أم عبدالله نص نثري قصصي!

    • أم عبدالله نص نثري قصصي!

      أم عبدالله فتاة رائعة تُعجبني كثيراً ، أحبّ النّظر إليها ، كُلما خالجني شعور بالضيق . قالتْ ذات صباح شدّني الليل أنْ أبقى نائماً حتى الفجر :
      ـ قُم فقد أذنَ الفجر بإنبلاج ، يُغالب ضوئه الظُّلْمة التي تستعين بها للبقاء على سريرك المُحشرج .

      ـ ليتَني أضغطُ بزر فيُطفيء نوره لتبقى الظُّلمة ملاذ الفارّين إلى الطريق المُحشرج.!
      ـ كل الانفاس اللطيفة ، ناعمة ، مُؤنسة ، دافئة تنزلق برفق ، نطمئن إليها فنستسلم كما يستسلم الرضيع إلى صدر أُمه .!
      ـ ما أقدسها من أنفاسٍ وما أطهرها من نُعومها وما أدفئها من أُنسٍ ، إنها كشيء يدغدغ النّفس لمزيد من الغِبْطة بلا خداع ولا محاذير.
      ـ لكنها تُعطّل الزمن بسحرها ..رغم أنها تُدثّر الحياة إلى حيوات ونشواتٍ ، وتُعالج ما تُفْرعه الصدور ، وما أستبدّت بها الافكار . إنها ضدّ السّقم وألاعيب الناس ، ويبقى الفراغ .
      ـ أؤلئك أناس يعصون طبيعة قانون الحياة ولا يأتلفون معها ، ويقتلون بثيّماتهم طبائعهم ، إنه جشع البشر المسكون بكراهية التآالف والتقارب ، فالروح السليمة تكون آمنة ،في الجسد الآمن .!
      ـ لوكانتْ الانفاس عطشاً لأطفأتُ عطشي ، لكني لا أستطع أن أروي غيري وأنا لا أملك السبيل .. أنا أخاف من الظّلمة الدامسة .!
      ـ تُعذّبني لحظات يستحيل الشوق إلى رُؤيتها، لانها اعتادتْ أن تحجب عن بصري شوقها وتُعطّل خيالٍ هو سبيلي كيْ أبصرها من خلاله .
      ـ مُجرّد التفكير ، فالنشوة تُفسد مأرب وجود الفجر .. فالفجر ، ينبلج بعد ظلام ، كأنه يُعلّمنا أن الآمن محذوف وأن المُخيف باقٍ يعتمره كثيرٌ من الناس .
      ـ كل خليّة في جسدي تهمّ بالاثارة ، بعيداً عن الفظاظة التي تطرد جوعي وتُروي عطشي .! ألستُ بآدمياً له مفاتن وإثارة ، ومن حقّها أن يُظهرها ، فينتهي ريّ الوُد إلى ظمأ.!
      ـ لعلّي لا أُحسن الاختيار لآخذ من يُغريني من ريّ الاثارة فيُرويني .!فالحشمة أجعلها نصبَ عيني.. أو فوق نصيبي ..حتى لو ضاع النصيب او فات، فقد ارتويتُ من رضاء نفسي .!
      في لحظة الوُد تبّتِ حواسّي بليدة ، وتنقطع أنفاسي بضعف غريزي ، تأثّرتُ، فلم يعُد يعمل أي شيء في جسدي ، وكأنّ الزمن تعطّل أو توقّف . ولم تستقرّ حالتي النفسية ، بل ظلّت تتغيّر وتتبدّل باستمرار ، لا شيء يُفهميني ، كل الكائنات ضدّي . ولها غاية من اطفاء نشوة مشاعري .! فتخنق رغباتي وتُقيّد نزواتي وتُؤخّر مطمعي . وكأن زماني خارج نطاق كُل جميل في الحياة .
      قالتْ أم عبدالله وعلى وجهها ابتسامة غريبة :
      ـ رويدك ، رويدك ، لايغرنّك شبابك فسوف يزوي كما انزوى ـ اشارتْ إلى صُورة معلّقة على جدار الغرفة الصغيرة ، فأن تحمل لقب دكتور او فيلسوف ، خيرٌ من المزالق والمهاوي ، فالأنفاس العطشى تمتصّ الجميل من الافكار ، وتهدم الانسانيات وتُلتقي بك في دروب السائرين في شوك الغِواية . رويدك فاسمع ما أقول ، فالمصابيح لا تُضيئ إلا إذا قمت بإضاءتها ، بمعنى أنها تستمد منك ، وعلى فكرك ، فأنْ تَعيَ ما تسوقه الانزواءات ، هو خيرٌ من أفعالٍ هيَ ألدّ القُبح للانسانية .!
      اتجهتْ ناحية سطل صغير وحملتْ بعض قطع من ثياب داخلية ، ونشرتها على طاولة صغيرة، بغرفة لا تزيد عن مترين ونصف المتر طولاً وعرضاً . وقالتْ:
      ـ كم أنا أكره هذه الأماكن ، إنها تُمزّقني في جوفي ، وتُشعل نيران البغض والكراهية ، وتضطرب أنباض قلبي ،فمخاوفها مُبطّنة ، لا ابتسامة لها . فأنت تُحملق بنجاةٍ منها بعد مأربٍ ذُقت طعمه وتلذّذت بدهشته ..ولن تنفكّ عنه ، ذلك لانها اختلاجات سنين عشتها وتعمل بها عن قصد طالح لا صلاح يُرتجى فيه . ماذا لو أن هذا الطموح سائر إلى درب المنافع ، وحضوتَ بلقب دكتور او فيلسوف ..هو ذا ما يرفع رأسي .. ويعزّ قدري .
      ـ جسمي هو المُغفّل ..يأخذني كجرّار .. هو من يدخلني في الأدْارن الاخرى فأشتمّ رائحتها ، وأتعذّب بمذاقها . لا يهمّني لونها بقدر ما أهتم بطهارة قذارتها .
      ـ طاقة مُدهشة، وطُمأنينة مشوبة بقلق ورغبة تُحيّد النّسْل ، فالشوق إلى الحياة يقهرها الموت .. ماذا لو متّ في لُعبتها .!
      ـ صدقتِ ، فالمزالق والمهاوي ، لسعة ، والفضاء الأوسع عالمٌ من الطمأنينة ، يرعى كل سكنةٍ وهبة نسيم .
      بقيتُ في مكاني مُتسمّراً ، خطرٌ يُحدق بي ، موجة من الافكار تؤدي بي إلى أنفجار .. خشيتُ أن ينفجر قلبي او يتفتت فكري .
      فجأة انظر في البعيد .. قبرٌ وضوء، ظلام يُخيّم على المكان . تركتُ الغرفة مُسرعاً ، كانتْ هيَ تلبس ما بسطتْهُ على طاولة غُرفتنا، وتستعجل نفسها في الخروج ، قالت والكلمات تتردد في فمها :
      ـ اليوم تصيّدتني ، فارتقب أن يصطادك غيري .
      ـ لا ، ارجوك ،لا تقولي هذا ، إلى هنا وكفاية .. انا في انتظارك بالسيارة .
      كانت ضِلال انزواءات عينيها تُشيء إلى شيء من الخُبث .

      تمّت.
      لن تستقيم الحياة إن لمْ يستقم عليها الانسان .!
      لن يُحبّ الله أحداً إلا إذا أحبّ الانسان غيره بصدق ..!!
      الحُبّ الحقيقي تتدفّق عاطفته كما يتدفّق الماء من أعلى قِمّة.!
    • اخت سارة
      شكراً لك ..
      لن تستقيم الحياة إن لمْ يستقم عليها الانسان .!
      لن يُحبّ الله أحداً إلا إذا أحبّ الانسان غيره بصدق ..!!
      الحُبّ الحقيقي تتدفّق عاطفته كما يتدفّق الماء من أعلى قِمّة.!
    • أختي المغرورة ..
      بارك الله فيك .. شكراً على الكلمات المشجعة .
      لكِ من الله النجاح .
      لن تستقيم الحياة إن لمْ يستقم عليها الانسان .!
      لن يُحبّ الله أحداً إلا إذا أحبّ الانسان غيره بصدق ..!!
      الحُبّ الحقيقي تتدفّق عاطفته كما يتدفّق الماء من أعلى قِمّة.!