[TABLE='width:70%;'][CELL='filter:;']
كان يفترض أن تصلكم هذه الرسالة لتتلى عليكم وأنتم مجتمعون في تونس الجميلة، لكن وبعد ما وقع بين وزرائكم من خلافات، لم يعد هناك مفر من إبلاغكم بها عبر وسائل الإعلام، فهي لن تخشى غضبكم، كما هو حال سكرتير منتداكم الآيل للسقوط، المسكين عمرو موسى، الذي بات يتحسس كل كلمة مخافة الإطاحة به، وهو بلا شك معذور، فالرجل ليس أكثر من "موظف" كما وصفتموه في أول خلاف معه، وبالتالي لا يمكن مقارنته مثلاً بحال خافيير سولانا ممثل الاتحاد الأوروبي، لهذا لم أسمح لنفسي يوماً بكراهيته، رغم كل ما يصدر عنه من عبارات التنديد بدولة إسرائيل، وبي شخصياً، ليقيني أنه لا يمتلك سواها، مع علمه بأنها تدغدغ مشاعر الدهماء، فإن كان لا يعرف كيف يرضيكم، فليس أمامه سوى إرضاء نزق الشارع.
وبداية اعترف بأنني فكرت طويلاً في اللفظ الذي ينبغي أن أخاطبكم به، ومع سعة حيلتي وبراعة من استشيرهم، لكننا جميعاً عجزنا عن التوصل إلى مفردة واحدة في لغتكم التي تحفل بالمترادفات والاشتقاقات، يمكنني أن أنطق بها فلا أشعر معها بالكذب ولا النفاق، وأنتم جميعاً تدركون حقيقة أنني ربما كنت استحق عشرات الصفات السيئة، لكن بالتأكيد ليس من بينها الكذب، ولعل هذا هو ما يجعل الكثيرين منكم يبغضونني، ويتمنون رحيلي إلى القبر أو إلى مزرعتي أمضي فيها ما تبقى لي من أيام في هذا العالم.
فكرت مثلاً أن أخاطبكم بالأصدقاء، لكن هذا الوصف سوف يستفزني شخصياً، أكثر مما سسغضبكم، فرغم صلتي القديمة ببعضكم، وبآباء البعض منكم، لكنني سأكون منافقاً لأقصى درجة ممكنة لو اعتبرت أن هذه الصلة صداقة، فالأصدقاء ـ على حد علمي بأخلاقيات الصداقة ـ لا يضعون لكل خدمة يقدمونها لبعضهم البعض مقابلاً، ولا يشترطون ضمانات للحصول على هذا المقابل، وهكذا كانت دائماً صلاتي بكم أو بالراحلين من أسلافكم.
وتراجعت عن مخاطبتكم بالأعداء، ليس خوفاً منكم، فأنتم تدركون جيداً أنني لا أخافكم مجتمعين ولا متفرقين، بل أنتم من تخافون مني، رغم أنني أجلس مهتزاً على مقعد الحكم في بلد ربما لا تعادل مساحته مزارع بعضكم، بينما أنتم تجلسون مطمئنين إلى بقائكم حتى الرمق الأخير، ثم توريث المقعد لأبنائكم وأحفادكم، ولا تقيمون للانتخابات ولا للأحزاب ولا حتى لشعوبكم أي اعتبار، ولكن في الحقيقة لأن صفة "العداوة" لا تنطبق عليكم جميعاً، فمن بينكم من ساندني بقصد ومن دون قصد في تحقيق المزيد من النجاحات، سواء على صعيد الوصول إلى الحكم أو البقاء فيه، أو حتى على صعيد إنجاز مهامي التي انتخبني لأجلها مواطنو دولة إسرائيل.
وحتى اللفظ الدارج بين الأمم والشعوب من الأغيار وهو "السيد"، لم أفكر في استخدامه حين أخاطبكم، لسبب بسيط وهو علمي بأنه لا يرضي غرور بعضكم ممن اعتادوا على المخاطبة بعبارات مطولة تستغرق كتابة بعضها سطراً كاملاً، من نوع "سيدي صاحب الجلالة أو الفخامة أو السمو .. المليك .. السلطان .. الأمير.. القائد .. الرئيس .. حاكم البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه"، كما أنني أخشى الخطأ في أي من هذه العبارات المطولة، كوني لم أقرأ ألف ليلة ولية كاملة، فضلاً عن أنني لم أتخرج في معاهد ملكية ولا أميرية ولا سلطانية، ولا أعتني كثيراً بالتقاليد المرعية.
لهذا اتفقت مع المستشارين على تجاوز هذه المسألة، وها هي كما تقولون ـ أول القصيدة كفر ـ لا أجد أي مساحة مشتركة للحديث معكم، لكن ما باليد حيلة، فلا أستطيع أن ألقيكم في المتوسط أو الأحمر، ولا أنتم استطعتم إلقاء دولة إسرائيل في أي من البحور والمحيطات، ولا مفر من البحث عن أي صيغة للتعايش معكم، وهذا يسوؤني ـ شخصياً ـ كثيراً، لكن ليست هناك ثمة بدائل، ولعل أحفادي لا يضطرون إلى ابتلاع هذا الأمر، حين ينجح أحدهم في اختراع شئ ما يعزلنا عنكم، ويعزلكم عنا، فنحن لن نلتقي لا في الدنيا ولا الآخرة، ولا ينبغي أن نعيش معاً على ظهر كوكب واحد.
وهكذا كما ترون فإنني تعلمت من اضطراري للتعاطي اليومي معكم على المقدمات الطويلة، رغم أنني اعتدت اقتحام صلب الموضوع في الدقيقة الثالثة للقاء، باعتبار أن هناك دقيقة لي وأخرى للطرف الآخر للترحيب والمجاملات، لكن وكما تقولون في أمثلتكم الشعبية "من عاشر القوم"، وأنا أعاشركم منذ أكثر من ستين عاماً، ومع ذلك لندخل في الموضوع، أو الموضوعات، ففي الحقيقة أن لكل منكم موضوعه الخاص به، لكنني ساكتفي بخطاب عام، وكلي ثقة بأن كل منكم سيتتحسس رأسه في لحظة ما، هو يدركها جيداً.
[/CELL][/TABLE]وبداية اعترف بأنني فكرت طويلاً في اللفظ الذي ينبغي أن أخاطبكم به، ومع سعة حيلتي وبراعة من استشيرهم، لكننا جميعاً عجزنا عن التوصل إلى مفردة واحدة في لغتكم التي تحفل بالمترادفات والاشتقاقات، يمكنني أن أنطق بها فلا أشعر معها بالكذب ولا النفاق، وأنتم جميعاً تدركون حقيقة أنني ربما كنت استحق عشرات الصفات السيئة، لكن بالتأكيد ليس من بينها الكذب، ولعل هذا هو ما يجعل الكثيرين منكم يبغضونني، ويتمنون رحيلي إلى القبر أو إلى مزرعتي أمضي فيها ما تبقى لي من أيام في هذا العالم.
فكرت مثلاً أن أخاطبكم بالأصدقاء، لكن هذا الوصف سوف يستفزني شخصياً، أكثر مما سسغضبكم، فرغم صلتي القديمة ببعضكم، وبآباء البعض منكم، لكنني سأكون منافقاً لأقصى درجة ممكنة لو اعتبرت أن هذه الصلة صداقة، فالأصدقاء ـ على حد علمي بأخلاقيات الصداقة ـ لا يضعون لكل خدمة يقدمونها لبعضهم البعض مقابلاً، ولا يشترطون ضمانات للحصول على هذا المقابل، وهكذا كانت دائماً صلاتي بكم أو بالراحلين من أسلافكم.
وتراجعت عن مخاطبتكم بالأعداء، ليس خوفاً منكم، فأنتم تدركون جيداً أنني لا أخافكم مجتمعين ولا متفرقين، بل أنتم من تخافون مني، رغم أنني أجلس مهتزاً على مقعد الحكم في بلد ربما لا تعادل مساحته مزارع بعضكم، بينما أنتم تجلسون مطمئنين إلى بقائكم حتى الرمق الأخير، ثم توريث المقعد لأبنائكم وأحفادكم، ولا تقيمون للانتخابات ولا للأحزاب ولا حتى لشعوبكم أي اعتبار، ولكن في الحقيقة لأن صفة "العداوة" لا تنطبق عليكم جميعاً، فمن بينكم من ساندني بقصد ومن دون قصد في تحقيق المزيد من النجاحات، سواء على صعيد الوصول إلى الحكم أو البقاء فيه، أو حتى على صعيد إنجاز مهامي التي انتخبني لأجلها مواطنو دولة إسرائيل.
وحتى اللفظ الدارج بين الأمم والشعوب من الأغيار وهو "السيد"، لم أفكر في استخدامه حين أخاطبكم، لسبب بسيط وهو علمي بأنه لا يرضي غرور بعضكم ممن اعتادوا على المخاطبة بعبارات مطولة تستغرق كتابة بعضها سطراً كاملاً، من نوع "سيدي صاحب الجلالة أو الفخامة أو السمو .. المليك .. السلطان .. الأمير.. القائد .. الرئيس .. حاكم البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه"، كما أنني أخشى الخطأ في أي من هذه العبارات المطولة، كوني لم أقرأ ألف ليلة ولية كاملة، فضلاً عن أنني لم أتخرج في معاهد ملكية ولا أميرية ولا سلطانية، ولا أعتني كثيراً بالتقاليد المرعية.
لهذا اتفقت مع المستشارين على تجاوز هذه المسألة، وها هي كما تقولون ـ أول القصيدة كفر ـ لا أجد أي مساحة مشتركة للحديث معكم، لكن ما باليد حيلة، فلا أستطيع أن ألقيكم في المتوسط أو الأحمر، ولا أنتم استطعتم إلقاء دولة إسرائيل في أي من البحور والمحيطات، ولا مفر من البحث عن أي صيغة للتعايش معكم، وهذا يسوؤني ـ شخصياً ـ كثيراً، لكن ليست هناك ثمة بدائل، ولعل أحفادي لا يضطرون إلى ابتلاع هذا الأمر، حين ينجح أحدهم في اختراع شئ ما يعزلنا عنكم، ويعزلكم عنا، فنحن لن نلتقي لا في الدنيا ولا الآخرة، ولا ينبغي أن نعيش معاً على ظهر كوكب واحد.
وهكذا كما ترون فإنني تعلمت من اضطراري للتعاطي اليومي معكم على المقدمات الطويلة، رغم أنني اعتدت اقتحام صلب الموضوع في الدقيقة الثالثة للقاء، باعتبار أن هناك دقيقة لي وأخرى للطرف الآخر للترحيب والمجاملات، لكن وكما تقولون في أمثلتكم الشعبية "من عاشر القوم"، وأنا أعاشركم منذ أكثر من ستين عاماً، ومع ذلك لندخل في الموضوع، أو الموضوعات، ففي الحقيقة أن لكل منكم موضوعه الخاص به، لكنني ساكتفي بخطاب عام، وكلي ثقة بأن كل منكم سيتتحسس رأسه في لحظة ما، هو يدركها جيداً.