قلق وعبرات

    • قلق وعبرات

      بسم الله الرحمن الرحيم

      عن عون بن عبد الله أنه كان يقول في بكائه وذكر خطيئته :
      ويح نفسي ، بأي شيء لم أعص ربي ؟
      ويحي ، إنما عصيته بنعمته عندي .
      ويحي ، من خطيئة ذهبت شهوتها ، وبقيت تبعتها عندي .
      ويحي ، كيف أنسى الموت ولا ينساني ؟
      ويحي ، إن حجبت يوم القيامة عن ربي .
      ويحي ، كيف أغفل ولا يُغفل عني ؟
      أم كيف تهنئني معيشتي واليوم الثقيل ورائي ؟
      أم كيف لا تطول حسرتي ولا أدري ما يفعل بي ؟
      أم كيف يشتد حبي لدار ليست بداري ؟
      أم كيف أجمع لها وفي غيرها قراري ؟
      أم كيف تعظم فيها رغبتي والقليل منها يكفيني ؟
      أم كيف أوثرها وقد أضرت بمن آثرها قبلي ؟
      أم كيف لا أبادر بعملي قبل أن يغلق باب توبتي ؟
      أم كيف يشتد إعجابي بما يزايلني وينقطع عني ؟
      أم كيف لا يكثر بكائي ولا أدري ما يراد بي ؟
      أم كيف تقر عيني مع ذكر ما سلف مني ؟
      أم كيف تطيب نفسي مع ذكر ما هو أمامي ؟
      ويحي ، هل ضرت غفلتي أحدا سواي ؟
      أم هل يعمل لي غيري إن ضيعتُ حظي ؟
      ويحي ، كأنه قد تصرم أجلي ثم أعاد ربي خلقي كما بدأني ، ثم وقفني وسألني ، ثم ُأشهدت الأمر الذي أذهلني ، وشغلت بنفسي من غيري ، وسارت الجبال وليس لها مثل خطيئتي ، وجُمع الشمس والقمر وليس عليهما مثل حسابي ، وانكدرت النجوم وليست تُطلب بما عندي ، وحشرت الوحوش ولم تعمل مثل عملي ، وشاب الوليد وهو أقل ذنبا مني .
      ويحي ، ما أشد حالي وأعظم خطري ، فاغفر لي ، واجعل طاعتك همتي ، ولا تعرض عني يوم تُعرض ، ولا تفضحني بسرائري ، ولا تخذلني بكثرة فضائحي .
      إلهي ، بأيّ عين أنظر إليك ، وقد علمت سرائري ؟
      وكيف أعتذر إليك إذا ختمت على لساني ، ونطقت جوارحي بكل الذي كان مني .
      إلهي ، أنا الذي ذكرت ذنوبي فلم تقرّ عيني ، أنا تائب إليك فاقبل ذلك مني ، ولا تجعلني لنار جهنم وقودا بعد توحيدي وإيماني برحمتك .
      اللهم إني أنزل بك حاجتي ، وإن قصر رأيي ، وضعف عملي ، افتقرت إلى رحمتك ، فأسألك يا قاضي الأمور ، ويا شافي الصدور ، كما تجير بين البحور ، أن تجيرني من عذاب السعير ، ومن دعوة الثبور ، ومن فتنة القبور .

      وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم