أنا موظف.. فلماذا افكر في مصدر دخل إضافي؟
في ظل الظروف الحالية -حيث الغلاء لا يقف عند حد- أصبحت زيادة الدخل هدفا حيويا ملحا ، حتى بالنسبة لؤلئك الموظفين الذين يتقاضون رواتب جيدة ، وأصبح من الحكمة أن يفكر الشخص بجدية في مستقبله المالي وفي مستقبل اسرته ورفاهيتها ، و وضع أهداف وتصورات واضحة لتأمين ذلك هو أول خطوة يجب الإهتمام بها ، ثم الإنطلاق نحو النمو المالي المنشود ، خصوصا وأن البلاد تشهد تنفيذ مشاريع إقتصادية كبيرة ، وهي مقبلة على مرحلة متفائلة وممتازة تعد بالخير الكثير ، وهذا ما يجب أن ينتبه له الباحثون عن الفرص والنجاح المالي ، وكلما بدأ الشخص مبكرا في التخطيط المالي كان ذلك أفضل.
قد يتساءل البعض عن نوعية الفرص التي يمكن أن تكون مناسبة للموظف الذي يقضي معظم نهاره مشغول الفكر والجسد في العمل ، والحقيقة هي أن هناك فائضا كبيرا جدا من الفرص ، وهي متاحة للجميع ، وبعضها لا يحتاج إلى الكثير من الوقت ، وبعضها لا يحتاج حتى إلى رأس المال ، الأمهم هو أن يكون للموظف هدف مالي واضح ، وأن يبدأ في البحث عن فكرة مناسبة للوصول إليه.
هنا سوف نقترح عليك بعض الفرص المنتقاة ، والتي نتوقع أن يكون شيء منها مناسبا لك ، لتبدأ خطوة خطوة نحو بناء أحلامك.
ما هي طبيعة عملك في وظيفتك الرسمية؟
أكثر الموظفين يتقنون مهارات وحرف متخصصة ، وهي نفسها التي يستخدمونها في تسيير أعمالهم ومهامهم الوظيفية ، ولكنهم غالبا لا يستفيدون من تلك المهارات ماليا خارج وظائفهم ، وهذا نوع من تعطيل القدرات والمواهب المتميزة ، والتي يمكنها أن تحدث فرقا كبيرا في حياتهم وحياة اسرهم وأوضاعهم المالية والإجتماعية.
ما هي طبيعة عملك في وظيفتك الحالية؟ ما هي مهاراتك التي تتفوق فيها؟ إن معرفتك بمواهبك ومهاراتك وقدراتك واعترافك بها هو المفتاح الأول لإنطلاقك نحو الإستفادة منها بالطريقة الأمثل ، هل أنت مثلا خبير في مجال برمجة أو صيانة الحواسيب؟ أم أنت فني ماهر متخصص في إصلاح وصيانة المباني؟ أم أنت محاسب تملك الخبرة والسرعة في إنجاز مهام عملك؟ أم أنت في وظيفة إدارية وتمتلك مواهب وخبرات إدارية جيدة؟ أيا كانت طبيعة عملك ومهاراتك فأنت تستطيع أن تستفيد منها كمصدر دخل مالي إضافي ، وكركيزة للتوجه نحو حياة أكثر عطاء وإنتاج وفاعلية ، وبالتالي أكثر تميزا ورخاء.
قد تكون مهاراتك وخبراتك تمكنك من إعطاء دروس أو دورات (ولو على نطاق محدود) في المجال الذي تتقنه وتبرع فيه ، وقد تؤهلك تلك الكفاءات لشغل وظيفة رائعة في جهة اخرى ، أو على الأقل شغل مهمة أنت جيد في أدائها ، فالسوق يتطلب دائما المزيد من الخبرات والكفاءات الرصينة التي يمكن الوثوق بها.
نقترح عليك أن تكتب سيرتك الذاتية بطريقة تبرز تفوقك وتميزك ، كي تتقدم بها بعد ذلك إلى الجهات التي تتوقع أن تكون في حاجة إلى خبراتك ، وعلى كل حال فأنت غير مجبر على القبول بعمل لا يناسب تطلعاتك وطموحاتك ، إلا إذا وجدتها بداية في اتجاه تطمح إليه ، ويمكنك التطور فيه مع خطوة اخرى مستقبلية ، فالرؤية الواضحة والتخطيط المدروس أمران مهمان للنجاح في المجال المهني والمجال المالي.
هل تحب إدارة مشروع صغير؟
إن فكرة إمتلاكك لمشروعك الخاص (سواء كان مشروعا صغيرا أو متوسطا) هي فكرة ذكية وعملية نحو الإستقلالية الشخصية والحرية المالية ، وهي خطوة إنتقالية ينصح بها خبراء التنمية المالية ، ولكنها أيضا فكرة جريئة ، فهي تناسب فقط الموظفين الذين يعملون في وظائف بها مرونة معقولة (حتى لا يتعارض المشروع مع الوظيفة) ، وتناسب كذلك الموظفين الذي يتمتعون بنفس طويل وهدوء أعصاب ، وقدرة ممتازة على الحركة والتواصل ، و أولئك الذين يثقون في قدرتهم على إدارة المشاريع ، وإلا فنحن لا ننصح بخوض تجربة غير محسوبة.
من ميزات إمتلاكك لمشروعك الخاص أنه يمكن إعتباره تمهيدا حكيما لمرحلة ما بعد الوظيفة ، أي مرحلة التقاعد ، حيث يمكن للمتقاعد الإستفادة من الخبرات الطويلة والمهارات المميزة التي اكتسبها خلال فترة وظيفته , وتوظيفها في مشروع مناسب ، يستوعب نشاطه وطاقاته المتوقدة ، ويوفر له دخلا محترما ومكانة إجتماعية يطمح إليها ، تضاف إلى رصيده الشخصي وإلى رصيد اسرته ، وقد يكون هذا المشروع بعد ذلك فرصة توفر العمل والكسب لبعض أفراد الاسرة ، وخصوصا الشباب.
من الامور المهمة التي يجب أن يتنبه إليها الموظف الذي يفكر في البدء إنشاء مشروعه الخاص هو أن يختارا مشروعا ذا نشاط يحبه ويميل إليه ويفهم فيه كما يقال ، لأن ذلك من أهم عوامل نجاح المشروع.
قد يكون أيضا مما يشجع الموظف على الشروع في التخطيط لمشروعه الخاص ، وجود أفراد من اسرته أو من أصدقائه الذين يثق بهم وبكفاءتهم ، والذين يمكنهم أن يقوموا بإخلاص في معاونته على إنجاح مشروعه الذي يخطط له ، فكثير من الشركات الكبيرة قد بدأت كمشروعات صغير ، وبإمكانات محدودة ، ولكنه مع الإستمرار في تنميتها وتطويرها توسع نشاطها ، وتضاعفت أرباحها ، وأصبح ملاكها من الأثرياء الكبار.
ما رأيك في الإستفادة من قوة التسويق الشبكي؟
فكرة اخرى ممتازة وسهلة للذين يحاولون الحصول على مصدر دخل إضافي ، حيث يعتبر التسويق الشبكي (متعدد المستويات) نمط من التجارة الحديثة التي بدأت تنتشر بقوة في كل العالم ، والتي إستفاد منها كثيرون من الناحية المالية ، والفكرية كذلك ، حيث انه يمكن إعتباره مشروعا صغيرا ، أو مهنة حرة ، يستطيع الموظف أن يستفيد منها دون الحاجة إلى رأس مال أو تصاريح رسمية ، وهي كذلك مهمة لا تحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد ، بل تحتاج إلى هدف واضح ، ورغبة أكيدة في النجاح والحرية المالية.
ما يميز التسويق الشبكي كذلك هو أن العمل فيه عادة يكون جماعيا ، أي أن أعضاءه يعملون في نظام فريق واحد متعاون ، وهذا يساعد الموظف على النجاح في هذا العمل ، حيث يجد الدعم والتدريب من الزملاء الأقدم منه ، وهو ما يوفر عليه الكثير من الجهد والوقت ، ويوجهه نحو الطرق الأجدى للنجاح السلس في هذا المجال.
الكثير من خبراء التنمية المالية ينصحون الموظفين بالإنخراط في قطاع التسويق الشبكي ، لأنه يوفر لهم دخلا إضافيا عاليا على المدى البعيد ، ويكسبهم كذلك ومن خلال ممارستهم لهذا النشاط أفكارا ومهارات جيدة تفيدهم في حياتهم المالية والمهنية والإجتماعية ، وفوق ذلك كله هو نشاط حر تماما ، إذ ليس به أي إلزام على الشخص ، إلا في حدود حريته ورغبته فقط ، فهذا النظام لا يفرض عليك أوقات أو أماكن معينة للعمل ، وهذا ما يجعل التسويق الشبكي من أفضل وأنسب الطرق للموظفين للحصول على دخل إضافي مجز ، وقابل للنمو.
هل أنت من الموظفين الذين لا يحبون الأعمال الإضافية؟
هناك فئة واسعة من الموظفين الذين لا تروقهم فكرة المزيد من العمل والحركة ، بل يميلون إلى أجواء الاسرة والإسترخاء والسكون ، ولا بأس في ذلك ، لأنها أمزجة شخصية قد يصعب التحكم فيها أحيانا ، وهؤلاء أيضا يحق لهم أن يحققوا لأنفسهم ولاسرهم المزيد من الدخل المالي الإضافي ، فطبيعتهم التي لا تميل إلى العمل والجهد المضاعف لن تكون بالضرورة عائقا أمام مضاعفة أموالهم وملء أرصدتهم البنكية بالسيولة التي تؤمن لهم المزيد من الرفاهية والإسترخاء ، فهناك آليات ممتازة تناسب هؤلاء الموظفين ، وتدر عليهم الكثير من المال.
الإستثمار هو الطريق الأنسب لهذه الفئة من الموظفين الذين يسعون لإيجاد دخل إضافي ، وهو طريق مؤكد للنجاح المالي الذي يحلم به الجميع.
لكي يتمكن الموظف من خلق دخل جديد عن طريق الإستثمار فإنه يحتاج أولا بطبيعة الحال إلى رأس مال يمكنه توليد دخل مقبول ، وتحديد مقدار رأس المال الذي يحتاجه للإستثمار ، والدخل المتوقع منه ، يعتمد على المجال الذي يقرر الموظف الإستثمار فيه ، ومن الطبيعي أن الأمر يحتاج إلى خبرة معينة كي يبدأ بداية سليمة في هذا الإتجاه.
إمتلاك رأس المال هو أول العقبات أمام الدخول إلى عالم المستثمرين ، إذ ليس كل الموظفين يملكون رأس المال الذي يمكن أن يولد لهم دخلا إضافيا ، فتكوين رأس المال يحتاج إلى وعي مالي جيد ، وانضباط شخصي لا يلين ، والبداية تكون دائما بالإدخار المدروس والمنتظم.
من الحكمة للموظف الذي يفتقد الخبرة الإستثمارية أن لا يستثمر أمواله إلا عن طريق وسيط إستثماري موثوق ، لأن الإستثمارات عادة لا تخلو من المخاطرة ، ورغم أن المخاطرة لا تعني الخسارة ، إلا أن التقليل من إحتمالية الخسارة جزء أساسي من العملية الإستثمارية ، وهذا ما لا ينجح فيه إلا الخبراء المتمرسون الذين يتقنون كل تفاصيل اللعبة.
(هذا الموضوع الذي نشرته في مجلة (الخزينة) عدد سبتمبر 2012)
aaalijabir@facebook.com
المصدر : علي المسكري