خطورة الفرقة والتباغض

    • خطورة الفرقة والتباغض


      خطورة الفرقة والتباغض
      الحمد لله الذي خلق فسوى ، والذي قدر فهدى ، والذي أخرج المرعى ،
      أحمده سبحانه حمد
      الشاكرين ، وأشكره شكر الحامدين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين ،
      وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، خير الخلق أجمعين ، صلى الله وسلم عليه
      وعلى آله وأصحابه والتابعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ،
      وعنا معهم بمنك
      وكرمك يا أكرم الأكرمين . . .
      أما بعد : فاتقوا الله عباد الله ، وألزموا أنفسكم
      طاعة ربكم ، فهي المنجية ، وهي الموجبة ،
      قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا
      الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون " ، "
      يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله
      وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً " .

      أيها المسلمون : كم كانت الأمم والشعوب قبل البعثة المحمدية ، تغط في ظلم عميق ، وتغوص في جهل سحيق ، في ظلمات ظلماء ، وجاهلية جهلاء ،

      لقد سادت في تلك الحقبة من الزمن أموراً وعاداتٍ ظالمة قاسية باطلة ، أثرت سلباً على مجريات الحياة إبان ذاك ،
      فهضمت الحقوق ، وسلبت الأموال ، وانتهكت الأعراض ، وقتلت الأنفس ، وسادت الحزبية القبلية الجاهلية ، وكثر الخصام ، وانعدم الوئام ، وزادت مساحة النفاق ،
      واتسعت رقعة الشقاق ، فعمت الفوضى ، وكثرت اللأوى ، فرحم الله البشرية بأن أرسل إليهم أفضل البرية ، محمداً صلى الله عليه وسلم ،
      ليخرجهم من ظلمات الجهل ، إلى نور العلم ، فقضى على معالم الوثنية ، وأبطل عادات الجاهلية ، واجتث جرثومتها ، واستأصل شأفتها ،
      فتاقت النفوس لهذا الدين الإسلامي العظيم ،
      الذي حفظ للناس كرامتهم ، وصان أعراضهم ، وحصن فروجهم ، ووحد صفوفهم ، وأعطى كل ذي حق حقه .

      قال تعالى : " قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم ديناً قيماً ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين *
      قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين " .

      أيها المؤمنون عباد الله : مما انتشر في بلاد المسلمين ، من أمور محرمة ، والتي هيأت لها بعض النفوس بالتمكين ، وعمل لها الشيطان الرجيم ، ظهور الحقد والغل وانتشار الكراهية والبغضاء بين الناس ، فساد مجتمعات المسلمين القطيعة والشحناء ، وعمت بها ربوع كثير من البلاد ، فأصبحت القلوب في ضيق ونكد ، وفي تعب ونصب ، لقد أصبح الابن يبغض أباه ، والأخ يكره أخاه ، والقريب يظلم قريبه ، والجار يكيد لجاره ، وكل ذلك بسبب أطماع دنيوية دنيئة ، من أجل حفنة من تراب ، أو شبر من خراب ، من أجل قطعة من أرض ، أو بضعة من غرض ، إن مثل تلك العادات يمقتها رب الأرض والسموات ، يقول الله تعالى : " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم " ، لقد قطعت أواصر المحبة والمودة بين الناس ، بسبب تلك الأطماع ، وبسبب حب الدنيا وزينتها وزخرفها وبهرجتها ، ولقد مزقت وشائج صلة الأرحام ، بسبب حب الأرض وما فيها من دمار ، يحسبون أنهم سيخلدون في هذه الحياة ، والله من فوق سبع سموات قال لهم : " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون " ، ولقد حذر المولى جل وعلا من الركون إلى الدنيا ، أو اتخاذها وطناً وسكناً ، وأنها غادرة ما كرة ، فقال تعالى : " إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون * أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون " ، هذا هو الجزاء الأوفى لمن ركن إلى الدنيا ، ورضيها من دون الأخرى ، أن يكون مصيره إلى النار والعياذ بالله .

      أيها المسلمون : إن الإسلام يدعو أهله إلى الألفة والمحبة والمودة ، وتقوية الأواصر ، والتفاني من أجل خدمة المسلم لأخيه المسلم ، والتواضع لله ولعباده ، فمن تواضع لله رفعه ، ومن تعاظم على الله وضعه ، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يحقره ، بل كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه ،
      هكذا جاء على لسان
      نبيكم صلى الله عليه وسلم ، ويقول ربكم تبارك وتعالى : " واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا " ،
      وقال عليه الصلاة والسلام : " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه
      بعضاً ، وشبك بين أصابعه " [ متفق عليه ] ،
      فأين تطبيق تلك الآيات ، وأين العمل
      بتلك الأحاديث الكريمات ، أم أننا نسمع ولا نعقل ؟ أم أننا ننصت ولا ندرك ؟ أين المحبة اليوم ؟ أين الإيثار اليوم ؟ أين الاخوة اليوم ؟ ،
      قال صلى الله عليه وسلم
      : " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " [ متفق عليه ] ،
      لقد تباغض الناس ،
      لقد تلاعن البشر ، لقد حمل الجيران على بعضهم حقداً دفيناً ، وامتلأت قلوب الأرحام كرهاً عظيماً ،
      ما الأسباب ؟ وما الدوافع ؟ وما النتائج ؟ أما الأسباب والدوافع ،
      فهو الوهن ، والوهن : هو حب الدنيا وكراهية الموت ،
      كما صح الخبر عن نبي البشر
      [ رواه أبو داود ] ، وأما النتائج ، فلا يرفع لهم دعاء ، ولا يقبل لهم عمل ،
      عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء ، فيقال انظروا هذين ، حتى يصطلحا ، انظروا هذين حتى يصطلحا ، انظروا هذين حتى يصطلحا " [ رواه مسلم والأربعة وغيرهم إلا النسائي ] ،
      فيالها من خسارة فادحة ، ومصيبة عظيمة ، ونكبة كبيرة ، أن لا يرفع للإنسان عمل حتى يصفو قلبه على أخيه المسلم ،
      فلماذا لا تصفوا النفوس إذاً ، ولماذا لا تسموا القلوب أبداً ، ما أعظم أن يموت
      الإنسان ، ويقوم على جنازته مئات المسلمين للصلاة عليه ،
      وما أجمل أن يموت الإنسان
      ويقوم على قبره مئات المسلمين لدفنه ، الكل يسعى للصلاة عليه ، والكل يتسابق لدفنه ،
      والكل يدعو له بالمغفرة والرحمة ، والكل يذكر محاسنه ويكف عن مساوئه ، كل هذا
      بسبب حسن الخلق ، والتواضع لله ولعباده ،
      والتغاضي عن بعض التعديات ، والصفح عن
      الزلات ، ومغفرة الهفوات ،
      أما من كان سيئ الخلق ، كثير الشكاوى والدعاوى ، لا يعفو ولا يصفح ، ولا يتنازل ولا يقدر ،
      فهذا إذا مات هرب الناس عن جنازته ، وابتعدوا عن قبره ، وأصابته اللعنة ، وأدركته الحسرة ، ولا يندم على موته إلا هو ، ولا يتحسر على فقده إلا هو ،
      فلا يذكر إلا بشر ، بل لا يريد أحد أن يتذكره ، فلا يُدعى له بالرحمة ، ولا تطلب له المغفرة ،
      فهذان ، كما جاء في الحديث ، " مرت جنازة أمام النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس مع أصحابه ، فأثنوا عليها خيراً ، فقال : وجبت ،
      ثم مرت جنازة أخرى ، فأثنوا عليها شراً ، فقال : وجبت ،
      قال عمر بن الخطاب : ما
      وجبت ، فقال صلى الله عليه وسلم : " الأولى أثنيتم عليها خيراً فوجبت لها الجنة ،
      والأخرى أثنيتم عليها شراً ، فوجبت لها النار ، أنتم شهداء الله في الأرض " [ رواه البخاري ] .

      فاتقوا الله عباد الله وحسنوا خلقكم وأخلاقكم ، وابتعدوا عن الإضرار
      بالمسلمين ،
      وإياكم والإساءة إلى الجيران أو الإخوان والخلان ، أما ترضون بجنة خازنها رضوان . عباد الله : أيعقل أن يتقابل اثنان ولا يسلم أحدهما على الآخر ،
      وقد قال صلى الله عليه وسلم : " لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا
      حتى تحابوا ، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ، أفشوا السلام بينكم " [ رواه مسلم ] ، وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار " [ رواه أبو داود ] .
      أيقبل من اخوة وأسرة التنافر والتباغض ؟ أيقبل منهم الكراهية والشحناء ، إنها أموراً منكرة ، وعادات سيئة ، فالدين لا يأمر بذلك ، والعاقل لا يرضى بذلك ،
      وضررها على الفرد والمجتمع ، إن تلك الأعمال الغوغاء ، والأفعال الهوجاء ، وكثرة القيل والقال ، وإفساد ذات البين بين المسلمين ، والفرح بإيقاع العداوة بينهم ، ليست من الدين في شيء ، وليست من العقل في شيء ، بل هي أقرب إلى عادات الجاهلية ، وأقرب إلى مسالك أهل النفاق والشقاق ،
      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
      لا يحل لمسلم أن يصارم مسلماً فوق ثلاث ، فإنهما ناكبان عن الحق ما داما على صرامهما ـ أي تقاطعهما ـ
      وإن أولهما فيئاً يكون كفارته عند سبقه بالفيء ، وإن ماتا على صرامهما لم يدخلا
      الجنة جميعاً أبداً ،
      وإن سلم عليه فأبى أن يقبل تسليمه وسلامه ، رد عليه الملك ،
      ورد على الآخر الشيطان " [ الإرواء 7/95 ، والصحيحة 1246 ، والأدب المفرد 158 ] .
      عباد الله : احذروا كل الحذر من الفرقة والتباغض ، وابتعدوا عن التنافر وكثرة الشكاوى وإزعاج السلطات بأمور دنيوية تافهة ، أو لرأي إنسان يريد الإفساد لا الإصلاح ، من كانت له على أخيه ملاحظة ، أو رأى منه زلة وهفوة ، أو لمس من خطأ وجفوة ، فلا يعني ذلك أن يحمل عليه في صدره كرهاً وبغضاً ،
      وليس معنى ذلك أن يتقدم
      ضده بخصومة أو شكوى ، وليس معنى ذلك أن يؤلب الناس عليه ،
      أو يثير الفوضى ، فيكثر
      الهلكى ، بسبب أمر كان من الممكن أن يتدارك بالنصيحة الأخوية ، وبالمشورة والروية ، وبالتسامح والعفو والإحسان ،
      وغض الطرف عن المشكلات ، وإيجاد الحلول المناسبة لها ،
      دون اللجوء إلى حقوق جاهلية ، أو أكل للأموال بالباطل ،
      حتى يتدارك الخطأ ، وتمنع
      الزلات ، وتقال العثرات .
      أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : " والذين ينقضون عهد
      الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار : ، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم .

      الخطبةالثانية

      الحمد لله كثيراً كما يجزل كثيراً ، والشكر لله كثيراً كما
      ينعم كثيراً ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رباً براً كريماً ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله نبياً رؤوفاً رحيماً ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً . . . أما بعد :
      فاتقوا الله عباد الله ، ولا تغرنكم الحياة
      الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور . فالدنيا جنة الكافر ، وسجن المؤمن .

      أيها
      الأخوة في الله : في معترك هذه الحياة ، وفي هذا الخضم ومن بين أمواج هذا البحر المتلاطم ، يجب التذكير بالحديث عن إصلاح ذات البين بما يذهب وغر الصدور ويجمع الشمل ويضم الجماعة ويزيل الفرقة ، المصلحون والساعون في الإصلاح رجال نبلاء شرُفت نفوسهم وصفت قلوبهم وصحت عزائمهم وأشرقت ضمائرهم ،
      حريصون على حفظ الأسرار ،
      متنزهون ومبتعدون عن الرغبة في غلبة طرفٍ على آخر ، راغبون في خير الجميع ، إنهم ذووا مروءات فضلاء ،
      فالله أكبر يا عباد الله يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم
      : " يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة ، كل يوم تطلع فيه الشمس ، تعدل بين اثنين صدقة " [ رواه مسلم وابن حبان وابن خزيمة وغيرهم ] ،

      قال تعالى : " لا خير في كثير
      من نجواهم إلاّ من أمر بصدقةٍ أو معروفٍ أو إصلاحٍ بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً " . وأخرج أبو داود والترمذي وابن حبان في صحيحه ، وقال الترمذي حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ألا أُخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة " قالوا : بلى يا رسول الله قال " إصلاح ذات البين ، فإن إفساد ذات البين هي الحالقة "
      وفي بعض الروايات قال : " هي
      الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين " .









      just_f


      ( أ ) ( ح ) ( ب ) ( ك ) ( الله ) ( حطك ) ( بقلبي ) ( كلك ) لا للعنصرية لا للتفرد لا للزندقة إن هدف الإنسانية الحديثة هو انصهار الأمة البشرية في قالب تفاعلي موحد من اجل الرقي بالجنس البشري
    • الفرقة والتباغض سبب أساسي في هدم المجتمعات
      وأنتشار الحقد والتفرقة بين الجار والجار والصديق وصديقة والاهل فيما بينهم .

      والخلاصة
      ماذا آخذين من هذه الحياة سوى أعمالنا ..

      اشكرك اخي على هذه الخطبة
    • في مجتمعنا الان نجد من هذه الصفات الكثير
      التفرقه والتباغض وهذا ما يسبب الحقد بينهم ويزيد من اشعال النار في قلوبهم
      ونجد للكره مكان في الجوهر

      وكل هذا يكون تأثيره على النفس اولا وعلى المجتمع بشكل عام
      مما يجعل المجتمع متفرق لا يسوده الود والاحترام

      فلابد ان يكون هناك احترام متبادل حتى لا نصل الى القتل وهذا احد الاسباب الناتجه من التفرقه والتباغض
      والذي جعل الخوان في عراك دائما وايضا الصديق وصديقه وبين الاخوات والجيران
      فكل سببه سوء الفهم او التسرع في اتخاذ القرار والتسرع في الغلط على الاخرين والتعدي عليهم قبل معرفة الاسباب
      ومن خلاله ينتج التباغض مما يؤدي الى الانتقااام
      وهذا جميعه سبب التفرقه والتباغض

      اسأل الله ان يسود الود والمحبه بين جميع الشعوب الاسلاميه

      وفقك الله لما فيه خير للجميع
      وللطرح الجميل الذي اتمنى ان يستفيد منه الجميع
      شكرا لك ايها المتميز
      ☆☆☆الحمدلله ☆☆☆