"المسائل الأمنية" تهدد بنسف الاتفاق النفطى بين دولتي السودان - جديد جريدة الرؤية

    • "المسائل الأمنية" تهدد بنسف الاتفاق النفطى بين دولتي السودان - جديد جريدة الرؤية

      الخرطوم - الوكالات
      -


      شكل الإعلان عن الاتفاق النفطى بين السودان وجنوب السودان تقدما مهما فى المفاوضات بين البلدين، لكن طرح مراقبون اسئلة ملحة حول قدرة الاتفاق على الصمود فى ظل وجود عقبات متعلقة بقضايا خلافية أخرى وفى مقدمتها المسائل الأمنية.
      وكان وسيط الاتحاد الافريقي ثابو امبيكي قد أعلن أن السودان وجنوب السودان توافقا على تقاسم عائدات النفط، لافتا إلى أنه سيتم استئناف انتاج النفط الخام في جنوب السودان.
      ولم يكشف امبيكى تفاصيل الاتفاق، الا ان وسائل اعلام سودانية اشارت، أمس، إلى أن الجانبين اتفقا على مبلغ 25 دولارا و80 سنتا للبرميل كرسوم عبور ومعالجة لنفط الجنوب الذي يمر عبر الأنبوب والأراضي السودانية.
      وقال خبراء اقتصاديون "كان من الافضل التوصل الى تسوية لكل القضايا مجتمعة لانها شديدة الارتباط ببعضها البعض".
      وأضافوا: "من المعلوم ان نفط الجنوب ينتج فى المناطق الشمالية المحاذية لدولة السودان، وفى ظل عدم توفر الأمن على الشريط الحدودى فان ذلك يؤثر على صناعة النفط، وعلى انسيابه عبر اراضى السودان، وهذا أمر يستوجب حسم قضية أمن الحدود".
      لكن الدكتور إسحق بشير جماع وزير الدولة السابق بوزارة النفط السودانية يرى ان حل قضية النفط سيكون مفتاحا لحل القضايا الأخرى.
      وقال جماع: "ليس صحيحا ان القضايا الأمنية مقدمة على نظيرتها الاقتصادية، هذا الاتفاق سيحدث نتائج ايجابية بشأن القضايا العالقة الاخرى".
      وأضاف: "صحيح ان نفط الجنوب ينتج فى المناطق المحاذية للسودان، وسيكون من مصلحة الجنوب توفير الأمن وحماية ثروته النفطية، وسيكون الهم الأمنى مشتركا للسودان وجنوب السودان، على الاقل فيما يتعلق بمسارات النفط".
      وكان السودان قد أعلن في أكتوبر 2011 مطالبته باحتساب رسم عبور النفط شهريا على الصادرات النفطية لجنوب السودان بما يعادل 36 دولارا للبرميل الواحد، أي 23 بالمائة من نفط الجنوب الذى يمر عبر أراضيه.
      وتوضح الخرطوم أن رسوم العبور التى تطالب بها تقوم على أربعة عناصر، أهمها رسوم الترحيل وتبلغ 18.5 دولارا للبرميل وتحسب على أساس طول الخط البالغ 1610 كم وسعر الخام ورسوم عبور الأراضي السودانية وتم تحديدها بستة دولارات، ثم رسوم استخدام مرافق المعالجة المركزية وتبلغ خمسة دولارات ونصف للبرميل لهذه الخدمة، اضافة الى ستة دولارات لرسوم المناولة والشحن في ميناء بشائر.
      وقال خبير اقتصادي ان الرسوم التى اتفق عليها الجانبان وهى مبلغ 25 دولارا و80 سنتا للبرميل تعتبر معقولة وعادلة للطرفين.
      وأضاف: "من الواضح ان الجانبين قدما تنازلا مهما، فقد تراجع السودان عن مطالبته السابقة والبالغة 36 دولارا للبرميل، وفى المقابل وافق الجنوب على دفع المبلغ المعلن بدلا عن السعر الذى قدم المفاوض الجنوبى والذى كان يشكل اقل من دولار واحد.
      وتفجر الصراع النفطى بين البلدين بعد خمسة أشهر على انفصال الجنوب فى يوليو 2011 ، إذ قرر السودان بدءا من ديسمبر 2011 أخذ مستحقاته على مرور نفط الجنوب عبر اراضيه عينا إلى أن تتم تسوية نهائية.
      وفى العشرين من يناير 2012، أعلنت دولة جنوب السودان إيقاف إنتاج نفطها، الذي يتم تصديره عبر السودان، وأرفقت هذا الاجراء بإتهام الخرطوم بسرقة ما يصل إلى 1.4 مليون برميل بالقوة في ميناء بشائر بشرق السودان.
      ويعتقد الخبير الاقتصادى محمد الناير ان الاوضاع الاقتصادية هى دفعت السودان وجنوب السودان الى ايجاد تسوية لملف النفط.
      وقال "بالنسبة للجنوب فإنه مطالب بضمان مصادر تمويل تعوضه عن حوالى 650 مليون دولار شهريا تمثل عوائده من النفط، وذلك أمر غير متاح الآن".
      وتابع: "وفى المقابل فإن الخرطوم التى تواجه ضائقة اقتصادية غير راغبة فى زيادة متاعبها بالنظر للشح المستمر فى مواردها بالعملة الصعبة وارتفاع نسبة التضخم، ولذلك لم تكن هناك خيارات واسعة للحركة امام الطرفين فاضطرا إلى التوصل الى حل".
      ويحوي جنوب السودان 75 في المائة من الموارد النفطية للسودان في مرحلة ما قبل التقسيم، لكنه يحتاج إلى انابيب النفط الموجودة في الشمال للتصدير.
      وإضافة الى ملف النفط، فهناك خلافات عدة بين الجانبين على ترسيم حدودهما وعلى وضع المناطق المتنازع عليها، كما يتهم كل بلد الاخر بدعم مجموعات متمردة على أراضيه.