الفيتو الامريكي المبارك****عبد الباري عطوان

    • الفيتو الامريكي المبارك****عبد الباري عطوان

      :eek: :eek:

      لم يفاجئنا الفيتو الامريكي في مجلس الامن الدولي، بل ربما ستكون المفاجأة بالنسبة الينا والكثيرين من امثالنا، لو ان المندوب الامريكي صوت لصالح مشروع القرار، الذي يدين اغتيال الطائرات الاسرائيلية للشيخ المريض المقعد احمد ياسين، زعيم حركة المقاومة الاسلامية حماس .
      فالادارة الامريكية ارادت ان تذكرنا ومئات الملايين من العرب والمسلمين، بأنها وفية للارهاب الاسرائيلي، وداعمة له، ولا يمكن ان تتراجع عن هذا الموقف، حتي لو اباد شارون الشعب الفلسطيني عن بكرة ابيه.
      فهذه الادارة، اقامت الدنيا ولم تقعدها، عندما قتلت مجموعة فلسطينية مقعدا يهوديا بطريق الخطأ، كان علي ظهر السفينة الايطالية المختطفة اكيلي لورو ، واعتقلت زعيم المنظمة المسؤولة السيد ابو العباس ، دون اي مسوغات قانونية، وقتلته داخل معتقله في بغداد، ورفضت حليفتها اسرائيل السماح بدفنه في ثري بلاده. ولكن عندما يتبناها حليفــــها شارون ويعترف بأنه اشرف بنفسه علي عملية اغتيال شيخ مقعـــــد، خارج لتوه من مسجده، بعد اداء صلاة الفجر، وارسل تهنئة الي ارهابييه، الذين نفذوا الجريمة، فانها ترفض مجرد الموافقة علي قرار دولي بادانته، او حتي الامتناع عن التصويت!
      ان الرئيس بوش هو اكبر هدية لتنظيم القاعدة وزعيمه الشيخ اسامة بن لادن، لانه بمثل هذه السياسات، ومثل هذه المواقف يجعل مهمة هذا التنظيم في تجنيد الانصار وتنفيذ العمليات الهجومية اكثر سهولة ويسرا.
      فعندما يشاهد مئات الملايين من الشبان المسلمين في مختلف اصقاع المعمورة جثمان الشيخ الجليل، وقد مزقته الصواريخ الاسرائيلية اشلاء، اثناء تشييعه الي مثواه الاخير لينضم الي قوافل الشهداء في جنات الخلد باذن الله، ويشاهدون في الوقت نفسه الادارة الامريكية توفر الغطاء الدبلوماسي والسياسي لهذه الجريمة، فان الغالبية الساحقة ستشعر بالحنق والغضب، تجاه هذا الموقف الامريكي المخجل الذي يتنافي مع كل الشرائع الدولية والاخلاقية. ولا غرابة بعد ذلك، ان يدفع هذا الشعور بالاذلال والمهانة والغضب ببعض الشبان، سواء داخل الارض المحتلة أو خارجها، الي التطرف، والانخراط في صفوف الاستشهاديين، والتحول الي قنابل بشرية.
      الرئيس الامريكي وأركان ادارته يساندون هذه الجرائم الارهابية الاسرائيلية، لانها في نظرهم تصب في خانة الدفاع عن النفس، بينما المقاومة الفلسطينية المشروعة ليست كذلك، وهي الارهاب بعينه، ويريدوننا بعد ذلك ان نصدق كل احاديثهم عن الديمقراطية، وحقوق الانسان والعدالة وضرورة العمل من اجل استقرار العالم وامنه وسلامه.
      الاسرائيليون الذين يملكون احدث ما انتجته مصانع الاسلحة الامريكية من دبابات وطائرات ومجنزرات يدافعون عن انفسهم بقتل شيخ ضرير مقعد، بينما الفلسطينيون العزل المنزوعو السلاح، ليس من حقهم الدفاع عن انفسهم وارضهم وعرضهم، وعليهم ان يقبلوا بالقتل اليومي لابنائهم، والتجريف المتواصل لمزروعاتهم، والنسف الروتيني لبيوتهم، واي احتجاج من جانبهم يعني ارهابا، وفق القواميس الحضارية الامريكية.
      اننا لا نلوم شارون، كما اننا لا نلوم ادارة الرئيس بوش اليمينية المحافظة المعادية للعرب والمسلمين، وانما نلوم ما يسمي بالقيادات العربية، التي اوصلتنا الي هذا الوضع المخجل المهين، وهي التي تملك الجيوش واجهزة الامن الجرارة، واهدرت مئات المليارات من ثروات هذه الامة بحجة التصدي للمشروع الصهيوني.
      ففي اجتماع وزراء خارجية الدول العربية، الذي بدأ اعماله امس في تونس للتحضير للقمة، لم يتطرق المتحدثون، ومن بينهم امين عام الجامعة السيد عمرو موسي، علي الاطلاق الي مسألة الاغتيال البشعة للشيخ ياسين، ومروا عليها مرور الكرام، خوفا من الغضبين الامريكي والاسرائيلي معا، الامر الذي يؤكد لنا ان هذه المسألة لن تطرح الا بشكل عابر، ربما علي جدول اعمال هذه القمة.
      الانظمة العربية لم تعد تعتبر اسرائيل عدوا، بل علي العكس من ذلك تماما، تري في المقاومة العربية، فلسطينية او لبنانية، العدو الاكبر الذي يعكر عليها صفو ما تبقي لها من اشهر او سنوات في السلطة قبل ان يجرفها طوفان الغضب الشعبي، لان هذه الانظمة ويا للمفارقة، اصبحت تخشي العصا الامريكية الغليظة، وتلجأ الي حكومة شارون طالبة الود والغفران، استجداء لعطف سيد البيت الابيض وتجنب تهديداته الاصلاحية، وشرق اوسطه الكبير. وهذا ما يفسر مسلسل الغزل لشارون وحكومته من قبل الحكومتين المصرية والاردنية في الفترة الاخيرة، حيث التقي العاهل الاردني شارون في مزرعته قبل اغتيال الشيخ ياسين بيومين، بينما كان الرئيس حسني مبارك يعكف علي اعداد قمة ثلاثية تجمعه مع شارون واحمد قريع (ابو العلاء) في شرم الشيخ لاعادة تأهيل رئيس الوزراء الاسرائيلي، وتقديمه الي العالم والعرب طبعا، كشريك اصيل في عملية السلام.
      الزعماء العرب، الذين سيجتمعون في قمة تونس سيسيرون علي نهج سيدنا المسيح، وسيديرون خدهم الايمن تارة، والايسر تارة اخري لصفعات شارون والادارة الامريكية في واشنطن، فقد آثروا السلامة، سلامة انظمتهم فقط، لا سلامة شعوبهم.
      الاسرائيليون اغتالوا العشرات من القيادات الفلسطينية، السياسية منها والميدانية، اغتالوا فرسان فتح الثلاثة كمال ناصر وكمال عدوان وابو يوسف النجار، ولم تتوقف المقاومة، واغتالوا فارس الانتفاضة الاولي ابو جهاد الوزير، ولم تتراجع عملياتها، واغتالوا الشيخ الموسوي زعيم حزب الله اللبناني، ولم تتوقف جهاد حزب الله، بل تكلل بأول هزيمة اسرائيلية وأول انسحاب من طرف واحد عن ارض عربية، واغتيال شيخ الانتفاضات والجهاد الفلسطيني، احمد ياسين لن يكون استثناء، او خروجا علي هذه القاعدة.
      شارون ارتكب أكبر خطيئة في حياته السياسية، باغتياله الشيخ ياسين، وقطعا سيدفع ثمنا غاليا لهذه الخطيئة، تماما مثلما دفع مناحيم بيغن ثمن غزو لبنان هزيمة واكتئابا، والانتهاء في مصحة نفسية لم يخرج منها الا الي القبر.
      العالم كله بات يدرك الان، ان اسرائيل هي مصدر الارهاب وهي احد ابرز اسبابه، والمسألة باتت مسألة وقت، اما التفاصيل فستتولاها القنابل البشرية الفلسطينية، التي تتهيأ حاليا للانتقام السريع.

      :eek: :eek:
    • وماذا نتوقع من هذه الداهية
      والقهر موقف الحكام العرب لم يتجرا اي احد منهم على رد هذه الطاغية ......وايضا عدم ذكر هذه الجريمة من بين مقررات القمة الفاشلة التي لايعرف مااهميتها

      لاحول ولاقوة الا بالله