صرخة استغاثة - جديد جريدة الرؤية

    • صرخة استغاثة - جديد جريدة الرؤية





      محمد حاردان
      -
      لا يبدو مستقبل نبيل بن ناصر الحسني مشرقًا كإشراقة شمس مسقط في ذلك الصباح؛ بالرغم من أنّه تقدم بطلبه إلى الهيئة العامة لسجل القوى العاملة التي تبذل العديد من الجهود لتأمين فرص عمل مناسبة لأولئك الباحثين عن عمل.
      هذا الشاب في العقد الثاني من عمره وقد التقيته في مقر تسجيل حصر الباحثين عن عمل في مكتب والي بوشر.. ارتسمت على وجهه الصغير ملامح الحيرة، وعكس الدهر على عينيه قلقًا عميقًا، يأمل في أن تلقى معاناته صدًى، وأن تتبنى قضيّته إحدى الجهات، لانتشاله من حياة كتب لها الشقاء والتشرد.
      فوالده تزوّج من امرأة أخرى واستبدلها بزوجته السابقة وأبنائها، وطردت أم نبيل إلى العراء بعد العيش في كنف الأسرة وطمأنينة الأهل، لتتحول الحياة إلى جحيم لا يطاق و ماساة اجتماعية وأسرية، فاحتضنتها أمّها بصدرها الدافئ وأسكنتها بيتها وقلبها وأعطتها من حنانها وكأنّها رجعت طفلة صغيرة.
      لم تتوقف المصائب عن اعتراض طريق نبيل، حيث كان القدر يخبئ له مصيبة أخرى؛ وذلك عندما طردهم خاله هو وأمه وإخوته من بيت جدهم ليستقر بهم المقام مشردين، وينتهي الأمر بأمّه في دار العجزة في وادي مستل، الأمر الذي حرم نبيل من رؤية أمه طوال 25 سنة، وفقدانه حنانها وحبّها وهو طفل صغير في أمس الحاجة إلى رعايتها.
      التحق ذلك الطفل بالعمل وهو في سن صغيرة، ليكسب قوت يومه، ويؤمن معاش إخوته الصغار، فقرر ترك مقاعد الدراسة ليتمكن من مساعدة أخيه الأصغر ناجي، الذي التحق بالعمل هذا العام.
      المصائب لا تأتي فرادى هكذا يُقال.. فقد بدأت مع نبيل وإخوته جولة أخرى من الصعاب؛ فالبيت الذي تسكنه جدته مسجل باسم ورثة خميس بن على الحسني والذي هو جد نبيل، وطالب أعمامه بحقهم في الميراث، وإيقاف آخر شريان للأسرة، وفي حال تقسيم الميراث سيكون العراء عنوانه الجديد مرة أخرى.
      وهنا أطلق نبيل صرخة استغاثة لوزارة الإسكان ووزارة التنمية الاجتماعيّة، وكل مؤسسات وأجهزة الدولة لتأمين مسكن له ولأسرته؛ لكي يتمكّن من لم شمل أسرته المشتتة تحت سقف واحد مع إخوته وأمه التي فارقته سنين عددًا.. هذا كل ما يريده ويتمناه.
      نبيل اليوم باحث عن عمل، ولكنّه يبحث أيضًا عن أرض لبناء مسكن يحقق له الأمان والطمأنينة والابتسامة.. فهل يا ترى سيتحقق ذلك؟!