
تحقيق د. محمود بن مبارك السليمي و أ.د. محمد حبيب صالح، وكتاب كشف الغمة يعتبر أول موسوعة تاريخية عمانية عن تاريخ عمان منذ الجاهلية وحتى أواسط العصر الحديث، ويعد المصدر الأول والأكثر أهمية وذا قيمة علمية بين المصادر التاريخية العمانية، اعتمد عليها كل شيوخ المؤرخين العمانيين الذين كتبوا في التاريخ العماني بدءا من عصر المؤلف وما بعده كمصدر رئيسي في كتاباتهم.
يتميز الكتاب بتسلسل الأحداث التاريخية و سرد منطقي متوازنٍ للحقائق بعبارات موجزة وواضحة ومفهومة، واتبع أسلوب التاريخ الحولي لأحداث عصر الرسول صلى الله عليه وسلم أي على أساس السنين منتقيا المصادر التاريخية من أمهات الكتب الإسلامية.
يتميز كتاب كشف الغمة بعدد من الميزات ومن أهمها: أنها تعد عملا موسوعيا بامتياز يغطي مراحل مفصلة في تاريخ الدولة الإسلامية، ويقدم الازكوي فيه عملا فكريا حقيقيا. فقد تمكن الازكوي بحكم ثقافته الواسعة و معرفته التاريخية الموسوعية من تقديم مخطوطته بأسلوب المؤرخ الذي يحسن التعامل مع المادة العلمية التاريخية، وأرخ للأحداث المهمة في التاريخ الإسلامي والعماني بمنهجية علمية وعرض منطقي ومتوازن للحقائق التاريخية.
ومن ميزات الكتاب أن مؤلفه الازكوي استطاع أن يقدم للباحثين والمؤرخين مادة علمية تاريخية قيمة ونادرة عن تاريخ عمان، واحتفظ لنا وللتاريخ في مخطوطته بمجموعة من الخطب والرسائل التي كادت أن تندثر مثل (خطبة أبي حمزة الشاري في المسجد النبوي الشريف، ورسائل عبدالله بن أباض التميمي إلى عبدالملك بن مروان) كما تعد المادة التاريخية التي قدمها لنا في هذه المخطوطة عن تاريخ عصر النباهنة، وعصر اليعاربة درة عمله الموسوعي هذا، فهو الشاهد الحي والمصدر الناطق والمؤلف المبدع لتاريخ عصر اليعاربة بدون منازع.
من ميزات تحقيق الكتاب أنه بفضل استخدام المحققين للنسخة الأصلية من المخطوطة والتي كتبت بخط يد المؤلف نفسه سرحان بن سعيد الازكوي، استطاعوا حسم الجدل والنقاش والخلاف الذي دار بين المؤرخين والباحثين الذين اهتموا بدراستها، سواء بتقديم دراسات عنها، أوتحقيق أبواب منها حول اسم مؤلفها أوبتقديم دراسات عنها، أو تحقيق أبواب منها حول اسم مؤلفها، وتاريخ تأليفها، وهذا يمثل بحد ذاته قيمة علمية مضافة، ولها أهميتها الكبيرة ناهيك عن كونهم ردوا على تجني بعض من تناولها بالدراسة إلى حد محاولة تحريف بعض الحقائق التاريخية التي وردت في نص المخطوطة من خلال تعليقات وتعقيبات أبعد ما تكون عن الموضوعية، وتتنافى مع المضمون الحقيقي نصا و روحا.
وفيما يتعلق بموضوعات المخطوطة وأبوابها فإنها تتناول موضوعات تاريخية عديدة ومتنوعة وقضايا عقدية خاصة بصيرورة الفكر الإباضي وتجلياته الفكرية، وتبدأ بمقدمة يوضح فيها المؤلف الأسباب التي دعته إلى تأليفها، لاسيما حرصه الشديد على الحفاظ على الصلات العميقة والمتينة بين المذهب الإباضي وبقية المذاهب، وتعريفهم بأصول مذهبهم تاريخيا وأعلاما وعقيدة، وقسمها إلى أربعين بابا.
تتناول الأبواب الخمسة الأولى منها قصة خلق آدم وحواء، وظهور عبادة الأصنام، وعقائد الشرك، و مذاهب الفلاسفة، وتاريخ ملوك العجم والعرب، ومعرفة الأنبياء والرسل، في حين تتبع الأبواب الأخرى التاريخ الإسلامي بدءا من ظهور النبي صلى الله عليه وسلم وما شهده عصره من أحداث، وظهور الفرق الإسلامية، وخصص الأبواب العشرة الأخيرة للحديث عن أئمة المذهب الإباضي، وانتشار المذهب في بلاد المغرب، وأخبار أهل عمان وأول إسلامهم و اختلافهم، وتاريخ عصر النباهنة واليعاربة، مما جعلها مصدرا مهما جدا للتاريخ الإسلامي بشكل عام والعماني بشكل خاص.
ولقد اعتمد الازكوي في تأليف المخطوطة على أكثر من عشرين مصدرا نذكر منها، الحميري نشوان بن سعيد: ملوك حمير وأفيال اليمن، وكذلك الحمداني أبو محمد: الإكليل في أخبار اليمن وأنساب حمير، والصنعاني لوهب بن منبه الأبناوي، كتاب التيجان في ملوك حمير، وقسم الكتاب إلى أربعين باباً تناول فيها موضوعات تاريخية عديدة ومتنوعة وقضايا عقائدية تتصل مباشرة بالمذهب الاباضي.
قصص وأخبار جرت في عمان
كما أصدرت الوزارة الطبعة الثانية من كتاب قصص وأخبار جرت في عُمان وذلك في حلة جديدة. ويتناول الكتاب التاريخ العُماني منذ دخول مالك بن فهم عُمان، ويتسلسل في الأحداث التاريخية الواقعة بأرض عُمان إلى بداية حكم الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي في القرن ( 18 م – 1157هـ). كما تم ذكر القبائل العربية المهاجرة إلى أرض عُمان، وما يتعلق بإسلام أهل عُمان وعلاقة العُمانيين بالحكم الإسلامي العام للخلفاء الراشدين ودولة بني أمية وغيرهم. كما تناول الاصدار الحديث عن الإمامة العُمانية والقبائل المتتابعة على حكم عُمان كالنباهنة واليعاربة ثم البوسعيديين. يمتاز الكتاب بأنه من معين المصادر التاريخية والمراجع القديمة التي بنى عليها كثير من الدارسين والباحثين دراساتهم المعمقة في التاريخ العُماني. وتمتاز هذه الطبعة باعتماد المحقق على خمس نسخ مخطوطة لتحقيق الكتاب.
كتاب الحروف والأدوات
صدرت الطبعة الثانية من كتاب الحروف والأدوات في حلتها الجديدة. إذ يعد هذا الكتاب من أمهات كتب النحو، وخاصة أن مؤلفه العُماني يعتبر من أشهر وأقدم علماء اللغة، فهو مؤسس علم العروض ومؤلف أول معجم لغوي وهو كتاب العين، وعاش في القرن الثاني الهجري فهو سيد أهل اللغة والأدب.
قام المحقق بطرح جدلية نسبة الكتاب المشهور في النحو والموسوم بالكتاب والمطبوع والمنسوب لسيبويه، فتوصل إلى أن سيبويه كان تلميذا للخليل بن أحمد، وما كتبه سيبويه يعتبر إملاءً من شيخه الخليل، فكانت النتيجة نسبه هذا ( الكتاب ) للخليل لا لسيبويه، وعلى كل حال، فالكتاب يتناول في طياته مباحث مهمة في معاني الحروف، وما يتعلق بالتلفظ بها وقلبها وحذفها وإبدالها وإدغامها وإمالتها، وخاصة في حروف العلة الثلاثة، وذكر وظائف الحروف من استفهام ونفي ونهي وقسم.
وقد حلى الخليل بن أحمد كتابه بشواهد قرآنية وأحاديث نبوية والكثير من الأبيات الشعرية. كما تمتاز هذه الطبعة بجودة حلتها عن الطبعة السابقة، فقد طبع الكتاب طبعة أولى عام 2007م بورق أبيض عادي وبلون واحد داخلي وبحجم صغير (22×15 سنتيمتر)، وأما هذه الطبعة فجاءت بورق أصفر مميز وبلونين في الداخل وبحجم (24×17سنتيمتر)، وكما أنه تمت إضافة الآيات القرآنية موافقاً لرسم المصحف العثماني.
الحوار الأباضي المالكي
ومن الكتب الصادرة أيضا الطبعة الثانية من كتاب الحوار الإباضي المالكي وذلك في حلة جديدة، وبلونين من الداخل وبورق أصفر مميز. يعد هذا الكتاب نمطاً مميزاً من التأليف التي أنتجتها الثقافة العربية الإسلامية، فإن هذا الكتاب يعكس أدب الحوار والمناظرة والجدل، فهو يحتوي على رسالتين تمثلان حواراً بين علمين من أعلام مدرستين طبعتا الحياة العقدية بالمغرب العربي عامة وتونس خاصة. أما الأول فمالكي وأما الثاني فهو إباضي. فلقد كان هناك تعايش وتبادل فكري وثقافي بين المدرستين وبسببه كثرة احتكاك علمائها ببعض، وميزة كتابنا هذا هو أنه أول كتاب وصل إلينا في المناظرة بين المدرستين المالكية والإباضية، مما كشف عن طبيعة الاختلاف بينهما ما بين خلاف سطحي وخلاف معمق. بالإضافة إلى ذلك لم يألُ المحقق جهداً في التعريف بشخصية المؤلفين ودراسة بيئتها العلمية، وفي مثل هذه الحوارات العلمية الهادفة ما يغنى الأمة وينقذها من ويلات الصراع والنفوذ بالحروب ونحو ذلك ولله الحمد رب العالمين. وأردف المؤلف عدة قصص ومواقف طريفة وأدب جم، كما هو المعهود عن علماء المسلمين تجاه بعضهم البعض.
عُمان عبر التاريخ
أصدرت الوزارة الطبعة الخامسة من كتاب عمان عبر التاريخ في حلة جديدة، حيث تم دمج الأجزاء الأربعة في مجلدين، وبالعناية بطباعته بصف وإخراج جديد وبلونين في الداخل.
ويعد هذا الكتاب من المراجع المهمة والجامعة في التاريخ العُماني، فقد ألف الشيخ سالم السيابي هذه الموسوعة التاريخية بالرجوع إلى أهم وأقدم المؤلفات العمانية السابقة في التاريخ مثل كتاب كشف الغمة للأزكوي وكتاب الأنساب للعوتبي وكتب ابن رزيق المؤرخ المشهور وكتاب تحفة الأعيان للسالمي ومما لاشك أن لعُمان حضارة قديمة، بدأ المؤلف في الجزء الأول بالحديث عن أهمية تعلم التاريخ، وذكر تضاريس عُمان وبيئته المميزة وذكر الأمم التي قطنت عُمان كالسومريين والفينيقيين والآشوريين والكلدانيين والفرس إلى أن سكن فيها مالك بن فهم واتخذ قلهات عاصمة لعُمان وذلك في زمن موسى عليه السلام.
وهكذا تسلسل في تاريخ عُمان في العصر الجاهلي ثم العصر الإٍسلامي فجاء الكتاب من منتصف الجزء الأول إلى نهايته بتتبع الأحوال السياسية والدينية والاجتماعية والاقتصادية لعُمان في العصر الإسلامي من بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم مروراً بخلافة الخلفاء الراشدين ثم الأمويين ثم العباسيين، وذكر من تتابع في حكم عُمان من القبائل كالنباهنة واليعاربة حتى وصل إلى السادة البوسعيديين وأنهى رحلة عُمان عبر التاريخ بأحوال عُمان زمن حكم السيد سلطان بن أحمد البوسعيدي رحمه الله.* بالإضافة إلى أن الكتاب لا يخلو من متعة، وإحساس بالفرح بالانتصارات والعمران والرخاء وإحساس بالحزن بقراءة أخبار المعارك بين العمانيين كما حصل من تقسيم أهل عُمان إلى طائفة الغافرية وطائفة الهناوية وغير ذلك من الأحداث.