استراتيجية الاقتصاد الأمريكي وسياستها الدولية

    • استراتيجية الاقتصاد الأمريكي وسياستها الدولية



      [FONT=&quot][/FONT]
      [h=1]بسم الله الرحمن الرحيم[/h] [h=2]
      [/h] [h=2]استراتيجية الاقتصاد الأمريكي وسياستها الدولية[/h] [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] لم تمر حقبة على هذه البشرية من حقب بتاريخها المديد أسوأ من هذه الحقبة التي تعيشها اليوم .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] لقد طغى الظلم حتى عم أرجاء المعمورة ، كثر التسلط والتجبر ، والنهب والسلب ، وإراقة الدماء ، وهتك الأعراض ، والتعذيب ، والتشريد ، والتهجير ، وتسلط الأقوياء على الضعفاء ، وتحكم الأغنياء بالفقراء ، كل ذلك يحصل الآن على نطاق واسع ، حتى لم تبق بقعة من بقاع الأرض إلا ووصلها نصيب وافر من هذه الجرائم البشعة التي تقشعر لها الأبدان ، ويندى لها الجبين .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] لكن الذي يزيد هذه الجرائم بشاعة وفظاعة أنها تمارس في ظل الشرعية الدولية ، وترتكب تحت اسم القوانين الدولية ، وبواسطة المنظمات الدولية ، وتنفيذا للقرارات الدولية .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] يمارس الحصار الاقتصادي والتجاري على العراق مثلا تنفيذا للقرارات الدولية ، يمارس التهجير والتشريد في البلقان تحت سمع وبصر القوات الدولية ، يمارس الاغتصاب الجماعي والقتل الجماعي بوجود المراقبين الدوليين والمنظمات الدولية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] هناك منظمات متعددة المسميات ، ومتنوعة الاختصاصات والمهمات ، مثل : منظمة العفو الدولية ، ومنظمة الأغذية الدولية ، منظمة الغوث الدولية ، ومنظمة الصليب الأحمر ، ومنظمة حقوق الإنسان . كما هناك اتفاقيات دولية متعددة أيضا ، مثل : اتفاقية حقوق الإنسان ، واتفاقية حقوق المرأة ، واتفاقية حقوق الطفل ، واتفاقية معاملة أسرى الحرب .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ولكن هذه الاتفاقيات التي توضع ويوقع عليها عشرات الدول ، والمنظمات التي تتشكل من دول وجنسيات متعددة ، إنما تستند في وجودها إلى ميثاق الأمم المتحدة ، ترتكز في ممارساتها على دعائم دولية ، ومباركة دولية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فمن الذي يضع هذه القوانين ؟ ويبارك هذه الممارسات ؟ والجرائم التي ترتكب ، ويضفي عليها طابع الشرعية ؟ وتحت أي معايير ، وبأي مقاييس يجري تنفيذ هذه الجرائم وعلى هذا النطاق الواسع ؟[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إنه إنسان الحضارة الغربية ، الذي أعطى لنفسه حق التشريع والتقنين ، كما أعطى لنفسه الوصاية على البشرية ، فخرج بنظرية التصنيف البشري ، والتميز العرقي والحقد الطائفي ، الذي جعل المنفعة مقياسا لأعماله ، ووضع قاعدة الحريات وجعلها نظريات مقدسة ، فجعل الفسق مشروعا ، والاحتكار مشروعا والربا مشروعا ، وأطلق الحرية للتملك بأية وسيلة ، وتحت أي أسلوب .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ووضع قاعدة الحرية الشخصية ، فجعل الزنا مشروعا ، والإجهاض مشروعا ، واتسع نطاق التجارة بالجنس ، وانتشرت فرق الرقص والغناء والتمثيل ، وأصبحت سوقها رائجة ، وأرباحها خيالية ، وأخذت من الإعلام العالمي والمحلي حيزا واسعا جدا. [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ووضع قاعدة حرية المعتقد ، فظهرت الدول العلمانية ، والدول الإلحادية ، وظهرت دول تتخذ الدين شكلا ، وتمارس طقوسه اسما فارغا وبلا مسمى .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] كما وضع قاعدة الحرية الفكرية ، فتعددت المشارب والأهواء ، وتفنن المفكرين المتحللون من كل قيد تفننوا في ابتداع النظريات ، واتسع نطاق الحوار في الجليات ، واختلط الغث بالسمين ، وكثر التزويق والتزوير ، وأصبحت كتابة القصة فنا يبتدعه الخيال كيف يشاء ليزين للقارىء افتراضات يحلق في أجواء الأماني ، ويسلك بها مسارب الزهو ، ويفتح له ميدانا ويصول ويجول ، ويفترض من نفسه بطلا مقداما ، ولكن في فراغ .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] هذه هي أسس الفكر الرأسمالي الغربي ، وهذه هي حضارته ، هذه هي الشخصيات التي تتجسد فيها ثقافته ومفاهيمه ، وهذا هو السلوك البهيمي الذي يقوم على المتعة واللذة والانعزالية ، واللامبالاة ، والهروب من المسؤولية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] تجلت هذه الأفكار في البداية نشأتها كردة فعل للظلم والكبت الذي كانت تمارسه الكنيسة في أوروبا فعالجوا واقعهم السيء بنقيضه ، وتخلصوا منه إلى ما هو أسوأ منه ، وكسروا قيود الكنيسة وأغلالها ، وانقلبوا إلى ما لا نهاية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فبدأت أوروبا المتحررة من نير الكنيسة تطبق الأفكار الجديدة في داخل مجتمعاتها تحللا وإباحية ، ومتعا ولذات ، وخارج مجتمعاتها بطشا وتعذيبا وتشريدا ونهبا وسلبا لأموال المستضعفين . وانتشر الاستعمار ، وكثر التنافس والصراع بينهم على مناطق النفوذ ومناطق الاحتكار والاستغلال وفرض السيطرة والاستعباد وبعد حقبة ليست بالطويلة ظهرت أمريكا لتنفث الإلحاد وتمارس الإباحية والتحلل في ثوب جديد فكانت مدرسة هوليود ، مدرسة الجنس والمتعة واللذة والفن .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] كما تفننت في ابتكار النظريات الاقتصادية ، وأقامت مجتمعها على أسس وقواعد تبنتها وصاغتها من صميم الرأسمالية الدولية ، وأحاطتها بقوانين دولية وأفرغتها في تكتلات وتنظيمات دولية فبالنسبة للرأسمالية السائدة الآن في العالم كمبدأ والذي تتبنى أمريكا تطبيقه بشكل جدي وتتزعم الدفاع عن نظرياته سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو الفكرية . فإنه يقوم على أسس فلسفية اقتصادية ثلاثة ، هي :[/FONT] 1- [FONT=&quot] الندرة النسبية : أي ندرة السلع والخدمات بالنسبة للحاجات .[/FONT] 2- [FONT=&quot] القيمة : والتي يقسمونها إلى قسمين : قيمة الاستبدال ، وقيمة الاستهلاك .[/FONT] 3- [FONT=&quot] الثمن : وهو عندهم المنظم للإنتاج والاستهلاك ، وهو الصلة بين المنتج والمستهلك. [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot]هذه الأسس الثلاثة التي يبني عليها الاقتصاد الرأسمالي الغربي منقوضة ومتهاوية ، وليست بحقائق لها واقع ملموس . وتفنيدها ونقضها يوجد في كتاب [النظام الاقتصادي في الإسلام] من منشورات حزب التحرير ، تأليف الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله رحمة واسعة .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]أما الأسس أو الخطوط العريضة التي وضعتها أمريكا لسياستها الاقتصادية في العالم ، فإنها تقوم على القواعد الثلاث التالية :[/FONT] 1- [FONT=&quot] حرية التجارة ، وحرية السوق .[/FONT] 2- [FONT=&quot] حرية انتقال رأس المال ، وحرية الاستثمار .[/FONT] 3- [FONT=&quot] حرية تحويل العملات مع ضمان ثبات سعر الصرف في حدود .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]وانطلاقا من هذه القواعد الثلاث ، وعلى ضوء ذلك برز إصرار أمريكا وتشددها في المباحثات التي أعقبت الحرب العالمية الثانية على إيجاد المؤسسات الاقتصادية الدولية ووضع اتفاقات تجارية كقوانين للاقتصاد الدولي .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ففي سنة 1945م وضعت اتفاقية (بريتون وودز) التي انبثق عنها صندوق النقد الدولي ، والبنك الدولي ، ولكل منهما دوره واختصاصاته في حقول الاقتصاد والتنمية والبناء والإشراف على تحويل العملات ، والتدخل في ميزانيات الدول الموقعة على تلك الاتفاقية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ثم شرعت في إيجاد تكتلات أو تنظيمات إقليمية ودولية ، فوضعت فكرة اتفاقية رفع الحواجز الجمركية عن التجارة الدولية أو تخفيفها ، وهي اتفاقية الجات 47-48 سنة لتحقيق وتطبيق القاعدة الأولى وهي حرية التجارة وحرية السوق مع حرية المنافسة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وقد استمرت المفاوضات على وضع اتفاقية عالمية جديدة للتجارة والجمارك ، وقد مرت في سبع مراحل من اللقاءات والمفاوضات وهي تتعثر حتى استقر الاتفاق في دورة (أورغواي) بين 105 دول على وضع الأسس والخطوات الأساسية والاتفاق عليها . وفي عام 1994م قفزت إلى (125) دولة وقعت على هذه الاتفاقية منها 88 (دولة) من دول العالم الثالث 26 دولة منها صنفت ضمن البلدان الأقل نموا .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] ففي 15 نيسان 1994م تم التوقيع على هذه الاتفاقية من قبل (125) دولة في مراكش . ومن الطبيعي أن تكون هذه الاتفاقية في صالح الأطراف المهيمنة دوليا على حساب الضعفاء .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] أما بالنسبة لحرية انتقال رأس المال ولاستثمار ، فقد عملت على كسر الحواجز التي تحدد مناطق واحتكار الأسواق بأساليب متعددة ، فوضعت اتفاقية مارشال لإعمار أوروبا وكان من بنودها السماح لرؤوس الأموال الأمريكية ، والمستثمرين الأمريكيين بدخول مناطق النفوذ التقليدية لكل من بريطانيا وفرنسا .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] ومن البديهي في لغة الاستثمار والاحتكارات الواسعة النطاق توفير الحماية وتسهيل التحرك والتنقل لهذه الاستثمارات ، وضمان استمراريتها بأمان ، فيتعين آنئذ أن تكون تلك المناطق خاضعة للنفوذ والحماية ، لا سيما استثمارات الشركات العملاقة ، والمتعددة الجنسية التي تحتكر البترول والغاز الطبيعي والصلب واحتكارات النقل والمصارف والخدمات والاتصالات .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] فمثلا خطوط الأنابيب التي تضخ البترول والغاز الطبيعي والتي تعبر المسافات الشاسعة ، آلاف الكيلومترات من هذه الأنابيب لا بد من حمايتها وصيانتها واستمرارية عملها بأمان ، إذ لا يكفي مجرد توقيع الاتفاقات المعقودة بين البلدان منابع لبترول والشركات ، بل لا بد من وجود الهيمنة والتمكن الفعلي لوجود الحماية ووجود السيطرة الفعلية ، حتى لا تكون هذه الضمانات تحت رحمة الدولة ذات المنابع لهذه الخامات .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] فمنطقة الخليج عبارة عن غابة متشابكة من خطوط الأنابيب النفطية والغازية التي توزع هذه المادة الحيوية إلى جميع أنحاء العالم . فموانىء البحر الأحمر وموانىء المحيط الهندي ، وموانىء البحر الأسود كلها مليئة بالناقلات العملاقة التي تحمل هذه المادة سواء منها المكرر أو الخام إلى كافة أنحاء العالم .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] أما بالنسبة للقاعدة الثانية وهي حرية تحويل العملات مع ثبات سعر الصرف في حدود – وهذا حصل عليه تغير فيما بعد – فإن صندوق النقد الدولي ولأمريكا فيه نصيب الأسد ، فقد ارتبطت كل العملات الدولية بالدولار ، وجعلته الوحيد الذي على أساسه يتم التحويل دوليا . إذ كانت أمريكا تملك عندئذ 70% من مخزون العالم من الذهب أو يقدر 23 بليون دولار : وتعهدت ببيع وشراء الذهب للبنوك المركزية ومؤسسات النقد ، وجددت سعر الأونصة 35 دولار . يعني أن تحافظ أمريكا على سعر الصرف للدولار ببيع الذهب بالسعر المحدود .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] والحقيقة فإن صندوق النقد الدولي يمثل أداة من أدوات السياسة الدولية للتدخل السافر في شؤون الدول . فنظام الصندوق يشكل بجدرانه أداة للتدخل . وصلاحيات الصندوق إذلال وقهر . وإطلاق أمريكا لتعبيرات مثل (التداخل) و (الاعتماد المتبادل) و (وحدة السوق) ليست سوى استعارات للتدخل في شؤون الآخرين لذلك فلا عجب أن يكون صندوق النقد الدولي والأحلاف العسكرية وجهين لعملة واحدة هي الاستعمار الأمريكي . فالقوة العسكرية تدعم الدولار ، والدولار يمول القوة العسكرية . وتأسيس النظام النقد الدولي تحت الحراب الأمريكية يعكس طبيعة العلاقة بين أمريكا وغيرها من الدول المشاركة . فلا عجب أن يذهب البعض إلى حد المساواة بين الهيمنة النووية وهيمنة الدولار .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وما أن انتهت الحرب الباردة وسقطت الشيوعية وانفرط عقد الاتحاد السوفيتي وتفسخت كتلته حتى أصبحت أمريكا تواجه عدوا جديدا هو المجموعة الأوروبية ككتلة سياسية ووحدة اقتصادية ، حيث أنها تمتلك القدرة على المنافسة التجارية في السوق العالمي من جهة وتتطلع إلى ضم دول أوروبا الشرقية إلى الاتحاد الأوروبي ، بعد أن تخلت عن الاشتراكية ، وتبنت فكرة الاقتصاد الغربي وسارت في طريق الرأسمالية .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] هذا التبدل في الموقف الدولي ، والتغير في الهيكلية العالمية دفع أمريكا لأن تعلن عن ميلاد نظام عالمي جديد .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] فمن ناحية القاعدة الأولى لاستراتيجيتها الاقتصادية وهي : حرية التجارة وحرية السوق ، ولتضمن انفتاح الأسواق العالمية أمام تجارتها وصادرتها ، عملت على تطويق تحركات مجموعة السوق الأوروبية ببناء تكتلات وتجمعات تجارية جديدة ، وإحياء وتنشيط الاتفاقيات القديمة .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] فأوجدت اتفاقية (نافتا) وهي اتفاقية بين كندا والولايات المتحدة والمكسيك ثم عمدت إلى إيجاد اتفاقية (الأبيك) .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] ففي نوفمبر 1993م عقدت في مدينة (سياتل) الأمريكية وبناء على دعوة من الرئيس الأمريكي كلنتون اجتماع قمة لمنظمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي المعروفة اختصار باسم (أبيك) . هذه المنظمة تسعى أمريكا من وراء إقامتها إلى إيجاد مناطق للتجارة الحرة بفتح الأسواق وتخفيض الجمارك . وليس المقصود من إقامتها إيجاد وحدة اقتصادية نقدية على غرار السوق الأوروبية المشتركة ، لتباين الأوضاع والسياسات بين دولها ، ولما كانت منظمة (نافتا) خاصة بأمريكا الشمالية ، وبها تثبت أمريكا هيمنتها يعني بقاء هذه السوق في مأمن من مزاحمة السوق الأوروبية المشتركة .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] ثم عمدت أمريكا إلى العمل في الجانب السياسي فأوجدت مشكلة البلقان أشعلت الحرائق فيها ، وكان تحركها لا عن طريق هيئة الأمم وإنما أمسكت القضية بيدها سياسيا ، وفرضت الحل السياسي ، وعملت على تنفيذه بواسطة حلفها الأطلسي ، وستبقى منطقة أمان البلقان بما فيها اليونان ومقدونيا وقبرص وتركيا بؤرة قابلة للاشتعال .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] ومن المسلمات السياسية أن أي توجه اقتصادي لا يأخذ طابع الاستقرار والتركز إلا إذا أحيط بتركز واستقرار سياسي .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] ولذا فإن أمريكا وهي ترى في المجموعة الأوروبية المنافس الأول الذي يستطيع أن يتحدى ويزاحم تحرك أمريكا الاقتصادي لأمور :[/FONT]
      [FONT=&quot]أولا : كون الوحدة الأوروبية كادت أن تكتمل سياسيا واقتصاديا .[/FONT]
      [FONT=&quot]ثانيا : كونها تمتلك القدرة على المنافسة التجارية لوجود الفائض الإنتاجي من السلع والخدمات .[/FONT]
      [FONT=&quot]ثالثا : إنهاء الحرب الباردة وتفتت الاتحاد السوفيتي أزال من وجه أوروبا الشبح الذي كانت أمريكا تهدد به أوروبا ، فانصرفت بكليتها إلى أن تصب اهتمامها وتكرس جهودها في مجال الاقتصادي عالميا .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] فمجموعة السوق الأوروبية كلها بلدان صناعية ومنتجة ، وأزالت الحواجز الجمركية فيما بينها ، وفتحت الحدود لتنقل الأيدي العاملة ، وهي بصدد إيجاد وحدة نقدها خاصة بها ، كل هذه العوامل تدفع بها لأن تخرج إلى الأسواق الأسيوية والأفريقية ، لا سيما ولديها القدرة على المنافسة في الأسواق الحرة .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] فكان على أمريكا أن تربك أوروبا سياسيا فأشعلت مشكلة البلقان . وأن تطوق الأسواق الآسيوية والأمريكية بإيجاد تكتلات اقتصادية فأوجدت منظمة (الأبيك) وبعد ذلك كله نجحت في إيجاد منظمة التجارة الدولية الحرة (الجات) .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وجدير بنا ونحن بصدد الحديث عن التنظيمات التجارية الدولية أن نأتي بنبذة عن كل من منظمة (أسيان) ومنظمة (أبيك) .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] منظمة (أسيان) تأسست عام 1967م من اتحاد جنوب شرق آسيا كحصن آنذاك ضد التوسع الشيوعي ، ومنذ ذلك الحين وعضوية الاتحاد تضم ستة دول هي : ماليزيا ، وأندونيسيا ، بروناي ، الفلبين ، تايلند ، وسنغافورة .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وأسيان تكتل اقتصادي محدد واضح المعالم ، ونستطيع القول بأنه تكتل لم ينجح في تحقيق أهدافه منذ نشأته .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] أما منظمة (أبيك) فقد ظهرت إلى الوجود سنة 1989م بناءا على دعوة من استراليا وهي تضم سبع عشرة دولة موزعة على ثلاث قارات وهذه الدول هي :[/FONT]
      [FONT=&quot]الولايات المتحدة ، كندا ، المكسيك ، استراليا ، نيوزلندا ، الصين ، اليابان ، هونغ كونغ ، غينيا الجديدة ، تايوان ، بروناي ، ماليزيا ، أندونيسيا ، سنغافورة ، الفلبين ، كوريا الجنوبية ، وتايلند. [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] هذه المنظمة الاقتصادية الدولية تدمج في عضويتها تكتلين اقتصاديين كبيرين هما منظمة (نافتا) لدول أمريكا الشمالية (الأسيان) لدول جنوب شرق آسيا .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وتمثل الأبيك بدولها نحو 40% من التجارة العالمية وسوقا يصل عدد مستهلكيها إلى ما يزيد عن الملياري نسمة ، وسنفرد منظمة (الجات) بحثا مطولا خاصا بها .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] فبهذا كله تكون أمريكا قد سارت شوطا بعيدا في تحقيق القواعد الأساسية التي ينبني عليها اقتصادها ، وستستمر في دعمها لتثبيتها حتى تستقر وتصل إلى مرحلة التركز وتصبح من المسلمات الدولية .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] ولكن بتحقيق حرية السوق وانفتاحها دوليا ستزداد روح القدرة على المنافسة ، وسيدفع الفائض من الإنتاج عند كثير من الدول والمجموعات الاقتصادية إلى الاستمرار في المزاحمة والتسابق المدعوم بالقوة والهيمنة وبسط النفوذ لضمان حماية الاحتكارات العملاقة .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] ولما كانت أوروبا خلال القرن التاسع عشر هي مصدر المعاناة والحروب ، منها تولدت فكرة الاستعمار ، الذي شمل مناطق شاسعة من العالم ، وجر على الإنسانية الشقاء والبلاء . وحتى أواخر القرن العشرين صار هذا البلاء والشقاء يقدم للشعوب ملفوفا بلفافة من التنمية الإنسانية والتقدمية والمشاركة . وبخاصة فإن أمريكا قد غيرت وجه الاستعمار القديم وألبسته ثوب الإنسانية والدولية . أي جعلت تلك الجرائم ترتكب بقوانين دولية ، ويحمي مرتكبوها بقوات دولية ، وباسم القروض والمساعدات الدولية .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] حصل كل هذا انطلاقا من وجهة النظر الغربية ، وبالمقاييس النفعية ، وتحت ممارسة الحريات الأربع التي هي قواعد الفكر الرأسمالي الغربي . وبعد أن تهاوت الاشتراكية وتفتتت كيانات الدول القائمة عليها . لعدم صلاحيتها لمعالجة مشاكل هذا الإنسان ورعاية شؤونه جاء دور الرأسمالية ، فها هي تتآكل من داخلها ، وبذرة فنائها كامنة في الأسس والقواعد التي عليها حضارتها ، لأن الاستعمار هو الطريقة لنشرها ، والتنافس والدفاع والمزاحمة هي الأساليب التي تحقق بها المكاسب ، وعلى ضوء المقياس الحقيقي عندهم للقيام بالأعمال وهو المنفعة كان لا بد من أن يظل أصحاب هذا النظام مستعبدين لغيرهم ، متصارعين مع بعضهم حتى يسقطوا جميعا دون أية مقدمات كما سقطت الاشتراكية دون أية مقدمات .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] فلا بد من علاج مشكلة هذا العالم بأسره بتعرية وجهة النظر الغربية ، وتبيان زيفها وخطئها وتحطيم المقاييس والقيم التي توزن بها مثل هذه المعالجات والتصرفات التي أدت إلى انتكاسة البشرية .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وعلاجها واستئصالها يكون بوضع وجهة النظر الإسلامية موضع التنفيذ ، وجعل العقيدة الإسلامية وما ينبثق عنها من أحكام وأفكار هي التي تعالج الأمور وتحل المشاكل وترعى الشؤون. [/FONT]
      1- [FONT=&quot]العودة إلى قاعدة نظام الذهب عالميا .[/FONT]
      2- [FONT=&quot]تفنيد الحرية الاقتصادية ، وحرية التملك ، وتبيان بشاعة وحرمة الغبن والاحتكار والربا. [/FONT]
      3- [FONT=&quot]تبيان خطورة التكتلات الدولية سواء الأحلاف العسكرية أو التنظيمات الاقتصادية. [/FONT]
      4- [FONT=&quot]الانسلاخ من هيئة الأمم ، وما يتفرع عنها من منظمات ، وبيان أنها أداة تفرض بها مشروعية تسلط القوي على الضعيف ، وابتزاز الغني الفقير .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot]وقيام دولة الخلافة هو الذي يبدل المقاييس في العالم تطبيقها الإسلام في الداخل هو الذي يظهر عدالته للناس بشكل ملموس . وإعلانها الجهاد في سبيل الله وحمل الإسلام إلى الخارج هو الذي يجعل أفكار الإسلام وأحكامه مع أدلتها يملأ على المفكرين جوانب تفكيرهم في ندواتهم ومحاضراتهم وهو الذي يفرض على أجهزة الإعلام العالمي أن تفسح له حيزا واسعا ليكون شغل الناس الشاغل .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot]فينبلج فجر الحقيقة ويتضح الصبح لذي عينين ، وتخفق راية الإسلام عالية ، ويدخل الناس في دين الله أفواجا . ويتّمن الله هذا الدين حتى يبلغ ما بلغ الليل والنهار . وعندئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ، ينصر الله من يشاء وهو العزيز الرحيم .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot](ملحق توضيحي)[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      - [FONT=&quot]يسيطر 37 ألف شركة متعددة الجنسية وبجانبها 170 ألف فرع في الخارج على الاقتصاد العالمي . وتتقاسم خمسة بلدان هي : الولايات المتحدة ، اليابان ، فرنسا ، ألمانيا ، وبريطانيا . فيما بينها 179 شركة من أكبر ما في شركة في العالم . وارتفعت المبيعات فيما بين 1982 – 1992 من (3000) مليار دولار إلى (5900) مليار دولار .[/FONT]
      - [FONT=&quot] تسعى كل من بولندا والمجر والتشيك وسلوفاكيا ورومانيا ودول البلقان وسلوفينيا إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي .[/FONT]
      - [FONT=&quot] قررت دول الاتحاد الأوروبي التي اجتمعت في جزيرة (مايوركا) الأسبانية عدم حضور أمريكا وروسيا إلى مؤتمر برشلونة الذي يعقد في أواخر تشرين الثاني 95 .[/FONT]
      - [FONT=&quot] قررت شركتا بوينغ وماكدونل دوغلاس الأمريكيتين لصناعة الطائرات إلى دخول سوق فيتنام ضد شركة إيرباص الأوربية لصناعة الطائرات .[/FONT]

      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      بسم الله الرحمن الرحيم
      [h=3]حقوق الإنسان[/h] [h=1]والمغالطات السياسية والفكرية[/h] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ما زالت الأمة الإسلامية تراوح مكانها ضمن إطار وجهة النظر الغربية في العيش والتفكير الذي تفرضه التبعية المطلقة ، تغمرها موجات متلاطمة من الغزو الفكري والمفاهيم الغربية التي أخذت عليها كل السبل وأحاطت بها ، ولا زالت تئن تحت وطأة الضغوطات السياسية التي تتلاءم ومصالح الغرب .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إن انتهاك حقوق الإنسان ظاهرة ماثلة للعيان ، نحسها ونلمسها ، وهي تختم على صدور الشعوب ، معظم الشعوب في العالم ، فهي ظاهرة تمارس في الكثير من مناحي الحياة ، فتتمثل في الفقر والجوع وتتمثل في الإذلال والتبعية ، وتتمثل في التجهيل وإخراس الألسنة ، وفي كبت الحريات في عالم ينادى فيه بتطبيق الحريات .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] أما انتهاك حقوق الإنسان فيما يتمثل بالفقر والجوع ، فهذا يبرز في تسلط الاحتكارات المدعمة بمؤسسات دولية ومالية ، والتي يطلق عليها في مجموعها "الشرعية الدولية" هذه المؤسسات هي صندوق النقد الدولي ، ومجموعة البنك الدولي ، منظمة التجارة الدولية ، وهذه المؤسسات انبثق عنها وارتبط بها النوادي المالية ، والأسواق المالية ، هذا بالإضافة إلى المؤسسة السياسية الأمر وهي هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ، وما تفرع عنهما من منظمات عديدة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] أما دور الاحتكارات وهي الشركات متعددة الجنسيات فهي لضخامتها وقوتها تتوزع كالأخطبوط لتطال بتسلطها كل بقعة في العالم ، حتى أخذت في تواجدها طابع الاستقرار في البلد الذي تحل فيه ، وكأنها الحاكم الفعلي ، فبدل أن تعدل من قوانينها لتتلاءم مع قوانين الدولة التي تدخلها ، كان الحال أن البلد هو الذي يعدل من قوانينه وأنظمته لتتلاءم ومصلحة هذه الاحتكارات ، ومصلحة البلد الذي تتبع إليه هذه الاحتكارات ، حتى وصل الحال إلى درجة التأثير الفعلي في سياسة البلد سواء الداخلية أو الخارجية ، تأثيرا سلبيا حتى تصبح وكأنها مقودة لهذه الاحتكارات . فوضعوا قوانين الخصخصة بحجة الإفادة من الاستثمارات الأجنبية . ثم أتموا ذلك بربط الدول بمنظمة التجارة الدولية من أجل إزالة العوائق الجمركية لتنفتح الأسواق على مصاريعها .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] أما ما يسمى نوادي المال ، فهي تجمعات مالية من الدول المتنفذة تشرف على الإقراض والمديونية التي تكبل الدول النامية بقيودها ، حتى تستنزف الناتج المحلي للبلد ، وتغرقه بجدولة هذه الديون إلى حد يذهل العقول .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ونذكر بالمناسبة أن المديونية في العالم بلغت ما مقداره (2 ترليون) و (180 مليار دولار) سنة 1999م .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] أما العمل بتطبيق شروط هذه الشركات والمؤسسات فإنه ينعكس في النهاية على المواطن والمستهلك العادي . كما يدخل الشلل إلى اقتصاد الدولة ، وتكثر البطالة . لأن الدولة في تنفيذها لهذه الشروط ، لا بد وأن تلغي الدعم الذي تضمن به الدولة حصول المستهلك على حاجاته من السلع والخدمات بالقدر الذي يسهل له العيش ، ولا يصيبه الإرهاق والعنت ، وعندئذ تلجأ الدولة إلى فرض الضرائب ومضاعفتها لتغطية العجز الذي يتفاقم يوما بعد يوم إلى أن تستعصي المشكلة على العلاج .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وأما انتهاك حقوق الإنسان متمثلا في الإذلال والتبعية ، فإن هذا ظاهر في الصراع الدائر بين الدول القوية والغنية على بسطها للنفوذ على مختلف مناطق العالم ، وكان العالم قد قسم إلى مزارع تعيش فيها الشعوب عيش الطيور في الأقفاص والحيوانات في الحظائر .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فلماذا الاقتتال المستمر والحروب التي لا تنقطع في القارة الأفريقية ؟ من الذي يخطط ؟ ومن الذي يمدها ويغذيها بالسلاح والمال ؟ ومن هو وقودها ؟ ومن هو المستفيد منها ؟ الحروب في الخليج ، والحروب الفلسطينية ، حروب البلقان ، حرب الشيشان ، حرب أفغانستان ، حرب الهند وباكستان ، حروب أندونيسيا ، حرب السودان الأهلية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وأما انتهاك حقوق الإنسان متمثلا في التجهيل وإخراس الألسنة ، فحدث عنه ولا حرج ، ذلك أن ارتباط دول العالم الثالث باتفاقيات ومعاهدات عسكرية واقتصادية وسياسية يجعلها تنفذ وما يتلاءم مع مصالح الدول الكبرى بل يفرض عليها أن تنفذ ، فتكون كالحارس الأمين لمصالح تلك الدول صاحبة الاحتكارات .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] اتفاقيات الدفاع المشترك بين دول الخليج وأمريكا ، وبينها وبين بريطانيا وبين فرنسا ، اتفاقية الدفاع المشترك بين تايوان وأمريكا . اتفاقية الدفاع المشترك بين الأردن وبريطانيا . لماذا كل هذه الاتفاقيات ؟ إنها من أجل التدخل في شؤون البلد عندما تستدعي الحاجة إلى ذلك .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] والذي يفرض علينا الالتزام بما يسمى بالشرعية الدولية هو عضويتنا في هيئة الأمم المتحدة ، والحفاظ على قوانينها ، كما أن مشاركتنا في المؤسسات المالية ، ومساهمتنا في ماليتها يجعل منا بلدا مفتوحا على مصراعيه لكل ما يخطر على البال أنه تدخل أو عدوان أو توجيه أو إملاء سياسة معنية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] البحث في حقوق الإنسان الآن يأتي من زاوية الحماية الدولية ، والإجراءات الدولية ، وليس من علاقة الإنسان بأخيه الإنسان ، أي ليس من حيث تنظيم العلاقات بين الأفراد . ولذلك فإن البحث يأخذ طابعه السياسي دوليا وهنا تكمن بل تظهر المغالطات السياسية ، والمغالطات الفكرية المتعمدة ، وبذلك تصبح قضية حقوق الإنسان وانتهاك هذه الحقوق ، ليست إلا زوبعة أو وسيلة ليتوصل بها إلى هدف سياسي إما سلبا بضرب سياسة دولة من الدول ، أو التجرؤ على التنديد بمبدأ من المبادىء وإما إيجابا بالتدخل المباشر في شؤون دولة ما . وكل ذلك يجري ويتم تنفيذه والسير في تحقيقه تحت غطاء ما يسمى الشرعية الدولية ، ونصوص الاتفاقيات الدولية.[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ومن أجل كل هذا وضعوا لوائح حقوق الإنسان ولوائح التمييز العنصري ، وأتبعوها بالتشهير بانتهاك حقوق المرأة في بعض المبادىء ، ويقصدون الإسلام ، ثم حقوق الطفل ورعاية الأطفال ، ويظهر ذلك جليا في تصميم الأسس السياسية الجديدة ، والاستراتيجية الجديدة التي صيغت وحررت بنودها في نهاية الحرب العالمية الثانية ، للتمكن من السيطرة التامة على العالم بأسره ، وبسط النفوذ بألوان جذابة وشفافة لا تخفي ما تحتها ، من مثل الخصخصة والعولمة والسلام العالمي ، والأمن الدولي ، والإنسانية ، وبرمجة المساعدات ، وجدولة الديون .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] من أين تؤخذ حقوق الإنسان ؟ ومن الذي يقرر ماهية هذه الحقوق وتصنيفها الآن ؟[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] يقولون : مصادر حقوق الإنسان في العصر الحديث هي :[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] المنظمات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان ، والقانون الدولي لحماية الإنسان ، والحماية الدولية للاجئين .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] سؤال : هل عالجت اللوائح والإعلانات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان هل عالجت هذه المشاكل الكثيرة والمنتشرة في كل أصقاع العالم ، التي يضطهد فيها الإنسان وتنتهك حقوقه جهارا نهارا حتى يصل في بعض البلدان التي تدعي الرقي والحضارة إلى أقل من مستوى الحيوان ؟[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] لم يظهر أي شيء حتى الآن عولجت فيه أي مشكلة من هذه المشاكل . والأهم من ذلك هل الإعلانات واللوائح التي وضعت لحقوق الإنسان هل صورت المشكلة على حقيقتها ؟ أي هل أشاروا بوضوح إلى أن هذا هو حقوق الإنسان بالتعيين ؟ أم أن القضية هي أهواء ومصالح ورغبات فقط ؟[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] يجري التحدث كثيرا عن حقوق الإنسان ، فتناول المحاضرون والكتاب والسياسيون مسألة حقوق الإنسان ويستفيضون في بحثها ، لكن أحدا منهم لم يتطرق إلى الإسلام ولو بإشارة لها علاقة بحقوق الإنسان . نعم لقد فصلوا الدين عن الحياة . إذن لا علاقة بالدين ولو بجزئية صغيرة بهذا الإنسان ، إنهم أحيانا يتعمدون الحديث عن الإسلام في الشؤون الإنسانية ، ولكن من زاوية إلصاق التهم بالإسلام ، والتنديد ببعض التشريعات الإسلامية التي يصورون بأن فيها انتهاكا لحقوق الإنسان ، وسلبا لحريته ، وإهدارا لكرامته ، وما عدا ذلك فلا يتطرقون إلى الإسلام بشيء ، ومن هنا تبرز المغالطات الفكرية التي يظهر فيها قلب الحقائق وتزوير المفاهيم .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] يتطرقون إلى الأحكام الشرعية التي تتناول الرقيق وأحكام الرق ، كما يتطرقون إلى الجهاد بأنه حرب عدوانية ، أما نظام الأسرة وحقوق المرأة من حيث إباحة تعدد الزوجات إلى أربع ومسألة الطلاق ، والتفاوت في الميراث بين الذكر والأنثى وتطبيق الحدود من مثل قطع يد السارق ، ورجم الزاني ، وتنفيذ حكم الإعدام بقطع الرأس بالسيف ، حتى يصلوا إلى مسألة ختان المرأة ويجعلون منها قضية كبيرة فيها تشويه للمرأة وخطر على صحتها .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] نقول لأمريكا البلد المتحضر الذي يصدر إلى العالم مفاهيم الحرية البلد الذي أقام تمثالا للحرية نقول لهذا البلد . ما هي الحقبة من تاريخه التي تسمى : (تاريخ أمريكا الأبيض والأسود) ؟ قبل أن يعلن إبراهام لنكوين تحريرا للعبيد وبعد هذا الإعلان كيف كانت معاملة العبيد في أمريكا ؟ وما هي النظرة إليهم ؟ وهل انتهى التميز العنصري في أمريكا ؟ أي التميز بين الأبيض والأسود .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ينددون بالإسلام لإباحته تعدد الزوجات إلى أربع نقول لهم : أية امرأة في حياة الدول الغربية أمريكا وأوروبا لم تمارس المتعة الجنسية خارج نطاق الزوجية ؟ وبلا حضر ولا حدود . ائتونا ولو بامرأة واحدة لم تمارس هذه المتعة سواء قبل الزواج أو بعد الزواج ، إننا نتحدى . ثم ما هي نسبة المواليد غير الشرعيين في هذه البلدان المتحضرة ؟ إن شئتم أتيناكم بالنسب الرقمية. [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وينددون بالإسلام لإباحته الطلاق ، ويقولون إنه إهدار لكرامة المرأة – نريد أن تطرح هذه الحادثة ، وننتظر الجواب عليها من مدعي حقوق الإنسان وحقوق المرأة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] عندما أقر البرلمان الإيطالي إباحة الطلاق تقدم إلى المحاكم لطلب الطلاق مليون طلب طلاق خلال أسبوع فقط ، نريد أن يفصح لنا المتحضرون عن أسباب هذا السيل الجارف من طالبي وطالبات الطلاق . لماذا ؟[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إحدى عشرة دولة من دول الاتحاد الأوروبي أقرت برلماناتها إباحة اللواط ، عن ماذا ينم هذا التشريع أيها المتحضرون الغيورون على الإنسان وكرامة الإنسان ؟[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ما هي القرارات التي أصدرها المؤتمر الرابع للمرأة (مؤتمر بكين) ؟ أريد منكم الرجوع إلى هذه القرارات وإمعان النظر فيها .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إن كلمة حقوق الإنسان يستعملونها كسلاح ذي حدين : أحدهما فكري ، والثاني سياسي . أما استعمال حقوق الإنسان سلاحا فكريا فإنه ينسحب على ما أسموه حقوق المرأة ، ثم حقوق الطفل ، وأدخلوا ضمن ذلك لائحة التمييز العنصري ، كل ذلك باسم الإنسانية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] هذا السلاح ومن حده هذا يستهدفون ضرب المسلّمات البديهية عند المسلمين ، وهي واقع المرأة في حياة المسلمين ، ونظرة الإسلام إليها . فقد أرادوا بل عمدوا جادين جاهدين على إخراج المرأة المسلمة عن صونها وعفافها لتخرج سافرة متبرجة كاسية عارية متبذلة متهتكة ، ولسان حالها يقول : أنا حرة في جسدي هذا أفعل به ما أشاء لأنه من منح الطبيعة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إنهم يتحكمون في أجهزة التثقيف والتوجيه والإعلام لقد طبقت مناهج التعليم الغربية برمتها في بلاد المسلمين بالشكل الذي يحقق أهدافهم ، وقد نجحوا في ذلك إلى حد كبير . فها هي البرامج والمسلسلات والتوجيهات والندوات والكتابات والمؤلفات كلها تصب في هذه القناة ، حتى آتت أكلها بأكثر مما يريدون .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وقالوا بحقوق الطفل : تناولوا هذا الطفل من بداية تربيته وحسب الأسس والنظريات التي وضعها الفلاسفة التربويون الغربيون ، والتي تقوم على قاعدة الحريات الأربع التي أفرزتها وجهة النظر الغربية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] في مناحي الحياة المتعددة التي يوزع عليها الإنسان اهتماماته ، ويعمل على تحقيقها ، ابتدءوا بأمرين : الأول تطبيق القوانين والتشريعات التي ينقلوننا بها إلى صعيد الحياة الغربية من حيث تنظيم العلاقات وطراز العيش فبدءوا بالنظام الاقتصادي ، وقطعوا في ذلك أشواطا بعيدة أوصلتهم إلى تحقيق ما يريدون ، فأخذ بالربا المحرم تحريما بنص القرآن الكريم ، وأصبح هو العمود الفقاري لكل معاملاتنا المالية ، ثم أخذنا نظام الشركات الغربية بعقودها وأركانها وشروطها ، سواء شركات المساهمة أو شركات التأمين وغيرها .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ثم عمدوا إلى أنظمة الحكم بعد أن هدموا دولة الخلافة وأبعدوا حكم الإسلام عن الحياة ، فصنعوا لهم أعمدة وركائز وحكموا بهم بلاد المسلمين ، وروجوا للديموقراطية ونظام الأكثرية. [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ثم أخذوا يحومون حول المرأة حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين ومشاركة المرأة للرجل في الحياة العامة ، وضرورة إسهامها في قطاع الإنتاج والتنمية ، وفي الحقل التربوي والتثقيفي وأن تقول رأيها وتسمع كلمتها ، ويكون لها حضور في المحافل الدولية والمؤتمرات والندوات العامة ، وأن تتولى ما يناسبها من المناصب بلا تحفظ ولا حرج . حتى أصبحت المرأة تقف أمام آلاف الرجال وهي في منتهى التبذل والتهتك تغني بصوت متهدج متغنج وهي تمثل وتشير وترفع يدها مرة ورجلها مرة إلى آخر ما يمكن من مواطن الحرج حتى لم يبق من الحياء شيء ولا من الحرج شيء .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] لقد نجحوا في ذلك ولكن ليس إلى المدى المطلوب . فهناك بقايا من القرى والأرياف والبوادي لازالت المرأة متحفظة متعففة . ولكن المحاولات مستمرة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] لقد هرع الكتاب يكتبون والأدباء يتأدبون ، ولكن بأي أدب وأية كتابة ؟ كتب حيدر حيدر رواية (وليمة لأعشاب البحر) ولما ثارت ثائرة بعض الغيورين ، ما كان من رهط الكتاب وحشود الأدباء إلا أن هرعوا مدافعين عن حيدر حيدر وحصلت المعركة التي سمعنا بها . ثم جاء موسى حوامدة وكتب ما أسماه شعرا وتناول قصة يوسف عليه السلام . وغمز به وأنكر العناصر المهمة في القصة . فقدم للمحاكمة بتهمتين ، تهمة القذف بمقامات معصومة ، وتهمة الهرطقة والطعن في العقيدة . فما كان من المحكمة (الشرعية) في عمان إلا أن برأته من التهمتين .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إن تحقيق الحقائق وتثبيت الثوابت يحتاج إلى أسس فكرية وقواعد أولية تنبني عليها وجهة نظر صحيحة عن الحياة . وإلا فإن الإنسان يتيه في المغالطات كما هو حاصل الآن .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إنهم يتكلمون عن حقوق الإنسان واهتمامهم البالغ بإنسانية هذه الإنسان ، ويتكلمون في خط مواز عن الفقر وعن التخلف والجهالة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إن التقدم التكنولوجي والتطور الصناعي والفائض الهائل من الإنتاج الغذائي والاستهلاكي ، لم يزد الفقراء إلا فقرا إلى فقرهم ، وضاعف غنى الأغنياء أضعافا كثيرة ، والخصلة الحميدة التي لمسناها في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات هي التي مكنتنا من أن نشاهد عن كثب ، ونلمس مباشرة ما يعانيه الفقراء ، وما تلاقيه التصنيفات البشرية من الاضطهاد والعنت في ظل لوائح التميز العنصري .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] تقوم الطائرات الأمريكية والبريطانية بتوجيه الضربات المتتالية على العراقيين في الشمال والجنوب ، منطلقة من قاعدة (انجرلك) التركية ، وقد ثارت ضجة عالمية واحتجاجات وتنديد بهذا العمل من الدول ومن الشعوب ، ومن منظمات حقوق الإنسان الدولية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] انظروا ماذا كان رد الحكومة البريطانية في مجلس العموم البريطاني حول هذه الاحتجاجات بقول التقرير الحكومي : (إن هذا رد مناسب للدفاع عن النفس) إن هذا القول قلب للحقائق ، واستهتار في أبسط الحقوق التي يتعارف عليها الناس جميعا فكأن المدفعية العراقية تقصف لندن وواشنطن ، وتوقع فيهما خسائر فادحة بحيث يتطلب الموقف أن تقوم الطائرات هذه بعمليات دفاع عن النفس .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] هذا هو تسلط القوي على الضعيف ، وهنا تنتهك حقوق الإنسان من قبل المنادين بالمحافظة على حقوق الإنسان .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إن النظرة إلى الإنسان من حيث هو إنسان لا بد أن تأتي عن وجهة النظر في الحياة فلا يصح أن ينظر إلى الإنسان من حيث مظهره المادي فقط .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فالمبدأ هو الذي يقرر ما هي حقوق الإنسان ، وكيفية المحافظة عليها ، ومتى يكون انتهاكها وعدم احترامها ، والعقوبة في ذلك .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] المبدأ الاشتراكي الشيوعي مبدأ مادي وجهة نظره في الحياة هي المادية ، فلا ينظر إلى الإنسان إلا من حيث إنه مادة فقط لا يتعدى ذلك ، فهو يساوي بين الإنسان وأداة الإنتاج ، فلا حقوق لهذا الإنسان إلا ما يعطاها (التراكتور) مثلا .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] أما المبدأ الرأسمالي الغربي فإن عقيدته تقوم في فصل الدين عن الحياة وبالتالي فإن نظرته إلى الإنسان تكون مجردة من أية علاقة سواء بالدين أو بالخالق أو اليوم الآخر .. فتبقى النظرة لهذا الإنسان منحصرة في مظهره المادي فقط ، كيف يأكل ويشرب ويتزاوج وينام .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إذن : ما هي حقوق الإنسان التي يتغنون بها ليل نهار ، ويظهرون حرصهم عليها ، ويتوعدون من ينتهكها ؟[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فالمبدأ ووجهة النظر في الحياة أي العقيدة هي التي تقرر حقوق الإنسان ، وحالات انتهاكها ، وكيفية المحافظة عليها .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] أما قولهم الحقوق الطبيعة للإنسان فهذا القول يعني الحقوق الفطرية ، وهم لا يقبلون بحث الإنسان انطلاقا من فطرته التي فطر عليها ، لأنهم يضطرون بذلك إلى الإقرار بتدبير الخالق جل شأنه في تقرير حقوق الإنسان الفطرية ، وبذلك يخرجون عن قاعدتهم الأساسية وهي فصل الدين عن الحياة ، وقطع العلاقة بالله الخالق وباليوم الآخر ، والطبيعة من حيث هي مجردة لا تعطي حقوقا ولا تسلب حقوقا ، لأن الطبيعة هي (المادة وخواصها) والمادة مخلوقة وخواصها مفروضة عليها .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فكان لا بد أن يكون تبيين حقوق الإنسان ما هي وحالات انتهاكها ، والمحافظة عليها لا بد أن يأتي من الشريعة المتكاملة ، آتية من شرع الله ، آتية من الإسلام تقريرا ومحافظة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فحقوق الإنسان هي الحقوق الشرعية والحقوق الشرعية هي التي بينها الإسلام تفصيلا ، وبين الحالات التي يكون فيها انتهاك لهذه الحقوق ، كما بين كيفية المحافظة على هذه الحقوق قبل انتهاكها وبين العقوبات واضحة لمن ينتهكها .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وأما المغالطات السياسية التي ينتهجها المنادون بحقوق الإنسان بحجة المحافظة على هذه الحقوق ، ويتخذونها ذريعة سياسية ليتدخلوا في شؤون الدول الأخرى التي هي أقل منهم انتهاكا لحقوق الإنسان فإنها واضحة وضوح الشمس .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ماذا فعلت فرنسا في الجزائر وتونس وفي الهند الصينية ؟[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وما فعلت إيطاليا في ليبيا وفي الحبشة ؟ وماذا فعلت إسرائيل في فلسطين في كفر قاسم ودير ياسين وقبيه والطنطوره وقانا وغيرها ؟ وماذا فعل الكتائب في صبرا وشاتيلا ؟ هذه مذابح البوسنة والهرسك وكوسوفا والمقابر الجماعية التي اكتشفت وعشرات الآلاف من النساء المسلمات اللواتي اغتصبن . ماذا فعلت هيئة الأمم المتحدة ؟ ومجلس الأمن الدولي إزاء هذه المذابح ؟ أما بريطانيا فحدث عنها ولا حرج ، ففي كل بقعة من بقاع الأرض لها آثار ومخلفات تشهد على انتهاكها لحقوق الإنسان .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] التمييز العنصري لا زال موجودا في أمريكا رغم ادعائهم مكافحته ، كيف اعتقلت أمريكا رئيس بنما (دوزيغا) وحاكمته في بلادها وحكمت عليه بالسجن وهاهو يقضي مدة سجنه في سجون أمريكا .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] الكلب غونترا الرابع الذي قدر ماليته بـ (200) مليون دولار ، وله شركة تشرف على إدارة أمواله ويعيش في فيلا ثمنها سبعة ملايين دولار ليستريح فيها . ما هذه القوانين ؟[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] لماذا أوروبا غنية وأفريقيا فقيرة ؟ لماذا يموت الأطفال في الشوارع جوعا والكلاب في أمريكا تقدم لها الوجبات الدسمة ؟ لماذا رجل واحد يملك مائة ألف مليون دولار ، والملايين لا يجدون القوت اليومي إلا بصعوبة ؟[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ما هو الاستعمار وما طبيعته ؟ وكيف قامت فرنسا وبريطانيا وغيرها بممارسة الاستعمار على الملايين من سكان المعمورة ؟ من الذي ينتهك حقوق الإنسان أهي السودان والصومال أم بريطانيا وفرنسا وأمريكا ؟[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] أما المغالطات الفكرية التي يمارسونها بحجة انتهاك حقوق الإنسان فإنها خبيثة وخطرة جدا لأنه يقتحمون بها المسلّمات البديهية عند المسلمين ، ويوجهون المطاعن إلى الشريعة الإسلامية فينادون بمساواة الرجل بالمرأة استكمالا لحريتها فيعيبون على المرأة قعودها في البيت ويقولون بأنها تشكل نصف المجتمع ، فلا بد أن تشارك في تنمية اقتصاد المجتمع عمليا.[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إنهم يعيبون على المرأة المسلمة لباسها الجلباب الشرعي ، ويقولون : إن هذا انتقاص لإنسانيتها إنهم ينددون على مصر وبعض دول أفريقيا لأنها تمارس الختان للمرأة ويعتبرونه تشويها لها .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] المؤتمر الرابع للمرأة الذي انعقد في بكين سنة 1996م ماذا كانت قراراته وتوصياته بشأن المرأة ؟ وما هي الوفود التي حضرت هذا المؤتمر ؟ إنهم ينادون بالحريات الأربعة ويعطون الإنسان حق ممارستها ولكنهم يمنعون المرأة ارتداء الجلباب ويعيبونه عليها . في فرنسا تمنع الطالبات المسلمات من دخول الجامعات وهن بالجلباب وفي تركيا التي تنادي بالعلمانية تمنع النساء في وظائفهن من ارتداء الجلباب وقصة القاوقجي التي دخلت البرلمان التركي بالزي الإسلامي وقامت ضجة قانونية وسياسية حول هذه الحادثة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] في بون وحدها أكثر من ثمانين ناديا للعراة ، نواد للعراة من الجنسين وتمنع الطالبات المسلمات دخول الجامعات بلباس يستر عوراتهن . ما هذه التناقضات ؟ أم أن للمسلمين والمسلمات وضعا خاصة وحالات خاصة ، تدخل بها معاملاتهم في سلك الوحوش والحيوانات ؟[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] قضية لوكربي استمرت اثنتي عشرة سنة وأخيرا أتوا بالمتهمين وحاكموهما ، ولكن أمريكا أسقطت طائرة إيرانية في الخليج راح ضحيتها (300) راكب دون أن يبدي أحد حراكا ، وأسقطت أمريكا الطائرة المصرية على شواطئها الشرقية دون أن تثار أية ضجة وهاهي تكتشف المقابر الجماعية في البوسنة والهرسك وكوسوفا دون أن يكون هناك أي اهتمام بهذا الأمر .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فرنسا أثارت مذابح تركيا للأرمن سنة 1915م واعتبرته تصفيات عرقية ، وهي التي قتلت في الجزائر أكثر من أربعين ألفا في يوم واحد ، ماذا كانت تفعل أمريكا بالعبيد؟ كانت تأتي بهم وتمزقهم وتحرقهم بالنار وهم أحياء والجماهير من البيض تتفرج عليهم .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] لقد صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10/12/1948م وكأنه يمثل في نظرهم التطور البارز في صناعة حقوق الإنسان في عالمنا المعاصر ثم صدر العهد الدولي بشأن الحقوق المدنية والسياسية عن الجمعية العامة للأمم المتحدة واعتبر ساري المفعول من 15/يوليو/1967 . وألحق به بروتوكول اختياري بشأن شكاوي الأفراد من المساس بحقوقهم المقررة في الوثيقة وبهذا التاريخ صدر العهد الدولي بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عن الجمعية العامة أيضا .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وكان العهد الأوروبي لحماية حقوق الإنسان قد صدر عن المجلس الأوروبي المنعقد في روما 1950م ، واتخذ مجلس الجامعة العربية في 3 سبتمبر 1968 قرار بإنشاء (لجنة إقليمية عربية دائمة) لحقوق الإنسان .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] سؤال : هل كانت حقوق الإنسان قبل 10/12/1948 منتهكة وكرامته مبتذلة وحاجته منهوبة ؟ وبعدئذ هل تشكلت لجان كلفت بالقيام بدراسات وتحقيقات وتحريات صورت المشكلة على حقيقتها وبينت مكمن الداء وأبرزت الواقع واضحا للعيان ؟[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] هل قامت لجان بجولات استطلاعية أو دراسات ميدانية في أفريقيا أو آسيا أو أمريكا اللاتينية وخرجت بنتائج وتوصيات إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وبعد ذلك وضعت هذه اللوائح والإعلانات لحقوق الإنسان ؟[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] من تاريخ 10 ديسمبر 1948 حتى يومنا هذا هل بدأ التدرج في معالجة المشاكل الناجمة عن انتهاك حقوق الإنسان وسويت إلى حد لم يبق هناك فرق بين المواطن الأمريكي والمواطن في الكونغو وبنغلادش والبيرو وسنغافورة ؟[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] الحقيقة الثابتة والوقائع الناطقة تبين بوضوح أن الإنسان قبل 1948 في مثل هذه المناطق التي ذكرناها على سبيل المثال كان أحسن حالا مما بعد هذا التاريخ وإلى اليوم .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] العقد الأخير من الألف الثانية مكنتنا وسائل الإعلام المدعمة بتقدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أن نرى ونسمع ونلمس مباشرة كم المجازر التي حصلت في بورندي وراوندا وزائير والكونغو وما هو موقف الدول المتحضرة الغيورة على حقوق الإنسان من مدافعة الجنود الإسرائيليين للنساء المسلمات في فلسطين وهن على أبواب بيوتهن يصرخن ولا مجيب ؟ أم أن هذا لا يدخل ضمن حقوق الإنسان ؟ كيف عالج صندوق النقد الدولي الأزمة المالية في المكسيك ؟ وكيف عالج الأزمة المالية في جنوب شرق آسيا .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] في الدراسات السابقة كانوا قد اهتدوا إلى فكرة القانون الطبيعي وتتابعت الدراسات حتى اهتدوا إلى ما أسموه (نظرية العقد الاجتماعي) ومن قبل قديما كانوا قد وضعوا الأسس والقواعد التي تنبني عليها التشريعات الجرمانية اللاتينية ، حتى غدت مسلّمات قامت عليها التشريعات المعاصرة . هذه الأسس هي : تعريفهم للحق بأنه : (مصلحة ذات قيمة مالية يقررها القانون) ثم بدا لهم أن يقسموا الحق إلى قسمين وهما : الحق العيني والحق الشخصي ووضعوا تعريفا للحق الشخصي وخرجوا بنتيجة أن الحق الشخصي هو : (نظرية الالتزام) وهذه النظرية التي تبنى عليها كافة التشريعات الوضعية القديمة والمعاصرة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ومما تنص عليه هذه النظرية أن لصاحب الحق أن يستعبد المدين إذا شاء ولم تدخل الترقيعات على هذه النظرية إلا بعد ظهور الاشتراكية في أوروبا والتي هاجمت الرأسمالية ونادت بحماية حقوق العمال ، عندئذ أدخلوا بعض الترقيعات مثل : حق الإضراب عن العمل ، والمظاهرات وحق الإجازات ، وحق التطبيب ، وحق التقاعد ، والتعويض عن الإصابة في العمل ، ثم إعطاء العمال شيئا من الربح . وكل هذه الترقيعات مخالفة لأصل نظرية الالتزام . ولكنهم اضطروا إلى وضعها للوقوف في وجه الاشتراكية التي بدأت تغزو البلدان الرأسمالية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فانتهاك حقوق الإنسان منصوص عليه ومؤكد عليه في أسس التشريعات الغربية . فهم يمارسونها بالفعل وهي مشروعة لديهم . فلم التباكي الآن ؟[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إن بحث حقوق الإنسان وما يتبعها من لوائح وبروتوكولات المطروحة في الساحة العالمية الآن هو بحث سياسي . وينسحب على التداخلات السياسية والفكرية ويتبين من المتابعات الميدانية والدراسات النظرية أكاديميا . أنهم يعتمدون على المغالطات في طروحاتهم المتعلقة بحقوق الإنسان .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] والآن : توجب علينا أن نبين ما هي حقوق الإنسان الحقيقية . وكيف توضع اللوائح التي تبين هذه الحقوق تفصيلا . ثم تجزأ في قوانين ينص عليها التشريع الصحيح . وبعد إبراز أسسها وتفصيلاتها الجزئية ، نبين كيف يكون انتهاكها وبالتالي كيفية حمايتها والمحافظة عليها . ثم ما هي العقوبات التي تترتب على منتهكي هذه الحقوق . ومن له صلاحية تنفيذها . الحقوق الشرعية للإنسان في الإسلام : نقول الحقوق الشرعية وليس الحقوق الطبيعة كما يقولون لأنها داخلة في ثنايا المعالجات التشريعية . باستقراء الأدلة الشرعية وما نتج عنها من أحكام . وجد الفقهاء المسلمون أن الإسلام كفل للإنسان حقوقا شرعية تحقق له ثلاثة أنواع من المصالح وهي : الضروريات والحاجيات والتحسينات .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] أما الضروريات : فيقصد بها تلك المصالح التي تتوقف عليها حياة الفرد الكريمة . وقيام المجتمع الصالح المستقر ؛ بحيث إذا لم يتحقق اختل نظام حياة الإنسان ، وساد الناس الفوضى والفساد . ولحق بهم الشقاء والتعاسة في الدنيا ، والعذاب الأليم في الآخرة . وهذه الضروريات هي :[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]أولا : حفظ الدين :[/FONT] [FONT=&quot] الإسلام لا يكره أحدا على الدخول فيه . قال تعالى : (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي …) وهذا لا يعني حرية العقيدة المستمدة من الحق الطبيعي الذي نادت به الرأسمالية لأن غريزة التدين لا تكفي وحدها للوصول إلى العقيدة الصحيحة . فالإنسان بحاجة إلى رسل من الله تعالى لتبليغه هذه العقيدة فإن اعتنقها فلا يجوز له أن يرتد عنها . فالمسلم الذي يرتد عن الإسلام بعد أن آمن به يناقش ويستتاب . فإن أصر على ارتداده كانت عقوبته الشرعية القتل . قال صلى الله عليه وسلم : (من بدل دينه فاقتلوه وذلك لأن العقيدة الإسلامية التي اعتنقها تلائم فطرة الإنسان) ، ومبنية على عقله ، فارتداده عنها مخالف لفطرة الإسلام ولعقله . وهو ظاهرة مرضية يجب اجتثاثها لئلا تنتقل العدوى بها إلى سائر المجتمع ، وذلك حفظا لدين الله ارتضاه للإنسان وكرمه به .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وقد شرع الإسلام أحكاما لحفظ الدين وحفظ العقيدة تحمل الدعوة إليه ، ورد الاعتداء عنه ، ووجوب الجهاد ضد الكيانات الكافرة به لنشره . قال تعالى : (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله …) .[/FONT] [FONT=&quot] فحفظ دين المسلم حق من حقوقه الشرعية يدافع عنه بنفسه وماله ، وتدافع عنه الدولة بنظامها وقوتها .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]ثانيا : حفظ النفس :[/FONT] [FONT=&quot] وقد شرع الإسلام ما فيه بقاء لها ، فحرم قتلها والاعتداء عليها ، وسن القصاص للمحافظة على حياتها ، قال تعالى : (ولكم في القصاص حياة …) ، وقال صلى الله عليه وسلم : (إن الله يعذب الذين يعذبون النفس في الدنيا) وقد أباح للإنسان بعض ما حرم عليه من أجل أن يحافظ على نفسه من الهلاك ، قال تعالى : (من اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه …) ، وأعطى الله الحق للإنسان أن يقاتل دون نفسه ، قال صلى الله عليه وسلم : (ومن مات دون دمه فهو شهيد …) .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]ثالثا : حفظ العقل :[/FONT] [FONT=&quot] أنزل الإسلام العقل منزلته المرموقة التي تليق به فجعله مناط التكليف ، وحث على استعماله ، فطلب التدبر والتفكر للوصول إلى العقيدة الصحيحة التي يقتنع بها ، وطلب منه الاجتهاد للوصول إلى الحكم الشرعي ، ورفع الإسلام من منزلة العلماء ، قال تعالى : (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) وحرم كل ما من شأنه أن يؤثر على عمل العقل كشرب الخمر ، وتناول المخدر ، وامتهان السحر ، وشرع عقوبات على من يتعاطى ذلك حفظا للعقول ، فشرع إقامة الحد على شارب الخمر .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]رابعا : حفظ النسل :[/FONT] [FONT=&quot] ندب الإسلام إلى تكثير النسل ، وحث على تزوج الودود الولود ، وحرم الخصاء ، وحافظ على النسب فحرم الزنى ورتب عليه عقوبة زاجرة ، وأوجب النفقة على المولود له ، وحث على تربية الأبناء التربية الصالحة ولا سيما البنات لكونهن سيصبحن زوجات ، والزوجة ركن أساسي في بناء الأسرة وتربية الأطفال ، قال صلى الله عليه وسلم : (من كانت له ابنة فأدبها وأحسن تأديبها ، وعلمها وأحسن تعليمها ، كانت له سترا من النار يوم القيامة) .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]خامسا : حفظ المال :[/FONT] [FONT=&quot] أباح الإسلام للإنسان حيازة المال وشرع له أسبابا للتملك وحث على تنمية المال بالطرق الشرعية وفي نفس الوقت جعل للفقراء حقا في أموال الأغنياء وحرم أخذ مال الآخرين إلا عن طيب نفس وشرع أحكاما لحفظ المال ، ولحفظ الملكية الفردية فحرم السرقة ، ورتب عليها عقوبة زاجرة ، وهي قطع يد السارق وحرم إتلاف المال ، وشرع الحجر على السفيه والمجنون والقاصر للمحافظة على أموالهم ، ووضع أحكاما خاصة لكل من الملكية العامة ، والملكية الدولية والملكية الفردية ليصل كل إنسان من رعايا الدولة الإسلامية حقه من المال .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]سادسا : حفظ الكرامة :[/FONT] [FONT=&quot] كرم الله الإنسان منذ خلقه ، فطلب من الملائكة أن يسجدوا لآدم قال تعالى : (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات ، وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) ، وسخر له كثيرا مما خلق قال تعالى : (ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض) ثم أكد الإسلام حرمة العرض والكرامة للإنسان مع حرمة الدماء والأموال ، قال صلى الله عليه وسلم : (إن الله حرم عليكم دمائكم وأعراضكم وأموالكم) فحرم أن يضرب الإنسان بغير حق ، وأنذر باللعنة من ضرب إنسانا ظلما وحرم الإيذاء المعنوي فحرم السخرية واغتيابه وحرم الهمز واللمز والتنابز بالألقاب ، وشرع حد الجلد ثمانين جلدة للذين يقذفون المحصنات بالزنى ، وشرع عقوبات تعزيرية لمن طعن بكرامة الناس أو شهد عليهم زورا .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ولم يكتفي الإسلام بحماية كرامة الإسلام في حياته بل كفل له الاحترام بعد مماته ، فشرع غسله وتكفينه ودفنه والنهي عن الاعتداء على جثته . قال الرسول (كسر عظم الميت ككسره حيا) رواه أبو داود .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]سابعا : حفظ الأمن[/FONT] [FONT=&quot] شرع الإسلام حد الحرابة على الذين يخلون بالأمن ، فيقطعون الطريق ويعتدون على الأموال والأنفس ويخيفون الناس ، قال تعالى : (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض) . وقد شرع عقوبات تعزيرية رادعة على الذين يخلون بالأمن عن طريق الفتن أو الشائعات المرعبة ، قال صلى الله عليه وسلم : (المرعبون في النار) ، وقال : (من أشار إلى أخيه بحدية لعنته الملائكة) فمن حق المسلم في النظام الإسلامي أن يعيش آمنا على نفسه وماله وأهله وعرضه .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]ثامنا : حفظ الدولة[/FONT] [FONT=&quot] أوجب الإسلام على المسلمين أن تكون لهم دولة تحكمهم بما أنزل الله وتحمل رسالة الإسلام إلى الناس كافة وأوجب عليهم أن ينصبوا عليهم خليفة واحد يبايعونه على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله وحرم عليه أن يظلوا من ثلاثة دون خليفة ودون دولة إسلامية ، ورتب على كل مقصر في ذلك عقوبة شديدة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] قال صلى الله عليه وسلم : (ومن مات وليس في عنقه بيعه مات ميتة جاهلية). [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وقد أخر الصحابة دفن الرسول صلى الله عليه وسلم حفظا لهذه الدولة ، فبايعوا أبا بكر الصديق خليفة له قبل دفنه ، تقديرا منهم لأهمية هذه الدولة التي ترعى شؤون المسلمين بالإسلام ، فتحمي الثغور وتنفذ الحدود وتحافظ على الناس .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فمن حق المسلم أن تكون دولة ترعى شؤونه بالإسلام الذي آمن به عقيدة ونظام حياة ، وقد ضمن له الإسلام هذا الحق فجعل إقامة الدولة فرضا على الكفاية وهو من أجل الفروض وأعظمها كما دلت على ذلك النصوص الشرعية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] هذه الثمانية هي التي نصت الشرعية الإسلامية على أنها حقوق الإنسان ، لا بد من المحافظة عليها ضرورة ، وانتهاكها وهو الذي يوجد الخلل والإضراب في المجتمع .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فلا بد للمسلمين إذا أرادوا النهوض والرقي والعيش بطمأنينة وكرامة أن يعودا إلى دينهم الحق ، يستنطقون مصادره ونصوصه في كل ما يعرضهم من مشكلات ، وفي كل ما يستجد من أحداث ومصطلحات لوجدوا فيه العلاج الشافي لها والقول الفصل فيها ، وعليهم أن لا ينخدعوا بالشعارات الزائفة وبالمصطلحات الغربية ، فالفكر الإسلامي فكر سامي منبعه الوحي الإلهي بينما الفكر الغربي الرأسمالي فكر وضعي بناه البشر على عقيدة كفر . وشتات ما بين الفكرين . قال تعالى : (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT]
      بسم الله الرحمن الرحيم
      [h=3]الاستثمارات الأجنبية[/h] [h=1]"أسلوب من أساليب الاستعمار"[/h] [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] من الواضح جليا – وفي العيش الطبيعي الذي تعيشه شعوب المنطقة – أننا نخضع لسياسة التبعية المطلقة بكل معانيها . يعني أن الشعوب الإسلامية التي تتكون منها الأمة الإسلامية ، تمارس عليها سياسة استعمارية أفظع تأثيرا مما كان يعرف بالاستعمار القديم .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] والاستعمار في تعريفه ، هو : (فرض السيطرة السياسية والفكرية والعسكرية والاقتصادية على الشعوب الضعيفة لاستغلالها) .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] هذه أربعة الأنواع من السيطرة أو واحدة منها أو أكثر ، تعني وجود الاستعمار فلو تفحصها واقع المسلمين الذي يعيشون فيه لوجدنا :[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] 1- [FONT=&quot]السيطرة السياسية ، موجودة بوضوح ، فالدول الكافرة المستعمرة تتدخل في كل جزئية من شؤوننا السياسية . وهذا يتجلى في قضايانا السياسية . نعرف ذلك في السودان والصومال والجزائر والخليج وأندونيسيا وغيرها ، وأكبر شاهد على ذلك ، هو مجريات الأمور السياسية فيما يتعلق بقضية فلسطين منذ وعد بلفور سنة 1917م وحتى يومنا هذا . كما يظهر هذا بشكل ملموس في مؤتمرات القمم العربية ، والقمم الإسلامية ، وما يدار فيها من مناقشات ، وما تخرج به من قرارات وتوصيات ، وشاهد آخر ، ارتباط هذه الدول بهيئة الأمم المتحدة وبصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والالتزام بقراراتها .[/FONT] 2- [FONT=&quot] أما السيطرة الفكرية ، فهذا أيضا واضح وظاهر ملموس في البرامج التعليمية ، ومناهج الجامعات والمدارس في بلاد المسلمين كافة . كما يظهر في كتابات الأدباء والكتاب والسياسيين . ووسائل الإعلام بشتى أنواعها ، من الصحافة اليومية ، والدوريات الأسبوعية والشهرية والفصلية ، وفي الإذاعة والتلفزة والمحطات الفضائية . يضاف إلى هذا محاضرات الأدباء ، والندوات الشعرية والقصصية ، ومهرجانات التمثيل والفن والغناء . ثم ابتلينا بما يسمى بالشعر الحر ، وهذا آفة اللغة العربية ، فلا صرف ولا نحو ، ولا وزن ولا قافية ، ولا لغة ولا معاني ، وإنما هو استهتار واستهزاء وتحقير وتحطيم للغة العربية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]وهكذا ينبئنا هذا الأسلوب الذي يسمى بالشعر الحر بانحناء الخط البياني وانحداره إلى أن يصل أحط وأدنى نقطة من مراحل الهبوط والسقوط . ولا ننسى السيل الجارف الذي يجتاح مجتمعاتنا من الروايات والقصص . تطالعنا الصحف كل يوم بنوع جديد من هذه الكتابات التي يمجها الذوق الأدبي ويترفع عنها الحس اللغوي . وليس هذا فحسب ، وإنما تتناول هذه الروايات وهذا النوع من الشعر التلفيقي مراكز القدسية في عقيدة المسلمين ، والطعون في القرآن الكريم ، والتهجم على سيرة سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم . وانطبق علينا قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (لتتبعن سنن من قبلكم حذو القذة بالقذة ، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه . قالوا يا رسول الله : اليهود والنصارى . قال : فمن ؟)[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] 3- [FONT=&quot]أما السيطرة العسكرية ، أي وجود الاحتلال ووجود الجيوش الأجنبية ، فهذا انتهى ، ولكنه استبدل باتفاقيات عسكرية ، وقواعد عسكرية ، وأحلاف دفاعية ، كما تظهر التبعية في تشكيل الجيوش وتدريبها وتسليحها ، معتمدة في كل ذلك إما على بريطانيا وفرنسا ، وإما على أمريكا ، حسب تبعية الدولة لأي منها . وتشكيل الجيوش وتسليحها إنما يكون بالقدر الذي يلزم لحماية النظام ، أو لتحريكها للاشتراك في مناطق تريدها أمريكا أو بريطانيا . ففي حرب الخليج الثانية هرعت الجيوش المصرية والسعودية والسورية والتركية إلى الاشتراك في الحرب ضد العراق وبقيادة الرئيس الأمريكي جورج بوش .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] 4- [FONT=&quot]أما السيطرة الاقتصادية – وهذه هي بيت القصيد – فإنها ظاهرة وملموسة في كل شؤون حياتنا ، وفي أية منطقة من مناطق بلاد المسلمين ، وغير المسلمين من الدول النامية كأفريقيا والهند .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]ولكن لما كان الصراع السياسي قائما بين دول المبدأ الرأسمالي ، والمزاحمات الاقتصادية في مناطق كثيرة مما كانت من قبل مناطق نفوذ إما لبريطانيا وإما لفرنسا . برزت تكتلات اقتصادية وتجمعات مالية ، ومؤسسات اقتصادية سياسية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وبما أن النظام الاقتصادي في دول العالم الغربي الرأسمالي قائم على حرية السوق ، وحرية تنقل رأس مال ، اقتضى ذلك وجود حماية للأسواق ، وحماية لتنقل رأس المال ، مع ضمانة توفر التسهيلات للشركات العملاقة القائمة على غزو الأسواق ، وابتلاع مقدرات بلدان العالم وخيراتها وتسخير الشعوب لخدمتها .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] كانت أمريكا على رأس هذا الأمر في غزو الأسواق العالمية ، وامتداد أذرع شركاتها في كل أنحاء العالم . وترى من نفسها أنها جديرة بذلك ، وأنها قادرة على ذلك .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] كما ترى أن عهد النفوذ والسيطرة التي كانت تتمتع بها بريطانيا وفرنسا قد ولى ، وقد أطيح بهما عن عرش السيادة العالمية سياسيا واقتصاديا ، وأزيح الإسترليني والفرنك عن مكانتهما الاقتصادية عالميا .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ولما كان إحراز النصر في الحرب العالمية الأولى والثانية لدول الحلفاء نتيجة تدخل أمريكا وقوة أمريكا ، كان هذا حافزا لها أن أترى أن لها الأولوية والأحقية في قيادة العالم ، وتعيش بريطانيا وفرنسا وأوروبا تحت الهيمنة الأمريكية ، كما تعيش أمريكا اللاتينية وغيرها .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] تمكنت أمريكا من كل ذلك بامتلاكها لعوامل شتى ، منها : الهيكلية الدولية سياسيا ، والهيكلية الاقتصادية عالميا ، وقواتها العسكرية التي تصل كل بقعة في العالم في ساعات ، مع الوجود الفعلي لها في معظم مناطق العالم . وتتويج الدولار قاعدة لنظام النقد العالمي .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وُضعت الدول النامية في إطار التبعية الاقتصادية ، فأغرقت بالديون ، إلى حد أن الناتج الإجمالي لأي بلد لا يفي حتى بجدولة الديون ، وأصبحت تراكمات القروض والمساعدات عبئا ثقيلا تئن تحت وطأته سياسة البلد ، ومهما لجأت الدولة إلى تحصيل الضرائب أو مضاعفة الرسوم على مختلف أنواعها (ضريبة المبيعات الإضافية) مثلا . فإنها لن تغير من الهيكلية الاقتصادية التي تترنح أمام تدخلات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] أوروبا الموحدة سياسيا واقتصاديا ، تمتلك أهلية المنافسة للمنتجات الأمريكية في السوق العالمي . وفرضها وتبنيها لليورو عملة موحدة للاتحاد ، وفائضها الإنتاجي ، يجعل منها اتحادا منافسا في السوق الحرة لأمريكا .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إن أمريكا تدرك ذلك تماما ، وإنها تعلم أن عدوها الأول بعد تفتت الاتحاد السوفيتي وانتهاء المعسكر الشرقي وحل حلف وارسو ، هو الاتحاد الأوربي . لكن هذا الاتحاد بنوعيه السياسي والاقتصادي ، توجد به علة ، تدخل إليه الاضطراب وعدم التماسك . وهذه العلة هي بريطانيا . فوجود بريطانيا عضوا في الاتحاد الأوروبي وفي السوق المشتركة عامل يعكر صفو هذا الاتحاد ، ويعرقل سير المباحثات ويجعل قرارات هذا الاتحاد هشة تتعثر عند التنفيذ .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إن فرنسا بزعامة شيراك حريصة على أن لا يكون من أمريكا دولة في العالم يدار بقطبية أحادية . وارتباط فرنسا مع ألمانيا في اتفاقيات تمثل قيادة الاتحاد يجعل من بريطانيا دولة بعيدة ومستهدفة . وهذا ما يجعل بريطانيا تنظر بعين الارتياب إلى هذا الاتحاد .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وقد لجأت أمريكا أخيرا إلى ضرب الكتل الاقتصادية في العالم ، بإقرارها لاتفاقية منظمة التجارة الدولية التي انظم إليها حتى الآن (134) دولة . من هذه الكتل الاقتصادية منظمة أسيان . ومنظمة أوابك ، والسوق الأوروبية المشتركة . وهذه السوق مستهدفة من قبل أمريكا ، فكان طرح فكرة العولمة ظاهر فيا ما تريده أمريكا لانفتاح الأسواق العالمية لصناعاتها ومنتوجاتها ، ولتجول شركاتها واستثماراتها في جنبات الأرض شرقا وغربا تبذ غيرها في أمان واطمئنان .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إنه وإن كانت أمريكا في الآونة الأخيرة قد قامت بإيجاد تكتل اقتصادي جديد من دول الأمريكتين المؤلف من (34) دولة ، والذي اجتمع في كويبك في كندا فإنها تريد من هذا التكتل أن تضع سياجا تمنع به أي تدخل خارجي ، أي أن هذا التكتل الاقتصادي عملية احتكارية مكشوفة . فهي بمثابة طوق حديدي يمنع أي اقتصاد آخر سواء أوروبا أو اليابان من أن يكون له نصيب في بلدان أمريكا الجنوبية وأمريكا الوسطى وكندا .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ثم بعد ذلك سوف تتفرغ أمريكا للصين لتجعل منها سوقا منفتحا لمنتوجاتها وصناعاتها ضمن قيود وشروط تتلاءم مع حرية السوق ، وحرية استثمار رأس المال الأمريكي . ومن ثم تجعل من دول جنوب شرق آسيا منطقة تتمتع بالحماية الأمريكية وبخاصة من تهديدات الصين لمصالحها وتدخلها في مشاكلها .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] حلف الأطلسي هو يد أمريكا المرفوعة في وجه الاتحاد الأوروبي ، تحمل معها التهديد والوعيد . واتفاق دول القارتين الأمريكيتين الجديد طوق احتكاري ، تستأثر به أمريكا بالاستثمار في أمريكا الوسطى والجنوبية دون مشارك أو منازع .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] أما نفط منطقة الخليج ، ويلحق به نفط منطقة بحر قزوين فإنه الآن تحت المعالجة ، أي أن قضية النفوذ في الشرق الأوسط هي من أولويات الاستراتيجية الأمريكية ، لتنتهي بريطانيا كما انتهت فرنسا .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ولكن ما الذي تريده أمريكا من إثارة منظومة الصواريخ الدفاعية المتطورة الآن؟[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ليس من المتوقع بل بعيد جدا أن يكون هناك إعداد لحرب نووية ، أو حرب عالمية . إن المؤشرات التي تدل عليها الهيكلية الدولية الجديدة ، تحتم أن لا حرب واسعة النطاق على المستوى النووي قريبة الآن . فإن أمريكا تريد بهذا أن تبعث برسالة إلى الصين لتقوم بدراسة القنوات التي تريد أمريكا أن تدخلها السياسة الصينية ، كما تريد أن تفتح عليها بابا تدخل فيه إلى التسابق في التسليح النووي والصاروخي لتستنزف ميزانياتها ، وتشغلها كما أشغلت الاتحاد السوفيتي من قبل ، في أن تكون الأولوية هي في حقل التسلح والتطوير التكنولوجي . وهذا ولا شك سيكون قاصمة الظهر للاقتصاد الصيني . وبالتالي تكون السوق الصينية مهيأة لاستدعاء المواد الاستهلاكية والغذائية إلى المستهلك الصيني .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إن ظاهرة الفقر والجوع التي تخيم بظلالها على معظم أنحاء المعمورة ، والتي يئن تحت وطأتها ثلاث أرباع سكان الكرة الأرضية ، ناشئة من طبيعة المبدأ الرأس مالي الذي يقول بالحريات ، وبخاصة الحرية الاقتصادية . فيوجد في أمريكا أكثر من ستين مليون من الفقراء ، ويوجد في أوروبا أكثر من خمسين مليون من الفقراء . إذاً فما هو حال القارة الأفريقية ، وشبه القارة الهندية ، وشرق آسيا وأمريكا اللاتينية ؟ ويصحب هذه الظاهرة ظاهرة أخرى تكاتفت معها ، وهي ظاهرة الديون . فقد بلغت ديون العام 1999م (2 ترليون و 180 مليار دولار) ، والأفظع من ذلك هو جدولة هذه الديون ، والأكثر فظاعة هو تدخلات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لمعالجة هاتين الظاهرتين ظاهرة الديون وظاهرة الفقر والجوع .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] في الولايات المتحدة يملك 1% من السكان 39% من خيرات البلاد .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] عالميا : تفوق ثروة (385) شخصا من أصحاب المليارات الدخل السنوي لـ 45% من السكان الأكثر فقرا أي 2.6 مليار نسمة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] هذه طبيعة المبدأ الرأسمالي ، وهذه نتائج الحرية الاقتصادية . إن ظاهرة الاستثمارات الأجنبية تتجلى في مجالات شتى أهمها :[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] 1- [FONT=&quot]المصارف[/FONT] 2- [FONT=&quot] الامتيازات[/FONT] 3- [FONT=&quot] المساعدات[/FONT] 4- [FONT=&quot] التسليح[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] 1- [FONT=&quot]المصارف [/FONT][FONT=&quot]:[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]هي شركات مساهمة – باستثناء البنوك المركزية – فهي تجمعات مالية ، وأرصدة لمستثمرين ، وأرصدة لشركات ، ومدخرات لرؤساء دول ومتنفذين ، وقيودها وحساباتها سرية ، وبذاك يظهر عليها علامة التواطؤ في تهريب الأموال . فهي عامل مساعد على نهب الأموال وإخفائها في زوايا السرية ، وإبعادها عن أعين الرقباء ، فهي في أمان من الملاحقة والمتابعة والتفتيش والمحاسبة ، لأن هذه البنوك أخذت طابع الشرعية ، فعملها في المواطئة على النهب والابتزاز وتخريب الدول الضعيفة مشروع ، لأن ذلك تجيزه طبيعة المبدأ الرأسمالي جراء الحرية الاقتصادية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] والبنوك في معاملاتها قائمة على الربا ، ويسمونه فوائد وأرباح واستثمار . فهذا النوع من الاستثمارات يشغل حيزا واسعا في المجال المالي والاقتصادي ، دون أن يعطي أي جدوى في السوق الحقيقي ، ودون أن يؤدي أية خدمة ملموسة . أي أن المصارف هو سوق فوقي نظري لا وجود له في الواقع بين الناس ، وإنما تشغيل مال بمال ، وأخذ وعطاء على الورق ليس غير . فلا تنزل إلى الأسواق سلع ، ولا يكون هناك خدمات ، فلا علاقة لليد العاملة فيه ، ولا علاقة للاستهلاك فيه ، ولا بأي حال من الأحوال .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فالمصارف (البنوك) محرمة شرعا في الإسلام (وأحل الله البيع وحرم الربا) ومآله إلى المحق والخسارة وتخريب الديار (يمحق الله الربا …) فلا مصارف في الإسلام غير مصرف بيت المال ولا كنز للمال في الإسلام : (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون) .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] 2- [FONT=&quot]الامتيازات[/FONT][FONT=&quot] :[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]إن سيادة الدولة ، وامتلاكها لإرادتها في إصدار القرار ، وحفاظها على مصلحة الرعايا ، وسهرها على رعاية الشؤون ، تأبى عليها أن تقوم بإعطاء امتيازات لأية شركة أجنبية فيما يتعلق بالملكية العامة . والإسلام حرم هذا تحريما قاطعا . أما أن تأتي الدولة بإحضار خبراء وفنيين ، فهذا جائز ، ويكون بعقود واضحة حسب عقود الإجارة في الإسلام ، ولا يزاد على ذلك شيء .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] والعالم اليوم ينقسم إلى دول غنية صناعية ، ودول ثانية فقيرة لا تملك من الصناعة شيئا ، إلا بعض الصناعات الخفيفة . وليس من قبيل المصادفة أن تكون الدول الفقيرة مليئة بالخامات المتعددة ، وعلى رأسها خامات البترول . والبترول هو عصب الحياة الآن لكل دولة في العالم بأسره . فانصبت النظرة على هذه المادة وبدأ الصراع والتزاحم والتسابق على هذه المادة للاستئثار بها . ومن يتحكم في منابع البترول ، يستطيع أن يتحكم في مصائر الدول بالقدر الذي يحوزه من مناطق النفوذ والسيطرة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فالامتيازات الأجنبية ظاهرة من ظواهر الاستعمار والشركات العملاقة في العالم الآن كان البترول هو العامل الأول في ضخامتها وقوتها وسعة نفوذها وسيطرتها على الأسواق . وتأتي باقي الخامات في الدرجة الثانية من مادة البترول . وتستعد الدول المتسابقة على السيطرة والنفوذ أن تدخل في حرب عالمية من أجل مادة البترول .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] كلنا يذكر حرب الكونغو في الستينات التي استمرت أكثر من خمسة عشر عاما ، كل ذلك من أجل شركة المعادن البلجيكية التي تستأثر باستخراج الذهب والماس من مناجم الكونغو الشهيرة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] 3- [FONT=&quot]المساعدات[/FONT][FONT=&quot] :[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]المساعدات هي علامة واضحة على ارتباط البلد ارتباطا تبعيا بالبلد المانح للمساعدات ، للتمكن من السيطرة ، وليبقى البلد المتلقي للمساعدات في دائرة الاحتياج . فتعطى المساعدات على وجه تظهر فيه التبعية والانقياد . وتتحكم الدولة المانحة للمساعدات بمقدرات البلد ، وتوجيه الاقتصاد في خط مرسوم ، تبتعد البلد فيه عن التصنيع ، وحتى عن التنمية الزراعية كما هو حال الأردن الآن ، وتأتيه احتياجاته من الخارج ، فيكون سوقا للأجنبي ، ومصدر للثروات الطبيعية . وهذا خط من شأنه أن يدخل مع هذه المساعدات خبراء وفنيون واستشاريون يمتصون الأجور والمرابح . فأجورهم خيالية ومرابحهم خيالية . وأما أجور الأفراد من الرعية المواطنين في البلد فإنها لا تبلغ حد الكفاف . كما أن دخول هذه الحد من الخبراء الفنيين الأجانب في البلد يعني مزاحمة اليد العاملة فيه ، فتتضاعف البطالة ، وتتوالى المشاكل .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] والمساعدات لا بد وأن تكون مشروطة . فتوضع في القناة التي تريد الدولة المانحة وعلى الأغلب تكون في مجالات لا تؤتي خيرا مثل مجالات السياحة والتنقيب عن الآثار وفي مجالات الرياضة والفن . أو في مجالات البناء والإعمار الذي ليس له مردود اقتصادي . وكثير من هذه المساعدات تأتي على شكل آلات ومعدات وأجهزة فنية ، فتكون البلد كأنها مستعمرة للدولة صاحبة النفوذ .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] 4- [FONT=&quot]التسليح [/FONT][FONT=&quot]:[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]إن التقدم التكنولوجي والتطوير الصناعي أوصل الإنسانية إلى حافة الفناء ، بحيث مضى في التقدم مسرعا سرعة مذهلة ، منذ 1945م عند امتلاك أول قنبلة نووية وإلى يومنا هذا أي نصف قرن من الزمن ، قطعت فيه الإنسانية مرحلة تساوي ثلاثين قرنا . ولكن هذا التسارع واكبه في خط مواز تسارع آخر ، وهو شراهة القائمين على المبدأ الرأسمالي ونهمهم الذي لا يحد ، متجردين من أية نزعة إنسانية ؛ فهم يطورون هذه الابتكارات في خط يتساوى مع طموحاتهم ، حتى إذا ما وصلت ابتكاراتهم إلى حد فلن تقف طموحاتهم عند أي حد ، فهم يستزيدون من الإنتاج المطور ، ويقابل هذا التطوير زيادة في شقاء الإنسانية . واشتعال النيران في معظم بقاع العالم ، ويقولون هل من مزيد ، وتقول الإنسانية هل من مغيث .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إن مصانع السلاح بهذه الضخامة تعد تعبيرا عن شقاء الإنسانية ، في ظل هذا النظام الذي جرد الإنسان من رؤيته لنفسه ، حيث لا يرى من نفسه إلا طالب مال وطالب متعة رخيصة ، فلا ضابط ولا وازع في البلدان التي يسمونها الدول النامية ، يقتلون من المواليد عند ولادتهم بنسبة أكثر من الثلثين . يقولون : ذلك من أجل تحديد النسل محاربة للجوع والفقر .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إن مصانع السلاح أغرقت العالم بأسره ، وأصبحت حتى في يد الأطفال في أمريكا يعبثون بها ، ولكن توزيعها وإن كان يكب كبا لكثرته ووفرته ، إلا أنه يعطى للدول النامية على أنواع ، منها ما تلزم به الدول إلزاما ولو كانت لا حاجة لها به لا يؤخذ للاستعمال ، وإنما يبقى في صناديقه مكدسا في المخازن حتى يتحول إلى خردة ، ثم يأتي جيل جديد من السلاح فتلزم به أيضا ، مثل الصفقات التي تلزم بها السعودية ودول الخليج ، ونوع يوزع على الشعوب في بعض المناطق من أجل إشعال الثورات ، يكونون هم من وراء إشعالها ، وهي مناطق النفوذ ومناطق الصراع .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إن الذين بيدهم مقاليد الأمور ، ويشرفون على تسيير دفة السفينة العالمية ، الذين يكنزون الذهب والفضة ، الذين يتحكمون في رقاب البشر ، هم الذين يحاربون الحل الصحيح ، ويضعون أمامه سدا منيعا ، ويطاردون القائمين على دعوة الحق ، الذين يعملون لإنقاذ الإنسانية من شرور هذه الطغمة . إنهم يرون أن هذا الحل الصحيح هو الذي سيطيح بهم عن عروشهم ، وينزل بهم إلى مستوى البشر . الذين ينادون بالمساواة هم الذين يرفضون المساواة ، الذين يطالبون بحقوق المرأة هم الذين خلعوا عن المرأة ثوب العفة والصون ، الذين فصلوا الدين عن الحياة ، غيبوا الجانب الروحي وأنكروه وحاربوه ، وقطعوا الصلة بالله وباليوم الآخر .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] - [FONT=&quot]القسم الأول منهم وهم الاشتراكيون ، تهاوت حصونهم وتكشفت سوءاتهم ، فهم يقفون على أنقاض ماديتهم حيارى ، فليتهم يهتدون .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] - [FONT=&quot]القسم الثاني منهم وهم الذين يتسمنون مراكز الصدارة اليوم ، يديرون شؤون العالم ، ولكن كيف ؟ إنهم يضرمون النار في هذه القطعان البشرية ، ويتفرجون كيف تحترق . تماما كما كان البيض يضرمون النار في السود في أمريكا ، ويصطفون للفرجة عليهم ، هذا أمر موثق .[/FONT] [h=2][FONT=&quot] [/FONT][/h] [h=1][FONT=&quot]لنأت الآن إلى الحل الصحيح الذي ينقذ الإنسانية جمعاء وتنظم به حياتهم ، ويحسن به معاشهم ، أي يقام به العدل في الأرض . كيف يتخلص العالم من هذه الظواهر الوحشية العظيمة ، ظاهرة الجوع والفقر ، وظاهرة الديون وما تجره من تبعات ، وما تفرضه من قيود ، وما يلحق بهذه الديون من تحويلها إلى استثمارات في البلدان المدينة . ثم ظاهرة التبعية وفرض السيطرة والنفوذ والاستغلال والاحتكارات .[/FONT][/h] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إن ظهور المبدأ الرأسمالي كان نتيجة تحكم الكنيسة ورجال الدين في مجتمعات أوروبا في القرون الوسطى ، فقامت الثورات للتخلص من هذا الكابوس الخانق ، ووضعت فكرة فصل الدين عن الحياة ونشأ هذا المبدأ .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] لا بد أولا من أن يصلح في الإنسان سريرته ودخيلة نفسه ، ويحصل عنده الاستقرار والطمأنينة ، مهما تعرض لنوائب الدهر ومصائبه . أي أن يكون هناك خلفية أو ورائية يستند إليها ، ويستعين بها ، ويفزع إليها في الشدائد . هذه الخلفية ليست أناسا ولا بشرا مثله ، وليست مالا يجمعه ويغنيه ، وليست جاها يحيطه بهالة من الكبر والتكبر والتجبر ، وليست جيشا ولا قوة مادية لأنه هو الذي يجمعها ويبينها ويأخذها ويعطيها تأتي وتذهب . فكل ذلك لا يصلح لأن يكون ملاذا يأوي إليه الإنسان في الشدائد ولا سندا يمده بالعون ويستجير به عندما تحيط به ضائقة ، أو تنزل به نازلة ، وإلا فما باله مع كل هذه يلوذ إلى الانتحار ليخلص من هذه النوازل بخلاصة من الحياة ؟[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إذن هناك عقدة لا بد من حلها لتعطيه فكرة صحيحة عن هذه الحياة ، وعن قيمة هذه الحياة . كما تفسر له ظاهرة هذا الكون الذي يعيش فيه ، وحل هذه العقدة يحل له ظاهرة الحياة وظاهرة الموت .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إن الإنسان يحس في نفسه فطريا شعوره بالعجز والنقص والاحتياج ، ويحس من نفسه تطامنها عند حد معين ينتظر من وراء هذا الحد أو هذه المحدودية ما يكون له ملاذا أو سندا عند شعوره بضعفه واحتياجه . وهنا لا تكفي الأحاسيس والمشاعر لأنها تنزلق بالإنسان إلى الأباطيل والتفسيرات الخاطئة . وعندئذ يأتي دور العقل باحثا منقبا مقلبا صحائف هذا الكون ليجد الذي يتفق مع الفطرة ويشكل له القناعة الراسخة ، فيهتدي إلى أن للكون خالقا مدبرا وهو الله سبحانه وتعالى .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فتحل عنده العقدة الكبرى باعتناقه عقيدة الإسلام ، لأن فيها الحل الصحيح والعلاج الصحيح ، الحل لكل ما يمكن أن تطرحه نفسه من تساؤلات ، والعلاج لما يمكن أن يواجه من مشكلات فالإسلام مبدأ عالمي ، رسالة للناس كافة ، يحل له العقدة الكبرى أو اللغز المستعصي على الناس وهو تساؤله عن نفسه أولا : من أين أتيت وكيف أسير أو أعيش وإلى أين المصير ؟[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] أما السؤال الأول : من أين أتيت ؟ فإن الإنسان مخلوق لله ، خلق الإنسان من عدم ، كلكم لآدم وآدم من تراب ..[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] والسؤال الثاني : كيف أسير وكيف أعيش ؟ فإن الله أرسل محمدا رسولا للإنسانية جمعاء بنظام يشمل كافة شؤون حياتهم ، ويحل لهم مشاكلهم وينظم لهم مجتمعا سليما ودولة تطبق عليهم شرع الله .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] والسؤال الثالث : إلى أين المصير ؟ الذي خلق الإنسان وخلق الحياة هو الذي خلق الموت ، أي هو الذي يحي ويميت ، ومن عدله سبحانه وتعالى – وقد نظم للإنسان سلوكه بشريعة من عنده أن يحاسب على الامتثال والتقيد بهذه الشريعة ويجازي ، فيبعث الناس من قبورهم ويجعل الجنة والنار ليعطي الجزاء بعدله جنة للمطيع والمهتدي ونارا للكافر والعاصي . فكان المصير هو الإيمان باليوم الآخر والبعث والحساب والجزاء .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وعندئذ يكون حل العقدة الكبرى ، وبحلها تحل باقي العقد تلقائيا وتسير الإنسانية سيرها الطبيعي أي سير أناس وبشر لا سيرا بهيما حيوانيا لا ضابط ولا وازع ولا رادع . وعندئذ لم يبق للمتكبرين مقام ولا منزل ، ولا للطغاة الذين يستعبدون الناس وينهبون أموالهم الذين يفتقدون مراكز الصدارة اليوم ، لم يبق لهم مكان إلا أن ينزلوا إلى حكم الله (وأن احكم بينهم بما أنزل الله) وعندئذ تكون المساواة الحقيقية ، ويكون ضمان لحقوق الإنسان ، وحقوق المرأة ، فلا غني متكبر ولا فقير مستذل . فالناس سواسية كأسنان المشط لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى فاتقوا الله أيها الناس وآمنوا برسوله .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot](ملحق توضيحي)[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]نماذج من سيئات الحرية الاقتصادية :[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT] 1- [FONT=&quot]تشير مصادر مصرفية في الدار البيضاء إلى أن تعزيز حضور المصرف الفرنسي في المغرب ، يمكنه من لعب دور استراتيجي في عمليات تحويل الديون الفرنسية إلى استثمارات في البلاد . وكانت حكومتا البلدين قد توصلتا في العامين الماضيين إلى اتفاق بهذا الصدد ، علما بأن إجمالي الديون الفرنسية المستحقة على المغرب يتجاوز ما قيمته 3 مليارات دولار .[/FONT] [FONT=&quot]مجلة القرار : عدد أيار 2001م [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] 2- [FONT=&quot]لقد فازت شركة (فيفندي) الفرنسية بصفقة خصخصة شركة الاتصالات في المغرب التي تقارب قيمتها (2.3) مليار دولار .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] 3- [FONT=&quot]لقد انتهج المغرب في السنوات الأخيرة طريقة العقود الاختيارية في قطاع الماء والكهرباء . تتولى حاليا شركة (ليونيز ديزو) الفرنسية توزيع الماء والكهرباء وعمليات المعالجة في مدينة الدار البيضاء لمدة (30) عاما بموجب عقد قيمته 3 مليارات دولار . في حين تتولى شركة (ريدال) الإسبانية – البرتغالية هذه المهمة في العاصمة الرباط .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] 4- [FONT=&quot]الأزمة الاقتصادية الأخيرة التي حدثت في تركيا ، تدخل صندوق النقد الدولي لمعالجتها . إنه يريد تقديم عشرة مليارات دولار ولكنه يشترط خصخصة الكثير من المرافق العامة في تركيا ، فهو يصر على خصخصة شركة الاتصالات السلكية واللاسلكية وقد وافقت تركيا على ذلك .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] 5- [FONT=&quot] (24) ألف قضية أمام محاكم الاستئناف في الأردن من قضايا تتعلق بضريبة الدخل .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]ويقول مدير عام دائرة ضريبة الدخل محمد عدينات أمام مجلس النواب إن خزينة الدولة تخسر نحو (280) مليون دينار نتيجة التهرب من دفع مستحقات الدخل في الأردن .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ويقول : لقد كانت الحصيلة من عائدات ضريبة الدخل من شهر كانون ثاني من هذا العام إلى شهر آذار (70.9) مليون دينار .[/FONT] [FONT=&quot] الرأي : 12/أيار/2001م[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] 6- [FONT=&quot]تعهد مصرف التنمية في الولايات المتحدة في اجتماع جلسات دول الأمريكيتين الأخير بتقديم (40) مليار دولار لدول أمريكا الجنوبية ودول الكاريبي والمكسيك . كما تعهد البنك الدولي بتقديم (16) مليار لفقراء الأمريكيتين .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]تعليق : هذه المنظمة الاقتصادية الجديدة التي تريد بها أمريكا وضع سياج يمنع تدخل بلدان أخرى في شؤون الأمريكيتين .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [h=1]بسم الله الرحمن الرحيم[/h]
      مسح سياسي
      لسوءات المبدأ الرأسمالي
      [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot](وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله …)[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ونحن – عن قريب – بصدد مقارعة الساسة المخضرمين من قياديي أوروبا وأمريكا ، لنسحب البساط من تحت أقدامهم ونمكّن دولة الخلافة من امتلاك المبادرات السياسية وتتسلم زمام القيادة في العالم ، لا بد لنا أن نتابع المسلسل الإجرامي الذي حبكت خيوطه ، وحاكت مؤامرته ثلة تسنموا مراكز الصدارة وتسلموا زمام القيادة ، ومن ورائهم أجهزة من المنظرين والمخططين الذين قاموا ويقومون بعمليات مسح جيوسياسي وجيوسكاني والذين تتبعوا بدراساتهم وأجهزة استخباراتهم دخيلة نفسيات الشعوب والأمم ، وتمكنوا من استكناه خفايا معاقلهم حتى عرفوا المداخل والمخارج ، وتمكنوا من تصويب الضربات القاتلة على حين غفلة وضعف من دولة الخلافة ومن بعد هدمها ، يدفعهم إلى هذا عوامل شتى منها وأهمها : حقدهم الصليبي الذي ينطلقون منه في نظرتهم إلى الشعوب الإسلامية ، أي في عدائهم إلى الإسلام ، والعامل الثاني ، وهو الذي يمارسونه عمليا وظاهريا وهو : تنافسهم وصراعهم على بسط النفوذ ، والسيطرة الكاملة على هذه الأمة الإسلامية من حيث مقدراتها وثرواتها وخاماتها ، وبالتالي أسواقها ، وهذا هو الاستعمار وينسحب هذا على بقية شعوب العالم .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] كل ذلك انبثق من طبيعة المبدأ الذي تعتنقه هذه الدول الكافرة المستعمرة ، وهو المبدأ الرأسمالي الذي يقوم على عقيدة فصل الدين عن الحياة ، وما بني عليها من خطوط عريضة أفرزت كل ما يمكن أن يمارسوه في حياتهم اليومية عمليا أفرادا وجماعات، وهذه الخطوط العريضة هي : الحريات الأربع ، حرية العقيدة ، الحرية الفكرية ، الحرية الشخصية ، والحرية الاقتصادية .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وكان أصحاب هذا المبدأ بفصلهم الدين عن الحياة قد أبعدوا الدين جانبا وحصروه في الكنيسة فقط ، وسمحوا لرجال الدين بممارسة الطقوس الدينية ولا دخل لهم بأي شأن من شؤون الحياة ويعيش معتنقو هذا المبدأ في سلوكهم وتصريفهم لأعمالهم الحياتية على مقياس (النفعية) وتبنى علاقاتهم على كسب المال وتكثير المال ، فيكون المال عندهم غاية ولتحقيق هذه الغاية يسيرون على قاعدة (ميكافللي) الغاية تبرر الوسيلة . ولم يستقر هذا المبدأ ويأخذ طابع العراقة إلا بعد أن غرقت أوروبا بالدماء ، من شرقها إلى غربها ، وبرز النهم والجشع على الدول المتنفذة فيها وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا ثم ألمانيا وروسيا .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] كم كان الصراع محتدما بين بريطانيا وفرنسا وبين فرنسا وألمانيا ، وبين فرنسا وبريطانيا ضد روسيا طيلة القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ، وحتى منتصف القرن العشرين أي حتى نهاية الحرب العالمية الثانية ، ثم تغير الحال بتغير الموقف الدولي .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] فهل هذا مبدأ يصلح لأن يحمل رسالة لبني البشر ؟ وهل يحمل في طياته الهدى والنور والخير ؟ أم أنه مبدأ قام على النفعية واللاإنسانية واللاأخلاقية . إنه يحمل في طياته الصراع على القرش وعلى الرغيف ، لآكله أنا وحدي ، وأترك الغير محرومين ولو ذهبوا إلى الهلاك .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] ومساوىء الرأسمالية هذه تمخضت عن ميلاد دولة جديدة لتحل محل روسيا القيصرية ، وهي الدولة البلشفية دولة الاتحاد السوفيتي . أي اعتصرت زبدة خباثتها وفظاعتها فتولد من رحم الرأسمالية الخبيث دعوة تقوم على عقيدة جديدة وأفكار ومفاهيم جديدة في التنفيذ والسلوك ، لتكون عدوا لها . فاتجهت أنظار أوروبا الرأسمالية إلى هذا العدو الجديد والخصم العنيد ، الذي يريد الإطاحة بعروش أصحاب رأس المال ، ويحول العالم بأسره إلى طبقة من العمال ، ويلغي رأس المال بالكلية ، ويطبق القاعدة التي تقول : (من كل قدر طاقته ولكل قدر إنتاجه) ثم القاعدة التي تقول : (من كل قدر طاقته ولكل قدر حاجته) .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] ولما كانت الولايات المتحدة في عنفوان قوتها ، وأوج عظمتها ، وفي وفرة إنتاجها ، وفائض تصنيعها ، وكان رأس المال الأمريكي يتنامى ويتعاظم ، أيقنت أن الماركسية هذه بتطبيقها لهذه القواعد الآنفة الذكر هي الخطر المباشر والعدو الأول الذي لا بد من مواجهته في ميدان القتال . كما كانت أمريكا تدرك كما يدرك غيرها من عمالقة المال أن الرأسمالية تأكل بعضها بعضا ، يفرض ذلك عليها طبيعة مقياسها للأعمال وهو (النفعية) .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إذن لا بد من ضرب العدو المباشر وهو الماركسية ، بالعدو غير المباشر وهو الحلفاء التقليديون من الدول الرأسمالية وهي : بريطانيا وفرنسا وألمانيا . ليقع الطرفان صرعى في ساح المعركة وتخلوا الساحة العالمية ، وتنفتح السوق العالمية لرأس المال الأمريكية والمستثمر الأمريكي .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] ما هي أمريكا قبل الحرب العالمية الثانية ؟ وما هي أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية وإلى اليوم ؟ وكيف بنى لينين دولته البلشفية ؟ وكيف تمكن ستالين من توطيد أركان تلك الدولة وإشادة صرحها حتى جعل منها عملاقا ثانيا في العالم ؟[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إن حرب الاستقلال الأمريكية التي بدأت سنة 1776م حتى تنصيب أول رئيس وهو جورج واشنطن سنة 1789م كانت هذه الحرب مع بريطانيا المستعمرة لمناطق شاسعة من هذه الكرة الأرضية ، ومن ضمنها تلك القارة الجديدة .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وقفت فرنسا تقاتل بجانب الشعب الأمريكي ضد بريطانيا وتألف اتحاد الولايات الأمريكية آنئذ من ثلاث عشرة ولاية ، وهي الولايات التي وقعت وثيقة الاستقلال . وقد أغلقت هذه الولايات أسواقها أمام التجارة البريطانية ، وأخذت تبني نفسها إلى حين أعلن الرئيس الأمريكي (مونرو) ما يسمى مبدأ مونرو سنة 1827م والذي ينص على حماية العالم الجديد وعدم التدخل في شؤون القارة الجنوبية ، وكان هذا التصريح بمثابة تهديد موجه إلى بريطانيا .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] ومضت السنون والولايات المتحدة الأمريكية تزداد ولاية بعد أخرى حتى أكملت الخمسين . ولكنها مع كل هذا بقيت منزوية في الطرف الغربي من هذا العالم . وظل العالم ساحة مفتوحة لفرنسا وبريطانيا تصول فيها وتجول .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] اتسعت الولايات المتحدة الأمريكية وقويت شوكتها ونمت صناعاتها وازدهر اقتصادها ، فأخذت تتطلع إلى العالم من أين تدخله ، وما هي المغاليق التي أمامها تسد عليها منافذ العالم وكيفية فتحها أو تكسير أرتجتها .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] فترة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية كانت فترة عدم تركز واستقرار ، ومع أن اتفاقات الصلح بعد الحرب الأولى : سيفر ، وسان ريمو ، وفرساي ولوزان . قد أعطت بريطانيا الشيء الكثير ، ومن بعدها فرنسا ، ولكن الحرب في حد ذاتها أثخنت جراح الدولتين ، وأوهت شفار السيف البريطاني ، واعترى العالم أزمات اقتصادية خانقة وبخاصة أزمة سنة 1929م .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] عندئذ تطلعت أمريكا بثاقب نظراتها فرأت أن أمامها ثلاثة عوائق ضخمة لا بد من تحطيمها ، لتعبر بصناعاتها وشركاتها وأموالها إلى هذا العالم . وهذه العوائق الثلاثة هي : روسيا وألمانيا ثم بريطانيا ومعها فرنسا . فأخذ الساسة الأمريكان يقومون بعمليات مسح سياسي ، ودراسات واختراقات دبلوماسية .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] رأت أمريكا أنه لا بد من ضرب الماركسية أولا … ولكن من الذي سيتولى هذه المهمة ، ويقع في هذه الورطة ؟ إنها ألمانيا … إنها العسكرية الألمانية المجربة في حروب سابقة ، حيث أنها أوهنت القوة الروسية والبريطانية والفرنسية ، وأثخنتها بجراح دامية ظلت تنزف طويلا .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إن كبار الساسة وأباطرة المال في أمريكا ، وكافة القائمين على الحفاظ على حضارة الغرب ، يدركون تمام الإدراك أن الماركسية حرب على رأس المال ، وأنها تشكل تهديدا مباشرا لحضارة الغرب ومفاهيم وقيم الغرب ، فلا بد أن تتخذ كافة الإجراءات لضرب الماركسية التي تتمثل في الاتحاد السوفيتي .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] بعد أن نهضت ألمانيا من كبوتها ، ولملمت شعثها واستردت عافيتها جراء كوارث الحرب العالمية الأولى ، أخذت تتجاوز حدود القرارات الدولية التي أملتها مؤتمرات الصلح في فرساي ، وتفلتت من اتفاقية لوكارنو* . فكان احتمال عودة العسكرية الألمانية ممكنا وقريبا ، مع إمكانية كسر الضوابط الديمقراطية ، والالتجاء إلى حكم الحزب الواحد ، فيما بعد وهو الحزب النازي .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] ولكن ضرب الماركسية أو حصرها داخل أسوار مغلقة (الستار الحديد) فيما بعد ، لا بد أن يكون مقدمة لإزالة العوائق الأخرى التي تعوق الرأسمال الأمريكي والصناعات الأمريكية أن تسيح في أسواق العالم بكامل حريتها دخولا وخروجا . هذه العوائق هي بريطانيا وفرنسا وألمانيا ، لأنها بلدان عريقة في الإنتاج الصناعي عريقة في وجودها في الأسواق العالمية ، وهي مناطق النفوذ التي تصلح بحق لأن تكون أسواقا مربحة ، فالمخطط الأمريكي لضرب الماركسية يقتضي تلقائيا ضرب هذه الدول الثلاث ، أي الصراع الدموي بينها وبين الماركسية لإضعافها جميعا بل وتدميرها وإحراقها ، كي ينفسح المجال وتنفتح الأسواق العالمية للرأسمال الأمريكي .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] ليس من قبيل المصادفة أن يقع الاختيار على شخصية "أدولف هتلر" . إن ملوك الفحم في ألمانيا كانوا يرون فيه التحدي السافر للماركسية والتنديد بها ومهاجمتها .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] في أحد أيام تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1922م وصل إلى مدينة ميونيخ عاصمة بافاريا مندوب عن السفارة الأمريكية في ألمانيا هو معاون الملحق العسكري النقيب (ترومن سميث) هذا النقيب يتحادث مع الجندي الأول المتقاعد أدولف هتلر … إلى واشنطن تمضي برقية : الحركة السياسية الجديدة في ألمانيا تبتغي (الكفاح ضد الماركسية وتسعى لهذا الغرض إلى تصفية الديموقراطية البرلمانية) .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إن مستشار الريخ السابق ممثل حزب الوسط الكاثوليكي (بروننغ) كان يتذمر من أن هتلر أخذ يتلقى من الخارج مبالغ كبيرة من المال منذ سنة 1923م .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] ويقول الملحق العسكري الأمريكي هذا إنه يأمل في أن تتمكن الولايات المتحدة الأمريكية ، وبريطانيا من تحريض هتلر على ستالين . وفي أن تتحمل البلدان : ألمانيا والاتحاد السوفيتي خسائر كبيرة . بينما الغرب يكون في وضع الثالث الضاحك .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وكان سميث هذا قد اشترك في تنظيم سفر أحد الرسل الألمان العقيد (فون شفرين) إلى بريطانيا للتحريض على الماركسية . ويقول (تشمبرلن) رئيس وزراء بريطانيا إبان الحرب العالمية الثانية (حزب العمال) : (إنه يفضل الاستقالة على توقيع معاهدة مع الاتحاد السوفيتي) وحين علم هتلر بهذه النوايا عزز عملياته الاستفزازية فأخذ الرسل يسرعون إلى لندن الواحد تلو الآخر لإجراء مفاوضات سرية بغية تحاشي التحالف بين بريطانيا والاتحاد السوفيتي .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] أحكمت أمريكا عقدة التشدد البريطاني ضد الماركسية وضمنت عدم أي لقاء أو تعاون بينهما ، وكانت قد هيئت أدولف هتلر للانقضاض على روسيا في مأمن من تحرك بريطانيا .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] عندما وصلت النازية إلى الحكم سنة 1933م شرع زعماؤها يعلنون عن أنفسهم في الغرب بأكبر قدر من الهمة والنشاط أنهم أوثق وأحزم أعداء الدولة السوفيتية .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] في سنة 1935م رفضت ألمانيا الاعتراف بجميع القيود المفروضة عليها في فرساي .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] في سنة 1936م فسخت ألمانيا من جانبها معاهدة لوكارنو ، ثم احتلت منطقة الراين المنزوعة السلاح على حدود فرنسا .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] في سنة 1938م ضمت ألمانيا إليها النمسا ، ثم هيئت لاقتحام تشيكوسلوفاكيا دون أن يحرك الغرب ساكنا . وقد وقع آنئذ تشمبرلن معاهدة ميونيخ مع ألمانيا .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وبتاريخ 1/9/1939م زحفت الدبابات الألمانية مجتازة حدود بولونيا ، وفي الثالث من الشهر نفسه أعلنت بريطانيا وفرنسا الحرب على ألمانيا ، نظرا لوجود تحالف بينهما وبين بولونيا .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] جاء إلى الحكم في بريطانيا رئيس وزراء من حزب المحافظين هو (ونستون تشرشل) الذي أحرز فيما بعد شهرة عظيمة حيث أنه أنقذ بريطانيا من براثن النازية وأحرز النصر على ألمانيا ، وقد رسمت حوله هالة من الإكبار وتوج بأكاليل الغار ، وكان يوصف بالداهية السياسي .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إن تشرشل هذا هو الذي وضع المسمار الأول في نعش بريطانيا . إن الخطأ الذي وقع فيه تشرشل خطأ جسيم كان هو الحفرة التي تردت فيها بريطانيا ، والتي لا تزال غارقة فيها حتى الآن ، ومن الممكن أن تؤدي بها .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إن تشرشل وقع في خطأين كبيرين ينمان عن غبائه السياسي وقصر نظره ، إن تشرشل (العظيم) هو الذي جلب الموت البطيء لبريطانيا .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] أما الخطأ الأول والكبير الذي ارتكبه هو رفضه للوساطة التي بعث بها هتلر إليه لتسوية الحرب قبل أن تشارك فيها الولايات المتحدة الأمريكية ، فكان هذا الرفض بمثابة خنجر طعن به تشرشل بلدة بريطانيا ، وأفسح المجال لأمريكا لأن تكمل خطتها وتحكم المصيدة التي وقعت فيها فيما بعد كل من روسيا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا . وهذه هي العوائق التي عمل الساسة الأمريكان على إزالتها لفتح مغاليق العالم أمامها .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] هذا الخطأ جر تشرشل إلى الخطأ الثاني أو اضطره إليه وهو توقيع ميثاق الأطلنطي بينه وبين روزفلت وهما على ظهر الطراد الأمريكي هذا الميثاق الذي وقعه تشرشل وهو يكاد يبكي ، إذ وقع تشرشل على خروج بريطانيا من مستعمراتها وتصفية نفوذها من العالم ، والسماح والموافقة لأمريكا على الدخول بشركاتها ورؤوس أموالها بالتدخل في شؤون شعوب تلك المناطق التي تستعمرها بريطانيا .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] قامت الطائرات اليابانية بتدمير الأسطول الأمريكي في (بيرل هاربر) ويومها دخلت أمريكا الحرب 7/12/1941م دخلتها ساعة حاجة الغريق إلى من ينقذه من الغرق .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وانتهت الحرب ، وفرضت أمريكا ما تريده لإدارة العالم بأسره وسنحت فرصتها ، فأخذت ترسم السياسة وتنفذ الخطط التي تعبر بها العالم .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] يقول الشيخ الكبير المرحوم تقي الدين النبهاني في أحد تصريحاته وهو يتحدث في القضايا السياسية : (عندما يكرمنا الله بدولة الخلافة فإني سألاعب الدول الكبرى على إصبعي) . لقد وقفت طويلا عند هذه الجملة القصيرة ذات المعنى الواسع والمقصد الكبير ، وأخذت أقلب في معانيها أين نضعها ، ومتى وكيف نطبقها ، وكيفية التمكن من تنفيذها ، أهي ضرب من الخيال ؟ أم اختراق للمستحيل ؟![/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إن ثقتي بالشيخ كبيرة ، ولكن كيف أنفذ إلى محل أو أرضية هذه المعاني التي تحتويها هذه الجملة ؟ إنها استشفاف لعبقرية سياسي ، واستشراف لنظرات ثاقبة ، إنها تطلعات لهمة رجل دولة ، فأخذت أسترجع دراساتي واهتماماتي بالتاريخ السياسي ، كما أمعنت الفكر وقلبت النظر في سلوكيات القياديين والمؤثرين في مصائر الشعوب حتى توصلت إلى كنه حقيقة هذا التصريح ، وقلت : نحن أولى من روزفلت في وضع الخطط ، وأجدر من لينين وستالين في اهتبال الفرص ، وخرجت بالحقيقة التالية : وهي أن الشيخ يعني ما يقول ، وأجدر من لا يعجزه تحقيق مثل هذه الأمور ، وهو قد ملك السياسة من ناصيتها ، وأمسك بمقومات الصراع الفكري والكفاح السياسي من خراطيمها . وهذه هي فراسة المؤمن الذي ينظر بنور الله .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] فجدير بنا – نحن المسلمين – ونحن أصحاب مبدأ وحملة رسالة وأمة جهاد ، ورسل هداية ورحمة للبشرية ، جدير بنا أن نهيىء أنفسنا لأن نقتعد كرسي الصدارة في العالم ، ونتسلم زمام القيادة ، ونهتبل الفرصة التي يعيشها العالم اليوم ، بفضل المبدأ الذي نعتنقه .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] فهذه التسهيلات التي تقوم بها أمريكا لعبور هذا العالم دون منازع ولا مشارك هذه التسهيلات التي تهيؤها أمريكا لنفسها هي البؤرة التي ستقع فيها كما وقع تشرشل في المصيدة التي نصبتها هي له .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] ذلك أن إزالة العوائق السياسية والفكرية من العالم أي تصفية الصراع الفكري والسياسي يعني فتح الباب للأفكار الإسلامية ، لتنساب في هذا العالم الفسيح دون عائق يعيقها ، إذ هي في حقيقتها بذرات صالحة للنمو السريع ، وستلف الأفكار الرأسمالية لفا وتبتلعها ابتلاعا ، ولا يجرؤ أي مفكر في العالم مهما عظم تفكيره أن يقف أمام تيار هذه الأفكار التي أخذت طابع التركيز حيث وصلت إلى كل أذن ودخلت كل بيت ، وسيتحقق وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حين قال : والله ليتمن الله هذا الدين حتى يبلغ ما بلغ الليل والنهار ، حتى يدخل كل بيت مدر أو وبر إما بذل ذليل أو بعز عزيز .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] لا تستطيع أية دولة أن تبسط نفوذها على العالم وتخاطب العالم ، إلا أن تكون صاحبة رسالة عالمية ، وذات مبدأ صحيح يتفق مع فطرة الإنسان ويخاطب العقل ، ويقوم على عقيدة عقلية ، أي أن تحمل مبدأ تخاطب به الناس من أجل صلاح الناس وإخراجهم من الظلمات إلى النور ، وتخليصهم من عبادة العباد ، واستعباد الناس لبعضهم إلى عبادة خالقهم ورازقهم وهو الله تعالى الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إن أمريكا تخاطب العالم اليوم ، ولكن بماذا تخاطبهم ومن أجل ماذا تخاطبهم ؟[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إن أمريكا هي زعيمة المبدأ الرأسمالي ، ولقد ابتدعت فكرة تفتقت عنها عقلية التاجر الماهر ، إنها تخاطب العالم بما تسميه (العولمة) فما هي هذه العولمة ؟ إنها أسلوب خادع لتحريك رأس المال الأمريكي وتسويق بضائعها ومنتجاتها فقط على مستوى عالمي .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] فأمريكا والمبدأ الذي تعيش عليه وتخاطب الناس به هو مبدأ يفتقد الناحية الإنسانية ، فليس فيه ما يصلح لهذا الإنسان ألبتة . فحاجات الإنسان العضوية وغرائزه الفطرية التي تتطلب الإشباع بماذا تشبع وكيف يتم الإشباع ؟[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] فغريزة التدين لا محل لها في المبدأ عندهم . فإشباع غريزة التدين أمر لا بد منه ، لأن الطمأنينة القلبية والراحة النفسية لا تتوفر عند الإنسان إلا إذا قام بإشباع غريزة التدين إشباعا صحيحا حتى ولو بات جائعا ، حتى وإن كان في مرض شديد أو مصيبة مؤلمة فإنه يتذوق طعم السعادة بحصول إشباع الناحية الروحية وتنظيمها . وهذا أمر لا وجود له ألبتة عند أصحاب المبدأ الرأسمالي قاطبة . فلا بد من حل العقدة الكبرى حلا صحيحا لتنظيم شؤون الحياة عند الأفراد والجماعات .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وأما بالنسبة لغريزة النوع ، فليتهم ينظرون إلى البهائم كيف تنظم نفسها في الإشباع لحفظ النوع ، فالزنا عندهم هو غذاءهم اليومي فهو أسهل عندهم من تناول الماء للشرب .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] لقد ابتعدوا بالإنسان كثيرا في إشباع هذه الغريزة . ووضعوا قاعدة الحريات* وبذلك قالوا لا تنظيم ، ولم يتطلعوا إلى ما بعد الإشباع الجنسي فالمرأة تحمل في حقيبتها حبوب منع الحمل ، وعيادات الإجهاض متوفرة . ولكن كيف يقوم الإنسان إلى عمل لا يتطلع إلى نتائجه ، فتقع المرأة في متاعب وهموم ما بعد العملية الجنسية ، فالمرأة في المبدأ الرأسمالي أتعس وأشقى من حمار الرحى .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] والحرية التي ينادون بها ليست إلا حفرة تتردى فيها المرأة لا مخرج لها منها .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] فالمبدأ الرأسمالي هو مدرسة لتخريج فئات من التجار الجشعين الذين يتقنون فنون التسويق والابتزاز والانتهاب والاحتكار ، فلا رابط ولا ضابط ، ولا وازع ولا رادع .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] فمساوىء الرأسمالية الأمريكية الآن أخذت تشكل بقعا في جسم الإنسانية ثم تنزاح هذه البقع لتشكل مناخا ينمو فيه الفكر الإسلامي .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إن أمريكا لما اشتركت في الحرب العالمية الثانية لم تدخلها انتصارا لبريطانيا ، وإنما دخلتها وخاضتها من أجل أن تستعمر العالم ، وصارت تعمل لقلع جذور الدول المستعمرة من مستعمراتها لتحتل هي مكانتها في الاستعمار ، وصارت ترى أن كل مكان في العالم يجب أن يكون منطقة نفوذ لها ، وترى أنها وحدها هي خليفة الدول المستعمرة في مستعمراتها ، فلعبت دورا هاما لتصفية نفوذ بريطانيا وفرنسا ، وبذلك استطاعت أمريكا أن تدخل الميدان السياسي من بابه الواسع ، حيث تم لها تزعم دول العالم الحر ، وأقامت المعسكر الغربي الذي تحمل دولة المبدأ الرأسمالي .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] انتهت الحرب العالمية الثانية فأخذت أمريكا تصنع القيود لتكبل بها أيدي وأرجل حليفاتها . فبدأت بإعمار أوروبا بموجب مشروع مارشال . وهذا المشروع يحتوي على نقاط ، والنقطة الرابعة منه تنص على دخول أمريكا المستعمرات البريطانية والفرنسية ، ثم صدر ما سمي (مبدأ ترومان) وهو ضمانة أمريكا لحماية تركيا واليونان من الخطر السوفياتي .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] ثم صدر مبدأ أيزنهاور لإفراغ منطقة شرق السويس من الوجود البريطاني .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] لقد وقعت بريطانيا في فخ آخر من الفخاخ التي تعدها أمريكا لها ولفرنسا ، وحيث أن بريطانيا كانت تدرك تماما كيف تحولت مصر إلى عمالة أمريكا ، لأن انقلاب (23) يوليو سنة 1952م دبرته أمريكا ؛ وبريطانيا لم تستطع أن تبدي أية مقاومة ، رغم وجود (80) ألف جندي لها على ضفاف القناة ، حتى إن البرقيات التي كانت ترسلها السفارة البريطانية من القاهرة إلى لندن كانت تمر عبر السفارة الأمريكية ، وتبع ذلك توقيع اتفاقية الجلاء ، ثم قرار تأميم قناة السويس كل ذلك يجب أن يكون دروسا تتعض منها بريطانيا ، ولكنها ركبت رأسها ووقعت في المصيدة ، وهي تعلم أنها مصيدة ، فكانت حرب بور سعيد سنة 1956م ضربة قاصمة خرجت جرائها بريطانيا من شرق السويس ، وذهب إيدن إلى جمايكا للاستفشاء .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وهناك ضربة أخرى مدمرة مماثلة تلقتها بريطانيا من السياسة الأمريكية في إيران ، وهي الإطاحة بالشاه والإتيان بالخميني ، وبهذه الضربة تكون بريطانيا قد أصاب الشلل سياستها في منطقة الخليج بأسرها . لأن منطقة الخليج كانت تعيش تحت مظلة التأثير والحماية الإيرانية ؛ فكانت ردة الفعل عند بريطانيا نفسها في حرب السويس ، لأن بريطانيا أوعزت لصدام بغزو إيران ، فكانت النتائج سلبية ، وبعد الاستراحة من حرب إيران دبرت بريطانيا دخول صدام الكويت ، للإطاحة بحافظ الأسد وحكام السعودية ، فكانت هزيمة بريطانيا منكرة ، وتبدل الحال ، إذ تمكنت أمريكا من وضع صياغة جديدة للمنطقة . وأخذت الأحداث السياسية تتسارع لصالح السياسة الأمريكية ، وكانت أمريكا من قبل قد عقدت اتفاق الطائف لصياغة لبنان جديد . ثم أوجدت إعلان دمشق ، وسحبت وفود القضية الفلسطينية إلى قاعات التفاوض في مدريد ، ثم نقلتها إلى واشنطن .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وقد واكب كل هذه الأحداث تفتيت الاتحاد السوفيتي وحل حلف وارسو ، وانتهاء الحرب الباردة ، وليس في واحدة من هذه الأحداث السياسية أي مكسب لبريطانيا ، وإنما هي خسائر سياسية متراكمة أصيبت بها السياسة البريطانية وهذه وغيرها الكثير نتائج الأخطاء التي وقع فيها تشرتشل إبان الحرب العالمية الثانية التي ذكرناها آنفا .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] كانت أمريكا في أوائل الخمسينات قد دبرت انقلاب مصدق على الشاه ، وبعد ذلك نزلت بريطانيا لمطالب أمريكا ، فأخذت الشركات الأمريكية 40% من البترول الإيراني ، وأخذت شركات يابانية وبرأسمال أمريكي 20% فتكون أمريكا قد استولت على 60% من البترول الإيراني وبقي للشركات البريطانية 40% فقط . ثم اتفقتا بعد ذلك على اعتقال مصدق وإدخاله السجن والعودة بالشاه المخلوع إلى الحكم . وهذه العملية قد مكنت أمريكا من إدخال قرابة 27 ألف خبير وفني أمريكي إلى إيران منهم (11) ألفا كانوا في كوادر الجيش . وبذلك هيأت أمريكا فيما بعد لخلع الشاه والمجيء بالخميني كما أسلفنا سابقا .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وأما بالنسبة لفرنسا ، فإن أمريكا وبريطانيا اتفقتا على إخراج فرنسا من الجزائر ، فكانت أمريكا تغذي ثورة الجزائر بالمال والسلاح ، حتى أن الطائرات الأمريكية والبريطانية كانت تلقي السلاح للثوار الجزائر من الجو فوق جبال الأطلس ، وقد أُعلنت حكمة للجزائر في المنفى وكان مقرها أولا في مصر زمن عبد الناصر ، وكانت أمريكا من وراء توقيع اتفاقية (إيفيان) سنة 1962م التي خرجت فرنسا بموجبها من الجزائر ثم عين (بن بيلا) رئيسا للجمهورية الجزائرية الجديدة وهو عميل لأمريكا . ولكن هواري بو مدين كان قد أدرك أن بن بيلا مقدم على اعتقاله وزجه في السجن ، فقام بو مدين بانقلاب على بن بيلا ووضعه في السجن ، وتحولت الجزائر إلى عمالة بريطانيا .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] كما تعاونت بريطانيا وأمريكا على إخراج فرنسا من الهند الصينية ومعركة (ديان بيان فو) مشهورة في التاريخ حيث قتل فيها ستة عشر ألف من الجنود الفرنسيين ، ولذلك فإن أمريكا عندما تورطت في حرب فيتنام ، وحدث أن حوصرت القوات الأمريكية في إحدى المعارك ، قالت فرنسا : هذا يوم بيوم ديان بيان فو .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] كما أن بريطانيا تكيد للاتحاد الأوروبي ، وتكيد للسوق الأوروبية المشتركة وهي عضو فيهما ، لأنها لا تريد لأوروبا أن تكتمل وحدتها خوفا من زعامة ألمانيا وفرنسا لها ، وكذلك بالنسبة للسوق الأوروبية ، فإن بريطانيا تطلع إليها بنصف عين وإلى مناطق نفوذها في دول الكومنولث بعيون كثيرة ، وعلى مدى سنين طويلة فإن بريطانيا وهي تشارك في جلسات الاتحاد وجلسات السوق دائما تضع العراقيل والمعوقات للمشاريع السياسية والاقتصادية التي تتبناها تلك المجموعة لتبقى السوق هزيلة ويبقى الاتحاد ضعيفا . ولما أعلن الجنرال ديغول تأسيس السوق الأوروبية المشتركة قامت بريطانيا بالمقابل بتأسيس السوق الأوروبية الحرة لضرب السوق المشتركة ولكنها لم تفلح ، ولما أوجدت أمريكا ما كان يسمى بالنقطة الرابعة (وهي البند الرابع من مشروع مارشال) التي تنص على دخول أمريكا بأموالها ومساعداتها وفنييها إلى مناطق النفوذ لبريطانيا وفرنسا ، قامت بريطانيا بتأسيس ما كان يسمى مجلس الأعمار ، لتعرقل عمليات النقطة الرابعة .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] ومن أوجه التنافس بينهما أن أمريكا دبرت انقلاب عبد الكريم قاسم في العراق الذي قام بسحق النظام الهاشمي هناك ، فأعلن الملك حسين بأنه نائب رئيس الاتحاد ، وهو الآن الرئيس الفعلي بعد ذهاب الملك فيصل الثاني ، وأعلن أنه سيقوم باتخاذ إجراءات تجاه الانقلاب ، فقامت بريطانيا بإنزال قوات في الأردن ، وكانت الطائرات البريطانية تنقل الجنود من البحر إلى الأردن عبر إسرائيل فبادرت أمريكا إلى إنزال قوات من البحر إلى لبنان لحماية الانقلاب الجديد في العراق . وعندئذ توقفت بريطانيا عن غزو العراق من الأردن .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] في سنة 1949م قامت أمريكا بتدبير انقلاب الزعيم حسني الزعيم في سوريا ، فدبرت بريطانيا انقلاب الحناوي – وهو درزي – ثم عادت أمريكا فدبرت انقلاب الشيشكلي ، وبعدها دبرت بريطانيا انقلاب الأتاسي . وهكذا كان الصراع بين بريطانيا وأمريكا وفرنسا ، ولما تمت الوحدة بين مصر وسوريا ، قام بها ضباط متحمسون وفرضوا الوحدة على عبد الناصر ، ولكن بريطانيا ظلت تعمل وبواسطة الأردن حتى أوجدت انقلابا في سوريا وانفكت الوحدة بين سوريا ومصر ، ويومها أعلنت الأردن إقامة الاحتفالات والأفراح .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وفي سنة 1962م قامت أمريكا بإيجاد انقلاب في اليمن بواسطة السلال ضد البدر ، فهرعت السعودية زمن الملك فيصل والأردن تدافعان عن البدر ، وأنزلت مصر أكثر من ستين ألف جندي إلى اليمن ، واستمرت الحرب بين مصر من جهة وبين السعودية والأردن من جهة أخرى حتى حرب حزيران سنة 1967م .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] هذه هي ساحات الصراع ، وهذه هي مناطق النفوذ بين الدول المستعمرة دول المبدأ الرأسمالي . ومن سوء الطالع أن تكون بلاد المسلمين منطقة العالم الإسلامي هي ساحة الصراع وأن عشرات الآلاف من أبناء المسلمين ذهبوا وقودا لنيران ذلك الصراع .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] أمريكا هي التي دفعت الأرجنتين للقيام بإخراج بريطانيا من جزر فوكلاند ، وقد دمرت ست قطع حربية بحرية لبريطانيا بصواريخ فرنسية .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وقد دخلت القوات الأمريكية جزيرة كرينادا وهي تخضع للتاج البريطاني دون إخبار بريطانيا بذلك .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] عندما غزا نابليون مصر واحتلها سنة 1798م سارت قواته داخل فلسطين وعند مدينة يافا انقسم جيش نابليون إلى قسمين : قسم اتجه شرقا إلى مدينة نابلس وفي وادي عزون انهزمت جيوشه شر هزيمة ، والقسم الثاني توجه شمالا إلى مدينة عكا وقد حاصرته البحرية البريطانية فعاد منهزما . ثم حدثت معركة أبو قير البحرية ، ودمرت البحرية البريطانية بقيادة نلسون الأسطول الفرنسي ، وأرغمت فرنسا على الانسحاب من مصر وعلى سفن بريطانية تاركة أسلحتها وراءها. [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] كما أن فرنسا عندما أخذت من الخديوي سعيد امتيازا بحفر قناة السويس عارضت بريطانيا هذا الأمر معارضة شديدة ، وذلك لحماية طريقها إلى القارة الهندية ، ولكنها فشلت في ذلك ، وبعد افتتاح القناة زمن الخديوي إسماعيل سنة 1869م تدخلت بريطانيا واشترت أسهم الحكومة المصرية . وأصبحت شركة القناة مملوكة لبريطانيا وفرنسا وفي حرب القرم تعاونت بريطانيا وفرنسا مع دولة الخلافة ضد روسيا القيصرية ، لا حبا في الإسلام ولا تأييدا لدولة الخلافة ، ولكن حتى تقطع على روسيا وصولها إلى المياه الدافئة عبر مضيق البوسفور والدردنيل .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] ولما دخل إبراهيم باشا بلاد الشام وحارب الدولة العثمانية – وكان والده عميلا لفرنسا – وقد وصلت قواته إلى جبال طوروس ، ومكث في بلاد الشام عشر سنوات ، أخرج بعدها بضغط من بريطانيا وبعض الدول الأخرى بموجب اتفاقية لندن سنة 1840م رغم معارضة فرنسا الشديدة . ولا ننسى أنه خلال وجود إبراهيم باشا في بلاد الشام ، دخلتها إرساليات التبشير وأقامت فيها المؤسسات التبشيرية والمستشفيات والمدارس التبشيرية واستقرت فيها .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إن أمريكا جادة في سياستها بالتفرد بالنفوذ في العالم ، وهي ترى الفرصة مواتية لها فكيف لا تهتبلها ؟ وهي تملك من الإمكانيات التي لا تضاهى من حيث القوة العسكرية والتأثير المالي والتدخل السياسي في كل منطقة من مناطق العالم ، وبخاصة مناطق النفوذ للدولتين العريقتين في الاستعمار وهي بريطانيا وفرنسا ، ولكن أمريكا لا يغيب عنها أن بريطانيا وفرنسا تدركان ذلك فهما يتصرفان تصرف الحذر لأنهما المقصودتان في هذا الصراع ، ولو أن بريطانيا وفرنسا متفقتان على سياسة واحدة ، وهي المجابهة الحقيقية للسياسة الأمريكية ، لوضع العراقيل أمام خططها السياسية ، والتحدي السافر لها لكان للأمر وجه آخر . ولكنهما يتبعان سياسة المراوغة إحداهما للأخرى ، وتكيد كل منهما الأخرى .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وهذه هي طبيعة المبدأ الرأسمالي ، وطبيعة دوله المتنفذة التي تملك القوة والمال ، والتي تملك التأثير في السياسة الدولية ، فصياغة السياسة التي تقوم على عقيدة فصل الدين عن الحياة ، وأن النفعية هي مقياس الأعمال ، وأن الغاية هي امتلاك المال على أي وجه كان ، تجعل كل دولة من هذه الدول تتحين الفرص لتضرب حليفتها ، ولتنقض عليها لتأخذ ما في يدها ، والشواهد كثيرة ، وقد ذكرنا بعض منها .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] والآن فإن الفرصة سانحة للإيقاع بين هذه الدول وإغرائها لتضرب بعضها ، الفرصة سانحة لأن تتخلى إحداها عن الأخرى في الأزمات السياسية وحتى في المشاركات العسكرية ، فقد ضربت الطائرات الأمريكية الجيش البريطاني في الحرب الكورية سنة 50 – 53 ، وقد ضربت الطائرات الأمريكية القوات البريطانية في حرب العراق والكويت ، كما أعطت القوات البريطانية العراق أسرار الشيفرة العسكرية .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] هذه الدول المتخاصمة على استعمار العالم ، وامتصاص دماء الشعوب ، هذه الدول تضرب بعضها بعضا في سبيل تحقيق مصالحه ، هذه الدول ما أسرع التحريش بينها ، وإيجاد الوقيعة بينها لتضرب بعضها ، كما فعلت من قبل .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وتحقيق ذلك ليس ببعيد وليس بصعب وإنما هو منوط بما عند الله من إنجاز وعده لعباده المؤمنين العاملين لإقامة دولة الخلافة ، هذه الدولة الفتية العظيمة ، كم فيها من رجل دولة ؟ وكم فيها من يتقن الفنون السياسية والمناورات السياسية ، وعندئذ يتبين الموقع والمحل لتطبيق وتنفيذ الكلمة التي قالها المرحوم الشيخ تقي الدين النبهاني ، والتي ذكرناها آنفا .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] كما أن هتلر انجر إلى الوقوع في المصيدة التي نصبتها له ودفعته إليها أمريكا ، وهي ضربه للماركسية ، واقتحامه الأراضي الروسية وبالتالي أهلكته ودمرت كيانه ؛ وكما أن تشرشل وقع في خطأ فادح مميت وهو رفضه للوساطة التي أبداها هتلر قبل دخول أمريكا الحرب ، وجره الخطأ إلى توقيع ميثاق الأطلنطي الذي دفع بريطانيا إلى الموت البطيء .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] كذلك فإن أمريكا تعمل لإفساح المجال وإزالة العوائق أمام الفكر الإسلامي والمد الإسلامي ، أي أخذت تهيىء العالم – من حيث تدري أو لا تدري – إلى انتظار وضع جديد ونظام جديد وهو دولة الإسلام ونظام الإسلام فهي تسخر العالم الآن ليسير معها في تعميق الحفرة التي سيدفن فيها النظام الرأسمالي ، كما دفنت الاشتراكية ، وكما احترقت النازية .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إن بريطانيا بقيادة تشرشل لو استجابت لهتلر عندما بعث بالوساطة إلى المصالحة قبل أن تدخل أمريكا الحرب لحسم الأمر ولقطع الطريق على أمريكا ، ولما تمكنت من سحب البساط من تحت قدمي بريطانيا وأوروبا ، وهذه من أخطاء تشرشل القاتلة ، وإن بريطانيا لو تجاوبت مع ديغول في وقوفه في وجه أمريكا سواء في المناداة بالعودة إلى نظام الذهب أو إلى بناء السوق الأوروبية بجد لكان للأمر السياسي وجه آخر ، ولو أن بريطانيا جادة في عضويتها في الاتحاد الأوروبي وفي عضويتها في السوق الأوروبية بحيث لا تضع العراقيل والمعاكسات في وجه هذا البناء لما كانت أمريكا على هذا الحال الذي هي عليه الآن تطاردهما في كل منطقة من مناطق نفوذهما في العالم . ولو أن بريطانيا انسحبت من حلف الأطلسي ، كما انسحبت فرنسا زمن ديغول لما كان لهذا الحلف هذه الفعالية التي يظهر أثرها على المجموعة الأوروبية الآن .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] فمن أراد أن يضرب عدوين لا بد أن يساير أضعفهما ليضربا معا الأقوى منهما ، فبريطانيا لم تسر على هذه القاعدة لأن الخبث البريطاني والدهاء البريطاني خرج عن حدوده فلم توضع المخططات في مكانها ، فكانت النتائج عكسية وعادت بالسلبية على بريطانيا .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إن بريطانيا وقفت مع أمريكا في إخراج فرنسا من الجزائر وبهذا العمل تكون قد أضعفت العدو الأضعف ، وقوت العدو الأقوى فعادت النتائج سلبية عليها ، وهذا أيضا ما فعلته في منطقة الهند الصينية ، ولكنها طبيعة الاستعمار ونتيجة مقياس النفعية . لقد دخل القائد الفرنسي إسلامبول في الحرب العالمية الأولى على حصان أبيض ، وقال : إن محمد الفاتح دخلها سنة 1453م على حصان أبيض ، وقد قال اللورد اللبني سنة 1917م عندما دخل القدس : الآن انتهت الحروب الصليبية . وقال القائد الفرنسي (غورو) عندما دخل دمشق تقدم إلى قبر صلاح الدين وركله برجله وقال : قم يا صلاح الدين حارب الآن . كما بعث لورنس برقية إلى دولته بريطانيا عندما كان يقود جيش فيصل في تخريب الخط الحديدي الحجازي قال فيها : يجب أن نضرب هذه الدولة ونقسمها إلى قطع متعددة بحيث لا يعود لها التئام .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] ونحن نقول الآن : إن أوروبا بما فيها بريطانيا وفرنسا أخذ الإسلام ينتشر فيها ، ولن يتوقف هذا الانتشار ، وسيعمرها الإسلام قريبا إن شاء الله ، وسنسحق بريطانيا وفرنسا سحقا بحيث لا يبقى لهما أي كيان ، وسنعمل على تمزيق الكيان الأمريكي إلى خمسين مزقة ليعود كما كان سابقا وقابلية تجزئته كامنة فيه تماما كتجزئة الاتحاد السوفيتي . وستفتح روما ، وسيظهر الله الإسلام على الدين كله ، وليتمن الله نوره حتى يبلغ هذا الدين ما بلغ الليل والنهار ، وليدخلن كل بيت مدر أو وبر إما بعز عزيز أو بذل ذليل . وعندئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ، ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إننا نستطيع بعمق فهمنا ، وثاقب نظرنا ، وتطلعاتنا البعيدة نستطيع أن نعرف نقاط الضعف في هذه المجموعات الاستعمارية التقليدية والحديثة ، ونستطيع أن نتمكن من معرفة الثغرات التي تقوم عليها سياساتهم في علاقاتهم بعضهم مع بعض ، كما نستطيع أن نعين مجال الصراع بينهم ، والتي يستعدون إلى الدخول في حروب دامية مع بعضهم من أجلها .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إذا أدركنا ذلك تماما بعد أن نصبح على مستوى المؤثر في السياسة المحلية على الأقل ، كان بالإمكان بحنكة دهاتنا السياسيين أن نوجد بؤر المنافسة الحادة ومحال ومواقع الصراع التي هي في الحقيقة مقياسهم في التضحية للحصول عليها ، وبما أن كليهما يتطلعان إلى كنوز منطقة العالم الإسلامي ، فمن الممكن أن نجعل من بعض هذه الكنوز الطعم الذي يكون على ظاهر المصيدة وعندئذ تأتي لباقة السياسي ، وفراسة المؤمن الذي ينظر بنور الله ، كما نستطيع أن ندفع الأضعف لضرب الأقوى فنضعف الاثنين معا .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إن قريشا كانت ترى من محمد الرجل الأضعف الذي لا يحتاج إلا إلى هزة بسيطة لينتهي أمره ، فركبت رأسها ودفعتها عنجهيتها أن تأخذ الضربة القاتلة ، حيث أصيب في أول معركة في فلذات أكبادها .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] نستطيع أن نوجد صلحا له أبعاده ونتائجه مع بعض هذه الأطراف ، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية ، فكانت نتائجه باهرة ، حيث كان هذا الصلح مقدمة لفتح مكة ، ومن ثم استتباب الأمر له في الجزيرة كلها ، مما هيأ لأصحابه السير في استكمال واستمرار العمل في تبليغ الرسالة إلى العالم .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] يستطيع رجال السياسة في دولة الخلافة فيما لو حوصرت الدولة ، والتف من حولها الأعداء ، أن يلجئوا إلى ما لجأ إليه الرسول ، إما من حيث المساومة ، وإما من حيث التخذيل بين الفرقاء أطراف العداء .. أما من حيث المساومة كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع غطفان عندما أراد أن يعطيهم ثلث ثمار المدينة على أن ينفصلوا عن الأحزاب ، ويعودا من حيث أتوا ، لكنه لما رأى صلابة السعدين وثبات موقفهما ، وصحة إخلاصهما أخذ وثيقة الاتفاق ومزقها .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وأما من حيث التخذيل ، فإن ما قام به نعيم بن مسعود في الإيقاع بين قريش (الأحزاب) وقريظة فإنه دور لا يضاهيه أجهزة الاستخبارات في الوقت الحاضر مما تقوم من أدوار .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إننا ونحن الآن على أبواب دولة الخلافة نعيش مع ساعات إعلانها وإقامتها ، وبين ما يحاك ضد هذه الدعوة من مؤامرات ، وما يبدله الكفار وأعوانهم المنافقون من جهود وعراقيل ، وبين ما يتطلب منا من مضاعفة الجهود ، ومضاعفة التضحيات ، وتعميق الإخلاص الخالص ، وتوطئة النفس على تحمل الأذى مهما كان بليغا والصبر الذي يصحبه النصر .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] فنحن شباب حزب التحرير نعيش الآن مع آخر أيام النصرة ، إن كل المؤشرات والمبشرات لتدل بوضوح على أن الرهط من الأنصار وهم أهل بيعة العقبة الثانية قادمون وكأنهم يرتبون للقاء محمد صلى الله عليه وسلم في منى .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] على أي شيء كانت بيعة العقبة الثانية ؟[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إن تقرير ما تم عليه إجراء بيعة العقبة الثانية يبين لنا أهمية هذه البيعة في تاريخ الدعوة الإسلامية ، وما ترتب عليها من نتائج .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] في كتب السنة المتعددة وفي كتب السيرة المتعددة وردت نصوص ما دار بين أصحاب البيعة وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحاديث ، وما تأكد من طلبات كلها كبيرة وجسيمة ثم الاتفاق عليها ، ووضعت العهود والمواثيق المؤكدة .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] يقول ابن حجر العسقلاني ما نصه : (إنما كان ليلة العقبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن حضر من الأنصار : أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون مه نساءكم وأبناءكم فبايعوه على ذلك ، وعلى أن يرحل إليهم هو وأصحابه) .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] ويقول عبادة بن الصامت – وكان من وفد البيعة – لأبي هريرة رضي الله عنهما : إنك لم تكن معنا إذا بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في النشاط والكسل ، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعلى أن نقول الحق ولا نخاف في الله لومة لائم ، وعلى أن ننصر رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم علينا يثرب فنمنعه مما نمنع فيه أنفسنا وأزواجنا وأبناءنا ولنا الجنة . فهذه بيعة رسول الله التي بايعناه عليها .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot]وجاء في سنن البيهقي :[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] (تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل وعلى النفقة في العسر واليسر) .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot]وجاء في رواية عن الزهري قول أسعد بن زرارة :[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] يقول أسعد بن زرارة رضي الله عنه : يا رسول الله إن لكل دعوة سبيلا ، إن لين وإن شدة ، وقد دعوتنا اليوم إلى دعوة متجهمة للناس متوعرة عليهم ، دعوتنا إلى ترك ديننا واتباعك إلى دينك ، وتلك مرتبة صعبة فأجبناك إلى ذلك – ودعوتنا إلى قطع ما بيننا وبين الناس من الجوار والأرحام والقريب والبعيد ، وتلك مرتبة صعبة ، فأجبناك إلى ذلك . ودعوتنا ونحن جماعة في عز ومنعة ولا يطمع فينا أحد ، أن يرأس علينا من قد أفرده قومه وأسلمه أعمامه ، وتلك رتبة صعبة فأجبناك إلى ذلك ، وكل هؤلاء الرتب مكروهة عند الناس إلا من عزم الله رشده ، والتمس الخير في عواقبها ، وقد أجبناك إلى ذلك بألسنتنا وصدورنا … نبايعك على ذلك ، ونبايع الله ربك يد الله فوق أيدينا ، ودماؤنا دون ذلك …) .[/FONT]
      [FONT=&quot] بيعة العقبة الثانية هذه هي بيعة الحرب تمت في منى وفي جوف الليل بين وفد الأنصار جاءوا من المدينة وعددهم ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان ، وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان بصحبته عمه العباس رضي الله عنه .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] هؤلاء هم الذين آووا ونصروا ، وما دار بينهم وبين رسول الله من حديث ينبىء عن إخلاصهم وصدقهم ووفائهم ، وتوطين أنفسهم على اقتحام الصعاب واجتياز المهالك ليحموا رسول الله بأموالهم وأرواحهم وأولادهم ونسائهم . أي كانت هذه البيعة قمة التضحية والإخلاص . وكل مواقفهم التي أبدوها تجاه رسول الله لم يكن مقابلها شيء إلا الجنة . فيالها من صفقة رابحة !! .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إن حزب التحرير الآن ومنذ نشأته هو القوام على أحاسيس الأمة الإسلامية وأفكارها ، وهو الذي يريد بناء هيكل الأمة بناء جديدا سليما مرتكزا على العقيدة الإسلامية متحصنا بالأفكار التي تنبثق عنها لترفع عليها دعائم النهضة وتقوم عليها عوامل القوة .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وسار إلى جانب ذلك بعين يقظة إلى كشف الخطط الاستعمارية ، وفضح المؤامرات التي تحاك ضد الأمة الإسلامية من قبل الكفار المستعمرين الحاقدين ثم ما هي أوجه الصراع بين دول المعسكر الغربي على منطقة العالم الإسلامي .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] لقد علمنا رسول الله كيف نخلق الفرص ، وكيف نغتنم الفرص . في غزوة الأحزاب ، عندما نقضت قريظة عهدها مع رسول الله ، كلف نعيم بن مسعود ليقوم بدور التخذيل حتى أوقع الشك والفرقة والقطيعة بين قريظة والأحزاب . وكانت النتيجة عند ذلك أن انسحب الأحزاب خائبين ، ومال رسول الله إلى بني قريظة وجز نواصيهم في حفر احتفرها لهم :[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها ، وكان الله بما تعملون بصيرا . إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم ، وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا . هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديد) (9 – 11) الأحزاب .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] (ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله ، وصدق الله ورسوله ، وما زادهم إلا إيمانا وتسليما . من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا . ليجزي الله الصادقين بصدقهم ، ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما . وردّ الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا . وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم ، وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا . وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها وكان الله على كل شيء قديرا) (22 – 27) الأحزاب .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] فالقضية في الإسلام هي : في الإيمان به أنه رسالة الله ، وتطبيقه في كيان بإيجاد خليفة ، وحمل رسالته للناس بطريقة الجهاد . فالعقيدة الإسلامية عقيدة روحية وسياسية .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وقضية المبدأ في الرأسمالية اقتصادية وهي جمع المال فهي قضية مادية نفعية ، وعقيدتهم مبنية على الحل الوسط أي فصل الدين عن الحياة وطريقة تطبيقه وحمله للناس هي الصراع بين الأخوة والأصدقاء لتحقيق المصلحة وتحصيل المنفعة أولا ثم استعمار الشعوب الأخرى واستعبادها. [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وشتان بين المبدأين ، مبدأ يجلب الخير والهدى والرحمة للإنسان في الدنيا ، والسعادة في الآخرة ، ومبدأ يجلب الشقاء والمصائب والويلات والحروب لبني الإنسان ولا وزن لليوم الآخر في مفاهيم المبدأ .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] المبدأ الإسلامي يوحد الشعوب والجماعات ويصهرها في بوتقة العقيدة الصحيحة ، ويجعل منها أمة واحدة لها إمام واحد فقط تجب طاعته يطبق عليها شرع الله بالعدل والإحسان ويتولى رعاية شؤون كل من يحمل التابعية رعاية صحية .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] المبدأ الرأسمالي لا ينظر إلى الشعوب والجماعات إلا كما هي ، فلا يرى من داعي إلى توحيدها وجمعها على رئيس واحد لأن طبيعة العقيدة وهي فصل الدين عن الحياة تتطلب ذلك فقسمت سلوك الإنسان إلى أقسام ، قسم حصرته في الكنيسة ، وقسم آخر أطلقت عليه الحرية الشخصية فلا رابط ولا ضابط وقسم عالجه المبدأ باهتمام وهو الناحية الاقتصادية فقط .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] المبدأ الإسلامي أول ما بدأ بمعالجة غريزة التدين فأثبت أن للكون خالقا خلقه ونظمه ، وأنزل للإنسانية تنظيما صحيحا شاملا ، استغرق كافة مناحي السلوك الإنساني في الحياة وربط كل ذلك باليوم الآخر .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] المبدأ الرأسمالي أهمل غريزة التدين ولم يأبه لها ، ويكاد يحاربها ، وترك الكنائس مفتوحة لرجال الدين كحل وسط . والحل الوسط هو تسليم بالخطأ وإقرار له .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] المبدأ الإسلامي جعل قياس الأعمال للمسلم هو الحلال والحرام أي ربط صلته بالله ربطا دائميا ، وهذا هو تصوير الإسلام للحياة بأنها مزج المادة بالروح .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] المبدأ الرأسمالي فصل الدين عن الحياة وأهمل الصلة بالله فجعل مقياسه للأعمال هو النفعية . والنفعية عندهم نسبية ، فكل فرد تكون منفعته ومصلحته حيث يرى ، ولو بامتصاص دماء الآخرين واستعبادهم ، وبرز هذا في استعمارهم الشعوب .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] المبدأ الإسلامي وضع حقيقة ثابتة وهي أن السعادة والطمأنينة . وراحة النفس لا تكون إلا مع رضوان الله تعالى مهما تنزل على الإنسان من مصائب وويلات لأنه يبقى راضيا مطمئنا لقضاء الله .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] المبدأ الرأسمالي جعل السعادة في جمع المال والرفاهية والترف وأخذ الملذات وتحقيق الشهوات ولذلك فإن أي فرد منهم تنزلت عليه مصيبة فلا خلاص له منها إلا بالانتحار . وندلل على ذلك برقم بسيط . فقد وقع في اليابان خلال العام 1999 (33 ألف) حادثة انتحار .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] هذه هي حضارتهم أي مجموع مفاهيمهم عن الحياة :[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] عقيدتهم فصل الدين عن الحياة وهذا هو الأساس فقطعوا الصلة بالله فنظرتهم مادية بحتة لإهمالهم الناحية الروحية . وتصويرهم للحياة بأن مقياسهم في جميع أعمالهم الحياتية وفي سلوكهم وعلاقتهم قائم على النفعية .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وتفسيرهم لمعنى السعادة بأنها جمع المال والتمكين من إعطاء الجسد ما أمكن من اللذات والشهوات .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وهذه الأسس الثلاثة التي تستوعب كل المفاهيم الرأسماليين عن الحياة هي حضارتهم ، فهي حضارة زائفة تستجمع المشاكل ولا تحلها . والمرأة في المبدأ الرأسمالي كما قلنا أتعس من حمار الرحى ، وهي عبارة عن كومة من المشاكل . أي أن المرأة تتردى الآن في حفرة المهانة باسم الحرية الشخصية .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] المرأة في الإسلام : المتعة الزوجية حاصلة في كل حين من رجل يلبي رغبتها له القوامة عليها تستأثر به دون سواه يسكن إليها يعاشرها بالمعروف عشرة بين المودة والرحمة وقوامة الرجل على المرأة هي أمر ترى فيه المرأة تطمينا لفطرتها وتهدئة لأحاسيسها وانفعالاتها العاطفية أي هي ملاذ تأوي إليه .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] المرأة في نظم الرأسمالية تركض وراء المتعة الرخيصة فقد نذرت كل مهاراتها وتصرفاتها من أجل هذا الإشباع الرخيص الممتهن دون النظر إلى العواقب والنتائج ، وقد أوجدوا وسائل كثيرة لتمحو من ذهن المرأة ما يترتب على هذا الإشباع ، فأوجدوا حبوب منع الحمل ووفروا عيادات الإجهاض . مثال : لقد جرت حملة تفتيش في إحدى الجامعات في أمريكا على حقائب الطالبات فوجد أن 90% من الطالبات يحملن في حقائبهن حبوبا لمنع الحمل فكيف بالمتزوجات ؟[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] عدا الحفنة من طبقة الأغنياء ، فإن الإنسان يعيش في شظف العيش وطبقات أخرى كثيرة تعيش على فتات الحفنة ، والأمثلة أمامنا من قارة أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وحتى في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها . مثال : كلب اسمه (غونتر الرابع) ثروته (200) مليون دولار تدير أمواله شركة (غونتر كوربوريشن) في جزر البهاما …[/FONT]
      [FONT=&quot] جريدة الدستور 15/7/2000 ص26[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] فالعالم ينتظر الخلاص من سموم هذه الحضارة التي جلبت الشقاء والعناء للإنسانية .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] فمجرد إعلان الخلافة قريبا إن شاء الله – إعلان توضيح الحضارة الإسلامية بمجموعة مفاهيمها عن الحياة ، ثم رؤية ومشاهدة عدالة الإسلام في تطبيق تشريعاته تكون الآزفة قد أزفت وستدفن الرأسمالية كما دفنت الاشتراكية ، وتعلو راية العقاب خفاقة وتنحدر كلمة الذين كفروا لتكون السفلى وتبقى كلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot]ملحق : رقم 1[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot]اتفاقية لوكارنو[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] هي سلسلة من الاتفاقات كانت موضع بحث بين بريطانيا وفرنسا وبلجيكا وألمانيا وإيطاليا وتشيكوسلوفاكيا وبولندا .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] لقد تم توقيعها في 15/10/1925 . وهي تشمل اتفاق أمن متبادل بين فرنسا وبلجيكا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] اتفاقات تحكيم بين ألمانيا وبلجيكا وبين ألمانيا وفرنسا وبين ألمانيا وبولندا وبين ألمانيا وتشيكوسلوفاكيا .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] نص فيها على أن تحافظ كل من فرنسا وبلجيكا وألمانيا على حدودها الراهنة ، والامتناع عن ممارسة القوة سواء من الجانب الألماني أو الفرنسي واعتراف ألمانيا بإخلاء منطقة الراين من الاستحكامات العسكرية واعتبار الحدود الألمانية البولندية ضمانا لسلامة فرنسا مع الاعتراف بحق فرنسا في تقديم المساعدة إلى بولندا في حالة انتهاك اتفاقية التحكيم الألمانية البولندية .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot]ملحق : رقم 2[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot]اتفاقية ميونيخ[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وقعت في ميونيخ بتاريخ 29/9/1938م اشتركت فيها كل من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا ، واعتبرت مرحلة هامة في الأحداث التي أدت إلى نشوب الحرب العالمية الثانية اعترفت الاتفاقية بحق ألمانيا في ضم إقليم السوديث الذي كان يؤلف جزءا من جمهورية تشيكوسلوفاكيا .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] اشترك في توقيع الاتفاقية تشمبرلن (بريطانيا) دالاريه (فرنسا) هتلر (ألمانيا) موسوليني (إيطاليا) . وقد اجتمع تشمبرلن مع هتلر مرتين ولكن هتلر اجتاح تشيكوسلوفاكيا في أول أكتوبر 1938م .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot]وثيقة رقم 3[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot]النقطة الرابعة[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot]20 كانون الثاني 1949[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] في خطاب الافتتاح الذي ألقاه الرئيس هاري ترومان في 20 كانون الثاني 1949 أعلن عن أربعة أساليب هامة للعمل تتخذها الولايات المتحدة في سبيل الحرية والسلام ، الأول : التأييد المطلق للأمم المتحدة . والثاني : استمرار منهاج للإصلاح الاقتصادي العالمي . الثالث : تقوية الشعوب المحبة للحرية ضد مخاطر الهجوم . والرابع : وهي نقطة الرابعة الشهيرة وتنص :[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] ينبغي (أن نباشر القيام ببرنامج جديد بهدف الاستفادة من ثمرات تقدمنا العلمي وتطورنا الصناعي في تحسين ونمو الأقطار المختلفة .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إن أكثر من نصف سكان العالم يعيشون في ظروف صعبة تصل إلى التعاسة ، فغذائهم غير كاف ، وهم ضحايا الأمراض ، وظروفهم الاقتصادية بدائية وراكدة ، وإن فقرهم يشكل عائقا وتهديدا لهم وللأقطار المتقدمة .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] ولأول مرة في التاريخ تملك البشرة المعرفة والمهارة للتخفيف مما تعانيه هذه الشعوب .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إن الولايات المتحدة هي الدولة المتفوقة من بين الدول في التطور الفني والصناعي والعلمي . وإن الموارد المادية التي يمكن أن تقدمها لمساعدة الشعوب الأخرى محدودة ، يبدأ مواردها التي لا حصر لها في مجال المعرفة هي في نمو لا ينضب .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وأنا أعتقد أنه ينبغي علينا أن نمد الشعوب المحبة للحرية بمنافع ما نملك من المعرفة الفنية ، وذلك بغية مساعدتها على إدراك طموحها نحو حياة أفضل . وبالتعاون مع الأقطار الأخرى يجب تنمية تطور رأس المال في الأقطار التي يلزم تطورها .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إن هدفنا هو مساعدة الشعوب الحرة في العالم ، عن طريق جهودها الخاصة ، أن تنتج الغذاء أوفر وملابس أكثر وماد أولية لبناء المساكن ، وطاقة ميكانيكية تكفي للتخفيف من أعبائها.[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إن مساعدة الأعضاء الأقل حظا في المجال الفني من العائلة البشرية هي الوسيلة الوحيدة التي تساعد هذه العائلة على بلوغ حياة مناسبة ومرضية وعادلة بالنسبة لجميع الشعوب .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] والديمقراطية وحدها هي التي تمد القوة الحيوية التي تحرك شعوب العالم نحو العمل الظافر وليس فقط ضد الظالمين بل كذلك ضد أعدائها القدامى – الجوع والشقاء واليأس) .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]

      [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [h=1]بسم الله الرحمن الرحيم[/h] [h=2]المؤتمرات الاقتصادية وانعكاساتها السياسية[/h] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إن فكرة المؤتمرات الدولية فكرة قديمة مضى عليها أكثر من قرنين من الزمن تدعو إليها في الغالب الدول الكبرى ، فتمخضت عن نتاج مصلحي إما مادي اقتصادي أو معنوي سياسي تتعلق بالسيادة وبسط النفوذ ، وهي في حد ذاتها ترجع إلى هذين الهدفين : سياسي أو اقتصادي ، وما كان هنالك من مؤتمرات جانبية مما يتعلق بالصحة والغذاء والتعليم والآثار وغير ذلك فمردها إلى أحد هذين الهدفين المذكورين : السياسي أو الاقتصادي . كما أننا نستطيع أن نقول أنهما شيئان متلازمان كل منهما مرتبط بالآخر ارتباطا وثيقا ، وكلها مردها إلى الجانب الاقتصادي أو السياسي لتمكين السيطرة وبسط النفوذ ، من أجل تحقيق مكاسب اقتصادية ومنافع مادية . لأن نظرة الغربيين إلى الحياة نظرة مادية نفعية ، والنفعية عندهم مقياس لجميع الأعمال التي يقوم بها الأفراد . حتى أن روسيا والعالم الشيوعي بأسره نظرتهم إلى الحياة اقتصادية . ونشر المبدأ عندهم أصبح ثانويا … والمبدأ الوحيد الذي ينشد اتباعه من التوسع والفتح نشر الدعوة وحمل المبدأ ، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور ، ومن الضلال إلى الهدى ، ومن الجهل إلى العلم والتفكير هو المبدأ الإسلامي .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] والنظرة السياسية إلى أي مؤتمر من المؤتمرات يعود إلى حجم الدولة من حيث العمق السياسي ، ومدى سعة أفقها في النشاط الاقتصادي والتأثير في المشاكل الدولية.[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فمثلا : نظرة بريطانيا إلى السوق الأوروبية تختلف عن نظرة فرنسا لها ففرنسا تريد أن تكون السوق الأوروبية خطوة أولى لوحدة أوروبا سياسيا ، وبالتالي تكون لفرنسا الزعامة في القارة الأوروبية أو التأثير الفعال في شكل هذه الوحدة السياسية ، لا سيما وأوروبا تقع بين فكي العملاقين : روسيا وأمريكا . كما كانت هي محل الحروب بل مصدر الحروب المتتالية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] أما نظرة بريطانيا فهي تعارض الوحدة الأوروبية ، فعملت على هدم السوق وحضورها الجلسات هو من أجل العرقلة والإعاقة والهدم .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] كما أن نظرة إيطاليا مثلا : تختلف عن نظرة فرنسا وبريطانيا ، فإيطاليا نظرتها اقتصادية وتحاول أن تتشبث بما ينهضها من كبوتها ويعيد لها نشاطها الاقتصادي ويعدل ميزانها المالي .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وهذان مؤتمرا بالطا وبوتسدام في أعقاب الحرب العالمية الثانية كانا من أجل اقتسام العالم وتوزيع تركة الحرب على الفرقاء المنتصرين . فنظرة بريطانيا كانت من أجل الحد من التوسع الروسي ، وأصرت أن يكون لفرنسا نفس النصيب الذي يخص كلا من بريطانيا وأمريكا وروسيا ، مع أن فرنسا لم يكن لها دولة آنذاك ، وأصرت أن تخرج روسيا من إيران واليونان ، وأن تحاط تركيا بسياج من الحماية تعهدت به أمريكا بمقتضى مبدأ ترومان .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وبما أننا بصدد المؤتمرات الاقتصادية وإن كان من الزاوية السياسية فلا بد أن نلقي نظرة فاحصة على الاقتصاد العالمي ودور الدول القوية صاحبة النفوذ والشركات العملاقة المتحكمة بأسواق العالم ، ودور الدول الضعيف صاحبة الخامات الهامة استراتيجيا ، والمواد الأولية والموارد الطبيعية فالدول الصناعية الكبرى تريد أن لا يفلت من يدها أية مادة من المواد الأولية والخامات الاستراتيجية إلا ويكون لها رأي في إنتاجها ويدٌ في تسويقها وتوزيعها . وهي دائمة الصراع والتنافس على هذه الخامات والموارد . يضاف إلى ذلك موضوع النقد العالمي وقاعدة التحويل التي يقوم عليها ، والنظام الدولي العام للعملات الدولية . فعمدت هذه الدول إلى عقد هذه المؤتمرات ، وأضفت عليها طابع الدولية والعالمية متظاهرة بالاهتمام بمصالح الدول النامية والفقيرة ليكون لها الأثر الفعال في الإشراف على اقتصاد كل دولة ، واستغراق السيولة النقدية التي تجمعت لدى الدول صاحبة الخامات بتكديسها كأرصدة واحتياطي في بنوك أوروبا وأمريكا . هي أي الدول الكبرى والصناعية والثقل السياسي هو الذي يرجح الكفة لصالح الدولة في مثل هذه الشؤون .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ففي مؤتمر (بريتون وودز) سنة 44 – 45م هو الذي فرضت فيه أمريكا جعل الدولار قاعدة التحويل العالمية وهو ميزان ومقياس كافة أنواع النقد العالمية ، وبالتالي كان صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وغيرهما من المؤسسات هي لصالح الدولار الأمريكي والاقتصاد الأمريكي – وبالطبع لم تشترك روسيا في مثل هذه الاتفاقيات والمؤسسات – وبعد مضي ربع قرن من الزمن أفاقت فرنسا من كبوتها وبدافع من بريطانيا دعت إلى إعادة النظر في اتفاقية بريتون وودز ، وأخذت توجد العراقيل في وجه الدولار وأوقعت أمريكا ودولارها في بعض الأزمات ، مما اضطر نيكسون إلى اتخاذ الإجراءات الاقتصادية بالداخل بزيادة الرسوم على المستوردات وتجميد الأجور والأسعار ، وفي الخارج بالإيعاز إلى كل من ألمانيا واليابان بتعويم عملتيها ، وأخيرا عمدت أمريكا إلى إيقاف التحويل بالدولار وتجميد العمل باستبداله بموجب الاتفاقية الآنفة الذكر . ولنضرب مثلا على الضغط الأمريكي حيال المستوردات اليابانية : ففي سنة 1980م صدرت اليابان إلى أمريكا 1.820.000 سيارة وقررت أن تخفض الرقم إلى 1.680.000 سيارة أي أن النقص يبلغ 77% وهو ما يوازي 140 ألف سيارة . وكانت قد بدأت داخل صفوف مصانع السيارات الأمريكية موجة مطالبة بالحماية إنها فشلت في ميدان المنافسة الحرة لجأت إلى الضغط من أجل الحماية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] شركة كرايسلر كادت تعلن إفلاسها ، لكن حكومة كارتر قررت إعانتها ببضعة بلايين من الدولارات . وتبعتها شركة فورد وغيرها من شركات السيارات الكبرى . وبدأت موجة من التسريحات العمالية ، وأقفلت مصانع سيارات كثيرة ، وأصبحت مدينة ديترويت نموذجا لمأساة إنسانية بعد أن كانت أكبر مدينة صناعية في العالم . وكانت المصارف الأمريكية ترفض تقديم قروض لمصانع السيارات . لكن خطوة اليابان شجعها ، مما ينجم عنه تقديم ما بين 12 – 14 بليون دولار إلى مصانع السيارات لتحديث الآلات على حد تعبير المصارف . والتحديث يعني مزيدا من البطالة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] والضغط على اليابان لم يكن بهدف حماية العامل ، وإنما كان بهدف حماية أصحاب رأس المال الذين لم يصمدوا في معركة المنافسة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فحجم أمريكا الاقتصادي وثقلها السياسي هو الذي كان له الأثر الفعال في إفشال محاولات فرنسا وبريطانيا لنقض اتفاقية بريتون وودز وإبعاد الدولار عن أن يكون قاعدة التحويل للعملات العالمية . وهذا مؤتمر (رامبويه) المنعقد في باريس من الدول الصناعية الست كان من إعادة النظر في أسس الاقتصاد العالمي ونظام النقد الدولي أيضا . ولكن ما تم أن أعقبته أمريكا بمؤتمر (بورتريكو) سنة 1976م ودعت إليه كندا أيضا لبحث مقررات مؤتمر رامبويه فأفشلتها أمريكا وبقيت حبرا على ورق .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وهناك نوع آخر من المؤتمرات المشتركة من الدول الصناعية والدول النامية ، مثل مؤتمر أل 77 الذي انعقد في مانيلا ، ومؤتمر التنمية والتجارة الدولية الذي انعقد في نيروبي ، ومؤتمر الحوار بين الشمال والجنوب الذي انعقد في باريس .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] أما مؤتمر أوتاوا الذي انعقد سنة 1981م فإن أهم مشكلة بحثها المؤتمر هي رفع سعر الفائدة للدولار الأمريكي . لأن هذه السياسة قد أضرت كثيرا بدول أوروبا الغربية إذ دفعت رؤوس الأموال لتهرب إلى السوق الأمريكية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] والصنف الأول من المؤتمرات والخاص بالدول الصناعية المتطورة تظهر فيه التصارع والتنافس . والصنف الثاني من المؤتمرات المشتركة مع العالم الثالث كان من أجل التسابق على اكتساب واستخراج الموارد الطبيعية ، وضمان أسواق أوسع لمنتجاتها الصناعية . ويظهر فيها طابع الإنسانية . ولذلك بحث فيها الفقر والجوع وإعطاء المساعدات وغير ذلك . فهي تريد أن تبحث في هذه المؤتمرات اقتصاديات الدول الفقيرة من حيث توزيع الفائض الهائل من عائدات النفط ، واستغراق تلك السيولة النقدية في مشاريع تحددها أو تسهم بها تلك الدول ، وفرض مساعدات مالية لبعض المؤسسات العالمية وبعض الدول الفقيرة في أفريقيا وآسيا ، وأن تتمكن من التصرف في الموارد الطبيعية لتلك البلدان إما بتحديد نسب الإنتاج والاستخراج مع تحديد الأمكنة التي يكتشف فيها عن دفائن تلك الخامات ، وإبقاء أمكنة أخرى دون استخراج ليتناسب المستخرج مع الحاجة المطلوبة للتصنيع والتسويق ، ورصيد الباقي في باطن الأرض احتياطا للأزمات ، وليتلاءم مع حاجة الأسواق أو ليضعف المتنافسون بعضهم بعضها من الدول الصناعية وكبريات الشركات ، لينفرد صاحب الثقل السياسي والاقتصادي بامتيازات الكشف والاستخراج وبالتالي يتمتع بأحقية التصنيع والتسويق فأمام العالم الآن عديد من المشاكل المالية والاقتصادية يبحثون لها حلول ومخارج . فمشكلة الجوع والفقر ، ونقص الغذاء العالمي ومشكلة التضخم المالي ، وزيادة الأسعار ، ومشكلة البطالة والغلاء ، ومشكلة الديون الهائلة ، ومشاكل الأزمات النقدية ، والعجز في ميزان المدفوعات في كثير من الدول ، ومحاولة إيجاد نظام جديد للنقد العالمي ، ومسألة مساعدة الدول النامية ، ومسألة التحكم في الموارد الطبيعية واستغلالها وغير ذلك من المسائل الكثير .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فمؤتمر أل 77 وضع فيه اقتراحات عديدة من مثل إنشاء بنك دولي عالمي ، منفصلا عن إدارة الدول الصناعية . ومؤتمر نيروبي بين الدول الغنية والفقيرة قد هيمنت عليه أمريكا اقتراحاتها التي أحبطت باقي الاقتراحات ، وانفض بدون نتيجة . فقد اقترح كيسنجر إنشاء بنك دولي للمصادر الطبيعية ، وهو يرى أن التنمية الاقتصادية في العالم الثالث تعتمد على الديموقراطيات الصناعية ، ثم أكد المستر (تايمون) وزير المالية الأمريكي آنذاك ثقته الاقتراح القائل بالتحويل التعويضي لصالح الدول المنتجة للموارد الأولية . فقد قابل كيسنجر اقتراح إنشاء بنك دولي للإنماء بإنشاء بنك دولي للمصادر الطبيعية أي يريد السيطرة والتحكم في توجه المصادر الأولية والموارد الطبيعية عن طريق الدولية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] أما اقتراح منتدى العالم الثالث وهو مؤتمر أل 77 المنعقد في منيلا وهو إنشاء بنك مركزي عالمي يصدر عملة دولية جديدة تفي باحتياجات التجارة الدولية واحتياجات التنمية . فما غطاء هذه العملة وضمانها ؟[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فكان الجواب إنها الموارد الطبيعية والقوى العاملة في الدول المختلفة ، أي أنه بنك مركزي عالمي ، يدار على أساس سياسي ، وليس على أساس حصص الدول في رأس المال . وهو كأي بنك مركزي يسيطر على حركة الائتمان الدولية ، ويصدر العملة الجديدة . ومعنى هذا الاقتراح أن تتحول كل العملات كالدولار والمارك والين وغيرها عملات محلية . ومعناه أيضا أن تنتهي السيادة الأمريكية على الاقتصاد العالمي . وكان قد سبق (كينز) المفكر الاقتصادي الرأسمالي إلى هذا الاقتراح عام 1945م . ولكن أمريكا رفضته كما أنها ترفض الاقتراحات الحالية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وحول التجارة بين الفقراء منتجي الخامات والأغنياء منتجي المواد المصنوعة يضع النظام الجديد حلا للمشكلة . فقد ثبت أن الدول المصدرة للمواد الأولية لا تحصل على أكثر من عشرة بالمائة من منتجاتها : الموز مثلا يباع في الولايات المتحدة بسبعة دولارات ، بينما يأخذه التاجر من هندوراس بست سنتات ، والفارق الشاسع والأرقام الإجمالية تقول أن المستهلك النهائي يدفع 200 بليون دولار ثمنا لمواد أولية مستوردة من الدول النامية . بينما لا تتسلم هذه الدول أكثر من ثلاثين بليون فقط أي 15 قرشا من كل جنيه . وتتبخر بقية الدولارات في الطريق للوسطاء والشركات الغربية التي تتولى الشحن والتأمين أو التعبئة والتصنيع البسيط .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فقد ثبت أن دول العالم الثالث كلها لم تحصل إلا على نسب ضئيلة من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير . وهذه النسبة طيلة العشرين سنة الماضية لم تتخط أربعة في المائة ، وكانت الست والتسعون في المائة للدول الغنية . وقد أصبح الوضع غريبا … قروض ومعونات لا تفي باحتياجات التنمية . بينما تستهلك أقساطها وفوائدها ستين بالمائة من إجمال المعونات الجديدة . وهذه الستين في المائة تذهب سنويا لخدمة وسداد الديون القديمة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وهذا أيضا (صندوق أوبك للتنمية الدولية) فقد بلغت مساهمات الأعضاء من مصادر الصندوق حوالي أربعة بلايين دولار . ولا شك أن ما يزيد عن ثلاثة أرباع هذا المبلغ مصدره البلدان العربية المنتجة للنفط . ولكن ما هو نصيب الدولة العربية المستهلكة منها ؟[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] في عام 1980م بلغ مجموع الإقراض المباشر لصندوق أوبك أكثر من 250 مليون دولار ذهب معظمه في قناتين :[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]الأولى : تصب في عمليات الإقراض الخاصة بالمشروعات ، وقد بلغت قروضها 153 مليون دولار استفاد منها (23) بلدا ناميا بينها أربع بلدان عربية فقط حصتها (23.3) مليون دولار أي حوالي 15% من مجموع القروض وهي : السودان 7.7 مليون دولار . وتونس 6 ملايين دولار . والصومال 5.5 مليون دولار . واليمن الجنوبي أربعة ملايين دولار .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]الثانية : فهي تصب في عمليات الإقراض لدعم موازين المدفوعات وقد بلغت قروضها 87 مليون دولار استفاد منها 28 بلدا ناميا بينها فقط بلدان عربيان بلغت حصتهما 7 ملايين دولار أي 8% من مجموع هذه القروض وهما : موريتانيا 5.5 مليون دولار . وجيبوتي 1.5 مليون دولار هذه أموالنا وهذه أوضاعنا الاقتصادية !![/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] أما ما يتعلق بالبترول – وهو العمود الفقري للصناعات العالمية – فإن النفط المستخرج من البلاد العربية فقط . تكلفة البرميل الواحد منه بما معدله 12 سنتا . يقابلها 600 سنت تكاليف البرميل الواحد من بترول ألاسكا و500 سنت من بترول بحر الشمال البريطاني والنرويجي وألف سنت من البترول المستخرج من رمال القارة ومن الصخور الزيتية . وإن تكلفة الإنتاج لمصادر الطاقة البديلة ليست وحدها العائق من تنافسها مع بترول الشرق الأوسط . بل إن الصعوبات الفنية والمشاكل المناخية المحيطة بتطوير هذه البدائل تجعلها عاجزة عن الوقوف أمام البترول العربي لحقب كثيرة . ففي مصنع طاقته 7 آلاف في اليوم من الصخور الزيتية يحتاج إلى ما يساوي ثلاثين مليون طن من حجر السجيل في العام . وأن ما ينتج عنه من فضلات الحجارة تحتاج إلى مساحات شاسعة من الأراضي والوديان لاستيعابها . مع حاجته إلى ما يقارب 400 مليون قدم مكعب من الماء في السنة في العمليات التحويلية المؤدية إلى استنباط النفط .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] أما فيما يتعلق بالتصفية والتكرير ، فإننا نجد أن طاقة التصفية في العالم تبلغ بحدود ثلاثة آلاف وأربعمائة وتسعة ملايين طن في السنة ، منها في البلاد العربية ما لا يتعدى 150 مليون طن . أي أن البلاد العربية المنتجة 33% من بترول العالم والمصدرة 56% من صادرات العالم النفطية لا تملك من وسائل التكرير والتصفية إلا ما هو بحدود 4% فتكون البلاد العربية قد خسرت فرقا بين المكرر في مصافي البلاد الغربية والمكرر في مصافي الدول العربية 241 مليون دولار كل يوم . والخسارة الإجمالية في فوارق التكرير كل عام 88 ألف مليون دولار . ففي مصافي التكرير في الولايات المتحدة وعددها 300 مصفاة يتم تكرير عشرين مليون برميل يوميا كما يوجد في ألمانيا الغربية وحدها 36 مصفاة بترول .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] في بداية الشهور الأولى من حكم الرئيس ريغان ، أقدم الرئيس الأمريكي على رفع الرقابة الحكومية عن النفط ، وبزوال هذه الرقابة الحكومية زالت عن الكثير من الشركات وخاصة مصافي التكرير المعونات المالية ، كما أن المصافي المستقلة لم تعد تستفيد من القوانين التي كانت تلتزم الشركات ببيعها النفط الخام لتكريره بسعر وسطي ، مما ألزمها إلى شرائه بالسعر الأعلى . وتشير التقارير إلى أن حوالي 16 مصفاة قد توقفت عن العمل نتيجة الإجراءات التي أسفرت عنها رفع الرقابة الحكومية عن النفط . وهذه الخطوة قد اتخذها ريغان ليفسخ المجال أمام الشركات العملاقة لتفلت من القيود السابقة التي كانت مقيدة بها في الأسعار وغيرها . وهذا العمل قام به ريغان وفاء بوعده بتخفيض الضرائب فضمن بذلك نجاحه في الانتخابات للفترة الثانية من حكمه .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وأما عوائد النقل والتسويق والخبرات الفنية فحدث عنها ولا حرج . مع هذا فإن صراخ الدول الغربية قد ملأ الآفاق بالنسبة لبترول الشرق الأوسط . فهناك محاولة لإعادة تدوير عائدات النفط الفائضة عن طريق الاستثمارات الطويلة الأجل . فإن البنوك الغربية ترى أن الاستثمارات القصيرة الأجل تؤدي بها إلى الارتباك والقلق . فهذه محاولة لتثبيت النقود بل هو الاستعمار الجديد بعينه ، ولكن بأساليب خداعة ملتوية ووسائل مشروعة ترتكز على قرارات واتفاقات جماعية ، يتبع فيها الضعيف القوي . ويستجدي الفقير الغني بل يفرضون من أنفسهم أوصياء على فقراء العالم ، ومعلمين للإنسانية ولهذه الملايين التي لم تستكمل سن الرشد بعد (على حد زعمهم) . أرقام خيالية وأوضاع مذهلة ، وفوارق شاسعة . ابتزاز واغتصاب وخداع واختلاس . اقتتال على الرغيف وصراع على القرش . أغنياء يمتصون دماء الفقراء ، وأقوياء يستعبدون الضعفاء . وكأنما العالم بأسره يحتاج إلى وضع جديد بل يتمخض عن نتاج جديد ، وينتظر مولودا جديدا : ذلك هو عودة الإسلام إلى الحياة ، والذي لمس الناس بأيديهم أن العالم بحاجة ماسة إلى هذا النظام الجديد ، الذي يغير وجه العالم ، ويقلب موازين القوى ، ويبدل أسس التفكير واتجاهات البحث : يبدل الأسس والمقاييس والاتجاهات الحياتية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فالإسلام له مواقف معينة من كل هذه الأوضاع وله نظرة معينة في الاقتصاد ، وواجب معين تجاه الرعية . نظرة تقوم على الحكم الشرعي المستنبط من الدليل الشرعي .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فالاقتصاد هو تدبير شؤون المال بالأحكام الشرعية على وجه يضمن إشباع الحاجات الأساسية بالنسبة لكل فرد مع تمكينه من إشباع الحاجات الكمالية ، باعتبار يعيش في مجتمع له طراز خاص من العيش مع ضمان الرعاية التامة لكل من يحمل التابعية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] والحكم الشرعي في الموارد الطبيعية والخامات أنها من الملكية العامة ، لا يجوز لأحد أن يمتلكها أو يتصرف بها أو يحصل على امتيازات منها لا من الأفراد ولا من المؤسسات أو الشركات الأجنبية كانت أو محلية . وإنما أمرها إلى الخليفة يتولاها ليصرف على أفراد الرعية بالتمكين أو التوزيع أو البدل ، وله أن يبقي منها من الاحتياطي ما يتطلبه الإنفاق العسكري والدعم الاستراتيجي . ويمنع الإسلام الامتيازات والاحتكارات والاستثمارات الأجنبية بكل أنواعها . وموقف الإسلام من المؤتمرات الدولية أنه لا يجوز الاشتراك فيها إلا إذا كان هناك مصلحة لحمل الدعوة ونشر المبدأ أو تحويلها لصالح المسلمين . فالعملاقات الخارجية في الإسلام من سياسية وتجارية وغيرها كلها تقوم على وجه فيه مصلحة لحمل المبدأ ونشر الإسلام ، لتكون كلمة الله هي العليا . وكلمة الذين كفروا السفلى والله عزيز حكيم .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [h=2]بسم الله الرحمن الرحيم[/h]
      كيف أخذ اليهود فلسطين
      [h=1]و[/h]
      كيف يسترجع المسلمون فلسطين
      [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إن من كبريات القضايا السياسية في العالم – باستثناء قضية الخلافة – هي قضية فلسطين ، أرض الرباط ، أرض باركها الله في كتابه الكريم ، كبيرة في حجمها ، عميقة في أبعادها التاريخية ، غريبة في بدايتها ، فاجعة في نهايتها – وإن لم تنته بعد – تكالبت عليها الدول والشعوب حتى الزعامات من أهلها ، تدرجت في مراحل سياسية متعددة ومتباينة ، طرحت بشأنها عشرات الحلول ، وصدر حيالها مئات القرارات من قبل عصبة الأمم ، وهيئة الأمم المتحدة ، ومجلس الأمن الدولي ومن مؤسسات دولية كثيرة.[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] كم من الزعماء تسلقوا عليها صعدا ، نفاقا وخداعا ، وكم من الدول حركت الجيوش لتنقذها فأغرقتها ، وكم من الأحزاب اتخذتها قميصا جعلته لها شعارا ودثارا ، كم من الحروب اشتعلت ، وكم من المآسي والفواجع ارتكبت ، وكم من الجرائم اقترفت بحق شعبها وأهلها ، بحق النساء والأطفال والشيوخ ، تشريد وإبعاد ، وتشتيت وتمزيق ، ولا تزال الأمة الإسلامية تعيش في خضم صراعاتها ، وتعاني من ويلاتها .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] أرض إسلامية سلمت للأعداء الكفار ، وبلاد مباركة دنسها أحقر شعوب الأرض ، أخرجوا منها أهلها بمؤامرات مع زعاماتها الأدعياء الدخلاء أصبحوا أصلاء والأصلاء غدوا لاجئين ونازحين ، طريدين مشتتين تفرقوا شذر مذر .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] ساوم اليهود عليها الخليفة عبد الحميد رحمه الله ، فرفض أن يملكهم منها شبرا واحدا ، ودارت الدوائر ، وهدمت الخلافة ، وانتدبت بريطانيا على فلسطين من قبل عصبة الأمم ، لتكون كفيلة بتنفيذ وعد بلفور ، وتحقيق فكرة الوطن القومي لليهود في فلسطين .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] صدر صك الانتداب في 24/7/1922م وصدر دستور حكومة فلسطين في 10/8/1922م ، وصدر الكتاب الأبيض الأول والثاني والثالث ، وجاءت عدة لجان تحقيق ، ثم صدر قرار التقسيم في 29/10/1947م ثم أعلن قيام دولة إسرائيل في 15/5/1948 ، ثم وقعت اتفاقيات الهدنة في رودس سنة 1949م كما اجتمعت من أجلها أكثر من خمس عشرة قمة عربية[FONT=&quot][1][/FONT] ، ثم أوجدوا منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1964م ولحقها منظمات أخرى ، وقعت ثورة 29 وثورة 36-39 ووقعت حروب 48 ، 56 ، 67 ، 73 ، 82 وغيرها .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وقعت اتفاقية كمب ديفيد رقم 1 بين مصر وإسرائيل ، ثم اتفاقية أوسلو فواشنطن ، ثم اتفاقية وادي عربة ثم اتفاقية (واي ريفر) .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] فوجئت الأمة الإسلامية باتفاق (غزة – أريحا أولا) ووجدت سلطة الحكم الذاتي ، ودخلت قوات جيش التحرير وتحولت إلى شرطة فلسطينية لتطارد المسلمين ، وتلاحق الفلسطينيين دفاعا عن اليهود ، وحفاظا على مصالحهم .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] يجب أن لا ننسى كلمة اللورد اللمبي حينما دخل القدس سنة 1917م قال : (الآن فقط انتهت حلقة الحروب الصليبية) وعندما عاد إلى بريطانيا كانت تنعته الصحف في افتتاحياتها (العائد من الحروب الصليبية) كما يجب أن لا ننسى قولة موشي دايان عندما دخل القدس الشرقية سنة 1967م قال : (الآن انتقمنا لخيبر) ويجب أن لا ننسى قولة ياسر عرفات حينما ألقى كلمة في الجمعية العمومية قال (إنه ليعز علي الدم اليهودي كما يعز عليت الدم العربي) ويجب أن لا ننسى كلمة الشيخ عبد الحميد السائح عندما كان رئيسا للمجلس الوطني الفلسطيني قال : (نحن واليهود أبناء إبراهيم يجب أن نعيش في فلسطين معا بسلام) ويجب أن لا ننسى كلمة الحسين عند توقيع اتفاق وادي عربة قال : (لقد حققت حلم جدي منذ عشرات السنين) ويجب أن لا ننسى كلمة عبد العزيز آل سعود حينما وقع على كلمات هي : (إنني أوافق على إعطاء فلسطين لليهود المساكين) فكيف أخذ اليهود فلسطيني ؟[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] عندما أخرج النصارى المسلمين من الأندلس سنة 1492م أخرجوا معهم اليهود ، وقد ذهب قسم من اليهود ليعيشوا مع المسلمين في دولة الخلافة ، والقسم الثاني توزعوا في البلدان الأوروبية ولكنهم وضعوا في (غيتووات) أي حظائر خاصة بهم منفصلين عن بقية الجماعات والسكان في الدول الأوروبية ، وفرق كبير بين عيشهم مع رعايا الدولة العثمانية ، وعيشهم في أوروبا منعزلين منبوذين .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] أما الذين عاشوا مع المسلمين فإن قسما منهم أعلنوا إسلامهم ، وأضمروا يهوديتهم ، وهم يهود الدونمة في سلانيك وغيرها ، وأخذوا يكيدون للدولة التي يعيشون فيها ، ويدبرون المؤامرات ، وقد التقى كيدهم هذا مع مصلحة بريطانيا وكيدها التي تحيك المؤامرات السياسية ، وتتخذ أنواع الخدع لضرب الخلافة وإضعافها.[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] أعطى نابليون وعدا لليهود بإعطائهم فلسطين .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] أعطى إبراهيم باشا وعدا لليهود بإعطائهم فلسطين .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وكلا الوعدين لم تتح الفرصة لتنفيذهما ، لهزيمة نابليون في فلسطين ، وإخراجه نهائيا من مصر ، ولملاحقة بريطانيا لإبراهيم باشا حتى أعادته إلى مصر بموجب اتفاقية لندن سنة 1840م وفي 2/11/1917م أعطت بريطانيا وعدا لليهود (وعد بلفور) بإعطائهم فلسطين وطنا قوميا لهم ، حيث أن اليهود تعاونوا مع بريطانيا في الحرب العالمية الأولى ، وكانت الفرصة مواتية لبريطانيا سياسيا مما مكنها من وضع الخطط لتحقيق هذا الوعد المشؤوم . فبحكم تأثيرها في عصبة الأمم ، فرضت من نفسها منتدبة على فلسطين . فعينت أول مندوب سامي عليها هربت صموئيل وهو يهودي . هذا بعد تنفيذها لاتفاقية سايكس بيكو – بينها وبين فرنسا .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] عندما وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها سرحت بريطانيا معظم الجيوش التي جمعتها من بلدان كثيرة من مستعمراتها ومن جملتها تسريح حوالي 80 ألف جندي يهودي بأسلحتهم ، وهؤلاء الذين تشكلت منهم عصابات الهجاناه واشتيرن وتسفاني لؤمن والأرغون وقامت هذه العصابات بثورة على حكومة الانتداب في فلسطين وأخذت تقتل الجنود البريطانيين وتنسف المراكز وغير ذلك ، وقد كان وراء هذه الثورة أمريكا . وهذا ضمن مخططها الجديد وهو مطاردة بريطانيا وفرنسا وإخراجهما من مستعمراتها لتحل محلها .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] عندئذ أعلنت بريطانيا بأنها ستضع هذه القضية في أحضان هيئة الأمم وتخلص من المأزق التي نتجت عن ثورات العرب واليهود .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] لقد جاء إلى فلسطين العديد من اللجان الدولية للاستطلاع والقيام بدراسات ووضع التوصيات والحلول . واستقر الأمر على طرح مشروع على هيئة الأمم يقضي بتقسيم فلسطين بين أصحابها الشرعيين وبين اليهود الدخلاء .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وبتاريخ 29/10/1947م اتخذت الجمعية العامة لهيئة الأمم قرار بتقسيم فلسطين ، وهو القرار رقم (181) وحينئذ قررت بريطانيا وبتوصية من الهيئة إنهاء انتدابها على فلسطين ، وفي منتصف ليل 15 أيار سنة 1948م كانت ساعة نهاية الانتداب ، وفي نفس الدقيقة أعلن قيام دولة إسرائيل ، وتبع ذلك اعتراف أمريكا وروسيا وبريطانيا بها ، وتبع ذلك أيضا إعلان دخول جيوش سبع دول عربية إلى فلسطين لحمايتها – وليتهم لم يدخلوها – وبدأت المذابح واشتعلت المعارك ، ثم فرضت هدنة مدة أربعة أسابيع بين الطرفين مما مكن اليهود من إدخال شحنات من الأسلحة .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] ومن ناحية ثانية بدأ الصراع بين الجيوش العربية وجرت بينها بعض المناوشات ، بدل أن يشتبكوا مع الفصائل اليهودية .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وبرزت مشكلة اللاجئين الفلسطينيين ، وتأسست وكالة الغوث الدولية لتشغيل وإغاثة اللاجئين الفلسطينيين .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وفي أوائل سنة 1949م بدأت المفاوضات في رودس بين ما سمي إسرائيل وبين مصر والأردن ولبنان وسوريا ، كل على حدة ، وهذه الهدنة لا تزال هي الهدنة من ذلك التاريخ إلى يومنا هذا ، بمعنى أن نتائجها بقيت ثابتة رغم الحروب المتعددة والخروقات التي حصلت بين هذه الأطراف .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] فما الذي حصلت عليه إسرائيل بموجب اتفاقيات الهدنة هذه ؟ وهل اتفاقات الهدنة هذه مؤامرات وصفقات ، أم هي استغفال لقيادات وزعامات ؟ هل هذه الاتفاقيات تكتيك حربي لتغير مواقع وتحصين مواقع ؟ أم هي كارثة ونكبة أمضيناها بأيدينا ؟[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وإليكم أيها الأخوة شيئا من نتائج اتفاقيات الهدنة هذه التي وقعت في رودس :[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] نقول كيف أخذ اليهود فلسطين ؟[/FONT]
      1- [FONT=&quot]أخذ اليهود من قضاء القدس (32) قرية مساحتها 243 ألف دونم ، وكان يتبع القضاء (64) قرية عربية ، وكانت مساحة القضاء في عهد الانتداب 558 ألف دونم .[/FONT]
      2- [FONT=&quot] أخذ اليهود من قضاء بيت لحم ثماني قرى وكان فيه زمن الانتداب ثلاث وعشرون قرية. [/FONT]
      3- [FONT=&quot] أخذوا من قضاء رام الله وكان يحتوي على (60) قرية مساحتها 686 ألف دونم ، خسر العرب ما يقرب من 5564 دونما .[/FONT]
      4- [FONT=&quot] خسر العرب من قضاء الخليل ستا وعشرون قرية مساحتها 1.107000 دونم من مساحة القضاء وكانت 2.176000 دونم وكان فيه (38) قرية .[/FONT]
      5- [FONT=&quot] لقد خسر العرب يافا كلها مدنها وقراها البالغ عددها (23) قرية ومساحتها 335.000 دونم . وكان لليهود فيها قبل ذلك 129 ألف دونم .[/FONT]
      6- [FONT=&quot] من قضاء الرملة أضاع العرب مدينة الرملة وإحدى وثلاثين قرية .[/FONT]
      7- [FONT=&quot] من قضاء اللد : أضاع العرب مدينة اللد نفسها وتسعا وعشرون قرية ومساحة القضاءين (اللد والرملة) 870 ألف دونم .[/FONT]
      8- [FONT=&quot] من قضاء جنين : خسر العرب ثماني قرى مساحتها 258 ألف دونم ، ومجموع مساحة القضاء 838 ألف دونم .[/FONT]
      9- [FONT=&quot] من قضاء طولكرم : خسروا تسعا وعشرون قرية مساحتها 365 ألف دونم .[/FONT]
      10- [FONT=&quot] قضاء نابلس : ويتبعه (90) قرية ومساحتها 1.591000 دونم خسر العرب منه 26 ألف دونم من أراضي طوباس .[/FONT]
      11- [FONT=&quot] حيفا : خسر العرب حيفا كلها مدنها وقراها وهي (41) قرية واثنا عشرة عشيرة . ومجموع مساحته مليون وواحد وثلاثون ألف دونم .[/FONT]
      12- [FONT=&quot] عكا وقضاؤها أصبح بيد اليهود ومساحته 779 ألف دونم وكان للعرب فيه خمسون قرية وثماني عشائر .[/FONT]
      13- [FONT=&quot] قضاء الناصرة : أصبح كله بيد اليهود ومساحته 497 ألف دونم وكان فيه للعرب (24) قرية وعشيرة واحدة .[/FONT]
      14- [FONT=&quot] قضاء صفد : أصبح كله بيد اليهود ومساحته 696 ألف دونم وكان للعرب فيه خمس وسبعون قرية وثلاث عشائر .[/FONT]
      15- [FONT=&quot] قضاء طبريا : أصبح كله بيد اليهود ومساحته (440) ألف دونم وكان للعرب فيه ست وعشرون قرية .[/FONT]
      16- [FONT=&quot] قضاء بيسان : أصبح كله بيد اليهود ومساحته 367 ألف دونم وكان للعرب فيه ثمان وعشرون قرية وأربع عشائر .[/FONT]
      17- [FONT=&quot] قضاء غزة : كانت مساحته 1.111.000 دونم وكان فيه ثلاث وخمسون قرية لم يبقى للعرب فيه سوى ثلاث قرى .[/FONT]
      18- [FONT=&quot] قضاء بئر السبع وهو أكبر الأقضية ومساحته 12 مليون و 557 ألف دونم وقد سقط بيد اليهود ولم يبق منه بيد العرب سوى زهاء 100 ألف دونم ، وكان يعيش فيه سبع قبائل تتفرع منها سبع وسبعون عشيرة .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot]كان في فلسطين في عهد الانتداب (822) قرية خلا المدن والعشائر استولى اليهود على (486) قرية وبقي (316) قرية في المنطقة الأردنية و (10) قرى في المنطقة المصرية .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] أما مجموع مساحة فلسطين فتساوي 27 مليون دونم و 55 ألف دونم . أخذ اليهود منها لغاية هدنة رودس (20) مليون و 940 ألف دونم .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إلى هنا أي 20 مليون دونم هي حدود الرابع من حزيران وما بعدها هي التي يطالبون بها. [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] وجاءت مؤامرة أل 67 ليأخذ اليهود فلسطين كلها ، وحدث نكبة جديدة ونزوح جديد . وعجبنا إلى مجلس الأمن الدولي ليصدر قراريه رقم 242 و 338 . ولكن ومع هذه المهانة فمن الذي سينفذ لمجلس الأمن هذا القرار ؟[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] أخذت إسرائيل تزرع المستوطنات في المناطق الجديدة وتكثف الوجود فيها ، وتشق لها الطرق ، وتوفر لها الحماية ، حتى أصبحت معظم المرتفعات الاستراتيجية تقام فيها القلاع والحصون ، وأصبحت كل قرية وكل مدينة تحت رحمة اليهود مهددة بالاجتياح والتقتيل والتخريب .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إن الذي أوجد هذه الدول ووزع عليها الصلاحيات المحددة هو الذي أوجد منظمة التحرير الفلسطينية ، وصار لها ممثل مراقب هيئة الأمم يتحدث باسمها ، وقامت بدور المفاوض ودخلت ساحة المساومات مع الداخلين .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] هكذا أخذ اليهود فلسطين ، وجاءت فترة المرحلة النهائية وهي إجراءات التوقيع والإمضاءات .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] ذهبت الوفود الأطراف إلى مدريد بإشارة من بوش ثم انتقلت إلى واشنطن ، ثم طرحت فكرة – غزة أريحا أولا – وإذا باتفاقية أوسلو تطل برأسها ، وبدأت الهرولة والتواقيع في واشنطن ، ثم التواقيع في وادي عربة ، ثم تواقيع واي رفر ، وهكذا ، وقبل هذا بفترة طويلة وقعت مصر اتفاق كمب ديفيد رقم 1 ولا ننسى أن إسرائيل دخلت لبنان مرتين ودخلت بيروت ، كما دخلت مصر مرتين في 56 و 67 حتى مكثت فترة طويلة على ضفاف القناة .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] والآن كيف يسترجع المسلمون فلسطين[FONT=&quot][2][/FONT] ؟[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] بعدما تقدم من سرد للأحداث والحالات التي أخذ اليهود فيها فلسطين ، هل بقي من أمل في أي نظام من الأنظمة القائمة في العالم الإسلامي عربية أو إسلامية ليقوم باسترجاع فلسطين ؟ وفي الحقيقة هل هناك من أحد منهم يمتلك إصدار القرار السياسي فيما يتعلق بقضية فلسطين ؟ وهل هناك من يمتلك تنفيذ ذلك القرار ؟ إن الأحداث والتجارب والوثائق والمؤتمرات كلها في مجموعها تعطينا الجواب الأكيد أن لا أن لا أحد .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] لقد أدركت جموع المسلمين والملايين منهم بأن الأمل قد انتهى ، وأنه لم يبق أي أمل في أي نظام من الأنظمة القائمة يعول عليه في استرجاع فلسطين ، كيف لا وهم يصرحون في اجتماعاتهم ومؤتمراتهم أن فلسطين قضية لا يفيد فيها السلاح ولا لزوم له ، لأننا الآن كما يقولون نسير في طريق السلام ، ومع القرارات الدولية والشرعية الدولية ، كما أنهم يوجهون اللوم لإسرائيل لأنها تضع العراقيل في وجه مسيرة السلام . هل بعد هذا من تخاذل ؟[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إنهم تنصلوا من قضية فلسطين ورفعوا أيديهم عنها في مؤتمر الرباط ، وجعلوها من اختصاص الفلسطينيين وحدهم ، أليس هذا من العار ؟[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إنهم أعلنوا في مؤتمر دكار إلغاء فريضة الجهاد ، أليس في هذا إثم مبين وعار وبيل ؟[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] بعد كل هذا فإن الواقع الذي نعيشه هو أن إسرائيل دولة تملك القوى البرية والجوية والسلاح المتطور ، ويتم تحريك هذا بقيادة تملك إصدار القرار السياسي وتملك المقدرة على تنفيذ القرار السياسي .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] هذا الواقع يفرض أن يكون هنالك دولة تملك القوة والسلاح وتملك إصدار القرار السياسي وتنفيذ هذا القرار . وبما أن الأنظمة القائمة الآن لا تملك شيئا من هذا ، فإن الحكم الشرعي والفرض الذي فرضه الله على المسلمين جميعا هو إيجاد الدولة الإسلامية وخلافة تملك إصدار القرار وتنفيذ القرار ، فالجهاد هو الطريق الشرعي والسياسي الذي فرضه الله لاسترجاع فلسطين ولحماية المسلمين وإغاثة المظلومين ونجدة المستضعفين ، والانتقام لهذه الأسر التي تشردت والعمل على إعادتها إلى ديارها والثأر لهؤلاء الذين سقطوا شهداء في ساحات المعارك يواجهون الدبابات والصواريخ بصدورهم العارية وحجارتهم .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] عندما اجتمعت الأطراف في باريس قبل قمة شرم الشيخ بيوم واحد اقترح أحدهم تشكيل لجنة دولية للتحقيق في الأحداث ولكن الزعيم الفلسطيني قال : لا بل لجنة تقصي الحقائق لأنها أكثر فعالية ، ورفض باراك الطلب ، أتدرون ما يعني هذا إنه كمن يريد أن يبحث الأدلة التي تثبت أن الشمس طالعة ، والحصول على هذه الأدلة فيه صعوبة بالغة ، أليست هذه مهازل ؟ أليس في هذا الطلب مخادعة مكشوفة ؟[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] تسلم عمر بن الخطاب مفاتح القدس والجيوش محيطة بها واسترجعها صلاح الدين بجيوش جرارة من مصر والشام .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إسرائيل تحتاج إزالتها من الوجود إلى جيوش زاحفة ، ودبابات هادرة وطائرات تسد عليها الأفق ، وصواريخ تنقض كالأجل المحتوم ، تأتيها عن شمالها وجنوبها ، ميمنة وميسرة وتأتيها عن شرقها من القلب ، وعندئذ لا نترك للبحر أن يبتلعها ، وإنما ينفذ فيهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (فتقتلوهم) في الحديث الذي يقول : (لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود فتقتلوهم أنتم شرقي النهر وهم غربية …) وهذا إخبار من الرسول صلى الله عليه وسلم يفيد الطلب ، أي يأمرنا بقتالهم قال تعالى : (واقتلوهم حيث ثقفتموهم ، وأخرجوهم من حيث أخرجوكم …) هذا ما يطلبه الله منا . والله لا يطلب أمر فوق طاقة المخاطبين .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] فلا تسترجع فلسطين الآن إلا بجيوش جرارة يقودها خليفة المسلمين وإمامهم ، ويطبق على يهود ما طبقه رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني قينقاع وعلى بني النضير وعلى بني قريضة . فالحكم لا بد من تنفيذه فيهم قريبا إن شاء الله قد خطه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إنه وإن كان قرار التقسيم سنة 47 يتضمن تدويل القدس فإن هذه الفكرة خبيثة جدا ، وهي في أصلها فكرة بابوية ، ليكون الولاء على القدس ليس خاصا بطرف معين لإبعاد اليهود والمسلمين عن ولايتها ، وعندئذ يكون الولاء السياسي للدول المتنفذة صاحبة القرارات .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إن النصارى يدركون تماما ما تضمنته العهدة العمرية التي طلبوها من الخليفة عمر بن الخطاب عندما سلموه مفاتيحها ، وإن أول هذه الشروط هو : أن لا يملكنهم فيها أحد من اليهود .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] فلا تدويل ، ولا ولاية دينية ولا سياسية على القدس ولا سلطان إلا سلطان الإسلام .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] أما ما يتعلق بالانتفاضة التي تواجه دبابات يهود في فلسطين المحتلة ، فلا يختلف اثنان بأنها تمثل من حيث المجابهة والجرأة والإقدام الذي عز نظيره . فالشباب المسلم الذي يواجه بصدره مجنزرات اليهود المختبئين وراء دباباتهم ، وداخل مدرعاتهم ، إنه لمثل عال في الشجاعة والتضحية ، وليصدق في يهود قول الله عز وجل : (لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر ، بأسهم بينهم شديد ، تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ، ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] ومع هذا فإن الانتفاضة في فلسطين المحتلة بعثت لهدف سياسي محضر فالحجارة لا ترد معتديا ، ولا خصما لئيما ، فهي لأمر من الأمور التالية :[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      1- [FONT=&quot]لتحريك المفاوضات من أجل ما يسمى السلام .[/FONT]
      2- [FONT=&quot] للتسريع في إعلان الدولة الفلسطينية .[/FONT]
      3- [FONT=&quot] لإقلاق يهود متطرفين ، وإزعاجهم ، ليوافقوا على ما يطرح من بنود اتفاق .[/FONT]
      4- [FONT=&quot] ليستيئس الناس بعد إثخان أبنائهم بالجراح والقتل والهدم والتدمير والجوع ، فيقبلوا بما يملى عليهم من حلول ، وهذه الأمور بمجموعها خيانة لا تساوي قطرة دم من شهيد ، فكيف إذا كان الصلح كله على 12% من فلسطين ؟[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot]الأخوة الأفاضل[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot]معاشر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها [/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إننا ندرك ، وكلكم تدركون ما قيمة القدس عند المسلمين ، وما هي منزلتها في نفوس الملايين من المسلمين ، وما هو شأنها عند الله . إنها مباركة في كتاب الله ، خصت بإسراء الرسول صلى الله عليه وسلم إليها ليعرج منها إلى السماء ، وخصت بأن تسلم مفاتيحها عمر بن الخطاب بيده .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إنها بشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لتكون مقر الخلافة الراشدة التي تأتي على منهاج النبوة ، وثم عقر دارها ، ولن يخرجها قوم فتعود إليهم أبدا .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] فإلى السلاح أيها الرجال ، وإلى الجهاد أيها الصناديد ، إلى الاستشهاد في سبيل الله ، إلى جنة عرضها السموات والأرض ، خلف قيادة مسلمة صادقة مخلصة ، تحت راية العقاب ، راية لا إله إلا الله محمد رسول الله .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot]فيا لها من صفقة راحة .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيَقتلون ويُقتلون ، وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ، ومن أوفى بعهده من الله . فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به ، وذلك هو الفوز العظيم .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [h=1]مسألة في التدرج بالأحكام الشرعية[/h] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] كثر الكلام في الآونة الأخيرة ، وفي هذه الأيام بالذات ، وعلى لسان بعض الجماعات الإسلامية ، بما يسمى بتدرج الأحكام الشرعية ، فأخذوا من ذلك ، الأحلاف المرحلية ، قولهم : إن التحالف مرحلي ، والمداهنة مرحلية ، وإنهم بهذا يريدون تطبيق الشريعة تطبيقا مرحليا ، ويستندون إلى هذا القول بعدة أدلة منها :[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] أولا : إن الله – عز وجل – لم يحرم الربا دفعة واحدة بل حرمه على فترات متقطعة بشكل تدريجي فقال – سبحانه – "وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون"[FONT=&quot][3][/FONT] . وقوله : "لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة"[FONT=&quot][4][/FONT] . وقوله : "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا"[FONT=&quot][5][/FONT] وقوله : "وأخذه الربا وقد نهوا عنه"[FONT=&quot][6][/FONT] .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ثانيا : أن الله – عز وجل – لم يحرم الخمرة كذلك دفعة واحدة وإنما بشكل تدريجي ، قال الله – عز وجل – "ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى"[B][FONT=&quot][7][/FONT] .[/FONT][/B] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ثالثا : إن الديانات كذلك أتت على فترات متقطعة ، متدرجة إلى أن وصل القرآن إلينا. [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] رابعا : إن القرآن نزل مفرقا ، منجما ، ولم ينزل دفعة واحدة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فأقول إن هذه الأدلة ليس فيها ما يدل على التدرج ، كما سنوضح .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] أولا : قوله – تعالى – "وما أتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربو عند الله" .[/FONT] [FONT=&quot] فإن هذه الآية الكريمة . لا علاقة لها بالربا ، فهي مستثناة من عموم أدلة الربا وذلك أن واقعها في غير الربا[B][FONT=&quot][8][/FONT] ، فإنه في الهبة والهدية ، أي من أعطى هبة أو هدية ، يريد ضعفها أو استردادها من الناس ، فلا يربو عند الله ، أي لا ثواب عليها عند الله ، وهذا الذي عليه علماء التفسير لهذه الآية .[/FONT][/B] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] قال الرازي[B][FONT=&quot][9][/FONT] – رحمه الله – في هذه الآية : ذكر هذا تحريضا ، يعني أنكم إذا طلب منكم واحد باثنين ترغبون فيه ، وتؤتونه ، وذلك لا يربو عند الله ، والزكاة تنمو عند الله كما أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – أن الصدقة تقع في يد الرحمن فتربو حتى تصير مثل الجبل ، فينبغي أن يكون إقدامكم على الزكاة أكثر .[/FONT][/B] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وقال القرطبي[B][FONT=&quot][10][/FONT] – رحمه الله – فيها : أن الربا قسمان : منه حلال ومنه حرام ، قال عكرمة في قوله – تعالى – "وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس" قال : الربا ربوان ، ربا حلال وربا حرام ، فأما الربا الحلال فهو الذي يهدي ، يلتمس ما هو أفضل منه ، وعن الضحاك في هذه الآية : هو الربا الحلال الذي يهدى ليثاب ما هو أفضل منه ، لا له ولا عليه ، ليس فيه أجر وليس عليه فيه إثم وكذلك قال ابن عباس "وما آتيتم من ربا" يريد هدية الرجل الشيء يرجو أن يثاب أفضل منه ، فذلك الذي لا يربوا عند الله ، ولا يؤجر صاحبه ، ولكن لا إثم عليه ، وفي هذا المعنى نزلت الآية .[/FONT][/B] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وقال أبو بكر بن العربي[FONT=&quot][11][/FONT] – رحمه الله – وكذلك يجوز الربا في هبة الثواب ، وقد قال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أيما رجل وهب هبة يرى أنها للثواب فهو على هبته ، حتى يرضى منها ، فهو مستثنى من الممنوع الداخل في عموم التحريم .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وقال في موضع آخر[B][FONT=&quot][12][/FONT] : بينا الربا ومعناه في سورة البقرة ، وشرحنا حقيقته وحكمه ، وهو هناك محرم ، وهنا محلل ، وثبت بهذا أنه قسمان ، منه حلال ومن حرام.[/FONT][/B] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وقال ابن كثير[B][FONT=&quot][13][/FONT] – رحمه الله – في هذه الآية أيضا : أي من أعطى عطية يريد أن يرد عليه الناس أكثر مما أهدى لهم ، فهذا لا ثواب له عند الله ، بهذا فسره ابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة وعكرمة ومحمد بن كعب والشعبي ، وهذا الصنيع مباح ، وإن كان لا ثواب فيه ، إلا أنه قد نهى عند رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خاصة ، قاله الضحاك واستدل بقوله – تعالى – "ولا تمنن تستكثر" أي لا تعط العطاء تريد أكثر منه وقال ابن عباس : الربا رباآن فربا لا يصح : يعني ربا البيع ، وربا لا بأس به وهو هدية الرجل يريد فضلها وأضعافها ثم تلا هذه الآية .[/FONT][/B] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وعليه فالعلماء من فقهاء ومفسرين على أن الآية موضوعها الهبة والهدية[B][FONT=&quot][14][/FONT] . وليست في موضوع الربا المحرم ، علما أن الآية مكية[FONT=&quot][15][/FONT] . ومعنى ذلك أن الآيات المدنية ستكون ناسخة لها . لمن يقول بإباحة الربا في أول الأمر ، وسيأتي بيان الناسخ والمنسوخ . في موضعه من هذا البحث إن شاء الله – تعالى – وهو غير التدرج .[/FONT][/B] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] أما قوله – تعالى – "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة" .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فإنه لا يفهم منه أكل الربا القليل في بدء الأمر ، حتى يؤخذ منه حكم التدرج في الأحكام الشرعية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] قال الشوكاني[B][FONT=&quot][16][/FONT] – رحمه الله – في قوله "أضعافا مضاعفة" ليس لتقييد النهي لما هو معلوم في تحريم الربا على كل حال ، ولكنه جيء به باعتبار ما كانوا عليه من العادة التي يعتادونها في الربا .[/FONT][/B] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وقال السايس[B][FONT=&quot][17][/FONT] فيها أيضا : وليست هذه الحال لتقييد المنهي عنه حتى يكون أصل الربا غير منهي عنه ، بل لمراعاة الواقع ، وللتشنيع عليهم بأن في هذه المعاملة ظلما صارخا وعدوانا مبينا ، واحتج بهذا نفاة مفهوم المخالفة ، القائلون بأن المخصوص بالذكر لا يدل على نفي ما عداه .[/FONT][/B] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ثم قال : وأجيب بأن من شرط مفهوم المخالفة ألا يكون للمذكور فائدة غير التخصيص بالحكم ومتى ظهرت له فائدة سوى التخصيص بالحكم ، بطل وجه دلالته عليه ، والوصف بالتضعيف قد ذكر هنا لبيان الواقع كما تقدم فظهرت له فائدة غير التخصيص بالحكم فانتفى شرط العمل بمفهوم المخالفة هنا لذلك .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وأيضا فإن جمهور العلماء من المفسرين ، على أن واقع الآية في تحريم الربا جملة ، حيث أن الرجل منهم لما كان له على رجل مال إلى أجل ، فإذا حل الأجل طلبه من صاحبه ، فيقول له الذي عليه المال : أخر عني ديْنك وأزيدك على مالك ، فكانوا يفعلون ذلك مرة بعد مرة حتى يأخذ الدائن أضعاف ديْنه الذي كان له في ابتداء الأمر ، فذلك هو الربا أضعافا مضاعفة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وبالإضافة إلى ذلك فإن هذه الآية ليست الأولى في تحريم الربا ، فهناك آيات من سورة البقرة في تحريم الربا ، كقوله – تعالى – "وأحل الله البيع وحرم الربا"[B][FONT=&quot][18][/FONT] وغيرها من الآيات . وقد قال المفسرون أن سورة البقرة أول سورة نزلت في المدينة[FONT=&quot][19][/FONT] ، وبذلك كله ينتفي كون الله – عز وجل – أباح أكل الربا القليل دون الكثير .[/FONT][/B] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وأما قوله – تعالى – "وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل" فقالوا إن تحريم الربا في هذه الآية ، بالتلويح لا بالتصريح ، فيؤخذ منه ، تدرجا في الحكم .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فأقول : فما الفرق في التحريم ، إن كان بالتلويح أو بالتصريح ما دام تحريما . هذا من ناحية ومن ناحية ثانية : إن الآية جاءت في اليهود ، والربا هنا لم يرد به الربا الشرعي الذي حكم بتحريمه علينا ، وإنما أراد المال الحرام ، كما قال – تعالى – "أكالون للسحت" يعني به المال الحرام من الرشوة وغيرها[B][FONT=&quot][20][/FONT] . فلا يحتج بها على تحريم الربا تدريجيا .[/FONT][/B] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] أما قوله – تعالى – "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين"[B][FONT=&quot][21][/FONT] .[/FONT][/B] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فلا تعني هذه الآية أيضا أنه كان قد سمح لهم بشيء قليل من الربا ، ثم قال لهم "فذروا ما بقي من الربا" .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ذلك أن الآية ، نزلت في قوم أسلموا ، ولهم على قوم أموال من ربا كانوا أربوه عليهم فكانوا قد قبضوا بعضه منهم وبقي بعض فعفا الله – عز وجل – لهم عما كانوا قبضوه وحرم عليهم ما بقي منه[B][FONT=&quot][22][/FONT] .[/FONT][/B] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وقال السدي[B][FONT=&quot][23][/FONT] وغيره : إن الآية نزلت في العباس بن عبد المطلب ، ورجل من بني المغيرة وكانا شريكين في الجاهلية ، سلفا في الربا إلى أناس من ثقيف فجاء الإسلام ، ولهما أموال عظيمة في الربا ، فأنزل الله – عز وجل – "ذروا ما بقي من الربا" من فضل كان في الجاهلية ، من الربا .[/FONT][/B] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ومعناه أن الله – عز وجل – أبطل من الربا ، ما لم يكن مقبوضا ، وإن كان معقودا عليه قبل إسلامهم ، فعفا عما قبض قبله ، أو قبل إيمانهم وإسلامهم وعلمهم بتحريم الربا . والذي يعضد ذلك ، قول الله – عز وجل – "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله"[B][FONT=&quot][24][/FONT] أي مما تقدم وانقضى ، ومن مثل ذلك قوله – تعالى – "وإن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف"[FONT=&quot][25][/FONT] يعني ما تقدم وانقضى في زمن قبل الإسلام أما في الإسلام فلا .[/FONT][/B] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وأيضا قوله – تعالى – "فإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم"[B][FONT=&quot][26][/FONT] أي : من الدين الذي لكم على الناس دون الزيادة لأن الله حرمها على المؤمنين ، وتوعدهم بالحرب إذا فعلوها وعادوا إليها .[/FONT][/B] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وكذلك ، قوله – عليه الصلاة والسلام – دالا على أن هذا كان في الجاهلية قبل الإسلام فقال (إلا أن ربا الجاهلية موضوع كله ، وأول ربا ابتدىء به ربا العباس بن عبد المطلب). [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فيفهم من مجموع ما ذكر أن الربا حرم من بداية تشريعه ، ولا يوجد فيه ما يدل على أن الله – عز وجل – أباح بعضه في بداءة الأمر ، ثم حرمه ، بل حرمه من أول حكم نزل على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ولكن تعدد النصوص ، كان ضمن وقائع متعددة ، ولا يوجد فيها ما يدل على التدرج ، فيبطل الاحتجاج بذلك ، والله أعلم .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] أما قول الله – عز وجل – "ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى"[B][FONT=&quot][27][/FONT] .[/FONT][/B] [FONT=&quot] فهذه الآية أيضا لا تدل على وجود التدرج في تحريم الخمرة وذلك من وجهين:[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT]
      [FONT=&quot] الأول منها : أن النهي منصب في هذه الآية ، على الصلاة وليس على الخمر ، حيث يقول – سبحانه – "ولا تقربوا الصلاة" فالنهي منصب على عدم الصلاة وأنتم سكارى ، ولا يعني أنه أمر بعدم شرب الخمرة أو أمر بشربها ، لأنه أتبع بقوله "حتى تعلموا ما تقولون" فيدل على أن النهي هو عن الصلاة حال السكر .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]والذي يدل على أن الخمرة لم ينزل فيها حكم التحريم إلا دفعة واحدة أو مرة واحدة . وليس على عدة مرات ، متقطعة ، أو متدرجة ، قول عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – (اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا ، فإنها تذهب بالمال والعقل) . فنزلت "يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ، ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما"[B][FONT=&quot][28][/FONT] . والإثم هنا : هو الضرر ، فدعي عمر – رضي الله عنه – فقرئت عليه ، فقال اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت "يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون" فدعي عمر فقرئت عليه فقال : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت "إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون"[FONT=&quot][29][/FONT] فدعي عمر فقرئت عليه فلما بلغ "فهل أنتم منتهون" قال عمر : انتهينا ، انتهينا .[/FONT][/B] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الخمر لم يكن فيها حكم قبل تحريمها أي أنها كانت متروكة على الإباحة ، أي أن الشرع كان ساكتا عنها مع فعلهم لها ، فلا يوجد ما يدل في الخمر على التدرج من هذا الوجه .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] الوجه الثاني : أن الذي يقول بالتدرج في مسألة الخمر ، اعتمادا على نزول أكثر من آية فيها ولم تدل على التحريم مباشرة ، فكانت مرة ، بذمها على اعتبارها تجلب مضرة ، ومرة بالنهي عنها في الصلاة ، والمرة الثالثة كان التحريم مباشرة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] أقول والصواب أن هذا الكلام لا يدل على التدرج ، بل يدل على أن فيه ناسخ ومنسوخ ، أي أن حكم الخمرة لم يكن فيه تدرج ، وإنما كان نسخا ، والذي قال بالنسخ مجاهد وقتادة[B][FONT=&quot][30][/FONT] ، وابن عباس[FONT=&quot][31][/FONT] . وأما معنى من أنه نسخ وليس تدرجا ، ذلك أن الذي حصل هو نسخ لحكم سابق بحكم لاحق ، وهذا معنى النسخ ، ولم يكن الأمر تدرجا ، أي لم يحصل أن أحدا شرب الخمرة بعد تحريمها ، أي بعد نزول آية المائدة ، وقال إني حديث عهد بالإسلام فلا أستطيع تركها دفعة واحدة ، ثم سكتوا عنه – أي عن عقابه – لا في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – ولا في عهد الصحابة والتابعين ، وتابعيهم .[/FONT][/B] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وهكذا جميع الأحكام التي قد يفهم منها السامع أنها تدرج وأنها مرة ، تلو مرة ، لكن الأمر فيها ليس كذلك ، بل هي نسخا ، لأن الرسول – صلى الله عليه وسلم – لم يرجع في الحادثة الواحدة والتي لها حكمان ، سابق ولاحق ، إلى الحكم الأول منها أو السابق ، ولم يحصل مع الصحابة والتابعين ، وتابعيهم كذلك ، فلو حصل أن أحدا شرب الخمرة ، بعد تحريمها لكانوا يقيمون عليه الحد مباشرة ، دون النظر ، أو القول أنها تدرج ، لتركها ، فدعوه يسكر ولكن لا يصلي ، وهو كذلك ، فلم يحصل ذلك أبدا ، فكيف يكون الأمر تدرجا ، ونأخذ به على أنه تدرج ، حتى أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لم يأخذ بالتدرج مع من أسلم من القبائل التي عرض نفسه عليها ، فمنهم من طلب من الرسول – عليه السلام – أن يترك صنمهم اللات ، مقابل دخولهم في الإسلام ، ومنهم من طلب الإعفاء من الصلاة فرفض أيضا ، ومنهم من قال : يكون لنا الأمر بعدك[B][FONT=&quot][32][/FONT] ، فرفض كذلك ، ولم يأخذ بالتدرج إلى أن يتسنى له الوصول إلى مبتغاه ، بل أبى إما الإسلام كاملا وإلا فلا .[/FONT][/B] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وهذا الأمر كاف للرد على من يقول بالمهادنة ، والتملق للحكام وغيرهم للوصول ، من باب التدرج بالأحكام الشرعية ، فهو تصرف واضح لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهو محل الأسوة والاتباع ليس غير .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فالموضوع إذن ليس موضع تدرج كون الحكم اللاحق مغايرا للحكم السابق فهذا ما أسماه الفقهاء بالناسخ والمنسوخ ، أي أن يأتي حكم لاحق يبطل ويعطل وينسخ حكما سابقا ، في الحادثة الواحدة ، وأن يكون الحكم شرعيا ، ومما يصح به النسخ ، وذلك مثل قوله – عليه الصلاة والسلام – (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكركم بالآخرة) وأيضا قول الله – عز وجل – مبينا أن في الشريعة الإسلامية ناسخا ومنسوخا ، قوله "ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها"[B][FONT=&quot][33][/FONT] . وقوله "وإذا بدلنا آية مكان آية"[FONT=&quot][34][/FONT] . وغير ذلك .[/FONT][/B] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وإليكم بعض الأحكام التي نسخت حكما لا تلاوة لأن النسخ يكون لحكم الآية لا لتلاوتها ولم يرجع فيها إلى الحكم السابق ، فمن مثل ذلك قوله – تعالى – "كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت أن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين"[B][FONT=&quot][35][/FONT] ، نسخت بآية المواريث "يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين"[FONT=&quot][36][/FONT] . وقوله – سبحانه - "واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم ، فاستشهدوا عليهن أربعة منكم ، فإن شهدوا فامسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت"[FONT=&quot][37][/FONT] ، نسخت بآية الجلد "الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة"[FONT=&quot][38][/FONT] ، وإن الصلاة إلى بيت المقدس ، قد نسخت بالتوجه إلى المسجد الحرام ويوم عاشوراء برمضان ، وغير ذلك كثير .[/FONT][/B] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] والسؤال هو : هل يجوز لنا أن نأخذ فيها بالحكم السابق بحجة التدرج بالأحكام ؟[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] والجواب القطعي : لا – لأن الحكم قد نسخ ، وعطل ، من قبل حكم آخر لاحق ، فلا يجوز شرعا الرجوع إلى الحكم المنسوخ والمعطل ، لأننا نكون قد فعلنا ما لم يأمر به الله – سبحانه – وهذا الذي عليه السلف والخلف بعدم الأخذ بالحكم المنسوخ.[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وأما القول بالنسبة لأحكام الرق ، بأن الله – عز وجل – عالجه بطريقة التدرج ، فهذا باطل أيضا ، لأن الله – عز وجل – لم يحرم وجود الرقيق ، بل أوجد منافذ له ، ولكن إذا عاود وجودهم ، فستعود أحكامه وسيعود وجود الرقيق ، ثانية ، مما يدل على عدم انطباق ادعائهم .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] أما القول بأن القرآن نزل مفرقا ، ومنجما ، ولم ينزل دفعة واحدة مما يدل على التدرج [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]أقول : إن هذا ليس تدرجا بالمعنى المقصود في البحث ، ذلك أن الله – عز وجل – كان ينزل الأحكام حسب الوقائع والأحداث ، فمثلا نزل أول ما نزل الإيمان وذكر الجنة والنار ، ثم بعد ذلك نزلت أحكام الحلال والحرام ، ثم بعد ذلك أحكام الجهاد والسياسة ، وهكذا . فإنه وإن كان تدرجا ، إلا أنه في أحكام متعددة ، ومتجددة ، وليس تدرجا في الحكم الواحد ، فلا ينطبق عليه ما يقولون ، وأيضا ليس فيه ما يدل على أننا مخاطبون بذلك أي أن ذلك من شأن الله – سبحانه – وليس فيه ما يدل على أنه خطاب من الشرع للعباد فلا علاقة لنا بكيفية نزوله ، حتى نقيس عليه.[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وكذلك القول أن الديانات أتت على فترات متقطعة ، متدرجة إلى أن وصل القرآن إلينا. [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فهذا أيضا قول لا يستدل به على صحة القول بالتدرج لنفس السبب أيضا ، وأن هذه الحالة تشبه حال الناسخ والمنسوخ كذلك ، فصحيح أن الديانات نزلت على شكل متقطع ، ولكن لكل ديانة أحكام وشرائع تختلف عن غيرها من الديانات ، وذلك لقوله – تعالى – "لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا"[B][FONT=&quot][39][/FONT] فلا يعتبر كذلك تدرجا بالمعنى الذي يقصدون ، لأن كل ديانة مغايرة للأخرى من حيث التشريع ، كما هو الحال بالنسبة لنزول القرآن مفرقا هذا من ناحية ، من ناحية أخرى ، إن في هذا القول ناسخ ومنسوخ ذلك أن القرآن ناسخ للشرائع السالفة ، لقوله – تعالى – "وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه"[FONT=&quot][40][/FONT] وهيمنة القرآن على الكتب السالفة هي بمثابة نسخ للشرائع السالفة ، أي مصدقا بها وناسخا لها. [/FONT][/B] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وهذا ما عليه الجمهور من الفقهاء بأن شرع من قبلنا ليس شرعا لنا ، ولذلك لا يجوز الرجوع في الأحكام إلى الشرائع السابقة لأنها نسخت بكتاب لاحق وهو القرآن الكريم وبشرع لاحق هو شرع الإسلام ، فلا وجود لما يعنونه من التدرج من هذا الوجه أيضا .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] حتى ولو سلمنا جدلا مع من يقول بالتدرج ، ألا إن ذلك كان في بدء الإسلام ، وفي عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم – على وجه الخصوص ، أما بعد ذلك فلم يعد له وجود ، قال الله – عز وجل – "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا" فلا رجوع إلى الأحكام الأولية لأنها نسخت كما بيناه ، ولذلك لا يقاس عليها ، لأنها معطلة ومنسوخة ، فلا أساس لمن يقول بالتدرج ، وخاصة بعد إكمال الدين وانقطاع الوحي ، فوجب على المسلمين أن يأخذوا الإسلام كاملا ويحسموه عاجلا لا يقبلون في الحق شفيعا ، وغير هذا اسمه تخدير للأمة ، بدلا من أن تهب مطالبة بشرعها ، جملة واحدة ، ولها في رسول الله أسوة حسنة ، حينما عرضوا عليه الجاه والسلطان والمال ، إلا أنه رفض إلا الإسلام ، ومقولته مع عمه ، والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته أو أهلك دونه . وفعله مع القبائل التي دعاها للإسلام – كما بيناه آنفا – كل ذلك كفيل برد ما يسمى بالتدرج .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ذلك أن معنى التدرج الذي يقصدون . هو أخذ الأحكام مجزئة ، وليست كاملة ، أي أن نأخذ جزءا من أحكام الإسلام ، للتطبيق تدريجيا للوصول إلى جميع أحكامه فيما بعد ، ويكون الجزء الآخر من الأحكام ليس من الإسلام ، كمن يطلب من الدولة تطبيق الشريعة ، بنظامها الاجتماعي ، أو الاقتصادي ، ولكن تبقى الدولة بنظام حكمها الديمقراطي أو الاشتراكي . وهذا يخالف الإسلام ، فلا نكون أخذنا لا بالإسلام ، ولا تركنا الديمقراطية أو الاشتراكية أو غيرهما من أحكام الكفر ، وهذا مخالف لما جاء به الإسلام ، وخاصة بعد إكمال الدين وإتمامه .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فالإسلام لا يقبل التجزئة ، ولا الوسطية ، ولا مزج أحكام الكفر بأحكام الإسلام ، وإن كان فيها فائدة ومصلحة ، إلا أنه لا يقبلها ، إما الحق كله وإما الباطل . ولا شيء غير ذلك "فماذا بعد الحق إلا الضلال"[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [h=1]بسم الله الرحمن الرحيم[/h]
      نظرات في التاريخ
      [h=2]أو عودة إلى كتابة التاريخ[/h] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] لكل أمة من الأمم تاريخها الخاص بها ، فتاريخ الأمة جزء من ثقافتها ، فيكون مستجمعا في أحداثه ووقائعه لحضارتها . والتاريخ في تعريفه هو : (التفسير الواقعي للحياة) ، فيكون التاريخ أحداثا صنعت ، وخطط لها ونفذت ، فلا بد من دراستها وتفسيرها وفهمها من حيث دوافعها ومقدماتها ، كما هو فهم لنتائجها وثمراتها ، فالأحداث السياسية اليومية المتتالية والمتشابكة في عالمنا اليوم ، هي تاريخ الأجيال فصناعة الأحداث السياسية وتدبيرها ، والتخطيط لها ثم تنفيذها ، كل ذلك يكون متعلقا بوجهة النظر في الحياة ، ولا يكون ذلك إلا من الفئة القائمة على تسيير دفة الأحداث .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فالتاريخ هو إجراءات يتطلبها تنفيذ المعالجات فهي من الطريقة ، فوعي القائمين على رعاية الشؤون وإخلاصهم وحسن تدبيرهم للأمور ، تعطي تاريخا ناصعا يصبح معجزة للأجيال حتى تنال شهادة الأعداء ، فتظهر الاستقلالية والتفرد والسيادة للمبدأ ، وصبح للأمة كافي كل يوم جديد أحداثا مستجدة تضاف سطورا في صحائف المجد ، تلهج بها الألسنة ، ويخلد التاريخ ذكر صانعي هذه الأحداث ، وبناة هذا المجد . ولا بد أن تكون صناعة الأحداث ، وتسيير دفة السياسة في الأمة المبدئية نابعة عن وجهة النظر في الحياة ، كما أن فهمها وتحليلها لا بد أن يكون مبنيا على وجهة النظر في الحياة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] أما تسجيل الأحداث وتنسيقها وسردها كوقائع لتصبح تاريخا ، أي عملية التدوين والتأريخ ، فهي كذلك لا بد أن تكون نابعة عن وجهة النظر في الحياة ، ليظل التاريخ صحيحا ، وليظل المؤرخ صادقا لأن التأريخ الحقيقي هو إبراز شخصية الأمة وإظهارها في صورتها التي تمثل كيانها بكل مقوماته ، كي يرى القارىء للتاريخ وكأنه يتلمس بنص الحياة ، ويعيش مع الواقع نفسه ولو بعد قرون عديد .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] كل ذلك يحدث للأمة وفي الأمة في حال قوتها وتأثيرها في الأحداث أو في صناعتها هي للأحداث ، وكأن صدى صوتها تردده جنبات الأرض من أقصاها إلى أقصاها ، فالمؤرخون الصادقون لن يفرطوا في جزئية من أحداث تاريخ أمتهم ولن يتركوا شيئا من ذلك تزل به الأقلام ، أو تنحرف به الأذهان ، لأن الفهم والوعي والإخلاص للمبدأ يفرض عليهم ذلك .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] أما عند ضعف الأمة ، أو عند إساءتها للتطبيق ، أو الانحراف في تنفيذ الأحكام ، أو التفريط في رعاية الشؤون ، أو الغفلة عن المحافظة على صيانة المبدأ ، أو القعود عن العمل لحمل المبدأ ونشره ، أو عدم إعطاء الأولوية لاستكمال بناء القوة بشكل دائمي ومستمر ، فإن حصول واحدة من هذه الأمور المذكورة يفضي إلى المداخلة في صناعة الأحداث ، والارتباك في تسيير دفة السياسة ، وبالتالي يكون لمن في قلوبهم نفاق ، ولمن وراءهم ممن يتربصون بالأمة الدوائر ، ويتحينون الفرص ، وينصبون لها الحبائل والمطائر ، يكون لمثل هؤلاء نصيب في صناعة الأحداث السياسية ، ويبدأ التداخل عند صناعة هذه الأحداث . وهذا التداخل سلبا أو إيجابا يكون له تأثير في حياة الأمة وفي سياسة الدولة ، وهذا ما فعلته بريطانيا بالأمة الإسلامية عند بدء الضعف في مقدرة الدولة على ضبط الأمور ، ومعالجة المشاكل ، وفي إساءتها للتطبيق .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فلا بد من الحرص عند قيام الدولة وبناء المجتمع ، أن يكون بناءا سليما ، وتنقية جسم الدولة وكيان الأمة من أية شائبة تؤثر على هذا الجسم . وبناء الأمة وقوة الدولة يتمثل في ناحيتين اثنتين :[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]أولاهما : البناء الفكري بنشر الثقافة الإسلامية وتعميقها ، مبنيا على أساس ثابت وهو العقيدة ، ليصبح البناء الفكري أساسا للبناء المجتمعي ، أي يصبح كيان الأمة كيانا مصمتا مصونا من أية لوثة ، ومحصنا من أي فكر يتناقص مع أفكار المبدأ . فلا يخترق ، ولا مجال لأن يكون هناك ثغرات يدخل منها أي فكر غريب .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]ثانيهما : بناء القوة المادية ، والعمل الجدي المخلص في بناء القوة العسكرية للدولة ، والإسراع في الصناعة التي تنتج أحدث الأسلحة وأفتكها ، لتلقي الرعب في قلوب الأعداء (ترهبون به عدو الله وعدوكم …) وأن يكون لرئيس الدولة (الخليفة) الإشراف المباشر على التصنيع الثقيل ، ولكن لا من الناحية الفنية ، وإنما سياسة التصنيع الحربي لا بد أن تكن له وهو الذي يشرف عليها الإشراف الفعلي ، كما أن له القيادة الفعلية للجيش .[/FONT] [FONT=&quot]كل ذلك والعسكريون لا بد أن يكونوا بمنأى عن كل ذلك ، سواء في رسم الخطط السياسية ، أو في سياسة التصنيع الحربي .[/FONT] [FONT=&quot]كل ذلك من أجل حماية كيان الأمة والذود عن حياضها ، ثم لتسيير الجيوش شرقا وغربا لنشر المبدأ وحمله وتوصيله للناس لاستكمال عملية التبليغ ، وهو الواجب الأهم في حياة الأمة والدولة (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم …) .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ولنعد الآن إلى تدوين التاريخ ، وكتابة الأحداث السياسية وسردها وترتيبها وربطها بعضها مع بعض .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إن الأمة الإسلامية في تاريخها التليد وعمرها المديد وأحداثها الكبيرة وتراثها الناصع ، يحتاج إلى كتابة جديدة وتفسير جديد يتناسب مع حجم الأحداث وتأثيرها في مراحل الإنسانية المتلاحقة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فالأمة الإسلامية كانت تشكل كيانا ضخما ، وهيكلا شامخا ، يشع منه نور كان له تأثير كبير في تحويل العديد من الشعوب ونقلها من حياة البؤس والشقاء وإنقاذها من براثن الزعامات المستبدة ، وانتشالها من وحدة العبودية ، والعودة بها إلى إنسانيتها ولمستها وعزتها وكرامتها ، وربطت الجميع برباط المبدأ وصهرتهم في بوتقة العقيدة ، أي حلت لهم العقدة الكبرى ، فأنارت بصائرهم ، وأدركت تلك الشعوب جميعا التي تكونت منها الأمة الإسلامية ، والتي كانت تعيش في دولة واحدة بقيادة إمام واحد ، أدركت أنها خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، كما أدركت أنها صاحبة رسالة تخرج بها الناس من الظلمات إلى النور كما أدركت أن الحياة الدنيا هي طريق للآخرة ، فكرست كل وقتها وبذلت كل مجهوداتها للجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله ، وكان النصر حليفها في كل معاركها مع الأعداء .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] أما هزيمتها الأخيرة التي قضي فيها على دولة الخلافة سنة 1924 فلم تكن إلا نتيجة مؤامرات من أبنائها انقلبوا عليها وتعاونوا مع أعدائها وتمت مشيئة الله في ذلك.[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إن سرد الوقائع التاريخية وترتيبها وربطها بأشخاص صانعيها لا يكون تاريخا للأمة ، ولا يكون تاريخا بمعناه الحقيقي يصور شخصية الأمة ويبرزها على حقيقتها . بل يكون فقط تاريخا لأشخاص ، وعندئذ يصبح تشويها للتاريخ وقلبا للحقائق ، كما يكون عرضة لتوجيهه الوجهة التي يريدها لها الكاتب أو المؤرخ .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فتاريخ الأمة الإسلامية ، تاريخ متكامل ، يشمل كل مناحي حياتها ، فالعلاقات وتنظيمها بين الناس ، في حياتهم ، وتنفيذ الأحكام والقوانين وتطبيقها على أحسن وجه ممكن ، والاهتمام برعاية الشؤون عموما ، ثم سير القضاء ونزاهته وعدالته ، وإعداد الجيوش وتسييرها في الفتوحات لنشر المبدأ ، ولحماية بيضة المسلمين ، والدفاع عن حوزة الدين وحماية المستضعفين ، ونصرة المظلومين ، وتنفيذ العقوبات وإقامة الحدود ، ووجود حشد كبير من الفقهاء والعلماء والسياسيين والمخترعين والمفكرين . كل هذه أجزاء يكمل بعضها بعضا ، يتشكل منها تاريخ الأمة ، ولا يجوز الاهتمام بناحية أو بواحدة من هذه وإهمال غيرها من مظاهر الحياة في شتى مناحيها ، لأن ذلك خلل في وصف الواقع ، وإساءة لفهم الواقع ، فليس هذا هو التاريخ .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إننا اليوم عندما نفهم الأحداث ونسهر على متابعتها وربطها بعضها مع بعض ، وتفسيرها من زاوية المبدأ ، نكون قد قاربنا الصواب في تفسير هذه الوقائع التي تكون فيما بعد تاريخا صحيحا . فالواقع والأحداث كلها أعمال سياسية يقوم بها من بيدهم زمام الأمور ، وهذا لا ينتج إلا من وجهة النظر أي لمصلحة المبدأ ، ورعاية الشؤون للأمة . فلا يجوز أن نأخذ الحدث ونعطي فيه رأيا معينا إلا بعد ربطه بكل ما له علاقة به .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]أولا : من حيث الغاية التي دفعت إلى القيام بالتخطيط لهذا الحدث ، ثم دراسة الظروف المحيطة به سواء الظرف المحلي أو الظرف الدولي ، ثم محاولة الغوص في أعماقه ، هل هو مكيدة من المكائد يراد نصبها للأعداء ؟ أم هو خطة يراد تدبيرها لإفساد أو إبطال مكيدة يدبرها الأعداء ؟ كما لا بد من العناية بفهم الأساليب التي تلجأ إليها لتنفيذ هذه الخطة . ثم هل هي من السياسة العامة للدولة ؟ أم هي جزئية من الجزئيات التي تختلف باختلاف الناحية التي يراد توجيهها إليها ؟[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إننا ونحن مفكرون سياسيون ، وسياسيون مفكرون ، يراد منا أن نكون رجال سياسة ، ويراد أن يكون منا رجل دولة ، أصبحنا نستبق الأحداث السياسية فهما وتحليلا ، كما أصبح باستطاعتنا سد الطريق على السياسيين المتنفذين ، بكشف خططهم وتعريتهم ، فما عهد علينا أحد من السياسيين الذين يمارسون السياسة الفعلية أننا أخطأنا في تفسير حدث سياسي ، أو انجرفنا في فهم سياسي ، بل أصبح فهمنا السياسي وعملنا في التحليل السياسي والكشف السياسي وتعميمه ونشره يطال سياسة الدول الكبرى مجتمعة ومنفردة ، وأي اختلال في الموقف الدولي ، أو أي تغيير في الهيكلية الدولية أصبحنا ندرك تأثير كل ذلك على العمل السياسي وتنفيذ الخطط السياسية ، سواء المحلية أو الدولية ، وهذا لا شك هو رصيد لنا يجعل منا فئة مؤهلة لأن تمارس العمل السياسي لتقارع السياسيين الدوليين ولتسحب البساط من تحت أقدامهم .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] تبنى الحزب قضية فلسطين ، وسار مع أحداثها من بداية الخمسينات وإلى يومنا هذا . يتابع الأحداث ، ويكشف المؤامرات ويوضح الخطط ، ويبرز الصراع على حقيقته بين أطراف هذه القضية سواء بريطانيا وأوروبا وأمريكا . وضع النقاط على الحروف ، ويبين دور كل حاكم من حكام هذه المنطقة ، وما هي المهام الموكولة إليه تنفيذها .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]ثم بين الحزب كيف تدرجت هذه القضية في سياسة القائمين على مجريات السياسة ، من رفض للتقسيم الذي تبعه إشعال النار في المنطقة ، واحترام المعارك بين أهل فلسطين واليهود الدخلاء ، والأدوار التمثيلية التي قام بها الحكام المحليون وجيوشهم .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]ثم وضعت اللاءات المشهورة في تاريخهم ، لا مفاوضات ، لا اعتراف ، لا صلح ، لا تفريط بشر ، لا ، لا … الخ .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]والآن نريد أن نأتي إلى نماذج عن كتابة التاريخ ، لنكتب تاريخنا بصدق وعلى حقيقته ، كما نريد أن نعيد كتابة تاريخنا السابق الذي دخله كثير من التشويهات والتفسيرات التي كانت ممسكا أو ورقة بين الأعداء يهاجمون بها الإسلام .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] الأمة الإسلامية صاحبة رسالة ، فلا بد أن يكون الجهاد أبرز عمل من أعمالها ، ولا بد أن يكون الإعداد له الأولوية في حياة المسلمين .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أنهى الدور المكي ببيعة العقبة الثانية وكانت بيعة حرب : إذ قال أحد رجال البيعة : (أتدرون على ما تبايعون الرجل ؟ إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من الناس) . وفور انتهائه من إجراءات البيعة أمر أصحابه بالهجرة إلى المدينة ، فبادروا إلى الهجرة خفية فرادى . فكان نهاية إخراجه من مكة ، وبداية هجرته إلى المدينة تحت غطاء إجراءات حربية . وعندما وصل صلى الله عليه وسلم المدينة جهز سرية بقيادة عبد الله بن جحش وطلب منه استطلاع أخبار القوم. [/FONT] [FONT=&quot]نعم بدأ الإعداد : إعداد القوة فاشترى الرسول السلاح ، واستعاد السلاح ، وبعث من يتعلم صناعة السلاح .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] كما لا بد أن تكون السياسة الخارجية وفهمها ومتابعتها من قبل الدولة لتعطى الاهتمام البالغ الدقيق ، والسهر الدؤوب لتكون للدولة سياسة خارجية متميزة ، ينتدب لها الأكفاء من الرجال الذين لا يقلون في أشخاصهم مضاهاة للخليفة نفسه ، رجال دولة يتقنون العمل ويحكمون القصد ويحسنون التصرف ، في كل ما له علاقة بالسياسة الخارجية ، وعلى رأس هذا الأمر الجهاد ، ليكون العمل يحمل الدعوة وتبليغ الرسالة سائرا سيره الطبيعي دون تعثر أو توقف. [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] كل هذا مبني على الآية الكريمة قوله تعالى : (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله . فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها) . وهذا يعني أن الحياة الأصلية والطبيعية للمسلمين أنهم حملة رسالة ، وأنهم أمة جهاد . ومن هنا كانت العقيدة الإسلامية عقيدة روحية وسياسية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إذن : هكذا يجب أن ينظر إلى الأحداث السياسية أي إلى تاريخ الأمة الإسلامية ، يجب أن ينظر إليها من قاعدة الأصل أن الأمة صاحبة رسالة ، لا بد من الاستمرار في حملها وتبليغها إلى العالم ، استمرارا لعمل الرسول في تبليغه الرسالة إلى العالم فكان الجهاد هو الطريقة الشرعية لحمل الدعوة ونشر الرسالة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]لأن الطريقة من جنس الفكرة . والفكرة هي حمل الدعوة وتبليغها ، والطريقة هي الجهاد أي استعمال القوة وتجهيز الجيوش وتحريكها شرقا وغربا لإزالة العوائق المادية التي تحول دون وصول الفكرة إلى أذهان الناس ، بلا إجبار ولا إكراه . ولذلك فقد طلب من المحاربين إذا بادروا لقاء القوم أن لا يبادؤوهم بالقتال حتى يعرضوا عليهم الإسلام أو دفع الجزية مع الخضوع إلى حكم الإسلام وإما بالسيف .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]فالمطلبات الأوليات ظاهر فيها تحاشي القتال ، ولم يكن اللجوء إلى القتال إلا بعد الاستفراغ من عدم جدوى البلاغ المبين الذي وجه إلى القوم . وبما أن السيادة لا بد أن تكون للإسلام فقط (ليظهره على الدين كله) عندئذ لا بد من مبادءة القوم بالقتال ، لتكون كلمة الله هي العليا ، ولإخراج الناس من الظلمات إلى النور ، وإنقاذهم من عبادة العباد ، وحصر العبودية لله الواحد القهار .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فالمسلمون مأمورون بالجهاد فرضا دائميا لا يجوز تعطيله ، ومأمورون بإعداد القوة التي ترهب الأعداء ومن وراء الأعداء . مأمورون ببذل المهج والأموال في سبيل الله (تجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم) .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وهكذا استمرت حياة الرسول في المدينة ، ومعه أصحابه على هذا الحال ، ثم استمرت الفتوحات ، وسارت الجيوش زاحفة متوجهة نحو الشرق والشمال والغرب .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وكان المسلمون في فتوحاتهم يعطون ولا يأخذون ، لتحقيق القصد الذي من أجله فرض الجهاد ، وهو : (لتكون كلمة الله هي العليا) . (ليظهره على الدين كله) . (كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور) .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فعند كتابتنا للتاريخ لا بد أن تكون مبنية على هذا الأصل . ومن هنا يكون المؤرخ صادقا حريصا على توخي الدقة لإبراز الصورة الحقيقية كأنها تنبض بالحياة ، ولتفسير الأحداث كلها في ضوء هذه الرؤية فقط ، بعيدة عن الأهواء ، بعيدة عن مساس الأشخاص بخير أو بشر وهذا ينسحب على الفتوحات الإسلامية كلها ، ابتداء من فتوحات الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده ، وحتى أواخر فتوحات الخلافة العثمانية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فهذا عقبة بن نافع عندما فتح شمال أفريقيا ووصل إلى شواطىء الأطلسي ، خاض البحر بحصانه حتى وصل الماء إلى ليته ، وعندئذ وقف وقال : والله يا رب لولا هذا البحر لمضيت مجاهدا في سبيلك أقاتل من كفر بك .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وهذا السلطان العثماني محمد الثاني الذي فتح القسطنطينية عندما دخلها خر ساجدا لله على نصره مغتبطا بانطباق حديث الرسول عليه وعلى جيشه حيث قال صلى الله عليه وسلم : (لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش) .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فكل حياة المسلمين طيلة ثلاثة عشر قرنا استمرت على هذا الحال ، ولهذا المقصد ، ولا شيء غيره ، لا طلبا للمال ولا للتشفي والانتقام ، ولا لاستعباد الشعوب وإذلالهم وأخذ ما يملكون ، ولا لطردهم من بيوتهم وتهجيرهم .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فالمسلمون في الحقوق والواجبات سواء ، وأهل الذمة محفوظة حقوقهم وذمتهم ، ومرعية شؤونهم ، لا يضارون في عيشهم ولا يضيق عليهم في ممارسة طقوسهم الدينية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فالأحكام الشرعية قيود تفرض على الناس يجب التقيد بها في كل عمل من الأعمال ، وهي في حد ذاتها توفر الخير وتحل المشاكل ، تنصف المظلوم ، وتؤمن الخائف ، وتتولى رعاية الجائع والفقير ، وليس لهوى النفس مكان في كل هذه التصرفات فكلها أحكام من عند الله .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] أما تاريخ غير المسلمين ، تاريخ الأمم الأوربية والأمريكية اليوم ، فإنه تاريخ ينبع عن أصل تفرضه طبيعة المبدأ الذي يعتنقون وطراز العيش الذي يعيشون فالمبدأ هو الذي يفرض عليهم كل تصرفاتهم الحياتية ، وينظم لها علاقاتهم مع غيرهم ، ويدبرون بموجبه شؤونهم . وبون بعيد بين حياة المسلمين التي تقوم على وجهة نظرهم عن الحياة والتي تنبني على العقيدة الإسلامية ، وبين حياة الغربيين التي تقوم على عقيدة فصل الدين عن الحياة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فيقوم المبدأ الرأسمالي على إبعاد الدين عن الحياة ، والابتعاد عن أوامر الله ونواهيه ، وإهمال لليوم الآخر .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فكانت المصالح والمنافع هي التي تحدد العلاقات وتقرر الغايات فكان الاستعمار واستعباد الشعوب وإذلالهم مطلبا يقرره المبدأ ، وهو الطريقة التي ينشرون بها المبدأ وبالتالي تعيش حفنة من الناس في ترف من العيش ، يملكون كل شيء ويتصرفون كما يشاؤون على حساب بقية الشعوب والأمم .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فتاريخ غير المسلمين هو تاريخ أشخاص فقط . لأن الغاية التي هي أصل العلاقات ، والتي ترك لهم المبدأ الانطلاق منها هي المنافع والمصالح فقط ، والذي يقرر هذه المصالح والمنافع من حيث هي ، هي الخطوط العريضة التي تقوم على إطلاق الحريات أي العودة إلى الحيوانية والبهيمية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فلا يجوز أن يقاس تاريخنا على تاريخهم ولا عيشنا وحياتنا على عيشهم وحياتهم . وكل من كتب من غير المسلمين مؤرخا للمسلمين ، إنما يكتب انطلاقا من هذه الرؤية إضافة إلى الحقد الصليبي الذي يأكل أكبادهم فأصبحت كتابات بروكلمان وجورجي زيدان وفيليب حتى الذين كتبوا الكثير من تاريخ المسلمين ، أصبحت اليوم مرجعا يستقى منه ويقتدي به من أراد أن يؤرخ من المسلمين ويكتب تاريخهم ، وذلك بتأثير الثقافة الغربية على أذهان المسلمين في تفكيرهم وحياتهم اليومية ، أي في تبعيتهم.[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فالقضية الأولى في كتابة التاريخ مع أهميتها وحتميتها ، فإنها ليست بكافية دون أن تقترن بتفسير الحدث التاريخي من الدوافع والعوامل التي أخرج بها هذا الحدث والنظرة في الظروف وكذلك الأساليب والخطط ، وأن يكون كل ذلك ضمن رؤية واضحة تقتضيها وجهة النظر .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] والقضية الثانية مع أنها لا تقل عن الأولى – التوثيق – فإن المغالطات والمخادعات كثيرا ما تتسرب إليها فتقلب الحقائق ويصور الحق باطلا والباطل حقا ، ثم تلوى النصوص وتحمل معان يريدها الكاتب والمؤرخ وهذا ما جرى عليه المستشرقون الذين اهتموا كثيرا بكتابة تاريخ الأمة الإسلامية ، وأفرطوا في التحريف والتزييف ، وحذا حذوهم الكثير من المصبوعين بالثقافة الغربية من أبناء المسلمين .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ونريد أن نأتي بأمثلة على المغالطات التاريخية التي تعمدها الكتاب والمؤرخون وانزلقوا فيها :[/FONT] 1. [FONT=&quot]محمد بن عبد الوهاب : وافق على إعلان الحرب من قبل السعوديين على دولة الخلافة وهذا من أكبر الكبائر .[/FONT] 2. [FONT=&quot] إبراهيم باشا : حارب دولة الخلافة وزحفت جيوشه حتى وصلت جبال طوروس ومكث عشر سنوات في بلاد الشام حتى أخرجته بريطانيا بموجب اتفاقية لندن سنة 1840 وفي هذه الفترة دخلت المؤسسات التبشيرية بلاد الشام ولم تخرج منها .[/FONT] 3. [FONT=&quot] الحسين بن علي : اتفق مع الإنكليز وأعلن الحرب على دولة الخلافة وأعلن قيام الثورة العربية الكبرى بإطلاق ما يسمى الرصاصة الأولى .[/FONT] 4. [FONT=&quot] جمال الدين الأفغاني ، ومحمد عبده ، وعزيز علي المصري ، وغيرهم المئات ممن أسموهم رواد النهضة ، وصناع التاريخ .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]إن العالم اليوم سيصبح من جديد ساحة للصراع بين أمريكا من جهة وبين باقي العالم دولا وتكتلات وقارات من جهة ثانية وحيث أن العالم كما يقولون أصبح وكأنه قرية واحدة ، للإبداع التكنولوجي ، إلا أن القدرات الفائقة للولايات المتحدة الأمريكية والتي يشكل برنامجها النووي الرهيب عنصر حماية لها ، بل عنصر تحد كما تعطيها أمكنية الإحاطة بالعالم بأسره .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ولكننا يجب أن لا يغيب عنا ضرورة تصادم الحضارات الذي يعلو فوق التصادم المادي والتحدي المادي والنووي . فكم من الحضارات عاشت حقبا وقرونا ولكنها بادت وانتهت .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] أما في القرن العشرين الذي انتهى بالأمس ، فإن الحضارات التي كانت موجودة على سطح هذه الكرة فهي : الحضارة الرأسمالية والحضارة الاشتراكية ، والحضارة الإسلامية ، وتلك حضارات مؤثرة وفعالة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] جرى التصادم بين الحضارتين الرأسمالية والحضارة الاشتراكية ، وآلت الاشتراكية إلى زوال ، وتفردت الحضارة الرأسمالية في هذا العالم اليوم ، تواكبها قوى مادية هائلة . وإلى هنا فقد آن الأوان للحضارة الإسلامية أن تأخذ موقعها الحقيقي لتعود من جديد سافرة متحدية . فقد انفتح الطريق أمامها وبدأ رسل هذه الحضارة يظهرون في مشارق الأرض ومغاربها يواجهون الضربات ويسددون السهام لحضارة المبدأ الرأسمالي والذي سهل الطريق وأزال العقبات أمام الحضارة الإسلامية هو العولمة وليس إلا فترات قصيرات تتخللها هزات سياسية .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]وما نرى بعدها إلا والحضارة الرأسمالية تتهاوى وتتساقط أركانها ، أو تعود السيادة عودا طبيعيا للحضارة الإسلامية ، كما كانت خلال عشرة قرون لها السيادة وبيدها القيادة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] انطلقت بريطانيا من قاعدة ، ورسمت المخططات لاستعمار الشعوب ، ونهب خيراتهم ، ليستمتع بها المواطن البريطاني . ومعروف كم هي الشعوب والمناطق التي استعمرتها بريطانيا في العالم ، إلى حد لم تكن الشمس تغيب عن ممتلكاتها كما يقولون .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وهكذا فعلت فرنسا ، ولكن إلى مدى أقل مما فعلته بريطانيا ، ومن طبيعة المبدأ نفسه الذي يعتنقه الطرفان ، كان الصراع بينهما والقتال على أشده ، وفي كل بقعة من بقاع العالم .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وكل بلد دخله الإنجليز أو الفرنسيون ، لم يخرجوا منه إلا وهو محترق ومدمر تدميرا بالغا ولا يزال ما يسمى دول العالم الثالث تئن وتعاني من وطئة الاستعمار وتعيش عيش الذل وعيش البؤس والفاقة . وهذه هي مخلفات الاستعمار ، فماذا سيكتبون عن تاريخهم ، فالاستعمار هو طريقة نشر المبدأ الرأسمالي ، وهو في طبيعته يعني فرض السيطرة السياسية والفكرية والاقتصادية والعسكرية على الشعوب الضعيفة لاستغلالها .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] لقد رأت الولايات المتحدة الأمريكية ، وبدوافع من طبيعة المبدأ الرأسمالي ، وبعد أن أحرزت النصر للحلفاء في الحرب العالمية الأولى تم لدراستها ومتابعتها للنفوذ البريطاني والهيمنة البريطانية على معظم مناطق العالم ، تستأثر بالخيرات ، وتنهب الثروات ، وتستعبد الملايين من البشر في خدمة الرجل الإنكليزي ، رأت أنها هي أولى بذلك ، وأنها صاحبة الحق لتكون هي البديل والوريث للسيطرة على العالم ، فأخذت تخطط لذلك ، وأوصلها تخطيطها ، وانتهت بدراستها إلى أن ذلك لا يتم وفي الساحة عمالقة الاستعمار بريطانيا ، وفرنسا ، وألمانيا وروسيا .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] والذي كرس اهتمامها بهذا الأمر، ووضعته موضع الجدية هو قيام الدولة البلشفية سنة 1917 وتبنيها لنظريات اقتصادية على النقيض من نظريات الاقتصاد الرأسمالي ، وتطبيقها عمليا في واقع الحياة ، والعمل على نشرها ، بواسطة الأحزاب الشيوعية ، وبطريقة إيجاد المتناقضات . فرأت أنه لا بد من الجدية القصوى ، والاهتمام الشديد لتنفيذ مخططها .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إذن لا بد من خلو الساحة الميدانية في العالم للمستعمر الأمريكي ، وتمهيد السبيل لرأس المال الأمريكي ، ليتنقل في العالم بحرية وأمان ، دون أن يكون هناك حواجز لأمريكا لإشعال الحرب العالمية الثانية وبدأت بالتنفيذ ، وتم لها ما أرادت .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] إذن :- لم ينته الاستعمار ، وإنما جاء بزخم جديد ، في ثوب جديد ، ولم ينته التمييز العنصري ، وإنما اتسعت الشقة بين من نصبوا أنفسهم أسيادا ، لا سيما وهم الذين أحرزوا الانتصار في الحرب العالمية الثانية ، وأنقذوا الإنسانية من براثن النازية ، فتحملوا الخسائر والتضحيات والأذى ، وهم أحق بالسيادة والقيادة ، السيادة على من صنفوهم العالم الثالث أو الدول النامية . كما لم ينته الفقر والجوع ، وإنما أناخ بجرانه على أصقاع وقارات واسعة من هذه المعمورة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] هذه هي أحداث التاريخ ، وهذا هو التاريخ الآن ، تاريخ الوقائع والأحداث ، تاريخ الصراع ، تاريخ القتل والفتك ، تاريخ انتهاك حقوق الإنسان .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فأحداث التاريخ عندما تصنع تكون عبارة عن وقائع موزعة على شتى مناحي الحياة في الدولة والمجتمع لتستكمل كافة عناصر نهضتها وحضارتها ، وتكون منفردة بسيادتها واستقلالتها ، مؤهلة لأن يكون لها دور عالمي في التأثير في توجيه دفة السفينة التي هي تعبير عن وضع المجموعات البشرية في إطار معين كما تفعله الولايات المتحدة الآن .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] ولكن مبدأ الإسلام في تشريعاته يقوم على أساس ثابت وهو العقيدة الإسلامية التي تنبثق عنها حلول المشاكل كافة ، فتشكل الاقتصاد ، والاجتماع والحكم والسياسة والتعليم والقضاء والجهاد ، وكلها تسير سيرا طبيعيا في تطبيقها وتنفيذها ، ليكتمل بناء المجتمع وبناء الدولة وكيان الأمة ، وعندئذ يصبح تاريخا مثالا يحتذى ، وظاهرة تظل بارزة عبر القرون . وبالتالي تعد نوعا فريدا في حياة الدول والأمم لا يتناولها الفناء ، بل يكتب لها الخلود والبقاء فهي إنسانية ما دامت هناك إنسانية ، أي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فتاريخ الأمة الإسلامية مدون ومحفوظ فهو موجود في الموسوعات الفقهية ، يمثل ينظم ، ينظم العلاقات في القضاء والعقوبات ، وفي الأموال كسبا وإنفاقا ، أي من مصادرها ، ووجوه إنفاقها ، وفي العلاقات الشخصية ونظام الأسرة والأحوال الشخصية ونظام الأسرة والأحوال الشخصية عموما ، وفي العلاقات الخارجية وحمل الدعوة والجهاد لنشر المبدأ .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] كل ذلك تضمنته تلك الموسوعات ، استنبط أحكاما منبثقة عن العقيدة تنزلت على وقائع فأحسن تطبيقها إلى حد كبير ، تناوله رجال الحكم ورجال القضاء ورجال السياسة . فكانت الأمة آنذاك تربة خصبة تنبت الرجال ، تنبت القادة العلماء والعظماء .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]فتاريخ الأمة الإسلامية تاريخ لمبدأها عقيدة وشريعة ، أفكارا وأحكاما ، قابلة للتطبيق . وقد طبقت في وقائع الحياة ، بعيدة عن التنظير والافتراض ، بعيدة عن الاعتماد على التجارب . فالفكرة واضحة وطريقة تنفيذها واضحة . تعالج الدخائل قبل أن تعالج المظاهر .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فتاريخ الأمة جزء من ثقافتها ، وهو خاص بها لأنه متعلق بوجهة النظر في الحياة اعتقادا وتشريعا ، فلا يجوز الخلط بين تاريخ وتاريخ ، ولا يجوز قياس تاريخ على تاريخ ، والأفذاذ من شخصيات التاريخ وجهة نظرهم في الحياة هي التي تجعل منهم رجالا تكبرهم أمتهم ، ولكن حسب متطلبات المبدأ . فكم كم صناع التاريخ في العالم ، لا قيمة لهم عند المسلمين ، وإن كانوا كبارا عند أممهم وشعوبهم ، لأن المبدأ ووجهة النظر في الحياة هي التي تقرر سمو الرجل وعلو كعبه. [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فهذا كلينتون يمد ذراعيه شرقا وغربا ليحرك الأحداث في العالم ، ولكنه تدنس بعلاقاته الجنسية . وهذا لا خير فيه عند معتنقي المبدأ الرأسمالي ، ولكنه يسقط شخصية الرجل وعدالته في الإسلام ، وهذا بوش الأب صنع لأمريكا ، ولكنه خطط لبوش الابن وأوصله إلى سدة الحكم بالتزوير . وهذا غش في نظر الإسلام . وفاعله يسقط اعتباره في المجتمع فهذه الحقبة التي يعيشها العالم اليوم حقبة القرن العشرين هي حقبة انتهاك حقوق الإنسان بكل تأكيد ، من قبل من بيدهم القوة والمال ، ولم يضعوا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إلا للتمادي في انتهاك هذه الحقوق . والتاريخ لن يرحمهم ، وستكتب أعمالهم وتصرفاتهم ويسألون ، وما زمن تقطيع العبيد وإحراقهم أحياء في أمريكا ببعيد . فلن تمر مذابح الشيشان ، ولا فظائع البوسنة والهرسك ، ولا مؤامرات تسليم فلسطين والأقصى لليهود ليعيثوا فيها فسادا ، لن تمر كل هذه دون حساب ، بل لا بد وأن تطال يد العدل كل أولئك قريبا عن التمكين لعباد الله المؤمنين في الأرض وما ذلك على الله بعزيز .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]والحمد لله رب العالمين[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [h=1][FONT=&quot] [/FONT][/h] [h=1]بسم الله الرحمن الرحيم[/h]
      [h=2]في ولاية المظالم والنظر في الحسبة[/h] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]أولا : ولاية المظالم وهي نيابة دار العدل .[/FONT]
      [FONT=&quot]النظر في المظالم قديم ، وكان الفرس يرون ذلك من قواعد الملك ، وقوانين العدل الذي لا يتم الصلاح إلا بمراعاته ، وكان كيومرْت أول ملوكهم حيث ملكوه حينما كثر الظلم وانتشر الجور بينهم وكانت قريش حين كثر فيهم الزعماء وانتشرت الرياسات وشاهدوا من التغلب والتجاذب ما … يكفهم عن سلطان جائر ، عقدوا بينهم حلفا على رد المظالم وإنصاف المظلوم من الظالم ، وقيل إن سبب ذلك رجل من اليمن من بني زبيد قدم مكة معتمرا ومعه بضاعة فاشتراها رجل من بني سهم ، قيل إنه العاص بن وائل فلواه بحقه فقام الزبيدي على الحجر وأنشد يقول :[/FONT] [FONT=&quot]يال قصي لمظلوم بضاعتــه ببطن مكة نائي الدار والنفر[/FONT] [FONT=&quot]وأشعث محرم لم تقض حرمته بين المقام وبين الحجْر والحجَر[/FONT] [h=1][FONT=&quot]أقائم من بني سهم بذمتهـم أو ذاهب في ضلال مال معتمر[/FONT][/h] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]وأن قيس بن شيبة السلمي باع متاعا من أبيّ بن خلف فلواه وذهب بحقه فاستجار برجل من جمح فلم يجره فقال قيس :[/FONT] [FONT=&quot]يال قصي كيف هذا في الحرم وحرمة البيت وأحلاق الكرم[/FONT] [FONT=&quot] أظلم لا يمنع مني من ظلم[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فأجابه العباس بن مرداس :[/FONT] [FONT=&quot] إن كان جارك لم تمنعك ذمتـــه وقد شربت بكأس الذل أنفاسا[/FONT] [FONT=&quot] فأت البيوت وكن من أهلها صددا لا تلقى ناديهم فحشا ولا باسا[/FONT] [FONT=&quot] وثم كن بفناء البيت معتصمـــا تلق ابن حرب وتلق المرء عباسا[/FONT] [FONT=&quot] قرمي قريـش وحلافي ذوائبهـا بالمجد والحزم ما عاشا ولا ساسا[/FONT] [FONT=&quot] ساقي الحجيج وهذا ياسر فلـج والمجد يورث أخماسا وأسداسا[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] فقام أبو سفيان والعباس حتى ردا عليه ماله واجتمعت بطون قريش فتحالفوا في بيت ابن جدعان على رد المظالم بمكة . وهو ما سمي بحلف الفضول .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] أما في الإسلام فقد نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم في المظالم في الشرب الذي تنازع الزبير بن العوام ورجل من الأنصار في شراج (ميل) الحرة ، فحضره رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه وقال : "اسق يا زبير ثم أرسل إلى جارك ، فقال له الأنصاري إن كان ابن عمتك … وجه الرسول صلى الله عليه وسلم ثم قال "اسق ثم احتبس حتى يرجع الماء إلى الجدر" فكان … أولا يريد من الزبير الاقتصار على بعض حقه على طريق الصلح والتوسط ، فلما لم يرض … قال ما قال ، أي استوف حقك يا زبير .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] وكان عبد الملك بن مروان أول من انفرد إلى المظالم وجعل لها يوما مخصوصا يجلس … وينظر في ظلاماتهم ثم كان عمر بن عبد العزيز الذي رد المظالم من بني أمية لأهلها حتى قيل له إنا نخاف عليك من ردها العواقب فقال : كل ما أتقيه وأخافه دون يوم القيامة لا وقيته . ثم جلس لها من خلفاء العباسيين المهدي والهادي والرشيد والمأمون وآخر من جلس لهم منهم المهتدي ثم انتصب لذلك جماعة من ملوك المسلمين.[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [h=1][FONT=&quot]ما يحتاج إليه ولاة المظالم :-[/FONT][/h] [FONT=&quot] يعينون لها يوما يعرف لدى الناس إلا إذا انتدب لها أناسا مخصوصين فيكون في كل الأيام. [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [h=1][FONT=&quot]اختصاصها :-[/FONT][/h] [FONT=&quot] تختص بالنظر في تعدي الولاة على الرعية وأخذهم بالعسف في المسيرة . وفي جور العمال وما يجبونه من الأموال ، والنظر في كتاب الدواوين لأنهم أمناء المسلمين على بيوت أموالهم فيما يستوفونه ويوفونه منها ، ولا يحتاج والي المظالم في تصفحها إلى متظلم .[/FONT] [FONT=&quot]والنظر في تظلم المسترزقة من نقص أرزاقهم أو تأخيرها عنهم . وفي رد المغصوبات وهي على ضربين :[/FONT] 1- [FONT=&quot]غصوب سلطانية كالتي اغتصبها الوليد بن عبد الملك من اليمني الذي اشتكى لعمر بن عبد العزيز فردها عليه .[/FONT] 2- [FONT=&quot] غصوب أصحاب القوة .[/FONT] [FONT=&quot]والنظر في مشارفة الوقوف . وهي وقوف عامة وخاصة . أما العامة فليس لها متظلم فيحكم فيها ويجريها على شروط واقفها ، أما الخاصة فلا بد من متظلم لها .[/FONT] [FONT=&quot]وفي تنفيذ ما وقف من أحكام القضاة لضعفهم عن إنقاذه وعجزهم عن المحكوم عليه .[/FONT] [FONT=&quot]وفي النظر فيما عجز عنه الناظرون في الحسبة من المصالح العامة كالمجاهرة بمنكر ضُعف عن دفعه ، والتعدي في طريق عجز منعه .[/FONT] [FONT=&quot]وفي مراعاة العبادات الظاهرة كالجمع والأعياد والحج والجهاد من تقصير فيها أو إخلال بشروطها فإن حقوق الله أولى أن تستوفى .[/FONT] [FONT=&quot]وفي النظر بين المتشاجرين والحكم بين المتنازعين .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [h=1][FONT=&quot]الفرق بين نظر ولاة المظالم والقضاة :-[/FONT][/h] 1- [FONT=&quot]إن لناظر المظالم من الهيبة وقوة اليد ما ليس للقضاة بكف الخصوم عن التجاحد ومنع الظلم من التكالب .[/FONT] 2- [FONT=&quot] إن لناظر المظالم أن يخرج من ضيق الوجوب إلى سعة الجواز .[/FONT] 3- [FONT=&quot] إنه يستعمل من فضل الإرهاب وكشف الأسباب ما يضيق على الحكام فيصل به إلى ظهور الحق ومعرفة المبطل من المحق .[/FONT] 4- [FONT=&quot] إنه يقابل من ظهر ظلمه بالتأديب .[/FONT] 5- [FONT=&quot] له من التأني في ترداد الخصوم عند اشتباه أمورهم واستبهام حقوقهم ما ليس للقضاة .[/FONT] 6- [FONT=&quot] له أن يرد الخصوم إلى أمناء يفصلون بينهم صلحا وعن تراض وليس للقضاة ذلك إلا برضى الخصمين .[/FONT] 7- [FONT=&quot] يأذن في إلزام الخصوم الكفالة فيما يسوغ فيه التكفيل لتقاد الخصوم إلى التناصف .[/FONT] 8- [FONT=&quot] إنه يسمع من شهادات المستورين ما يخرج عن عرف القضاة في شهادة المعدلين.[/FONT] 9- [FONT=&quot] إنه يجوز له أحلاف الشهود عند ارتيابه بهم إذا بذلوا إيمانهم طوعا ويستكثر من عددهم. [/FONT] 10- [FONT=&quot] يجوز له أن يستدعي الشهود ويسألهم عما عندهم في تنازع الخصوم ، وعادة القضاة تكليف المدعي إحضار بينة ولا يسمعها إلا بعد مساءلة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]ثانيا : الحسبة هي أمر بالمعروف إذا ظهر تركه ، ونهى عن المنكر إذا ظهر فعله ، ومن شروط ناظر الحسبة أن يكون حرا عدلا ، ذا رأي وصرامة وخشونة في الدين وعلم بالمنكرات الظاهرة واختلفوا في حمله الناس على رأيه ، فمن قال بذلك أوجب أن يكون مجتهدا وإلا فلا .[/FONT]
      [FONT=&quot] [/FONT] [h=1][FONT=&quot]الحسبة والقضاء :-[/FONT][/h] [FONT=&quot]الحسبة توافق أحكام القضاء من وجهين :[/FONT] [FONT=&quot] أحدهما : جواز الاستعداد إليه وسماعه دعوى المستعدي على المستعدى عليه من حقوق الآدميين وليس في عموم الدعاوى ، وإنما يختص بثلاثة أنواع من الدعوى .[/FONT] 1- [FONT=&quot]أن يكون فيما تعلق ببخس وتطفيف في كيل أو وزن .[/FONT] 2- [FONT=&quot] فيما تعلق بغش أو تدليس في مبيع أو ثمن .[/FONT] 3- [FONT=&quot] فيما تعلق بمطل وتأخير دين مستحق مع المكنة .[/FONT] [FONT=&quot]جاز له ذلك لتعلق هذه الدعاوى بمنكر ظاهر هو منصوب لإزالته واختصاصها بمعروف بيّن هو مندوب إلى إقامته .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]ثانيهما : أن له إلزام المدعى عليه الخروج من الحق الذي عليه ، وليس هذا على العموم في كل الحقوق ، وإنما هو خاص في الحقوق التي جاز له سماع الدعوى فيها إذا وجبت باعتراف وإقرار مع الإمكان واليسار ، فيلزم المقر الموسر بدفعها لأن في تأخيره لها منكرا هو منصوب لإزالته .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]والحسبة تقصر عن أحكام القضاء في وجهين :[/FONT] [FONT=&quot] أحدها : قصورها عن سماع الدعاوى الخارجة عن ظواهر المنكرات إلا بنص صريح يزيد على إطلاق الحسبة .[/FONT] [FONT=&quot] ثانيها : أنها مقصورة على الحقوق المعترف بها ، فأما ما تداخله جحد وإنكار فلا يجوز له النظر فيها .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]وتزيد الحسبة على أحكام القضاء في وجهين أيضا :[/FONT] [FONT=&quot] أحدهما : أنه يجوز للناظر فيها أن يتعرض لتصفح ما يأمر به من معروف وينهى عنه من منكر ، وإن لم يحضره خصم مستعد ، وليس للقاضي أن يتعرض لذلك إلا بعد حضور خصم .[/FONT] [FONT=&quot] ثانيها : لناظر الحسبة من سلاطة السلطة فيما يتعلق بالمنكرات ما ليس للقضاة لأن الحسبة موضوعة على الرهبة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [h=3][FONT=&quot]الحسبة والمظالم :-[/FONT][/h] [FONT=&quot]يتفقان في وجهين :[/FONT] [FONT=&quot]أحدهما : أن موضوعهما على الرهبة المختصة بسلاطة السلطة وقوة الصرامة .[/FONT] [FONT=&quot] ثانيهما : جواز التعرض فيها لأسباب المصالح والتطلع إلى إنكار العدوان الظاهر.[/FONT] [FONT=&quot]ويختلفان في وجهين :[/FONT] [FONT=&quot] أحدهما : النظرة في المظالم موضوع لما عجز عنه القضاء ، والنظرة في الحسبة موضوع إلى دفه عند القضاء .[/FONT] [FONT=&quot] ثانيهما : يجوز لموالي المظالم أن يحكم ولا يجوز ذلك للمحتسب .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [h=3][FONT=&quot]ذكر ما تشتمل عليه ولاية الحسبة وما يختص بها من أحكام[/FONT][/h] [FONT=&quot]الأول : الأمر بالمعروف وهو ثلاثة :[/FONT] 1- [FONT=&quot]المتعلق بحق الله تعالى ، وهما ضربان :[/FONT] [FONT=&quot]أ) ما يلزم الأمر به في الجماعة دون الأفراد كترك الجمع في وطن مسكون أو الأعياد .[/FONT]
      [FONT=&quot]ب) أما ما يأمر به آحاد الناس وأفرادهم كتأخير الصلاة حتى يخرج وقتها ، وكالآذان والقنوت في الصلوات . والطهارة .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] 2- [FONT=&quot]المتعلق بحقوق الآدميين وهو خاص وعام .[/FONT] [FONT=&quot]أما العام فكالبلد إذا تعطل شربه أو استهدم سوره أو كان يطرقه بنو السبيل من ذوي الحاجات فكفوا عن معونتهم ، فإن كان في بيت المال مال . لم يتوجه فيه أمر بإصلاح شربهم أمر بذلك وإلا فأهل المكنه هم الذين يقيمونه برضاهم .[/FONT] [FONT=&quot]وأما الخاص فكالحقوق إذا مطلت والديون إذا أخرت .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] 3- [FONT=&quot]ما كان مشتركا بين حقوق الله تعالى وحقوق الآدميين ، كأخذ الأولياء بإنكاح الأيامى من أكفائهن إذا طُلبن ، وإلزام النساء أحكام العدد إذا فُورقن ، ومن نفي ولد ثبت فراش أمه ، ولحوق نسبه ، أخذه بأحكام الآباء جبرا وعزره على النفي أدبا ، ويأخذ السادة بحقوق العبيد ، وأرباب البهائم يعلونها ، ومن أخذ لقيطا فقصر في نفقته وواجد الضوال إذا قصر فيها .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [FONT=&quot]الثاني : النهي عن المنكرات :[/FONT] 1. [FONT=&quot]النهي عنها في حقوق الله تعالى وهي على ثلاثة أقسام :[/FONT] [FONT=&quot]أ) ما تعلق بالعبادات : كالقاصد مخالفة هيئتها المشروعة والقاصد تغيير أوصافها المسنونة . مثل من يقصد الجهر في صلاة الإسرار ، أو يقصد الإسرار في صلاة الجهر ، أو يزيد في الصلاة أو الآذان ، ذكارا غير مسنونة ، أو إذا أخل بتطهير جسده أو مكان صلاته ، أو رآه يأكل في شهر رمضان ، أو يمتنع عن إخراج الزكاة من الأموال الباطنة ، أو طالب الصدقة الغني . أو انفراد محدث بالأحاديث المناكير ، أو واعظ أو مفسر خرق بقوله الإجماع ، أو خالف الحقيقة.[/FONT]
      [FONT=&quot]ب) ما تعلق بالمحظورات كمنع الناس من مواقف الريب ومظان التهم كوقفة رجل مع امرأة في طريق غير سابل . وإذا جاهر رجل بإظهار الخمر أو النبيذ ، أو إظهار الملاهي المحرمة أو ظهور السكران .[/FONT] [FONT=&quot]ج) ما تعلق بالمعاملات المنكرة كالربا والبيوع الفاسدة ، وما منع الشرع منه مع تراضي العاقدين ، وكعش المبيعات وتدليس الأثمان ومن تصرية المواشي ، والتطفيف والبخس في الكيل والميزان .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] 2. [FONT=&quot]أما النهي عنها في حقوق الآدميين المحضة ، مثل أن يتعدى رجل في حد لجاره أو حريم لداره ، أو وضع أجذاع على جداره .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] [h=3][FONT=&quot]مما يؤخذ ولاة الحسبة بمراعاته من أهل الصنائع في الأسواق ثلاثة أصناف[/FONT][/h] 1- [FONT=&quot]منهم من يراعى عمله في الوفور والتقصير مثل الطب والتعليم .[/FONT] 2- [FONT=&quot] منهم من يراعى حاله في الأمانة والخيانة ، مثل الحاكة ، والصاغة ، والقصارين والصباغين .[/FONT] 3- [FONT=&quot] ومنهم من يراعى علة في الجودة والرداءة وهذا مما ينفرد به بالنظر فيه ولاة الحسبة ، وليس لهم أن يسعروا على الناس لا في رخص ولا غلاء .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT] 3. [FONT=&quot]النهي عنها في الحقوق المشتركة : كالمنع من الإشراف على منازل الناس ، وكمنع الأسياد من تكليف العبيد ما لا يطيقون بشرط استعداء العبيد . وحمل الحيوانات ما لا تطيق كذلك ، ودفن الموتى في الأرض المغصوبة …… وهكذا في أمور لا عداد لها .[/FONT] [FONT=&quot] [/FONT]
      [HR][/HR] [FONT=&quot][B][FONT=&quot][1][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] ويضع قمم إسلامية[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][2][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] (1) 17/9/78[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][3][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] من سورة الروم آية رقم 39 .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][4][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] من سورة آل عمران آية رقم 130 .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][5][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] من سورة البقرة آية رقم 278 .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][6][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] من سورة النساء آية رقم 161 .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][7][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] من سورة النساء آية رقم 43 .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][8][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] الربا : الزيادة .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][9][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] في تفسيره .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][10][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] في تفسيره .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][11][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] في كتابه أحكام القرآن الجزء الأول .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][12][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] في نفس المصدر السابق الجزء الثالث .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][13][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] في تفسير القرآن العظيم .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][14][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] وقد دل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على مشروعية الزيادة في الهبة ، عن ابن عباس قال (أن أعرابيا وهب للنبي – صلى الله عليه وسلم – هبة فأثابه عليها ، قال رضيت ، قال لا ، فزاده ، قال رضيت ، قال لا ، فزاده ، قال رضيت ، قال نعم).[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][15][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] ذلك أن سورتها كذلك مكية انظر كتب التفسير .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][16][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] في كتابه فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراسة في علم التفسير .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][17][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] في كتابه تفسير آيات الأحكام .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][18][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] من سورة البقرة آية رقم 275 .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][19][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] انظر تفسير القرطبي الجزر الأول من كتابه الجامع لأحكام القرآن .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][20][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] انظر القرطبي في تفسيره الجزء الثالث .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][21][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] من سورة البقرة آية رقم 278 .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][22][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] للطبري في تفسيره جامع البيان .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][23][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] انظر القرطبي في تفسيره ، والطبري .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][24][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] من سورة البقرة آية رقم 275 .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][25][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] من سورة النساء آية رقم 23 .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][26][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] من سورة البقرة آية رقم 279 .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][27][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] من سورة النساء آية رقم 43 .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][28][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] من سورة البقرة آية رقم 219 .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][29][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] من سورة المائدة آية رقم 90 – 91 .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][30][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] انظر تفسير الطبري .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][31][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] انظر فتح القدير للشوكاني .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][32][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] انظر دعوته لقبائل في كتب السير .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][33][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] من سورة البقرة آية رقم 106 .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][34][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] من سورة النحل آية رقم 101 .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][35][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] من سورة البقرة آية رقم 180 .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][36][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] من سورة النساء آية رقم 11 .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][37][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] من سورة النساء آية رقم 15 .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][38][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] من سورة النور آية رقم 2 .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][39][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] من سورة المائدة آية رقم 48 .[/FONT]

      [FONT=&quot][B][FONT=&quot][40][/FONT][/FONT][/B][FONT=&quot] من سورة المائدة آية رقم 48 .[/FONT]





      ( أ ) ( ح ) ( ب ) ( ك ) ( الله ) ( حطك ) ( بقلبي ) ( كلك ) لا للعنصرية لا للتفرد لا للزندقة إن هدف الإنسانية الحديثة هو انصهار الأمة البشرية في قالب تفاعلي موحد من اجل الرقي بالجنس البشري