وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

من موقع اسلام أون لاين :

تفاصيل الاستشارة والحل

الاسم / ايلاف - الأردن
العنوان / الاختلافات الفسيولوجية والبنية النفسية
الموضوع / تربوي
الاستشارة / (( لاحظت منذ مدة أن طفلي البالغ من العمر 23 شهرا يستخدم يده اليسرى في معظم الأوقات، وقد بدأت أنبهه أثناء الطعام إلى حمل الساندويتش وما شابه باليمنى فينقلها لكنه لا يلبث أن يعيدها إلى اليسرى، حتى إنه عندما يرسم يمسك القلم باليسرى بالطريقة الصحيحة، لكنه لا يجيد مسكه باليمنى.

والسؤال: ما الكيفية الصحيحة للتعامل مع الموضوع؟ علما أنه في عامه الأول كان يمص إبهامه الأيسر، وقد قمت بإلباسه قفازا قطنيا حتى تركه، وكان بعمر 9 شهور تقريبا.. فهل لهذا الموضوع أثر سلبي؟ ))

اسم الخبير: أ/مي حجازي

الحل

(( أختنا العزيزة إيلاف، أهلا بك أيتها الصديقة الدائمة للصفحة. لم نسمع منك منذ زمن ولا عن طفليك الرائعين، كيف حالهما؟ وما أخبار ما كنا نقترحه؟ هل وجدته مجديا أم مجرد كلام؟ بارك الله لك فيهم جميعا.. اللهم آمين.

أختي الحبيبة، قد تتوقعين مني أن ينصب حديثي حول إجراءات كيفية تدريب طفلك على استخدام يده اليمنى خاصة في الأكل.. هكذا أمرنا. فعن عمر ابن أبي سلمة رضي الله عنهما قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: "سم الله وكل بيمينك، وكل مما يليك". متفق عليه. لكن عذرا لن يكون هذا مدخلي للحديث، وإنما أمر آخر قد تستغربينه لا لشيء إلا لأنه قد يكون عكس التوقع.

أختي الحبيبة، إن اهتمامي الأول في كل استشاراتي هو التأكيد على الاهتمام بسلامة البنية النفسية لأطفالنا من خلال تقبلهم كما خلقهم الله تعالى، وهو ما كنت أشير إليه دائما بقول "الحب غير المشروط"؛ ذلك أننا المرآة التي يرى فيها أطفالنا أنفسهم، فإن تقبلناهم تقبلوا هم أنفسهم، وإن رأينا أنهم مختلفون ونفرنا من اختلافهم أحسوا بتشويه في أنفسهم وتشوهت صورة ذواتهم؛ فكل طفل يقبل نفسه أو يرفضها من خلال رفض أو قبول والديه، وخاصة أمه.

ولهذا فدعينا من البداية نتفق على شيء نلزمه بغض النظر عن أي شيء، وهو ضرورة قبول الطفل كما هو، والتعامل معه على أن ما به من اختلاف هو كأي اختلاف يكون بين الأشقاء في لون الشعر أو العينين أو الجلد.. هكذا خلقه الله، فلا دخل له في هذا الأمر، وبالتالي لا ينبغي أن يكون توجيهك للطفل في محاولات تدريبه على استخدام يده اليمنى في الأكل على الأقل بنوع من الزجر أو الضيق لبطء استجابته أو أي من هذا.

ونأتي لاستخدامه اليد اليسرى واليمنى:
رغم معرفتي بهذا الأمر فقد آثرت الرجوع إلى صفحة(استشارات صحية )، وقد أمدتنا الأستاذة بثينة محررة الصفحة بهذه المعلومات التي قامت مشكورة بترجمتها من موسوعة( infoplease.com

"يعتبر 90% من البشرية من مستخدمي اليد اليمنى. وقد كان من المتعارف عليه أن هناك ميلا فسيولوجيا يرجح الجانب الأيمن للجسد عن الجانب الأيسر في الاستخدام، وأن مركز الجاذبية يقع يمين خط الوسط الجسدي الذي يقسم الجسد نصفين متماثلين. وعلى أي حال فإن هذا يعتبر دليلا على الاعتماد بشكل أكبر على اليد اليمنى أكثر من كونه سببًا في استخدامها.

وقد أثبت الجدل العصبي (بين أطباء الأعصاب) حول هذا الموضوع أنه نظراً أن كلا جانبي الجسد يتم التحكم فيهما عبر النصفين الكرويين المتقابلين في المخ فإن زيادة تطور النصف الكروي الأيسر ينتج عنه استخدام أقوى للأطراف اليمنى.

وقد أثبتت الدراسات التشريحية أن مركز بروكا broca's center، وهو المنطقة المسؤولة عن الكلام والتناسق الحركي بالقشرة المخية عادة ما تكون متطورة بشكل قوي في النصف الكروي الأيسر من المخ لدى مستخدمي اليد اليمنى، في حين أنه في 70% من مستخدمي اليد اليسرى وجد أن هذه المراكز لديهم متطورة أكثر في النصف الكروي الأيمن للمخ.

ومع ترجيح علماء النفس لاحتمالية التفسير الثقافي فإنه رغم إمكانية تمرين الأطفال على استخدام اليد اليمنى، فهناك أدلة على أن نوع اليد المستخدمة يدخل فيه العامل الوراثي، كما أن الوصلات العصبية بين نصفي المخ والأطراف تكون موجودة منذ لحظة الميلاد. وأيد البعد عن التفسير الثقافي لنوع اليد المستخدمة بعضُ الأدلة على أن هناك فقريات أخرى غير الإنسان تؤثر الاعتماد بشكل أكبر على إحدى الأيدي أو المخالب.." انتهى ما جاء بالموسوعة.

معنى هذا أن استخدام طفلك ليده اليسرى يمكن أن يكون راجعا لأسباب فسيولوجية خارجة عن إرادته، وبالتالي فإن مدى استجابته للتدريب على استخدام يده اليمنى سيعطيك المؤشر بإذن الله على تأكيد هذا الاحتمال أو ينفيه وكذلك على بيان حدود تدريبه على استخدام يده اليمنى في حالة إذا كان طفلك فعلا أعسر.

فإذا تأكد لك أن طفلك أعسر بالفعل، فلا بد أن تتعاملي مع الموقف وبشكل مؤقت في هذه المرحلة على أنه أمر عادي وذلك بعدم التعليق ولو حتى بلمحات الوجه أو العين بما يدل على أن طفلك مختلف؛ حتى لا ينتقل إحساسك هذا إليه، وحتى لا يكون إحساسه نحو جسده فيه شكل من الازدواجية أو الخجل ويشعر أن جسده فيه خلل أو تشويه لأنه لا يستخدم يده اليمنى كباقي إخوته.

وبالتالي لا بد من التغافل عن هذا الاختلاف، بل على العكس لا بد من إحساسه بالتقبل فإذا ما تساءل عن سبب الاختلاف بينه وبين إخوانه أو الآخرين فوضحي له بهدوء أن هذا اختلاف وفروق فردية مثل لون الشعر والجلد.. قولي له إن معظم الناس يستخدم اليد اليمنى والبعض يستخدم اليسرى.

ومع ذلك فيفضل من الآن أن تركزي في تدريبه على استخدام يده اليمنى في الأكل، وكذلك في حمل الأشياء غير الثقيلة وما إلى ذلك، لكن بهدوء وبالتدريج الشديد وبتقبل وحب شديدين؛ فنحن هنا بين أمرين: بين فسيولوجيا الجسد وقانونها وبين العادات والمفروض (وهو ما ينبغي من استخدام اليد اليمنى)؛ لذلك ينبغي أن يكون التدريب واعيا وهادئا.

فإذا تأكد لك أنه يمكن مع التدريب المستمر تحقيق هذا الإنجاز (التغيير) فليكن التعامل بكل الترغيب والحب، لا على أنه تشويه بالبدن ينبغي تغييره، ولكن على أننا نفعل الأفضل دائما.
ولتعلمي أيتها الأم الفاضلة أنه أحيانا ما يكون هذا التغيير الفسيولوجي متبوعا أو مرتبطا بتمييزات أخرى وإمكانيات أخرى بديلة، فلا تنتظري إلى هذا الأمر على أنه مختلف أو مرفوض، ولكن حاولي مع الاستعانة بالله سبحانه وتعالى الوصول إلى المألوف والمرغوب.

أختي الغالية، جزاكم الله خيرا على إتاحة الفرصة لنا بالرد على سؤالك، وتابعينا دائما بأخبارك.






جميع الاستشارات المنشورة على شبكة "إسلام أون لاين.نت" تعبر عن آراء أصحابها من السادة المستشارين ، ولا تعبر بالضرورة عن آراء أو مواقف تتبناها الشبكة. انقر هنا لقراءة اتفاقية استعمال الخدمة و الإعفاء من المسؤولية. )) أ.هـ