اصول تغير المنكر

    • اصول تغير المنكر

      عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :
      سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
      (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف اﻹيمان ) رواه مسلم .


      دل الحديث على وجوب إنكار المنكربحسب القدرة عليه .وأما انكار القلب فلا بد منه .
      فمن لم ينكر بقلبه المنكر دل على ذهاب اﻹيمان من قلبه .


      قال علي رضي الله عنه : (إن أول ما تغلبون عليه من الجهاد بأيديكم ،
      ثم الجهاد بألسنتكم ، ثم الجهاد بقلوبكم ، فمن لم يعرف قلبه المعروف ، وينكر قلبه المنكر ، نكس فجعل أعلاه أسفله ).


      قال ابن مسعود هلك من لم يعرف بقلبه المعروف والمنكر
      .إشارة إلى أن معرفة المعروف والمنكر بالقلب فرض لا يسقط عن أحد فمن لم يعرفه هلك .


      أما اﻹنكار باللسان واليد فإنما يجب بحسب الطاقة .


      قال ابن مسعود :يوشك من عاش منكم أن يرى منكرا
      لا يستطيع له غير أن يعلم الله من قلبه أنه له كاره .


      خرج أبن ابي الدنيا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه،
      عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
      : (من حضر معصية فكرهها ، فكأنه غاب عنها، ومن غاب عنها فأحبها فكأنه حضرها).


      يتبين من هذا أن اﻹنكار بالقلب فرض على كل مسلم ،
      في كل حال ، وأما اﻹنكار باليد واللسان فبحسب القدرة .


      كما في حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
      (مامن قوم يعمل فيهم بالمعاصي ، ثم يقدرون على أن يغيروا فلا يغيروا
      ؛ إلا يوشك الله أن يعمهم بعقابه
      ) أخرجه ابو داوود .

      وخرج ابو داوود من حديث عدي بن عميرة قال:سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
      : (إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم ،
      وهم قادرون على أن ينكروا فلا ينكروه فإذا فعلوا ذلك عذب الله العامة والخاصة
      )).


      قال سعيد بن جبير :قلت لابن عباس :آمر السلطان بالمعروف وأنهاه عن المنكر ؟
      قال:إن خفت أن يقتلك فلا ، ثم عدت فقال لي مثل ذلك ،
      ثم عدت فقال لي مثل ذلك ، وقال :إن كنت لا بد فاعلا ، ففيما بينك وبينه .


      وعليه يكون إصلاح الأمراء والسلاطين الفاسدين بأزالة مافعلوه من المنكرات
      ، مثل أن يريق خمورهم وآلات الطرب ونحوه أو أن يبطل بيده ماأمروا به من الظلم.
      إن كان له قدرة على ذلك .وكل هذا جائز وليس من باب قتالهم
      ولا من الخروج عليهم الذي ورد المهي عنه . وهو الخروج بالسيف فهو منهي عنه
      خشية الفتن التي تؤدي إلى سفك دماء المسلمين .

      //

      قال الفضيل بن عياض وغيره ، متى خاف على نفسه السيف
      أو السوط أو الحبس أو القيد أو أخذ ماله، سقط أمرهم ونهيهم .



      قال أحمد :لا يتعرض إلى السلطان فإن سيفه مسلول.

      //

      أما حديث (لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه ):

      يدل على أنه إذا علمةأنه لا يطيق الأذى ،
      ولا الصبر عليه ، فإنه لا يتعرض حينئذ لﻵمر وهذا حق
      ، وإنما الكلام فيمن علم من نفسه الصبر لذلك .

      قوله (وذلك أضعف اﻹيمان ):

      يدل على أن اﻷمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خصال اﻹيمان ،
      ويدل على أن من قدر على خصلةمن خصال الإيمان وفعلها ، كان أفضل ممن تركها عجزا عنها .


      قوله (من رأى منكم منكرا ):
      //


      يدل على أن اﻹنكار متعلق بالرؤية ،
      فلو كان مستورا فلم يره ، ولكن علم بة، فالمنصوص عن أحمد أنه لا يتعرض له
      ،وأن لا يفتش عما استراب به .

      //

      إما إذا تحقق المنكر وعلم موضعه فإنه ينكره كمن سمع صوت الغناء أو رآه في مكان .


      وأما تسور الجدران على من علم اجتماعهم على منكر ، فقد أنكره الأئمه .ﻷنه داخل في التجسس المنهي عنه .
      قيل ﻷبن مسعود فلان تقطر لحيته خمرا ، فقال :نهانا الله عن التجسس .


      المنكر الذي يجب إنكاره:ماكان مجمعا عليه ، وأما المختلف ففيه خلاف .

      //

      اﻷمر بالمعروف والنهي عن المنكر تارة يحمل على رجاء ثوابه ،
      وتارة خوف العقاب في تركه ، وتارة الغضب لله على انتهاك محارمه ،
      وتارة النصيحة للمؤمنين والرحمة لهم ، وتارة يحمل عليه إجلال الله وإعظامه ومحبته .


      قال بعض السلف :وددت أن الخلق كلهم أطاعوا الله ، وأن لحمي قرض بالمقاريض.
      وكان عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز يقول ﻷبيه :وددت أني غلت بي وبك القدور في الله تعالى.



      //

      وعلى كل حال يتعين الرفق في اﻹنكار .


      قال سفيانةالثوري :لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر إلا من كان فيه ثلاث خصال:
      رفيق بما يأمر ، رفيق بما ينهى ،عدل بما يأمر ، عدل بما ينهى ، عالم بما يأمر ، عالم بما نهى .


      قال أحمد:الناس محتاجون إلى مدارة ورفق الأمر بالمعروف بلا غلظة إلا رجل معلن بالفسق .فلا حرمة له .

      قال أحمد :يأمر بالرفق والخضوع ، فإن أسمعوه ما يكره ، لا يغضب ، فيكون يريد أن ينتصر لنفسه .

      والله أعلم.
      • القرآن جنتي