تباين الآراء بشأن وضع كود جديد للبناء مع تأثر السلطنة بالزلازل في الدول المجاورة.. ومطالب بتشديد قوا

    • تباين الآراء بشأن وضع كود جديد للبناء مع تأثر السلطنة بالزلازل في الدول المجاورة.. ومطالب بتشديد قوا


      "مركز رصد الزلازل" يعتزم رفع كود جديد للمباني لمواجهة المخاطر إلى مجلس الوزراء قريبا
      الكود الجديد تشارك فيه معاهد ومراكز أبحاث دولية
      تحديد مصادر الزلازل المحتملة في السلطنة ومعدل تكرار الهزّات
      قواعد مشددة لحسابات الزلازل في كود البناء
      قرب السلطنة من أحزمة زلزالية نشطة غير مؤثر
      تاريخ الزلازل بالسلطنة يظهر تعرّض البلاد لهزات "خفيفة"
      السلطنة تضع في الحسبان مستجدات الدراسات الجيولوجيّة
      الحسيني: مشروع الكود في الصياغة النهائية وأمام الوزراء خلال أسبوع
      السليماني: بعيدون عن أحزمة الزلازل ولا حاجة لتكلفة اقتصادية إضافية
      البوسعيدي: حان الوقت لدراسة جادة لشروط البناء
      الشيدي: إطار موحد للمباني في دول مجلس التعاون الخليجي
      الرؤية - نجلاء عبدالعال
      تباينت آراء الخبراء والمختصين بشأن وضع كود جديد للبناء مع تأثر السلطنة بالزلازل في الدول المجاورة، فيما تطالب أصوات أخرى بتشديد قواعد البناء في البنايات المرتفعة فقط، حيث إنّ القانون الحالي يضمن سلامة العقارات من أية مخاطر قد تنشب جراء الهزّات الأرضية.
      وأثار الزلزال الذي ضرب الحدود الإيرانية الباكستانية الأسبوع الماضي، مخاوف كثيرين في دول الخليج والتي تأثرت بهزات قدرها الخبراء بأنّها "خفيفة"، ما دعا إلى التباحث بشأن أكواد البناء في المنطقة والسلطنة، ومدى استعدادها لمثل هذه الظروف.
      وبعث الدكتور عيسى الحسين مدير مركز رصد الزلازل في جامعة السلطان قابوس برسالة اطمئنان للمجتمع العماني، قائلا إنّ وضع دليل للمباني يشمل مقاومة الزلازل حاليًا في مرحلة الصياغة النهائية، مضيفًا أنّ مجلس الوزراء بادر بتكليف المركز بإعداد هذا الدليل في عام 2010، ومنذ ذلك الحين تمت دراسة جميع التفاصيل الخاصة بتأثيرات الزلازل على جميع مناطق السلطنة، مؤكدا أنّه في غضون أسبوع ستنتهى عملية الصياغة النهائية للدليل ورفعه إلى مجلس الوزراء.

      وأوضح مدير مركز رصد الزلازل أنّه ضمن الاختصاصات التي أنشئ من أجلها المركز، تزويد المهندسين الإنشائيين والمخططين بنتائج الدراسات الزلزالية والمساهمة معهم في وضع السبل والوسائل اللازمة لتخفيف أخطار الزلازل في السلطنة. وتابع أنّ من بين اختصاصات المركز المشاركة في وضع كود (دليل) البناء الذي يشمل الاحتياطات والإجراءات اللازمة لتخفيف أخطار الزلازل على المنشآت واختيار المواد الإنشائية والتصاميم اللازمة لمقاومة وتخفيف أفعال الزلازل، مشيرًا إلى أنّ وزارة الإسكان والمجلس الأعلى للتخطيط، وغيرها من الجهات تشترك في وضع خطط وسياسات المركز.
      مراكز دولية
      وذكر الحسين أنّ دراسة كود أو دليل أمان المباني اشترك فيها معهد "كنديللي" للرصد وأبحاث الزلازل في جامعة البسفور التركية، وقامت بتحديد المكامن أو مصادر الزلازل التي يمكن أن تؤثر على السلطنة بشكل عام، وحساب أكبر قدر زلزالي يمكن أن يصدر عن كل مكمن ومقدار تكراراية هذا الزلزال، ومعدل تكرارية الزلازل ومن ثمّ حساب التسارع الأرضي أو العجلة الزلزالية في نقاط موزعة على كافة مناطق السلطنة. وأوضح أنّه في كل نقطة يتم حساب مقدار الحركة التي تصدر من هذه المكامن الزلزالية، وعلى ضوئها يتم التعرف على مقدار الحركة في كل مناطق السلطنة على نقاط معينة، ومنها يتم تقسيم السلطنة إلى نطاقات، مشيرا إلى أنّ هناك نطاقات تلزمها عناية أكثر من الأخرى لوجود توقعات لتأثير أكبر عليها، وعلى هذا الأساس تُمنح اهتمامًا أكبر من ناحية وضع التصاميم، بحيث تراعي التأثير الزلزالي، أمّا النقاط التي ليس عليها تأثير كبير تعطى عناية أقل من ناحية التصميم الزلزالي.
      حسابات متشددة
      وأكّد الدكتور الحسين أنّ الدراسة اعتمدت على حسابات أعلى من المتوسطات المعمول بها؛ حيث إنّ المعدلات المعروفة للزلزال المؤثر هي التي تسجل 4 درجات على مقياس ريختر فما فوق، لكن في حسابات دليل المباني الذي تمّ وضعه للسلطنة تمّ تنفيذ الحسابات على أنّ الزلزال المؤثر على 3.3 درجة على مقياس ريختر نظرًا لوجود جبال عمان التي تعتبر من المكامن الزلزالية ونظرًا لقربها من المناطق السكانية، لذلك تم التشديد لتشمل الحسابات الزلازل بقوة 3 درجات أحيانًا.
      وفيما يتعلّق بآلية تطبيق الدليل في تصميم وإنشاء المباني في حالة إقراره، قال مدير مركز رصد الزلازل بجامعة السلطان قابوس إنّه عادة يُترك التصميم إلى المصممين أو الإنشائيين، لكن من يختار إنشاء مبنى سكني بطوابق متعددة، فإنّ ذلك يفترض أنه وفقًا للدليل أن يقوم بعمل دراسة تشمل دراسة الموقع والتربة، إضافة إلى وضع المعاملات من دليل أمان المباني حسب المنطقة المقام فيها المبنى، حيث إنّ لكل مبنى دراسة خاصة به.
      وأشار الحسين إلى أنّ موقع السلطنة على حدود الصفيحة التكتونية العربية المستقرة نسبيًا، لكنّها بالقرب من تلاقي عدد من الأحزمة الزلزالية النشطة والقادرة على إنتاج زلازل كبيرة، مؤكدًا أنّه في نفس الوقت لا يجب أغفال ما أثبتته التسجيلات الحديثة والتاريخية من تعرض السلطنة لبعض الزلازل بقوى متفاوتة خلال الأزمنة المختلفة، التي من بينها الزلزال المتوسط القوة الذي حدث في نهاية القرن التاسع عشر بالقرب من مدينة نزوى، وشعر به سكان مسقط، وأدى إلى تدمير تسع قرى بالقرب من نزوى حسب المصادر التاريخية. وأضاف أنّ المركز رصد 3472 هزة محلية وإقليميّة بين عامي 2001 و2012، غالبيتها صغيرة الحجم وغير محسوسة على المستوى المحلي، من بينها أربعين هزة شعر بها المواطنون والمقيمون في السلطنة، من بين أعلاها تأثير زلازل جزيرة قشم الإيرانية في عام 2005 والتي سجلت قوة 5.9 على مقياس ريختر، وفي عام 2008 بنفس المنطقة وكان بقوة 6.1 على مقياس ريختر، وتلاه الزلزال الذي وقع في منطقة مسافي في الإمارات العربية المتحدة في عام 2002 بقوة 5.1 على مقياس ريختر.
      كود خليجي
      وحول مدى حاجة السلطنة لكود للزلازل، قال سالم بن طالب الشيدي الرئيس التنفيذي لجمعية المقاولين العمانية إنّ هناك ضرورة ملحة لوضع هذا الكود، وأن تشرف الحكومة على تضمين مواصفات البناء، بحيث تقام جميع المباني السكنية، ولا سيما متعددة الطوابق بشكل يجعلها آمنة على من فيها في حال وقوع زلازل أو هزات ناتجة عن زلازل في أماكن قريبة من السلطنة.
      وأشار الشيدي إلى أنّ التقنيات والمواصفات الانشائية لضمان زيادة الأمان ستكون لها كلفة، بطبيعة الحال، لكنّها في النهاية تكلفة لا تتوازى مطلقًا مع قيمة الأرواح البشرية، كما أنّها مقارنة مع إجمالي قيمة المبنى لن تجاوز 2 في المائة، غير أنّها ستضمن الحفاظ عليه من أية أخطار قد تؤدي كما يحدث في بعض بلاد العالم إلى انهيار المبنى بأكمله.
      وتحدث الشيدي عن كود زلازل خليجي موحد، قائلا إنّه عضو في اللجنة الوطنية لكود البناء الموحد التي تأسست في عام 2009، وذلك بموجب القرار الوزاري رقم (42/2009)؛ والتي انبثقت من التوصيات التي خرج بها اجتماع مجلس وزراء الإسكان والتعمير العرب في ديسمبر 2008 المنعقد في القاهرة، موضحا أنّ تتكون اللجنة من أعضاء من جميع الجهات والمؤسسات الحكومية والخاصة وذوي العلاقة بأعمال البناء والتشييد والتعمير والخدمات الهندسية.
      وأضاف أنّ مجلس إدارة هيئة التقييس لدول مجلس التعاون الخليجي في اجتماعه الرابع عشر (جدة 9/8/2011) اعتمد تشكيل لجنة عليا للمكتب الفني الخاص بمشروع كود البناء الخليجي من الدول الأعضاء بهدف دراسة التصوّرات الوطنيّة المتعلقة بآليات وطرق إعداد مشروع كود البناء الخليجي، وبالفعل تمّ عقد الاجتماع الأول للجنة العليا للمكتب الفنّي لإعداد كود البناء الخليجي في الدوحة في نوفمبر 2011، وتمّ خلاله الاتفاق بين جميع الدول الأعضاء على ضرورة وأهميّة تشكيل اللجان الفنيّة المتخصصة على مستوى دول المجلس، كما تمّ الاتفاق على أن تقوم كل لجنة متخصصة من اللجان الفنيّة بعد تشكيلها بالاجتماع والتوصية بأخذ كود أساس من الأكواد الوطنيّة في الدول الأعضاء ثمّ إجراء التعديلات عليه.
      وأكّد الشيدي أنّه لذلك ومن منطلق أهميّة كود البناء الخليجي، فإنّ السلطنة ارتأت ضرورة تشكيل لجنة وطنية لكود البناء من الجهات الحكوميّة المعنيّة والقطاع الخاص والجهات الأكاديمية والاستشاريين وجمعية المهندسين العمانية وجمعية المقاولين العمانية، وتكون مهمتها وضع التصوّرات وإعطاء المقترحات بما يتوافق مع منظور السلطنة تجاه المعايير الفنيّة المطلوب توفيرها في المباني مع الالتزام بتوفير الحد الأدنى لسلامة تلك المباني والمنشآت، ومناقشتها في اجتماع اللجان الفنيّة الخليجية لإدراجها ضمن كود البناء الخليجي.
      وأوضح أنّ اللجنة الوطنية لكود البناء الموحد تعمل كأداة تحرير تجارة خدمات التشييد والخدمات الهندسيّة المتّصلة بها، وتهدف لدراسة التصوّرات الوطنيّة بآليات وطرق إعداد مشروع كود البناء الموحّد، مشيرًا إلى أنّه تمّ عرض الموضوع على مجلس الوزراء الموقر، والذي قرر ضم اللجنة السابقة التي وافق على تشكيلها بناءً على توصية مجلس وزراء الإسكان والتعمير العرب إلى اللجنة المقترحة لتكون لجنة واحدة.
      تشكيل اللجنة
      وتابع أنّه استنادًا إلى قرار اللجنة في اجتماعها الأول بتاريخ 08/10/2012 اقترح الأعضاء بأنّ تتشكل اللجنة الوطنية من عدد 20 عضوًا، وأنّ تكون برئاسة سعادة وكيل وزارة التجارة والصناعة للتجارة والصناعة، وعلى أن يكون مدير عام المواصفات والمقاييس نائبًا للرئيس، بحيث تجتمع اللجنة الوطنية بشكل دوري لتحديد الأطر العامة لأعمال اللجان المختلفة، وتضع الإستراتيجيات والأهداف المتوقع تحقيقها من كل لجنة كما ترفع لها كافة الأعمال التي تقوم بتنفيذها اللجان المختلفة للموافقة والمصادقة عليها.
      ومضى الشيدي موضحًا مهام اللجنة، قائلا إنّ من بين اختصاصاتها التوافق على رؤية موحدة وخطة عمل مبرمجة لإحداث تقدم منظور بشأن الإعداد لمشروع الكودات، ومراجعة واعتماد خطة التشغيل السنويّة للجنة، بالإضافة إلى الموافقة على تشكيل اللجان الفنية وفرق العمل المناظرة للجان الخليجية لكود البناء الخليجي وتحديد مهام عملها، ووضع آليات تطبيق الكود ومتطلبات التدريب والتوعية بالتزامن مع مرحلة إعداد الكود، بالإضافة إلى معالجة المشاكل والمعوقات الإدارية والفنيّة التي تعترض سير عمل اللجان، وفرق العمل، وإقرار خطط التدريب على النظم واللوائح الفنيّة المتعلّقة بالكود، وإعداد وإصدار كود البناء الخليجي ومقارنته بالكودات العربية الأخرى واستصدار التشريعات الإدارية والقانونية المتعلقة بالتطبيق الإلزامي، بجانب دراسة مشاريع كودات البناء الخليجيّة وغيرها وإبداء ملاحظات السلطنة عليها، ودراسة مشاريع المواصفات القياسية لمواد البناء وإجراء الدراسات البحثية والفنية في مجال البناء والتشييد كلما تطلب الأمر.
      ويوضح رئيس جمعية المقاولين أنّ هذا يدل على أنّ السلطنة ودول الخليج العربي تأخذ في حسبانها ما تدل عليه الدراسات الجيولوجية من تسارع في وتيرة وقوع الهزّات الأرضيّة وحتميّة التأقلم معها واتخاذ ما يلزم نحو تلاشي مخاطرها.
      كلفة بلا ضرورة
      ويتفق سعادة المهندس محمد بن سالم البوسعيدي الرئيس التنفيذي للجمعية العقارية العمانية على أهمية إدخال ما يلزم من اشتراطات ومعايير في إنشاء المباني، بحيث تزيد معامل أمانها على من يتواجد فيها وقت حدوث زلازل. ويرى أنّه رغم عدم وجود سوابق في وقوع زلازل كبيرة في السلطنة، إلا أنّ تكرر الزلازل في دول قريبة مثل إيران وما نجم عنها من تأثير يجعلنا ننتبه إلى أنه حان الوقت لدراسة ما يمكن عمله بحيث تزيد ثقة الناس في سلامة المباني ولا نشهد تكرر لحالة الخوف التي انتابت الناس يوم الثلاثاء الماضي وجعلتهم يهرعون خارج المباني خاصة متعددة الطوابق.
      فيما يرى المهندس الشيخ عامر السليماني عضو مجلس إدارة جمعيّة المقاولين العمانية أنّ استحداث كود جديد للزلازل في المباني يعد كلفة اقتصادية دون مبرر قوي لها، مشيرًا إلى أنّ جميع الدراسات تؤكد أنّ عمان بعيدة عن أحزمة الزلازل المعروفة. وأكد أنّه يتفهم حالة "الهلع" التي أصابت الناس عند تأثر السلطنة بزلزال إيران الأخير نظرًا لأنّها كانت المرة الأولى التي تتأثر فيها السلطنة بهذه الدرجة، غير أنّه يرى أنّ هذا لا ينبغي أن يجعلنا نتخذ إجراءات من شأنها رفع كلفة المباني، وبالتالي رفع قيمة الوحدات السكنية، خاصة أنّ هناك بالفعل اشتراطات بناء خاصة للمباني الحكومية، ويمكن رفع درجة اشتراطات المباني التي تضم تجمّعات سكانية كثيفة.
      وفي رأي المهندس السليماني فإنّ الأهم والأولى أن يتم العمل على توعية الناس بالتصرف الصحيح في حالة وقوع هذه التأثيرات الزلزالية البسيطة مستقبلا، مؤكدا أنّ أسلوب وطرق البناء في السلطنة الموجودة حاليًا بل ومنذ مئات السنين تشير إلى تناسبها مع الوضع الآمن لعمان من الناحية الزلزاليّة، فلم نسمع عن أيّة مباني سواء كانت حديثة أو حتى القلاع والمباني القديمة تأثرت جراء الهزّة الأخيرة.