
ثمة من العراقيين من خدع للوهلة الأولي بالوعود الأمريكية، وصدق أن العراق تحت الاحتلال الأمريكي يمكن أن يتطور بسرعة علي غرار ما حصل لألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية، وتعززت هذه الاعتقادات من خلال مسرحية عقد مؤتمر المانحين في مدريد الذي قرر تقديم مبلغ 34 مليار دولار لإعمار العراق. ثم جاء بعده قرار الكونجرس الأمريكي بتخصيص مبلغ 18 مليار دولار منحة للغرض نفسه. وكان الناس في العراق يتلهفون لرؤية هذا المن والسلوي من مليارات الدولارات التي هبطت عليهم قد تحولت إلي مشاريع لمعالجة مشاكلهم اليومية كالكهرباء والماء والصحة والتعليم والبنزين والبطالة والأمن، ولكنهم لم يجدوا شيئا وظلت أسئلتهم حول مصير هذه المليارات تكبر يوما بعد يوم.
قبل أسبوعين فقط قدم غازي الياور رئيس الجمهورية في مقابلة مع الفضائية العراقية معلومات مثيرة لوسائل نهب ثروة العراق علي أيدي الأمريكان أنفسهم فحول مقدار ما تسلمه العراق من ال18 مليار دولار منحة أمريكا قال الياور: إن العراق تسلم منها 5 مليارات فقط. واستطرد يقول: ولكني أعتقد أن المبلغ الذي وصل إلي الأرض منها لا يتجاوز مليارا واحدا.. وفي لقاء آخر مع الفضائية نفسها حكي الياور أنه شكا للرئيس بوش خلال مشاركته في أعمال قمة سي لاند كيف أن الجهات الأمريكية تبيع العراق السلع والمواد التي قيمتها دولار واحد بمبلغ خمسين دولارا.
قد يكون هذا الاعتراف من رئيس الجمهورية تعبيرا عن رغبة لديه في التعامل مع الأمور بشفافية انسجاما مع العهد الديمقراطي الأمريكي في العراق، ولكن ما أعجب هذه الديمقراطية عندما لا يكلف مثل هذا الاعتراف الخطير أعلي مسئول في الدولة منصبه ولا ينال من مصداقيته رغم زعمه أنه يتمتع بالسيادة الكاملة.
العراق ينهب نهبا منظما وتستنزف ثرواته النقدية والمالية والمادية، باسم مؤتمرات المانحين ومؤتمرات الاعمار ومنحة الولايات المتحدة. أما الحقيقة فإن الأمريكان حصدوا من ثروة العراق عشرات المليارات خلال الأشهر الخمسة عشر الماضية ونشير إلي عينات منها:
# استولت الإدارة الأمريكية علي 25 مليار دولار تمثل المبالغ المتراكمة في صندوق العراق لدي الأمم المتحدة عن برنامج النفط مقابل الغذاء.
# 5 مليارات قيمة المبالغ العراقية المجمدة لدي البنوك الأمريكية.
# 5 مليارات قيمة المبالغ العراقية المجمدة لدي دول عربية.
# 5 مليارات قيمة المبالغ الموجودة لدي البنك المركزي العراقي وبنك الرافدين العراقي.
# 10 :15 مليارا الحد الأدني لقيمة النفط العراقي المصدر في ظل الاحتلال.
# 50: 55 مليار دولار المجموع.
إضافة إلي ما تقدم هناك عمليات نهب منظم وسرقة وتهريب للأموال النقدية وللمواد الثمينة والتحف والآثار التاريخية تقوم بها مافيات قوات الاحتلال.. بول بريمر الحاكم الأمريكي اتهمه محمد بحر العلوم عضو مجلس الحكم المنحل بسرقة اكثر من 25 مليار دولار ولا يتسع المجال هنا لعرض سرقات قوات الاحتلال والإدارة الأمريكية بصورة تفصيلية وإنما يكفي ذكر احدث الفضائح.. فقد كشفت قاضية في وزارة العمل والشئون الاجتماعية عن قيام المستشار الأمريكي للوزارة روبرت كروس بسرقة مبلغ 44 مليون دينار عراقي لتأمين الحماية الشخصية له. مبلغ 770 مليون دينار عراقي لاستيراد 3 سيارات مصفحة لحمايته الشخصية وقد دفعت المبالغ ولم تأت السيارات. واتهم مدير عقارات أمانة بغداد بسرقة 27 مليار دينار عراقي واتهم صلاح سالم وهو أحد المسئولين في المؤتمر الوطني الذي يرأسه أحمد الجلبي بسرقة مبلغ 36 مليار دينار عراقي.. إذن بماذا سيعاد إعمار العراق؟ لك الله والمقاومة يا عراق