بقلم : وائل نجم
تتعرض النجف في هذه الأيام إلى حملة أمريكية شرسة تهدف إلى القضاء على حركة السيد مقتدى الصدر ، ووضع حدٍ لتمدد تياره في الأوساط العراقية عامة والشيعية على وجه الخصوص ، وفرض نوع من الهيمنة عليه لتمرير وإنجاح المؤتمر الوطني العراقي الذي يعارضه الصدر مع هيئة العلماء المسلمين والحزب الإسلامي العراقي وحركة القوميين ، ولإتاحة الفرصة والمجال للمجموعات العراقية الأخرى المنافسة للصدر للتحرك في الساحة العراقية بهدف استقطابها واستمالتها (الساحة) إلى جانب المشروع الأمريكي في العراق ، ولإسكات صوت الصدر الداعي ، إلى معارضة الوجود الأمريكي ومقاومته لطرده من البلاد ، وتشكيل العراق الجديد على أساس من الوحدة والتكامل مع جميع أطياف الشعب العراقي العرقية والمذهبية . ويبدو ومن خلال حجم الإعتداءات الأمريكية وكثافة ونوعية النيران المستخدمة في الإغارات والهجومات على النجف وعلى مقدساتها ومراقدها وعلى منزل الصدر أنها تحظى – إن لم نقل- بضوء أخضر ، فعلى الأقل بسكوت وسكون من الأطراف المعنية بالحدث ، أو التي على صلة مباشرة أو غير مباشرة به ، وإلاّ كيف تـُقصف المراقد والأماكن المقدسة والعتبات والصحن الحيدري وغيره ، ولا نسمع عن تحرك لإيقاف هذا العدوان المفضوح ؟ وكيف يـُسمح بأن ترتكب المجازر بحق أهل النجف ، وتتحول ساحاتهم إلى مقابر جماعية ، ومنازلهم إلى كتل من الإسمنت المبعثر ، ومقابرهم إلى ساحات قتال ونزال ، ومساجدهم إلى أهداف للطائرات ومع كل ذلك ما من تحرك يـُذكر سوى بيانات الشجب والإستنكار التي لن توقف آلة الحرب الأمريكية عن فعلتها ، ولن تضع حداً لهمجية المحتل في عدوانه .
لقد قامت الدنيا ولم تقعد من الكثيرين عندما قامت قوات النظام السابق بقصف مدينة النجف الأشرف إثر الإنتفاضات السابقة ، وكانت موجة الإستنكارات الشاجبة لا تهدأ ، وتكيل للنظام البائد كل التهم ، وتدعو إلى تدخّل عربي ودولي لحماية المدينة وأهلها ، وتستنفر كل الطاقات في سبيل هذه القضية . ولكن هؤلاء الكثيرين الذين كانوا أبطال مسرح الشجب بالأمس ، لا يـُرى لهم أثر ، ولا يـُسمع لهم صوت اليوم ، وهم يرون المجازر الجماعية ، والمقابر الجماعية ، والويلات تلحق بأهل المدينة ، لماذا هذا الصمت اليوم ؟؟ ألأنهم هم الذين جاؤوا بالإحتلال ، أو سهّلوا له الطريق ، أو يسّروا له السبل ؟ وهو الذي يمنحهم المناصب ، وبالتالي فهم لا يستطيعون مخالفة توجهاته ، ولا شجب ممارساته ، أم لأنهم ضاقوا ذرعاً بمواقف السيد الصدر التي كشفت حقيقتهم ، والتي عبّرت عن توجهات وسلوك وشعور الشارع العراقي ، فلم يعد بإمكانهم تحمّل السيد وتيّاره فأرادوا التخلّص منه ، فغضوا الطرف عمّا يجري هناك ؟ أو ربما وشوا به إلى الأمريكيين ؟ وأما البعض الآخر من هؤلاء الكثيرين الذين كانوا حريصين على النجف وأهلها ، وكانوا ينطقون باسمهم ويتحدثون عن مظلوميتهم ، ويدّعون – زوراً- إهتمامهم بهم ، فيبدو أن هذا البعض قد أخذ يعمل على مصالحه ، ونسي كل الشعارات الرنانة والبراقة ، وربما عقد صفقة ما تحت شعار " نفسي ومن بعدي الطوفان " .
إن ما يحدث في النجف ، وما حدث قبله في الفلوجة ، وفي كل المدن والقرى العراقية ، هو مجازر جماعية ، ومقابر جماعية فاقت في بشاعتها مجازر ومقابر النظام البائد ، وهذا ما يتحدّث به الشارع العراقي اليوم ، وقد أضحى هذا الحديث من المسلّمات العراقية ، وهذا ما أكده كبار رجال الدين . إذ كيف يـُفسّر إلقاء الحمم من الطائرات على المساكن المأهولة بالسكان الآمنين ؟ وكيف يـُفسّر ضرب المدن والمساجد والمراقد والمقابر بقذائف الدبابات ؟ إن الذي يجري لا يمكن وصفه سوى بالإبادات المنظمة ، وإن السكوت المرافق لما يجري لا يمكن القول فيه سوى أنه شراكة كاملة ، ولكن الشعب العراقي الذي صبر على مآسي الماضي قادر على تجاوز آلام الحاضر ، كما أنه مستعد لبناء المستقبل ، مستقبل العراق العربي الحر الواحد والموحّد .
وائل نجم – 16/8/2004م.
تتعرض النجف في هذه الأيام إلى حملة أمريكية شرسة تهدف إلى القضاء على حركة السيد مقتدى الصدر ، ووضع حدٍ لتمدد تياره في الأوساط العراقية عامة والشيعية على وجه الخصوص ، وفرض نوع من الهيمنة عليه لتمرير وإنجاح المؤتمر الوطني العراقي الذي يعارضه الصدر مع هيئة العلماء المسلمين والحزب الإسلامي العراقي وحركة القوميين ، ولإتاحة الفرصة والمجال للمجموعات العراقية الأخرى المنافسة للصدر للتحرك في الساحة العراقية بهدف استقطابها واستمالتها (الساحة) إلى جانب المشروع الأمريكي في العراق ، ولإسكات صوت الصدر الداعي ، إلى معارضة الوجود الأمريكي ومقاومته لطرده من البلاد ، وتشكيل العراق الجديد على أساس من الوحدة والتكامل مع جميع أطياف الشعب العراقي العرقية والمذهبية . ويبدو ومن خلال حجم الإعتداءات الأمريكية وكثافة ونوعية النيران المستخدمة في الإغارات والهجومات على النجف وعلى مقدساتها ومراقدها وعلى منزل الصدر أنها تحظى – إن لم نقل- بضوء أخضر ، فعلى الأقل بسكوت وسكون من الأطراف المعنية بالحدث ، أو التي على صلة مباشرة أو غير مباشرة به ، وإلاّ كيف تـُقصف المراقد والأماكن المقدسة والعتبات والصحن الحيدري وغيره ، ولا نسمع عن تحرك لإيقاف هذا العدوان المفضوح ؟ وكيف يـُسمح بأن ترتكب المجازر بحق أهل النجف ، وتتحول ساحاتهم إلى مقابر جماعية ، ومنازلهم إلى كتل من الإسمنت المبعثر ، ومقابرهم إلى ساحات قتال ونزال ، ومساجدهم إلى أهداف للطائرات ومع كل ذلك ما من تحرك يـُذكر سوى بيانات الشجب والإستنكار التي لن توقف آلة الحرب الأمريكية عن فعلتها ، ولن تضع حداً لهمجية المحتل في عدوانه .
لقد قامت الدنيا ولم تقعد من الكثيرين عندما قامت قوات النظام السابق بقصف مدينة النجف الأشرف إثر الإنتفاضات السابقة ، وكانت موجة الإستنكارات الشاجبة لا تهدأ ، وتكيل للنظام البائد كل التهم ، وتدعو إلى تدخّل عربي ودولي لحماية المدينة وأهلها ، وتستنفر كل الطاقات في سبيل هذه القضية . ولكن هؤلاء الكثيرين الذين كانوا أبطال مسرح الشجب بالأمس ، لا يـُرى لهم أثر ، ولا يـُسمع لهم صوت اليوم ، وهم يرون المجازر الجماعية ، والمقابر الجماعية ، والويلات تلحق بأهل المدينة ، لماذا هذا الصمت اليوم ؟؟ ألأنهم هم الذين جاؤوا بالإحتلال ، أو سهّلوا له الطريق ، أو يسّروا له السبل ؟ وهو الذي يمنحهم المناصب ، وبالتالي فهم لا يستطيعون مخالفة توجهاته ، ولا شجب ممارساته ، أم لأنهم ضاقوا ذرعاً بمواقف السيد الصدر التي كشفت حقيقتهم ، والتي عبّرت عن توجهات وسلوك وشعور الشارع العراقي ، فلم يعد بإمكانهم تحمّل السيد وتيّاره فأرادوا التخلّص منه ، فغضوا الطرف عمّا يجري هناك ؟ أو ربما وشوا به إلى الأمريكيين ؟ وأما البعض الآخر من هؤلاء الكثيرين الذين كانوا حريصين على النجف وأهلها ، وكانوا ينطقون باسمهم ويتحدثون عن مظلوميتهم ، ويدّعون – زوراً- إهتمامهم بهم ، فيبدو أن هذا البعض قد أخذ يعمل على مصالحه ، ونسي كل الشعارات الرنانة والبراقة ، وربما عقد صفقة ما تحت شعار " نفسي ومن بعدي الطوفان " .
إن ما يحدث في النجف ، وما حدث قبله في الفلوجة ، وفي كل المدن والقرى العراقية ، هو مجازر جماعية ، ومقابر جماعية فاقت في بشاعتها مجازر ومقابر النظام البائد ، وهذا ما يتحدّث به الشارع العراقي اليوم ، وقد أضحى هذا الحديث من المسلّمات العراقية ، وهذا ما أكده كبار رجال الدين . إذ كيف يـُفسّر إلقاء الحمم من الطائرات على المساكن المأهولة بالسكان الآمنين ؟ وكيف يـُفسّر ضرب المدن والمساجد والمراقد والمقابر بقذائف الدبابات ؟ إن الذي يجري لا يمكن وصفه سوى بالإبادات المنظمة ، وإن السكوت المرافق لما يجري لا يمكن القول فيه سوى أنه شراكة كاملة ، ولكن الشعب العراقي الذي صبر على مآسي الماضي قادر على تجاوز آلام الحاضر ، كما أنه مستعد لبناء المستقبل ، مستقبل العراق العربي الحر الواحد والموحّد .
وائل نجم – 16/8/2004م.