هل فكرت يوما بحسابك الختامي ؟

    • هل فكرت يوما بحسابك الختامي ؟

      الإنسان‏..‏ كل إنسان تقريبا‏..‏ حين يشعر‏(‏ أو بالأحري يتحقق‏),‏ أن عمره الافتراضي قد أوشك علي الانتهاء‏,‏ تخامره بعض التساؤلات بينه وبين نفسه‏..‏ فإن كان من أهل الآخرة‏,‏ أي ممن يرجون لقاء الله‏,‏ لابد سيسأل نفسه‏:‏ تري هل فعلت كل ما كان يمكنني فعله لكي تربو حسناتي علي سيئاتي؟ هل اتقيت الله ما استطعت؟ أم أنني تجاوزت حدودي ـ في بعض أمري ـ واتبعت ما أملاه علي الشيطان؟ هل اتقيت الله في خلقه؟ هل ساعدت من لجأ الي طلبا للمساعدة‏..‏ وقد كان ذلك بإمكاني؟ هل رحمت الضعيف وأعنته علي أمره؟ هل أمهلت معسرا اقرضته بعض المال‏..‏ أو تجاوزت عن الدين لما رأيت من عسره؟ هل أحسنت معاملة زوجتي وكنت لها نعم الرفيق‏,‏ وقدرت خدماتها لي ورعايتها لأولادي؟ هل ربيت أبنائي تربية زرعت فيهم الأخلاق الفاضلة؟ أم انني كنت قدوة سيئة لهم؟
      وبالنسبة لأهل الدنيا‏,‏ فالأسئلة التي سوف يطرحها الواحد منهم علي نفسه‏,‏ ربما تدور حول‏:‏ هل حققت لنفسي مركزا اجتماعيا مرموقا؟‏!‏ هل جمعت الثروة التي كان يمكنني أن أجمعها؟‏!‏ أم انني تراخيت شيئا ما‏,‏ وكان يمكنني أن أجمع أكثر؟‏!‏ هل تبوأت المناصب التي كنت أحلم بها أم أنني فاتتني فرص لم استغلها وراحت لغيري؟‏!‏ هل استمتعت بما فيه الكفاية أم انه كان يمكنني ان استمتع أكثر؟‏!‏ هل حياتي التي عشتها كانت حياة زاخرة بالإنجازات التي تذكر لي‏,‏ أم انها كانت حياة قاحلة لم أكد أنجز فيها شيئا‏..‏
      الله مدار تفكير أهل الآخرة‏..‏ والناس مدار تفكير أهل الدنيا‏..‏ وكل فريق منهم يقوم بإجراء ما يشبه الحساب الختامي لحياته‏..‏ واما يرضيه هذا الحساب الختامي أو يسخطه علي نفسه‏,‏ لأنه لم يفعل ما كان ممكنا أن يفعله‏..‏ يشعر الواحد من هؤلاء أو اولئك بأن هناك فرصا اهدرها ومجالات غفل عنها‏..‏ وانه كان يمكنه أن يحسن من موقفه هنا أو هناك‏..‏ سيظهر كل ذلك واضحا جليا‏,‏ وسيكون ـ كما تقدم ـ إما مبعثا للرضي وإما مبعثا للسخط والندم‏..‏
      وأقول إنه أيا ما كانت الوجهة التي اختارها الإنسان لنفسه لكل وجهة هو موليها‏(‏ البقرة‏148),‏ ماذا لو قام المرء بعمل بروفة لهذا الحساب الختامي مبكرا قدر الإمكان‏..‏ ولا ينتظر به حتي قرب دنو الأجل‏..‏
      ليري الايجابيات والسلبيات في حياته وسلوكياته‏..‏ فربما أفاد هذا الحساب الختامي المبكر في تصحيح اشياء تتطلب التصحيح‏,‏ أو في اضافات هنا وهناك‏..‏ وكذلك ربما تؤدي الي تغيير النظرة الكلية الي مفاهيم الانسان وتصوراته‏..‏ وغاياته ووسائله‏..‏
      أتصور أن الحساب الختامي الذي يقوم به المرء مبكرا عن موعده‏,‏ يمكن أن ينقل عددا من أهل الدنيا الي أهل الآخرة‏..‏ لأنهم سوف يتبينون تفاهة الآمال التي كانوا يعقدونها علي الدنيا وعلي الناس‏..‏ وأنها لا تساوي كل هذا الاهتمام الذي كانوا يولونه لها‏..‏ لأن حياتنا الأولي تتوقف عند الموت‏..‏ وما بعد الموت هو الأهم‏..‏ لأنه الأبدية‏..‏
      فلو أجل الإنسان القيام بهذا الحساب الختامي حتي يقترب عمره من الختام‏,‏ فلن يجني إلا الندم‏,‏ حتي لو كان من أهل الآخرة‏..‏ لأنه سيتبين له كم كان مقصرا في أشياء‏,‏ لو فعلها لضاعفت من حسناته وأذهبت من سيئاته إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكري للذاكرين‏(‏ هود‏114),‏ أما لو أجري هذا الحساب في وقت مبكر من عمره‏,‏ فسوف يكتشف في الوقت المناسب ان هناك مايمكن بلوغه من أفعال الخير لم يكن قد طرقها‏..‏ عيوبا يمكنه بالارادة أن يجتثها ويستأصلها‏,‏ وانه مقصر في أشياء‏..‏ قد تكون هي المعاملات الطيبة مع الناس‏,‏ ويكون مازالت لديه الفرصة لكي يصلح من أمره ما اعوج أو لكي يستكمل ما نقص‏..

      ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
      منقووووول......للفائده