"اغتيال المدينة" - aljazeera

    • "اغتيال المدينة" - aljazeera

      الحلقة التي تحمل*عنوان "اغتيال المدينة"*وتبث الأربعاء المقبل، تسلط الضوء على المخطط الصهيوني بتغييب وقتل المدن الفلسطينية.
      أن تسافر من الرملة إلى عكا مرورا باللد ويافا وحيفا ثم تصل إلى دمشق، لم يكن حلما، كان واقع الحال في عشرينيات القرن الماضي. وأن تقرأ وأنت في القطار أو الحافلة من القدس إلى الجامعة الأميركية في بيروت واحدة من أكثر من مائتي صحيفة يومية وأسبوعية كانت تصدر في فلسطين وقتها، ليس خيالا، إنما كان أكثر من عاديّ في ثلاثينيات القرن الماضي. وأن تحضر حفلا لأم كلثوم في سينما "نبيل" بيافا قبل أن تقضي وقتا في أجواء بيسان، لم يكن أيضا الاستثناء.

      اليوم لم يعد ممكنا السفر من عكا إلى بيروت أبدا، لا برا ولا بحرا ولا جوا. ولا يمكنك أن تجد في صفد أو عسقلان أجواء المدينة العربية، لأن إسرائيل حرصت على "قتل" المدنية الفلسطينية واقعا وتاريخا، وإقناع العالم عبر السياسة والإعلام بأن الفلسطينيين فلاحون غير متعلمين، قضت الحضارة الغربية الأوروبية اليهودية المتفوقة علميا عليهم وحولت فلسطين إلى إسرائيل، من دولة بلا مدنية إلى صناعة متطورة وسط الشرق الأوسط الجديد.
      وتصف الحلقة كيف كان يقطن حيفا أكثر من 70 ألف فلسطيني قبل عام 1948، ليبقى فيها بعد عملية تهجير ممهنجة ثلاثة آلاف فقط! وكيف كان وضع الفلسطينيين الباقين والذين أجبروا على ترك منازلهم، وحشروا في حي النسناس، وأجبروا على التحول من مالكين إلى مستأجرين، يشاهدون على مرمى البصر منازلهم، يسكنها صهاينة جدد وصلوا إلى المدينة التي انهارت تماما.
      تستيقظ كفلسطيني من هذا الزلزال لتجد -لو كنت من الآلاف الثلاثة*الباقية- أن برنامجك اليومي المديني لا معنى له، لأن المعنى الفلسطيني للمدينة اختفى، ونشأت على أنقاضه المدينة العبرية التي حملت تشويهات أوروبا العنصرية، عبر تطهير عرقي للبشر والحجر.
      مشروع صهيوني
      ويؤكد الكاتب الفلسطيني أنطوان شلحت أن تغييب المدينة مخطط صهيوني أساسي، لأن "المدينة" تشكل خطرا على المشروع الصهيوني برمته، خاصة أن نحو 35% من الفلسطينيين كانوا يعيشون في المدن التي استهدفت بالتهجير.
      وخسارة المدينة -حسب ما توضحه حلقة "اغتيال المدينة"- خسارة للفلاحين الفلسطينيين بقدر خسارتها للمدنيين، فكل مدينة كانت حولها مجموعة من القرى لهم ارتباط وثيق بها، وبالتالي فإن سقوط المدينة كان يسبب سقوط القرى حولها، وخسارة المدينة هي خسارة لكل الطبقة الوسطى والمثقفين والسياسيين والناشطين النقابيين والحزبيين.
      وهو منهج إسرائيلي مستمر، ينعكس في تهميش مدينة الناصرة في الداخل الفلسطيني، وتهويد القدس، وعدم السماح بنشاط تصنيعي من أي نوع في مدن الضفة الغربية، وهو يؤكد أن ازدهار المدينة الفلسطينية من أهم عوامل النضال من أجل مجابهة المشروع الصهيوني، علما بأن اغتيال المدينة الفلسطينية موضوع لم يناقش في الأكاديميات والأفلام بالقدر الذي يستحقه، وأريد له أن يكون مسكوتا عنه.
      "اغتيال المدينة" من إخراج رامز قزموز، وتبث هذه الحلقة هذا الأسبوع عدة مرات على شاشة الجزيرة الإخبارية، وكذلك على شاشة الجزيرة الدولية الناطقة بالإنجليزية، مترجمة طبق الأصل عن النسخة العربية ضمن برنامج "عالم الجزيرة"، وذلك في الذكرى*السادسة والستين لنكبة عام 1948.