خديجة المفرجية: المرأة العمانية تتبوأ موقعا مميزا من الإعراب الثقافي بشتى صنوفه - جديد جريدة الرؤية

    • خديجة المفرجية: المرأة العمانية تتبوأ موقعا مميزا من الإعراب الثقافي بشتى صنوفه - جديد جريدة الرؤية


      الرؤية- حنيفة بنت خميس العبرية
      -

      طالبت "آدم" بالأخد بيد "حواء" لتطوير رؤيتها الدينية
      • مراعاة الداعية لحاجة المتلقي تختصر المسافات لصالح الدعوة
      • التربية تعتمد على تقسيم الأدوار بين رعاة الأجيال داخل الأسرة وخارجها
      • التجديد في طرح الموضوعات يقاوم الملل الذي يعتري فئة الشباب
      • الموازنة بين المتطلبات المادية والمعنوية للأبناء يسهم في رفع معنوياتهم
      خديجة بنت علي بن ناصر المفرجية متزوجة ولديها أربعة أولاد، تحمل شهادة البكالوريوس في التربية الإسلامية وشهادة الدبلوم في التوجيه المهني من جامعة السلطان قابوس، عملت في سلك التربية والتعليم منذ عام 1998م، معلمة تربية إسلامية في محافظة الداخلية ولاية بهلاء ومن ثمّ معلمة أولى وبعدها انتقلت إلى وظيفة اختصاصية توجيه مهني، ثم انتقلت للعمل في العاصمة مسقط مشرفة مادة التربية الإسلامية في المديرية العامة للمدارس الخاصة منذ عام 2009-2010م وحتى الآن.
      وحول حياتها ومحاضراتها الدينية التي تلقيها على النساء كان لنا معها هذا الحوار
      * قدمت عدة محاضرات مختلفة المواضيع وكان لها الأثر الكبير في نفوس مستمعيها.. حدثينا عن أسلوبك وطرق الإقناع التي تستخدمينها وما يميزك؟
      لا يوجد شيء يميز خديجة المفرجية، التوفيق بيد الله عز وجل، والكلمة رسالة تعتمد على مستوى الثقافة التي يمتلكها كاتبها أو ناطقها وعلى مضمون ما تحويه الرسالة وكيفية إيصالها للمتلقي، فمهما كانت حاجة المتلقي للموضوع المطروح -شفهيًا أو تحريريًا- إلا أنّ الرسالة تظل غير مشبعة لحاجته ما لم تكن قد لامست عقله وقلبه، كما أنّ الأسلوب الذي يعتمد على الإلقاء الشفهي التقليدي للمحاضرة (أسلوب التلقين) لا يؤدي نفس النتيجة التي يقوم بها المحاضر الذي يعتمد على التنويع وإشراك الجمهور في المناقشة والتحليل وعدم الاستئثار بأحقية الكلام والاستعانة بوسائل إيصال مضمون المحاضرة بوسائل العرض الحديثة، خاصة فئة الشباب سريعي الملل، والأهم من ذلك التجديد في المواضيع والبحث عن احتياجات المجتمع، ومخاطبة العقل والعاطفة بأسلوب شيّق يدمج بين القصة والحقيقة العلمية والنص المؤيد وغيرها, كل ذلك يجعل الفئة المخاطبة تتشوق للحضور وبالتالي تكتسب المعرفة بصورة تجعله قادرًا بدوره على نقل الفكرة المكتسبة لغيره.

      * وماذا عن جمهورك؟
      جمهوري والفئة التي أستهدفها هي النساء بجميع الفئات العمرية، سواء كنّ طالبات مدارس، أو أمهات أو عاملات، ولكن هناك نقطة مهمة يجب أن نعيها جميعًا وهي ضرورة استيعاب فئة الشباب واستقطابهم للاستفادة من المحاضرات؛ لأنّ الإحجام عن الحضور يستوجب علينا البحث عن الأسباب وأهمّها أسلوب المحاضر والموضوع المدرج فالملاحظ أنّ فئة كبيرة من الناس يهمهم معرفة المحاضر ليتخذوا قرارهم في الحضور من عدمه، وهذا الشيء لمسته خلال مشواري في هذا الجانب ولكن بطبيعة الحال فإنّ على المحاضر ألا يضع نصب عينيه عدد الحضور بقدر محبته لتوجيه الناس, وعليه التأسي برسول الله في نشر الوعي؛ إذ بدأ بفئة قليلة وجاهد وصبر حتى تمكّن من كسب قلوب الأمم، وفي كثير من المحاضرات أواجه هذا الأمر، إذ يكون عدد الحاضرات يعد على الأصابع، ولكن لا أتراجع بل على العكس أمضي قدمًا، وأحسن الظن بأنّ الله يبارك في القليل، وفي مرات عدة يتجمهر ما يربو على المئات ولله الحمد.

      * منذ متى وأنت تمارسين الدعوة إلى الله؟
      بدأت مشواري في تقديم المحاضرات ونشر الوعي منذ ما يربو على الخمسة عشر سنة، وأركز في محاضراتي على المواضيع التربوية والدينية، وغالبا أبحث عن مواضيع تمس المرأة في المجتمع وأركز عليها؛ خاصة ما يتعلق بمسألة التربية وكيفية تنمية شخصيتها من جميع النواحي، والوعي الديني ودورها القيادي والفكري في بيتها وخارجه.

      * ما القيم والأهداف التي تسعين لغرسها؟
      تمكين المرأة وخاصة الطالبات من استغلال طاقاتهن فيما يعود عليهن بالخير بشكل خاص ومجتمعها بشكل عام، وتزويدها بجرعة تثقيفية تساهم في النهوض بفكرها نحو الأفضل ونشر الوعي بأنّها قادرة على العطاء، وتمحيص ما يحيط بها من أفكار والقدرة على صناعة القرار.

      * وما المشكلات التي تناقشينها في محاضراتك؟
      أسعى إلى حل مشكلات عزوف المرأة عن القراءة، وعدم الوعي بأهميّة التواصل بين أفراد الأسرة داخل البيت، وقلة الوعي الديني، ومشكلة الاهتمام بالشكليات على حساب الجوهر، وكذلك غياب دور المرأة المتعلمة في الكثير من المناطق عن المساهمة في نشر الوعي، وأخيرًا قلة التواصل بين البيت والمدرسة.

      * ما هي خطتك لاستغلال شهر رمضان المبارك؟
      هناك دروس أسبوعية ومحاضرات ومشاركة في أمسيات تقوم بها الأخوات في المجتمع، والمشاركة في برنامج إفطار صائم.

      * كيف تقيّمين إنجازاتك في هذا المجال؟
      أهم إنجاز لي هو القدرة على تقديم ولو قدر بسيط من حق أخواتي عليّ وأتطلع إلى اكتساب أكبر قدر من القلوب الواعيّة، والعقول المساهمة في نشر بذرة المعرفة، وبناء جيل من الأخوات القادرات على الأخذ بأيدي غيرهن نحو أفق أفضل في المجتمع وتصبح الفتاة أمًّا وأختًا وزوجة وبنتًا عظيمة بوعيها وفكرها، وبالتالي يكون مجتمعها ملاذا آمنًا لا تنهكه صروف الدهر بل تزيده ثباتًا ومحبة للعمل المخلص، وتصبح بصمتها شامة بين الأمم. وتطمح خديجة إلى مواصلة دراستها العليا حتى الدكتوراة, والمضي قدمًا في مجال نشر الوعي سواء باللسان أو القلم, والأخذ بيد المرأة وتخص بالذكر طالبات المدارس نحو الأفضل؛ لتضع بصمة طيبة تكون صدقة جارية لها بعد عبور رحلة الحياة إلى الدار الآخرة.

      * من يقف وراء إنجازاتك الدعوية؟
      لا أحد يقف ورائي أو يدعمني وإنّما هي جهود ذاتية وبقناعة موجودة عندي منذ زمن بأنّ عليّ حقًا تجاه مجتمعي يجب أن أؤديه، وهذا الشعور أو هذه القناعة حفزتني لذلك وأنا مستعدة لتقديم أي درس أو محاضرة ضمن الأطر المذكورة سلفًا، عدا في الفترة الأخيرة طلب مني مركز السلطان قابوس للثقافة الإسلامية مشكورًا، تقديم سلسلة من الدروس بعنوان ( دور المرأة المسلمة في التنمية) بواقع عشرة دروس متسلسلة ضمن خطتهم السنوية، تم تنفيذها في معهد العلوم الإسلامية بالجامع الأكبر وجامع السيدة ميزون، في الفترة من 16 أبريل إلى 18 يونيو 2012م، وقد لاقت حضورا طيبا ولله الحمد وهذا الأمر أعطاني دافعًا بأن هناك اهتماما جيدًا سيرافق مسيرة نشر الوعي في الأيام القادمة بإذن الله.

      * من وجهة نظرك.. ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه المرأة في الحياة؟ للمرأة العمانية على مر حقب التأريخ دور رائد في العديد من المجالات, وقد أبدعت الكثير من العمانيات في مجال الشعر والأدب والفقه وعلى رأسهنّ عائشة الرياميّة الفقيهة العالمة، والشعثاء بنت جابر بن زيد وفي الوقت الراهن هناك الكثير من النماذج النسائية في شتى المجالات، فقد تقلّدت العديد من المناصب القيادية، وكان لها موقعًا جميلا من الإعراب الثقافي بشتى صنوفه كالشعر والأدب والقانون وغيره، ولاشك بأنّ هناك وعيًا بالدور المنوط بها ولكن بقي أن نعرف بأن الطموح الذي ننشده في الرؤية الدينية من قبل المرأة العمانية وظهور هذه الرؤية بصورة محاذية للظهور الأدبي لا يزال بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لنجد المرأة العمانية تتبوأ مقعدها في المقدمة في المحافل الداخلية والخارجيّة، وتنافس بلسانها وقلمها في شتى المقامات، وهذا لا يعني أنّ القصور من جهة المرأة فحسب، فالرجل يجب عليه أن يأخذ بيد المرأة في هذا الجانب وينهض بهمتها لأنّ المجتمع طائر ذو جناحين لا يمكن الاستغناء عن أحدهما.

      * برأيك.. كيف يمكن تربية جيل صالح في خضم الحرب الإعلامية والتطور التكنولوجي؟
      كل عصر له مميزاته والإنسان هو الكائن القادر على التأقلم مع متغيرات الزمن والتربية في الزمن الراهن تواجه تحديات كثيرة خاصة وأنّ الجيل الحالي يتمتع بذكاء كبير يجعله قادرًا على التحدي، وعلينا ألا ننكر دور التكنولوجيا في المساهمة في تنمية هذا الذكاء وفي تغيير العديد من السلوكيات والعادات والتقاليد، لذا في رأيي أنّ أهم ركن من أركان التربية هو تقسيم الأدوار بين الرعاة لهذا الجيل داخل الأسرة وخارجها كالمدرسة والمسجد وغيره، فمعرفة كل واحد بدوره يجعل التربية ميسرة، فعلى سبيل المثال معرفة الأم لدورها والأب كذلك يساهم بشكل كبير في الأخذ بيد الناشئة نحو التعايش مع متغيرات عصره بصورة صحيحة، كما أنّ احتضان الأبناء معنويًا منذ الصغر وتنشئتهم على معرفة التمييز بين الصالح والطالح مما يحيط بهم من وسائل تكنولوجية وغرس القيم الصحيحة والأهداف الواقعية والطموحة، والتواصل الإيجابي بين البيت والمدرسة تجعله ينشأ على ثقافة الوعي، وبالتالي لن تتمكن منه هذه الوسائل كما أنّ وعي الأسرة بضرورة المتابعة وزرع الثقة غير العمياء تؤهل الأبناء إلى التقيد بالضوابط واحترام الغير، والمحافظة على النفس والمال والعقل من أي ضرر والموازنة بين المتطلبات المادية والمعنوية للأبناء من قبل الأسرة تساهم في رفع الروح المعنوية لهم ويقبلوا على مستقبلهم بثقة، فعدم ترك الحبل على الغارب للطفل في صغره يساعد الأبوين على ضبط سلوكه مستقبلا ويمكنهم من الاعتماد عليه في نشر ثقافة الوعي بين أقرانه ويكون قدوة تقر بها عيني أسرته.