اللواتي: "صندوق الماء".. تقنية واعدة لتحويل الأراضي الصحراوية إلى مسطحات خضراء - جديد جريدة الرؤية

    • اللواتي: "صندوق الماء".. تقنية واعدة لتحويل الأراضي الصحراوية إلى مسطحات خضراء - جديد جريدة الرؤية


      -توفير التكلفة الباهظة لمعالجة المياه وصيانة أجهزة الري
      -

      الرؤية - محمد بن رضا اللواتي-

      أكد محمد بن مصطفى بن مختار اللواتي الرئيس التنفيذي لشركة الحصاد الوفير، أن البحوث العلمية الرصينة توصلت إلى آلية للزراعة تغني عن المياه المعالجة ذات الكلفة العالية والأسمدة الكيماوية والمبيدات.
      وقال: اخترع العالم الهولندي بيتر هوف -والذي أسماه "صندوق الماء" (The WaterBoxx)- بديلٌ عن أساليب الزراعة التقليدية، يأتي موفرًا لملايين الدولارات على الدول لأجل تحويل مساحاتها المتصحرة إلى مساحات خضراء.
      وأضاف: هناك نظرية تقول بأن النبات الذي يُسقى قليلًا، يقوم بالبحث عن رطوبة حتى يبقى على قيد الحياة، فيحفر الأرض ويشقها بجذوره حتى يصل إلى الرطوبة الكامنة في جوفها، فيشرب ويرتوي منها، ويشتد عوده ويقوى ليظهر لنا في تلك الأرض القاحلة، وكأنه نبات عملاق يتحدى كل الظروف.
      وتابع: مفاد هذه النظرية الكشف عن أمر آخر؛ وهو: أن النبات الذي يُحاط بالمياه عبر الرش وغيرها يُصاب بالكسل، فلا يشق الأرض ضاربًا بجذوره في الأعماق، طالما يأتيه الماء متى ما شاء او لم يشأ.
      واسترسل قائلا: مثل هذه النظرية كان لابد من تجربتها في موقع تزيل عنها الشكوك نهائيًّا، وفعلا فقد توجه المكتشف الهولندي (Hoff) إلى الصحراء الكبرى للقيام بتجاربه، بالتعاون مع جامعة أوجادا بالمغرب؛ وذلك في العام 2006، وكانت المفاجأة كبيرة؛ فقد نجحت التجارب بنسبة 98%، وتم زراعة نباتات هناك في ذلك الجو القاسي؛ فنمت وعاشت ولا تزال وفقا لتقنية (Groasis)، وباستخدام اختراع الـ (Waterboxx).
      وأوضح أن هذه التقنية عبارة عن "حاضنة النبات" مهمتها أن توفر للنبتة ما تحتاجه من دعم لأجل أن تتمكن من البقاء على قيد الحياة في السنة الأولى من الزراعة بناء على النظرية التي تقول بأن النبات يستطيع أن يبحث عن الحياة لنفسه بمد جذوره في أعماق الأرض بحثًا عن الرطوبة، وإلا فإنه يُصاب بالكسل واللامبالاة، وسوف يُتطلب لأجل إبقائه مجهودا خرافيا من شراء آلات الري الحديثة والقيام بمعالجة المياه حتى تصبح جيدة للري وما إلى ذلك. وتوفر لنا تقنية (Groasis) كل هذا لأنها تدعم النبتة بما تحتاجه؛ لتحيا ثم تشق طريقها وحدها بحثا عن النمو والاستمرار.
      وقال اللواتي: إن صندوق الماء فيه ما يسد حاجة النبات من الماء، أي حوالي 15 لترًا فقط، لكي يبقى حيًّا فقط، وليس لينمو، هذه الظروف تحفزه للبحث عما يرتوي منه لكي ينمو ويستمر بالحياة، وهذا يحدث بالتغلغل إلى الأعماق بحثًا عن الرطوبة. أما الصندوق نفسه فهو معدٌّ من مادة البوليبروبلين ومواد أخرى لا يريد (Hoff) أن يكشف عن طبيعتها، فهو صندوق مذهل للغاية لا يـنكسر ولا يتأثر سلبًا بالعوامل الجوية المتنوعة، ولا يوجد له بديل أيضا؛ فبالإمكان استخدامه لعشر سنوات متواصلة.
      وأضاف: فقط 60 لترًا من الماء لكل نبتتين مدى الحياة، دون أجهزة ري أو مبيدات أو أسمدة كيماوية أو صيانة أو غيرها، وبعد فترة لا تتجاوز السنة الواحدة يشتد عود النبات، فيستغني عن الصندوق نفسه، ويستقل عنه، وبالتالي يمكن استخدامه لزراعة نبتتين أخريين، وهكذا لعشر سنوات قادمة. فبعد تجربة الصحراء الكبرى أقيمت مجموعة كبيرة من التجارب في شتى مواقع العالم القاحلة او شبه قاحلة، وكلها كانت ناجحة. أما في عُمان فأول تجربة تمت فيها كانت في يناير 2011 بالقرب من المنطقة الحرة بالصحار، وقد زارتها ملكة هولندا خلال زيارتها الأخيرة للسلطنة، ونجحت التجربة نجاحًا باهرًا لدرجة أن المنطقة الحرة طلبت منا أن نقوم بتجاربنا داخل المنطقة نفسها.
      ولم تكلفنا التجربة التي بالعادة تتطلب للري الاعتيادي المستند على العمالة، وعلى المياه المعالجة، وعلى المبيدات الحشرية. إذ يكفي أن نعرف أن ميزانية ضخمة نحتاجها لكي نصرفه لأجل معالجة المياه بحيث تتوافق مع مواصفات مياه الري، هذا كله وغيره لا ضرورة له إطلاقا، لهذا تحرص دول كثيرة على أن تستثمر في "صندوق الماء"؛ حيث إن بعض الدول من قبيل الأكوادور وغيرها قد تقدمت بطلب تزويدها بصناديق المياه هذه بكميات تصل إلى الآلاف.
      وردًّا على ما إذا كانت ثمة تجارب أخرى غير التي أشار لها في السلطنة، قال بأنه وفي شهر مارس من هذا العام تم وبنجاح باهر إعادة التجربة على أرض تابعة للشركة في العامرات، ورغم أنها أرض بطبيعة جبلية، إلا أن التجربة أثمرت نتائج تصب في صالح النظرية الأساسية التي تستند عليها تقنية (Groasis).
      وعن توقعاته حول جدوى المشروع في السلطنة، أكد اللواتي أن خطط الحكومة لأجل توفير المساحات الخضراء بإمكانها أن تتحقق بتقنية (Groasis) وصندوق الماء الذي يغنينا عن الكثير من الإجراءات ذات الكلفة العالية.
      ويؤكد أن الأمر يتجاوز فحسب الزراعة الخضراء إلى المحاصيل أيضًا، فقد أثبتت التجارب العديدة التي قام بها (Hoff) أن هذه التقنية تؤدي إلى إنتاج مجموعة من المحاصيل الأساسية أيضًا، ويتوقع أنه قريبًا سوف تفرض هذه التقنية المبتكرة نفسها بشكل دائم، وسوف تُستبدل الأساليب القديمة والمكلفة جدًّا بهذه الصناديق الخضراء الجميلة التي تحتضن نباتات قادرة على الاعتماد على نفسها في إيجاد رطوبة ترتوي منها في أعماق الأرض لتعيش أكثر وبكلفة لا تُذكر.