السلام عليكم ورحمة الله ،،،
من أجل إعداد جيل متميز من الأكادمين المتخصصين في مختلف المجالات العلمية والإنسانية
تسعى الجامعات في مختلف أنحاء العالم إلى الاهتمام بالبحث العلمي وتوسيع مجالاته لمسايرة
التطورات المتلاحقة ،
وتسعى للمزيد من التفاعل مع المجتمع المحلي وخدمته عبر الأبحاث العلمية ولكن هل البحث العلمي في الجامعات العربية يعاني ضعفا في الإنتاج البحثي والعلمي ، وهل تخرج الأبحاث العلمية الى حيز
التطبيق أم أنها تظل حبيسة رفوف المكتبات الجامعية ؟
وهل تنفق المكتبات العربية على البحث العلمي بالشكل الذي يتوافر مع أهداف تنميتها ؟
اذا كانت الإجابة بنعم ،،، ترى ما هو السبب في ذلك ؟؟
كما علمنا التاريخ أن التقدم والتأخر ليس حظوظا عمياء بل ترتكز على قواعد متينة
أهمها البحث العلمي ،،، فالبحث العلمي لم يعد رفاهية أكاديمية بمشاركة مجموعة من الباحثين وإنما
يعد ضرورة حياتية تتطلبها حركة التنمية في مجالاتها المختلفة ،،،،والبحث العلمي الفعال ليس بالأمر
الهين ولكنه ليس مستحيلا اذا ما عُقد العزم على ممارسته،،،،
ان البحث العلمي هو الذي يعطي الجامعة في المجتمع العربي معناها الحقيقي اذ بدونه تتحول الجامعة الى
مدرسة لا تختلف عما سبقها من مراحل التعليم ،،،وتعتبر الابحاث في العالم النامي ضرورة لحل المشكلات وبخاصة الاقتصادية أو الاجتماعية ولمواكبة التغيرات العالمية وتوفير التواصل مع العالم وللحفاظ على الكرامة الوطنية وعدم الاعتماد على الغير والمشاركة في حل المشاكل التي تواجه العالم ،،،،،،،،
وفي خضم هذا نبحث نحن العرب عن أسباب تخلفنا في البحث العلمي بوجه عام وفي البحث العملي التطبيقي بشكل خاص ولا ننسى انه في الآونه الأخيرة ظهرت بوادر ايجابية واعدة ترمي الى علاج مشاكل البحث العلمي في عالمنا العربي وتدفع بمسيرة الابداع والحث والتطوير وتعزيز الثقة بالذات الى الأمام ،،،،
من أسباب ذلك في نظري :-
1-نشوء البحث العلمي في بلادنا منقطع عما قبله وغير محرض لما بعده ،،، فنشأته كانت مبعثرة ولا تجمعه رابطة ولا يخدم المجتمع ،،، بل نشأ ضعيفا مقلدا للغرب .
2-ان الدوافع الاساسية للكثير من أعضاء الهيئة التدريسية في عالمنا العربي من تقديم البحوث هو الترقية الاكاديمية مما أدى الى ظهور الغث في البحوث ،،، كما ان الجيد من هذه البحوث ليس له علاقة
بحاجات المجتمع العربي بل يعتبر اضافة الى الرصيد الغربي وامتداد لابحاث يستفاد منها في غير عالمنا العربي .
3-أيضا عامل الدعم المادي كان له دور كبير في ظهور هذه المشكلة في العالم العربي وبالرغم من أن
منظمة اليونسكو أوصت أن تكون النسبة المخصصة للبحث العلمي لا تقل عن 1% من الدخل القومي
الا اننا نجدها في الوطن العربي لا تتجاوز 24, % من الدخل القومي!!
أما في الولايات المتحدة الامريكية فتبلغ 2,62% وفي فرنسا 2,4%،،،،،،.
4-ايضا سوء العلاقة بين المؤسسات البحثية والباحثين ومتخذي القرار عامل لا يستهان به في وجود هذه المشكلة بالرغم من كثرة المؤسسلت البحثية في الوطن العربي .
5-غياب الاقتناع الحقيقي بالعلوم الأساسيه والتطبيقية لدى الكثيرين من متخذي القرار كوسيلة لحل المشكلات الاجتماعية .
6-غياب الاعتماد على الذات في العلوم والثقافة ، وضعف الايمان بالقدرة الذاتية في التعامل مع العلوم
والتقنيات المتقدمة .
7-قلة عدد الكفاءات القادرة على البحث ، وعدم وجود سياسات واضحة ، وعدم توافر قاعدة للبيانات
، وضعف التفاعل الايجابي بين البحث ومؤسسات الانتاج ، ونقص التدريب على البحث العلمي ومتاهجه .
8-التهجير المنظم للكفاءات من البلاد العربية الى الدول الصناعية الكبرى،،، فهي عملية تهجير وليس هجرة
طبيعية لانها ليست عملية تلقائية ولا عشوائية ،،، كما انها ليست مؤقتة تعود بعدها الطيور المهاجرة الى
أوطانها ، ولكنها استجابة لتشريعات خارجية ، وانتقائية في اختيارها ، ومتصلة ومتزايدة في اتجاه واحد ، تنبع
من أنهار الدول الموصوفة بالتخلف وتصب في محيطات الدول الموصوفة بالتقدم .
واذا أردنا أن نطور البحث العلمي فعلينا أن أن نتبنى الجيد منه وننميه بتربية واعية تبدأ من داخل البيت ثم
ثم المدرسة وحتى الجامعة وننقله من وضع التلقي الأصم الى التقصي الخلاق ،،، غير ان التركيز على النقاط التالية مهم في حدوث ذلك ،،،
1-وضع سياسة بحثية رصينة عامة على مستوى كل دولة،
2-توفير المناخ العلمي وتشجيع روح البحث الجماعي .
3-الاهتمام بالنشيء من الصغر وتشجيع المخترعين والمبتكرين .
4-الاستفادة من خبرات الدول المتقدمة .
5-زيادة الانفاق على البحث العلمي ,
6-الاهتمام بالعلماء والباحثين وتقديم الحوافز المادية والمعنوية لهم من أجل أيقاف هجرة العقول العربية الى الغرب .
7- تطوير الدراسات العليا حتى تتمكن الجامعات من جذب الطلبة الطموحين والتوسع ببرامج الماجستير والدكتوراه لتنسجم هذه البرامج مع حاجات السوق .
8- تحسين ادارة الاموال المخصصة للأبحاث العلمية والتطوير ، والتقليل من القيود الادارية والقيود الروتينية التي لا تنسجم مع روح البحث العلمي .
9- الاختيار الدقيق للعاملين في مجال البحث العلمي من حيث الكفاءة سواء كانوا اداريين أو أكاديمين أو طلابا ، ويجب انتقاءهم وفق شروط معينة .
10-ربط الترقيات الأكاديمية بنتائج البحث العلمي وكفاءته ومردوده وليس بالبحث العلمي الطلق الذي لا يخدم المجتمع .
11- إعطاء الأستاذ الجامعي الاستقرار في جامعته والوقت الكافي للبحث العلمي وعدم إغراقه بالمسؤليات التدريسية والإدارية حتى يستطيع أن يستثمر طاقته بشكل جيد .
12-وضع أسس ومعايير تحكيم البحوث ومعايير اختيار المحكمين .
13-توفير الكوادر البشرية المدربة لذلك.
14-الربط الحقيقي بين جهود الباحثين في الجامعات وعمليات التنمية والتكنولوجيا …,,,
ومن الملامح المستقبلية التي من الضروري ملاحظتها هي تشجيع المزيد من التعاون البحثي المشترك بين الجامعات العربية لحل المشاكل المشتركة والمشاركة في استغلال الإمكانات والكوادر البحثية في تلك البلدان مما
سيوفر في سعر التكلفة والوقت والجهد المبذول في إنجاز البحث، وكذالك تحفيز ودعم البحوث المترابطة
بين فروع المعرفة مما سيثري النتاج البحثي ، وضرورة تشجيع انخراط المزيد من طلبة الدراسات العليا في البحوث العلمية ، وذلك لتخريج كوادر محلية مدربة ومؤهلة عمليا في المجال البحثي ،،،،…
: 
: 
: