هل تعرف ما الفرق بين القسوة والحزم؟

    • هل تعرف ما الفرق بين القسوة والحزم؟

      مجتمع يفقد حاضره ومستقبله، هذه هي التسمية المختصرة والواضحة لهروب الأبناء من منزل الأسرة، واللجوء إلى الشارع.. لأبسط الأسباب!!


      فقد لا يعدو الأمر اختلافاً بين الأب وابنه يمكن تسويته بالحوار، لكن الوضع يتطور إلى الضرب.. وقد ترغب الابنة أو الابن في الخروج من المنزل والسهر حتى وقت متأخر، وبدلا من الحوار تأتي الأوامر والنواهي والتهديدات، ويحدث الرعب: فالهروب إلى حيث لا عنوان ولا أسرة..

      سبب الهروب
      وللإجابة على سؤال: لماذا يهرب الأبناء؟ أكدت أروى- 21 سنة، على أن الأهل هم سبب هروب الأبناء: فالأهل- في رأيها- لهم عادات غريبة يتمسكون بها، وهناك محاولات كثيرة لإقناعهم باختلاف العصر الذي يعيشون فيه، لكن كل المحاولات تضيع سدى.

      وتضيف: عندما أطلب من أبي أن أخرج مع أصدقائي أو أبيت معهم يرفض دون ذكر السبب، لهذا قررت أن أفعل ما يرضيني أنا، وليس ما يسمح به أبي، وخرجت من دائرة العيب والأوامر.. وهربت من البيت لأيام، ولما عدت للمنزل قام أبي بضربي بقسوة ( علقة سخنة) كي يعرف أين كنت ولكني تحملت ولم أقل عن مكان هروبي، وبعد ذلك أصبح الأمر عاديا بالنسبة لوالدي، وتركني أفعل ما أريد!!

      وترجع جاسمين – طالبة الجامعة- أسباب هروب الشباب من منازلهم إلى عدم اكتراث الآباء بشؤون أولادهم.. وتحكي تجربتها في هذا الأمر: حيث تقول: أبي دائم السفر، وأنا أعيش مع أمي التي تعمل في وظيفة مرموقة، ووقتها كله تقضيه في عملها حتى وهي في المنزل تغلق عليها حجرتها وتكمل عملها.. أما أنا فكنت أحصل على كل ما أريد دون رقيب، إلى أن جاء أبي وحاول أن يضع قيوداً من جديد على البيت؛ وهو ما سبّب لي ضيقاً شديداً، وتضيف: في هذه الأثناء عرض عليّ أحد أصدقائي الذهاب للساحل الشمالي كي نقضي وقتاً ممتعاً، ونصحني بالهروب التدريجي كي يتعود والداي على هذا، وهربت أول مرة لثلاثة أيام، والمرة الثانية لأسبوع، والثالثة لشهر، وبدأ أبي يفقد السيطرة عليّ، وأصبح لا يملك سوى التهديد بالضرب أو تزويجي من أي شخص يطرق بابه، ولكنها تهديدات لا تنفذ.

      قسوة الآباء
      بينما يؤكد تامر حسني- 22 عاماً، طالب- أن قسوة الأب هي التي دفعته إلى الهروب من المنزل؛ فقد تحول البيت إلى ثكنة عسكرية، وتحول هو إلى جندي في الجيش، ويدلل على ذلك بقوله: لقد كان أبي يشم فمي ويراجع نظافتي الشخصية ويحدد لي موعد الخروج والعودة، وكان الضرب والإهانة هما أقصر الطرق لتوصيل أفكارنا إلى بعض، لهذا كان قرار الهروب أمراً حتمياً للتخلص من تلك القسوة المستمرة، أما أمي فعندما أحتاج إلى أموال لكي أشتري البانجو والعقاقير المخدرة أذهب إليها في أوقات عدم تواجد أبي في المنزل.

      ويتفق أمير محمد- 20 عاماً، طالب، مع سابقه في أن الأب هو السبب في هذه الظاهرة، ويحكي عن تجربته فيقول: كان أبي يضربني ويحبسني في الشرفة وعمري ست سنوات، لا يفرق بين شتاء أو صيف، وعندما كبرت وجدته يهددني بالطرد من المنزل إذا تأخرت ذات مرة نفذ تهديده دون تفاهم، ومن يومها وأنا لا أذهب إلى البيت إلا كل سنة مرة وتركت دراستي وضاعت حياتي.

      عودة روح الأسرة
      وتعليقا على ممارسات هؤلاء الشباب الذين اتخذوا من الهرب وسيلة للتحرر من قيود الأسرة يؤكد الأستاذ الدكتور سيد صبحي أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس أن هذه ظاهرة خطيرة، وتهدد بانهيار المجتمع، خاصة بعد تكرارها في الفترة الأخيرة.. ويعود جزء كبير من هذه الظاهرة إلى الأسرة التي أصبحت عاملا أكثر طرداً وليس جذباً.

      ويضيف: لابد أن تقوم الأسرة بدورها المقدس.. فلابد أن يقوم الأب بدور المتابعة، والأم لا تخفي عن الأب أي مواقف أو أسرار تخص أبناءه.

      ويطالب صبحي بضرورة عودة روح الأسرة كي نحمي أولادنا من المخاطر التي تعترض طريقهم؛ فالقسوة لم تعد تجدي.. فنحن نرى أن أغلب الحالات مريضة نفسياً وتنتقم من والدها أو والدتها في نفسها.. تفعل كل ما كانت منهية عنه تخرج وتسهر وتشرب وكأنهم يقولون: ها نحن نفعل ما نريد.. فنحن في حاجة للنظر لما نؤسسه في أبنائنا؛ لأنهم ضحايا وليسوا جناة.

      بينما يشير الأستاذ الدكتور أحمد المجدوب أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس إلى أن الروابط الأسرية اختفت؛ فلم تعد هناك مائدة تجمع شمل الأسرة، ولم يعد هناك وقت كي ينظر كل طرف في عين الطرف الآخر وكي يعرف هل هو مسرور أم مهموم.. فهذه الظاهرة نتاج لانشغال الأب والأم بجمع النقود، ونسيان رعاية الأبناء.

      ويضيف: وفي الوقت ذاته نجد الأبناء بمفردهم مع القنوات الفضائية والإنترنت، ويرون ماذا يفعل الغرب، منبهرين بهم، ولا يعرفون ماذا وراء ما يشاهدونه؛ فيصبحون أسرى لما تقدمه لهم الآلة الإعلامية الغربية دون تصحيح، ومن هنا تأتي الحاجة ملحة لعودة الآباء إلى البيت كي يُخرجوا جيلا صالحاً يعرف ما له وما عليه.

      وعلى الآباء أن ينتبهوا إلى أن هناك فرقا بين: ( الحزم ) و( القسوة ) فبعض الآباء والأمهات يتشدّدون في التعامل مع أبنائهم لدرجة التضييق وشدّ الخناق وأحياناً الحرمان.

      وإذا سألت أحدهم: لم ذلك؟
      يقول: لابد أن يكون الأب حازماً.. أو لابد أن تكون الأم صارمة، وإلا أفلت الزمام.

      ومع اتفاقنا على أنّ الزمام لا ينبغي أن يفلت، وأن الأمور البيتية والشؤون الأسرية لابد وأن تدار بحكمة عالية، إلا أن هناك فرقاً واضحاً بين ( القسوة) وبين ( الحزم )، نحددها على ضوء ما يرى علم النفس في النقاط التالية:

      أ‌- يُقال إن الحزم ( متبصر) أي يُقدر حالة الأبناء والبنات والظروف المحيطة بهما، والوضع النفسي لهما، ولذلك فهو يتحرّك ضمن حدود معلومة. أما ( القسوة ) فهي ( عمياء ) لا تأخذ شيئاً من ذلك في الاعتبار، ولذلك فليس لها حدود بل هي منفلتة.

      ب‌- الحزم هو صدى الحكمة والعقل والاهتمام بمصلحة الشاب أو الشابّة، أمّا القسوة فهي صدى الانفعال الذي تفوح منه رائحة الغضب المستشيط والسيطرة والخروج عن حد المعقول.

      ج- يستهدف ( الحزم ) مساعدة الشاب على إصلاح نفسه بنفسه، فهو عادة مصحوب بالحبّ الصادق، بينما تستهدف القسوة سلب إرادة الشاب المراهق وجعله عاجزاً عن إصلاح نفسه، لأنها مشفوعة بالانفعالات، ومن هنا فإنّ الحزم عامل بناء، والقسوة عامل هدم وتدمير.

      د- (الحزم) يساعد على الاستقلال التدريجي وتحقيق قدر أكبر من التكيّف، بينما القسوة لا تُحقق إلا العبودية وفقدان الإحساس بالمسؤولية، وتحول دون تبلور الشخصية السوية.

      منقول
    • السلام عليكم

      موضوع رائع تم من خلاله توضيح نقاط كانت غائبه عن البال ... من حيث كيفية التعامل مع بعض الأخطار التي تتصدم بها الأسرة ..
      من الأعماق شكرا ً على هذا النقل الهادف ..
      وأسأل الله لي ولكم الأجر والثواب

      الهدى :)