"أحيوا سنته"

    • تصحيح الأفكار في موضوع الرضا:

      هناك شبهات،
      أثارها بعض الجهلة حول موضوع الرضا، وما سببها إلا جهلهم وعدم تذوقهم لهذا المقام
      الرفيع، والإنسان عدو ما يجهل. أو يكون مَردُّها أنهم رأوا أُناساً من أدعياء
      التصوف، فاعتبروا أحوالهم الفاسدة ومفاهيمهم المنحرفة حجة على التصوف، دون أن
      يفرقوا بين السادة الصوفية الذين تحققوا بالإيمان والإسلام والإِحسان، وبين الدخلاء
      من أدعياء التصوف وإليك بعض هذه الشبهات مع الرد عليها.

      أولاً: أنكر جماعة
      الرضا من أصله فقالوا: لا يُتصور الرضا بما يخالف الهوى، وإنما يُتصور الصبر فقط،
      فهل يعقل أن لا يحس الإِنسان بألم المصائب، ولا يشعر بوقع الخطوب
      ؟!

      والجواب: إن الراضي قد يحس بالبلاء، ويتألم للمصيبة بحكم الطبع، ولكنه
      يرضى بها بعقله وإيمانه، لما يعتقد من عظم الأجر وجزالة الثواب على البلاء، فلا
      يعترض، ولا يتضجر، قال أبو علي الدقاق: (ليس الرضا أن لا تحس بالبلاء، إنما الرضا
      أن لا تعترض على الحكم والقضاء) ['الرسالة القشيرية' ص89].

      ومثله في ذلك مثل
      المريض الذي يحس بألم حقنة الدواء، ويشعر بمرارة العلاج، ولكنه يرضى بذلك لعلمه أنه
      سبب الشفاء، حتى إنه ليفرح بمن يقدم له الدواء ولو كان مرَّ المذاق كريه
      الرائحة.
    • قال عمر رضي الله عنه: (ما ابتُليتُ ببلية إلا كان لله عليَّ فيها أربع نِعم: إذْ
      لم تكن في ديني، وإذ لم أحرم الرضا، وإذ لم تكن أعظم، وإذ رجوت الثواب عليها) ['شرح
      الطريقة المحمدية' ج2 ص105].

      ومن ناحية أخرى: إن الراضي قد يحس بألم المصيبة
      بحكم الطبع، ولكنه يرضى بها حين يرجع إلى إيمانه بلطف الله تعالى وحكمته، وأن وراء
      كل فعل من أفعاله تعالى حِكماً خفية. ولطائف دقيقة، كما قال تعالى: {فعسى أنْ
      تكرَهوا شيئاً ويجعَلَ اللهُ فيه خيراً كثيراً}

      [النساء: 19].

      وبذلك
      يضمحل حزنه، ويزول تعجبه، ويعلم أن تعجبه كتعجب موسى عليه السلام من الخضر عليه
      السلام، لما خرق سفينة الأيتام، وقتل الغلام، وأعاد بناء الجدار، فلما كشف الخضر عن
      الحكمة التي اطلع عليها، زال تعجب موسى عليه السلام، وكان تعجبه بناء على ما أُخفي
      عنه من تلك الحكم ؛ وكذلك أفعال الله تعالى.
    • ومن جهة ثالثة: إن المؤمن الذي عمرت محبة الله تعالى قلبه، وأخذت عليه مجامع لبه لا
      يحس بوقع المصيبة، ولا يشعر بألمها، كما قيل:

      . . . . . فما لجُرحٍ إذا
      أَرضاكم ألم ولا شك أن المحبة لا يحس بها إلا من ذاقها:

      لا يعرف الوجد إلا
      من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها ولذلك ينكرها من لم يصل إليها.

      قال
      عامر بن قيس: (أحببتُ الله حباً هوَّن عليَّ كلَّ مصيبة، ورضَّاني بكل بليَّة، فلا
      أُبالي مع حبي إياه علام أصبحت وعلام أمسيت).
    • ثانياً: تسرَّعَ قوم فقالوا: إن الرضا يورث في المؤمن قبولاً لأعمال الفاسقين،
      واستحساناً لأوضاع العاصين، وهذا يؤدي إلى ترك الأمر بالمعروف والنهي عن
      المنكر.

      والجواب: أن هذا الفهم خطأ ظاهر، وجهل بيّن، فهل يعقل أن يهدم
      المؤمن حكماً من أحكام ربه، وركناً من دعائم دينه، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن
      المنكر ؟! مع العلم أن الله تعالى لا يرضى عن المؤمن إلا إذا أقام دينه، واتبع
      شريعته.

      وهل يُتصور أن يرضى المؤمن بأفعال الكافر مع أن الله تعالى لا يرضى
      بها كما قال تعالى: {ولا يرضى لعبادِهِ الكفرَ} [الزمر: 7].

      والحقيقة أنه لا
      تعارض بين الرضا بالله تعالى وبين إنكار المنكَر، لأن المؤمن يرضى بأفعال الله
      تعالى من حيث إنها صدرت من حكيم عليم، وأنها بقضائه ومشيئته، ولا يرضى بأفعال
      العصاة من حيث إنها صفتهم وكسبهم، ولأنها دلالة على أنهم ممقوتون من الله
      تعالى.
    • ثالثاً: ظن قوم خطأ أن من آثار الرضا بالله تعالى أن يترك الإنسان التضرع والدعاء،
      ويهمل اتخاذ الأسباب لجلب الخير ودفع البلاء، ويبتعد عن استعمال الدواء عند حصول
      الداء.

      والجواب: أن هذا فهم غير صحيح، إذ في الحقيقة أن من جملة الرضا بالله
      تعالى؛ أن يعمل المؤمن أعمالاً يتوصل بها إلى رضاء محبوبه سبحانه، وأن يترك كل ما
      يخالف أمره ويناقض رضاه.

      ومما يوصل إلى رضاء الله تعالى استجابة أمره في
      قوله: {ادعوني أستَجِبْ لكُم} [غافر: 60]. فالدعاء مخ العبادة، وهو يورث في القلب
      صفاءً وخشوعاً ورقةً تجعله مستعداً لقبول الألطاف والأنوار.

      ثم إن ترك
      الأسباب مخالف لأمر الله تعالى ومناقض لرضاه، فالله تعالى أمر بالعمل فقال: {وقُلِ
      اعملُوا فَسَيَرى اللهُ عمَلَكُم ورسولُه والمؤمنون} [التوبة: 105]. ودعا إلى السعي
      في طلب الرزق فقال: {هوَ الذي جَعَلَ لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكِبِها وكُلُوا
      مِنْ رِزْقِهِ} [الملك: 15].

      فليس من الرضا للعطشان أن لا يمد يده للماء؛
      زاعماً أنه رضي بالعطش الذي هو من قضاء الله ؛ بل قضاء الله وحكمه وإرادته أن يُزال
      العطش بالماء
    • وحين أراد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن يمنع جيش المسلمين من دخول الشام
      حذراً من الطاعون، قال له سيدنا أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه: (أفراراً من قدر
      الله ؟! فأجابه سيدنا عمر: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة! نحن نفِرُّ من قدر الله إلى
      قدره) [رواه البخاري في صحيحه في كتاب الطب باب ما يذكر في الطاعون عن ابن عباس رضي
      الله عنهما. ورواه مسلم في صحيحه في كتاب السلام باب الطاعون].

      فليس في
      الرضا بالقضاء ما يستلزم الخروج عن حدود الشرع، ولكن الرضا بقضاء الله تعالى معناه
      ترك الاعتراض عليه تعالى ظاهراً وباطناً، مع بذل الوسع للتوصل إلى ما يحبه الله
      تعالى ويرضاه، وذلك بفعل أوامره وترك نواهيه.

      وختاماً: فإن في سيرة الرسول
      الأعظم صلى الله عليه وسلم وخلفائه وصحابته الكرام رضوان الله عليهم والتابعين
      والصالحين فيض من الحوادث التي تدل على تحققهم بأعلى درجات الرضا، مما يضيق المجال
      عن سرد الكثير منها، ضُرب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الطائف بالحجارة حتى
      أُدمي عقبه فتوجه إلى الله تعالى مخاطباً: ومما قال: "إن لم تكن ساخطاً عليَّ فلا
      أُبالي".

    • وكان الصحابة الكرام يُعَذَّبُون في مكة ويقلب عليهم ألوان التنكيل والإيذاء وهم
      يتلقون ذلك كله بقلوب راضية، ووجوه مبتسمة، وألسنة ذاكرة.

      وروي أن عروة بن
      الزبير رضي الله عنهما قطعت رجله ومات أعز أولاده في ليلة واحدة، فدخل عليه أصحابه
      وعزوه فقال: (اللهم لك الحمد، كان أولادي سبعة فأخذت واحداً وأبقيت ستة، وكان لي
      أطراف أربعة فأخذت واحداً وأبقيت ثلاثة، فلئن كنتَ قد أخذت فلقد أعطيت، ولئن كنتَ
      قد ابتليتَ فقد عافيت).


      وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: (ما بقي
      لي سرور إلا مواقع القدر، قيل له: ما تشتهي ؟ قال: ما يقضي الله تعالى).

    • واعلم أن الله تعالى لا يرضى عن عبده إلا إذا رضي العبد عن ربه في جميع أحكامه
      وأفعاله، وعندها يكون الرضا متبادلاً كما أشار إلى ذلك الحق تعالى بقوله: {رضيّ
      اللهُ عنهُم ورَضُوا عنهُ} [البينة: 8].

      ولقد أدرك السادة الصوفية سر هذا
      التلازم والترابط بين الرضاءين، فقد كان سفيان الثوري يوماً عند رابعة العدوية
      فقال: (اللهم ارض عني، فقالت: أما تستحي من الله أن تسأله الرضا، وأنت عنه غير راض
      ؟! فقال: استغفر الله) [إحياء علوم الدين للغزالي ج4. ص336].

      ورضاء الله
      تعالى عن العبد هو أسمى منزلة وأرفع رتبة وأعظم منحة قال تعالى: {ومساكِنَ طيِّبَةً
      في جنَّاتٍ عدْنٍ ورضوانٌ مِنَ اللهِ أكبَرُ} [التوبة: 72]. فرضوان رب الجنة أعلى
      من الجنة، بل هو غاية مطلب سكان الجنة، كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم
      بقوله: "إن الله يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة! يقولون: لبيك ربنا وسعديك، فيقول:
      هل رضيتم، فيقولون: وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعطِ أحداً من خلقك فيقول:
      أنا أعطيكم أفضل من ذلك. قالوا: يا رب وأي شيءٍ أفضل من ذلك ؟ فيقول: أُحِلَّ عليكم
      رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً" [رواه البخاري في صحيحه في كتاب الرقاق باب صفة
      الجنة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه].
    • نمـــلة تلتمس
      العذر للانســـان ...!!!



      تأملوا معي يرحمكم الله حال هذه النملة،
      وقد يظن أكثرنا أنها حشرة صغيرة لا تملك من القوة والعقل ما يمتلكه الإنسان
      !






      انظروا لحسن أدبها ورجاحة عقلها
      وحسن ظنها ! ....كل هذا وهي ؟؟ (( نملة ))
      !!






      بينما نجد هذه الصفة
      ((
      التماس العذر للآخرين ))

      في بني الإنسان تعدم عند البعض أحياناً
      !!






      تأملوا ماذا قالت لما رأت نبي الله
      تعالى سليمان عليه السلام وجنوده
      !






      قال تعالى : {حتى إذا أتوا على واد
      النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يَحطِمَنَّكُم سليمان و جنوده وهم
      لا يشعرون }






      قالت : (( وهم لايشعرون
      ))




      يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره ( تيسير
      الكريم الرحمن ) ص603




      عرفت حالة سليمان وجنوده وعظمة
      سلطانه ، واعتذرت عنهم، أنهم إن حطموكم فليس عن قصد منهم ولا شعور فسمع سليمان عليه
      السلام قولها وفهمه { فتبسم ضاحكاً من قولها } إعجاباً منه بفصاحتها ونصحها وحسن
      تعبيرها . انتهى .






      فهي بقولها (( وهم
      لايشعرون ))




      التمست لبني الإنسان عذراً ,
      لتحطيمه لها , لدقة حجمها , واستحالة رؤيتها في حال انشغاله عنها بما هو أعظم
      !




      بينما نرى بني البشر اليوم
      !




      لا يلتمس لأخيه المسلم عذراً , ويتسلط عليه بإساءة
      الظنون , والتدخل في نوايا لم يؤمر بها بها
      !




      والسعي خلف الظن السيئ وتحريش الشيطان
      !




      كما قال صلى الله عيه وسلم : { إن الشيطان قد أيس أن
      يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم
      }






      فأين شباب الإسلام اليوم عن هذا
      المعنى { لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله
      إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث } أصبح التماس العذر اليوم عند البعض
      أمراً محال!






      فالبعض لايحسن إلا إساءة الظن
      بالآخرين !






      وكل الأسف أن يكون هذا التصرف ممن
      قد أحسنت ظنك فيهم , وحسبتهم من عداد أهل الخير الذين لايغفلون عن هذه الجوانب
      ..!




      عن أبي قلابة أنه قال : ( إذا بلغك عن أخيك شيئاً
      تكرهه فالتمس له عذراً ، فإن لم تجد له عذراً فقل : لعل له عذراً لا أعلمه
      )




      فيا اخوانى : ما أجمل أن يكون شعارنا حسن الظن
      بالآخرين , وامتثال هدي خير المرسلين, وصفاء السريرة على الإخوان , والبعد عن كل ما
      يمليه الشيطان , والتماس العذر لأخينا الإنسان رضىً للرحمن
      ..




      فقد أرادنا الله تعالى إخوة متحابين , غير متشاحنين
      ولا متباغضين ..




      فحري بنا أن لا نجعل غير المسلمين
      يفوقوننا بهذه الصفات , ونحن أهلها وأصحابها
      ..






      والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا به ...

    • التفاؤل




      [B]إنّ من الصفات النبيلة
      والخصال الحميدة التي حبا الله بها نبيه الكريم ورسوله العظيم صفة التفاؤل، إذ كان
      صلى الله عليه وسلم متفائلاً في كل أموره وأحواله، في حلِّه وترحاله، في حربه
      وسلمه، في جوعه وعطشه، وفي صحاح الأخبار دليل صدق على هذا، إذ كان صلى الله عليه
      وسلم في أصعب الظروف والأحوال يبشر أصحابه بالفتح والنصر على الأعداء، ويوم مهاجره
      إلى المدينة فراراً بدينه وبحثاً عن موطئ قدم لدعوته نجده يبشر عدواً يطارده يريد
      قتله بكنز سيناله وسوار مَلِكٍ سيلبسه، وأعظم من ذلك دين حق سيعتنقه، وينعم به
      ويسعد في رحابه.


      نعم إنه التفاؤل، ذلك السلوك الذي يصنع به الرجال
      مجدهم، ويرفعون به رؤوسهم، فهو نور وقت شدة الظلمات، ومخرج وقت اشتداد الأزمات،
      ومتنفس وقت ضيق الكربات، وفيه تُحل المشكلات، وتُفك المعضلات، وهذا ما حصل مع رسول
      الله صلى الله عليه وسلم عندما تفاءل وتعلق برب الأرض والسماوات؛ فجعل الله له من
      كل المكائد والشرور والكُرب فرجاً ومخرجاً.


      فالرسول صلى الله عليه
      وسلم من صفاته التفاؤل، وكان يحب الفأل ويكره التشاؤم، ففي الحديث الصحيح عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح: الكلمة الحسنة )
      متفق عليه.والطيرة هي التشاؤم.


      وإذا تتبعنا مواقفه صلى الله
      عليه وسلم في جميع أحواله، فسوف نجدها مليئة بالتفاؤل والرجاء وحسن الظن بالله،
      بعيدة عن التشاؤم الذي لا يأتي بخير أبدا.

      فمن تلك المواقف ما حصل له
      ولصاحبه أبي بكر رضي الله عنه وهما في طريق الهجرة، وقد
      طاردهما سراقة، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم مخاطباً صاحبه وهو في حال ملؤها
      التفاؤل والثقة بالله
      : ( لا تحزن إن الله معنا، فدعا عليه رسول
      الله صلى الله عليه وسلم فارتطمت فرسه - أي غاصت قوائمها في الأرض - إلى بطنها )
      متفق عليه.


      ومنها تفاؤله صلى الله عليه وسلم وهو في الغار مع
      صاحبه، والكفار على باب الغار وقد أعمى الله أبصارهم فعن أنس
      عن أبي بكر رضي الله عنه قال
      : ( كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار، فرفعت رأسي، فإذا أنا
      بأقدام القوم، فقلت: يا نبي الله لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا، قال: اسكت يا أبا
      بكر، اثنان الله ثالثهما )
      متفق عليه.


      ومنها تفاؤله بالنصر في
      غزوة بدر، وإخباره صلى الله عليه وسلم بمصرع رؤوس الكفر وصناديد
      قريش.


      ومنها تفاؤله صلى الله عليه وسلم عند حفر الخندق حول المدينة،
      وذكره لمدائن كسرى وقيصر والحبشة، والتبشير بفتحها وسيادة المسلمين
      عليها.


      ومنها تفاؤله صلى الله عليه وسلم بشفاء المريض وزوال وجعه
      بمسحه عليه بيده اليمنى وقوله: لا بأس طهور إن شاء الله.


      كل ذلك
      وغيره كثير، مما يدل على تحلِّيه صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة
      الكريمة.


      وبعد: - أخي القارئ الكريم - فما أحوج الناس اليوم إلى
      اتباع سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم : { لقد كان لكم في رسول
      الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا }
      (الأحزاب:21) . إن واقع أمة الإسلام اليوم ، وما هي فيه من محن ورزايا ،
      ليستدعي إحياء صفة التفاؤل ، تلك الصفة التي تعيد الهمة لأصحابها ، وتضيء الطريق
      لأهلها، والله الموفّق .

      [/B]
    • الزكاة
      الزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام لقول النبي محمد : "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله،
      وإقام
      الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً"،
      ومصطلح الزكاة مشتقة في اللغة العربية من كلمة "زكا"، والتي تعنى النماء والطهارة والبركة. و
      سميت الزكاة لأنها بحسب المعتقد الإسلامي تزيد في المال الذي أخرجت منه،‏ وتقيه الآفات، ك
      ما قال
      ‏ابن تيمية:‏ نفس المتصدق تزكو، وماله يزكو‏، يَطْهُر ويزيد في المعنى‏. أما تعريفها اصطلاحاً
      فهي الجزء المخصص للفقير والمحتاج من أموال الغنى، وهي الركن الثالث من
      أركان الإسلام
    • فضل الزكاة
      الحكمة من الزكاة‏ تطهير النفوس من البخل،‏ وهي من أعلى درجات التكافل الاجتماعي،
      مما يؤدي الي تقارب المجتمع وتكافلهم ‏وهي عبادة مالية، وهي أيضا سبب لنيل رحمة الله‏,‏
      ذكر
      القرآن‏:‏ ‏(‏ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة‏)‏ ‏سورة الأعراف :156،‏
      وشرط لاستحقاق نصره الله‏,‏ ذكر
      القرآن‏:‏ ‏(‏ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز‏,
      الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة‏)‏
      ‏سورة الحج :‏40- 41‏، ‏ وشرط لأخوة الدين‏،
      ‏ ذكر
      القرآن‏:‏ ‏(‏فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين‏)‏ ‏‏سورة ‏‏التوبة :‏11,‏
      وهي صفة من صفات المجتمع المؤمن‏,‏ ذكر
      القرآن‏:‏ ‏(‏والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض
      يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله
      ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم‏)‏
      ‏‏سورة التوبة:‏71‏‏,‏ وهي من صفات عُمّار بيوت الله‏,‏
      ذكر
      القرآن‏:‏ ‏(‏إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله‏)‏
      ‏سورة التوبة: ‏18‏،‏ وصفة من صفات المؤمنين الذين يرثون الفردوس، ذكر القرآن‏:‏ ‏(‏والذين هم للزكاة فاعلون‏) ‏ سورة المؤمنون: ‏4‏.
    • وبينت السنة مكانة الزكاة فعن ابن عمر أن رسول الله قال‏:‏ ‏(‏أُمرت أن أُقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله‏,
      ‏ وأنّ محمدًا رسول الله‏, ‏ ويقيموا
      الصلاة ويؤتوا الزكاة.‏‏)‏ أخرجه البخاري ومسلم‏, ‏
      وعن جرير بن عبد الله قال‏:‏ ‏(‏بايعت رسول الله على إقام
      الصلاة‏, ‏ وإيتاء الزكاة‏, ‏ والنصح لكل مسلم‏‏‏)‏
      أخرجه
      البخاري ومسلم‏, ‏ وعن ابن عمر أن رسول الله قال‏:‏ ‏(‏بني الإسلام على خمس‏:‏ شهادة أن لا إله إلا الله‏,
      ‏ وأن محمدًا رسول الله ‏, ‏ وإقام
      الصلاة‏, ‏ وإيتاء الزكاة‏, وصوم رمضان، ‏ وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا‏‏ ‏.‏‏)‏ أخرجه البخاري ومسلم‏.
    • حصة مقدرة من المال فرضها الله للمستحقين الذين سماهم في القرآن،‏ أو هي مقدار مخصوص في مال مخصوص لطائفة مخصوصة،
      ‏ ويطلق لفظ الزكاة على نفس الحصة المخرجة من المال المزكى‏.‏ والزكاة الشرعية قد تسمى في لغة القرآن والسنة صدقة كما ذكر
      القرآن
      ‏:‏ ‏(‏خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلّ عليهم إن صلاتك سكن لهم‏)‏
      ‏سورة ‏التوبة :‏103‏‏ وفي الحديث الصحيح
      قال رسول الله لمعاذ بن جبل حين أرسله إلى اليمن‏:‏ ‏(‏ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم
      أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم» رواه البخاري.
    • شروط الزكاة
      الإسلام، فلا تجب على غير المسلم.
      ملكُ النصاب، فلا تجب على غير القادر.
      حولان الحول (مُضى سنة كاملة),والحول يعتمد فيه الشهر العربي وليس الأفرنجي، عدا الخارج من الأرض فزكاته تجب عند اشتداد الحب وظهور نضج الثمار.
    • أحكام الزكاة
      تجب الزكاة في الأنواع التالية:
      الأنعام (الإبل والبقر والغنم وبعض العلماء أوجبها في الخيول كذلك).
      الخارج من الأرض كالحبوب والثمار والزروع المقتاتة حالة الاختيار.
      الذهب والفضة والمعدن والركاز منهما وما راج رواجهما في التعامل كالعملة الورقية والحلي (اختلف العلماء في وجوبها).
      أموال التجارة، ولكن لا تجب الزكاة في أدوات الإنتاج مثل المبانى والآلات والسيارات والمعدات والأراضى التي ليس الغرض بيعها والمتاجرة فيها.
      ولا تجب قبل بلوغ النصاب وحولان الحول إلا في المعدن فإنها تجب حالا بعد تنقيته من التراب وفي الركاز فإنها تجب حالا إن بلغ النصاب.
      والنصاب هو المقدار المعين من المال الذي لا تجب الزكاة في أقل منه وتختلف قيمة النصاب حسب نوع المال.
    • نصاب الزكاة وقدر الإخراج
      أول نصاب الزكاة في الإبل خمسة ويخرج عنها شاة عمرها سنة (جذعة ضأن).
      أول نصاب البقر 30 ويخرج عنها ذكر أو أنثى من البقر لها سنتان[3].
      أول نصاب العملات الورقية هو ما يكافئ (85) جراما تقريبا من الذهب الخالص ويتغير بتغير قيمة العملة، ونسبة زكاة الثروة النقدية 2.5% سنوياً وفقـاً للسنـة الهجرية.
    • مصارف الزكاة

      مصارف الزكاة ثمانية أصناف محصورة في قول القرآن "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها
      والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم "
      سورة التوبة آية 60 وهم :

      الفقراء: والفقير هو من لا يجد كفايته.
      المساكين: والمسكين من يجد كفايته بالكاد وقد لا تسد حاجته.
      العاملين عليها: وهم العمال القائمين على شأن الزكاة حيث أن الزكاة في الإسلام نظام كامل
      متكامل يتطلب من يقوم على تطبيقه والتفرغ التام له، ومن ثم أجاز الشارع الحكيم لهؤلاء العاملين عليها أن يؤجروا منها أي الزكاة.
      المؤلفة قلوبهم: وهم من يريد الإسلام أن يستميلهم، أو على الأقل أن يكفوا آذاهم عن المسلمين.
      في الرقاب: وهم العبيد والإماء المكاتبون أي الذين اتفقوا مع من يملكونهم على أن يتم تحريرهم نظير مبلغ معين فتجوز الزكاة لهم حتى يصبحوا أحراراً.
      الغارمين: والغارم هو الذي تراكمت عليه الديون فيأخذ من الزكاة مايفي دينه.
      في سبيل الله: وهم الغزاة المتطوعون وليس معناه كل عمل خيري، فلا يشمل عمل الرابطة أو الجمعية ولا أمثالها وبالتالي لا يجوز صرفه في نشاطاتها ونفقاتها. والفتوى بخلاف ذلك غلط فاحش يحرم العمل بها لمخالفتها نص القرءان وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأئمة المجتهدين وأقوالهم.نقل ابن هبيرة الحنبلي الإجماع على ذلك ذكره في الإفصاح فَلْيُتَنَبَّهْ وقال مالك في المدونة (2/59) :"لا يجزئه أن يُعطي من زكاته في كفن ميت لأن الصدقة إنما هي للفقراء والمساكين ومن سمَّى الله وليس للأموات ولا لبناء المساجد"اهـ.
      ابن السبيل: وابن السبيل هو المسافر الذي قد يكون نفد ماله وهو في مكان غير بلده فيعطى مايكفيه للعودة إلى بلده.
    • الزكاة وآل بيت النبي

      الصدقة والزكاة لا تحل لآل النبي محمد؛ وقد وردت أحاديث كثيرة في ذلك عن النبي منها ما رواه مسلم في صحيحه :
      أن النبي كان إذا أتي بطعام سأل عنه فإن قيل هدية أكل منها وإن قيل صدقة لم يأكل منها
      [4]. كما قال النبي لعمه
      العباس بن عبد المطلب: ((إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة؛ إنما هي أوساخ الناس))
      [5]. و عن أبي هريرة قال : أخذ الحسن بن علي
      تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه فقال رسول الله : ((كخ كخ، أرم بها، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة؟)) متفق عليه
      [6].

      وفي رواية : ((أنَّا لا تحل لنا الصدقة)) [7]، وقوله : ((كخ كخ)) يقال بإسكان الخاء ويقال بكسرها مع التنوين، وهي كلمة
      زجر للصبي عن المستقذرات، وكان الحسن صبياً. ولكن زكاة غنيهم على فقيرهم جائزة وهذا هو رأي شيخ الإسلام.

    • الزكاة والسعادة

      يقول باحثون كنديون إن اقتناء مبالغ طائلة من الأموال لا يجعل الإنسان أكثر سعادة، وإن مايعزز شعوره بالسعادة
      هو إنفاق المال على الآخرين. ويقول فريق الباحثين في جامعة بريتيش كولومبيا إن إنفاق أي مبلغ على الآخرين ولو كان خمسة
      دولارات فقط يبعث السعادة في النفس
      [1]. وهذا البحث يؤكد أن الزكاة تعمل على تزكية النفس وتطهيرها ورفع معنويات المنفق
      وتعطي دفعة نفسية أكبر للفرد تجعله قادرا على مواجهة مصاعب الحياة ويمكن القول أن الزكاة علاج نفسي للفرد وعلاج اجتماعي للفقر.
    • مقارنة بين الزكاة والضرائب

      الزكاة فريضة إسلامية لكن الضريبة يفرضها القانون.
      الزكاة تأديتها عبادة لله وتنجي الفرد من عذاب الآخرة والضريبة تأديتها انقياد للقانون حتى لايعاقب في الدنيا.
      الزكاة لا يمكن التهرب من آدائها لأن الله يراقب العباد لكن الضرائب يمكن للمرء التهرب منها.
      الزكاة تصل مباشرة من الأغنياء للفقراء أما الضرائب فقد يتهرب منها الأغنياء ويجبر على دفعها الفقراء.
      الزكاة يؤديها المسلم مقبل عليها وهو طائع لذلك فهي تبعث في نفسه السعادة أما الضريبة يؤديها الفرد وهو مجبر تحت سطوة القانون لذلك تزيد من الضغوط النفسية عليه مما يزيد من مخاطر الأمراض النفسية.
      المال يذهب في الضرائب بينما الزكاة تزيد المال وتطرح فيه البركة
      الزكاة لا يمكن نقل عبئها إلى شخص غير المكلف بها لإن هناك مؤسسة رقابية هي الحسبة سوف تقوم بتوقيع العقاب على من يثبت قيامه بذلك، إلا أنه من الثابت في الفكر الاقتصادي فكرة نقل العبء الضريبي والذي يؤدي إلى ظاهرة الركود التضخمي. فالضرائب باعتبارها تكاليف إنتاج سوف تساهم في صناعة التضخم(زيادة المستوى العام للأسعار) بينما لا تؤدي الزكاة إلى هذا المرض الاقتصادي الخطير.
      كما أن الزكاة تؤخذ من الأغنياء بينما الضرائب على نحو ما تقدم، يقوم بتحملها الفقراء وليس الأغنياء. وبالتالي تقوم الزكاة بدور اجتماعي واقتصادي إيجابي، بينما تقوم الضرائب (على نحو ما هو متبع في النظم الوضعية) بدور سلبي.
    • منع الزكاة
      ان الزكاة تقوي صلة المسلم بدينة وتطفيء غضب الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ حصنوا أموالكم بالزكاة وداوو مرضاكم بالصدقة” وقال تعالى “الشيطان يعدكم الفقر
      ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم” وتوعد الله مانعي الزكاة بقولة “والذين يكنزون الذهب والفضة ولاينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب اليم” ،
      فمنع الزكاة تسلب الرجل نعمة الطمأنينة في ظل ماله الممدود وخيره المشهود في نفوس الضعفاء والحق ان إخراج الزكاة سبب للنماء وطريق للسعادة ،ومنع
      الزكاة يؤدي إلى خلق مشكلات اقتصادية واجتماعية فتتفشى في المجتمع السرقة والنصب وظاهرة التسول والفحشاء والمنكر والغلاء فهذه بعض من الآثار إلي تنتج عن منع الزكاة.
    • قال تعالى {يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد} وهو مع
      غناه عنكم يأمركم بدعائه ليستجيب لكم، وسؤاله ليعطيكم، واستغفاره ليغفر لكم، وأنتم
      مع فقركم وحاجتكم اليه تعرضون عنه وتعصونه، وأنتم تعلمون أن معصيته تسبب غضبه عليكم
      وعقوبته لكم.
      ففي سنن ابن ماجة من حديث عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله
      عنهما قال: «كنت عاشر رهط من المهاجرين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل
      علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه» فقال: «يا معشر المهاجرين خمس خصال أعوذ
      بالله أن تدركوهن، ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى أعلنوا بها إلا ابتلوا بالطواعين
      والأوجاع التي لم تكن في أسلافكم الذين مضوا. ولا نقص قوم المكيال إلا ابتلوا
      بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان. وما منع قوم زكاة اموالهم الا منعوا المطر من
      السماء ولولا البهائم لم يمطروا. ولا خفر قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدواً من
      غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم. وما لم تعمل أئمتهم بما أنزل الله في كتابه إلا جعل
      بأسهم بينهم». فذكر صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث خمسة أنواع من المعاصي كل نوع
      منها يسبب عقوبة من العقوبات، ومن ذلك منع الزكاة ونقص المكيال يسببان منع
      المطروحصول القحط وشدة المؤنة وجور السلطان.
    • فقد ابتلي كثير من الناس اليوم بتضخم الأموال في أيديهم وصاروا يتساهلون في اخراج
      الزكاة اما بخلاً بها إذا نظروا إلى كثرتها، واما تكاسلاً عن احصائها وصرفها في
      مصارفها.

      قال تعالى: {أفرأيتم الماء الذين تشربون٭ أأنتم أنزلتموه من المزن
      أم نحن المنزلون٭ لو نشاء جعلناه أجاجاً فلولا تشكرون}، فهو الذي ينزل المطر بمنه
      وفضله ولو شاء لحبسه فتضرر العباد، وهو الذي يجعله عذباً فراتاً سائغاً شرابه، ولو
      شاء جعله ملحاً أجاجاً لا يصلح للشرب.
    • إن الله أرشدنا عند احتباس المطر إلى أن نستغفره ،
      فالاكثار من الاستغفار والتوبة من أسباب نزول المطر قال تعالى{فقلت استغفروا
      ربكم إنه كان غفاراً٭ يرسل السماء عليكم مدراراً٭ ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم
      جنات ويجعل لكم انهاراً} مما يدل على أنه مطلوب من المسلمين جميعاً عند امتناع
      المطر أن يحاسبوا أنفسهم ويتوبوا إلى ربهم لأن ذلك بسبب ذنوبهم كما قال أمير
      المؤمنين علي بن أبي طالب: «ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة» فاتقوا الله
      وتوبوا إليه. فاذا دعانا ولي الأمر خادم الحرمين الشريفين إلى صلاة الاستسقاء
      فبادروا باخراج الزكاة والصدقات فإن المال لن يدفن معنا ولن ينفعنا إلا إذا صرفناه
      لمستحقيه على الفقراء والمساكين والأرامل والأيتام والمعسرين والمدينين. وأكثروا من
      الاستغفار من الذنوب والمعاصي، فكلكم خطاء وخير الخطاءين التوابون.
    • أدلــة تحريم الغنـــــاء والموسيـــقى من الكتاب والسنة


      قالهتعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} [سورة لقمان:6].

      قال حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما: هو الغناء، وقال مجاهد رحمه الله: اللهو: الطبل (تفسير الطبري) وقال الحسن البصري رحمه الله: "نزلت هذه الآية في الغناء والمزامير" (تفسير ابن كثير).

      قال ابن القيم رحمه الله: "ويكفي تفسير الصحابة والتابعين للهو الحديث بأنه الغناء فقد صح ذلك عن ابن عباس وابن مسعود، قال أبو الصهباء: سألت ابن مسعود عن قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ}، فقال: والله الذي لا إله غيره هو الغناء -يرددها ثلاث مرات-، وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا أنه الغناء.." (إغاثة اللهفان لابن القيم).
    • وكذلك قال جابر وعكرمة وسعيد بن جبير ومكحول وميمون بن مهران وعمرو بن شعيب وعلي بن بديمة و غيرهم في تفسير هذه الآية الكريمة. قال الواحدي رحمه الله: وهذه الآية على هذا التفسير تدل على تحريم الغناء(إغاثة اللهفان).

      ولقد قال الحاكم في مستدركه عن تفسير الصحابي: "ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي و التنزيل عند الشيخين حديث مسند".وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه إغاثة اللهفان معلقا على كلام الحاكم: "وهذا وإن كان فيه نظر فلا ريب أنه أولى بالقبول من تفسير من بعدهم، فهم أعلم الأمة بمراد الله من كتابه، فعليهم نزل وهم أول من خوطب به من الأمة، وقد شاهدوا تفسيره من الرسول علما وعملا، وهم العرب الفصحاء على الحقيقة فلا يعدل عن تفسيرهم ما وجد إليه سبيل".
    • وقال تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} [سورة الإسراء:64].

      جاء في تفسير الجلالين: (واستفزز): استخف، (صوتك): بدعائك بالغناء والمزامير وكل داع إلى المعصية وهذا أيضا ما ذكره
      ابن كثير والطبري عن مجاهد. وقال القرطبي في تفسيره: "في الآية ما يدل على
      تحريم المزامير والغناء واللهو.. وما كان من صوت الشيطان أو فعله وما يستحسنه فواجب التنزه عنه".