سيطر علي الغضب قبل أن يسيطر عليك
الغضب انفعال عادي أو طبيعي:
كلنا يغضب. يغضب الآباء/المعلمون، ويغضب الأبناء/التلاميذ في بعض المواقف والأوقات. فهناك أشياء أو وقائع تحدث تجعلنا نرد عليها بصورة انفعالية والغضب واحدًا من انفعالاتنا الإنسانية الطبيعية. وتقول دولوريس كيوران " عندما كنت أسأل الآباء/المعلمين هل من حق الأبناء/التلاميذ الغضب؟ عادة ما كنت أسمع منهم نعم، ولكن عندما كنت أسألهم كيف تسمحون لأبنائكم/تلاميذكم إظهار غضبهم أو التعبير عنه؟ فكنت أجد نفس الآباء/المعلمين يصمتون ولا يجيبون. وإذا كان هناك مجالاً حيويًا في التربية الوالدية يستحق الانتباه الأكثر سنجده مجال مساعدة الآباء/المعلمين في تعليم أبنائهم/تلاميذهم كيف يعبرون عن الغضب بطريقة مقبولة وإيجابية، كيف يتعاملون بصورة سوية مع الصراع، وكيف يعبرون عن المشاعر والانفعالات السلبية دون الخوف من تداعياتها. ومع ذلك عادة ما يندر الاهتمام بهذا المجال في برامج التربية الوالدية. وكلنا في واقع الأمر نخاف من التعامل مع هذا الجانب لأنه يمس بصورة مباشرة سلوكيات المعاملة الوالدية. ونحن كآباء/معلمون نعرف أنه إذا أردنا أن يصدر أبنائنا/تلاميذنا سلوكيات معينة لا بد من أن نكون نحن مجسدين لهذه السلوكيات في حياتنا وتصرفاتنا اليومية معهم. كما أننا كآباء/معلمين لا نتعامل بصورة جيدة مع تعبيراتنا عن غضب، نحن نفتقد إلي أساليب إدارة الغضب أو ترويضه. وإذا قلنا للطفل عليك أن تكون رجلاً مهذبًا محترمًا يجب أن نكون نحن بالفعل مهذبون ومحترمون. فإن عاقبناهم نتيجة ثورات غضبهم يجب أن يعني ذلك أننا لا نعاني أو لا تصدر عنا مثل هذه الثورات ولما كان هذا الأمر غير وارد وغير طبيعي في الحقيقة إذن العقاب يدمر البنية النفسية لأبنائنا/تلاميذنا. فإذا قلنا لأبنائنا/تلاميذنا لا يجب أن يصدر عنكم هذه الكلمات فلا يجب أن تستخدموها أنتم أيضًا. وقد يكون من الجائز بناء علي ذلك أن نقول أنه يتعين علي الكثير من الآباء/المعلمين تغيير سلوكياتهم الشخصية قبل أن يطلبوا من أبنائهم/تلاميذهم تغيير سلوكياتهم. ولكن للأسف نحن نريد أن يتغير سلوك أبنائنا/أطفالنا ونرفض في نفس الوقت بل نعارض تغيير سلوكياتنا الشخصية مما يؤدي إلي زيادة ردود أفعالهم السلبية نحونا.
ما هو الغضب ؟
كلنا يعرف ماذا يقصد بانفعال الغضب. ومن منا لم يعايش هذا الانفعال!!! بل من منا لم يسيطر عليه الغضب في بعض المواقف وفقد معه تبصره بعواقب أفعاله!!!!! الغضب انفعال إنساني عادي، طبيعي، بل انفعال صحي في الكثير من الحالات. ولكن عندما يصبح انفعال الغضب خارج إطار القدرة علي ضبطه أو السيطرة عليه وبالتالي تحوله إلي أداة تدمير هنا فقط يقال أن الغضب انفعال سلبي مدمر يوقع الإنسان في الكثير من المشاكل التي قد لا يجد لنفسه خلاصاً منها: مشكلات في العمل؛ مشكلات حادة في العلاقات الاجتماعية المتبادلة مع الآخرين؛ ومشكلات في نوعية وجودة الحياة بشكل عام.بل قد يجعل الغضب الإنسان أسيراً لحالة انفعالية يتعذر التنبوء بعواقبها. وعليه يستهدف من هذه الوحدة مساعدتك في تفهم وضبط الغضب.
وقد يكون من المفيد للتوصل إلي تعريف الغضب أن نعرض العناصر التالية:
(1) طبيعة الغضب: الغضب حالة انفعالية تختلف في شدتها من مجرد التوتر أو التهيج البسيط إلي الاهتياج والثورة الانفعالية الشديدة التي تتعطل معها العمليات المعرفية المرتبطة بمعالجة وتجهيز المعلومات وبالتالي التصرف دونما استبصار بعواقب السلوك.
والغضب مثله مثل الانفعالات الأخرى يقترن بالعديد من التغييرات الفسيولوجية والبيولوجية،
فعندما يغضب الإنسان تزداد ضربات القلب ويرتفع ضغط الدم وتتغير كيمياء الدم بزيادة مستويات بعض الهرمونات في الدم مثل هرمون الأدرينالين والنيوادرينالين.
ويمكن أن ينتج الغضب من كل من الأحداث الداخلية والخارجية. فقد يغضب الإنسان من زميل عمل أو رئيس العمل،
وقد يغضب الإنسان من انشغاله أو قلقه علي مشكلاته الشخصية.بل قد تثير ذكريات الأحداث الصادمة والخبرات السلبية مشاعر الغضب.
(2) التعبير عن الغضب: يعد التصرف بطريقة عدوانية الاستجابة الطبيعية لسيطرة انفعال الغضب علي الإنسان.والغضب استجابة تكيفيه طبيعية للتهديد .
ويزود الغضب الإنسان بطاقة انفعالية غالباً ذات توجه عدواني في إطار سيطرة نوعية من المشاعر السلبية تدفع سلوكيات الإنسان باتجاه الشجار والدفاع عن النفس عندما يعتدي عليه. وبالتالي فإن كمية معقولة من الغضب في بعض المواقف مطلوبة لاستمرار حياتنا.
علي الجانب الآخر لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نترك الغضب يعبر عنه كيفما اتفق فمهما كانت شدة الغضب
لا يحق الاعتداء أو الهجوم البدني مثلاً علي شخص دائم الإزعاج والمضايقة لنا ومعلوم أن القوانين والمعايير الاجتماعية والذوق أو الحس الإنساني العام
يضع حدوداً للمدى الذي يمكن أن يأخذنا إليه الغضب.
ويحدث الغضب بمستويات متعددة
(1) خيبة الأمل. حدوث شيء ما غير متوافق مع توقعاتك ولا يلبي احتياجاتك.
(2) الكدر والضيق الانفعالي. ويتضمن الشعور بالاستياء والغيظ أو السخط.
(3) الإحباط. ويتضمن الشعور بعدم الأمن أو عدم الرضا بسبب وجود مشكلة لم تحل أو عقبة تحول دون تحقيق هدف ما.
(4) الغضب. ويتضمن شعور قوي بالاستياء والانزعاج والعداء.
(5)الثورة الانفعالية. وهنا يفقد المرء السيطرة علي انفعالاته ومشاعره.
أوهام عن الغضب
(1) إذا لم تعبر عن غضبك بصورة صريحة مباشرة، فليس لديك مشكلة مع الغضب.
(2) إذا تجاهلت مشاعر غضبك ومشاعر استيائك، ستتلاشى بالتدريج كأنها لم تكن.
(3) من غير المقبول أن تغضب.
(4) أنت تكون وديعًا طول الوقت (لعبة الشهيد أو الضحية) ولا تعبر عن غضبك أمرًا لن يترتب عليه ضررًا بك.
(5) ستسوء علاقاتك الاجتماعية المتبادلة مع الآخرين إذا عبرت عن غضبك واستياءك.
يمثل كل ما تقدم أوهام أو خرافات لا صحة لها في الوقع. صحيح يعاني الكثير من صعوبات في التعبير بطرق سوية عن مشاعر أو انفعال الغضب. وتتأثر طريقة تعبير /عدم تعبيرنا عن الغضب بالكثير من العوامل منها الخلفية الثقافية والأسرية ومعايير الناس المحيطون بنا. ولنعلم أنه لا يوجد في الواقع ما يعرف بعدم التعبير عن مشاعر أو انفعال الغضب فهذه خرافة الخرافات الغضب يعبر عنه في كل الأحوال ولكن بطرق مختلفة بعضها سوي والكثير منها شاذ أو مضر. ومن الطرق غير السوية أو غير الصحية للتعبير عن مشاعر أو انفعال
الغضب ما يلي
* الإنكار. أن تتجاهل ما تراه، ما تخافه منه، وما تشعر به من حولك.
* الهدوء/السكينة/السلام بأي ثمن. وتتضمن هذه الطريقة الانسحاب والتوقف عن مواجهة الحدث أو المثير المنشط لانفعال أو مشاعر الغضب.
* جمع المظالم أو الشكاوى. متابعة وتلمس كل ما يوحي بالتعرض للظلم واستمراء لعب دور الضحية أو الشهيد.
* السلوك السلبي أو العدواني. التكشير، التندر والسخرية والاستهزاء، العناد والإصرار، الإرجاء أو التأجيل، التأخر وترك الموقف يمر ثم التعبير بعد ذلك عن الغضب في موقف قد يكون من غير المناسب التعبير فيه عن الغضب، تخليق الإحساس بالذنب.
* التصلب والتعصب. ويتضمن كره جماعة أخرى من الناس.
* كل شيء علي ما يرام أن يظهر المرء اللطف والود مهما كان ما يحدث ومهما كان ما يتعرض له.
أساليب التعامل مع الغضب
يستخدم الناس مجموعة متنوعة من العمليات الشعورية وغير الشعورية للتعامل مع مشاعر الغضب. ويوجد ثلاث مداخل أساسية للتعبير عن الغضب
التعبير؛ القمع أو الكظم؛ والتهدئة.
(أ) التعبير: مطلوب من الإنسان أن يعبر عن مشاعر الغضب بطريقة توكيدية إيجابية وليس بطريقة عدوانية.
ولكي يتمكن الإنسان من فعل ذلك يجب أن يتعلم: مهارات التعبير الإيجابي الصريح عن احتياجاته؛ مهارات إشباع أو تحقيق هذه الاحتياجات دون الإضرار بالآخرين.
وعندما يقال أنه يجب علي الإنسان أن يعبر عن الغضب بطريقة توكيدية ليس معناه أن يصبح لحوحاً كثير المطالب مسيطراً أو متسلطاً علي الآخرين.
إذ أن كل ما يعنيه ذلك أن يحترم الإنسان ذاته ويحترم الآخرين في نفس الوقت.
(ب)القمع أو الكظم: يتبع القمع أو الكظم بطبيعة الحال التعديل ويحث ذلك عندما يكبح الإنسان جماح غضبه ويتوقف عن التفكير فيه
مع التركيز علي التفكير أو فعل شيئاً ما إيجابياً بديلاً. والهدف هنا كف أو قمع الغضب وتحويله إلي سلوك بناء .
والغضب وفق نمط الاستجابة هذا معناه إذا لم يكن مسموحاً لإنسان التعبير عن غضبه بصورة علنية مباشرة فإن الشحنة الانفعالية المرتبطة به غالباً ما تتحول إلي الداخل مما يسبب التوتر السلوكي العام؛ ارتفاع ضغط الدم؛ بل والاكتئاب . والغضب غير المعبر عنه يسبب غير ذلك من المشكلات ويمكن أن يفضي إلي صيغ التعبير المرضي عنه مثل السلوك السلبي الانسحابي أو السلوك (الاعتداء أو التهجم المباشر علي الآخرين دون إخبارهم بالأسباب )
ومثل هذا السلوك يميز الشخصيات العدائية الساخرة عير الناضجة التي تتوجه في سلوكياتها بصورة عامة إلي التقليل من شأن الآخرين؛
النقد العلني الفج لكل شيء؛ التعليقات الساخرة. مثل هذه الشخصيات تفتقد إلي مهارات التعبير الإيجابي عن الغضب.
ويعاني أصحابها من الكثير من مشكلات العلاقات الاجتماعية المتبادلة مع الآخرين.
(ج) التهدئة: يستطيع الإنسان تهدئة نفسه أو بتعبير آخر تطيب خاطر نفسه ويعني ذلك ليس فقط السيطرة علي سلوكياته التعبيرية الخارجية بل السيطرة علي استجاباته الداخلية .
ونملك في واقع الأمر حرية اختيار طريقة تعبيرنا عن الغضب. وعليه لكل منا أسلوب خاص في التعامل مع الغضب بناء علي اختلافنا في الخلفية الأسرية، التكوين المزاجي، الثقافة، الجنس، العمر، وغيرهم. ومن هذه الأساليب
(1) السلبي: كأن لا تعبر عن مشاعرك وانفعالاتك مباشرة؛ وبدلاً من ذلك تحبسها داخلك. واعلم أن هذا الأسلوب يترب عليه معاناتك من الكثير من المشكلات النفسية والبدنية. ثم اعلم أيضًا أن تراكم الانفعالات والمشاعر قد يصل بك في توقيت وظرف وموقف غير مناسب إلي أن تنفجر في نوبة أو ثورة غضب قد لا تتحمل تبعاتها.
(2) العدواني: هل تغضب من كل شيء؟ من أتفه الأسباب؟ هنا قد يكون لدي بعض الأشخاص عنف وعدوان يدفعهم إلي السيطرة علي الآخرين. ومحصلة ردود الأفعال العدوانية الناتجة عن الغضب كره الآخرين لك ومناصبتهم العداء لك،ونبذهم لك بكل الطرق.
(3) التوكيدي: وهو أسلوب يميز الشخص الذي يعبر عن مشاعر أو انفعال الغضب بطرق صحية وسوية. إذ نجده يعبر عن حاجاته ومشاعره بصورة محترمة مهذبة تركز علي التعامل المباشر مع انفعالاته ومشاعره وتهدف في نفس الوقت إلي تعزيز علاقاته الاجتماعية الإيجابية مع الآخرين. ومن الخصائص الإيجابية لهذا الأسلوب:
(أ) التركيز علي سلوك الشخص الذي نشك أو أثار الغضب وليس علي الشخص نفسه.
(ب)التوجه نحو تحسين العلاقات الاجتماعية المتبادلة معه.
(ج)التأكيد علي تمكين الشخص من تصحيح خطأه.
(د)اعتبار الموقف فرصة لاستخدام مهارات التفاوض وحل الصراع.
ما الغضب الجيد أو الإيجابي؟
(1) الغضب إشارة تحذيرية لك وللآخرين من حولك يفيد بأن هناك شيئًا ما خطأ.
نحن نستخدم الغضب كطريقة لنقل مشاعرنا المتعلقة بالأشياء التي لا نحبها. فإن لم نعبر علي الإطلاق عن غضبنا نحو الأطفال ربما لا يعرفون ما نتوقعه، كيف نشعر، وما مدى أهمية توقعاتنا بالنسبة لهم.
(2) قد يحتاج إلي الغضب في الموقف الخطر.
يعطينا الغضب القوة للاستجابة في المواقف التي تتطلب أن نفعل تصرفات بدنية أو لفظية تفوق قدرتنا العادية. إذ ربما يجعلنا نرفع صوتنا احتجاجًا علي حدث أو موقف لا نستحسنه أو يدفعنا إلي أن نجري بسرعة شديدة لإنقاذ شخصُ من التعرض للاعتداء أو الإهانة.
(3) يمكن أن يساعد الغضب الشخص إذا عبر عنه بطرق سوية صحية في أن يشعر بحسن الحال وبالقوة والجدارة الشخصية.
إذ نحتاج كلنا إلي التنفيس عن إحباطنا وأن نشعر بالقدرة علي السيطرة علي مشاعرنا وانفعالاتنا. فعندما نعبر عن غضبنا بطرق توكيدية سوية فإننا نعمل علي حل المشكلة.
(4) التعبير عن الغضب طريقة تظهر بها أنك تهتم وتقدر شخصًا آخر.
نميل كلنا بطبيعة الحال إلي الغضب عندما يكون شخصُ ما نحبه ونقدره علي وشك القيام بفعل ما يخيب أملنا، يحبطنا، أو يتحدانا ويزعجنا. فإن لم نغضب في مناسبات ما من شخصٍ قريب منا ربما لا نستطيع أن ندخل معه في علاقات اجتماعية علي النحو المطلوب.
(5) الغضب خطوة نحو حل المشاكل.
عندما نغضب ندرك أن هناك مشكلة ما. وإذا استخدمنا الغضب لتنبهنا إلي حقيقة وجود مشكلة ما هنا نعرف أننا في مسارنا لحلها.
(6) الغضب طريقة لجذب انتباه الآخرين.
قد تشعر في بعض الأوقات أنك تتعرض للتجاهل وأن مطالبك ورغباتك لا تولي أي اهتمام. وعندما تعبر عن غضبك فإنك تزيد من احتمالات أن ينتبه إليك أو ينتبه إلي مطالبك ورغباتك.
الغضب وسلوك الأطفال
ينتج غضبنا عادة من تفسيرنا أو تأويلنا لسلوك الطفل وليس نتيجة السلوك ذاته. فعندما يغض أب من طفله ربما يكون لكل من الأب والطفل رؤى أو تفسيرات مختلفة لنفس السلوك. علي سبيل المثال " كان لسهير ابنه اسمها أمل عمرها خمس سنوات وكانت تلبسها ملابس جديدة لاصطحابها لزيارة إحدى صديقتها التي لم تراها منذ سنوات. وصديقتها هذه سيدة أنيقة جدًا وترتدي ملابس أفخر الملابس وتبدو عادة في أبهى صورة وأرادت سهير أن تبدو ابنتها في أجمل صورة وبعد أن فرغت سهير من تهيئة ابنتها توجهت إلي غرفتها لترتدي ملابسها فتوجهت أمل إلي باب الشقة وخرجت مسرعة إلي الشارع ومعها صندوق مملوء بالرمل لتعلب به وكان الجو ممطرًا وعاصفًا. فأسرعت سهير ونادت علي ابنتها فحضرت أمل وقد أصبحت ملابسها شديدة الاتساخ ويعلو شعرها الرمل ويلطخ الطين جميع جسدها. فجذبتها الأم من شعرها وصاحت في وجهها بأعلى صوت وباستياء شديد لماذا نزلت إلي الشارع!! انظري إلي نفسك!!! أنت قذر!!! انظري إلي حذائك!!! آه لقد اتسخت كل ملابسك البيضاء الجميلة!!! أنت عارفه كل حاجة!!! أنت تتعمدي إغاظتي!!! أنت تريدين إحراجي أمام صديقتي!!!.
لقد فسرت الأم سلوك ابنتها بأنه انحراف سلوكي متعمد أو مقصود فقد شعرت أن ابنتها تعمدت تلطيخ ملابسها. علي الرغم من تأكيد كل أعضاء أسرة هذه الأم علي ضرورة أن يكون الأطفال في أحسن صورة ويرتدون أجمل الملابس وأن يكونون في حالة من النظافة التامة وتتوقع هذه الأم أن يكون لدي صديقتها نفس التصورات أو الاعتقادات.
بينما لو نظرنا إلي الابنة أمل علي الجانب الآخر لوجدنا أن لها أسباب مختلفة أدت إلي أن تصبح هيئتها علي النحو التي هي عليه. إنها تحب اللعب في الرمل وقد راودتها فكرة اللعب خارج المنزل من أول النهار. صحيح أخبرتها أمها أن الدنيا تمطر ولكن بعد أن ارتدت الابنة ملابسها لاحظت أن الشمس ساطعة فنسيت ببساطة كلام أمها ونسيت تحذيراتها نعم نسيت فذهبت مسرعة إلي الخارج هكذا بتلقائية وعفوية وقبل كل ذلك فقد رأت الابنة أن أمهما مشغولة وبالتالي شعرت الابنة بضرورة فعل عمل ما إلي أن تفرغ أمها مما تقوم به. فكان صندوق الرمل جاهز وهي تحب اللعب به لتشكيل جبال وطرق ومن الطبيعي أن تبلل الرمل. وعندما سمعت صوت أمها الغاضب ارتعبت ولم تفهم لماذا أمها مستاءة منها.
ما نريد أن نقوله أن الآباء/المعلمين غالبًا ما يسيئون تفسير سوء تصرفات أبنائهم/تلاميذهم. ووفقًا لما تراه جان نيلسون فإن الأبناء/التلاميذ يسيئون التصرف بسبب:
(1) احتياجاهم إلي الانتباه وأن يهتم بهم الآخرون.
(2) عندما يحتاجون إلي القوة أو كوسيلة لإثبات قوتهم.
(3) سعيهم إلي الانتقام أو الثأر.
(4) عندما يجبرون علي التوقف عن نشاط أو لعب يحبونه.
وبسبب عدم تقدير الآباء/المعلمين لوجهة نظر الطفل الذي يسيء التصرف تؤسس استجاباتهم أو ردود أفعالهم نحوه علي المعتقدات التالية:-
(أ) إذا سعي الطفل إلي جذب الانتباه يتصور الآباء/المعلمون أنه يحاول مضايقتهم أو إزعاجهم.
(ب)إذا احتاج الطفل إلي القوة أو أراد أن يثبت قوته يشعر الآباء/المعلمون بأنه يهددهم أو يثيرهم.
(ج)إذا سعي الطفل إلي الانتقام يشعر الآباء/المعلمون أنه سيؤذيهم أو يهينهم.
(د)إذا قاوم أو رفض الطفل التوقف عن اللعب أو عن نشاط ما يشعر الآباء/المعلمون بأنهم عاجزون عن ضبط الطفل وتأديبه.
وتؤدي صور عدم الفهم هذه المتعلقة بأسباب سوء التصرف لدي الطفل إلي تصعيد الغضب لدي كل من الأطفال والآباء/المعلمين في نفس الوقت.
ماذا عن الغضب الذي هو خارج السيطرة؟
هناك الكثير من الآباء/المعلمين يغضبون لأحداث ووقائع وأسباب بسيطة أو صغيرة. وتسمي نانسي سامالين مثل هذا النمط من الغضب (منغصات الحياة اليومية). وتركز محتويات الدليل الإرشادي الحالي في واقع الأمر علي هذا النمط من الغضب. إذ قد يؤدي تراكم المشاعر السلبية الناتجة عن منغصات الحياة اليومية إلي الغضب غير السوي. ويعرف غالبية الآباء/المعلمون أن الثورة الانفعالية الشديدة وفقدان القدرة علي ضبط الغضب والسيطرة عليه يفضي بهم إلي إساءة معاملة أطفالهم بكافة أشكال إساءة المعاملة خاصة الإساءة الانفعالية ظنًا منهم بأنها أقل صيغ سوء المعاملة تأثيرًا مع أن العكس هو الصحيح. ومشاعر الحنق والاستياء الشديد هي مشاعر مرعبة ومخيفة للآباء/المعلمين. وما يعيد الكثير من الآباء/المعلمين إلي جادة الطريق ذلك الحب والود المتأصل فيهم نحو أبنائهم/تلاميذهم فتراهم يفصلون أو يميزون بين السلوك المستهجن والابن/التلميذ. ومع ذلك يوجد القليل من الآباء/المعلمين يسيطر عليهم الاستياء، الحنق، الغيظ، بل والكره تجاه أبنائهم/تلاميذهم. وعندما تكون هذه هي الحالة قد لا تجدي برامج التربية الوالدية نفعًا. وبالتالي يحتاج مثل هؤلاء الآباء/المعلمين وأطفالهم إلي خدمات العلاج النفسي المتخصص.
ماذا يقصد بإدارة الغضب؟
الهدف الأساسي لما يعرف بإدارة الغضب خفض كل من المشاعر الانفعالية والإثارة الفسيولوجية المرتبطة بالغضب.
ولنعلم أن الإنسان لا يستطيع التخلص من أو تجنب الأشياء أو الأشخاص الذين يثيرون غضبه وغالباً ما لا يستطيع تغييرهم ولكن باستطاعة الإنسان تعلم مهارات ضبط ردود أفعاله.
(1)هل أنت سريع الغضب؟
يوجد الكثير من الاختبارات النفسية التي تقيس: شدة أو كثافة وقوة مشاعر الغضب؛ ومدي ميل الفرد أو مدي استهدافه للغصب أو مدي قابلته للغضب؛ إضافة إلي تقييم طرق ضبط أو إدارة الغضب.وبغض النظر عن نتائج مثل هذه الاختبارات يوجد فرصاً كثيرة لمساعدة سريعي الغضب وكل ما هو مطلوب من الإنسان عندما يجد نفسه يتصرف بطرق يبدو أنها خارج نطاق سيطرته أن يتريث ويعيد التفكير في تفسيراته أو تأويلاته للأحداث إضافة إلي طلب المساعدة من المتخصصين لاكتساب طرق إيجابية فعالة للتعامل مه هذا الانفعال.
(2) لماذا بعض الناس أكثر غضباً من الآخرين؟
تفيد خبرات الحياة اليومية أن بعض الأشخاص سريعو الغضب وأكثر تهوراً وأكثر اندفاعاً يسهل إثارة أو تنشيط غضبهم بل عندما يغضبون يفقدون سيطرتهم علي سلوكهم. علي الجانب الآخر يوجد أشخاص لا تظهر عليهم أي مؤشرات للغضب بغض النظر عن طبيعة موقف التفاعل أو الأحداث التي يتعرضون لها ولكن تراهم دائما في حالة انفعالية مسطحة. وتجدر الإشارة إلي أنه ليس من المحتم أن يلعن ويحطم الأشخاص الذين يسهل إثارة أو تنشيط مشاعر الغضب لديهم الأشياء ففي بعض الأحيان يستجيب مثل هؤلاء الأشخاص للغضب بالانسحاب الاجتماعي؛ التعاسة؛ أو المرض البدني.
ولدي الأشخاص الذين يسهل إثارة أو تنشيط الغضب لديهم ما يسميه علماء النفس انخفاض في القدرة علي تحمل الإحباط لدرجة يعتقدون معها بأنه ليس من العدل أن يتعرضون لأي صورة من صور الإحباط أو الإزعاج أو المضايقة. وينقصهم القدرة علي مواجهة الشدائد وغالباً ما يتطيرون غضباً إذا سارت الأمور علي نحو مخالف لرغبتهم علي سبيل المثال عندما ينتقدهم الآخرون علي خطأ ما.
والسؤال الأساسي ما الذي يجعل مثل هؤلاء الأشخاص علي هذا النحو؟ العديد من الأشياء في الواقع منها قد يكون السبب في ذلك جيني أو فسيولوجي إذ توجد شواهد تفيد أن بعض الأطفال يولدون متوترون قابلون للتهيج العام ويسهل إثارة أو تنشيط الغضب لديهم وتظهر مثل هذه العلامات من عمر مبكر جداً من حياة هؤلاء الأطفال حديثي الولادة. وقد يكون السبب اجتماعي ثقافي إذ أن الغضب غالباً ما يعتبر انفعالاً سلبياً يجب قمعه وغالباً ما يتم تعليمنا منذ سنوات العمر الأولي أن من حق الإنسان التعبير عن انفعالات القلق والاكتئاب وغير ذلك من الانفعالات أما الغضب فيجب أن لا نعبر عنه. وبناء علي ذلك لا يتم تعلمينا كيفية التعامل مع الغضب. وكشف الباحثون أيضاً أن الخلفية الأسرية تلعب دوراً رئيسياً في هذا السياق. فغالبية الأشخاص الذين يسهل إثارة أو تنشيط استجابات الغضب لديهم ينحدرون من أسر مفككة يوجد بها خلل في منظمات التفاعل الاجتماعي ومن أسر يفتقد أعضاؤها مهارات واستراتيجيات التعبير الانفعالي أو التواصل الانفعالي بشكل عام.
(3) هل من الأفضل أن ندع جميع الانفعالات والمشاعر تعبر عن نفسها بغض النظر عن أسلوب أو طريقة التعبير؟
الاعتقاد بأنه يجب أن تتحرر مشاعرنا وانفعالاتنا من كل ضوابط أو قيود التعبير خرافة لا يوجد ما يبرر انتشارها بين الكثير من الناس. فبعض الناس يستخدمون هذه النظرية كرخصة لإيذاء الآخرين. فقد كشفت نتائج الكثير من الدراسات أن تحرير الانفعالات والمشاعر من عقالها لتعبر عن نفسها كيفما اتفق خاصة انفعال الغضب يزيد أو يصعد في واقع الأمر من الغضب والعدوان فالغضب والعدوان يولد مزيداً من الغضب والعدوان. والتعبير غير المنضبط عن الغضب لا يفيد بأي حال من الأحول في حل المشكلة بل يزيدها تعقيداً. والأفضل أن يحاول الإنسان وأن يتعلم:
(أ)كيفية تحديد مثيرات أو منشطات الغضب لديه.
(ب) استراتيجيات مواجهة هذه المثيرات وإبطال مفعولها قبل أن تنشط أو تستفز مشاعر الغضب لديه.
استراتيجيات مواجهة أو إدارة الغضب:
(1) الاسترخاء:
تساعد بعض فنيات الاسترخاء البسيطة مثل التنفس العميق والتخيل في تهدئة مشاعر الغضب. ويوجد الكثير من الكتب والمقررات التي يمكن بمقتضاها تعلم أساليب الاسترخاء وبمجرد تعلم الإنسان لهذه الأساليب يصبح من السهل استدعائها واستخدامها في أي موقف. فإذا كان قدرك الدخول في علاقات اجتماعية تتضمن شركاء سريعو التهيج والغضب فإنها فكرة جيدة إذن أن يتعلم كلاكما أساليب الاسترخاء. ويمكن أن تحاول تجريب الخطوات التالية:
(أ) خذ نفساً عميقاً وتنفس بعمق من الحجاب الحاجز.
(ب) كرر ببطء شديد كلمة أو عبارة (اهدأ؛ لا تغضب؛ كل شيء علي ما يرام؛ سيمر الموقف بخير) كرر هذه الكلمات أو العبارات ببطء مع التنفس العميق.
(ت) استخدم التخيل واستدع خبرات مريحة إما من الذاكرة أو من الخيال.
(ث) لا تجهد نفسك ولا تقم بأي مجهود وتفيد ما يعرف بتمارين اليوجا في التهدئة واسترخاء مختلف عضلات الجسد.
ولا شك أن ممارسة هذه الأساليب يومياً وتعلم استخدامها بصورة آلية في مختلف مواقف التفاعل الاجتماعي المحملة بمثيرات تستثير الغضب أو تنشطه يفيد الإنسان في التفاعل الاجتماعي الإيجابي.
(2) إعادة البناء أو التقييم المعرفي:
ويعني ذلك ببساطة تغيير الطريقة التي يفكر بها الإنسان. فالأشخاص الغاضبون أكثر ميلاً للسب والشتم واللعن وغالباً ما يتحدثون بصورة سلبية تعكس أفكارهم أو تفكيرهم الداخلي. وعندما يستثار أو ينشط انفعال الغضب لدي الإنسان غالباً ما يتشوه التفكير أو ينشط في اتجاه التفسير أو المعالجة السلبية الخاطئة للمعلومات استناداً إلي يبني مثل هذا الإنسان لأفكار ومعتقدات غير عقلانية. وبالتالي يجب الهجوم علي هذه الأفكار غير العقلانية واستبدالها بأفكار منطقية . علي سبيل المثال بدلاً من أن يقول الإنسان لنفسه : أوه إن هذا مخيف مرعب؛ لقد انهار كل شيء" يجب أن يقول " صحيح إن هذا محبط؛ أفهم أني حزين لما جري ولكن ليس هذا نهاية العالم والغضب لن يفيد في إصلاح أو تجاوز الموقف" ويعرف ذلك اصطلاحياً باستراتيجية التحدث مع الذات. وعلي الإنسان أن يتجنب الكثير من الكلمات عند التحدث عن ذاته أو عن الآخرين مثل " مطلقاً؛ دائماً " هذه الآلة لن تعمل أبداً" " هذا الطفل لا فائدة منه علي الإطلاق" " أوه أنت دائما تنسي الأشياء" فمثل هذه الجمل غير منطقية وغير صحيحة كما أنها تجعل الإنسان يشعر بأن غضبه مبرر وبالتالي لا يوجد طريقة لحل المشكلة. كما أن سيطرة مثل هذه العبارات علي حوارات الإنسان تجعله يغترب أو ينعزل عن الآخرين بل يحتقر كل من يحاول مساعدته في التوصل إلي حل لمشاكله.
وعلي الإنسان أن يذكر نفسه دائماً أن الغضب لا يصلح الأشياء ولا يحل المشاكل ولا يجعل الإنسان يشعر بحسن الحال بعد التعبير السلبي عنه بل في الواقع يعزز ويثبت من شعور الإنسان بسوء الحال. ويمكن بالعقل والمنطق هزيمة الغضب والانتصار عليه. فالغضب مهما كان ما يبرره يظل انفعالاً غير منطقي أو غير عقلي وبالتالي يمكن التصدي له بإعمال العقل والمنطق. وعلي الإنسان أن يذكر نفسه دائما كذلك أنه لا يوجد ما يبرر أن تسير الأمور دائما علي نحو ما يريد ومن الطبيعي أن يواجه الإنسان شأنه شأن كل البشر منغصات الحياة الإنسانية العادية وعلي المرء أن يعتقد أن حياة بلا متاعب حياة لا قيمة لها بل أن قيمة الإنسان وجوهر وجوده يتمثل في مواجهة المتاعب والمشاكل والانتصار عليها وتجاوزها.
ويميل الأشخاص الغاضبون إلي طلب الكثير من الأشياء مثل: العدل المطلق؛ التقدير التام؛ الاتفاق والانسجام التام؛ والرغبة في أن تسير الأمر علي نحو ما يريدون. كل إنسان يريد هذه الأشياء وكلنا يحزن أو يبتئس عندما لا تتحقق ولكن بالنسبة للأشخاص الغاضبون أو سريعو الغضب يتحول حزنهم أو تعاستهم إلي غضب قد يتعذر ضبطه أو السيطرة عليه. ومن متطلبات إعادة البناء أو التقييم المعرفي تنمية وعي الأشخاص الغاضبون بالطابع غير المنطقي لمطالبهم وتعليمهم إستراتيجيات تحويل هذه المطالب الآمرة إلي رغبات أو بالأحرى إلي رجاءات بمعني آخر أن قول الإنسان لنفسه أحب شيئاً ما أفضل من أن يقول لنفسه أطلب أو يجب أن أحصل علي شيئاً ما. وبناء علي ذلك عندما لا تكون قادراً علي الحصول علي ما تريد من الطبيعي أن تعاني من المشاعر العادية مثل الإحباط؛ خيبة الأمل؛ والحزن ولكن ليس الغضب. ويحاول بعض الناس الغاضبون استخدام الغضب كطريقة للتجنب الإحساس بالألم ولكن لا يعني ذلك بحال من الأحوال أن الألم قد ابتعد عنهم بل يفضي الاستخدام المستمر لهذه الطريقة إلي تفاقم الألم واشتداد وطأته.
(3) حل المشكلة:
ينتج الغضب والإحباط في الكثير من الأحيان من مشكلات واقعية لا يمكن تجنبها خلال مسار الحياة. وليس كل الغضب في غير محله وغالباً ما يكون الغضب استجابة صحية طبيعية للتعرض للكثير من صعوبات الحياة اليومية. ويوجد اعتقاد صحيح إلي حد بعيد أن لكل مشكلة حل.والتعامل النشط مع المواقف المشكلة لا يتطلب التركيز مباشرة في السعي إلي إيجاد حلول مباشرة بل المطلوب أولاً تعلم مهارات إدارة المشكلات ومواجهتها بوضع خطة للعمل واختبار مدى التقدم في اتجاه الحل. صحيح قد يترتب علي جهدك لحل المشكلة نجاحاً ما ولكن تذكر أن تبتعد عن لوم أو جلد الذات حال فشل الحل. فيكفي الإنسان في بعض الحالات أن يبذل ما عليه من واجب ولكن ليس عليه إدراك النتائج في كل الأحوال.
(4) التواصل الفعال:
يميل سريعو الغضب إلي القفز إلي الاستنتاجات بل والتصرف في ضوء الاستنتاجات الخاطئة التي غالباً ما يتوصلون إليها نتيجة التسرع في التفسير أو التأويل. والخطوة الأولي التي يمكنك فعالها في أثناء تواجدك في مواقف مناقشة حامية أن تتريث وتفكر في استجاباتك وأن لا تتفوه بأول ما يطرأ علي ذهنك بل عليك أن تتمهل وأن تفكر ملياً فيما يصح قوله وما لا يصح قوله في نفس الوقت عليك أن تنصت باهتمام إلي ما يقوله الآخرون وأن تأخذ وقتاً كافياً قيل الإجابة. علي سبيل المثال قد ترغب في أن يتاح لك مزيداً من الحرية والمسافة الشخصية في حين يريد الطرف الآخر مزيداً من الارتباط والقرب البدني منك فإذا ما حاول هذا الطرف تحقيق ما يود ما عليك إلا أن تتمهل وأن تحاول تفهم وجهة نظره قبل أن تتسرع في وصفه مثلاً بالسجان المزعج وما إلي ذلك من أوصاف قد تنشط انفعالات الغضب وما يرتبط بها من تصرفات سلوكية عادة ما تكون مستهجنة. واعلم أنه من الطبيعي أن يستاء الإنسان عندما ينتقد ولكن تعرض الإنسان للانتقاد لا يعني ذلك أن يكون الإنسان عدوانياً أو فظاً في رد فعله. وبدلاً من ذلك عليك أن تنصت إلي ما يكمن وراء الكلمات والعبارات التي توجه إليك فقد تكون الرسالة التي يريد إيصالها لك من يوجه لك النقد تافهة ولا تستحق مجرد الرد عليها. وقد يتطلب التعامل الجاد مع النقد تفكير المرء فيما قد يكون دفع إليه وتصحيح الذات ليس علامة ضعف في كل الأحوال بل قد يكون في أحوال كثيرة علامة قوة ونضج معرفي وانفعالي واجتماعي. أما الغضب والهياج الانفعالي والانتصار غير المبرر للذات في كل الأحوال بالتأكيد علامة ضعف وعدم نضج.
(5) روح المرح والدعابة:
إذ تعد الدعابة وروح المرح وسيلة دفاعية شديدة الفعالية في إبطال مفعول الغضب والغيظ. بل تفضي الدعابة وروح المرح إلي إحداث نوع من التوازن الانفعالي الذي يتيح فرصة للتأمل والتفكير في طبيعة ودلالة المثيرات المنشطة للغضب والثورة وبالتالي تحديد رد الفعل المناسب الذي لا يفقد الإنسان علاقاته الطيبة بالآخرين. فعندما يسيطر عليك الغضب وتنعت شخصاً ما بتسميات وأوصاف بذيئة توقف وفكر فقط فيما دلالة هذه الكلمات وما قد ينتج عنها من أذى أو جرح نفسي لمن توجهها إليك وما عليك إلا أن تضع نفسك مكانه. والسؤال إلا يوجد بديل آخر للكلمات بذيئة الدلالة يمكن استخدامها في مثل هذه المواقف؟ بطبيعة الحال يوجد. قد يكون مجرد التعليق الساخر أو النكتة الخفيفة والإشارة غير الجارحة أكثر تأثيراً وفعالية من الكلمات الجارحة التي لا يترتب عليها إلا تصعيد مستويات الخلاف بكل مصاحباته غير السوية.
(6) تغيير البيئة:
في الكثير من الأحيان تكون الظروف المحيطة بنا في موقف التفاعل هي السبب الأساسي في ثورة الغضب ومشاعر الغيظ التي قد تنتابنا. فالمشكلات والمسئوليات عبء ضاغط علي الإنسان في بعض المواقف وقد تجعله شديد الحساسية للمثيرات المستفزة . فما الحل في مثل هذه الحالة؟ الحل بسيط أعط لنفسك فترة للراحة والاستجمام! وتأكد من أن لديك نظاماً محدداً لاستثمار وقتك الشخصي خاصة في الأيام التي تشعر فيها بسوء الحال. فعلي سبيل المثال قد تضع الأم العاملة لنفسها قاعدة سلوكية تلتزم بها بعد عودتها يومياً من العمل وهي أن تمتنع عن التحدث مع أي شخص في المنزل لمدة 15 دقيقة بعد العودة من العمل. إذ يمكن بعد هذه خلال هذه الفترة الوجيزة تهيئة نفسها لنسق من التفاعل مختلف عن نسق تفاعل العمل.
(7) إرشادات تهدئة الذات:
(أ) استراتيجية الإرجاء أو تخير الوقت المناسب: غالباً ما يكون الإنسان متعباً بعد عناء يوماً من العمل والليل فترة للسكن والاسترخاء وبالتالي فإن مناقشة الموضوعات الأسرية المهمة التي تتطلب اتخاذ قرارات حاسمة قبل التوجه إلي النوم قد يكون أمراً غير مفضل بل قد يفضي إلي توتراً لا مبرر له يصعد من القابلية للغضب وعليه قد يكون من المفضل جدول زمني محدد تناقش في ضوئه مثل هذه الموضوعات كتحديد ساعة معينة كل يوم أو عدد معين من الساعات كل أسبوع أو عقد اجتماع شهري تناقش فيه مثل هذه الموضوعات وتحديد أولويات الاحتياجات الأسرية.
(ب) التجنب: إذا أدي إتلاف طفلك لنظام حجرته أو نظام البيت بصفة عامة إلي إثارة غيظك وغضبك فما عليك إلا أن تغلق عليك باب حجرتك لمدة زمنية قصيرة ولا تنظر إلي مظاهر العبث التي أحثها طفلك بأثاث المنزل واعلم أن قليل من الصبر والجهد كاف لإعادة الأمور إلي نصابها دون توتر أو غضب علي أن يتم ذلك بإظهار علامات الاستياء غير اللفظي للطفل فهذا أفضل من أن تقول بغيظ يتعين علي طفلي تنظيف أو إعادة ترتيب ما أفسده وأجدى من ذلك أن تقول وأنت تفعل ما أشرت إليه يجب أن لا أغضب!
(ج) البحث عن بدائل: إذا كانت الطريق المعتاد الذي يسلكه يومياً للعمل شديد الازدحام وبه نقاط تقاطع بها إشارات مرور كثيرة تثير غضبك وإحباطك فحاول أن تجد طريقاً بديلاً حتى وإن كان يستغرق اجتيازه زمناً أطول.
متي يحتاج الإنسان إلي الإرشاد النفسي فيما يتعلق بإدارة الغضب؟
إذا كنت تشعر بالفعل أن نوبات الغضب لديك خارج نطاق قدرتك علي السيطرة عليها؛ وإذا كان لها تأثيراً سلبياً علي علاقاتك الاجتماعية المتبادلة مع الآخرين أو علي الجوانب المهمة من حياتك فأنت يقيناً بحاجة ماسة إلي خدمات الإرشاد أو حتى العلاج النفسي لتعلم إستراتيجيات إدارة الغضب أو بالأحرى استراتيجيات ترويض الغضب. فقد يساعدك الأخصائي النفسي أو غيره من الخبراء المؤهلون في الصحة النفسية علي تعلم واكتساب مجموعة متنوعة من فنيات تغيير تفكيرك وتصرفاتك.
فعندما تتحدث مع معالج نفسي متخصص أخبره أنك تعاني من مشكلات تتعلق بعدم قدرتك علي ترويض الغضب أو كبح جماحه. وثق أن لدي هذا المعالج مداخل كثيرة يمكن بتعلمك إياها أن تدير الغضب بصورة إيجابية فعالة. واعلم أنه لا توجد وصفة سحرية أو مقرر تعليمي أو تدريبي يصلح للتطبيق علي كل العملاء أو الحالات وإذا نجح أي مقرر من هذا القبيل في جعلك تقترب من الوعي بمشاعرك وتفهم دلالتها ومقتضيات التعامل معها فإن ذلك خطوة رئيسية في مسار الإدارة الفعالة للغضب.
ماذا عن التدريب علي السلوك التوكيدي أو ماذا يقصد بتدريب التوكيدية؟
في الواقع يحتاج سريعو الغضب إلي تعلم مهارات السلوك التوكيدي الإيجابي. ومعظم الكتب والمقررات التي صيغت للتدريب علي السلوك التوكيدي تستهدف أشخاصاً لا يشعرون بالغضب. ومعظم مثل هؤلاء الأشخاص سلبيون مذعنون مقارنة بغيرهم من الأشخاص العاديين وبالتالي يسمحون للآخرين بالسيطرة عليهم. وهذا ما لا يفعله الأشخاص الغاضبون الذين يسهل تنشيط أو استثارة الغضب لديهم. لذا يحتاج مثل هؤلاء الأشخاص إلي تعلم استراتيجيات وفنيات التعامل مع المواقف المحبطة. وما يجدر التنويه إليه أن الإنسان لا يستطيع إزالة مسببات الغضب وبالتالي لا يعقل أن يطلب من الناس أن لا تغضب فرغم كل ما يمكن أن يقوم به الإنسان من مجهودات ستحدث أشياءً تسبب الغضب وقد يكون الغضب في بعض الأحيان مبرراً فالحياة تعج بمسببات الإحباط؛ الألم؛ الخسارة؛ والأفعال غير المتوقعة من الآخرين. ولا يستطيع الإنسان تغيير مسار أو إيقاع الحياة أو سنن الله في الحياة. وكل ما يستطيعه الإنسان تغيير الطريقة التي يسمح بها لهذه الأحداث بالتأثير عليه. وذلك بالسيطرة علي ردود أفعاله للغضب مما يحول دون تعاسته علي المدى البعيد.
ضبط الغضب والاندفاع.
(1) إدراك الغضب لدي الذات ولدي الآخرين.
* العنف وعدم ضبط الاندفاع ربما يكون أهم معوقات حل المشكلات وأهم أسباب قصور وفشل العلاقات الاجتماعية مع الآخرين خاصة في مرحلة الطفولة.
* غالباً ما يعاني الأطفال العدوانيين من نبذ الرفاق وتستمر لديهم المشكلات الاجتماعية خلال مراحل النمو اللاحقة.
* تشير الشواهد إلي أن الأطفال العدوانيين غالباً ما يسيئون تفسير نوايا أو مقاصد الآخرين من خلال وسم هذه النوايا بالعداء والتهديد دون أن يكون هناك ما يبرر هذا الوسم.
وعليه، من المهم تعليم الأطفال الطرق الفعالة لضبط الغضب والاندفاع في مواقف الخلافات أو الصراعات الاجتماعية مع الآخرين.
فنية السلحفاة
" كيف نساعد الأطفال علي ضبط الغضب والتعامل مع الإحباط أو خيبة الأمل.
" كيف يمكن تعليم الأطفال إدراك مؤشرات الغضب لدي أنفسهم؟
- أسال المتدربين كيف يشعرون بدنياً عندما ينزعجون أو يغضبون؟
- أبلغهم أن الأطفال يشعرون بالغضب بعدة طرق ـ مثلما نفعل نحن تماماً.
- صف كيف يمكن أن يساعد استخدام نشاط (بصمة المشاعر).الأطفال علي اكتشاف الاحساسات الفسيولوجية لمشاعر الغضب التي قد تنتابهم.
وبالنسبة لهذا النشاط، يجب علي المعلمين رسم صورة لشخص أو لطفل تام البناء علي لوحة كبيرة ويطلب من كل طفل رسم صورة أخرى ويلونونها ويزينونها بأنفسهم. ثم يزود المعلم الأطفال ببطاقات لاصقة مكتوب علي كل بطاقة اسم انفعال أو شعور معين (مثل متوتر، محبط ، حزين، مستاء، مغتاظ) ثم يطلب منهم لصق هذه البطاقات علي الجزء المعبر عنها من بدن الإنسان. ويساعد هذا النشاط الأطفال علي التركيز وفهم الأحاسيس الفسيولوجية الشخصية بالغضب.
هذا الفهم هو الخطوة الأولي لتعلم ضبط الغضب والاندفاع.
" بعد ذلك يصف المعلم فنية السلحفاة. وقد صيغت هذه الفنية أساساً لتعليم الراشدين مهارات إدارة الغضب ثم استخدمت فيما بعد بنجاح في تعليم الأطفال هذه المهارات بعد أن أدخل عليها بعض التعديلات. ومنذ ذلك عدلت فنية السلحفاة وأدمجت في برامج تعليم المهارات الاجتماعية لأطفال مرحلة ما قبل المدرسة كذلك
والخطوات الأساسية لفنية السلحفاة.
_ أن تدرك أنك في حالة غضب.
- أن تفكر " توقف وفكر".
- أن يدخل الإنسان في قوقعته ويأخذ نفساً عميقاً ثلاث مرات أو أكثر، يفكر بهدوء ، التفكير التوافقي أو تفكير المواجهة الإيجابية كأن يقول المرء لنفسه " ربما يكون الأمر صدفة، لا يقصد إهانتي، أستطيع أن أهدأ نفسي بل يتعين علي أن أهدأ، فلأفكر في حلول مقبولة، أستطيع حل المشكلات" .
- يخرج المرء من قوقعته عندما يشعر بالهدوء وعندما يتوصل لبعض الحلول للمشكلة.
" جوهر أو رحيق فنية السلحفاة السعي إلي مساعدة الأطفال علي تعلم استبدال الأفعال العدوانية ببدائل سلوكية أكثر فعالية وكفاءة وتقبلاً.
" ويمكن أن يتم تعليم الأطفال فنية السلحفاة في جماعات صغيرة أو كبيرة العدد في نفس الوقت.
ويمكن أن يتم تعليم الأطفال فنية السلحفاة في جماعات صغيرة أو كبيرة العدد في نفس الوقت. وعند استخدام دمية السلحفاة من المفيد أن نضمن مشاركة الأطفال بإيجابية في عملية التعليم وذلك من خلال الخطوات التالية:
- يمكن أن يبدأ المعلم بتقديم دمية السلحفاة في الفصل وبعد أن تترك الفرصة للأطفال للترحيب وقول أهلاً وسهلاً ربما يسمح المعلم للأطفال بمداعبة السلحفاة بلطف وقد يربت المعلم عليها لتهدأ.
- يبدأ المعلم في العرض علي لسان السلحفاة ويصف أن السلحفاة تقول أنها قد تغتاظ أو تشعر بالغضب والاستياء في كثيرٍ من الأحيان في المدرسة.
- ثم توضح السلحفاة كيف تفكر أثناء تعرضها للمواقف المنشطة لهذه المشاعر والانفعالات " أتوقف، أفكر، أدخل في قوقعتي، أخذ نفساً عميقاً بصورة متكررة لمرات عديدة، أتحدث مع نفسي وأقول: أستطيع أن أهدأ نفسي!! لا بد من أن أفكر في حلول إيجابية لمشكلتي". وعند هذا الحد يمكن الاستفادة من فنية السلحفاة لتوضيح متي يصبح المرء هادئاً وما المؤشرات الدالة علي الهدوء ليخرج بعدها من قوقعته ويكون جاهزاً لحل المشكلة بصورة سلمية ودية.
ولكي يخلق المعلم مستوي كافٍ من التدخل والممارسة المكثفة عليه أن يدعو الأطفال لممارسة لعبة السلحفاة. فيقول لهم اذهبوا إلي قوقعتكم كمجموعة، خذوا نفساً عميقاً شهيق زفير لأربع مرات. ثم يطلب من أحد الأطفال نمذجة أو لعب دور السلحفاة أمام الفصل. ويمكن أن تمارس هذه الأنشطة في جماعات صغيرة من خلال تكليف الأطفال بتكوين شكل السلحفاة وصناعته من الورق أو أي مادة أخري علي أن يراعي أثناء التشكيل أن يكون للسلحفاة رأس وأيدي يمكن تحريكها.وبالتالي يمكن إدخال الرأس والذراعين في القوقعة. ثم تجري بروفات سلوكية لكل الأطفال علي خطوات فنية السلحفاة.
دورة الغضب
للغضب دورة أو سلسلة متتابعة من المراحل تبدأ من تعرض الطفل للحدث أو الموقف المنشط أو المثير لانفعال الغضب وتنتهي بردود الأفعال البدنية والعقلية والسلوكية. ويحدث انفعال الغضب واستجاباته بمختلف مستوياتها بسرعة وبمجرد إدراك التهديد سواء كان فعلياً أو متوقعاً. فقد تأخذ هذه الدورة أقل من ثلث ثانية بدأ من التهديد إلي رد الفعل بمصاحباته المعرفية والبدنية والسلوكية! ومعلوم أن استجابة الغضب تخدم كثيراً من الوظائف المختلفة. فبعض الناس من ذوي تقدير الذات المنخفض يستبدلون الغضب تلقائياً أثناء الخبرات المهددة بسبب خوفهم من أن يتم تقييمهم من قبل الآخرين بأنهم حساسين أو فاقدين للسيطرة علي أنفسهم. وقد يتعلم آخرون التصرف بخشونة وفظاظة اعتقاداً منهم بأن مثل هذه التصرفات تزيد من أهميتهم أو قيمتهم.
وقد تستبدل أنت شخصياً في بعض الأحيان الانفعال غير المناسب باستجابة سلوكية تحررك نسبياً من الخوف المرتبط بالتعبير عن مثل هذا الانفعال. ومن الأمثلة الدالة علي التأثير السلبي لانفعالات علي الحالة السلوكية للفرد غضبه عندما يخاف أو بكاؤه عندما يتعرض لإحباط. وتتوقف الاستجابة الانفعالية للحدث علي الطريقة التي يفسر بها أو يدرك بها الفرد ذلك الحدث وعادة ما يتم تمثيل ذلك علي النحو التالي
الحدث المهدد تفسير وتقييم الشخص له .
وعليه يوجد اختلاف كبير بين الناس فيما يتعلق بما يجعلهم يغضبون أو فيما يتعلق بالأحداث التي تجعلهم يغضبون. ويعتمد تفسير أو إدراك الحدث بكونه مهدداً علي خبرات الفرد الشخصية وتاريخه السابق والارتباطات الانفعالية السلبية المتعلقة بهذا الحدث أو بالأحداث المشابهة له. ويتوقف تفسير أو تأويل الحدث أيضاً علي السياق المرتبط به وعلي درجة التهديد المحتملة وعلي ما يصاحب ذلك من كلمات أو إشارات قد تدل علي احتمال الأذى أو الضرر أو التعرض للنبذ أو الرفض. وعادة ما يجرح بصورة شديدة الناس الذين يتضايقون بشدة من الأحداث البسيطة خاصة إذا اقترن هذا الضيق بالاعتقاد بالتعرض الدائم للظلم أو الغبن الاجتماعي علي يد الآخرين. إذ يكون مثل هؤلاء الأشخاص أحكاماً جامدة فيما يتعلق بمواقف التفاعل الاجتماعي وما تتضمنه من مثيرات منشطة للغضب فلدي هؤلاء الأشخاص أنماط تفكير جامدة تنطلق من التسليم بصحة التوجه للاعتقاد بالجمل التي تبدأ (يجب علي الآخرين أن؛ يتعين علي الآخرين أن؛ من المحتم علي الآخرين أن). وإذا لم تسير الأمور علي هذا النحو يكون من المنطقي إذن أن يغضبون.
وقد يحدث التهديد وما ينتج عنه من غضب للفرد في واحد أو أكثر من المجالات التالية:
(1) التهديد الذي قد يلحق بالبدن.
(2) التهديد الذي قد يلحق بالممتلكات الشخصية.
(3) التهديد الذي قد يطال تقدير المرء لذاته مثل نعته بأسماء بذيئة أو نقده بصورة دائمة.
(4) التهديد الذي قد يطال معتقدات وقيم الفرد (عندما ينتهك معني العدل والحق).
(5) التهديد الذي قد يرتبط بعدم حصول المرء علي ما يريد.
= رد فعل البدن---> إدراك أو تفسير الشخص للحدث ---> الحدث المهدد =
فعندما يدرك معني الحدث بكونه حدثاً سلبياً فإن البدن يكون رد فعل هرموني وعصبي عضلي فوري. وهذه الاستجابة الأولية لتوقع الإقدام أو الإحجام تهيئ البدن للتحرك بسرعة إما في اتجاه مهاجمة الموقف أو الحدث أو الانسحاب منه أو الابتعاد عنه. ويمكن تحديد استجابات البدن الأساسية للتهديد علي النحو التالي:
(1) إفراز هرمون الأدرينالين.
(2) ضيق التنفس وسرعته ( غالباً ما يكون رد الفعل الأول للتهديد احتباس التنفس).
(3) زيادة معدل ضربات القلب.
(4) احمرار وسخونة الجلد.
(5) تشنج اليد والأكتاف والمعدة.
(6) تصلب أو تيبس العضلات.
الحدث المهدد أو المنشط---> إدراك وتفسير الشخص له --> استجابة البدن---> التحدث السلبي مع الذات
ولدي الأشخاص سريعو الغضب أفكاراً جامدة ذات طبيعة سلبية تزيد من إدراكهم للخطر أو الضرر والأذى. إذ نراهم يتحدثون مع أنفسهم بجمل تزيد موقف التفاعل تعقيداً وسخونة أو اشتعالاً. والطريقة التي يفسر بها الموقف الضاغط تعتمد علي الضرر أو الأذى الذي لحق بالفرد في الماضي من تواجده أو تعرضه لمواقف شبيهة. فربما تتمسك بصورة مثالية مبالغ فيها بمفهوم العدل والإنصاف وتبالغ في تقييم الظلم الواقع عليك في الموقف الحالي. وتستطيع أن تغضب نفسك بالتمسك بالمعتقدات الذاتية الجامدة التي تحدد الصواب والخطأ بصورة شديدة الصرامة خاصة إذ ارتبطت بالرغبة في الانتقام الشخصي. وغالباً ما يري الأشخاص سريعو الغضب التهديد في المواقف الغامضة. ,اكثر أنواع الأفكار المغضبة للذات والتي تزيد من الصراع:
(1) نعت الشخص بأسماء بذيئة أو قبيحة ذات دلالة سلبية مثل (أيها الأبكم! أنت غبي!).
(2) الأحكام والجمل أو التعبيرات الجامدة السلبية التي تنطلق من (يجب أن؛ يتعين أن) مما يزيد من إدراك الظلم مثل( كان يتعين عليك أن لا تتصرف علي هذا النحو).
(3) التحدث مع الذات بالجمل والتعبيرات المتعلقة بالانتقام أو الثأر الشخصي مثل ( أتمني أن أكسر رقبتك؛ أريد أن أقتلك!).
(4) افتراض أو التسليم بأن الشخص الآخر يتعمد إيذائك أو إزعاجك ( لقد فعلها متعمداً !).
(5) التضخيم والتهويل غير المبرر للأحداث الصغيرة غير المهمة وتعظيم مؤشرات الخطر بل خلق هذه المؤشرات في الكثير من الأحيان وتحميل المواقف ما لا تحتمل.
(6) إصدار أحكاماً جامدة مفادها أن الجبان والضعيف يجب أن يعاقب أو يحق الاعتداء عليه.
(7) الاعتقاد بأنه من حقك أن تؤذى الآخرين وذلك من خلال قولك لنفسك ( من حقي أن أؤذى الآخرين لأني أفضل منهم!).
ويتمسك سريعو الغضب بكثيرٍ من الأفكار السلبية المعتمدة علي معتقداتهم عن الظلم أو الغبن إذ تري مثل هؤلاء الأشخاص غالباً ما يقيمون المواقف والأحداث استناداً إلي منظومة من المعتقدات والأفكار المتعلقة باستهداف الآخرين إهانتهم وظلمهم وسلب حقوقهم ومن هذه المعتقدات والأفكار:
(1) هذا ليس عدلاً! إنه وضيع!.
(2) كيف تجرؤ علي فعل هذا معي!.
(3) لقد فعل فعلته قاصداً إيذائي!.
(4) أنا لا أعنيه أو لا أمثل له شيئاً!.
(5) لا يمكن أن يحصل علي كل ما يريده بهذه الطريقة!!
(6) سأعيده إلي رشده! إنه يستحق العقاب!!
وغالباً ما تسير الاستجابة الانفعالية في مثل هذه الحالة علي النحو التالي.
الحدث المهدد أو المنشط المعني المدرك استجابة البدن التحدث مع الذات الانفعال.
ويتوقف نمط الاستجابة الانفعالية ونوعها علي: معتقدات الشخص وأفكاره؛ خبراته أو تاريخه السابق مع العدوان؛ ومطالب الموقف الاجتماعي. فإذا تربي الطفل في منزل عدواني أو يشيع فيه السلوك العدواني واعتاد مثل هذا الطفل كظم غضبه الشخصي ليأمن بطش وجبروت الآخرين خاصة والديه واستمرت عملية عدم تعبير مثل هذا الطفل عن انفعالاته ومشاعره السلبية لمدة طويلة من الزمن فإنه يصبح أكثر عرضه للمعاناة من: الاكتئاب؛ المرض البدني؛ أو الانفجار في ثورات غضب وعنف ضد أشخاص لا ذنب ولا علاقة لهم بما يتعرض إليه أو تعرض إليه هذا الطفل. وقد يتعلم بعض الأطفال التوحد مع المعتدي مما يجعل من انفعال الغضب هو نمط الاستجابة السلوكية الأكثر احتمالاً عند تعرض مثل هؤلاء الأطفال لتهديدات فعليه أو متوقعة. ويمكن تمثيل هذا المعني بالشكل التالي
الموقف المهدد أو المنشط---> المعني المدرك---> استجابة البدن---> التحدث مع الذات---> الانفعال-->الغضب كرد فعل
تذكر أن دورة استجابة الغضب علي النحو السابق تحدث في ثلث ثانية!!! وبعد سنوات طويلة من حدوث وتكرار هذا النمط من أنماط الاستجابة لخبرات ومواقف التفاعل الاجتماعي يصدر هذا النمط من أنماط الاستجابة عن الشخص بصورة آلية وتلقائية لأقل مواقف التفاعل الاجتماعي تهديداً سواء أكان تهديداً فعلياً أو مدركاً.
ولكي يتم كسر دائرة الغضب وتغلب الشخص سريع الغضب علي ردود أفعاله اللحظية أو الفورية لابد من تعليمه مهارات تبطئه زمن رد الفعل أو زمن الرجع من خلال تعليمه مهارات الاسترخاء الذاتي عن طريق أخذ نفس عميق فور التعرض للموقف المنشط أو المهدد ثم تعليمه استجابة سلوكية بديلة أكثر إيجابية وذلك بمراقبة وملاحظة وتغيير أفكاره الشخصية المنشطة لحالة الاستثارة مما يكسبه نوعاً من القدرة علي ضبط الذات وبالتالي التحكم في الاستجابات الآلية المندفعة التي اعتاد الإتيان بها حال تواجده في مثل هذه المواقف ومن هنا يمكن تقليل نوبات الغضب والسلوك العدواني المصاحب لها.
وتأتي وجاهة الطرح السابق من التسليم بصحة الافتراض القائل بأن لكل منا صورة ذات يبنيها وفق معتقداته وأفكاره وخبراته السابقة فإذا اعتقد الإنسان في نفسه الكفاءة والقدرة علي التحكم في أفعاله وتصرفاته فإنه يتصرف بالفعل وفق صورة الذات هذه وبالتالي فنحن في واقع الأمر نعامل الآخرين بنفس الطريقة التي عاملنا بها الآخرون (الآباء، الأقارب، الأقران، المعلمون وغيرهم) في الماضي لذا فإن كسر دائرة الغضب التي أشير إليها يقتضي تخليص الشخص من منظومة الأفكار والمعتقدات الخاطئة التي تنشط أو تعزز انفعال واستجابة الغضب وذلك بتعليم ذلك الشخص متطلبات ومهارات تقييم استجاباته وتحديد تأثيراتها في الآخرين وتأثيراته بالتبعية عليه ويمكن تمثيل ذلك بالشكل التالي
الحدث المنشط أو المهدد---> المعني المدرك---> استجابة البدن---> التحدث مع الذات---> الانفعال--> استجابة الغضب-> التقييم
إذن الخطوة الأخيرة في هذه السلسلة هي تقييم المرء لاستجاباته مما يترتب عليه فيما بعد تبرير مثل هذه الاستجابات والاقتناع بها أو الرضي عنها أو الإحساس بالخزى والندم والأسى. أو بصورة أكثر إيجابية اتخاذ قرارات تتعلق بالرغبة في التصرف الإيجابي في المرات القادمة.
وتجدر الإشارة إلي أنه يمكن تعليم الشخص كسر أو إيقاف سلسلة أو دورة سلوك الغضب عند أي مرحلة من مراحلها. ومع ذلك من السهل القيام بذلك في المراحل الأولي لهذه السلسلة أو الدورة. فقد يكون مجرد الاسترخاء وأخذ نفس عميق والتفكير في دلالة ومعني الحدث الذي تتعرض له خطوة إيجابية في طريق تعلم إدارة الغضب أو السيطرة عليه وترويضه تمهيداً لتعلم زيادة الوعي واستخدام استجابات بناءة للتعبير عن الغضب.
ويمكن بناء علي ذلك أن نحدد أربعة مراحل لدورة الغضب هي:
(1) التهديد: فقبل أن تشعر بالغضب، تسمع أو تري شيئًا ما ربما فيه تهديد لمكانتك، لتقديرك لذاتك.
وبالتالي فإن التدريب علي ممارسة تحديد المهددات طريقة جيدة لقطع دائرة الغضب.
(2) الافتراضات: إذا لم نتعامل مع التهديد، سندخل في مرحلة تفعيل الافتراضات التي قد تضح المزيد من البنزين علي النار وهنا يستمر غضبنا في التصاعد.
(3) تقييم القوة وتجميع مصادر الاعتداء: إن لم نهاجم افتراضاتنا الخاطئة ربما ندخل في مرحلة تقييم القوة. وهنا ننظر إلي ما إذا كان الشخص المهدد لنا أو مرتكب سلوكيات سوء التصرف أقوي منا أم نحن أقوي منه. ولنعلم أن طريقة تعبيرنا عن الغضب يتوقف علي عملية التقييم هذه.
(4) ثورة أو نوبة الغضب: وهنا يبدو أن التعبيرات المختلفة عن الغضب تمثل نهاية الدائرة نتيجة وجود مزيد من الوقود يفجر نوبة أو ثورة الغضب.
ولكسر هذه الدائرة لا بد من ممارسة تدريبات تختلف في طبيعتها حسب مراحل دورة الغضب.
والآن قيم نفسك وحدد أسلوبك في التعبير عن انفعال الغضب
- كيف تعبر عن الغضب ؟ وكيف تستجيب للغضب؟ أجب عن الاستبيان التالي:
مسلسل المفردات دائمًا أحياناً نادرًا
1 أحافظ علي هدوئي عندما أغضب.
2 أبتعد عن الشخص الذي يثير غضبي أو استيائي.
3 أظل أغلي غيظًا من الشخص/الأشخاص الذين يثيرون غضبي أو استيائي لأيام ثم أنفجر فيهم بعد ذلك.
4 أشعر بالإهانة عندما أغضب.
5 أفرغ غضبي علي شخص آخر غير الشخص الذي أنا غاضب منه.
6 أعبر عن غضبي بصراحة ووضوح دون أن أؤذي مشاعر من أنا غاضب منه.
7 عندما يغضب مني شخص ما أطيب خاطره، أنصت إليه، أتفهم شعوره.
8 أتألم وأتراجع أو أنسحب من الموقف عندما يغضب مني شخصُ ما.
just_f