كثيرا ما تستوقفني منهجية تفكيرنا .... اننا في كثير من سلوكنا نتصرف من حيث الموروث الاجتماعي أو حسب ما تم فرضه لنا لا من حيث ما نؤمن بفعله فعلا...
نعم نتصرف حسب ما تم تصميمه لنا بغض النظر عن واقع تفكيرنا اكان له وجهة أخرى ام لا...
وأحيانا تسأل الشخص عن رأيه فتراه يجيبك عما هو سائد بحيث لم يعد قادرا الى رؤية نفسه وسؤالها فيما اذا كان ما قاله هو رايه بذاته أم الرأي الذي تعارف المجتمع عليه...
على سبيل المثال وليس الحصر حياء الأنثى صفة محببة لدينا جميعا.... تعارفنا عليها وعرفناها... استساغها الكل، بيد اننا لو فكرنا لوهلة لماذا عند سؤالها عن رأيها في امر خطبة أو زواج "تفضل" - (وأضعها بين قوسين) السكوت عند موافقتها. انه ما نرمز اليه اجتماعيا "بالحياء" وتلك صفة "محببة " ولا يختلف فيها اثنان.
ولكن هل هذا السكوت يعبر في مضمونه عن الحياء فعلا؟؟؟
برأيي ان الحياء صفة تكمن بالنفس لا يشترط الإستدلال عليها من خلال السكوت... قد يكون السكوت احد رموزها ولكن لا يوصف بها ... فليس جميع السكوت في هذا الموقف حياء.
ولكنها الفكرة التي تعارفنا عليها وبالتالي تطبعت الأنفس بها، فما ان يحدث وتتكلم هذه الفتاة أوتبدي رأيا معينا -سواء اكان رفضا ام قبولا- ،اعتبر ذلك بنظر المجتمع مخالفا لصفة "الحياء" التي تعارفنا عليها مع ان الفتاة بطبعها - وليس تطبعها - حيية ولكن قد خالفت الصورة او الإطار المفترض لها وبذلك قد كسر ت مطلق هذه القاعدة.
الجندي حينما يذهب لحرب... المجتمع يصفه بالشجاع المغوار الذي يضحي بنفسه لأجل وطنه.. وهو غير ذلك تماما.. يذهب اليها مسيرا وليس مخيرا ...يذهب اليها رغم انفه لانها قد فرضت عليه. فهو لا يرى فيها تلك الأكاذيب والعبارات التي مجدها وتغنى بها المجتمع ومجدها وتغنى بها هو يوما . يراها دمارا وبؤس وشقاء ولا يجد نفسه كما يراه وطنه. فأين ذلك الشجاع المغوار؟؟؟
فهناك فارق كبير بين ما نؤمن به كفكرة وبين واقعها فعلا ، وبين ما ينبغي علينا القيام به -كما تم رسمه لنا طبعا من قبل المجتمع الذي نتبع له- وبين ما نقوم به فعلا... وبين هذه وتلك ليس علينا الا الإنقياد للأولى لنكون في اطار المجتمع مسايرين له ولا يصفنا بالغرباء ...