
الذكاء والدماغ، أيهما خلق أولاً ؟!
يلاحظ في تصرف بعض الحيوانات نوعاً من أنواع الذكاء الراقي،
فالمفترسات تهجم على الفرائس بشكل تلقائي يمكن أن نعزوه للغريزة،
ولكن بعض طرق الصيد فيها من المكر والدهاء ما يتجاوز رد الفعل التلقائي الغريزي، فأحد الطيور يجلب قطع الخبز إلى الشاطئ،
ثم يقطعها إلى قطع صغيرة،
ثم يبدأ برميها الواحدة تلو الأخرى في الماء، بهدف جذب الأسماك الصغيرة،
وعندما تقترب هذه الأسماك لإلتهام قطع الخبز، ينقض عليها ويلتهمها ..!
فبأي صفة يمكن نعت هذا الفعل ؟!
وبماذا تختلف طريقته تلك عن طريقة الإنسان في الصيد ؟!
إن أقل وصف يوصف به هذا الفعل هو (الذكاء) الراقي،
بكل ما تعني الكلمة،
وبكل ما يستلزم الصيد الذكي من نية مسبقة،
وتخطيط فيه مكر ودهاء،
ومعرفة برغبات الفريسة،
وبطريقة إغرائها وجذبها،
إن هذا الفعل يدل على نهج راقي ومتطور من التفكير،
لا يمكن أن يعزى إلى مجرد الغريزة، بل يرتقي إلى حدود الذكاء،
وقد سبق أن كتبت في هذه المدونة موضوعاً يتعلق بذكاء الحشرات التي ليس لديها دماغاً بمعنى (دماغ)، ولكنها تملك فقط مجمعاً من نهايات الأعصاب، لغرض النشاطات الحركية اللاإرادية والإرادية، وبعض النشاطات الغريزية التلقائية، المخزنة على شكل كيماويات عصبية، تنطلق عند الحاجة، لحث بعض النشاطات اللاواعية ..
ولكنها رغم ذلك تبدي بعض أنواع التفكير الراقي الذكي،
الذي ربما يعجز عنه بعض البشر المغرورين بأدمغتهم، وبذكائهم الذي يعتقدون أنه لم يخلق إلا معهم ..
فهذه الحشرة عندما تضع يرقتها، فإن اليرقة تكون في طور الشرنقة ولا تتحرك، مما يجعلها هدفاً سهلاً، وعرضةً لهجوم الطيور، ولذلك فإن الحشرة تقوم بقص عدد من ورقات شجرة كبيرة، بعد أن تثبت طرفها الآخر في جذع الشجرة بمادة تفرزها، والتنيجة أن الأوراق تجف فتلتوي كالإسطوانة، وتقوم بقص وتهيئة
المصدر محمد الحسين