التوبيخ مقابل الدم!!

    • التوبيخ مقابل الدم!!


      التوبيخ مقابل الدم!!



      وبخت إسرائيل جنودها الذين قتلوا ثلاثة من الجنود المصريين في رفح، واعتبرت الحكومة الشارونية أن التوبيخ أمر كاف ولا يحق لمصر أن تفتح هذا الملف مرة أخري!!

      وقد جاء التوبيخ الإسرائيلي بمقتضي تعليمات أصدرها رئيس الأركان الإسرائيلي الذي طلب توبيخ الضباط والجنود الذين كانوا ضالعين في حادث إطلاق النار علي أفراد في قوات الأمن المصرية مما تسبب في استشهادهم.

      لقد شعرت بإهانة بالغة وأنا أستمع إلي خبر هذا التوبيخ الذي أعلن في وسائل الإعلام، وأدركت أن ذلك يمثل تحديا لكرامتي الوطنية وكرامة كل إنسان مصري وعربي.

      حاولت أن أسترجع تصريحات وزير خارجيتنا الهمام أحمد أبو الغيط، والتي تحدث فيها عن أن مصر تنتظر نتائج التحقيقات، وأنه سيكون لكل حادث حديث.. قلت إن القاهرة تتابع الأمر بكل تأكيد، وتلح وتستعجل، ولكن يبدو أن القضية انتهت من حيث بدأت، وأن الحكومة الإسرائيلية كانت علي يقين أن الخارجية غير جادة، وأن ما يقال هو مجرد كلام للاستهلاك المحلي وفقط.

      كانت كل المؤشرات تقول إن الكتيبة الإسرائيلية رقم '13' ارتكبت الجريمة عن عمد، وأن الشهداء المصريين الثلاثة سالت دماؤهم غدرا، وأن المسافة التي أطلقت منها دانات الدبابة وطلقات الرصاص كانت قريبة إلي درجة لا يخطيء عنها النظر.

      لقد أدرك المصريون جميعا منذ اللحظة الأولي لإعلان نبأ استشهاد الجنود الثلاثة أن 'إسرائيل' ستتهرب من المسئولية وأنها لن توقع عقابا علي القتلة والمجرمين من جنودها، وأن الحكاية سوف تطوي في ملفات النسيان، كما طويت غيرها من الحكايات.

      وعندما طالبنا الحكومة المصرية بأن تلزم إسرائيل بتسليم القتلة للعدالة في مصر، وأن تلح في إلزامها بالتعويض فوجئنا بتصريح من السيد أحمد أبو الغيط يقول فيه بكل جرأة: 'ان مصر لم تطلب تعويضا من إسرائيل'.

      وعندما تساءل الناس، أين هي نتائج التحقيقات التي قال وزير خارجيتنا إن 'إسرائيل' تقوم بها وستبلغ بها الحكومة المصرية، لم نجد آذانا صاغية، بل أصبح الحديث عن مثل هذه الأمور من فعل الماضي وليس أكثر.

      وإذا كانت إسرائيل قد أبلغت مصر بمثل هذه النتائج التي نعرفها مسبقا، فلماذا لم يكلف وزير الخارجية نفسه ليبلغ الشعب المصري بما جري؟، والأهم لماذا لم تقم الحكومة المصرية نفسها، باجراء تحقيق مستقل أو حتي المشاركة في اجراء التحقيقات مع الإسرائيليين، إذا كانت هناك تحقيقات قد جرت من الأساس.

      إنني أتساءل ماذا لو كان جنود إسرائيل هم الذين قتلوا ترى هل كانت الحكومة الإسرائيلية ستتعامل بنفس الدرجة وذات الطريقة التي تعاملت بها حكومتنا مع هذه الجريمة التي تمس الشرف والكرامة الوطنية؟.

      في طابا، فوجئ المصريون باستخبارات العدو الصهيوني وجنوده وأجهزة التحقيقات تدخل إلي منطقة طابا وتتولي التحقيق في الحادث، قدمت إليهم كافة التسهيلات، فلماذا لا تحدث المعاملة بالمثل؟.

      إن الغريب في الأمر أن إحدي أسر الجنود المصريين الثلاثة الذين استشهدوا أجبرت علي التخلي عن رفع دعوي قضائية ضد رئيس الوزراء الصهيوني للمطالبة بالتعويض.. إلي هذا الحد يخاف البعض علي مشاعر رئيس وزراء إسرائيل الذي يتحمل المسئولية الأولي عن قتل الجنود المصريين الثلاثة.

      كنا نتمني من حكومتنا أن تراجع نفسها جيدا في قضية عزام عزام، وأن تتوقف عن تسليمه لإسرائيل احتراما لدماء الشهداء الثلاثة ولكنها مضت حتي النهاية تحت حجة الافراج عن ستة من المصريين كل جريمتهم هي التسلل داخل الأراضي الفلسطينية.

      لقد نشرت 'الأهرام' الأسبوع الماضي وقائع تفيد بوجود أسري وصيادين مصريين في المعتقلات الإسرائيلية، وأن بعضهم قد قضي أعواما ولايزال رهن الاعتقال، فلماذا لم تضع الحكومة المصرية هؤلاء ضمن الأجندة التفاوضية إذا كان الأمر حقا مرتبطا بالحفاظ علي المصريين والسعي للافراج عنهم؟.

      إننا لا نلوم العدو الصهيوني علي عدم توقيع أي عقاب علي مرتكبي الجريمة ضد المصريين الثلاثة، لكننا نلوم حكومتنا التي عهدنا إليها بحماية الدم المصري والأمن القومي للبلاد.

      إنني لا أتوقع أن تحتج الحكومة المصرية أو تطلب اطلاعها علي ملف التحقيقات، فكل شيء سيمضي إلي منتهاه، ومن يعترضون فهؤلاء ليس لهم هدف سوي تصعيد المواقف وتعكير صفو السلام والوئام.

      لقد فتحنا الأبواب 'للكويز' واطلقنا يد العدو الصهيوني لتعبث في الاقتصاد المصري، وسوف يأتي إلينا بمقتضي ذلك عشرة آلاف عزام، يعملون في حرية تامة ويتمتعون بحصانة تضمنها لهم أطراف إقليمية ودولية.

      والكويز يا سادة لن يكون هو النهاية، وإنما هو بداية لتطبيع واسع سوف يفضي إلي هيمنة صهيونية علي كل المنطقة العربية، وسوف ندفع جميعا الثمن بلا جدال.

      إن دم الجنود المصريين الثلاثة في أعناقنا جميعا، ومن يظن أنه قادر علي أن يمرر تلك الفضيحة علي الناس، فنحن نقول لهم إن الشعب المصري لا ينسي ولا يمكن أن ينسي دم شهدائه.

      ارفعوا الرايات السوداء علي منازلكم، اطلقوا حناجركم غضبا.. احفروا في قلوبكم أسماء الشهداء الثلاثة.

      وتذكروا أن لدينا ثأرا بطول التاريخ وعرضه.. ثأرا يتجاوز الجنود الثلاثة إلي مئا ت الألوف الذين استشهدوا في مصر وفلسطين وسوريا ولبنان والأردن والعراق، وكل شبر من أرضنا العربية.

      إن الذين يظنون أن هذه الأمة قد ماتت واهمون، فالأمة لاتزال تنبض بعروبتها، وأرضها لاتزال تطلق حمم المقاومة وشعبها لا يعرف الطريق إلي الهزيمة والانكسار.

      من يرد الهزيمة قليقبل بها، ومن ير أن التوبيح كاف فهو وشأنه، أما نحن فلن ننسي، وسنظل نعلم أبناءنا أن 'إسرائيل' عدونا إلي الأبد، وأن أمريكا تقتلنا، وأن خيارنا الوحيد هو في المقاومة لأنها بوابة النصر والانتصار.

      تحية إلي كل قطرة دماء سالت علي أرضنا العربية الطاهرة.. تحية إلي أرواح الجنود الثلاثة الذين استشهدوا وهم يؤدون الواجب وتحية إلي كل مقاوم شريف، يتصدي لطاغوت العصر (أمريكا) وأذيالها في العالم بأسره.


      * نقلا عن جريدة "الأسبوع" المصرية
    • تشكر اخي على الموضوع
      لو كان هذا الفعل حدث العكس وهو ان قتل مصري ثلاثة من جنود الاسرائيلين او على الاقل واحد.....هل نتوقع ان يوبخ هذا المصري على فعلته هذه؟!.....لا ااااااااااااااا بل سيعاقب والعالم كله سيندد على فعلته هذه والكل يلومه وربما سيسجن او يعقل في سجون غوانتنامو !!!!!!!!!!!