد تساءل ما إذا كان استنفار 90% من قوة المركز يعد اخلالا بالنظام العام؟ وهل تجمع بعض المعتصمين يعتبر اخلالا بالنظام العام؟ إن قرار الاحالة صّدر بما يلي: "بتاريخ 11/6 في قرار... وبناء على التعليمات والتنسيق ....." الجريمة وقعت يوم الاثنين.. ثم اخذت الاحتياطات الساعة الرابعة... (لم استطع تسجيل التفاصيل لسرعة الحديث). يضيف المحامي: من المسئول عن التجمر؟ أشار أحدهم إلى أن سعيد الهاشمي لا يمثل أحد، وفي السياق ذاته فقد قال بدر الجابري بأنه لم يكون موجودا يوم الاحد. فعلى أي أساس اعتبر الانذار ثم التوجيه، وهذا ما صدّق عليه مختار الهنائي. إن المتهمين يحضرون بمحض ارادتهم، الإنذار لم يحصل يوم القبض. ذكر المحامي أيضا عن المحاكم المصرية حول توجيه الانذار وذكر شيئا عن "اذا صدر أمر من باب سد الذرائع وإن كان....." (لم استطع التقاط بقية الحديث)..


      يتبــــــــــع
      مدونتي الجديدة المستوحاة من غذاء العماني ماضيا وحاضرا tumoor.org/
    • من أقوال قائد عمان - يحفظه الله ويرعاه - " نحن لا نرضى بمصادرة الفكر "
      أليست الطرق التي أتبعت في تعذيب هؤلاء المتهمين هي مصادرة للفكر ؟ من اين أُتي بهذه الطرق ؟

      في عُمان أقولها وبكل صراحة ليس هنالك حرية في التعبير / أغلق فمك ولا تتكلم ولا تكتب حتى فالمنتديات لا تكتب
      فقط اقرأ وغلق فمك وابعد قلمك / لأن الادعاء العام لك بالمرصاد

      كيف إذن نرقى بأنفسنا وبثقافتنا وبوطننا ؟؟

      الصحافة أصبحت مملة نفس الروتين يوميا عبارة عن اعلانات وحفلات وعرض للمشاريع التي تنشأ في البلاد
      أين حرية التعبيير أين المصداقية في نقل وتعاطي الخبر ؟؟

      لا ألوم الكثير الكثير من الشباب والشعب عن العزوف عن القراءة وأخص بالذكر قرأة الصحف / حتى المنتديات أصبحت
      مستهدفة من قبل الجهات الأمنية .. كيف لنا أن نرقى إذن ..

      نعم أتفق مع القانون وضد الاشخاص الذين يحرضون ويثيرون الفتن من أجل زعزعة الامن والمساس
      بشخص سيدي قابوس - حفظه الله -

      ولكن مع وأؤيد الاشخاص الذين يناقشون قضايا تهم المجتمع قضايا تؤرق الشعب قضايا تناقش السرقات
      والفساد الاداري والمالي بدأ من الموظف الصغير إلى الوزير ينبغى ان يتم مناقشتها ..

      $$eالحيـاة أمـل من فقـد الأمـل فقد الحيـاة $$e
    • اليس المهم هو أن يكون هناك كلمة سواء تساعد في حل المشكله بدل من تاجيجها
      هم الان متهمون بقضية الاعابه لماذ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!
      عند ما أستغل البعض شعار حرية الراي و حولوه على ما تمنيه لهم أنفسهم أساه كتابة شعارات و لفتات ......الخ
      ليس لشي سواء هو الهدف للفت أنظار العالم اليهم

      اليس هناك مجلس الشوراء كان من الافضل لهم التنسيق و التواصل معه لحل اي مشكله يرونها
      هل من الثقافه و الحقوق المشروعه عند ما نعبر بي أساه او نتجمهر في مكان عام

      نعم أتفق معك بان يتم محاسبة جميع الاشخاص الذي تسول له نفسه با العبث بامن البلد التلاعب با المال العام أستغلال المناصب ......الخ
    • (27)




      أردف المحامي يعقوب الحارثي على ما قاله زميله المحامي بالقول في الدفع بشرعية التجمهر؛ هل الوقفة شرعية أم مخالفة؟ حيث ذكر أن قيام المتهمين جميعا يعد طريقة من طرق التعبير عن الرأي، فالإنسان يعبر عن رأيه في البيت وفي المحكمة وفي الشارع وفي الصحراء وفي قلب المراكز التجارية وليس هناك ما يمنع ذلك. كما سرد ما يسمى القصد الخاص وأن الاخلال بالنظام هي قرائن مادية ملموسة والحدث ليس بنية جرمية. عدد المضبوطين هو (26) أما الماثلين أمام عدالة المحكمة فهم (11) شخص. يشكر الحارثي الادعاء العام على اخراج بقية المتهمين إلا أنه يتساءل لماذا خرجوا، ويضيف أن الاخلال ليس له علاقة بالسلوك. هنا نجد إشارة من المحامي حول ما جاء به المحامي عبدالخالق المعمري الذي قال أن سبب اخراج المتهمين الآخرين هو قيامهم بالتعهد بعدم تكرار الفعل، يعني طالما أن المتهم تعهد بعدم التكرار فلن يتعرض إلى المحاكمة، وهذا هو السلوك! كما أن الحارثي يضيف انتفاء جريمة قطع الطريق وركنها المادي والمعنوي، وذلك بحسبما قرأه في إحدى المواد القانونية وهي سد الطرقات العامة. فالركن المادي هو فعل وهو التجمهر، إلا أن المشرع لم يعرف أركان وعناصر الركن المادي، حيث أن بعضها يركز على الفعل والبعض الآخر يركز على النتيجة، والمحكمة العليا.... إذا خلى ... العلاقة السببية تكون منتفية ونتيجة (المسئولية التقصيرية).. لم ألتقط بعض الكلمات هنا بسبب انخفاض صوت الحارثي. هل فعل التجمهر كان سبب قطع الطريق؟ هل من قام بالتجمهر هو من عرقل المرور أو قائد المركبة ذاته؟ هل منع العبور وعدم ..... هل توجد رابطة سببية؟ (1) بعد المسافة: الوقفة في شارع فرعي مكان موقع الجريمة. (2) جريمة قطع الطريق: يوم الاثنين فقط بحسبما ورد في قرار الاحالة. ذكر الشاهد أنهم أخلوا المواقف وطوقوا المكان وأتت الدوريات في الساعة الرابعة. من يثير الانتباه؟ الشرطة بنفسها متجمهرة. لو أتوا دفعة واحدة لتم ضبطهم. الشرطة بنفسها قامت بتطويق المكان والقطع. الجسر الذي يبتعد فوق 400 متر لأن عناصر الشرطة هي التي تخرج من مركز القيادة.

      يضيف يعقوب الحارثي كمحامي عن المتهمين قائلا أن على المتهم أن يصمت أمام المحكمة وأن الأصل في الإنسان البراءة، وأن الخيمة تتساقط، وأن القصد الخاص والنية الجرمية. لقد عجز الادعاء العام عن الاتيان بالقصد الخاص. أما المتهم التاسع فالمحكمة ليست ذو اختصاص، حيث أن الادعاء العام بيّن أنه صحفي يعمل بدون ترخيص: فكيف يكون صحفيا ومتهم بالتجمهر؟ والتهمة مخالفة الأنظمة الإدارية واللوائح التنفيذية وقانون المطبوعات والنشر ليس لائحة تنفيذية. وبالتالي يطالب الحارثي بالبراءة له لعدم وجود المخالفة (مختار الهنائي). محامي آخر يقوم بالتعقيب على الادعاء العام: هل التجمهر في حد ذاته مشروع؟ حيث أن هناك 3 – 4 مواد في النظام الأساسي لذلك. كما أن طبيعة المكان بكونه مكان اقتصادي وتجاري فهو لإيصال رسالة هناك وليس في الصحراء، فالقسم الخاص موجود في تلك المنطقة. وتعقيبا أيضا على ما ذكره الادعاء العام حول احداث صحار فيتساءل المحامي: هل يجوز القياس؟ هل الحكم استباقيا لكي نتفادى ما حصل في صحار؟ لقد سلبت الحرية من المتهمين ومن خلال كلام افتراضي فتم سجنهم وتعذيبهم.


      يتبــــــــــع
      مدونتي الجديدة المستوحاة من غذاء العماني ماضيا وحاضرا tumoor.org/
    • (28)

      إنه ذلك المحامي الذي دافع كثيرا عن التلوث البيئي في غضفان، ولولا الأوامر السامية لظل المسئولون يتقاعسون في فعل أي شيء، المصانع لن تنتقل ولكن السكان يجب أن ينتقلوا، ومع ذلك لم ينتقلوا حتى الآن، وكما قال زميله المحامي يعقوب الحارثي بأن حرية التعبير عن الرأي مكفولة حتى في المحكمة ذاتها، لذا تكلم "عبد الخالق المعمري" و"أخذ راحته" في الكلام بادئا حديثه بآيات من الذكر الحكيم، ثم تطرق إلى مقولة مفادها أنه خير للعدالة أن تبرئ ألف مذنب من أن تدين شخصا واحدا بريئا. ذهب المعمري بحديثه إلى حقبة السبعينات حيث كان "التخطيط" أساسا في كل شيء، كما ذهب إلى النظام الأساسي للدولة عندما قال بأن كل العمانيين سواء كان حارثيا أو معمريا متساوون أمام القانون في الحقوق وفي الواجبات. بداية مرافعته الحقيقية تطرقت إلى أن الشاهد المقدم علي بن عبدالله باصديقي قد ذكر أن عدد المقبوض عليهم هو 25 – 26 شخص، أما العدد الماثل أمام فضيلة القاضي فهو أقل من ذلك، لذلك فإن المعمري يوجه سؤالا إلى فضيلة القاضي: أين العدد الباقي؟ لقد قام الادعاء العام بإخراجهم من خلال "التعهد" وأنهم نادمون وذم أهلهم. ويتساءل المعمري بصوت عالي: إن كانت التعهدات قانونية فلننهي القضية بالتعهد فقط!! تطرق المعمري أيضا إلى تهمة إهانة موظف عمومي موجهة إلى باسمة الراجحية؛ حيث جاء في المحضر الذي كتبه المقدم علي بن عبدالله أنها تلفظت بكلمة غربان، إلا أن الشاهد السابق قال أنه لا شاهدها ولا سمعها بنفسه وإنما سمعها من أفراد، وعند سؤال الشاهد باصديقي إن كان قد شاهدها من قبل فرد بأنه أو مرة "يشوفها"... السؤال هنا: كيف أتى بإسمها في المحضر؟ وعندما تم توجيه سؤالا آخر لذلك الشاهد: هل أحد الضباط غيرك سمعها فرد بالنفي. هنا استأذن المحامي عبد الخالق المعمري من فضيلة القاضي لتمثيل مشهد قائلا: "خسئت" بصوت عال بعدما التفت إلى الحضور وهو يقول الكلمة. تساءل: هل القانون يعمل بالنوايا؟ من هم المهانون؟ إذن هناك شك، وعملية الشك تولدت في الشهادة؛ المقدم الرواس (الشاهد الأول) يقول أنه سمعها من أفراد، أما المقدم باصديقي (الشاهد الثاني) فيقول أنه سمعها بنفسه، ولا يعلم إن كان قد سمعها الأفراد. إذن تكون الشهادة مهزوزة وفيها شك، والشك يفسر لصالح المتهم. عرج المعمري قائل بأننا جميعا للوطن ولسنا ضد الادعاء العام وأنهم يحملون رسالة ومبادئ معينة وأن عقيدة المحكمة أرحم من السؤال وأن عقيدة المحكمة هي التي تقدر الأدلة بشكل جازم.

      بعدما انتهى المحامي عبد الخالق المعمري من المرافعة التي سمعها الجميع وبصوت عال فقد تحدث سعيد الهاشمي مبتدئا بتقديم شكره الجزيل للقضاة الثلاثة وبأن القضاء العماني قضاء حيوي. فور انتهاء سعيد من مداخلته تداخل الادعاء العام ردا على المحامين السابقين متسائلا عن بطلان الاجراءات وهي (أي الاجراءات) واضحة وفي الملف، ثم قال بأنها جريمة تلبس وليس للتحري وأن الشاهد أدلى تحت اليمين وأكد مرارا أن الأوامر صدرت منه شخصيا (كما رأينا وسوف نرى بأن المكتوب في المحضر هي تعليمات وتنسيق) وأنه لا يوجد تناقض بين الشاهدين وإنما هي مكملة لبعضها وأن استنفار 90% من قوة المركز يعد اخلالا بالنظام والأمن العام..


      يتبــــــــــع
      مدونتي الجديدة المستوحاة من غذاء العماني ماضيا وحاضرا tumoor.org/
    • (29)



      يواصل الادعاء العام رده فيشير إلى ما ذكره بدر الجابري بأنه لم يتم إنذارهم من قبل وإلا لما حضر، إلا أن الادعاء العام يفند ذلك قائلا بأن المادة (137) لم تتطلب إنذارا للمتهمين (هذه المداخلة فيها تناقض مع ما سرده الادعاء العام بداية الجلسة عندما قال أنه تم إنذارهم في اليومين الأول والثاني؛ أي أنه طالما لا يتطلب القانون الإنذار فلماذا ركز على الإنذار؟). أما عن طرق التعبير عن الرأي فإن الإدعاء العام أشار إلى أن جميع المواد في النظام الأساسي تشير إلى "في حدود القانون" .. هنا لم يحدد الادعاء العام أي قانون يقصد فيه وهل يتماشى ذلك القانون مع النظام الأساسي وهل تم تعديل تلك القوانين التي سبق إصدار بعضها قبل النظام الأساسي نفسه مثل قانون المطبوعات والنشر والذي صدر قبل أكثر من 10 سنوات من صدور النظام الأساسي. يواصل الادعاء العام الرد حول إخراج بعض المتهمين وإبقاء الآخرين قائلا بأن الادعاء العام سلطة تقديرية لا ينازعه أحد وأن المحكمة هي من تقرر تلك السلطة. يؤكد مرة أخرى الادعاء العام أن تسببوا في عدم سهولة السير وأن الشاهد أكد تأكيدا أنهم باقون 50 مترا عن الطريق. أما عن القصد الخاص فيقول الادعاء العام بأن الوقوف مدة ثلاثة أيام يدل على القصد الخاص (أورد الاجابة في شكل سؤال). ويضيف إلى أن الشاهد التاسع (مختار الهنائي) شارك في التجمهر، وأن الشاهد الأول سمع من الأفراد جاء تأكيدا من قبل الشاهد الثاني.

      يرد محامي (لم أتأكد من هويته) قائلا بأن الملف بعنوان "محضر تحري" وكذلك "وبناء للتعليمات والتنسيق..." في إشارة إلى أنه ليس "تلبس" بدون سابقة القرائن. كما أن الإشارة إلى أن 90% يدل على الإخلال فما هو الإخلال؟ لقد أصبح مركز الوطية "فاضي" من القوة. يضيف المحامي يعقوب الحارثي: الضابط قائد الميدان قال في المحكمة "نعم" في إشارة إلى شهادته حول من أصدر الأوامر، إلا أنه وفي المحضر فقد كتب الضابط: "وبناء للتعليمات والتنسيق" لذلك كان يجب أن تكون هناك "مذكرة قبض" من الادعاء العام. ويعقب الحارثي حول كلمة الكفالة في النظام الأساسي للدولة فيقول أن المقصود بها ليست التقليص والعرقلة. ثم ينتقل إلى تهمة مختار الهنائي والذي يقول عنه الادعاء العام أنه صحفي، هنا نجد أن الادعاء العام يتنصل عن المحضر. وردا على السلطة التقديرية فيتساءل عبد الخالق المعمري ما هي المقاسات المعنية: سجنهم مدة خمسة أيام وبعد ذلك إخراجهم!!!



      يتبــــــــــع
      مدونتي الجديدة المستوحاة من غذاء العماني ماضيا وحاضرا tumoor.org/
    • (30)



      تحدث سعيد الهاشمي مرة أخرى: هل أحداث صحار تصبح عقدة أمنية لدى الادعاء العام والجهات الأمنية؟ مجموعة من الأشخاص فشلوا، يعني يتم القبض على الناس ويرمى بهم في السجن حتى لا تتكرر الأحداث!! يذكر سعيد شهادة الضابط الثاني الذي أدلى قائلا بأن سعيد كان قد أتى مع البقية لمساندة أحداث صحار إلا أن سعيدا ينفي أنه قال لذلك للضابط، كما يسترسل سعيد في الاستثمارات الخارجية التي أصبحت الشغل الشاغل فيقول بأنه يجب إعادة النظر في تلك الاستثمارات إذا كان عدد 25 شخص وقفوا سلميا سوف يجعل تلك الاستثمارات تهرب إلى بلادها. ثم يتساءل: ماذا عن المواطن؟ مردفا القول بأنهم (أي المستثمرون الأجانب) يحترمون المواطن عندما يطالب ومن ثم ينال حقه. طرح سعيد سؤالا أمام الحضور حول سبب قيام الادعاء العام برد على الأجانب في إشارة إلى مقال تم نشره في جريدة "مسقط دايلي" يبرر فيها الادعاء العام الاعتقالات وذلك لغير الناطقين باللغة العربية مستفسرا في نفس الوقت عن ذلك الفعل وعدم الاتيان بنفسه في الصحافة الناطقة بالعربية والاكتفاء بالبيانات العربية فقط. أضاف الهاشمي أنه كان يمارس أرقى أنواع التعبير عن الرأي، فالوقفة كانت صامتة ويحملون لافتات مكتوب عليها بعض المواد من النظام الأساسي للدولة، وبالتالي هم كانوا بعدين عن كل الاتهامات الواردة.


      أما بسمة الكيومية فتحدثت مضيفة إلى الدفوع التي ذكرها المحامون بأن ما يفعله الادعاء العام هو إثارة الزوبعة وأن التجمع السلمي هو حق، وأن الادعاء العام خلط بين التجمهر والمظاهرات والاحتجاجات حتى لا يتكلم أحد، وتضيف أن الاخلال بالأمن هو من خلال انتهاك النظام الأساسي للدولة، حيث يتم أخذ الأشخاص من مكان عام ويودعون في السجن، فالسلطة هي التي تنتهك الحقوق والحريات. نحن وقفنا وقفة صامتة، فهل ذلك اخلال بالأمن؟ إن حق التجمع وحق التعبير حق مشروع، لذا فنحن نأتمنكم على حق دستوري. أما باسمة الراجحية فقد تحدثت قائلة بأنهم لم يخرجوا حاملين السلاح ولم تكن لديهم أدوات للإخلال وإنما خرجوا في وقفة صامتة، وأنهم سبقوا أن توجهوا إلى القيادة العامة وإلى الادعاء العام فقيل لهم بأن هناك تعليمات، وعندما حصلوا على توكيل محامين للمتهمين إلا أن ذلك التوكيل تم رفضه. لقد استخدمنا كل الطرق السلمية. وتستفسر الراجحية حول شهادة الشاهد الثاني الذي ذكر في المحضر أنهم يلبسون اللبس الأسود، فهل الشاهد يحلل أم يأتي بالمعلومة؟



      يتبـــــــــــع
      مدونتي الجديدة المستوحاة من غذاء العماني ماضيا وحاضرا tumoor.org/
    • [HR][/HR]
      (31)



      كعادته، يتكلم ناصر الغيلاني بصوت جهور ينساب الكلام من لسانه دون تردد، يبدأ حديثه متسائلا عن عدد المقبوض عليهم وعدد الماثلين أمام القضاء: لماذا أطلق سراح البقية؟ الرياضيات لا تخطئ؛ تم اطلاق سراح (64%) من المتهمين، الادعاء العام إذن مقتنع بالبراءة وإلا لما أطلق سراح الأغلبية. يقول الشاهد بأنه لم يعرف عدد الأفراد وهو قائد الميدان، ويقول أيضا أن الجسر متوقف؛ فهل متوقف بشكله الطبيعي أم أن الشرطة لفتوا انتباههم؟ حيث أن ذلك الجسر تتوقف فيه الحركة دوما.يتحدث بدر الجابري بعد ناصر الغيلاني قائلا بأنهم لم يذهبوا متحدين أو معادين وإنما ذهبوا لممارسة حق كفله النظام الأساسي للدولة وهو الأصل وما دون ذلك فروع ، ولا يمكن للفرع ان يتغلب على الاصل او حتى يناقضه ، ولو كانت المحكمة الدستورية تعمل وتقوم بدورها الآن لنسفت هذا القانون (في إشارة لتناقض بعض مواد قانون الاجراءات وقانون الجزاء العماني مع النظام الأساسي للدولة. يواصل بدر الجابري حديثه قائلا بأننا سلكنا كل الطرق الطبيعية وذهبنا إلى الادعاء العام، وعندما تم اعتقالي ذهب أخوتي الحاضرون في المحكمة الآن إلى الادعاء العام ليسألوا عني فقيل لهم بأن يتوجهوا إلى القسم الخاص، ولما ذهبوا إلى القسم الخاص قيل لهم أن يتوجوا إلى الادعاء العام فأصبح المواطن لا يعرف أي جهة يقصد فما هو الضير لو تم اخبارهم بمكاني، لم تبلغ تلك الجهات اخواني عن مكاني الذي لم يعرفونه..ولا استبعد أن يقف اخوتي هذه الوقفة احتجاجا لهذه المعاملة للمواطن.... الادعاء العام يقول لماذا وقفوا هناك وأقول لقد وقفنا عند القسم الخاص لأنها هي الجهة المسئولة فتوصيل الرسالة كان لهم فانا لا اريد توصيل رسالتي الى وزارة الاسكان او زارة الخدمة المدنية ، يواصل الجابري قائلا بأن الشاهد المقدم علي باصديق يقول بأننا كنا موجودين يوم الأحد وأنا شخصيا لم أكن موجودا ، كلام الشاهد الثاني يتناقض مع كلام الشاهد الأول، ثم يافضيلة القاضي كان الشاهد في الجلسة الماضية يقرأ من ورقة شاهد يقرأ من ورقة..! فضيلة القاضي لقد كنت اراقب حركة السير بشكل جيد ولو رأيت أن حركة السير قد توقفت لغادرت المكان لأنني لا أرضى بتعطيل مصالح الناس وجئت لتوصيل رسالتي ومن ثم أذهب(الكلام لا زال للمتهم بدر الجابري)، ثم يبدأ بوصف الحدث بدقة؛ لم تكن هناك عرقلة لحركة السير، أقسم أن هناك "تبييت للنية" للقبض علينا..


      يأتي الدور على المتهم محمد الفزاري، يقول بأنه موجود في الحبس الانفرادي منذ (50) يوما، وكأنه من أهل الكهف، وأنه صوته "راح" وأنه لا يعرف أن يعبر وأنه "ما في مخ" في إشارة إلى المعاناة النفسية التي يتعرض لها طيلة مدة حبسه الانفرادي، وهو يطلب النظر إلى الأمر بعين الاعتبار والتقدير. مختار الهنائي تم حجزه أيضا مدة خمسين يوما ويقول أن معاناته هي نفس معاناة محمد وأن الادعاء العام حقق معه قليلا وأنه الآن في سجن سمائل وأن هناك انتهاكات ومعاملة سيئة في السجن وأنه لم يتم السماح للمحامي وأنه لم يكن صحفيا وإنما كان مع فريق لجريدة الزمن في الوقفة والتي كانت أقل من ثلاث دقائق. أما عبدالله الغيلاني فيعتبر أن القضية "قضية سياسية" ويقول لفضيلة القاضي: والدليل أنك القاضي الثالث (لم يرد أو يعقب فضيلة القاضي عليه)، وأنه لو كان نيتهم قطع الشارع لوقفوا في الشارع نفسه. ويتساءل عبدالله ما إذا كان المطلوب منهم إثبات البراءة؟ وأين الأدلة؟ وأن هناك شاهد واحد فقط، وأنهم في الأصل أبرياء.




      يتبــــــــــع
      مدونتي الجديدة المستوحاة من غذاء العماني ماضيا وحاضرا tumoor.org/
    • (32)



      يتحدث محمد الجامودي قائلا بأنه لم يتم الافراج عنه حتى الآن، فهو محبوس منذ (50) يوما، وكان حبسه في البداية في مكان مجهول، ويرى أن القضية ليست هدفها تطبيق القانون وإنما "قضية كيدية"، فقد تم اعتقال (26) شخص بينما نجد في القفص (11) شخصا فقط، إذن أين البقية؟ ويتسأل: لو أن الشرطة اعتقلت (6) فهل يجب محاكمة (3) والافراج عن (3) فقط؟ ولماذا كان في يوم الثلاثاء وقفة ولم يتم اعتقال أحد؟ مطلب الجامودي هو الافراج. يضيف ناصر الغيلاني بأن الادعاء العام يحاكمهم على النوايا بدون وجود دليل، وأن نواياهم كانت طيبة ومعلنة في إشارة إلى ما تم القيام به من إجراء مقابلات تلفزيونية تحدث بعضهم فيها عن أسباب الوقفة الصامتة والتي من بينها منح المتهمين بالاتصال بذويهم، كما أن اللافتات حملت أشياء ومواد دستورية. أما المحامي عبد الخالق المعمري فقد أشار إلى الخرائط التي تشير بل وتؤكد خلو المكان، ويتساءل إذا كان للمقدم الشاهد أرقام سيارات، وإذا كانت هناك نية بإخلاء المواقف أيضا. يفاجئ المحامي يعقوب الحارثي بمداخلة ذكر فيها أن هناك شخص ورد اسمه في المحضر وهو (خالد الجابري) إلا أنه غير موجود أساسا على أرض الواقع. ويختتم الحارثي بالتماسه بالبراءة. يعلن فضيلة القاضي أن النطق بالحكم سوف يكون بتاريخ الثامن من أغسطس 2012 والذي يصادف يوم الأربعاء.

      انتهت الجلسة


      تنويـــــــــــــــــــــــــــــــــــــه:

      لقد سبق أن قلت في بداية هذا الحدث وأنا أنقله بأنني لست صحفيا لكي أنقل الحدث كما هو وبشكل محايد. لقد حضرت المحكمة أربع مرات لتأييد زملائي المتهمين والذي يمارسون حقا دستوريا يتمثل في حرية التعبير عن الرأي في وقفة احتجاجية لتطبيق المواد الدستورية المتمثلة في توجيه التهم فورا لأي شخص يعتقل مع ضمان وجود محامي يوكله عنه وضمان الاتصال بذويه وضمان سجنه في الأماكن المخصصة لذلك وعدم حبسه مدة طويلة بدون توجيه التهم إليه. ورغم نقلي للحدث قدر المستطاع إلا أنني لم ولن أدعي الدقة المتناهية في نقل الحدث لأنني في الجلستين الأوليتين للمحكمة لم أستطع الدخول للقاعة وبالتالي كان نقلي لها من خلال الاتصال بعدة أشخاص تمكنوا من دخول القاعة، كما أن ضعف الصوت في القاعة أو عدم وضوح حديث المتكلم سواء كانوا متهمين أو شهود أو حتى محامين وقضاة قد أثر على قدرتي على نقل الحدث بكافة تفاصيله. حاولت قدر المستطاع أن أدون وعلى وجه السرعة ما ذكر لي أو ما سمعته شخصيا في المحكمة لكن القصور من قبلي وارد في كل الأحوال. نعم هناك انحياز في موضوعي هذا لكنه انحياز للحق الدستوري وانحياز للعدالة التي يجب تطبيقها بالشكل الصحيح الذي يخدم الوطن أولا ويخدم المواطنين ثانيا ويخدم القضية ذاتها ثالثا. فهذه القضية تصنع تاريخا في استقلالية القضاء من عدمه وتصنع مجدا في طريق العدالة التي يجب أن تكون منزهة خالية من أية ضغوط أو تدخلات. فالوزير كان يتدخل سابقا، ولما تم إقالته ومن ثم فصل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذية إنما كانت خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن هل الفصل كافيا دون تدخل جهة أمنية بزعم أو بواقع في السلطة القضائية؟ لن أتمكن من الحضور لسماع نبضات القلوب وهي تكاد تتفطر عندما تنتظر أن ينطق فضيلة القاضي، ولن أتمكن من رؤية ردة الفعل القوية سواء بالبراءة التي ننشدها أو الادانة التي يتوقعها الكثير، لكنني سوف أكون في قلب الحدث من خارج القطر الذي لسوء حظي يتصادف تاريخه مع عملي خارج السلطنة بتاريخ ثمانية ثمانية 2012.
      مدونتي الجديدة المستوحاة من غذاء العماني ماضيا وحاضرا tumoor.org/
    • حكم فضيلة القاضي في هذه القضية:-

      docs.google.com/file/d/0BwZ-Oi…HFpUGhGa2VXcWs/edit?pli=1


      والمقال التالي قراءة أولية في مسببات قضية التجمهر

      كُتبت بتاريخ 01 أكتوبر 2012 في قسم العدد الثلاثون, سياسة , عدد القراء: 85
      عن الكاتب: سعيد الهاشمي
      كتب 1 مقالة في مجلة الفلق.

      حسن فعلت مدونة مواطن عماني بنشرها لمسببات الحكم في قضية التجمهر والتي قضى فيها القاضي يوسف الفليتي في المحكمة الابتدائية بمسقط يوم الأربعاء 8/8/2012م. إن نشر حيثيات الحكم بكل التسبيب يتيح سانحة إيجابية للنقاش والحوار الضرورين الذين يحتاجانه المجتمع والدولة في تعزيز الوعي القانوني بالحقوق والواجبات، وفي إحداث حوار معمق في الحريات العامة وطرق ممارستها والمقارنة بين النص القانوني والواقع الممارس،لاسيما في هذه البرهة المنفتحة على العالم من تاريخنا المعاصر.

      في هذه العجالة، وددت عرض بعض النقاط والتساؤلات للمداولة العامة من وحي المذكرة المتاحة للجميع عبر الفضاء الالكتروني، مسجلاً، ابتداءً، إعجابي وتقديري الكبيرين بفضيلة القاضي على تصديه لهذه القضية والحكم فيها ابتدائياً، وتقديري العالي، ثانياً، لمؤسسة القضاء على مرونتها وحيويتها والتي نعتبرها الحصن الآمن، والملاذ الأخير لصون الحقوق وحماية الحريات في البلاد، وما هذه النقاط المثارة إلا من باب توسيع دائرة النظر وتعميم الفائدة ومقاربة الفهم للجميع.

      لعل أول ما يشد القارئ لحكم صاحب الفضيلة هو التناقض الواضح بين مذكرة سلطة الاتهام “الإدعاء العام” وبين منطوق الحكم النهائي وتسبيب الحكم:

      فقرار الإحالة بحسب مذكرة سلطة الاتهام “الإدعاء العام” جاءت كالتالي:

      “إن الإدعاء العام يتهم المتهمين الماثلين أمامكم بأنهم وبتاريخ 11 يونيو2012 وفقاً لدائرة القسم الخاص التابع لشرطة عمان السلطانية اشتركوا بالتجمهر وآخرين في مكان عام وهو موقف المركبات الكائن بين بنك مسقط وقيادة شرطة عمان السلطانية بقصد الإخلال بالنظام العام ، كما أنهم تسببوا في عدم سهولة سير المركبات على الطرقات المحيطة بمكان تجمهرهم .

      بالنسبة للمتهمة الثالثة فقد أهانت موظفين عموميين بوصفهم أنهم (غربان) .

      بالنسبة للمتهم التاسع فقد خالف الأنظمة الإدارية وذلك بأن مارس عملا صحفيا دون ترخيص”.

      أما منطوق الحكم فجاء على النحو التالي:

      “حكمت المحكمة حضورياً

      أولاً: بإدانة جميع المتهمين من الأول وحتى الحادي عشر بجنحة التجمهر بقصد إحداث شغب وقضت بمعاقبتهم بالسجن لمدة ستة أشهر وبغرامة مائتي ريال.

      ثانياً: إدانة جميع المتهمين من الأول وحتى الحادي عشر بجنحة تعطيل حركة المرور وقضت بمعاقبتهم بالسجن لمدة سنة.

      ثالثاً: إدانة المتهمة الثالثة بجنحة إهانة الموظفين وقضت بمعاقبتها بالسجن لمدة شهرين”.

      أما في تسبيب حكم القاضي فتشدنا النقاط التالية:

      استند القاضي في منطوق حكمه على نص المادة 137 السابقة من قانون الجزاء “جنحة التجمهر بقصد إحداث شغب” والتي عُدلت في العام 2011 إلى “جنحة التجمهر بقصد الإخلال بالنظام العام“، وهذه الأخيرة هي التي سيطرت على أغلب مساحات تسبيب الحكم. والفرق بين المادتين كبير،سواء في الصياغة أو في القياس عليهما.

      لم يذكر فضيلة القاضي في تسبيب الحكم ما هي أدلة القصد الجنائي سواء القصد الخاص أم القصد العام التي أخلت بالنظام العام.

      لم يدلل فضيلته على توفر الإرادة المتجهة يقيناً إلى الاعتداء على الحق الذي يحميه القانون والمتمثل في الإخلال بالنظام العام.

      استخدم فضيلة القاضي عبارة “الأمر الثابت بالتحقيقات” قرين كل تهمة، ولم يورد في تسبيبه أياً من هذه التحقيقات. هذا على الرغم من أن ما نبهت عليه مذكرة الدفاع المقدمة بتاريخ 27/6/2012 من أن “الإدعاء العام لم يرفق أي حافظة لأدلة الثبوت على قيام كل من الجريمتين، مكتفيا فحسب بإرفاق محضر عام موقع من ضابط واحد فقط به تفصيل لواقعة الوقفة الاحتجاجية وآلية ضبط المتهمين لا غير”.

      اعتد فضيلة القاضي في منطوق حكمه، في التهمة الثانية على نص المادة 137/مكررا على “جنحة تعطيل حركة المرور وإعاقتها” والتي أضيفت إلى قانون الجزاء في العام 2011؛

      بينما حدد الادعاء العام في مذكرة إتهامه أن المتهمين “تسببوا في عدم سهولة سير المركبات على الطرقات المحيطة بمكان تجمهرهم”، في الوقت الذي أوردت مذكرة تسبيب فضيلة القاضي العبارات التالية:

      و”بسؤال الشاهد عن تعطيل حركة المرور من قبل المتهمين أفاد بأنه حدث تباطؤ في حركة السير” كما ورد في الصفحة 8.

      وقال الشاهد المقدم أحمد الرواس أمام القاضي الأول “بأن حركة المرور بدأت بالتباطؤ لأن المداخل ضيقة” في الصفحة 8.

      كما أفاد بأنه “سمع من آخرين” تلفظ المتهمة الثالثة على رجال الشرطة، ولم يسمعه بنفسه.

      قال الشاهد المقدم علي باصديق،الشاهد الثاني، بعد تنحي القاضي الأول، وأمام القاضي الثاني: “إن وجود المتهمين يثير الآخرين ويسبب ضغط مروري” الصفحة 8.

      نفسه هذا الشاهد أوضح لفضيلة القاضي أنه “كان هناك شبه تباطؤ في دوار القرم، وبطئ شديد أمام القيادة العامة“.

      كما شهد هذا الشاهد، الأوحد، بأن المتهمة الثالثة “أشارت إلى رجال الشرطة بكلمة غربان”.

      ورجع الادعاء العام في مذكرة اتهامه والتي تبناها فضيلة القاضي كاملة. وفي الصفحة 13 بأن “التجمهر أحدث ربكة أدت إلى تباطؤ وتعطيل حركة المرور“.

      الدفوع التي قدمها محامو الدفاع لم يتعرض لها القاضي في مذكرة تسبيبه للحكم إلا في ستة أسطر، بينما قام بنسخ كامل لمرافعة الإدعاء العام وتعريفه للنظام العام في ثماني صفحات (من ص 11-18) أي ثلث مجموع صفحات تسبيب الحكم؛

      لم يعرض القاضي دفوع المتهمين ونقاشاتهم لهيئة المحكمة والتي تعاقب على رئاستها ثلاثة من القضاة، كما أن الرأي العام أصبح يعلمها بالتفاصيل، وهذا ما يعد في عرف القانون إهمالاً جسيماً يستوجب نقض الحكم لعدم التصدي لدفوع جوهرية تغير من مجرى القضية .

      يذكر القاضي في الصفحة 11 بأن “المحكمة تساير سلطة الاتهام “الإدعاء العام” في أن الواقعتين تمثلان في حق جميع المتهمين…،إلخ” وهذا انحياز تام لسلطة الاتهام؛ دون بيان لأركان الجرم وربطها بالواقعة.

      يُفصّل القاضي في حكمه المقصود بالنظام العام ناقلاً نقلاً حرفياً من مذكرة الادعاء العام في 8 صفحات، بأن” فكرة النظام العام هو المرتكز الأساسي لاستقرار المجتمعات وحماية الشعوب وسلامتها وهو مجموعة القواعد الجوهرية التي يبنى عليها كيان الجماعة سواء أكانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية وخلقية وأن قواعده مستوحاة من حياة الأفراد ومعاملاتهم وتصرفاتهم اليومية وهو يقوم على ثلاثة عناصر وهي الأمن العام والسكينة العامة والصحة العامة” من دون أن ينتبه فضيلته للتعارض التام بين التهمة والفعل المقترف. و دون أن يورد كذلك أية تفاصيل جاءت بها محاضر التحقيق أو شهادة الشهود مما يؤدي إلى الاستخلاص بأن تواجد أولئك الناس أدى إلى الإخلال بالأمن العام والسكينة العامة والصحة العامة.

      تبنى القاضي وجهة نظر الإدعاء العام في حق المتهمين القائل “بإيجاد الرادع الذي يدفع بعضهم عن بعض في طبائعهم من نزعة العدوان والخروج والإخلال بالنظام العام”؛

      تبنى القاضي رأي الإدعاء العام في مقابل حق المتهمين في ممارسة حرية التعبير والتي اعتصموا بها دستورياً وفق المادة29 من النظام الأساسي للدولة أمام هيئة المحكمة وبالطرق السلمية، إذا ساير القاضي تسبيب الادعاء العام بأن ممارسة ذلك الحق “مشروط بأن لا يمثل ذلكم التعبير طريقة ومضمون الأفكار أو الآراء ما يمكن اعتباره خرقاً لقوانين وأعراف الدولة والآداب العامة المتعارف عليها والاعتداء اللفظي وأن يساء استخدامه وان يلحق الضرر بالمجتمع بحجة حرية التجمهر والتعبير”. دون أن يوضح كيف تحولت تلك الوقفة الاحتجاجية السلمية من عدد محدود من الناس إلى الإخلال بالأعراف والآداب العامة وإلى إلحاق الضرر بالمجتمع، مستنداً إلى بعض العبارات التي اعتبرها تحريضية صارفاً النظر عن العبارات التي تضمنت مواد من النظام الأساسي للدولة المتعلقة بالحقوق والحريات.

      يرى فضيلة القاضي في مذكرته بأن المحكمة ترى بأن “بعض العبارات التي رفعها المتهمون تعتبر تحريضية”، ولم يرَ كم العبارات التي نصت على مواد النظام الأساسي للدولة، كما يرى بأن تلك العبارات” أحدثت خللاً بالنظام العام وقامت على خلق الفوضى وشد أنظار الآخرين بمختلف شرائحهم”؛

      ارتكز القاضي في حكمه في جميع التهم على أقوال الشاهدِين، ورغم تناقض الشهادتين، ورغم دفع هيئة الدفاع ببطلان شهادة الشاهد الوحيد الثاني جملة وتفصيلاً، فإن القاضي “اطمئن لها” و”ارتاحت سكينته إليها”، بل واستشهد باقتباس من كتاب يعتبر عمدةً ومرجعاً في القانون وهو”الوسيط في شرح القانون المدني الجديد” للدكتورعبدالرزاق السنهوري، (المجلد الثاني، نظرية الالتزام بوجه عام: الإثبات – آثار الالتزام، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 1998، ط3، ص 312-315)، لتبرير الارتكاز على الشهادة السماعية في الحكم، وبالرجوع إلى المصدر ذاته وفي الصفحة ذاتها التي وردت في مسببات الحكم للقاضي، ص313، يتبادر سؤال بديهي لأي قانوني مبتدئ، وهو كيف أن هذه القضية تُنظر في القانون الجنائي، وفضيلة القاضي يستشهد بالشهادة السماعية في القانون المدني، والفرق بينهما كبير!. بيد أنه حتى في القانون المدني، وفي ذات المصدر، يشرح السنهوري الشهادة كالتالي: “الأصل في الشهادة أن تكون مباشرة، فيقول الشاهد ما وقع تحت بصره أو سمعه ولا تجوز الاستعانة بمفكرات مكتوبة إلا بإذن المحكمة وفي أضيق الأحوال” فضلاً عن الجزم في الأحكام الجزائية.

      كما أن “الشهادة السماعية هي شهادة من الدرجة الثانية وغالبا ما تكون دون الشهادة الأصلية أو المباشرة من حيث اقتناع القاضي بها”. ويستطرد السنهوري: “يجب على كل حال التحدي بعدم قبول الشهادة السماعية، إن كان لذلك وجه، أمام محكمة الموضوع، فلا يجوز التمسك بذلك أمام محكمة النقض لأول مرة. وقد قضت محكمة النقض بان الشهادة السماعية غير مقبولة رغم أخذ الحكم الابتدائي بها”. “أما الشهادة بالتسامع وهي شهادة بما تتسامعه الناس فهي غير مقبولة في المسائل المدنية، – فما بالك بالقضايا الجنائية- وحتى عندما يأخذها القاضي على سبيل الاستئناس باعتبارها قرينة بسيطة لا يؤخذ بها إلا في كثير من الحذر والاحتياط. وفي الفقه الإسلامي لا تقبل الشهادة بالتسامع إلا في مسائل معينة، عدوا منها خمساً هي: الشهادة بالنسب وبالموت وبالنكاح وبالدخول وبولاية القاضي، ثم أضافوا إليها خمساً هي: أصل الوقف وشرائطه والعتق والولاء والمهر”.

      لذلك من المهم التذكير في ختام هذه القراءة، أو التساؤلات السريعة، بمجموعة من المبادئ القانونية الراسخة والعامة جداً والتي استذكرها جيداً في مادة مدخل إلى علم القانون في السنة الاولى من الدراسة الجامعية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

      محظور على القاضي الجنائي أن يلجأ إلى الإثبات عن طريق الشهادة بالتسامع وذلك استناداً إلى المبادئ العامة للقانون.

      من القواعد المسلم بها أنه لا يجوز للقاضي أن يفصل في الدعوى ما لم يكن قد أشترك في جميع إجراءات تحقيقيها النهائي بنفسه وسمع الشهود فيها، فالأصل في الأحكام أن تبنى على التحقيقات النهائية التي تجريها المحكمة لدى نظرها للدعوى، فالقاضي يُكّون عقيدته من الإجراءات والمرافعات التي أمامه.

      وينبني على ذلك، أنه يجب في القضاة الذين يحكمون في الدعوى أن يكونوا قد حضروا جميع الجلسات التي استغرقتها تلك الدعوى وباشروا بأنفسهم جميع التحقيقات التي استلزمتها وسمعوا شهود الواقعة ودفاع الخصوم فيها، ويترتب على ذلك ايضا أنه يجب أن تكون هيئة المحكمة التي نطقت بالحكم هي ذاتها التي نظرت الدعوى وتداولت في الحكم الذي صدر فيها. والحكمة من ذلك واضحة إذ أنه من الجائز حتى اللحظة السابقة على النطق بالحكم أن يعدل القاضي عن رأيه الذي أبداه في المداولة القانونية. والقاضي الذي قرأ منطوق الحكم لم يمارس كل ذلك، بل كان القاضي الثالث، حيث استمع لمرافعة تكميلية لهيئة الدفاع وبعدها نطق بالحكم.

      إذا رأت المحكمة أن النص غير دستوري، وهو ما يتضح في التعديلات الأخيرة لقانون الإجراءات الجزائية وقانون الجزاء العمانيين والتي تكاد تكون فرغّت النصوص الدستورية من مضمونها، كما جاءت هذه التعديلات بعد الصلاحيات التشريعية والرقابية لمجلس عمان في مارس 2011 ولم تعرض على المجلس، أقول إذا كان النص غير دستوري وكان ذلك جلياً وجب تغليب حقوق الإنسان والقضاء بالبراءة .

      لا يجوز القياس في نصوص التجريم وإنما يجوز في غير نصوص التجريم في مجال الإباحة وبالتالي كان يجب الحكم بالبراءة إذا أقتضى القياس ذلك لأنه لا يجوز التوسع في تفسير نصوص القانون الجنائي، على نحو يضر بالمتهم، وتلك هي علة عدم الأخذ بطريقة القياس فيه.

      أي شك يجب أن يفسر لصالح المتهم، وهذه قاعدة شهيرة، ويقتضي ذلك الحكم بالبراءة لأن الأصل في الأفعال الإباحة، وكذلك الحال لو تعادلت أدلة الإدانة مع أدلة البراءة فيجب تغليب أدلة البراءة لأن الأصل في هو الإنسان البراءة.

      عدم توفر الركن المادي للجريمة وهو تحقق الفعل والنتيجة وعلاقة السببية.

      تخلف الركن المعنوي ( القصد الجنائي ) وهو وجود إرادة معتبرة قانونياً واتجاه هذه الإرادة إلى إتيان فعل مخالف للقانون فضلا عن القصد الخاص الذي يعد أشد خصوصية ويجب بيانه في الحكم.

      البراءة لتخلف الإرادة، من حيث أن الباعث والغاية ليستا من عناصر القصد الجنائي ولكنهما إذا كان نبيلين كانا موضع احترام القاضي وهو يمارس سلطته التقديرية في توقيع العقوبة تماما كما أن الباعث السيئ أو الغاية السيئة يحفزان القاضي إلى تشديد العقوبة. والعنصر الجوهري للقصد الجنائي هو الإرادة المتجهة يقينياً إلى الاعتداء على الحق الذي يحميه القانون، وإذا تخلف القصد المباشر وجب الحكم بالبراءة .

      حكم الإدانة في القضايا الجنائية لا بد أن يكون بناء على دليل يقيني ضد المتهم، واليقين القضائي يعني ارتياح ضمير القاضي واطمئنان نفسه إلى أن المتهم قد أرتكب الجريمة ويكون ذلك الاطمئنان على سبيل الجزم والقطع، وفقا للأدلة وليس للعلم الشخصي، ووفقا لمقتضيات العقل والمنطق، والأساس القانوني لتطلب اليقين القضائي يجد أساسه في النص الدستوري (“المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه”). وهذا النص إنما هو تقنيني للمبدأ الذي يقضي أن الأصل في الإنسان البراءة حتى تثبت إدانته.

      ومقتضى ذلك أنه إذا وجدت ذرة من شك في ثبوت التهمة في حق المتهم وجب إعمال مبدأ “الأصل هو البراءة” وترتب على هذا الشك أثره وأصبح دليلا إيجابياً يدعم الأصل وهو البراءة ومن ثم يصلح هذا للحكم بها.

      إن ما سبق من نقاط وتساؤلات لا يخرج عن ممارسة حق جميع الأفراد في المجتمع في التعبير عن رأيهم في قضية شغلت الرأي العام العماني لمدة ثلاثة أشهر متواصلة، وهي ما زالت في جولتها الأولى،الابتدائية، وستستمر في أن تكون في دائرة الاهتمام الوطني الذي يشغل الناس في جولتيها القادمتين، استنفاراً لما قد يحدث في المحكمتين الاستئنافية والعليا، الأمر الذي سيعود بالنفع الكبير على جميع الأطراف ذات العلاقة في هذه القضية.

      وفي هذا السياق فإن ما نتمناه باعتبارنا مواطنين عمانيين هو أن نستخلص فوائد حقيقية تعزز من حقوق وواجبات المواطنة في هذا الوطن العزيز، الذي رفع شعار دولة المؤسسات والقانون خدمةً له ولأجياله ورفعة من شأنه. يحمي الإنسان ويرعى حرياته لكي يعيش بعزة وكرامة وعدالة.
      مدونتي الجديدة المستوحاة من غذاء العماني ماضيا وحاضرا tumoor.org/
    • حكم التجمهر في المرآة

      للكاتب ناصر بن صالح الغيلاني


      ما كنت أؤثر أن أكتب يوماَ قراءة نقدية تحليلية لنص حكم قضائي أصدره قاضي في محكمة، فالنصوص الأدبية والإبداعية هي المجال الأرحب والأمتع للقراءت النقدية، ولو كان لي أن أكتب عن نص حكم قضائي لفضلت الكتابة عن نص الحكم الذي أصدرته محكمة يونانية في عام 339 قبل الميلاد بإعدام الفيلسوف سقراط بتهمة تخريب عقول الشباب وتحدي آلهة المدينة وقوانينها، حيث ترافع سقراط يومها عن نفسه أمام 500 من المواطنين والقضاة والمحلفين، ولازالت مرافعاته أمام المحكمة أحد النصوص الخالدة في تاريخ الفلسفة. وما يحفز على الكتابة عن محاكمة الفيلسوف سقراط هو الخبر الذي تناقلته وكالات الأنباء عن قيام اليونانيون في منتصف العام الحالي 2012م، بالرغم من الأزمة الإقتصادية الطاحنة، بإعادة محاكمة الفيلسوف سقراط، أي بعد مرور حوالي 2350 سنة، حيث أقيمت محاكمة برئاسة قاضية من نيويورك ومشاركة عشرة قضاة دوليين وهيئة محلفين ومحامين وبحضور جمهور غفير في قاعة المحكمة.
      وقد تم خلال المحاكمة توجيه التهم من جديد إلى سقراط، لكنه لم يترافع هذه المرة عن نفسه، بل مثله محامين ترافعوا للدفاع عن مواقفه باعتبارها حق من حقوقه كمواطن في حرية الرأي والتعبير، وناشدوا عدالة المحكمة تبرئة موكلهم من التهم المنسوبة إليه، وبعد مداولات وجدالات فقهية وقانونية عاصفة أصدرت المحكمة اليونانية في هذا العام 2012م حكماً يقضي ببراءة الفيلسوف سقراط من جميع التهم، وهكذا انتصرت العدالة أخيراً ولو بعد أكثر من ألفين سنة! ولكنني بدلاً من الكتابة عن محاكمة سقراط وبراءته التي حصل عليها أخيراً أجدني أكتب عن نص الحكم الذي أصدره القاضي يوسف بن سالم الفليتي في قضية التجمهر يوم الأحد 8/8/2012م.
      هنالك ثلاثة أسباب تضافرت معاً لتكون حافزاً لهذه القراءة النقدية، فأولهما أن هذا الحكم الذي أصدره القاضي يوسف بن سالم الفليتي تم في قضية رأي عام، وهو يمس الحريات العامة، ويدين الحراك السلمي المدني في وطننا، وهو بهذا يمثل سابقة خطيرة جداً ينبغي تحليلها نقدياً، وثانياً لأن هذا الحكم يدينني ويحكم عليَّ مع عشرة من أصدقاء وزملاء بالسجن لمدة عام كامل، لا لشيء إلا بسبب وقفة سلمية في مكان عام للمطالبة بتطبيق الدستور والقوانين! وهو ما جعلني ملزماً بالضرورة بأن أعيد قراءة نص تسبيب الحكم مرات عديدة كي أفهم وأستوعب التهمة وحكم الإدانة! ولأنني شغوف بالتحليل والنقد الأدبي، وهذا هو السبب الثالث، وجدتني أطبق أدوات وأساليب التحليل النقدي على نص تسبيب الحكم، وذلك في محاولة لسبر أغواره، وكشف حججه وبراهينه، والحفر معرفياً في طبقاته لمعرفة الأسس التي انبنى عليها، وهكذا أخذت هذه القراءة النقدية في التشكل والتبلور، ومعها أخذت تتبدى أبعاد ودلالات جديدة كانت كامنة في نص هذا الحكم القضائي!
      قد يحتج محتج بالقول بأن التحليل والنقد الأدبي مجاله النصوص الأدبية والفنية، وأن الأحكام القضائية ينبغي أن تترك للمحامين وفقهاء القانون، بيد أن هذا القول مردود عليه، فالحكم القضائي هو نص مكتوب له بنية لغوية وأسلوبية، ومضامين وحقائق يمكن تحليلها وتفكيكها، وبالتالي عدم الاكتفاء بظاهر النص الذي تقنع به القراءة العابرة، بل الكشف عن المسكوت عنه في الخطاب، وعن ما يتكتم عليه النص ويريد إخفاء لا ما يعلنه ويؤكد عليه فقط، فالمسكوت عنه في أي نص أو خطاب أهم أحياناً من الظاهر، والمضمر أكثر تبياناً للحقيقة من المعلن، كما تؤكد مناهج النقد! كما أن منهج التحليل العقلي والاستنتاج المنطقي هو منهج يمكن تطبيقه في أي مجال، ولهذا قيل إن الفلسفة هي أم العلوم، بمعنى أن منهجها الفلسفي التحليلي قابل للتطبيق في أيما مجال. فإذا سأصطحب معي منهج التحليل النقدي لاستكشاف بنية نص تسبيب الحكم القضائي في قضية التجمهر، ومحاورة بناءاته القانونية والمنطقية والاستدلالية، واختبار مدى اتساق مقدماته مع نتائجه، ومدى توافقاته أو تناقضاته مع النصوص القانونية التي يستند عليها في الحكم، وإلى أي مدى تجد اشاراته واتهاماته ما يعضدها ويثبت صحتها من الأدلة والبراهين التي يسوقها لتأكيد الحكم، متوخياً في ذلك الموضوعية قدر الإمكان، ومحاولاً أن أوجد لأي تحليل أو استنتاج أخلص إليه ما يؤازه ويثبت صحته مما هو موثق في نص تسبيب الحكم الموجود على هذا الرابط في “مدونة مواطن عماني” لمن أرد الإطلاع والمقارنة:
      docs.google.com/file/d/0BwZ-Oi…HFpUGhGa2VXcWs/edit?pli=1
      تنويه ضروري
      علينا التذكير هنا بحقيقة موضوعية وهي أن القاضي يوسف بن سالم الفليتي هو القاضي الثالث الذي تولى هذه القضية في المحكمة الإبتدائية بعد أن تناوب عليها قبله قاضيان، وهما اللذان استمعا إلى مرافعات الإدعاء العام الأولى التي وجه فيها تهمتين إلى 11 متهم تم اعتقالهم بتاريخ 11/6/2012م، إثر وقفة سلمية شارك فيها 27 مواطناً ومواطنة في حي القرم بمسقط على رصيف لمواقف سيارات يبعد أكثر عن 200 متر عن الشارع العام، ومواجه لمبنى القسم الخاص للشرطة الذي كان قد قام باعتقالات لعدد من المواطنين لأسباب لم تكن معروفة حينها، وقد جاءت هذه الوقفة السلمية بعد أن استنفد أهالي المعتقلين كل الطرق لمعرفة مصير أبنائهم المعتقلين دون أي رد أو تفسير من السلطات لأسباب اعتقالهم، مع حرمان هؤلاء المعتقلين من حقهم في الإتصال بأهاليهم أو توكيل محاميين، ولهذا جاءت تلك الوقفة السلمية كاحتجاج على تلك الإجراءات التعسفية المخالفة للقوانين، وللمطالبة بمنح أؤلئك المواطنين الذين تم اعتقالهم حقوقهم الإنسانية والدستورية في الاتصال بأهاليهم وتمكينهم من توكيل محامين للدفاع عنهم، وحث السلطات على تقديم تفسير واضح لأسباب اعتقالهم واحتجازهم في السجن. وقد أفرج الإدعاء العام عن 16 مواطن ومواطنة من الذين شاركوا في تلك الوقفة السلمية بعد أيام من الاعتقال، وتم منحهم البراءة بعد توقيع تعهد بعدم تكرار المشاركة في مثل هذه التجمعات، في حين أبقى الإدعاء العام على 11 متهم ووجه لهم تهمتين وهما:

      التجمهر بقصد عرقلة حركة السير.
      التجمهر بقصد الإخلال بالنظام العام.
      إن القاضي الثالث يوسف بن سالم الفليتي(وهذه حقيقة موضوعية نذّكر بها) قد فاتته جميع المداولات التي تمت على مدى أربع جلسات في المحكمة مع القاضيين السابقين عليه، وبالتالي فقد أصدر حكمه دون أن يستمع إلى مرافعات الإدعاء العام الأولى وردوده ومداخلاته، ولم يستمع إلى أقوال المتهمين وحججهم وردودهم، ولم يستمع إلى أقوال شهود الإثبات، ولم يستمع إلى مرافعة المحامين الأولى واستجوابهم لشاهدي الإثبات في جلستين مختلفتين، كما لم يستمع إلى شهود النفي الذين شهدوا لصالح براءة المتهمين، أي أن القاضي الثالث اعتمد بالدرجة الأولى في إصدار حكمه على ما قرأه في محاضر الجلسات التي دونها ووثقها القاضيان السابقان عليه، وهذا يعني بالضرورة أنه قد فاتته الكثير من التفاصيل، فليس من سمع أو قرأ كمن عاش وعايش وخبر واستوثق من حقائق الأشياء بنفسه، فاستماع القاضي إلى أقوال المتهمين والشهود بنفسه مباشرة يتيح له الإطلاع على أحوالهم النفسية والمعنوية، ومعرفة تماسك حججهم وبراهينهم أو تناقضاتها، وقد يتاح له أن يسأل أسئلة يستوضح منها جوانب خفية في القضية قد تحول مسارها بالكامل من الإدانة إلى البراءة أو العكس، فالأساس في الحكم الجزائي هو قناعة القاضي التي تبنى على كثير من المعطيات أمامه. لهذا فإن ضرورات تحري العدالة والدقة في إصدار الحكم كانت تقتضي أن يطلب القاضي الثالث إعادت المرافعات من جديد، وأن يستمع بنفسه إلى أقوال المتهمين والشهود، ويواجههم بأسئلته واستفساراته، خاصة وأن حكم الإدانة اعتمد، كما تبين لاحقاً على شهادة شاهدين بدون أي دليل يثبت وقوع الجريمة أو القصد الجنائي للمتهمين! ولكن القاضي الثالث لم يطلب إعادة المرافعات والاستماع إلى الشهود، بل اكتفى بقراءة ما هو مكتوب في محاضر الجلسات السابقة، وبنى على أساسها قناعته وحكمه، وهذا ما أدى – في تصورنا- إلى وجود ثغرات وتناقضات عديدة بين التهم التي وجهها الإدعاء العام، وأقوال شهود الإثبات، وبين ما انتهى إليه القاضي في حكمه الأخير بالإدانة!
      تناقضات
      جاء نص الحكم الذي أصدره القاضي يوسف الفليتي في التهمة الأولى المتعلقة بـ”الإخلال بالنظام العام” كالتالي:
      ” أولاً: إدانة جميع المتهمين من الأول وحتى الحادي عشر بجنحة التجمهر بقصد إحداث شغب وقضت بمعاقبتهم بالسجن لمدة ستة أشهر ..” أنظر ص24(نص الحكم)
      وواضح هنا أن القاضي قد أصدر حكمه هذا بموجب المادة قانونية رقم 137 في قانون الجزاء العماني الصادر بموجب مرسوم سلطاني رقم 7/74 والتي كان عنوانها “في تجمعات الشغب”، والتي كانت تنص على المعاقبة بالسجن لـ ” كل من اشترك في مكان عام بتجمهر خاص مؤلف من عشرة أشخاص على الأقل بقصد الشغب أو الإخلال بالأمن العام. إذا بقى متجمهراً بعد أن صدر أمر من أحد رجال الشرطة بالتفرق والانصراف” ولكن ما فات القاضي الانتباه له هو أن هذه المادة القانونية تحديداً رقم (137) من قانون الجزاء قد تم إلغاؤها بموجب المرسوم السلطاني 2011/96 واستبدالها بالمادة الجديدة رقم (137) وهي كالتالي:
      ” يعاقب بالسجن من شهر إلى سنة، وبغرامة لا تتجاوز مائتي ريال، كل من اشترك في تجمهر مؤلف من عشرة أشخاص على الأقل، بقصد الإخلال بالنظام العام”.
      وواضح أنه في نص المادة القانونية الجديدة لا يوجد أي ذكر أبداً لـ”إحداث شغب” التي وردت في نص حكم القاضي يوسف الفليتي في قضية التجمهر. وما يثير الاستغراب أكثر هو أن هذا التوصيف “بقصد إحداث شغب” لم يرد أبداً ذكره لا في قرار الإتهام ولا في مرافعات الإدعاء العام ولا في شهادة شاهدي الإثبات من رجال الشرطة، فجميعهم لم ينطقوا بكلمة “شغب”، فمن أين يا ترى جاء القاضي يوسف الفليتي بهذه التهمة الجديدة “التجمهر بقصد إحداث شغب” إذا كانت لا توجد في القانون، ولم ينطق بها أو حتى يشير أو يؤمي لها أي أحد لا من الإدعاء العام أو ضابطي الشرطة الشاهدين الذين كانا في الميدان؟!
      إذا تغاضينا عن هذا واعتبرناه خطأ أو سهو وقع فيه القاضي، أو ربما لم يكن لديه علم بالمرسوم السلطاني رقم 96/2011 الذي ألغى نص المادة القانونية رقم 137 من قانون الجزاء التي كانت خاصة ب”تجمعات الشغب” واستبدلها بمادة قانونية جديدة بنفس الرقم تتعلق بـ”الإخلال بالنظام العام” إذا تجاوزنا عن هذا فكيف يمكن تفسير التناقضات العديدة في التهمة الثانية، والتي جاءت كالتالي في نص تسبيب الحكم:
      “ثانياً: إدانة جميع المتهمين من الأول وحتى الحادي عشر بجنحة تعطيل حركة المرور وقضت بمعاقبتهم بالسجن لمدة سنة”.
      ما يثير الاستغراب في نص حكم الإدانة الثاني بـ”تعطيل حركة المرور” هو أن التهمة الموجهة أصلاً من الإدعاء العام هي “التجمهر بقصد عرقلة حركة السير” ولم ترد أبداً أية إشارة أبداً إلى “تعطيل حركة المرور” لا في مرافعات الإدعاء العام ولا في مذكراته الإتهامية، بل إن الإدعاء العام أنكر إنكاراً تاماً في الجلسة أمام القاضي الثاني بتاريخ 22/7/2012 أنه وجه تهمة “تعطيل حركة المرور” وقال إن التهمة التي وجهها واضحة ومدونة بأنها:”التجمهر بقصد عرقلة حركة السير”، أي أن الإدعاء العام، وهو جهة الإتهام، لايساير المحكمة فيما انتهت إليه من إدانة بتعطيل حركة المرور، مما يعني أن حكم القاضي كان مبالغة فاقت التهمة الموجهة أصلاً من سلطة الإتهام وهي “عرقلة حركة السير”.
      إن “تعطيل حركة المرور” تعني: إيقاف حركة المرور إيقافاً تاماً ومنع عبور أي مركبة على الطريق. في حين أننا حين نسترجع كل مذكرات الإدعاء العام ومرافعاته لا نجد أي ذكر لـ “تعطيل حركة المرور” كما أنه لم يرد لها أي ذكر في أقوال شاهدي الإثبات من الشرطة اللذين كانا في موقع الحدث، وكانا هما الأولى أن يشيرا إلى “تعطيل الطريق” لو كان ذلك قد حدث فعلاً. وبلا شك هنالك فرق كبير في المعنى بين عرقلة حركة السير وبين تعطيل حركة المرور بالكامل!
      حين نراجع أقول شاهدي الإثبات عن حالة الطريق عند الإعتقال، حسب ما وثقه نص تسبيب الحكم الذي أصدره القاضي، نجد أنها كانت كالتالي:
      أولاً. المقدم/ أحمد الرواس (ص8 نص تسبيب الحكم)
      - “وبدأت حركة المرور بالتباطؤ لأن المداخل ضيقة وبدأ ازدحام مروري”.
      - “وبسؤال الشاهد عن تعطيل حركة المرور من قبل المتهمين أفاد بأنه حدث تباطؤ في حركة السير بسبب مشاهدة المتجمهرين”.
      ثانياً. المقدم/ عبدالله أحمد باصديق (ص8، ص9 نص تسبيب الحكم)
      - “وجودهم يثير الآخرين ويسبب ضغط مروري”
      -”وكانت الحركة المرورية في اليوم الأخير مزدحمة جداً”
      - “التجمهر يشكل إزعاج خاصة كان هنالك تواجد جاليات والمنطقة حيوية”
      - “وجه الإخلال بالنظام العام هو تجمهر الناس والزحمة المرورية غير المألوفة بسبب التجمهر”
      –”وبسؤال الشاهد: بصفتك القائد الميداني هل طلبت من أحد الضباط تسهيل حركة المرور؟ أجاب نعم طلبت من أحد الأفراد تسهيل حركة المرور”.
      - “وبجوابه على سؤال آخر في أي شارع بالتحديد؟ أجاب: شارع السلطان قابوس جسر القرم مقابل القيادة من دوار القرم إلى سيح المالح كان هنالك شبه تباطؤ أما أمام القيادة العامة فهناك بطئ شديد”.
      ثالثاً. توصيفات القاضي واستنتاجاته الخاصة عن الحالة المرورية اعتماداً على شهادة الشاهدين، حسب ما ورد في نص تسبيب الحكم:
      - “المحكمة اطمأنت لتلكما الشهادتين واستراح لها وجدانها والتي أكدت تزايد عدد المتجمهرين يوماً بعد يوم مما أدى إلى وقوع ربكة أمنية”.(ص14(
      - “والذي نتج عنه إزدحام في الطرقات وازعاجاً للمارة” (ص15)
      - “مما أدى إلى نشوء ربكة أمنية” ص16
      - “مما لاشك فيه من أن المارة يثار لدى حافظتها تلاوة ما هو مكتوب في اللوائح مما ينتج عنه حتماً التباطؤ في حركة المرور)” ص16)
      - “ومما لاشك فيه لدى المحكمة وجود تباطؤ في حركة السير بسبب تلاوة المارة بالطريق للعبارات التي دونها المتجمهرون في اللوائح التي قاموا برفعها وتوجيهها تجاه الطريق” (ص17).
      - “وكذلك تزايد المتجمهرين في اليوم الثالث في موقع الحدث وهو ما يؤدي إلى نتيجة حتمية وهي إزدحام حركة المرور وتباطؤها”. (ص17)
      - “وحصل الإخلال بالنظام العام من خلال تزايد عدد المتجمهرين في اليوم الثالث والتباطؤ في حركة السير” ( ص20)
      - وأخيراً انتهى القاضي في خلاصة استنتاجه النهائي بأن الذي حدث هو: “تعطيل حركة المرور” ص24
      يبدو واضحاً إذاً عدم دقة توصيف الحالة المرورية من قبل الشهود والقاضي، بل إن بعض توصيفات الحالة المرورية متناقضة مع بعضها البعض، وأحياناً هنالك تناقض بين التوصيفات المختلفة التي ذكرها القاضي بنفسه للحالة المرورية ومن بينها “التباطؤ في حركة المرور” و” ازدحام الحركة المرورية” وبين ما انتهى إليه من حكم نهائي بأنها كانت “تعطيل حركة المرور”. كما نلاحظ أن القاضي يأتي بتوصيفات لم ترد أبداً في أقول الشهود أو الإدعاء العام مثل:”ربكة أمنية”! ص14، ص16 (نص تسبيب الحكم).
      ورغم أن أي من الشاهدين لم يذكر أبداً أنه حدث “تعطيل حركة المرور” نلاحظ أن القاضي الأول يسأل الشاهد الأول المقدم أحمد الرواس بشكل واضح وصريح (كما ذكر نص الحكم وتمت الإشارة له أعلاه) إن كان قد حدث تعطيل لحركة المرور؟ فكانت إجابته هي: لا، وأشار فقط بأنه:” حدث تباطؤ في حركة السير”! (ص9 نص تسبيب الحكم).
      كما أن القاضي الثاني كان قد وجه هذا السؤال للشاهد الثاني المقدم عبدالله باصديق:
      -”وبسؤال الشاهد هل هناك ضرر آخر غير تعطيل حركة المرور؟ أجاب الشاهد التجمهر يشكل إزعاج خاصة كان هنالك تواجد جاليات والمنطقة حيوية “(ص9 نص تسبيب الحكم). ورغم أن طريقة صياغة هذا السؤال كانت توجه الشاهد نحو اتجاه محدد إلا أن الشاهد مع ذلك لم يجب بتأكيد ما جاء على لسان القاضي من أنه حدث “تعطيل حركة المرور” بل كان كل ما أشار إليه في اجابته هو أن “التجمهر يشكل إزعاج..”!
      وما يثير الاستغراب هو أننا إذا قارنا كل ما ذكره شهود الإثبات والقاضي بنص المادة 137 مكرر من قانون الجزاء العماني تتكشف لنا مفارقة أخرى كبيرة. فماذا يقول نص المادة القانونية التي اعتمد عليها القاضي في قراره بالإدانة؟
      المادة 137 مكررا في التجمهر:
      “يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات كل من أقدم قصداً بأية وسيلة كانت على سد الطرقات العامة بما يؤدي إلى منع عبورها أو عدم سهولة السير عليها..”.
      واضح هنا أن هذه المادة القانونية لا تشير ابتداء إلى “تعطيل الطريق” كنتيجة للفعل، بل هي تتحدث عن الفعل ذاته وهو “سد الطريق”. كما أنها تتحدث عن “وسيلة” يتم بواسطتها “سد الطريق”، أي أداة للجريمة، كما أنها تؤكد على ضرورة وجود “قصد” أو نية متعمدة للجاني لسد الطريق، فقد يحدث مثلاً “سد الطريق” بشكل لا إرادي كأن تتعطل سيارة أحدهم في وسط الطريق، أو يقع حادث مروري يؤدي إلى سد الطريق ومنع العبور من خلاله، وهذه لا تعتبرها المادة القانونية أعلاه جريمة “سد طريق” لأن القصد الجنائي المتعمد غير موجود.
      ما الذي يعنيه تحديداً “سد الطريق”؟
      إذا رجعنا إلى قواميس اللغة سنجد أن: سدَّ الشَّيءَ أغلقه. ويقال سدَّ البابَ أي أغلقه. وسدَّ الشارعَ بمتاريس. وسدَّ القارورةَ: وضع عليها السِّداد. وسار في طريق مسدود : سلك سلوكًا لا يوصِّل إلى المطلوب. وسُدَّت في وجهه الأبواب: لم يستطع عمل شيء وفشِل في بلوغ غرضه. وسدَّ عليه الطريقَ: وضع العراقيلَ أمامه ومنعه من بلوغ أهدافه. وسدَّ القناةَ : أقام عليها سدَّاً.
      واضح إذاً أن فعل “سد الطريق” يعني إغلاق الطريق بالكامل. وهذا الإغلاق لابد أن يتم بوسيلة جرمية(كما تشير المادة القانونية)، كأن يقف الجناة في وسط الطريق ليسدوه بأجسادهم، أو يضعوا في وسط الطريق أحجاراً كبيرة أو جذوع أشجار أو أية وسيلة أو أداة يقصد بها الجانون سد الطريق وإغلاقه بالكامل. وكبدهية منطقية عقلية لا يمكن أبداً أن يحدث سد شيء ما وإغلاقه بدون أداة أو وسيلة للسد والإغلاق، أي أن “سد الطريق” يستحيل أن يتم بدون الوقوف في منتصف الطريق أو وضع شيء في وسط الطريق بحيث يغلقه بالكامل، أي أن “سد الطريق” يقتضي أن تكون هنالك أداة جرمية يضعها الجناة تحديداً في منتصف الطريق بحيث تسد مجراه، وتمنع العبور من خلاله، وهو ما لم يحدث أبداً بإجماع الجميع سواء المتهمين أو الإدعاء العام أو المحامين أو الشهود أو القضاة الثلاثة، فجميعهم ينفون نفياً تاماً وقاطعاً أن يكون أحد من المتهمين وقف في منتصف الشارع العام ليسد الطريق على السيارات العابرة، أو أن أي منهم وضع شيئاً في منتصف الطريق ليسده ويغلقه ويعطل حركة المرور!
      بإنزال النص القانوني على واقعة الدعوى نجد أنه يتبين لنا بوضوح التالي:

      أن المتجمهرين كانوا واقفين في رصيف مواقف واسعة وفسيحة للسيارات، وهي تبعد عن الشارع العام مسافة تزيد عن 200 متر(وهنالك الكثير من الصور الفتوغرافية التي تدل على ذلك(
      لم يذكر الإدعاء العام أو الشهود أن أي من المتهمين وقف في منتصف الشارع العام ليسد الطريق على السيارات العابرة.
      لم يذكر الإدعاء أو الشهود أن هنالك أية أداة جرمية قام المتهمون بوضعها في منتصف الطريق العام وأدت إلى سده وإغلاقه.
      لم يستطع الإدعاء العام أو الشهود أن يأتوا بدليل مادي يثبت وقوع جريمة “سد الطريق” أو “الإخلال بالنظام العام”.
      لم يستطيع الإدعاء العام أو الشهود أن يدللوا ببرهان يقيني جازم يثبت أن قصد المتجمهرين ونيتهم المتعمدة كانت هي “سد الطريق” و”الإخلال بالنظام العام”.
      إن نص تسبيب حكم التجمهر للقاضي يوسف بن سالم الفليتي يتبدى في مرآة التحليل النقدي حافلاً بالمفارقات والتناقضات العجيبة، فهو بقدر ما يسوق الشواهد والحجج لإثبات التهم يلحق بها في ذات الوقت ما يعارضها وينقضها وينفيها، وكأننا في ساحة معركة تتصارع فيها النقائض والأضداد، فما تؤكده واقعة ما سرعان ما تنفيه واقعة أخرى، وما تبرهن عليه شواهد معينة ما يلبث أن تشكك فيه شواهد أخرى مذكورة في ذات النص، وما تثبته حجة ما سرعان ما تنهض في وجهها حجة أخرى تنقض أسسها وأسانيدها، وهو ما يجعل النص يعاني من حالة تفكك وعدم اتساق بين مقدماته واستنتاجاته وخلاصاته النهائية، فما ينتهي إليه من استنتاجات ليس له علاقة بالمقدمات التي ذكرها في البداية، وما يصدره من أحكام مفارق تماماً للتهم الأصلية الموجهة من الإدعاء العام، ومفارق أيضاً لما ورد على لسان شهود الإثبات، إضافة إلى عدم اتساقه الواضح مع نص المادة 137 والمادة 137 مكرر في قانون الجزاء العماني، والتي انبنت عليها أحكامه بالإدانة!
      مدونتي الجديدة المستوحاة من غذاء العماني ماضيا وحاضرا tumoor.org/
    • [HR][/HR]منطق اللامنطق في حكم التجمهر

      كُتبت بتاريخ 03 نوفمبر 2012 في قسم الحادي والثلاثون, سياسة , عدد القراء: 114
      عن الكاتب: ناصر صالح



      تثير النبرة الواثقة المطمئنة في قناعتها وإيمانها الشديد بحكم الإدانة في قضية التجمهر الأسئلة حول مصدر هذه القناعة الشديدة، ومبعث هذا الإيمان الراسخ، خاصة وأن القناعة والإيمان الشديد لا يمكن اكتسابهما إلا بالخبرة والمعايشة، في حين أن القاضي يوسف بن سالم الفليتي بني قناعته وإيمانه الجازم بثوت الجرم بناءً فقط على قراءته للمحاضر التي دونها ووثقها القاضيان السابقان عليه، ولم يُتَح له أن يعايش ويخبر ما شهدته قاعات المحكمة من إفادات المتهمين ودفاعاتهم ولا دفوع المحامين ولا أقوال شهود الإثبات والنفي ولا حتى مرافعات الإدعاء العام، وما صاحب جلسات قاعة المحكمة من مساجلات حافلة بالكثير من الحجج الوجيهة، وهي الأحداث التي عايشها القاضيان السابقان عليه ومع ذلك لم يصلا إلى كل هذا الإطمئنان والقناعة والإيمان الذي يستمده القاضي الثالث من المحاضر التي سجلاها!

      ويحفل نص تسبيب الحكم في قضية التجمهر بالكثير من الجمل والعبارات الإيمانية مثل:”فإن المحكمة وفقاً لما استراح لها وجدانها وأستقرت لها عقيدتها فأن واقعتي التجمهر المؤثمة بنص المادة 137 من قانون الجزاء وتعطيل حركة المرور وإعاقتها المؤثمة بنص المادة 137مكرر من ذات القانون ثابتين ثبوتاً كافياً في حق جميع المتهمين من خلال توفر أركان الجريمة وذلك من خلال ما ورد بمحضر التحري المرفق بملف الدعوى” ص 13 وأيضاً :” الأمر الذي تطمئن إليه المحكمة ويطمأن إليه وجدانها” ص20، كما يشير نص الحكم إلى أن ما ساقه المحامين من أسباب لعدم صحة الإتهام بسبب عدم وجود دليل ومطالبتهم ببراءة المتهمين “لاتجدها المحكمة ذات أثر فيما انتهت إليه من قناعة وجدانية وما كونته من عقيدة” ص22 وكذلك أيضاً “فإنه لا ينال مما كونته المحكمة من عقيدة وما توصلت إليه من قناعة وجدانية بشأن إدانة المتهمين” ص23.

      ولعل في استخدام عبارة “قناعة وجدانية” في نص تسبيب الحكم القضائي ما يثير الدهشة والاستغراب، إذ أن قناعات المحكمة تبنى على اليقين العقلي البرهاني المدعم بالأدلة المادية الواضحة التي لاتقبل الشك أو الدحض، أما القناعات الوجدانية العاطفية فقد تُقبل من المتصوفة الذين يكتسبون قناعاتهم وإيمانياتهم الراسخة من خلال ما يسمونه بـ”الكشوفات” أو “الفتوحات الربانية”، والتي تجعل المتصوف أو الولي الصالح واثقاً برؤياه، مؤمناً بقناعته الوجدانية، في حين أن القناعة التي يتم تكوينها في المحكمة يجب أن تكون قائمة على اليقين العقلي المستند إلى أسباب واضحة، وأدلة مادية ثابتة، وبراهين قاطعة، وهو ما يستدعي مراجعة البدهيات القانونية، والأسس المنطقية، والشواهد الموضوعية التي انبنى عليها نص تسبيب الحكم في قضية التجمهر، وتحليل المنهج العقلي الذي تم اتباعه في العرض والتدليل والاستنتاج، وبالتالي معرفة مدى متانة الأسس التي تقوم عليها قناعة المحكمة الوجدانية بثبوت الجريمة، ومدى يقينية الحجج المادية والمنطقية التي ساقت بها التهمة نحو الحكم بالإدانة.
      يمكن الإطلاع على نص تسبيب الحكم في مدونة مواطن عماني على الرابط التالي:

      https://docs.google.com/file/d/0BwZ-...VXcWs/edit?pli

      وربما تنبغي الإشارة هنا، ولو بشكل عاجل، إلى ما حفل به نص تسبيب الحكم من أخطاء إملائية ولغوية جسيمة، ومن بعض الركاكة في صياغة الجمل والعبارات، فالتسامح مع هذه الأخطاء قد يكون مقبولاً في بقية المهن، أما في مهنة القضاء فإن اتقان اللغة ضروري، فعمل القاضي يقوم على قراءة وتحليل ما يقرأه ويسمعه من كلام المتهمين والشهود والمحامين ومن الأدلة المكتوبة المتوافرة لديه، كما أنه يبني حججه ويسبب أحكامه باللغة، وهو ما يقتضي ضرورة الفهم الدقيق لمعاني الكلمات والعبارات، فاللغة هي أداة العمل في مهنة القضاء مثلما أن عُدَّة الجراحة هي أداة عمل الطبيب الجراح، وكما يجب على الطبيب أن يتقن استخدام أدواته الجراحية حتى لا يؤذي صحة المرضى، كذلك على القاضي أن يتقن استخدام اللغة حتى يضمن سلامة وصحة أحكامه على المتهمين، فاستخدام اللغة هو تمظهر للعقل وتجسد للمنطق.

      القرائن والأدلة!
      يؤكد نص تسبيب الحكم في قضية التجمهر ص13 على أنه “يشترط لتحقق الجريمة وقيامها، وللوصول إلى إدانة المتهم والحكم عليه بالعقوبة المقررة، توفر الركن المادي المتمثل في إتيان فعل مجرم أو الامتناع عن فعل واجب بالإضافة إلى توفر الركن المعنوي المتمثل في القصد الجنائي بشقيه العلم والإرادة.” ورغم هذا التأكيد على هذه الحقيقية البدهية إلا أنه يتم إغفالها عند التطبيق، فرغم كل الصفحات الحافلة بسرد تفاصيل الأحداث والوقائع إلا أنه لم تتم الإشارة لأي دليل مادي يثبت وقوع الفعل المُجَرَّم وهو “الإخلال بالنظام العام” أو التهمة الثانية وهي “تعطيل حركة المرور” كما أنه لم يتم ذكر أي دليل مادي يثبت وجود القصد الجنائي بشقيه العلم والإرادة لدى المتهمين، إضافة إلى أنه لم يتم تقديم أي دليل أو حتى شبه قرينة تثبت وجود علاقة سببية بين فعل التجمهر وبين الجريمتين المزعومتين، وهو بالفعل ما أكدته دفوع المحامين حين أشارت بوضوح إلى أن “العلاقة السببية منعدمة جملة وتفصيلاً” (أنظر المذكرة التكميلية للمحامين ص10)، وبالتالي فإن كل ما اعتمد عليه القاضي في حكم الإدانة هو شهادة شاهدين ثبت وجود تناقضات بينهما في الأقوال، ولكن نص الحكم يؤكد أن:”المحكمة استنتجت الحقيقة ولاترى ما يعيب استنتاجها من اختلاف رواية الشاهد مع الشاهد الآخر في بعض تفاصيلها..”! ص16

      إحدى الأدلة التي يسوقها نص الحكم لإثبات تهمة الإخلال بالنظام العام هي أن اللوحات التي رفعها المتهمون تحمل مضامين تحريضية حيث يقول” إن المحكمة ولما لها من سلطة تقديرية فأنها ترى أن بعض العبارات التي رفعها المتهمون تعتبر تحريضية وأن المحكمة لاتراها طريقة مقبولة إذ أنها احتوت على عبارات تحريضية وأحدثت خللاً بالنظام العام وقامت على خلق الفوضى وشد أنظار الآخرين بمختلف شرائحهم” ص13، وبطبيعة الحال لا يقدم نص الحكم أي تفسير للكيفية التي أحدثت بها هذه العبارات الخلل بالنظام العام وخلقت الفوضى وشدت الأنظار، كما لايقدم دليلاً يثبت أن هذا الخلل والفوضى الذي أحدثته مضامين اللوحات قد وقع فعلاً، خاصة وأن الشاهدين اللذين يعتمد عليهما كلياً قرار الإدانة لم يشيرا أبداً إلى مضامين اللوحات، فمن أين أتى القاضي بهذا الاستنتاج؟! ومن جهة أخرى نجد أن نص الحكم ذاته يذكر أن المتهم الأول كان يحمل لافتة كتب عليها نص المادة 17 من النظام الأساسي، والمتهم الرابع كان يحمل لافتة مكتوب عليها نص المادة 24 من النظام الأساسي للدولة، وكذلك المتهم الخامس(أنظر ص6،7)، فإذا كان الإخلال بالنظام العام يعتمد على مضمون اللوحات فأين مكمن التحريض في نصوص النظام الأساسي للدولة؟ وكيف خلقت مواد النظام الأساسي للدولة الفوضى وأحدثت الخلل بالنظام العام؟!

      يضرب نص تسبيب الحكم صفحاً عن إيراد أي دليل مادي يثبت وقوع جريمتي “الإخلال بالنظام العام” و”سد الطريق” ويتجاوزه نحو محاولة إثبات الركن الثاني للجريمة وهو وجود القصد الجنائي لدى المتهمين، فما هي الحجج التي يسوقها لتأكيد القصد الجنائي؟ نجد أن نص الحكم يذكر، اعتماداً على شهادة الشاهد الثاني، بأن وجود التجمهر “أدى إلى توافد أعداد كثيرة من داخل وخارج الحي التجاري والذي أحاط بالمتجمهرين فمنهم من قام بالإنظمام إليهم ومنهم من أحاط بالمتجمهرين ونتج عن ذلك إخلالاً بالنظام العام وهو ما تراه المحكمة من توافر القصد الجنائي لجميع المتهمين لعلمهم المفترض بالتجمهر وإدراكهم وإرادتهم لتحقيق غاية من هذا التجمهر، وهو الإخلال بالنظام العام” ص15. والسؤال البدهي الذي تثيره هذه العبارة هو: إذا كان هنالك من أحاط بالمتجمهرين وانضم إليهم فلماذا لم يتم القبض عليه؟ لقد أحاطت قوة مكافحة الشغب بـجميع المتجمهرين وعددهم 27 متجمهراً، فأين هم أؤلئك الذين أحاطوا بالمتجمهرين وإنضموا إليهم؟! ثم إن نص تسبيب الحكم يكتفي هنا بالتكرار والإعادة بأن المتهمين لديهم إرادة وقصد من التجمهر وهو الإخلال بالنظام العام ولكنه لايقدم أي دليل أو برهان يثبت بالفعل وجود هذا القصد والإرادة لدى المتهمين!

      ويذكر نص تسبيب الحكم أن”القصد الجنائي الخاص تمثل في الإخلال بالنظام العام”ص20، ولكن السؤال الذي يتبادر للذهن:كيف يمكن أن يكون “الإخلال بالنظام العام” هو الجريمة، وهو في نفس الوقت القصد الجنائي؟! ألا يعد هذا تناقضاً واضحاً؟! فالنظام العام هو هنا فعل ظاهر مجَرَّم، بينما القصد الجنائي هو النية الداخلية أو كما عرفته المادة 83 من قانون الجزاء العماني بأنه:”الدافع هو العلة التي تحمل الفاعل على الفعل أو الغاية القصوى التي يتوخاها منه”، وهذا الدافع أو الغاية القصوى للفعل ينبغي إثبات وجوده بدليل واضح لايرقى إليه الشك.

      التحليل والمنطق!
      في ظل عدم وجود دليل مادي يثبت وقوع الجريمة أو يبرهن على القصد الجنائي للمتهمين تثور التساؤلات من جديد حول الأسس التي بنت عليها المحكمة قناعتها وإيمانها الشديد بحكم الإدانة، وهو ما يستدعي البحث في مكان آخر وهو المنهج العقلي الذي اتبعه القاضي يوسف بن سالم الفليتي في تحليل الوقائع والشواهد، والآليات المنطقية التي اعتمد عليها لاستنباط النتائج من المقدمات المعروضة أمامه، ولاشك أن الجانب التحليلي للوقائع، والحجج العقلية، والاستنتاجات المنطقية هي أحد الجوانب المهمة التي تبني عليها المحكمة قناعاتها وأحكامها، وهذا ما نجده بالفعل في نص تسبيب الحكم إذ أنه ينقسم إلى قسمين أولهما توثيقي لأقوال المتهمين وشهود الإثبات والنفي ومرافعات الإدعاء العام ودفوع المحامين، وثانيهما هو التحليل العقلي المنطقي الاستدلالي والاستنتاجي الذي يجريه القاضي على هذه الأقوال وما تتضمنه من وقائع، وشواهد، وتفاصيل، وما يستخلصه منها من أدلة واستنتاجات يبني عليها حكمه، ويعلل بها ما انتهى إليه الحكم من قرار بالإدانة.

      إذا تمعنا في المنهج العقلي المتبع في نص تسبيب حكم الإدانة في قضية التجمهر سنجد أنه يعتمد من حيث الشكل الخارجي منهجين عقليين في التحليل والاستنتاج وهما:
      أولاً.المنطق الأرسطي:
      وهذا المنهج العقلي المنسوب إلى الفيلسوف أرسطو يعتمد على إيراد مقدمات بدهية لا تقبل الشك، وبعد ذلك يتم استنباط النتائج والأحكام منها، وهو يقوم على مقدمة كبرى، تليها مقدمة صغرى، وبعد ذلك الإستنتاج، ولعل المثال الأبرز للتدليل عليها هو المثال الذي ذكره الفيلسوف أرسطو نفسه:
      “كل إنسان فان
      سقراط إنسان
      إذاً سقراط فان”
      ونلاحظ في هذا المثال على التوالي المقدمة الكبرى:”كل إنسان فان” والمقدمة الصغرى: “سقراط إنسان” والاستنتاج:”إذاً سقراط فان”. إن النتيجة الاخيرة “إذاً سقراط فان” كانت متضمنة أصلاً في المقدمة التي تؤكد أن كل إنسان مصيره الموت والفناء، وبالتالي ما دام سقراط إنسان، فإن مصيره سيكون ذات المصير الذي ينتهي إليه كل إنسان وهو الموت والفناء.

      نلاحظ أن نص تسبيب حكم التجمهر يستعير الشكل الخارجي لهذا المنطق الأرسطي، ولكنه لايتقيد بأسسه المنطقية المحكمة القائمة على استنباط النتائج من مقدمات كلية شاملة تكون النتائج مستودعة أصلاً فيها منذ البداية. إذ نجد أن نص تسبيب الحكم يعرض أثناء محاججته العقلية بعض الوقائع العرضية ويعتبرها مقدمات ثم يقوم لاحقاً باستنباط النتائج منها، وكأنه يؤسس بناء عقلياً شبيهاً بالمنهج الاستنباطي الأرسطي من حيث الشكل ولكنه مخالف له تماماً من حيث الضبط المنهجي القائم على البرهان المنطقي اليقيني كما يتضح في المثال التالي:
      ” ب- ثبوت واقعتي التجمهر وتعطيل الحركة المرورية من خلال القرائن المستقاة، ومن ذلك:
      1- توجيه اللوائح باتجاه المارة بالطريق ومن ذلك اعتراف المتهم محمد الجامودي (الإسم الصحيح: محمود الجامودي) بأن اللوائح لم يرى منها سوى واحدة وأن اللوائح الأخرى قد وجهت بإتجاه الطريق ومما لاشك فيه من أن المارة يثار لدى حافظتها تلاوة ما هو مكتوب في اللوائح مما ينتج عنه حتماً التباطؤ في حركة المرور المؤثمة بنص المادة137 مكرر”ص16.

      إذا حللنا البنية المنطقية الاستدلالية في هذا النص سنجد أنها تتشبه من حيث الشكل الخارجي بالبنية المنطقية الأرسطية القائمة على إيراد مقدمات عامة يتم منها استنتاج النتائج:
      المقدمة الكبرى: “اللوائح وجهت باتجاه الطريق كما ذكر المتهم محمد الجامودي”
      المقدمة الصغرى: “مما لاشك فيه من أن المارة يثار لدى حافظتها تلاوة ما هو مكتوب في اللوائح”
      الاستنتاج: “مما ينتج عنه حتماً التباطؤ في حركة المرور”

      إن مقدمات المنطق الأرسطي تقوم على حقائق بدهية شاملة لايمكن إنكارها، وبعد إثبات صحتها يتم استخراج ما تتضمنه من نتائج منطقية بدهية لا تقبل الشك، في حين أن نص تسبيب الحكم يعتمد في مقدمته التسبيبية على حادثة عرضية ذكرها أحد المتهمين وهي أن اللوائح كانت باتجاه الطريق، ولكن توجيهها باتجاه الطريق لا يعني بالضرورة أن “المارة يثار لدى حافظتها تلاوة ما هو مكتوب في اللوائح” فقد لا يكون هنالك مارة أصلاً، أو قد يكون مكان وقوف حاملي اللوائح بعيداً إلى حد أن المارة لايستطيعون قراءة ما هو مكتوب أو ربما لايلاحظون أن هنالك أحد يقف في المواقف البعيدة! أو ربما هنالك سيارات في المواقف تحجب الواقفين بلافتاتهم عن العابرين بسياراتهم في الطريق. وإذا كان “المارة يثار لدى حافظتها تلاوة ما هو مكتوب في اللوائح” فهل ينطبق ذلك أيضاً على لوائح الطريق المكتوب عليها”روي، القرم، الوطية..إلخ”؟! وهل في هذه الحالة ” ينتج عنه حتماً التباطؤ في حركة المرور”؟!

      إن استنتاجات نص تسبيب حكم التجمهر المستنبطة من المقدمات هي استنتاجات عرضية؛ ولاتتوفر فيها شروط اليقينية المطلقة التي يستلزمها المنطق الأرسطي، ناهيك أصلاً عن أن المنطق الأرسطي القديم في القياس والاستنتاج، والذي يعتمد على التفكير المجرد، لايصلح أساساً للتعامل مع القضايا الجنائية، والتي تتطلب الاعتماد على المنهج الاستقرائي القائم على جمع الأدلة وتحليلها، وفرض الفروض، واختبار صحة هذه الفروض، وبعد ذلك الوصول إلى حكم يقيني معتمد على التجربة والبراهين والأدلة الملموسة الغير قابلة للدحض أو التشكيك.

      ثانياً. منهج تنزيل الأحكام على الوقائع: وهذا المنهج الإسلامي اعتمده الفقهاء وعلماء الدين وفق ضوابط لاستنباط الأحكام الشرعية، حيث يعتمد على فهم النص القرآني بتأويلاته وأسباب نزوله ومقاصد أحكامه، وفهم السنة النبوية فهما دقيقاً، وبناء على ذلك يتم إنزال أحكام النصوص الدينية الفقهية على الوقائع، وكأنه يسلط عليها الضوء من الأعلى، ومن خلال تحليل الواقعة تحليلاً عقلياً دقيقاً يتم النظر في مدى اتساق هذه الواقعة أو تلك مع نص الحكم الديني وعلى هذا الأساس يتم إنزال الحكم الفقهي على هذه الواقعة أو تلك.

      يوحي نص تسبيب حكم التجمهر بأنه يستخدم هذا المنهج الفقهي الإسلامي بإنزال الأحكام على الوقائع، حيث يرد في النص:
      “وحيث إنه بإنزال ما تقدم على واقعة الدعوى على النحو المطروح على بساط البحث، وكان البين أن الوقائع على الصورة المتقدمة قد ثبت وقوعها، وتوافرت الأدلة على صحتها وتأكيد ثبوتها في حق المتهمين ثبوتاً واسناداً من خلال ما ذكر، وتؤدي إلى ما يترتب عليه ثبوت الإتهام في حق المتهمين وهو ما يستلزم وجوب أخذه بالعقوبات المقررة للجرائم وفق ما سقناه من أدلة وقرائن..” ص22،23

      نبحث في “ما تقدم” على هذه الفقرة علَّنا نجد قراءة تأصيلية متفقهة في النصوص القانونية وغاياتها وأبعادها، ومراميها ومقاصدها في تحقيق العدالة وحفظ الحقوق، أو عن شرح توضيحي لنص المادتين القانونيتين الخاصتين بحكم التجمهر ليتم بعد ذلك إنزالهما على واقعة الدعوى، إلا أننا لا نجد سوى سرد مسهب للتفاصيل والأحداث التي جاء بعضها على لسان شاهدي الإثبات والبعض الآخر في خطب الإدعاء العام! وقائع يتم مراكمتها على وقائع وتفاصيل! أي أنه بدلاً من إنزال الأحكام على الواقع يتم، في مفارقة عجيبة، إنزال الوقائع على الوقائع، مع أنه يستحيل منطقياً تنزيل واقعة على واقعة أخرى، لأن الوقائع والأحداث تتساوى مع بعضها في انتمائها للمجريات العملية في حين أن الأحكام تعلو عليها لاستنادها إلى الوحي الديني أو التصورات العقلية المجردة ومن هنا جاء استخدام مصطلح “تنزيل الأحكام” المطلقة على الوقائع المحددة!

      إن تحليل البنى العقلية والمنطقية لنص تسبيب الحكم يكشف أنه استند إلى هياكل عقلية شكلية تتشبه تارة بالمنهج المنطقي الأرسطي وتارة أخرى بالمنهج الفقهي الخاص بتنزيل الأحكام على الوقائع، ولكنها في حقيقتها لا تأخذ من هذين المنهجين سوى شكلهما الخارجي بينما أسسها المنطقية يتضح أنها واهية وغير مترابطة، لأنها تنطلق من وقائع عرضية لا دليل يقيني على صحة وقوعها، ولا تصلح أساساً للاستدلال أو قاعدة عامة للاستنتاج والحكم. كما أن اسهاب نص تسبيب الحكم في شرح الوقائع واستنباط التهم منها إضافة إلى التوسع في تفسير النصوص القانونية مخالف تماماً للقاعدة القانونية التي تلزم القاضي بعدم التوسع في تفسير النص القانوني في حال كان الحكم بإدانة المتهم، والتوسع في تفسير النص القانوني في حال كان الحكم لصالح براءة المتهم، وتفسير أدنى شك في الأدلة لصالح براءة المتهم في حين أن ما حدث في نص تسبيب حكم التجمهر هو العكس تماماً!

      توثيق الوقائع!
      إذا كان نص تسبيب الحكم في قضية التجمهر حافلاً بكل هذه التناقضات والمغالطات في الاستدلالات والتحليلات والاستنتاجات المنطقية فهل يا ترى توافرت فيه أولى شروط وقواعد تسبيب الأحكام ألا وهي النقل والتوثيق الموضوعي لأقوال جميع أطراف القضية؟ ربما أفضل طريقة لاختبار مدى موضوعية النص في النقل والتوثيق هو استنطاق النص ذاته عبر مقارنة فقراته مع بعضها البعض، والمقارنة بين ما حرص النص على إيراده من أقوال وشهادات وما تم حجبه من وقائع ودفوع جرت في جلسات المحكمة المتعددة.

      يحرص نص تسبيب الحكم على توثيق مضامين اللوحات التي رفعها المتجمهرون، حيث يورد في صفحاته الأولى 16 عبارة يقول أن المتجمهرين رفعوها كشعارات مثل: “أنقذونا من الذين يخترقون القانون” و”متى يصبح المواطن حراً” و”لا للاعتقالات التعسفية” و”أين القانون”(أنظر 4،5)، وهو بهذا يغفل عن حقيقة بدهية وهي أن عدد المتهمين هو 11 متهم فقط، إلا إذا كان قد نما إلى علم القاضي أن بعض المتهمين حمل لافتتين بيديه لا واحدة! وإذا تجاوزنا هذه الجزئية سنجد أنه من بين كل العبارات التي تُسرد بالتتابع لا تتم الإشارة إلى مواد النظام الأساسي للدولة التي رفعها بعض المتجمهرين، وهي الحقيقة التي يوثقها نص الحكم في صفحات لاحقة، حيث يشير في الصفحة رقم6 إلى أن المتهم الأول رفع لافتة مكتوب عليها المادة 17من النظام الأساسي للدولة، وفي صفحة رقم7 يشير إلى أن المتهم الرابع رفع لافتة مكتوب عليها نص المادة 24 من النظام الأساسي للدولة، وكذلك أفاد المتهم الخامس (انظر ص7).

      إن هذا الإغفال لنصوص مواد النظام الأساسي للدولة التي رفعها بعض المتهمين، والتركيز على مضامين بعض العبارات يتواصل خلال نص تسبيب الحكم، وهو ما يعتبر حياد عن الموضوعية والدقة في النقل والتوثيق للوقائع، خاصة وأن نص تسبيب الحكم يعتبر مضامين اللوحات “خرقاَ لقوانين وأعراف الدولة والآداب العامة المتعارف عليها..”ص13 وكذلك يشير نص تسبيب الحكم إلى أنه “في تلكم العبارات دلالات ومؤشرات واضحة تؤكد غاية المتجمهرين إلى تحريض الغير لإحداث الشغب والفتنة داخل أوساط المجتمع وتعتبرها المحكمة إخلالاً بالنظام العام كون أن الجميع وعلانية وعبر الوسائل المختلفة يشاهدون ويتلون تلكم العبارات”ص17، لهذا فإن إغفال الإشارة إلى بعض اللوحات المتضمنة لنصوص مواد النظام الأساسي التي رفعها بعض المتهمين، والتركيز على بعض اللوحات واعتبارها كدليل ينسحب على الجميع هو إجراء يفتقر إلى الدقة والموضوعية في آن واحد، فضلاً عما يمكن أن يقال عن هذا التوسع في تفسير التأثيرات المحتملة لمضامين هذه اللوحات على “الجميع” الذين “يتلون تلكم العبارات” و”عبر الوسائل المختلفة”!.

      كما أن أحد مظاهرعدم الدقة في النقل والتوثيق لمجريات الجلسات في قاعة المحكمة هو خلو النص تقريباً من الحجج والأدلة الداحضة للإتهامات التي ساقها المحامون في مذكرتهم الدفاعية الأولى ومذكرتهم التكميلية، حيث لا ترد سوى إشارتين عابرتين لها الأولى كانت كالتالي:”وحيث أنه وفيما يتعلق بما جاء بمذكرة الدفاع عن المتهمين من دفوع ففيما يتعلق ببطلان محضر التحري” ص20، أما الثانية فكانت كالتالي:”وحيث أنه وفيما ساقته هيئة الدفاع بشأن عدم اختصاص المحكمة ولائياً بالتهمة الموجهة للمتهم التاسع” ص23. في حين أن نص الحكم في المقابل يفرد مساحات واسعة لكل التهم والتسبيبات التي أوردها الإدعاء العام، ولا يكتفي بذلك بل هو يستعير التعريف الذي أورده الإدعاء العام في إحدى الجلسات لمفهوم”النظام العام” وذلك بعد أن اتضحت هشاشة تعريف شاهد الإثبات الثاني لمفهوم النظام العام عندما قال بأنه”إضطراره إلى استنفار 90% من قوة المركز للتواجد في مكان التجمهر”، ولهذا جاء الإدعاء العام في الجلسة التي تلتها ليسد هذا الخلل المفهومي بتعريف مسهب للنظام العام حسب فهمه وتقديره، ولكن ما يثير الاستغراب والدهشة حقاً هو أن ينقل نص تسبيب حكم التجمهر تعريف النظام العام الذي قدمه الإدعاء العام ويعتمده كتعريف أوحد يقيم ويؤسس بناءً عليه التهم، وهو ما لا يتسق مع شروط الموضوعية، وكان يمكن للقاضي أن يتبنى تعريفاً خاصاً به للنظام العام أكثر وضوحاً ودقة واتساقاً مع روح القانون ونصوصه بدلاً من استعارة تعريف فضفاض للنظام العام قدمه الإدعاء العام!

      ومما يثير الكثير من علامات الإستفهام حقاً هو حرص نص تسبيب الحكم على توثيق أقوال شاهدي الإثبات التي تؤكد التهم المنسوبة للمتهمين بتفاصيلها الدقيقة، وإغفال ما ورد على لسانهم مما قد يشكك في التهم المنسوبة إليهم، إذ أننا لا نجد في نص تسبيب الحكم أي ذكر لما قاله شاهد الإثبات الأول عن حركة المرور من أنه:”لم يشاهد بأم عينه ما إذا كانت الحركة طبيعية أم بها عرقلة” وهو ما أورده المحامون في مذكراتهم الدفاعية، كما لانجد في نص تسبيب الحكم أي أقوال للمتهمين، وإنكارهم للتهم المنسوبة إليهم، وما قاله البعض منهم في قاعة المحكمة من تعرضهم لتعدي على حقوقهم، وتجاوزات لبعض القوانين أثناء إعتقالهم وحبسهم! كذلك أورد نص تسبيب الحكم (ص(8 ما قال شاهد الإثبات الثاني من أنه سأل أحدههم عن الشخص الذي يمثل المتجمهرين والمسؤول عن التجمهر فأجابه بأنه المتهم الأول، ولكن نص الحكم لا يذكر أبداً ولا يشير حتى ولو إشارة عابرة إلى ما جرى في قاعة المحكمة أمام القاضي الثاني، والذي حرص على سؤال جميع المتهمين إن كان المتهم الأول يمثلهم فأجابوا جميعهم بأن المتهم الأول لا يمثلهم، وأن كل واحد منهم يمثل نفسه، وليس هنالك أي شخص مسؤول عن هذا التجمع العفوي، وقد أمر القاضي بتثبيت هذه الإجابات في محضر جلسة المحكمة، كما أن جميع المتهمين واجهوا شاهد الإثبات الثاني بالسؤال: لماذا لم تأتي وتقف أمامنا لتخبرنا أن التجمهر ممنوع، وتخبرنا بالإنصراف؟ وبالفعل لم يجد الشاهد الثاني حجة للرد، ومع ذلك لا نجد لكل هذا أي وجود أو ذكر أو حتى إشارة له في نص تسبيب الحكم!

      إن كل القناعات الوجدانية الواثقة المطمئنة إلى سلامة عقيدتها بإدانة المتهمين، والتي حرص القاضي يوسف بن سالم الفليتي على تأكيدها بشدة في نص تسبيب الحكم، تتبدى بعد التحليل أنها قناعات سابحة على أديم النص دون جذور يقينية تغرسها في أرض الحقيقة، فهي ككل القناعات الوجدانية قائمة على الإفتراضات الظنية، والاستنتاجات الإحتمالية، والتفاسير التخمينية، والتي تتوسع في تفسير الوقائع في ابتعاد واضح عن نصوص القوانين التي يفترض أن ترتكز عليها في الحكم، وهي تقفز نحو حكم الإدانة بدون أدلة مادية تثبت وقوع الجريمة أصلاً، وبدون إثبات وجود ركنيها الأساسيين وهما أداة الجريمة ووجود القصد الجنائي لدى المتهمين، وبدون إيجاد العلاقة السببية بين فعل التجمهر والنتيجة المزعومة من “إخلال بالنظام العام” و”قطع الطريق”، مما يجعلها قناعات قائمة على الظن الذي لا يغني عن الحق شيئاً!
      مدونتي الجديدة المستوحاة من غذاء العماني ماضيا وحاضرا tumoor.org/
    • في جلسة الاستئناف الأولى والتي كانت بتاريخ 17 اكتوبر فقد طلب المحامون تأجيل الجلسة للنظر في ملف القضية وكذلك نسخ ما ورد في ذلك الملف. ، وطلب بعض المتهمين بالسماح لهم بالسفر بعدما علموا أن هناك تعميم عليهم بعدم السفر عبر المنافذ البرية، وقد وافق فضيلة القاضي رئيس الجلسة المكونة من ثلاثة قضاة على طلب المحامين بالتأجيل. بعد اسبوعين على ما أتذكر بدأت الجلسة الثانية للاستئناف وكنت حينها في البرازيل، وقد نما إلى علمي أنه تم طلب تأجيل جلسة المرافعة للمرة الثانية، فوافق فضيلة القاضي على التأجيل مدة أسبوع والذي تصادف تاريخ 14 نوفمبر 2012، وحيث أنني متواجد حاليا في الولايات المتحدة الأمريكية لم أتمكن من حضور جلسة المرافعات التي حاولت متابعتها من خارج الحدود... الحظ لم يكن بعيدا عني لأنقل الحدث هنا كما وعدت القارئ الكريم، لكن سوف أنقل مرافعات الأستاذة المحامين خليفة المحامي وحمدي عبدالجواد وقيس القاسمي الذين تفضلوا وتبرعهم بجهدهم ووقتهم للدفاع عن المتهمين وبدون مقابل..

      يتبـع
      مدونتي الجديدة المستوحاة من غذاء العماني ماضيا وحاضرا tumoor.org/
    • بيان الأستاذ المحامي خليفة الهنائي....

      لدى محكمة الاستئناف بمسقط
      (الدائرة الجزائية )
      في الاستئناف رقم /2012م

      المقام من:
      1. سعيد بن سلطان بن علي الهاشمي (متهم أول)
      2. بدر بن ناصر بن علي الجابري (متهم سادس)
      3. خالد بن صالح بن عبدالله النوفلي (متهم سابع)
      4. محمود بن حمد بن ثاني الرواحي (متهم ثامن)
      5. محمود بن خليفة بن ناصر الجامودي ( متهم حادي عشر)

      ويمثلــــــهم: مكتب خليفة الهنائي للمحاماة والاستشارات القانونية.
      وعنوانـــه: العذيبة الشمالية ـ شارع 18 نوفمبر ـ أمام مركز القبول الموحد ـ فيلا رقم 115.

      ضــــــد:
      الادعاء العام بمسقط (ممثل سلطة الاتهام – مستأنف ضده)

      الموضوع/ مذكرة شارحة لأسباب الاستئناف ودفاع المتهمين المذكورين أعلاه وفق الترتيب الوارد بقرار الإحالة والحكم المستأنف

      بوافر الاحترام والتقدير ونيابة عن المتهمين المذكورين أعلاه بموجب سندات الوكالة المرفقة (مستندات أرقام (1، 2، 3، 4، 5) نتشرف بتقديم
      مذكرة شارحة لأسباب استئناف ودفاع المتهمين في القضية أعلاه وفق الوقائع والدفاع والطلبات الآتية:

      أولا/ الوقـــــائـع:

      حرصا على ثـمين وقت عدالتكم نحيل بشأنها إلى ملف الدعوى والحكم المستأنف الصادر فيها. إذ قضى الحكم المذكور بتاريخ 8/8/2012م بالآتي:

      أولا: إدانة جميع المتهمين من الأول وحتى الحادي عشر بجنحة التجمهر بقصد إحداث شغب وقضت بمعاقبتهم بالسجن لمدة ستة أشهر وبغرامة مائتي ريال.

      ثانيا: إدانة جميع المتهمين من الأول وحتى الحادي عشر بجنحة تعطيل حركة المرور وقضت بمعاقبتهم بالسجن لمدة سنة.

      ثالثا: إدانة المتهمة الثالثة بجنحة إهانة الموظفين وقضت بمعاقبتها بالسجن لمدة شهرين.

      رابعا: إعلان براءة المتهم التاسع من جرم مخالفة الأنظمة الإدارية على أن تدغم العقوبات بحقهم جميعا وينفذ منها الأشد ويفرج عن المتهمين بكفالة مالية مقدارها ألف ريال عن كل متهم في حال استئنافهم الحكم بغية عدم تنفيذه.
      • لم يرتض المتهمون الحكم المتقدم لمخالفته صحيح القانون فطعنوا عليه بالاستئناف الماثل خلال القيد الزمني المحدد قانونا.

      لذا يلتمس المتهمون المدرجة أسماؤهم بصدر هذه المذكرة من عدالة المحكمة الموقرة – قبول الاستئناف شكلا:



      ثانيا: أسباب الاستئناف ودفاع المتهمين

      أخطأ الحكم المستأنف في تطبيق صحيح القانون وشابه الفساد في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى إذ أدان المتهمين وآخرين بجنحة التجمهر بقصد الإخلال بالنظام العام المؤثـمة بنص المادة (137 جزاء) وكذلك جنحة تعطيل حركة المرور المؤثـمة بنص المادة (137 مكررا) ولبيان أوجه المخالفة وقصور الحكم المستأنف يتعين أن نتناول التهمتين اللتين أدين بهما المتهمون على التفصيل التالي:

      أولا: بالنسبة لتهمة التجمهر بقصد الإخلال بالنظام العام المؤثـمة بنص المادة (137 جزاء)

      o الدفوع القانونية:

      1. يدفع المتهمون ببطلان القبض عليهم وما تلاه من إجراءات التحقيق والإحالة وهو دفع مبدئي مؤسس على أن القبض عليهم تم مع انتفاء الجريمة.

      2. يدفع المتهمون بانتفاء جريمة التجمهر بقصد الإخلال بالنظام العام لانعدام القصد الجنائي الخاص المتمثل في الإخلال بالنظام العام.


      • من الثابت قانونا أن جريمة التجمهر بقصد الإخلال بالنظام العام تتطلب قصدا جنائيا خاصا يتمثل في إنصراف إرادة المتهمين إلى إحداث إخلال بالنظام العام – فتجمع أو تجمهر عدد من الناس لا يشكل جريمة في حد ذاته – وإنما يجب أن يكون هذا التجمهر مقرونا بنية الإخلال بالنظام العام – وهذا القصد الخاص هو مناط تأثيم فعل التجمهر والقول بغير ذلك مؤداه خضوع أي تجمعات بشرية في أي مناسبة اجتماعية أو دينية أو ثقافية للتجريم وهو ما يتنافى ومنطق الامور.

      • وإذ خلص الحكم المستأنف إلى ثبوت القصد الجنائي لدى المتهمين ومن ثم إدانتهم استنادا على محضر التحري وشهادة كل من المقدم/ أحمد الرواس والمقدم/ علي بن عبدالله باصديق وهو استخلاص غير سديد إذ لم تقف المحكمة على الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستظهار الحقائق القانونية المتعلقة بها فجاء حكمها قاصرا في البيان خارجا عن نطاق الاقتضاء العقلي والمنطقي فيما خلص إليه؛ فالجرائم التي يتطلب فيها المشرع قصدا جنائيا خاصا يلزم لقيامها ثبوت هذا القصد ثبوتا يقينيا إلا أن الحاصل في الدعوى الماثلة أن المحكمة مصدرة الحكم المستأنف وفق الثابت بالأوراق في معرض تسبيبها لما انتهت إليه من قضاء قد ارتكنت في ثبوت القصد الجنائي على اعتبارات وافتراضات قانونية وليس على أدلة مستمدة من حقيقة الواقع.


      يتبـــــــع
      مدونتي الجديدة المستوحاة من غذاء العماني ماضيا وحاضرا tumoor.org/
    • تكملة بيان الاستاذ خليفة المحامي:-


      بيان ذلك:
      أولا/ إن محضر التحريات الذي استند عليه الحكم المستأنف اتسم بعدم الجدية والتناقض وأن محرره هو أحد شاهدي الإثبات – وقد تضمن المحضر المذكور تقسيمات لمواقف ثلاثة على اعتبار أن الوقفة السلمية للمتهمين كانت على مدار ثلاثة أيام بدء من 9 يونيو ، 10يونيو ، 11 يونيو؛ حيث تم القبض عليهم في اليوم الأخير ومن مظاهر عدم جدية هذه التحريات وعدم معقوليتها الآتي:

      • تضمن محضر التحريات تحت عنوان (الموقف الثاني – 10/يونيو2012م) ما نصه (تلقى مركز شرطة الوطية بلاغا عن وجود تجمهر عدد من الأشخاص أمام مقر قيادة شرطة المحافظة وأن قوة من المركز قد انتقلت إلى المكان وقد أثبت محرر المحضر أن المتهمين غادروا المكان في تمام الساعة (18,30/ ½6) وأضاف كما ورد نصا بالمحضر المذكور ( ... مع العلم بأن تواجدهم سبب تعطيل الحركة المرورية لكون المارة يقومون بالتوقف لمشاهدة المعتصمين والعبارات المدونة باللوائح، وكذلك تجمهر عدد من المواطنين والوافدين هو دليل على الإخلال بالأمن العام...)

       وهنا يثور التساؤل التالي:

       إذا كان وجود المتهمين سبب تعطيل لحركة المرور في اليوم الثاني من وقفتهم الموافق 10/6/2012م – فلماذا لم يتم إلقاء القبض عليهم في ذلك اليوم بما أن الجريمة قد وقعت؟؟ إن ذلك دليل على عدم جدية وصحة هذه التحريات وأن القبض على المتهمين كان له بعد وسبب آخر لا علاقة له بتعطيل الحركة المرورية المدعى بها .

       أيضا أشار محضر التحريات إلى (تجمهر) عدد من المواطنين والوافدين معتبرا أن ذلك دليل على الإخلال بالأمن العام، ولو كان ذلك صحيحا فلماذا لم يتم إلقاء القبض على هؤلاء أيضا على أعتبار أنهم قد ارتكبوا ذات الفعل المنسوب للمتهمين؟؟


      • أيضا تضمن محضر التحريات تحت عنوان (الموقف الثالث – الاثنين الموافق 11/6/2012م) أنه في تمام الساعة (17:30) تجمهر (26) شخص من ضمنهم (5) نساء حيث حدث تعطيل لحركة المرور .... ويضيف... حيث تمت العملية وفق الخطة المحددة وهي تطويق المعتصمين ومن ثم القبض عليهم وإدخالهم الحافلات...
       وهنا يثور التساؤل التالي:

      إذا كان عدد من ألقي القبض عليهم هو (26) شخص وفق الثابت بمحضر التحري. فلماذا تم إحالة (11) شخص منهم فقط إلى المحاكمة الجزائية وفق الثابت بقرار الإحالة والحكم المستأنف؟ مع أن الـ (26) شخصا منسوب إليهم ذات الفعل؟ وما هو المعيار الذي اعتمدت عليه سلطات التحقيق والإحالة في تصنيف المتهمين؟ ولماذا لم ترفق سلطات التحقيق قرار حفظ الدعوى لمن صدر بحقهم لمعرفة الأسباب التي بني عليها؟ إن الإجابة الوحيدة على هذا التساؤل هي أن قرار إحالة المتهمين الأحد عشر إلى المحاكمة الجزائية كان انتقائيا بما يدلل على كيدية الاتهام، كما إن حفظ التحقيق لمن صدر بحقهم يدلل أيضا على عدم صحة تهمة التجمهر بقصد الإخلال بالنظام العام إذ لو كان الامر بخلاف ذلك لأحيل جميع المتهمين الـ (26) إلى المحاكمة على اعتبار أنهم قد ارتكبوا ذات الفعل.

      • استقر القضاء الجنائي على أن تحريات الشرطة بحسبانها قرينة لا تصلح بمفردها أن تكون دليلا كافيا بذاته أو قرينة مستقلة على ثبوت الاتهام – فهي لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب إلى أن يعرف مصدرها ويتحدد حتى يتحقق القاضي بنفسه من هذا المصدر ويستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته القانونية في الإثبات.

      • وإذ عول الحكم المستأنف في إدانته للمتهمين على تحريات الشرطة باعتبارها دليلا إذ أشار الحكم المذكور بالصفحة رقم (13) منه إلى أن المحكمة تطمئن لثبوت واقعتي التجمهر ثبوتا كافيا في حق جميع المتهمين من خلال توافر أركان الجريمة وذلك من خلال ما ورد بمحضر التحري المرفق بملف الدعوى ومن خلال شهادتي الإثبات.

      • وإذ الثابت أن التحريات قد اتسمت بعدم الجدية والتناقض وعدم المعقولية على النحو الذي أشرنا إليه وعلى ما سنضيفه إبان تناولنا للتهمة الثانية وهي (تعطيل حركة المرور) – فإن الحكم المستأنف على هذا النحو يكون قد شابه الفساد في الاستدلال إذ عول على تحريات تفتقد إلى استقامة المشهد خاضعة لتصور شخصي لمن قام بها وهي قرينة لا ترقى لمرتبة الدليل المعتبر قانونا بما كان يتوجب معه طرحها وعدم التعويل عليها بما يترتب على ذلك من آثار وأبرزها أن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذ سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة وجدير بالذكر أن محرر محضر التحريات هو المقدم/ علي باصديق وهو أيضا أحد شاهدي الإثبات تلك الشهادة التي لم تخل من المثالب التي تهدر قوتها التدليلية في الإثبات بما يقتضي استبعادها وعدم التعويل عليها أيضا على النحو الذي سيأتي بيانه في موضعه.

      يتبـــــــــع
      مدونتي الجديدة المستوحاة من غذاء العماني ماضيا وحاضرا tumoor.org/
    • تكملة بيان الاستاذ خليفة الهنائي:-



      ثانيا:1. إن الحكم المستأنف لم يحصل واقع الدعوى وشابه فساد جلي في استخلاص ثبوت القصد الجنائي الخاص المتمثل في قصد الإخلال بالنظام العام إذ اعتمد على أن ثبوت فعل التجمهر دليل على توفر القصد الجنائي – بل ذهب الحكم المستأنف إلى أبعد من ذلك وفق الثابت بالصفحة رقم (14) منه - إذ اعتبر أن التجمهر في حد ذاته ومجردا هو جريمة، مخالفا بذلك النص التشريعي الذي اشترط للعقاب على فعل التجمهر أن يكون بقصد الإخلال بالنظام العام - ومؤدى ذلك أن فعل التجمهر مجردا لم يؤثـمه المشرع إلا إذا أقترن بقصد الإخلال بالنظام العام بما يدلل على أن الحكم المستأنف قد ذهب إلى تأويل الوقائع وحملها ملا يمكن أن تحتمله.

      • إن القصد الجنائي لا يفترض بل لا بد من إقامة الدليل عليه وهو يستخلص من كافة الظروف والملابسات المحيطة بالواقعة إلا أن الحكم المستأنف اعتمد كليا على وصف شاهدي الإثبات وهما من رجال الشرطة وأحدهما هو محرر محضر التحريات كما أشرنا سلفا فقد استند الحكم المستأنف وفق الثابت بالصفحة رقم (14) إلى (الشهادة) بجلسة 27/6/2012م دون أن يحدد اسم الشاهد وهو قصور مبطل إذ يجب لسلامة الحكم بالإدانة أن يورد مضمون الدليل الذي استند عليه ومصدره وإذ خلا الحكم المستأنف من ذلك فإنه يكون مشوبا بالغموض والإبهام.

      2. كما إن الحكم المستأنف اعتمد وصف شاهدي الإثبات وهما شرطيان بأن هناك تعطيل لحركة المرور رغم ما شاب الشهادة من تناقض وعدم اتساق إذ أسند الحكم المستأنف بالصفحة رقم 14 للشاهد الذي لم يسمه قوله (وبدأت حركة المرور بالتباطئ لأن المداخل ضيقة وبدأ إزدحام مروري وأن ذلك يعد إخلالا بالنظام العام ....)
      وهنا يثور التساؤل التالي: هل التباطؤ في حركة المرور والازدحام المروري كان بسبب فعل المتهمين أم لضيق المداخل؟

       بل والأكثر من ذلك أن المحكمة مصدرة الحكم المستأنف أناطت إلى سلطة الضبط ممثلة في شاهدي الإثبات وحدهما التقرير بوجود إخلال بالنظام العام من عدمه وفق الثابت بالصفحة رقم (15) إذ ورد ما نصه (... وإن الذي يحدد الإخلال بالنظام العام أو بإحدى عناصره المكونة له هي سلطة الضبط ...) مخالفة بذلك مبادئ راسخة في أصول المحاكمات الجزائية منها أن القاضي يبني حكمه على الأدلة التي يحصلها مما يجريه بنفسه ولا يجوز له أن يدخل في تكوين عقيدته حكما سواه – وأن يكون تكوين هذه العقيدة من خلال استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى واستظهار الحقائق القانونية المتعلقة بطريق الاستنتاج والاستقراء والممكنات العقلية بما لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي.

      3. كما يدلل مأمور الضبط (شاهد) على توافر قصد الإخلال بالنظام العام بالصفحة رقم (15) بأن التجمهر أدى إلى توافد أعداد كثيرة أحاطت بالمتجمهرين فمنهم من قام بالانظمام إليهم ومنهم من أحاط بهم – ويدحض ذلك القول عدم وجود ثـمة متهم ثبت أنه انضم إلى المتهمين!!
      ولماذا لم يسأل أي ممن أحاطوا بالمتهمين على حد قول مأمور الضبط كشهود على الواقعة؟

      4. تناقض الحكم المستأنف مع رواية الشاهد ( الذي لم يسمه) إذ قرر الشاهد وفق الثابت بالصفحة رقم (14) بأن سبب تباطؤ المرور هو ضيق المداخل في حين أورد الحكم المستأنف بالصفحة رقم (16) في معرض تسبيبه لما انتهى إليه من قضاء (بأن موقع التجمهر تحيط به الطرقات من أربع جهات وجميعها طرق رئيسية)

      5. أخطأ الحكم المستأنف في تكييف جريمة التجمهر بقصد الإخلال بالنظام العام بأنها من الجرائم ذات القصد الجنائي بمعناه العام بشقيه العلم والإرادة ليخلص بثبوته من خلال علم المتهمين المفترض بكون ما قاموا به من أفعال مجرمة واتجاه إرادتهم مع ذلك على إتيانها – وهو استخلاص غير سديد ترتب عليه تكييف قانوني خاطئ للفعل – فجريمة التجمهر بقصد الإخلال بالنظام العام تتطلب قصدا جنائيا خاصا وهو (قصد الإخلال بالنظام العام) أما فعل التجمهر مجردا فلا يتطلب سوى القصد الجنائي العام بأن يكون المتهم عالما بفعل التجمهر ثم تنصرف إرادته إلى إتيانه وهو إلى هذا الحد ليس مجرما إلا إذا كان مقرونا بقصد خاص يتمثل في قصد الإخلال بالنظام العام وهو الأمر المنتفي بحق جميع المتهمين.


      6. أهدر الحكم المستأنف شهادة النفي إذ أفاد الشاهد/ راشد بن سالم الراشدي وفق الثابت بالصفحة رقم 10 (... وبالنسبة لعرقلة حركة السير فلم نعرقل السير وإنما الشرطة هي من عرقلت الحركة ...) وكذلك شهادة عادل بن سيف البادي الذي شهد بأن المتهمين لم يعطلوا حركة المرور – وقد استقر القضاء الجنائي على تغليب الأدلة التي في صالح المتهم باعتبار أن القضاء هو الملاذ الأخير له – إلا أن الحكم المستأنف استند على شهادة شاهدي الإثبات رغم تناقضها وما شابها من عوار عبر عنه الحكم المستأنف ذاته بالصفحة رقم (16) بقوله: (وحيث أن المحكمة استنتجت الحقيقة ولا ترى ما يعيب استنتاجها من إختلاف رواية الشاهد مع الشاهد الأخر...)

      ومن مظاهر هذا التناقض ما أفاد به الشاهد المقدم أحمد الرواس بمحضر جلسة 27/6/2012م بأن حركة المرور بدأت بالتباطؤ لأن المدخل ضيق ... وخوفا من الإخلال بالأمن تم القبض على المتهمين وأضاف الشاهد المذكور بأن الحركة المرورية لم تنقطع بشكل نهائي وإنما تباطأت .

      • إذن فالثابت من هذه الشهادة أن الحركة المرورية لم تتعطل وإنما تباطأت وأن هذا التباطؤ كان بسبب ضيق المداخل وهو أمر طبيعي فعندما تكون المداخل ضيقة يحدث ازدحام مروري بغض النظر عن وجودد المتهمين من عدمه .. كما إن عبارة (وخوفا من الإخلال بالأمن) التي وردت على لسان الشاهد تعني بوضوح عدم وقوع هذا الإخلال فعلا وإنما تخوف الضابط (الشاهد) من احتمال وقوعه دفعه إلى إلقاء القبض على المتهمين.

      • أيضا ما أفاد به الشاهد المقدم عبدالله بن أحمد باصديق بجلسة 22/7/2012م بأن الحركة المرورية كانت منضغطة تحت الجسر (فقطعت الحركة كي نمسك بالمتهمين...)

      إذن فالثابت من هذه الشهادة أولا أن الشاهد المذكور هو من قام بقطع الحركة المرورية؛ أما انضغاط الحركة المرورية تحت الجسر وعلى فرض حصوله فهو يحدث بشكل اعتيادي دونما سبب آخر.

      • كما إن الشاهد المذكور في معرض إجابته على السؤال التالي: س: لماذا لم تتم الإزالة يومي السبت والأحد وإنما يوم الاثنين؟
      أجاب بالآتي: لإعطاء المتهمين الفرصة لفض الاعتصام.

      والملاحظ على هذه الشهادة الآتي:
      • أن الشاهد نعت الوقفة السلمية للمتهمين بالاعتصام وهو وصف غير صحيح - لأن الاعتصام يعني الاستمرار وعدم مغادرة المكان – أما وقفة المتهمين السلمية فكانت لمدة ساعة واحدة فقط للتعبير عن بعض الآراء وكانوا ينصرفون من تلقاء أنفسهم مباشرة بعد انقضاء الساعة المحددة وهذا ما حدث في اليوم الأول والثاني وتم إلقاء القبض عليهم في اليوم الثالث بعد مرور عشر دقائق من بداية وقفتهم.

      • إن تبرير الضابط (الشاهد) عدم قيامه بإنهاء وقفة المتهمين وإلقاء القبض عليهم في اليومين السابقين بأن ذلك كان بقصد إعطاء المتهمين فرصة لفض ما وصفه هو (بالاعتصام) يدل على عدم وجود إخلال بالنظام العام إذ لو كان ذلك قد حدث فعلا وبما أنه يشكل جريمة فلا يملك مأمور الضبط (الشاهد) أن يمنح مرتكبها ثـمة فرصة – بل من واجبه بما أن الجريمة قد وقعت أن يتخذ الإجراءات القانونية – وعدم القبض على المتهمين في اليومين السابقين دليل على أنه لم يكن هناك إخلال بالنظام العام أو تعطيل حركة المرور وعليه فإن الحكم المستأنف أخطأ في تطبيق صحيح القانون إذ عول في قضائه بإدانة المتهمين على شهادة الضابطين رغم اتسامها بالتناقض وعدم المعقولية.


      7. أهدر الحكم المستأنف كافة القرائن المستوحاة من ظروف وملابسات الواقعة وأهمها:

      • أن وقفة المتهمين كانت سلمية للتعبير عن آرائهم في مسلك حضاري راقٍ على النحو المبين بالصور المرفقة.

      • أن ما قام به المتهمون حق كفله لهم النظام الأساسي للدولة واكد عليه جلالة السلطان حفظه الله – في أكثر من مناسبة.

      • أن الوقفة السلمية للمتهمين امتدت ليومين سابقين على اليوم الذي ألقى فيه القبض عليهم وكانت لمدة ساعة واحدة تبدأ من الساعة ½ 5 إلى الساعة ½6 لينصرفوا بعدها – إلا أنه في اليوم الثالث ألقى القبض عليهم في الساعة 5,40 أي بعد مرور (10) دقائق فقط من بداية الوقفة دون وجود مبرر قانوني لذلك!!


      • أن مكان الواقعة هو مواقف السيارات الكائنة بين بنك مسقط وقيادة شرطة محافظة مسقط – وبمطالعة الصور المرفقة يتضح جليا أن المتهمين كانوا يقفون على رصيف مواقف بنك مسقط – فلم يتوسطوا شارعا أو طريقا كي يقال أنهم تسببوا في عرقلة أو تعطيل حركة المرور.


      يتبـــــــــع
      مدونتي الجديدة المستوحاة من غذاء العماني ماضيا وحاضرا tumoor.org/
    • تكملة بيان الأستاذ المحامي خليفة الهنائي:-


      ثانيا: بالنسبة لتهمة تعطيل وإعاقة حركة المرور المؤثـمة بنص المادة (137مكررا).

      1. يدفع المتهمون بانتفاء الركن المادي لجنحة تعطيل المرور
      إذ بينت مادة الاتهام السلوك الجرمي الذي يتحدد به الركن المادي للجريمة بقولها (... كل من أقدم قصدا بأية وسيلة كانت على سد الطرقات العامة بما يؤدي إلى منع عبورها أو عدم سهولة السير عليها ...)


      وإذ اشترط النص العقابي أن تؤدي الوسيلة أيا كانت إلى سد الطرقات العامة ومقتضى ذلك أن تكون الوسيلة فعلا ماديا يترتب عليه سد الطرقات، لأن سد الطرقات لا يمكن تصوره إلا من خلال فعل مادي وهو ما عبر عنه المشرع بلفظ (سد) الطرقات – فالسد لا يكون إلا بأفعال مادية – وأن تقع هذه الأفعال على الطرق بما يؤدي إلى منع أو عرقلة السير فيها.

      • وإذ الثابت بالأوراق أن المتهمين لم يتوسطوا شارعا أو طريقا وإنما كانوا وقوفا على رصيف المواقف باصطفاف طولي بما ينفى تماما قيام الركن المادي لجريمة تعطيل أو عرقلة الحركة المرورية في الشارع إذ لم يقم المتهمون بسد الطرقات حسبما يشترط النص العقابي.

      2. والدليل القاطع على أن المتهمين لا علاقة لهم بتعطيل الحركة المرورية على فرض حصولها، هو ما أثبته محضر التحريات إذ تضمن في نهايته وتحت بند (الموقف الثالث) ما نصه: ((في تمام الساعة 1800) وفي ساعة الصفر تم الإيعاز للقطاعات المشاركة بقطع الحركة المرورية عن جميع المسارات المؤدية للموقع تمهيدا لدخول قوة المهام الخاصة المقدر عددها (2) من الضباط وعدد (80) فرد من قوة مكافحة الشغب وعدد (10) من الشرطة النسائية حيث تمت العملية وفق الخطة المحددة وهي تطويق المعتصمين ومن ثم القبض عليهم ..)
      وبإمعان النظر فيما سطره مأمور الضبط بمحضر التحريات يتبين أنه تضمن الآتي:

      • إقراراً صريحاً بأن الشرطة هي من قامت بقطع الحركة المرورية عن جميع المسارات إذ صدرت أوامر لقطاعات الشرطة المشاركة بقطع الحركة المرورية عن جميع المسارات المؤدية للموقع.

      • وإن صدور أوامر بقطع الحركة المرورية عن جميع المسارات المؤدية للموقع يعني بوضوح أن حركة السير فيها كانت عادية ولو كانت غير ذلك فما هو الداعي لقيام الشرطة بقطعها.


      • كما إن عدد أفراد الشرطة القائمين بالعملية بلغ وفق الثابت بمحضر التحريات (92 فردا من الشرطة) وهو عدد كبير يكفي بذاته لإحداث ربكة مرورية.

      3. وعلى ضوء ما تقدم فإن التهمة الثانية المنسوبة للمتهمين والمتمثلة في اتهامهم بتعطيل حركة المرور لا يمكن تناولها بمعزل عن التهمة الأولى المتمثلة في التجمهر بقصد الإخلال بالنظام العام فهما مرتبطتان معا وجودا وعدما، و إذ خلص الحكم المستأنف بأن صورة الإخلال بالنظام العام تتمثل في تعطيل أو عرقلة الحركة المرورية، وإذا ما كان القصد الجنائي في التهمة الأولى والمتمثل في (قصد الإخلال بالنظام العام) منتفيا بحق المتهمين على النحو المبين تفصيلا صلب هذه المذكرة فإن ذلك يؤيده ويؤكد عليه انتفاء الركن المادي للتهمة الثانية والمتمثل في تعطيل وعرقلة الحركة المرورية – بما مؤداه إنعدام الجريمتين معا الأمر الذي يقتضى معه إعلان براءة المتهمين منهما.




      لـــــــــــــــــــــذلك


      يلتمس المتهمون الأول والسادس والسابع والثامن والحادي عشر من عدالة المحكمة الموقرة:

      أولا : بقبول الاستئناف شكلا.
      ثانيا: وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء ببراءتهم مما هو منسوب إليهم.


      جعلكم الله عونا وسندا للحق والعدل،،،

      الـمحامي/ خليفة بن سيف بن حمد الهنائي
      رقم القيد: (135/ع/2008م)
      مكتب خليفة الهنائي
      للمحاماة والاستشارات القانونية
      مدونتي الجديدة المستوحاة من غذاء العماني ماضيا وحاضرا tumoor.org/
    • =مذكرة دفاع الاستاذ المحامي حمدي عبدالجواد (عن مكتب يحيى المعمري للمحاماة والاستشارات القانونية):-

      مذكرة دفاع مقدمة من:-
      بسمة بنت مبارك بن سعيد الكيومية (متهمة ثانية)
      بوكالة مكتب يحيى المعمري للمحاماة والاستشارات القانونية فرع صحار.
      ضدالادعاء العام: (سلطة الاتهام)

      في الجناية رقم 164/2011 صحار – جلسة 13/3/2012-

      موضوع الاتهام سبق وتناوله قرار الاحالة ونحيل إليه منعا من التكرارالدفاع والدفوع

      كلمة لازمــة:

      ننوه وقبل الخوض في الدفاع إلى أن وكيل المتهمة بجلسة 17/10/2012 وجلسة 14/11/2012 قد سبق وطلب من المحكمة التصريح له بالحصول على نسخة مصورة من أوراق الدعوى أسوة بالادعاء العام وهو خصم معه أصول الأوراق والدفاع لا يتمكن إلا من نسخ الاطلاع بالنقل المكتوب، وحيث لم تستجيب المحكمة لذلك فإن هذا يخلق عدم تكافؤ بين طرفي الخصومة ويودي إلى إهدار حق المتهم والدفاع وهو ما يعرف بالاخلال بحق الدفاع. كما طلب وكيل المتهمة احضار شهود الاثبات وفريق الضبط لمناقشتهم تحت القسم بمعرفة المحكمة إلا أن المحكمة قد التفتت عن هذا الطلب مكتفية بأقوالهم أمام محكمة أول درجة.

      ** ولذلك نسجل في هذه المذكرة الدفع بالاخلال بحق الدفاع على ضوء ما سبق. نتلمس براءة المتهمة للأسباب الآتية:

      الاتهام الأول: التجمهر بقصد الاخلال بالنظام العامأولا: انتفاء الركن المعنوي والركن المادي للجريمة:

      1 – بالنسبة إلى واقعة التجمهر بقصد الاخلال بالنظام فهذه الجريمة لا تقوم إلا بتوافر الركن المعنوي لها وهو ركن خاص لهذه الجريمة يتمثل في القصد الجنائي بأن يكون التجمهر بنية احداث إخلال بالنظام العام. وهذا الاخلال المعروف قانونا سواء بالقانون العماني أو غير من القوانين هو محاولة الاتلاف أو التخريب أو تعطيل المرافق أو التعدي على الممتلكات العامة والخاصة.

      وحيث لم يثبت من الأوراق أو من أقوال شهود الاثبات أو فريق الضبط أن أيا من المتهمين قد صدر منه فعل ايجابي أو أي دلالات توحي بالأفعال السالفة البيان. ولم يظهر من الأوراق ما يثبت نية احداث الاخلال بالنظام العام، حيث كانت المتهمة ومن معها يقفون وقفة احتجاجية برفع لافتات تعبر عن رأيهم دون ترديد أي شعارات مسموعة وبطريقة منظمة وبالوقوف على جانب أعلى الرصيف في صف واحد وبأسلوب حضاري أشادت به جميع دول العالم. ولم يحمل أيا منهم سلاحا أو أي آلات تنم عن نية الشغب أو تمكنهم من الاخلال بالنظام العام، أوا لمساس بالمصالح العامة بأي شكل أو تعطيلها أو المساس بنظام الحكم ومصالح الدولة العليا. (مستند رقم 1 صورة فوتوغرافية للمتهمين أثناء الوقفة الاحتجاجية)،

      فهل ترى المحكمة أن الوقفة الاحتجاجية الحضارية السلمية الصامتة تشكل اخلالا بالنظام العام؟ هل تتساوى هذه الوقفة السلمية مع المظاهرات التي يتم فيها التخريب والاتلاف؟ فكيف يكون التعبير عن الرأي إذن؟؟

      ثانيا: انتفاء الوصف الجرمي إنه وفقا للمادة (35/2) من قانون الجزاء فإنه من أسباب التبرير اجازة القانون، أي أن يكون الفعل مجاز قانونا.
      وعملا بالمادة (36) من قانون الجزاء فإنه لا يعد جريمة الفعل المرتكب في ممارسة حق بغير تجاوز. ويعد ممارسة للحق كل فعل قضت به ضرورة حالية لدفع تعرض غير محق عن النفس أو الملك أو نفس الغير.وعملا بالمادة (38/1) من قانون الجزاء لا يعد جريمة الفعل المرتكب لواجب فرضة القانون.

      • ومن خلال ما سبق وبتطبيق هذه المواد القانونية على واقعة الاتهام يتضح الآتي:

      1– ان الفعل الذي صدر من المتهمة وجميع المتهمين هو فعل مجاز قانونا. حيث نصت عليه المادة (34) من النظام الأساسي للدولة، حيث اجازت للمواطنين الحق في مخاطبة السلطات العامة فيما ينوبهم من أمور شخصية او فيما لة صلة بالشئون العامة بالكيفية والشروط التي يعينها القانون. وقد صرحت المادة (29) من النظام الأساسي للدولة بأن حرية الرأي والتعبير عن بالقول والكتابة وسائر وسائل التعبير مكفولة في حدود القانون. ومن ثم فإن المتهمة وغيرها من باقي المتهمين قد استخدمت حقها القانوني في التعبير عن الرأي وبإجازة من القانون، فهل يجيز القانون حق التعبير عن الرأي ثم يعاقب من يعبر عن رأيه في ذات الوقت؟ وما هي وسيلة التعبير عن الرأي المقصودة؟

      2 – إن جميع العبارات التي استخدمها المتهمون جميعا من خلال اللافتات المكتوبة تمثل اعتراض على مخالفة القانون، والاعتراض على عدم تطبيق القانون وطلب الحرية للمعتقلين بدون محاكمات. وهذا يشكل حق الدفاع المشروع ويعد فعل قضت به ضرورة حالية لدفع تعرض غير محق عن نفس الغير. ومن ثم يكون هذا الفعل أيضا قد صدر استنادا إلى وجب فرضه القانون، وعملا بالمادة (38/1) من قانون الجزاء لا يعد جريمة.

      3 – إنه من شروط التجريم والعقاب وفقا للمادة (78/3) من قانون الجزاء عدم وجود أسباب مبررة تنفي عن الفعل الطابع الجرمي. ومن خلال ما سبق يتبين أن المتهمة وغيرها من المتهمين لديهم الأسباب المبررة التي تنفي فعلهم الجرمي وأنها أسباب لها تبريرها.

      يتبـــــــــع
      مدونتي الجديدة المستوحاة من غذاء العماني ماضيا وحاضرا tumoor.org/
    • تكملة مرافعة الاستاذ حمدي عبدالجواد:-


      الاتهام الثاني: سد الطرقات العامة
      جاء نص المادة (137 مكررا) من تعديل قانون الجزاء واضحا في أن الجريمة لا تقوم إلا بتوافر عدة أركان:
      الركن المعنوي: وهو القصد الجنائي الخاص على سد الطرقات العامة.
      الركن المادي: هو اتخاذ فعل مادي من شأنه سد الطرقات العامة بما يؤدي إلى منع عبورها أو سهولة السير عليها.

      وندفع هذا الاتهام بالآتي:
      أولا: انتفاء الركن المعنوي:
      وهو ركن خاص لهذه الجريمة يستوجب أن تذهب نية الفاعل إلى سد الطريق لمنع عبوره أو سهولة السير عليه.
      ولم يثبت من الأوراق ان إرادة المتهمين قد اتجهت إلى سد الطرق أو تعطيل المواصلات، حيث ان طريقة وقوف المتهمين أثناء التعبير عن رأيهم كانت بطريقة منظمة وعلى جانب أعلى الرصيف وداخل المواقف وليس على الطريق العام، وكان وقوفهم في صف واحد حتى لا يتسببوا في اعاقة حركة الطريق. (لطفا راجع المستند الأول).
      وهذه الأفعال لا تنم عن نية سد الطريق بل تدل على نية عدم التسبب في سد الطريق.
      ويدل على ذلك ما قرر به شهود الاثبات من أن حركة المرور تعطلت قليلا بسبب أن المارة كانوا يشاهدون المتظاهرين. فهل حدوث هذا الفعل من الغير بفرض صحته يعني توافر القصد والنية الجرمية؟؟؟

      ثانيا: انتفاء الركن المادي:
      إن انطباق هذا الركن لا يقوم باتخاذ فعل ايجابي باستخدام موانع طبيعية أو بشرية تقطع الطريق وتسده أمام المارة وأن يكون ذلك في طريق عام.
      والثابت من الاوراق عدم استخدام المتهمين لأي موانع لسد الطريق نظرا لطريقة الوقوف المنظمة على جانب الرصيف بل أعلى الرصيف وليس على الطريق. هذا بالإضافة إلى أن مكان وقوفهم داخل المواقف الخاصة وليس على الطريق ذاته، والمواقف الخاصة لا تعتبر من الطرق العامة حسب تعريف قانون لائحة تنظيم المباني. إذ أن المواقف وإن كانت ملكا عاما إلا أنه تم تخصيصها إلى مواقف خاصة * وأن من يسير على الطريق ليس في حاجة إلى الدخول إلى المواقف.

      أما إذا كان بعض العامة يسيرون ببطء لمشاهدة المعتصمين فهذا شأنهم.
      ولو كان فردا واحدا فقط قد وقف حاملا لافتة فلن تتغير النتيجة ولسوف يتباطأ المارة لمشاهدته.

      لذلك

      نلتمس من عدالة المحكمة القضاء:-
      ببراءة المتهمة مما نسب إليها.

      وكيل المتهمة الثانية
      المحامي/ حمدي عبدالجواد
      مكتب/ يحيى المعمري
      للمحاماة والاستشارات القانونية
      الصور
      • الوقوف في الرصيف.jpg

        123.92 kB, 960×637, تمت مشاهدة الصورة 284 مرة
      مدونتي الجديدة المستوحاة من غذاء العماني ماضيا وحاضرا tumoor.org/
    • مرافعة الاستاذ قيس بن علي القاسمي

      التاريخ: 21/11/2012م

      لدى محكمة الاستئناف – مسقط
      الدائرة الجزائية
      مذكرة في القضية رقم 587/2012 جزائي مسقط
      والمحدد لنظرها جلسة 21/11/2012

      مقدم من:-
      1. باسمة بنت سليمان بن صالح الراجحية (متهمون – مستأنفون)
      2. ناصر بن صالح بن خميس الغيلاني
      3. عبدالله بن محمد بن عبدالله الغيلاني
      4. مختار بن محمد بن سيف الهنائي
      5. محمد بن خليفة بن سالم الفزاري
      ضد:-
      الادعاء العام (ممثل اتهام)

      بوافر التقدير والاحترام، ونيابة عن موكلينا المتهمون المستأنفون بموجب التوكيلات القانونية السابق إرفاقها، نتشرف بتقديم مذكرة في الاستئناف أعلاه وذلك كما يلي:-

      الوقائع
      أولا: نحيل في شأن وقائع الاسئتناف وملابساته إلى ما جاء بالحكم المستأنف ونلتمس التكرم بالرجوع إليه وذلك تفاديا للتكرار.
      كما أننا نضم هذه المذكرة إلى المذكرات المقدمة من هيئة الدفاع والمرفقة في ملف محكمة أول درجة ونعتبرها جزءا لا يتجزأ من دفاعنا في الاستئناف الماثل أمام عدالتكم.

      ثانيا: ودفاع المستأنفين يوجز في الآتي:
      بالنسبة للتهمة الأولى المنسوبة للمتهمين المستأنفين:-

      1 - اشتركوا وآخرين في تجمهر مؤلف من أكثر من عشرة أشخاص في مكان عام – مواقف المركبات الكائنة بين بنك مسقط وقيادة شرطة محافظة مسقط بالحي التجاري بالقرم – وبقصد الإخلال بالنظام العام... و(هي جنحة التجمهر بقصد احداث الشعب والمجرمة بنص المادة 137 من قانون الجزاء).
      فمناط العقاب في جريمة التجمهر هو توافر شروط هي:-
      أ – وجود اتفاق بين جميع المتهمين
      ب – وجود توافق بين جميع المتهمين
      ج – أن يكون القصد من التجمهر الاخلال بالنظام العام.

      وبإنزال هذه الشروط بأوراق القضية نجد أن التحقيقات قد خلت من وجود اجتماعات أو تسجيلات صوتية أو أي دليل للاعداد لهذه الجريمة سواء من خلال اجتماعات أو اتصالات بين المتهمين بأشخاصهم تحديدا وحتى عندما تم سؤال شهود الاثبات وهم الضباط المكلفين بتحريات مسقط وضباط آخرين لم يستطيع أحد منهم أن يجزم بوجود اجتماعات أو تسجيلات على ارتكاب هذه الجريمة.

      2 – انتفاء الركن المعنوي للجريمة وكذا القصد الجنائي الخاص:-
      حيث أن مادة الاتهام اشترطت لقيام الجريمة في ركنها المعنوي هو قصد الاخلال بالنظام العام أي اتجاه علم وإرادة المتهمين إلى الاخلال بالنظام العام أي علم المتهمين بنتيجة الأفعال التي نتج عنه التجمهر، وقد ثبت نية المتهمين جميعا من خلال أقوالهم في جميع مراحل التقاضي من شرطة وإدعاء عام ومحكمة، حيث أفادت المتهمة الثالثة بقرار الإحالة/ باسمة بأنها شاركت في الوقفة أمام قيام الشرطة بالقرم وكنا بعيدين عن الشارع العام وكانت الحركة المرورية انسيابية واخترنا المكان لاعتقادنا أن زملائنا محبوسين في ذلك المكان للتعبير عن رأينا بالمطالبة بتمكين زملائي من حقوقهم القانونية. كما أفاد المتهم الرابع بقرار الاحالة/ ناصر الغيلاني بأنه تواجد مع البقية لوقفة اعتصامية يومي الأحد والاثنين ورفع لائحة كتب عليها نص المادة (24) من النظام الأساسي وبسبب بعدهم عن الشارع العام فإن الحركة المرورية، كما أفاد المتهم الخامس/ عبدالله الغيلاني أنه عندما ضبط كان متواجدا مع البقية في منطقة القرم التجارية يومي الأحد والاثنين وكانت الحركة المرورية انسيابية وكذلك ذلك بهدف الاعتصام والمطالبة بالافراج عن زملائنا الموقوفين بالقسم الخاص... كما أفاد المتهم التاسع/ مختار الهنائي والمتهم العاشر/ محمد الفزاري بمثل ما أفاد به المتهمون.

      بالإضافة إلى نفي الركن المعنوي وقصد الاخلال بالنظام العام من قبل شهادة الشاهد المقدم/ أحمد الرواس والذي يعد شاهد اثبات علما بأنه في هذه الاجابة على هذا السؤال أصبح شاهد نفي للواقع في صالح المتهمين حيث أجاب عند سؤاله عن تعطيل حركة المرور من قبل المتهمين بأنه حدث تباطؤ في حركة السير بسبب مشاهدة المتجمهرين، أي أن السبب في ذلك لا يرجع إلى المتهمين ولا دخل لإرادتهم في إحداث هذه النتيجة ولكن السبب هو مشاهدة المتجمهرين من قبل قائدي المركبات ومن ثم ذلك ينفي القصد الجنائي وهو الركن المعنوي من علم وإرادة.


      يتبـــــــــع
      مدونتي الجديدة المستوحاة من غذاء العماني ماضيا وحاضرا tumoor.org/
    • تكملة مرافعة الاستاذ قيس بن علي القاسمي:-


      علاوة على ما ورد في قرار الاحالة عند بيان القيد والوصف بالنسبة للتهمة الأولى لجميع المتهمين بأنهم اشتركوا وآخرين في تجمهر مؤلف من أكثر من عشرة أشخاص في مكان عام – مواقف المركبات الكائنة بين بنك مسقط وقيادة شرطة محافظة مسقط بالحي التجاري بالقرم – فإذا كان ما ورد في قرار الإحالة من أن مكان تواجد المتهمين هو موقف المركبات فإنه وبمفهوم المخالفة فإن موقف المركبات لا يعتبر طريقا عاما، أضف إلى أن مكان التجمهر – وهو موقف المركبات – يبعد بمسافة ليست بالقليلة عن الشارع العام، وبالتالي فإن ذلك يصلنا إلى نتيجة واحدة إلى أن التجمع في موقف المركبات لا يعرقل حركة السير بالنسبة للسيارات ومن ثم لا يوجد إخلال بالنظام العام.

      إضافة إلى عدم ورود أية شكاوى إلى غرفة عمليات المرور من قائدي المركبات بوقف أو تعطيل حركة السير في ذلك الطريق الذي به التجمع، أو تقدم أيا منهم بشكوى إلى أيا من مراكز الشرطة عن وجود عرقة للمرور في ذلك المكان مما يؤكد على انتفاء القصد بالاخلال بالنظام العام على النحو الوارد بالحكم المستأنف وهو عرقلة وتعطيل المرور في مكان الواقعة.

      وقد قضت محكمة النقض المصرية في شأن أركان جريمة التجمهر بالآتي:-

      وبالرغم من بعض الاختلافات في صيغة النصوص المصرية والعماني ولكن ظلت أركان الجريمة واحدة في كلا النصين والدعائم التي يستند عليها كل حكم سواء بالإدانة أو البراءة تظل مبدأ قانوني يجب الالتزام به.

      (يشترط لقيام جريمة التجمهر المؤثم بالمادتين الثانية والثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1914 – اتجاه غرض المتجمهرين الذين يزيد عددهم على خمسة أشخاص إلى مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذا لهذا الغرض، وأن تكون نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور، وأن تكون الجرائم التي ارتكبت قد وقع نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة، ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه دون أن يؤدي إليها السير الطبيعي للأمور، وقد وقعت جميعها حال التجمهر. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يدلل على توافر هذه العناصر الجوهرية في حق الطاعنين، وكان ما أورده في مجموعه لا يكشف عن توافرها، فإنه يكون مشوبا بالقصور، مما يعيبه ويوجب نقضه بالنسبة لهم).
      (طعن رقم 2835/32 ق مكتب فني 14 جلسة 10 – 6 – 1963 – صفحة رقم 496).

      النعي على المواد "2" ، "3 مكررا" من القانون رقم 10 لسنة 1914 في شأن التجمهر بمخالفة مبدأ شخصية العقوبة الذي قضت به المادة "66" من الدستور، مردود بأن المادتين الثانية والثالثة من القانون رقم 10 لنسة 1914 في شأن التجمهر حددتا شروط قيام التجمهر قانونا في أن يكون مؤلفا من خمسة أشخاص على الأقل، وأن يكون الغرض منه ارتكاب جريمة أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح أو التأثير على السلطات في أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها. ومناط العقاب على التجمهر وشرط تضامن المتجمهرين في المسئولية عن الجرائم التي تقع تنفيذا للغرض منه، هو ثبوت علمهم بهذا الغرض، وأن تكون نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور، وأن تكون الجرائم التي ارتكبت قد وقعت نتيجة نشاط اجرامي من طبيعة واحدة ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه دون أن يؤدي إليها السير العادي للأمور، وقد وقعت جميعها حال التجمهر. وبذلك يكون المشرع قد جعل من توافر أركان جريمة التجمهر على الوجه المعرفة به قانونا، أمرا تتحقق به صورة المساهمة في الجرائم التي يرتكبها أحد المتجمهرين جاعلا معيار المسئولية وتحمل العقوبة هو العلم بالغرض من التجمهر، وإتجاه الإرادة إلى تحقيق هذا الغرض، وكل ذلك باعتبار أن الأصل في الشريك أنه شريك في الجريمة وليس شاركا مع فاعلها، يستمد صفته هذه من فعل الاشتراك ذاته المؤثم قانونا، والنصوص المطعون عليها قد أنزلت العقوبة على مرتكب الفعل المؤثم وهو فعل المساهمة في جريمة جنائية وليس غيره، وما دامت أركان الجريمة قد توافرت في حق أي شخص فهو مرتكب لها، ومن ثم فإن المشرع لم يخرج عن القواعد العامة في التجريم والعقاب بل التزم بمبدأ شخصية العقوبة الذي تبدو أهم سماته في ألا يؤخذ بالجريمة إلا جناتها).
      (طعن رقم 1/9 ق مكتب فني 4 لجسة 29 – 4 – 1989 – صفحة رقم 228).
      (إن الفقرة الثانية من المادة 3 من القانون رقم 10 لسنة 1914بشأن التجمهر قد نصت على أنه "إذا وقعت جريمة بقصد تنفيذ الغرض المقصود من التجمهر فجميع الأشخاص الذين يتألف منهم التجمهر وقت ارتكاب هذه الجريمة يتحملون مسؤوليتها جنائيا بصفتهم شركاء إذا ثبت علمهم بالغرض المذكور". فيجب لأخذ المشتركين في التجمهر بهذه المادة، فضلا عن ثبوت علمهم بالغرض الممنوع ووقوع الجريمة أثناء اشتراكهم في التجمهر، أن يثبت أن وقوعها كان بقصد تنفيذ الغرض من التجمهر، فإن كان وقعت تنفيذا لقصد آخر سواء أكان بيته مقارفها أم كان قد نبت عند أحد المتجمهرين فجأة فلا يسأل عنها باقي المشتركين في التجمهر، كما لا يسألون عنها إذا ارتكبها مقارفها بقصد تنفيذ الغرض من التجمهر في رأيه متى تبين أن الالتجاء إليها لتنفيذ ذلك الغرض كان بعيدا عن المألوف الذي يصح أن يفترض معه أن غيره من المشتركين في التجمهر قد توقعوه بحيث تصح لذلك محاسبتهم عليه باعتباره من النتائج المحتملة من الاشتراك في تجمهر محظور عن إرادة وعلم بغرضه. فإذا كان الحكم قد أثبت أن الاحتشاد كان أول أمره مظاهرة سارت لمناسبة معينة "يوم الاضراب من أجل عرب فلسطين" فتصدى لها البوليس بالتفريق والمطارد فتخلفت عنها شراذم أفلتت من المطاردة وسارت في جهات مختلفة وقام أفراد من بعض الشراذم بإتلاف المحلات أو اختلاس ما فيها فلا تكون هذه الواقعة محلا لتطبيق المادة 3 من قانون التجمهر، إذ لا يمكن ربط هذه الشراذم المتفرقة بتلك المظاهرة ولا ربط ما وقع من حوادث الاتلاف والسرقة بالغرض الذي قامت من أجله قبل تفريقها أو تشتيها. ولا يكفي لمحاسبة المتهم عن النهب أن ثيبت أنه ارتكب اتلافا في أعقاب المظاهرة ما دام لم يثبت أنه كان من ضمن شرذمة معينة من تلك الشراذم التي اتخذت الإجرام السافر غرضا لها وأن ما حصل من الاتلاف والسرقة كان بقصد تنفيذ هذا الغرض الإجرامي).
      (الطعن رقم 1864/10ق – جلسة 18/11/1940 – مكتب فني 5 ع)

      (يشترط لقيام جريمة التجمهر المؤثم بالمادتين الثانية والثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1914 – إتجاه غرض المتجمهرين الذين يزيد عددهم على خمسة أشخاص إلى مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذا لهذا الغرض، وأن تكون نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور، وأن تكون الجرائم التي ارتكبت قد وقعت نتيجة نشاط اجرامي من طبيعة واحدة، ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه دون أن يؤدي إليها السير الطبيعي للأمور، وقد وقعت جميعها حال التجمهر. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يدلل على توافر هذه العناصر الجوهرية في حق الطاعنين، وكان ما أورده في مجموعة لا يكشف عن توافرها، فإنه يكون مشوبا بالقصور، مما يعيبه ويوجب نقضه بالنسبة لهم، لما كان ما أورده الحكم المطعون فيه في حيثياته يرشح لقيام حالة الدفاع الشرعي لدى الطاعنين، وكان قد دانهم دون أن يعرض لهذه الحالة أو يرد على انتفائها وعد توافها، فإنه يكون مشوبا بالقصور والتناقض في التسبيب مما يعيبه ويوجب نقضه.
      (الطعن رقم 2190/32ق – جلسة 4/2/1963 – مكتب فني 14).

      بالنسبة للتهمة الثانية طبقا لما ورد بقرار الإحالة:-

      2 – تسببوا في عدم سهولة سير المركبات على الطرقات المحيطة بمكان تجمهرهم بمنطقة الحي التجاري بالقرم وذلك حال مقارفتهم الجرم موضوع التهمة الأولى الأمر الثابت بالتحقيقات .... (جنحة تعطيل حركة المرور وإعاقتها المؤثمة بنص المادة 137 مكرر من قانون الجزاء).

      فطبقا للأسانيد والأدلة وأحكام النقص الذي أبديناها في انتفاء الركن المعنوي والقصد الجنائي الخاص في جريمة التجمهر وهو عدم قصد الاخلال بالنظام العام المتمثل في صورتها الواردة بالحكم المستأنف في تسبيبه من أن التجمهر أدى إلى عرقلة وتعطيل سير المرور فإننا نجد أن هذه الأدلة هي أيضا سند براءة المتهمين والمتعلقة أيضا بتعطيل حركة المرور فنحيل إليها وجعلها جزءا مكملا ومتمما لهذا الدفاع، حيث أن مادة الاتهام المذكورة استلزمت "الاقدام قصدا" ولم يستظهر الحكم المستأنف من خلال أدلة الثبوت توافر القصد الجنائي قبل المتهمين في جريمة تعطيل حركة المرور، وعلى فرض حدوث ذلك – فإن ذلك يعد من السير العادي والطبيعي للأمور وهي التجمع سواء كان ابتداء من قبل المتهمين وسواء كان انتهاء من قبل تجمع رجال الشرطة، وليس قصدا ونتيجة اجتمع على أساسها المتهمون وأرادوا بإرادتهم إحداث هذه النتيجة وهي عرقلة المرور أو عدم سهولة السير في الطرقات العامة.

      علاوة على ما ورد بشهادة النفي من الشاهد/ راشد بن سالم بن سيف الراشدي الذي نفى واقعة عرقلة السير في حق المتهمين وكذلك شهادة الشاهد/ عادل بن سيف البادي الذي قرر بأن المتهمين لم يعطلوا حركة المرور، علاوة على أنه لم ترد شكاوي أو بلاغات إلى غرفة عمليات المرور بوجود عرقلة أو سد طرقات من قبل المتهمين أو شكاوى بأحد أقسام الشرطة أو استغاثة من سد الطرقات.

      بالإضافة إلى أن نص مادة الاتهام استلزم تبيان الوسيلة التي استخدمها المتهمون في سد الطرقات العامة أو عدم سهولة السير فيها، حيث نصت المادة 137 مكرر على الآتي (... كل من أقدم قصدا بأي وسيلة كانت على سد الطرقات العامة...) فالملاحظ من أوراق الدعوى أو الحكم المستأنف أن المتهمين لم يستخدموا أية وسيلة من شأنها سد الطرقات وبالتالي عدم سهولة السير عليها، فعلى سبيل المثال لم يثبت أن المتهمين قد استخدموا مركباتهم ووضعها في منتصف الطريق العام أو استخدموا حواجز حديدية بغية سد الطريق وشل حركة السير، فمن الممكن أن يكون ذلك أمرا نمطيا وطبيعيا للمجرى العادي للأمور، ولكن هذه النتيجة لم يسعى إليها المتهمون ولم يقصدوها ومن ثم ينتفي لديهم القصد الجنائي بركنيه العلم والإرادة، وإذا انتفى القصد الجنائي انتفى الركن المعنوي للجريمة، ولا تقوم للجريمة قائمة إذا انتفى الركن المعنوي. علاوة أيضا على عدم توافر الركن المادي للجريمة وهو الفعل أو النشاط الإجرامي التي يتتحقق به الجريمة أيضا على النحو الذي أوردناه من عدم وجود أية وسيلة في الأوراق لكون المتهمون قد استخدموها قصدا لسد الطرقات أو عرقلة وتعطيل سير المرور.


      يتبــــــــــع
      مدونتي الجديدة المستوحاة من غذاء العماني ماضيا وحاضرا tumoor.org/
    • تكملة مرافعة الاستاذ قيس بن علي القاسمي:-

      بالإضافة إلى أن نص مادة الاتهام استلزم تبيان الوسيلة التي استخدمها المتهمون في سد الطرقات العامة أو عدم سهولة السير فيها، حيث نصت المادة 137 مكرر على الآتي (... كل من أقدم قصدا بأي وسيلة كانت على سد الطرقات العامة...) فالملاحظ من أوراق الدعوى أو الحكم المستأنف أن المتهمين لم يستخدموا أية وسيلة من شأنها سد الطرقات وبالتالي عدم سهولة السير عليها، فعلى سبيل المثال لم يثبت أن المتهمين قد استخدموا مركباتهم ووضعها في منتصف الطريق العام أو استخدموا حواجز حديدية بغية سد الطريق وشل حركة السير، فمن الممكن أن يكون ذلك أمرا نمطيا وطبيعيا للمجرى العادي للأمور، ولكن هذه النتيجة لم يسعى إليها المتهمون ولم يقصدوها ومن ثم ينتفي لديهم القصد الجنائي بركنيه العلم والإرادة، وإذا انتفى القصد الجنائي انتفى الركن المعنوي للجريمة، ولا تقوم للجريمة قائمة إذا انتفى الركن المعنوي. علاوة أيضا على عدم توافر الركن المادي للجريمة وهو الفعل أو النشاط الإجرامي التي يتتحقق به الجريمة أيضا على النحو الذي أوردناه من عدم وجود أية وسيلة في الأوراق لكون المتهمون قد استخدموها قصدا لسد الطرقات أو عرقلة وتعطيل سير المرور.

      كما أن الحكم المتسأنف سبب تسبيبا خاطئا وقاصرا عندما استند في الإدانة في جريمة تعطيل المرور إلى أن توجيه اللوائح باتجاه المارة بالطريق ومن ذلك اعترف المتهم محمود الجامودي بأن اللوائح لم يرى منها سوى واحدة وأن اللوائح الأخرى قد وجهت باتجاه الطريق، ومما لا شك فيه من أن المارة يثار لدى حفيظتهم تلاوة ما هو مكتوب في اللوائح مما ينتج عنه حتما التباطؤ في حركة المرور المؤثمة بنص المادة (137 مكرر) – الصفحة 19 من الحكم المستأنف.

      ومن ثم فقد الحكم المستأنف نفسه على عدم وجود إرادة للمتهمين أو تداخلها في إحداث النتيجة ولكن ليس يرجع إلى المارة، فعلى حد قول الحكم المستأنف أن أصحاب الاعلانات الموجودة على جاني الطريق وفوق أسطح المنازل يكون أصحابها متهمون دائما بجريمة تعطيل المرور لأنها تقرأ كل يوم من قبل سائقي المركبات.

      هذا من جهة، ومن جهة أخرى منذ متى قراءة الاعلانات أو اللوائح تعد جريمة من أصحابها بتهمة عرقلة المرور؟؟ّ!!! ومن ثم فإن الحكم المستأنف أصيب بالقصور في التسبيب في هذا الخصوص يبطل الحكم.

      بالنسبة للتهمة الثالثة الواردة بقرار الإحالة في حق المتهمة الثالثة، باسمة الراجحية:-
      (إهانة موظفين عموميين – رجال الشرطة – علانية بالكلام أثناء قيامهم بوظيفتهم وذلك بأن تلفظت عليهم بالقول "أنتم غربان" وفق الثابت بالتحقيقات.
      فمن ناحية فإن المتهمة المذكورة قد أنكرت الاتهام الموجه إليها في هذا الخصوص.
      ومن ناحية أخرى عدم إثبات شخصية من وجهت إليه هذا اللفظ محل الإهانة قد جاءت العبارة عامة وغير موجهة إلى شخص بعينه (أنتم غربان)، فالمجنى عليه في أي جريمة يجب أن يكون محددا وواضحا لا لبس فيه ولا غموض وخاصة في ظل إنكار المتهمة للتهمة وعدم وجود بيان على وجه الجزم واليقين الأشخاص المعنيين بالإهانة فإنه لا تكون هناك جريمة ولا واقعة ومن ثم عد توافر الركن المادي – فعل ونشاط إجرامي وعدم توافر الركن المعنوي وهو القصد الجنائي بركنيه العلم والإرادة.

      ومن ناحية أخرى اشترطت المادة (173) من قانون الجزاء في هذه الجريمة توافر صفة الموظف المهان، والتي عبرت عنها المادة (154) من ذات القانون. وبإنزال المادة على وقائع الاتهام نجد أن سلطة الاتهام ارتكنت على محضر التحري الذي أشار بالحرف ((قامت المواطنة باسمة الراجحي بإهانة رجال الشرطة بقولها أنتم غربان، حيث تم تصوير الواقعة بواسطة أحد أفراد المركز)) بينما أفاد الشاهد المقدم أحمد الرواس أنه لم يسمعها تقول اللفظ إنما أبلغه أحد الأفراد، وعندما سألته عدالة المحكمة عن اسم الفرد الذي سمع اجاب لا أذكر، بينما أفاد المقدم باصديق أنها كانت توجه النظر للأفراد وسمعها تقول لفظ غربان، وعندما سأل: هل سمعها غيرك، قال لا أعلم، وعندما سأل إن كان يعرفها سابقا أيضا، قال: لم أرها في الوقفة، وهنا نقف أمام هذه الشهادتين وبمحاضر التحقيق كالآتي:-

      أ – الشاهد الثاني كتب بنفسه أن أحد أفراد المركز من صور الواقعة وسمعها، بينما يقول في الجلسة أمام عدالة المحكمة أنه لا يعلم إن كان أحدا سمعها غيره!.
      ب – تناقض الشهادتين بين الاثنين خاصة وأنه في ذات الموقع يوم القبض.
      ج – تناقض الشاهد باصديق عما كتبه في محضر التحري.
      د – عدد أفراد الشرطة ثلاثة أضعاف عدد المتجمهرين ولم يسمعها سواء هذا الشاهد، أين بقية الأفراد؟
      هـ - كيف عرف الشاهد باصديق أن التي سمعها في لحظة القبض هي اسمها باسمة، بينما كافة المتهمين نقلوا إلى مركز سمائل، وهناك استلمت هوياتهم الشخصية؟
      و – أين هو الموظف الذي تم إهانته؟ وهل هو فعلا موظف؟ وهل كان يمارس وظيفته؟ فعدم معرفة الشخص (الموظف) يهدر ركن أساسي من الجريمة وهي صفة الموظف، فلا يعقل أن يأتي الاتهام دون إسناد الجرم. فالمجني عليه لا وجود له خاصة وأن هذه الجريمة من جرائم الأشخاص، وما يعزز ذلك استخدام المشرع عبارة (موظفا).

      وبناء عليه

      يلتمس المتهمون من عدالة المحكمة التفضل والتكرم والقضاء:-

      أصليا:-
      ببراءة المتهمين من التهم المسندة إليهم.

      احتياطيا:-
      اعمال نص المادتين رقمي (111/3) – (74) من قانون الجزاء بتخفيف العقوبة ووقف تنفيذها.

      على سبيل الاحتياط الكلي:-
      سماع شهود النفي وهم:-
      1. فهد بن خميس الخروصي
      2. عيسى بن حمد الطائي
      3. معاذ بن خميس المخيني
      4. سالم بين ربيع الغيلاني
      5. محمد بن راشد بن سالم الراشدي
      وذلك بخصوص انتفاء واقعة الاخلال بالنظام العام – وسد الطرقات أو عدم سهولة السير فها أو تعطيل المرور – وكذلك نفي واقعة إهانة الموظف العام.

      وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير

      وكيل المستأنفين
      المحامي/ قيس بن علي القاسمي
      مكتب قيس القاسمي ومنى عامر للمحاماة والاستشارات القانونية



      انتهت المرافعات
      في انتظار الحكم بتاريخ 12 ديسمبر 2012

      مدونتي الجديدة المستوحاة من غذاء العماني ماضيا وحاضرا tumoor.org/
    • الخاتمة

      إنه الثاني عشر من الشهر الثاني عشر للسنة الثانية عشر بعد الألفية الميلادية.. امتلأت القاعة بشباب عمان وبناتها وحتى ببعض آبائها وأمهاتها. دارت الأحاديث الجانبية: البعض يتوقع البراءة والآخر يتوقع الإدانة وثالثة يقول بأن الحكم سوف يكون لصالح كافة الأطراف، فلا الحكومة تريد تصعيد الموقف ولا تريد أن تخسر هؤلاء الشباب لتزج بهم في غياهب السجون..

      بالأمس كنت قد حضرت ندوة ثقافية تحدث فيها مؤلف وثائق عمان السرية عن مسيرته في جمع تلك الوثائق. كان الحضور مذهلا رغم صغر المكان في مقهى "سيكند كاب".. كان سعيد الهاشمي مبتسما دائما، رأيت رفيقه الأديب الكبير سما عيسى حاضرا بل كان مقدما للضيف. لمحت فيما بعد العزيز "بدر الجابري" وكأنه قد قدم من حلاق أبدع في ذقنه ومحياه الجميل وكأنه أيضا قد استعد لعرس فوق عروسه، ولما لا؟ فالبسمة لم تفارق ذلك الثغر الودود.. كما أن بدر قد تداخل أيضا مع الضيف وبكل ثقة في الحوار كما تعودنا منه في الحياة العامة أو هنا في المنتديات الالكترونية..

      في صباح اليوم كان سعيد ومختار ومحمد وبالطبع بدر مبتسمين أيضا،، مازحت احدهم قائلا بأنه لم يكن رفيقا مناسبا وسط أهله في الليلة المنصرمة بل كان باله مشغولا بأفضل الاحتمالات وأسوأها وبين البينين.. كنت أيضا قد لمحت الأختين باسمة الراجحية وبسمة الكيومية في مطلع هذا الأسبوع تتسوقان في "سيتي سنتر" وبعربة ممتلئة، سألت بدافع الفضول رغم أن باسمة كانت تحاول مداعبة ابنتي روضة إلا أن روضة كانت مشغولة بلعبتها الصغيرة. ردت باسمة وهم تبتسم بنظرة تشاؤمية بأن تلك الأغراض هي "لزوم السجن"... فقد كانت تتوقع الأسوأ..

      وهذا ما قد حدث اليوم!!!!!!!!!!!!!

      فقد أعلن للحضور بالدخول إلى قاعة المحكمة.. ساد بل خيم الصمت... دخل سعيد وناصر وباسمة وبسمة والآخرون إلى القفص.. طلب منهم الشرطي الخروج. ضحك من لاحظ ذلك قائلا بأن ذلك البراءة.. لذلك خرج هؤلاء وهم يتبسمون؛ فقد اعتقدوا بالفعل أنها البراءة..

      وصل فضيلة القضاة.. الشرطي ينادي برقم القضية وباسم المتهم فينطق فضيلة القاضي بالحكم...

      تأييد للأحكام المستأنفة.... يعني السجن....

      حسبنا الله ونعم الوكيل.... هكذا يردد معظم الحضور بعد كل حكم ينطق به القاضي....

      الأحكام السابقة كانت في الإعابة للذات السلطانية...

      بدأ الشرطي ينادي بالأسماء مجتمعة هذه المرة ... عرفنا أنه للمتهمين في التجمهر وقطع الطريق..
      نطق القاضي بصوت لم يسمعه أحد..

      طلب الحضور من فضيلته رفع صوته..
      تلعثم فضيلة القاضي..
      نطق مرة أخرى لكن أيضا بصوت غير مسموع..
      طلب الجمهور منه للمرة الثانية رفع صوته.
      للمرة الثانية يتلعثم فضيلته..
      ماذا كان النطق؟
      يتحدث الجمهور للمرة الثالثة يطالب من فضيلته برفع صوته...

      في المرة الأخيرة ينطق فضيلته بالحكم:-

      إسقاط حكم قطع الطريق...
      تثبيت تهمة التجمهر لستة أشهر، ودفع غرامة وهي (600) ريال..

      هنا ضجت المحكمة بأصوات من الجمهور بالاستنكار الشديد..

      يتقدم أحدهم بصوت عالي جدا ليقرأ بيتين من الشعر:-

      إذا جار الأمير وحاجباه *** وقاضي الأرض أسرف في القضاء
      فويل ثم ويـــل ثم ويـــل *** لقاضي الأرض من قاضي السماء

      قال البيتين بصوت جلل يكاد يسمع من خارج البناية..
      فضيلة القضاة خرجوا..

      استمر في الحديث...
      حتى الشرطة تركوه يتكلم بصوت عال جدا..

      تأتي امرأة لتصرخ هي الأخرى في ذلك الحكم.. بالتأكيد هي والدة أحدهم...
      حسبنا الله ونعم الوكيل....

      خرج الجميع بعد ذلك، في حين استمر ذلك الصوت وهو ينزل من الدرج معبرا عن رأيه في الحكم قائلا بأن الفساد مازال مستمرا وأن القضاء لم يستقل...

      في الختام......

      غرب الوجه البشوش لبدر الجابري ولسعيد الهاشمي ولناصر الغيلاني ولمحمد الفزاري ولمختار الهنائي ولباسمة الراجحية ولبسمة الكيومية وللبقية....

      فسوف يختفون عن الأنظار،، لن يكون هناك بدر الجابري ليحاورنا هنا بكل أريحية وموضوعية...

      ولن يكون سعيد الهاشمي وسطنا في "سيكند كاب" يقيم الندوات والأمسيات الثقافية...

      ولن يكون فلان وفلان وفلان....

      سوف يختفون ستة أشهر بأكملها...

      أولادهم بل وأمهاتهم بل وآبائهم بل وأخوانهم بل وأخواتهم بل وأصدقائهم سوف يكونوا بعدين عنهم إلا من سمحت لهم إدارة سجن سمائل بالزيارة....

      لن نقول في هذه نهاية هذه المحاكمات إلا: حسبنا الله ونعم الوكيل...



      انتهــــــــــــــى

      مدونتي الجديدة المستوحاة من غذاء العماني ماضيا وحاضرا tumoor.org/
    • مصلحة البلد فوق كل اعتبار
      وفي هذه الفترة الانتقالية الحساسة نرجو تكاتف جميع الجهود دون تحريض وتصعيد للمواقف
      الحكم صدر والملف اُغلِق ولنتأكد بأن الاب لا يضرب ابنه كرها فيه
      وانما لتعدي مساحات الحرية الآفاق .. كان لابد من وقفة للقضاء العماني

      عبرة لمن ينتهج النهج نفسه :)

      بن دارس
      شكرا لك اخي
      وكان الله في عونهم
    • قبلت المحكمة العليا اليوم الطعن المقدم إليها في قضية المتهمين بالتجمهر واستثنت ثلاثة منهم حيث لم يقبل الطعن في قضيتهم شكلا وهم محمد الفزاري ومحمود الرواحي وخالد النوفلي.
      وكانت محكمة الاستئناف قد قضت بحكم الإدانة بالسجن لمدة 6 أشهر مع غرامة مالية للمتهمين مستندة على نص مادة ملغاة وهي المادة 137 من قانون الجزاء العماني حيث تم تعديلها بموجب المرسوم السلطاني 96/2011.

      وحسب قيس القاسمي محامي السجناء المتهمين بجنحة ما سمي بـ “التجمهر” فإن القضية تحال مرة أخرى للاستئناف حيث يعاد النظر في قضيتهم بواسطة قضاة آخرين غير الذين حكموا في إدانتهم بالحكم السابق.


      حول خروج السجناء يقول القاسمي بأن الأمر يعود للاستئناف حيث سيتم اتخاذ الاجراءات المتبعة لإخراجهم حتى متابعة الحكم مع محكمة الاستئناف المعاد إليها القضية. وحول قبول الطعن يقول الحامي والقاضي السابق خليفة الهنائي عبر حسابه في تويتر “نقض الحكم يعني خطأ محكمة الاستئناف في تطبيق القانون، وفي هذه الحالة يحال الملف لهيئة قضائية أخرى، تكون ملزمة بالأخذ بأسباب نقض العليا للحكم”، وقال الدكتور زكريا المحرمي عبر تويتر أيضا أن “حكم المحكمة العليا يؤكد استقلال مؤسسة القضاء ونزاهتها” مباركا لمن أسماهم “سجناء الرأي” حكم البراءة الذي قضت به المحكمة العليا.
      يذكر أن قانون الإجراءات الجزائية في المادة 245 الذي استند عليه طعن المحكمة العليا يؤكد على أحقية النقض أمام المحكمة العليا إذا كان الحكم مبنيا على مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، أو إذا وقع بطلان الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم.

      رحمة الجديلية – البلد
      مدونتي الجديدة المستوحاة من غذاء العماني ماضيا وحاضرا tumoor.org/
    • قضية التجمهر 2012 (يوم الاعتقال)...

      رغم وصولها للمحكمة العليا ومضي حوالي 9 أشهر على وقوع الحادثة يبدو أن تفاصيل قضية التجمهر 2012 لا زالت لم تصل لكثير من الناس...
      وللأمانة الإعلامية أروي ما شهدته بنفسي يوم اعتقال المتظاهرين الذين اتهم وأدين منهم 11 شخصا لاحقا في قضية "التجمهر 2012":

      _ تاريخ الوقفة الإحتجاجيه: يوم الأثنين 11 \ 6 \ 2012 سبقتها وقفتان احتجاجيتان في نفس الموقع في اليومين السابقين السبت 9 \ 6 \ 2012 و الأحد 10 \ 6 \ 2012 بأعداد مختلفة من المحتجين.

      _ موقعها: على رصيف المواقف القريبة من بنك مسقط المقابل للقسم الخاص لشرطة عمان السلطانية (المبنى القديم لقيادة شرطة عمان السلطانية) في القرم.

      _ توقيتها: من الساعة 5:30 مساءا إلى قرابة 6 مساءا من ذلك اليوم.

      _ سبب الوقفة الإحتجاجيه: احتجاجا على ما اعتبره المحتجون "انتهاكات" للحقوق القانونية للمحتجزين حينها على خلفية ما سمي في ذلك الوقت بقضايا "الكتابات المسيئة" وعرف لاحقا بقضايا "إعابة الذات السلطانية".

      _ عدد المحتجين في ذلك اليوم: 26 شخصا على الأقل حسب ما توضحه الصورة أعلاه بينهم 5 نساء وهو تقريبا نفس العدد الثابت في محضر الضبط على حسب ما أتذكره من دفاع المحامين في المحكمه.

      الإعتقال: (على حسب ما أتذكره) كان تقريبا ما بين (الساعة 5:50 والساعة 6:00) من مساء الأثنين 11 \ 6 \ 2012 يعني أن مدة الوقفة الإحتجاجية كانت تقريبا ثلث ساعة على حسب تقديري ابتداءا من الساعة 5.30 مساءا.

      وهنا أروي ما حدث...
      قرابة الساعة 2 أو 3 ظهرا من يوم الأثنين 11 \ 6 \ 2012 تصفحت أحد مواقع التواصل الإجتماعي لأجد إعلان عن وقفة إحتجاجية أمام القسم الخاص (المبنى القديم لقيادة شرطة عمان السلطانية) في القرم احتجاجا على ما عبرعنه الإعلان بأنه "انتهاكات" للحقوق القانونية للمحتجزين حينها على خلفية ما سمي في ذلك الوقت بقضايا "الكتابات المسيئة" وعرف لاحقا بقضايا "إعابة الذات السلطانية". رأيت أنها وقفة إحتجاجية تستحق التغطية الإعلامية كوني اطلعت قبل ذلك على صور الوقفة الإحتجاجيه يوم السبت 9 \ 6 \ 2012 ولم أكن أعلم حينها أنه كانت هنالك وقفة إحتجاجيه كذلك يوم الأحد 10 \ 6 \ 2012.

      أبلغت مصور الجريدة مباشرة عن تلك الوقفة وتواجدت في الموقع قرابة الساعة (5:15 - 5:20) مساءا, تجولت حول المنطقة أتفقد المكان. لم يكن قد وقف حينها أيا من المحتجين في الموقع بينما كانت هنالك دورية واحدة للشرطة بنية اللون واقفة عند مدخل المواقف قبل بداية الوقفة الإحتجاجية. انتظرت المحتجين ليتجمعوا لمقابلتهم وكذلك فعل مصور الجريدة (ه المحروقي) الذي كان برفقتي ليلتقط صورا للوقفة بعد رفع لوائح مطالبهم وأسباب تلك الوقفه. وقف المحتجون صفا واحدا على رصيف المواقف القريبة من بنك مسقط المقابل للقسم الخاص لشرطة عمان السلطانية في القرم رافعين لوائحهم ولكن بدون هتافات(وقفة إحتجاجية صامتة) . ابتدأت مقابلة مجموعة من المحتجين تقريبا عند الساعة ٤0: 5 بسؤالهم عن سبب وقفتهم.......قابلت منهم ناصر صالح الغيلاني وبدر الجابري بالإضافة لشخص ثالث ثم انتقلت للعنصر النسائي المشارك في الوقفة فقابلت احداهن وقرابة انتهائي من مقابلة مشاركة أخرى في الوقفة أتفاجأ بتطويق مكان الوقفة من قبل شباب مكافحة الشغب بعمل حلقة حول المحتجين.

      "شباب...إخوان وأخوات إللي حاب يفك الإعتصام يتفضل يروح وإللي حاب يعتقل يتفضل يركب مع إخواننا في باص مكافحة الشغب" هذه العبارة التي أتذكر أني سمعتها من سعيد الهاشمي تلك اللحظات فجاء الرد عليها من قبل قائد القوة الأمنية حينها المقدم علي باصديق وكان بالزي العسكري حينها (عرفت اسمه في جلسات المحكمة فيما بعد) قائلا بما معناه: "خلاص. لا يمكن لأحد الإنصراف الآن والجميع مأمور بركوب الباص"... حينها تقدمت للمقدم علي باصديق وأريته بطاقتي الصحفية وأخبرته أني من جهة إعلامية أتواجد لتغطية ما يحدث فقال لي: (اسمحلي يا أخوي...عندنا أوامر باعتقال كل الموجودين في الموقع)...نظرت لباص مكافحة الشغب منتظرا دوري لركوبه وفجأة قام أحد أفراد القوة الأمنية بإخبار المقدم أحمد الرواس الذي كان موجودا كذلك في الموقع ولكن بالزي المدني فاقتربت منه وبعد الإطلاع على بطاقتي الصحفية وإجراء بعض الاتصالات سمح لي بمغادرة الموقع وكان حينها قد ركب جميع المحتجين باص مكافحة الشغب وتحركت الباصات على ما يبدو إلى السجن المركزي بسمائل كما سمعت من المقدم علي باصديق في حين أن الحركة المرورية بين جسر القرم والدوار المؤدي لحديقة القرم كانت مغلقة من قبل دوريات الشرطة لحظات الإعتقال...يتبع...
      (وقائع جلسة المرافعة الختامية في المحكمة الإبتدائية لقضية التجمهر)

      محمد البلوشي
      الأحد 10 \ 3 \ 2013
      مدونتي الجديدة المستوحاة من غذاء العماني ماضيا وحاضرا tumoor.org/