
لعل اهم معالم المدن العريقة يتمثل في اسواقها الشعبية التاريخية التي ظلت محتفظة بعبق الماضي ولو بشيء من التجديد .. او حتى التشويه كما حصل لسوق مدينة مطرح الشهير للاسف .. خور بمبه او سوق الظلام كما يحلو للبعض تسميته .. فقد ظل هذا السوق التاريخي بازقته الضيقة المتفرعة على جنبات الوادي الذي يخترقه ويصب في خليج مطرح العصب الاقتصادي
الرئيسي للسلطنة منذ القدم ومصدر البضائع الواردة والمصدرة وفرضة السفن المبحرة والقادمة من الخليج والهند والسند وشرقي افريقيا وغيرها من موانىء على مر التاريخ .
وقد ظل هذا السوق عمانيا خالصا بطابعه المعماري وببضائعه وبتجاره وبنكهته المتميزة .. وبرواده ووجوه زواره وحتي حماليه .. وبعبق قهوته واقداح الشاي ومنصات الحلوى ودكاكين البهارات والاعشاب والغليون .. ومخازن الاخشاب والحبال ورزم الاقمشة ودكاكين الاسلحة والادوية منذ سالف الازمان .
وقد حظي هذا السوق الشعبي المتميز والنشط الذي بات معلما هاما من معالم مسقط باهتمام الزوار الاجانب والمقيمين والسياح الذي زادت اعدادهم مؤخرا لتوقف سفنهم في مينائها الذي تقرر تخصيصه للسفن السياحية العابرة للمحيطات … ولكن الامر المؤسف انه فقد طابعه العُماني الخالص برحيل رواده وتجاره وسيطرة الوافدين شبه المحكمة عليه بشكل مريع ومزري وخطير يعكس بجلاء ووضوح الخلل الديموغرافي وسلبياته في نفس الوقت .
ولعل ذلك يعكس عموما ما تعانيه السلطنة باكملها من خلل اثر على موروثها الثقافي وعلى اقتصادها المحلي التقليدي بشكل جلي .. فالزائر لخور بمبة اليوم يظن للوهلة الاولى انه يزور سوقا شعبية هندية خالصة .. جنسا ولغة وعادات !! وبات من النادر ان تجد اصحاب المتاجر الاصليين .. اللهم سوى اسمائهم التي تعلو اللوحات التجارية ولا شيء غير ذلك !! .. فالغالبية من الهنود والباكستانيين والبنغاليين .. وبعضهم امضى عقودا طويلة بعمر النهضة وبات هو الامر والناهي وبات صاحب المحل مجرد اسم على ورق يحصل على مبلغ ضئيل لقاء تستره على الوافد !!
وبما ان الصور هي ابلغ دليل وتعبير عن الاف الكلمات كما يقولون .. فاليكم بعضها التقطتها للسوق ولباعته .. ولكم انتم ان تحكموا ان كانت فعلا لسوق عٌماني ام هندي على شاكلة سوق الحرامية الشهير في مومباي !

مدخل السوق القديم المسور كان عبر ما يعرف بدروازة (بوابة) مطرح والتي نشاهدها هنا في عام
المصدر : wahibasands