كنت تقف شامخاً على أرضٍ مستقرة, مطمئناً بدينك واثقاً من نفسك متسلحاً بقدراتك و مواهبك موقناً بأنك أنت الثابت الذي لا تهزه ريح و لا تميله عواصف. وها أنت الآن تسير نحو هاويةٍ مجهولةِ القرار, يقتادك شيءٌ لا تدرك ماهيته, لكنك تدري أنه غيّب عقلك و سلب تفكيرك و استعبد روحك. يصور لك غباؤك المغرور و غرورك الغبي بأنك تسعى نحو جنتك, و ما هو إلا زيفٌ و دخان ينقشع بفناء تلك اللحظات الكاذبة. يتغلب عليك شعورٌ بأن ذلك الشيء أقوى من أن تتحداه. يقودك* لتتمرغ في تراب الذل و تنغمس منكسراً في وحل المهانة. يرديك إلى الهاوية فينطلق من أسفلها خُطافٌ يدنيك إلى أذرعةٍ أخطبوطية تعتصر روحَك, تحاول الافلات من حفرة الهلاك تلك مستغيثاً بأصحابك و تلك اليد التي اقتادتك و لا مجيب, فكيف ينقذك من أرداك في أسفل سافلين. و فجأة يتجدد الأمل بذلك الصوت الذي يناديك "ارجع معي فهناك من ينتظرك ولا تطع أمر من غيب عقلك". يمد يديه فينتشلك من تلك الهاوية و يخلصك من ذلك الخُطاف و تلك الأذرع.*
تلتفت فترى بجانبك وجهاً معاتباً لا تميز رضاه من غضبه, ولكنه يربت على كتفك و يأخذ بيمينك قائلاً: "هلم معي فأنا من ناداك لينتشلك". ثم تلتفت خلفك فترى وجهًا مبتسمًا و ذراعين يمتدان نحوك و لسان حالهما يقول: "تعالَ فأنا أنتظرك". و على حين غرة يجذبك ثالثٌ تعلو محياه ابتسامة الماكرين. تنزع يديك ثم تصمتُ و تسألهم من أنتم؟ فيجيبوك نحن الثلاثة أنت. تتعجب, فيبادرك الأول بالقول أنا نفسك اللوامة فلا تعجب إنْ اختلط في ناظريك الرضى و الغضب فذلك عتب المحب و أما ذلك المبتسم فتلك نفسك المطمئنة التي تنتظرك لتعود بك إلى تلك الأرض الثابتة التي كنت تقف عليها فتنعم بدنياك و تفوز بآخرتك. و أما هذا الماكر الذي تراه أمامك فهي نفسك الامارة بالسوء التي زيفت نتانة الشهوات لتصورها لك زينة الحياة و ثمارها اليانعة.*
تحاورك نفسك اللوامة:*
أيها الانسان اعلم أنك في جهادٍ دائم و حرب ٍ ضروس ٍ تدور رحاها, تخوضها متحدياً نفسك الأمارة بالسوء. نفسك التي تنساق وراء الشهوات و تنزع إلى ارضاء الهوى فترضخ صاغراً لما تلذه و تشتهيه حتى وإن كان سماً زعافاً يغتال ضميرك و يدنس فطرتك السوية. نفسٌ سيئةٌ مسيئة تقودك لتلقيك في وحل المحرمات و تعفر وجهك بتراب الذل و الانكسار لملذاتك الدنيئة, فتنتهك من أجلها حرمة دينك و وطنك و أهلك و حتى ذاتك. فما جوابك حين تُسأل: "يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ" كيف و بماذا ستنطق " يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"*
أمَا آن الأوان أيها الذليل الذي اقتاده ذلك الهوى أن تفيق من غفلتك و تنزع عن معصمك قيد العبودية الذي ظننته سوار الحرية. طهر روحك من دنس الانقياد لنفسك الأمارة بالسوء لتجد نفسُك المطمئنةُ مستقراً طاهراً لها فتريك الحق حقاً فتتبعه و تريك الباطل باطلاً فتنأى بنفسك عنه. و لن تنتصر في حربك تلك إلا إذا عقدت اتفاقية شراكة مع نفسك اللوامة لتكون حليفاً وفياً تعتمد عليه إذا اختبرتك الأيام في سرائك و ضرائك. تحالف معها لتقودك إلى مسالك الخير و تأخذ بيديك بعيداً عن مهالك الشر و أهله. تتحدان لتنتصر على شيطانك و نفسك الأمارة بالسوء معداً العُدة لمقارعتها متسلحا بإيمانك و رقابتك الذاتية لهمساتك و كلماتك و نظراتك فتستحي أعظم الحياء من أن تجعل الله أهون الناظرين إليك, أم نسيت أن العزيز الجبار يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور. "وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ".
تلتفت فترى بجانبك وجهاً معاتباً لا تميز رضاه من غضبه, ولكنه يربت على كتفك و يأخذ بيمينك قائلاً: "هلم معي فأنا من ناداك لينتشلك". ثم تلتفت خلفك فترى وجهًا مبتسمًا و ذراعين يمتدان نحوك و لسان حالهما يقول: "تعالَ فأنا أنتظرك". و على حين غرة يجذبك ثالثٌ تعلو محياه ابتسامة الماكرين. تنزع يديك ثم تصمتُ و تسألهم من أنتم؟ فيجيبوك نحن الثلاثة أنت. تتعجب, فيبادرك الأول بالقول أنا نفسك اللوامة فلا تعجب إنْ اختلط في ناظريك الرضى و الغضب فذلك عتب المحب و أما ذلك المبتسم فتلك نفسك المطمئنة التي تنتظرك لتعود بك إلى تلك الأرض الثابتة التي كنت تقف عليها فتنعم بدنياك و تفوز بآخرتك. و أما هذا الماكر الذي تراه أمامك فهي نفسك الامارة بالسوء التي زيفت نتانة الشهوات لتصورها لك زينة الحياة و ثمارها اليانعة.*
تحاورك نفسك اللوامة:*
أيها الانسان اعلم أنك في جهادٍ دائم و حرب ٍ ضروس ٍ تدور رحاها, تخوضها متحدياً نفسك الأمارة بالسوء. نفسك التي تنساق وراء الشهوات و تنزع إلى ارضاء الهوى فترضخ صاغراً لما تلذه و تشتهيه حتى وإن كان سماً زعافاً يغتال ضميرك و يدنس فطرتك السوية. نفسٌ سيئةٌ مسيئة تقودك لتلقيك في وحل المحرمات و تعفر وجهك بتراب الذل و الانكسار لملذاتك الدنيئة, فتنتهك من أجلها حرمة دينك و وطنك و أهلك و حتى ذاتك. فما جوابك حين تُسأل: "يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ" كيف و بماذا ستنطق " يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"*
أمَا آن الأوان أيها الذليل الذي اقتاده ذلك الهوى أن تفيق من غفلتك و تنزع عن معصمك قيد العبودية الذي ظننته سوار الحرية. طهر روحك من دنس الانقياد لنفسك الأمارة بالسوء لتجد نفسُك المطمئنةُ مستقراً طاهراً لها فتريك الحق حقاً فتتبعه و تريك الباطل باطلاً فتنأى بنفسك عنه. و لن تنتصر في حربك تلك إلا إذا عقدت اتفاقية شراكة مع نفسك اللوامة لتكون حليفاً وفياً تعتمد عليه إذا اختبرتك الأيام في سرائك و ضرائك. تحالف معها لتقودك إلى مسالك الخير و تأخذ بيديك بعيداً عن مهالك الشر و أهله. تتحدان لتنتصر على شيطانك و نفسك الأمارة بالسوء معداً العُدة لمقارعتها متسلحا بإيمانك و رقابتك الذاتية لهمساتك و كلماتك و نظراتك فتستحي أعظم الحياء من أن تجعل الله أهون الناظرين إليك, أم نسيت أن العزيز الجبار يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور. "وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ".