مازن الكاسبي تمثيل "الأحمر الكبير" حلم حياتي
كتب–جمال القاسمي

أكثر ما يشغل الشارع الرياضي العماني هذه الأيام هو مشاركة منتخبنا الوطني في بطولة كأس الخليج في نسختها الـ 21 التي تحتضنها البحرين خلال الفترة من 5 وحتى 18 من يناير الجاري، كونها تأتي في مرحلة جديدة تعيشها الكرة العمانية والمتمثلة في عملية إحلال وإبدال عاشها المنتخب الوطني خلال الفترة الأخيرة والتي مكنتة من تقديم نفسه بصورة مختلفة بعد حالة من الانحدار رافقته ما بعد الفوز بلقب "خليجي 19" التي أقيمت في مسقط.
تلك الطموحات ارتبطت بضرورة أن يخوض المنتخب المنافسات الخليجية بكامل ثقله وبالعناصر التي ترى من خلالها الجماهير العمانية المقدرة على كسب التحدي حتى عندما يلعب "الأحمر" خارج أرضه، لكن الواقع في المسابقات الخليجية على مستوى المنتخبات يقول شيئا آخر، حيث تشير التجارب أن الأبطال لمثل هذه المناسبات لا يصنعون إلا من خلال منافسات البطولة وليس قبلها!، كما أن البطولات الخليجية تعتبر بمثابة البوابة الحقيقية لميلاد العديد من النجوم الذين تسطع شمسهم بعد ذلك، من ضمنهم الحارس العماني العملاق علي الحبسي الذي يعتبر خير سفير للكرة الخليجية في الدوري الإنجليزي.
وعندما شارك الحبسي في بطولة الخليج الخامسة عشرة في السعودية في ظهوره الأول، لم يتوقع الجميع أن تصل رحلته إلى ما وصلت إليه الآن، لكنها في النهاية القدرات البدنية والمهارية والإرادة القوية التي امتاز بها الحبسي وقدمته في صورة مختلفة عن جميع الحراس في الخليج الذين حدّ من تطورهم عدم امتلاكهم الطموح للانطلاق إلى ما هو أبعد من الملاعب الخليجية والعربية.
لقد حقق الحبسي من بطولات الخليج كل ما يمكن أن يتمناه من بطولة إقليمية حاز على لقب الأفضل فيها في أربع مناسبات بدأت في الكويت ثم في قطر وبعدها الإمارات ثم مسقط، وبالتالي لم يعد بالإمكان أكثر مما كان على مستوى حارس مرمى، قدم كل ما يملكه من إمكانات وخدمات لمنتخب بلاده، وأن الوقت قد حان للبحث عن موهبة جديدة يمكن أن تعوض غياب الحارس الدولي دون أن يهتز المنتخب ولاعبوه بهذا الغياب.
المشكلة التي عانى منها المنتخب الوطني هي الاتكاليه الكاملة على كفاءة الحبسي وإمكاناته، دون التفكير في البحث عن الموهبة البديلة التي يمكن أن تكون خير خلف لخير سلف، وهذا الجانب السلبي الكبير يحسب على الأجهزة الفنية السابقة التي تولت تدريب المنتخبات الوطنية منذ مراحل الأشبال والناشئين، وشكلت العقبة الأبرز قبل انطلاق أية منافسة يشارك فيها المنتخب الوطني والعودة إلى ترديد السؤال "القديم الجديد": هل سيشارك الحبسي أم لا؟
بطولة وميلاد نجم
لقد شاءت الظروف والأقدار أن يكتب للمنتخب الوطني قبل انطلاق البطولة الخليجية ميلاد حارس عملاق آخر، بعد أن جاءت المشاركة في بطولة غرب آسيا التي خرجنا بمركزها الثالث والتي حملت الكثير من الدروس والعبر، حيث أثبت حارس نادي السيب والمنتخب الرديف مازن الكاسبي أنه الأمل الجديد على مستوى الحراسة، بعد أن أظهر حضورا مميزا وقدم نفسه في صورة مختلفة أكدت بما لا يدع مجالا للشك امتلاكه للقدرات البدنية والمهارية التي لها أن تجعل منه في المستقبل القريب حارسا يتحدث عنه الجميع.
ومع عدم الاختلاف على كفاءة وقدرات الحبسي التي وصل إليها الآن، إلا أن البداية التي تابعناها من الكاسبي في ظهوره على مستوى المنتخب الأول هي أفضل بكثير من الانطلاقة التي كان عليها الحبسي في بطولة الخليج الخامسة عشرة في السعودية، فمن تابعه في تلك المنافسات لم يكن ليتوقع أن الحارس الشاب الذي منحه المدرب الوطني رشيد جابر الثقة يمكن أن يصل إلى التألق والحضور العالمي الذي أضحى عليه الآن، لكنها في النهاية قدرات وإمكانات لاعب يمكنها حسم الأمر، مثلما هي القدرات والصفات التي يتمتع بها مازن الكاسبي هذه الأثناء والتي تبشر بالكثير من التألق وأن يكون خير خلف لخير سلف.
يقول مازن الكاسبي: لم أتوقع أن أصل إلى ما وصلت إليه بهذه السرعة، لاسيما وأنني توقعت أن استقر مع المنتخب الأولمبي طويلا قبل الوصول إلى المنتخب الأول، لكن وبتعاون الجميع معي تمكنت من اختصار الكثير من الأمتار، حيث شارك زملائي بالمنتخب في تقديم العون لي وتشجيعي على تقديم الأفضل، وبالفعل كان لحضورهم معي الأثر الإيجابي حتى وصلت المنتخب الأول الذي اعتبرة بمثابة الحلم وأن أرتدي شعاره وأدافع عن شباكه.
الطبيعي جدا أن يتوقع الكاسبي ذلك السيناريو كونه يتابع في المنتخب الأول أحد عمالقة الحراس في العالم، وبالتالي صعوبة الطريق لخلافته.
لكن الأهم النظر للموضوع من زاوية أن اسم مازن الكاسبي أصبح يتردد بقوة هذه الأيام بعد أن وضعت شريحة كبيرة من الجماهير العمانية ثقتها فيه وأن يكون البديل المناسب للحبسي في بطولة البحرين، وفي ذلك تأكيد جديد على موهبة الكاسبي وكفاءته في أن يكون الحارس الأول في المستقبل القريب.
لم ينس الكاسبي التحدث عن صعوبة المهمة للوصول إلى المنتخب الأول، فهو يتفق مع الكثيرين عندما قال: المؤكد أنك ستعتبر الطريق طويلا للوصول إلى المنتخب الأول بخاصة وأنك مطالب في الحصول على ثقة كبيرة جدا وأن تكون في مستويات تؤهلك لتوضع في مكان البديل للحارس العملاق علي الحبسي.
وأضاف: الوصول للمنتخب الأول كان بمثابة الأمنية بالنسبة لي، ولم أستبعد أن يأتي في يوم من الأيام....لكن لم أتوقعه بهذه السرعة التي وصلت إليها.
ويضيف: وفي هذا الجانب أحب أن أشيد بالدور الذي كان من مدرب حراس المنتخب هارون عامر الذي قدمني في صورة مميزه وقدم لي التوجيهات التي كان لها بالغ الأثر في المستوى الحالي، كما لا أنسى دور المدرب فليب مدرب المنتخب الأولمبي الذي كان أول من اختارني من مباريات نادي السيب...
ولم ينس الكاسبي الإشادة بالدور الكبير الذي قدمه له والده وتشجيعه الدائم له معتبرا أن ذلك سهّل كثيرا من استمراره في لعب كرة القدم خاصة وأنه الوحيد من عائلتة الذي يمارس الكرة على مستوى الأندية والمنتخبات.
لم يكن الحارس الأول
في مسيرة أي نجم دائما ما تظهر الصدفة التي تشارك في تقديمه للجمهور، وهو نفس المسار الذي امتزجت به رحلة الكاسبي حتى وصوله هذه الأيام إلى المنتخب الوطني الأول، فعلى مستوى نادي السيب لم يكن مازن الكاسبي الحارس الأول للفريق، كونه كان يشارك في المراحل السنية، بينما يوجد جاسم يعقوب وسعيد الفارسي حارسين للفريق الأول.
وشاءت الظروف أن تعرض يعقوب والفارسي للإصابة وبالتالي ابتعادهما عن المشاركات، وفي تلك الأثناء تم استدعاء الكاسبي للمشاركة ضد نادي فنجاء في مباراة تجريبية كانت بمثابة الانطلاقة للحارس الشاب مع الفريق الأول واستمراه بعدها كأحد الحراس الأساسيين الذين اعتمد عليهم النادي الأصفر.
وحتى على مستوى المنتخب الأول لعب المباراة التجريبية التي فاز فيها المنتخب على اليمن 2-1 قبل تصفيات المونديال، حيث لم يكن الكاسبي الحارس الثاني بعد الحبسي، ففي تلك المباراة شارك حارب الحبسي في الشوط الأول، لكن الفرصة للكاسبي جاءت في النصف الثاني.
واستمرت الأحداث والمتغيرات في مسيرة مازن الكاسبي، حيث استغرب البعض ظهوره في المباراة الثانية أمام الكويت في بطولة غرب آسيا رغم أن المباراة الأولى التي خسرها المنتخب أمام لبنان شارك فيها فايز الرشيدي، ليتحول بعدها الكاسبي من حارس بديل إلى أساسي يعتمد عليه المنتخب في ظل غياب الحارس الأول علي الحبسي.
يقول الكاسبي: ليس تقليلا من زملائي حارب الحبسي أو فايز الرشيدي لكنها قناعات جاءت من المدرب لوجوين أو حتى فليب، ففي مباراة اليمن التجريبية شاركت في الشوط الثاني بعد أن كان حارب الحبسي في الشوط الأول، وفي بطولة غرب آسيا ظهرت في المباراة الثانية مع الكويت.
ويتابع: جميعنا في مستويات جيدة ولايوجد فوارق كبيره بيننا كحراس للمرمى بعد على الحبسي لكنها قناعات مدربين نحترمها، وهي فرصة اليوم لي وغدا تتحول إلى لاعب آخر وهكذا.
تلك الصدفة والمفارقات كانت تتكرر في مشوار الكاسبي، حتى عند بدايته في تصفيات منتخب تحت 22 سنة التي حصل المنتخب على المركز الثالث فيها، فلم يلعب الكاسبي في المباراة الأولى التي خسرها المنتخب أمام الإمارات صفر-2 حيث كان بديلا لعبدالله المعمري حارس نادي النهضة، لكنه عاد وشارك في المباراة الثانية التي فاز فيها "الأحمر" على لبنان 3-2 وفي مباراة العراق التي انتهت بالتعادل 1-1 وفي مباراة الهند التي انتهت بفوز منتخبنا 4-صفر..
هي مجرد محطات، لكنها تعني الكثير عندما يفرض الحارس موهبته وقيمته ويحظى بثقة جديدة كانت تذهب قبل ذلك إلى حراس آخرين، وهي قيمة حقيقية للحارس الشاب الذي اتصف بالكثير من السمات والصفات التي لها أن تجعل منه الحارس الأول للكرة العمانية مستقبلا.
لم يلعب في الناشئين أو الشباب
إن وصول مازن الكاسبي عبر بوابة المنتخب الأولمبي وعدم اختياره قبل ذلك إلى منتخبي الناشئين والشباب، يؤكد وجود الخلل في اختيارات المدربين السابقين الذين أشرفوا على تدريب منتخبات المراحل السنية، ومثل حالة الإهمال التي واجهها الكاسبي هنالك العديد من الحالات والمواهب التي لا تجد من يأخذ بيدها، بينما يتم استدعاء لاعبين معينين تتداخل في اختيارهم بعض الجوانب العاطفية والصلات، كأن يحظى للاعب بتوصية من شخصية معينة أو لكونه من سكان منطقة المدرب، أوما شابهها من تأثيرات غير منطقية تتدخل في الاختيار وتكتب ظهور لاعب في غير مكانه وتشارك في قتل طموحات موهبة يمكن أن تقدم الإضافة للمنتخبات الوطنية.
لكن الكاسبي يقول: الحمدلله على كل حال، أنتظرت الفرصة منذ فترة طويلة في أن أكون ضمن قائمة المنتخبات الوطنية، لكن لم يكتب لي ذلك، وأنا مقتنع بما كتبه الله لي، لكن الأهم أنني وصلت الآن وهذا ما يزيدني رغبة في تقديم الأفضل بخاصة وأن طموحاتي تقف أمامها تحديات كثيرة ورغبة في أن أكون على قدر الثقة.
ويضيف: الجميع الآن يقارنوك بما يقدمه علي الحبسي، وفي ذلك ظلم كبير لي، حيث من الصعب أن أكون كالحبسي هذه الأثناء، لكنه في نفس الوقت تحد جديد لي ليرفع من قدراتي ويزيد من حماسي في أن أكون الحارس الذي يمكنه الاقتراب من مستويات الحارس الأول في عمان والمنطقة الخليجية.
وحول مشاركته في البطولة الخليجية قال: أتمنى أن أكون عند حسن الظن وأن أقدم ما يمكن لحماية شباك "الأحمر" للتأكيد على أن الحراسة العمانية بخير.