~ مدخل ~
--------
--------
حين أراجع حماقاتي ، و أتأمل في ذاتي ، ينكشف الغطاء الذي تقّنعت به ، حينما يغتالني الشعور ، واتأمل في الوجوه الحائرة ، تسافر هواجس في تكويني ، تجبرني أن أنهي البحث / البعث الجديد ، وتعقبني رغبة جارفة في أن أكتب ، أكتب أني لم أكن سوى ( أنا ) ، مجرد من الأشياء ، مدمن في التنقيب عن الأحرف ، واستساغتها ، ولفظها حيناً ، وأني مجرد من الأوقات ، تهرب مني العقارب ، وأبقى أرقبها حين تهاجر عني ، ذات وجع طويت الأماني ، الأحلام ، تبت من الذنوب ، على أن إليها لاأؤوب ، أويت إلى ركن سحيق صار يلفظني لكثرة ما عاناه من حماقاتي ، لأختنق وسط الأوراق، أخلق عاصفة / عاطفة جديدة ، أثير زوبعة من المشاعر في اللاشيء ، أهرب مني كي أدنو ، وأمضي أصارع الوقت ليعيد لي ذاكرة الأسماء والأزمنة التي إختفت وسط هذا الزحام الرهيب ، وسط هذا الصخب ، ما زلت أحاول تنفس الهدوء ، عزفت على أن أبقى وحيداً ، وحيداً ، لا أبكي على الذي لن يعود ، لكي لا أنهزم ثانية ، بغضتك أيها الماضي ، وأعترفت للقديس " قلبي " بأني مخطيء في ما فعلت ، أحاول أن أزرع المشاعر لأجني أيضاً اللاشيء ..! ، صرير الماضي يبتعد ، ولست بعالم لما هو آت ، لست نادماً على ما فات ، هذه تفاصيلي أتت وحروفي مشيدة ذات بكاء ، محوت بها أحلامي السوداء ، كسرت بها القيد الذي أرهق أيامي ، كسرت بها الطعنة التي تلقتها أحلامي ، لأصيرني مجرد ذكرى كُتبتْ على جدران الورق ، وأشهق على مدِّ هذا الحبر ، يالهذا الوجع الذي يمطرني ألما ، ويالي ، يالي وسط هذا الظل القاتم .!!
-------
~ مخرج ~
الحادي عشر من اكتوبر
*
*
*
اليوم يا ( أنا)
بلغتُ الثالثة والعشرين من العمر
دثاري أحرف تبكيني ، تشكيني وجعي
في يدي يحتضر القلم
إصبعي تنتظر العباره
سأحتفل اليوم يا ( أنا ) بالألم
... وفراغ العباره ...
ورقتي تتهيئ للابحار في رِقتي
ورقتي ستبحر وإياك يا ( أنا )
(1)
كنتُ غفرتُ لي خطيئتي
حين أتيتُ من لحظة وجع
أمطرتها لي الأيام
ورمتني إلى ظلمها ، وظلامها
إلى خليج الأوهام
لتسكنني اللحظة
بقاياكَ يا ( أنا ) ، والحطام
(2)
آتٍ يا ( أنا ) للاعتذار
فقد أظلم الصبح في مقلتي
وتناسيتُ أن للياسمين في ورقي ( إخضرار )
(3)
لي حبيبان
يملآن أيامي بالتعاسه
لي حقد
مخبئ في ثوب حنان
لي ألم
سأرعاه ، وألعن الشيطان
أمزق أسطري ، وأرمي بها إلى غيهب الذكرى
وأبارك النسيان
(4)
كرهتكَ .!
فاخرج مِن داخلي
( أنا ) والموت صنوان
ألملم أشيائي / أشلائي ، وارحل
فأعود إلى ذات المكان
وجع يستبد بي ، وينتهي :
حلم الأمل / أمل الحلم
حين تبعثرت في الحنايا الألوان
(5)
ومضيتُ راحلاً
إلى حيثكَ يا ( أنا)
وتجرعتها ، مرارة الأحلام
ومضيتُ
أُجمِّلُ أيامي بالأوهام
أرددُ : " أحلامي لن توصلني إلى السحاب "
بل أوصلتني إلى القاع
إلى حيثكَ يا ( أنا ) .!.
(6)
وعدتكَ
أنْ أُحرقَ فراشتي ( الخضراء)
وأكتب على صدري غنائية
لها طعم الرثاء
لتجلدني بحزنها
لأذوبَ في شِباك البكاء
وعدتكَ
أنْ أسكبَ رحيقكَ في داخلي
رغم ما بيننا من حقد وجفاء
و وعدتكَ
بأشياء ، كانت أكبر مني .!.
(7)
في لجة العتيم
تشكل في أحداقي وجع
له رائحة الحبر السقيم
مددتُ يدي للزمن القديم
رفضتُ الرقص على وقع خطاكَ
سددتُ نافذتي في وجه النسيم
حلمتُ ...... هل تريدُ أنْ تشاركني الحلم .؟.
حلمتُ أني في السديم .!.
(8)
حلمتُ أني عدتُ
مهزوزاً /مهزوماً ، بفعل الأمنيات
وحملتُ سيفي / قلمي
لأطعن خاصرتي / خاطرتي
وأقتلع عشب الحكايات
حلمتُ أني عصفتُ بي
إلى حيث تموتُ الذكريات
حلمت
بأني لن أتكرر
بأني سأتكور
و أرقص حافياً على لهيب الحماقات
(9)
حلمتُ أني قرأتُ فنجاني
فرأيتُني منكسرَ القلب
أكتبُ مِن لساني
أهربُ مِن أهدابي
رأيتُني أسود القلب
أدخل كالرمح إلى عذابي .!.
(10)
استيقظتُ مذعوراً
فبدأتُ في البكاءِ
وفي الحديث عن أشياء بلا معنى
بحثتُ بين الحطامِ
عن أشلائي
بحثتُ ، كم بحثت .؟.
عن أحاديث مبعثره
أُخاطبُ بها مسائي
فكنتُ والغرق
كنتُ القلق
وكان الأرق
قد استبدَّ بعواطفي
فتناسيتُ حمل أشيائي .!.
(11)
تناسيتُ حملها
فسِرتُ حائرَ البال
تناسيتُها
فأراني تمرغتُ في الخيال
سِرتُ إلى " بحر الخطيئة "
فأوقفتني الرمال :
-" إلى أين يا ولدي .؟. "
-إلى البحر .. لأُغرقَ السؤال :
-مَنْ أنا .؟.!.
(12)
مَنْ أنا .؟.
تُراني مَنْ أكون
فجاوبني الصمت
جاوبني السكون :
-" أنتَ ، أنت "
فلِمَ هذه النرجسية .؟.
لِمَ هذا الجنون .؟.
لمْ أجد إلا الصمت
يرفرف في سماء الأسئله
إجتاحتْ حدقتي
تسربتْ إلى شرفتي
لمْ أجد إلا الصمت ، يجاوبني :
-" أنتَ ، أنت
فمَنْ تُراكَ تكون .؟."
(13)
حينها ، بدأتُ أنظرُ إلى أفكاري
فأرى قطيعاً مِن الهموم
تجتاحني
تسكن وهجي
تلفظ أشيائي
رغبة منها للأخذ بالثأرِ
حين أمسكتُ بالقلم اليوم
أحسستُ أني أمضي ممزقاً في وجع هذا الحبر
الذي يسكنُني
الحبر الذي يكتُبني أبياتاً مجهولة
سأكون حزيناً ... ومبتهجاً
أُزعجُ لحظة التخيل التي لم تأتِ
وأُطيحُ بالعاطفة التي تتربص بي
(14)
وتارة أخرى
إلى لحظة الأصيل
تلتصقُ حدقتي بالشمس
فأشحذ الدمع الذي مِن عينيها يسيل
أَفتحُ ألمي الأسود
وأَصيرُ إلى هاوية الليل الجميل
تأتلقُ الإبتسامات في الوجوه الشاحبه
و تحاصرني أصابع الرحيل
تعقبني اللحظة
صوتُ والدتي ... تردد :
-" حسبي الله ونِعم الوكيل "
(15)
كنتُ طفلاً حالماً
أحلمُ .. أني برق أصعقُ الأحزان
أفتحُ الشبابيك كل مساء للوجوه الشاحبه
لِــ...تلجأ إلى صدر الأمل
أُلقي بالهموم في البحر
وأبتهل
أُؤثثُ عالماً جديدا
أُلغي النهار
عالم فيه بعض مِن خجل
كنتُ ... فأصبحت
واقعاً ... أتوضأُ من كسل
أصبحتُ نجماً في السماء قد أفل
(16)
قد أفل
ولمْ يترك مِن بقاياه سوى المداد
الذي يمزقه
ويمضي به اليوم
وسط دنيا عمَّ فيهاالفساد
إني لأكرهكَ يا ( أنا )
فأنتَ مثل خيط الهواء
أتنفسُ منهُ العناد
تعال واحتفل معي
قد قربَ وقت الحصاد
(17)
قد صرتُ "الأخير "
أتلوّنُ بــ( الأخضر ) الذي يأسرني
وأعتمرُ قبعة
جرائم منها تطير
و ( أنتَ ) ترمقني بنظراتكَ الناريه
لحظة طيش
وأُسائلُ حينها عن ياسميني
عن العبير
وأي شيء سيعيدُ لي ما إفتقدتْ .؟.
أي شيء سيسبقني اليوم
للغوص في متاهاتك المظلمه
لأجمع الكثير .؟.
أي شيء سيعيدكَ إليَّ يا ( أنا ) .؟.
.
.
لا شيء .!.
(18)
قد افرغ الحزن مِن رأسي كل شيء
وانطفأت الأفراح
تركتني أغتسلُ مِن سقمي
علّقتْ الأشياء الممقوتة على ظهري
وارشدتني إلى زوبعة
إستعادتْ وعيها هذا الصباح
غطتْ الرمال ثوبي
واطربتني وجعاً لن يرتاح
لا شيء يبكيني
لا شيء أشعل بوحي
سوى هذا النواح
سأكرهكَ لأنكَ في دمي
و لأنكَ سكبتَ في أرضي الجراح
(19)
سأكرهكَ دوماً
لأنّا لم نتفق
ومرت الساعات ثِقالاً
مشوبة بأشباحكَ التي تحترق
ترغمني يا ( أنت )
أنْ أهبط إلى ساحات النوم
لأمزق هذا الفصل
الذي عني يفترق
الفصل الذي لم يعبأ بي
لم يعبأ بصوتي
الذي يُوقدُ النار في الحطبِ
ويعبثُ بالذاكرة
ويروي للسائرين متاهات مِن الأحاديث
سأكرهكَ أبداً
لأنّا لم نُفِق
(20)
اليوم امحو ذكراك الأبد
وأُطفي نوركَ المتوهّج الخادع
اليوم تَغربُ عن وجهي
وتتوه في الطرقات والشوارع
وأنا يا ( أنت )
لنْ أنتظركَ بلهفة
وشوق راكع
سأنكمشُ على أحلامي
أمضغُ سمّ الواقع
أحترقُ .. وأتسلقُ مِن بعدكَ الأسطر
لتمجدني الأصابع
(21)
ثرثرتُ عن ما بداخلي
ولم أنتبه لهذا الهذيان
إستوطنتْ في معصمي
( قطعة حمراء)
تُشعلُ النيران
غيّرت لعناتي وألبستُها ثوباً جديداً
مضيتُ أُثرثرُ في مدَّ هذا الحبر
لتهرب مني الأحزان
تصعدُ أنّة اللحظة إلى أنفاسي
وتحتضرُ في أسطري بقايا إنسان
أخرج مِن هذا الحلم
لأفترس جسدي وأتوه في الهواء
وأصير بلا عنوان
(22)
هتفتُ :
مالذي صيّرني هكذا .؟.
لِمَ ، لِمَ .؟.
فأشحتُ عني اللاثام
وقرأتُني ساعة غفلة
وقرأتُ عليّ السلام
صليتُ في معبدي
و ألبستُني ثوب الظلام
تفرستُ في ّ .... فوجدتُني :
.
.
أنا ، قبل عام .!
سبتمبر 2003
الغبرة