زينب الغريبية
-
ينص قانون الجاذبية في معناه الفيزيائي على أن كل جسم مادي يجذب غيره من الأجسام المادية بقوة تزيد أو تنقص حسب الكتلة والمسافة بينهما، وبالتالي فإن هذا القانون يربط الأجرام السماوية ويحفظ تماسكها وانتظامها في مدارتها، هذا القانون وإن كان فيزيائياً إلا أنه من القوانين المهمة في الحياة الإنسانية حيث يمكننا من توظيف قوة الجذب إلى تحقيق كثير من الأهداف، وما أحوجنا اليوم أن نركز على هذا القانون في تطوير أداء المدرسة، وزيادة دافعية الطلبة للتعلم، مدارسنا بحاجة إلى استخدام قانون الجاذبية لجعل الطلبة يقبلون على التعلم، الأسر بحاجة إلى استخدام قانون الجاذبية لتحفيز الأبناء على التعلم، والمعلمين بحاجة إلى استخدام قانون الجاذبية للتأثير الإيجابي في الطلبة وتحبيبهم للتعلم، حيث يهتم الطلبة في هذه المرحلة العمرية بالأشياء المحببة إلى أنفسهم، ومتى ما كانت في إطار اهتمامهم، ورغباتهم، ولد ذلك لديهم دافعية كبيرة لديهم للإقبال على التعلم.
إن قانون الجاذبية بحاجة إلى أن يعطي أهمية خاصة في أي تفكير لتطوير النظام التعليم، وهذا سينعكس على كثير من العناصر، فالمنهج بحاجة إلى أن يكون جذاباً للطلبة، يتضمن مواضيع من واقع حياتهم، ومواضيع تعبر عن قضاياهم، وتكون في مستواهم العمري والعقلي، وبه تنوع لأنشطة عملية يقوم بها الطلبة، وأن يكون المنهج مخرج بصورة مشوقة للطلبة من الصور والأشكال، والألوان، هكذا يكون المنهج مشوقاً للطلبة وغير ممل أو جاف، وتولد هذا الشعور يقود إلى تحبيب المادة العلمية للطلبة، واهتمامهم بها، وارتفاع مستواهم التحصيلي.
المعلم بحاجة إلى أن يدرب على استخدام قانون الجاذبية، هو المركز الذي ينبغي أن يجتمع الطلبة حوله، وأن يعودوا إليه في كل ما يحتاجونه من معلومات، واستفسارات، وقيم، المعلم متى ما كان قادراً على جذب الطلبة فهو يضفي قوة للمنهج، فالمنهج في حد ذاته لا يكون قوياً إلا بالمعلم، الذي يتمكن من الاستحواذ على حواس الطلبة، يشدهم إلى موضوع الدرس، بأسلوب الذي يشبه أسلوب المعلمة أنهيش، يجسد الموضوع للطلبة بصورة واقعية حتى يخيل إليهم أنهم يعايشون خبرة على أرض الواقع وليس خبرة في درس مدرسي، يثير تفكيرهم يشدهم بالأسئلة المثيرة، يجعلهم طوال الوقت يتخيلون ويفكرون في ما يقول، المعلم القادر على توظيف الجاذبية يركز على إمكانات الطلبة وقدراتهم ويضخهما بدلاً من التركيز على سلبياتهم، يعزز سلوكياتهم الحسنة، ويبرز قدراتهم، ويشعرهم بأهميتهم، ويمارس التحفيز الداخلي لديهم.
كما ينسحب قانون الجاذبية على البيئة المدرسية التي يقضي الطالب فيها 12 عاماً من عمره، وهي فترة طويلة ومهمة في حياة الطالب، فينبغي أن يعيشها بشكل يتمكن من تحقيق متطلبات نموه، هذه البيئة المدرسية لابد أن تتوافر فيها مرافق متعددة وليس فقط فصول دراسية يجلس بها الطلبة طوال اليوم الدراسي، فالطلبة في هذه المرحلة بحاجة إلى مرافق ترفيهية يمارسون فيها هواياتهم، وإلى مرافق يمارسون فيها الرياضات المحببة لديهم، بحاجة إلى مدرسة بها حديقة يجلسون فيها لبعض الوقت يستنشقون من أشجارها وأزهارها هواء نقياً، يمنحهم انتعاش يحتاجونه للتركيز في الدروس النظرية، اليوم مباني مدارسنا راقية وفخمة ولكن ينقصها عناصر الجاذبية للطلبة، وللمدارس أن تتأكد من خلال استطلاع آراء الطلبة عما ينقص البيئة المدرسية لتكون محببة لديهم.
إن قانون الجاذبية من القوانين المهمة لتطوير النظام التربوي اليوم، ويمكن لنا أن نلخص هذا القانون بالعبارة الدارجة عند الكثيرين وهي أنك تستطيع أن تقود الحصان إلى النهر ولكنك تجد صعوبة في أن تجبره أن يشرب من النهر، نحن بحاجة للتساؤل لماذا يذهب بعض طلبتنا متثاقلين إلى المدرسة؟ لماذا يحب الطلبة هذا المعلم ولا يحبون الآخر؟ لماذا يحبون مادة دراسية ولا يحبون أخرى؟ لماذا يكون أكثر دافعية عندما يقومون بشيء عملي؟ لماذا تكون مدرسة ما محببة لدى الطلبة؟ يمكن أن تكون الإجابة هي قانون الجذب، فمن يتملك القدرة على استخدام هذا القانون ينال ثقة الطلبة ومحبتهم، وهذه الثقة من أهم شروط التعلم،
zainabalgharibi@yahoo.com