شرح مقدمة التفسير

    • بسم الله الرحمن الرحيم





      شرح مقدمة التفسير ( 57)


      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



      المتن :

      ولهذا ثبتت غزوة بدر بالتواتر وأنها قبل أحد، بل يعلم قطعا أن حمزة وعلياً وابا عبيدة برزوا إلي عتبة وشيبة والوليد،
      وأن علياً قتل الوليد، وأن حمزة قتل قرنه، ثم يشك في قرنه هل هو عتبة أم شيبة؟!.


      الشرح :

      وهذا الأصل ينبغي أن يعرف، فإنه أصل نافع في الجزم بكثير من المنقولات في الحديث والتفسير والمغازي وما ينقل
      من أقوال الناس وأفعالهم وغير ذلك، ولهذا إذا روى الحديث الذي يتأتى فيه ذلك عن النبي صلي الله عليه
      وسلم من وجهين- مع العلم بأن أحدهما لم يأخذه عن الآخر- جزم بأنه حق، لا سيما إذا علم أن نقلته ليسوا ممن
      يتعمد الكذب، وإنما يخاف على أحدهم النسيان

      والغلط، فإن من عرف الصحابة كابن مسعود، وأبي بن كعب، وابن عمر، وجابر، وأبي سعيد، وأبي هريرة
      وغيرهم علم يقينا أن الواحد من هؤلاء لم يكن ممن يتعمد الكذب على رسول الله. صلى الله عليه وسلم فضلاً
      عمن هو فوقهم، كما يعلم الرجل من حال من جربه وخبره خبرة باطنة طويلة أنه ليس ممن يسرقأموال الناس،
      ويقطع الطريق ويشهد بالزور، ونحو ذلك.



      وكذلك التابعون بالمدينة ومكة والشام والبصرة، فإن من عرف مثل أبي صالح السمان والأعرج وسليمان بن يسار
      وزيد بن أسلم وأمثالهم علم قطعاً أنهم لم يكونوا ممن يتعمد الكذب في الحديث،



      فضلاً عمن هو فوقهم مثل محمد بن سرين (1) والقاسم بن محمد (2) أو سعيد بن المسيب (3)
      أو علقمه (4) أو الأسود (5) أو نحوهم.


      وإنما يخاف على الواحد من الغلط فإن الغلط والنسيان كثيراً ما يعرض للإنسان، ومن الحفاظ من قد عرف
      الناس بعده عن ذلك جداً، كما عرفوا حال الشعبي والزهري وعروة وقتادة (1) والثوري (2) وأمثالهم، لا سيما
      الزهري في زمانه والثوري في زمانه.

      فإنه قد يقول القائل: إن ابن شهاب الزهري، لا يعرف له غلط مع كثرة حديثه وسعة حفظه (3) .


      والمقصود أن الحديث إذا روي مثلاً من وجهين مختلفين من غير مواطأة امتنع عليه أن يكون غلطاً كما امتنع أن
      يكون كذباً، فإن الغلط لا يكون في قصة طويلة متنوعة وإنما يكون في بعضها، فإذا روى هذا قصة طويلة
      متنوعة، ورواها الآخر مثلما رواها الأول من غير مواطأة امتنع الغلط في جميعها، كما امتنع الكذب في
      جميعها من غير مواطأة، ولهذا إنما يقع في مثل ذلك غلط في بعض ما جرى في القصة مثل حديث اشتراء النبي
      صلي الله عليه وسلم البعير من جابر فإن من تأمل طرقه علم قطعاً أن الحديث صحيح (1) ، وإن كانوا قد اختلفوا في
      مقدار الثمن.


      الشرح

      وهذا هو الذي قلناه قبل قليل. إذا كان في القصة شيء من الدقائق فلا يكفي هذا النقل بل لا بد من طريق
      آخر يثبت به.




      * * * * * * * *

      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

      archive.org/download/waq19756/19756.pdf
      • القرآن جنتي
    • بسم الله الرحمن الرحيم





      شرح مقدمة التفسير ( 58 )


      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله - ‎



      المتن :

      وقد بين ذلك البخاري في صحيحه، فإن جمهور ما في البخاري ومسلم مما يقطع بأن النبي صلى الله عليه وسلم
      قاله؛ لأن غالبه من هذا النحو.



      ولأنه قد تلقاه أهل العلم بالقبول والتصديق. والأمة لا تجتمع على خطأ، فلو كان الحديث كذباً في نفس الأمر
      والأمة مصدقة له قابلة له: لكانوا قد أجمعوا على تصديق ما هو في نفس الأمر كذب. وهذا إجماع على الخطأ
      وذلك ممتنع، وإن كنا نحن بدون الإجماع نجوز الخطأ أو الكذب على الخبر فهو كتجويزنا قبل أن نعلم الإجماع
      على العلم الذي ثبت بظاهر أو قياس ظني أن يكون الحق في الباطل بخلاف ما اعتقدناه، فإذا اجمعوا على الحكم
      جزمنا بأن الحكم ثابت باطناً وظاهراً.



      الشرح :

      وهذا واضح، فأحياناً يمر عليك الحديث وتعلم أن معناه كذا وكذا، لكن فيه احتمال أن يكون خلاف ذلك، بأن
      يكون معناه الباطن-الذي هو خلاف الظاهر- على خلاف ما فهمت، فإذا انعقد الإجماع على ما يقتضيه ظاهر
      الحديث علمنا بأنه لا يحتمل المعنى الباطن الذي نقدره في أذهاننا، لأن الأمة لا تجتمع على خطأ.


      فمثلاً اختلاف الرواة في مقدار ثمن جمل جابر لا يجعله مضطرباً، لأن هذا الاضطراب لا يعود إلي أصل الحديث،
      وإنما يعود إلي مسألة جزئية فيه وهو لا يضر، وكذلك اختلافهم في حديث فضالة بن عبيد في قيمة القلادة. هل
      هي اثنا عشر ديناراً أو أقل أو اكثر؟ فهذا أيضاً لا يضر؛ لأن هذا الاختلاف ليس في اصل القصة.




      * * * * * * * *

      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

      archive.org/download/waq19756/19756.pdf


      • القرآن جنتي
    • بسم الله الرحمن الرحيم




      شرح مقدمة التفسير ( 59)


      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



      المتن :

      ولهذا كان جمهور أهل العلم من جميع الطوائف على أن خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول تصديقاً له أو عملاً به
      أنه يوجب العلم، وهذا هو الذي ذكره المصنفون في أصول الفقه من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد،
      إلا فرقة قليلة من المتأخرين اتبعوا في ذلك طائفة من أهل الكلام أنكروا ذلك، ولكن كثيراً من أهل الكتاب أو
      أكثرهم يوافقون الفقهاء وأهل الحديث والسلف على ذلك، وهو قول أكثر الأشعرية؛ كأبي إسحاق وابن فورك،


      وأما ابن الباقلاني فهو الذي أنكر ذلك، وتبعه مثل أبى المعالي، وأبو حامد وابن عقيل، وابن الجوزي، وأبن الخطيب،
      والآمدي ونحو هؤلاء. والأول هو الذي ذكره الشيخ أبو حامد، وأبو الطيب، وأبو إسحاق، وأمثاله من أئمة الشافعية،
      وهو الذي ذكره القاضى عبد الوهاب، وأمثاله من الماكية، وهو الذي ذكره شمس الدين السرخسي، وأمثاله من
      الحنفية، وهو الذي ذكره أبو يعلي وأبو الخطاب، وأبو الحسن ابن الزاغوني، وأمثالهم من الحنبلية.



      الشرح :

      وبهذا يكون المؤلف رحمه الله ذكر عن علماء المذاهب الأربعة وهو يدل على سعة إطلاعه- رحمه الله- وهذه
      المسألة من مسائل أصول

      الفقه وأصول الحديث، أي في المصطلح وفي أصول الفقه. فخبر الآحاد إذا تلقته الأمة بالقبول تصديقاً له إن كان
      خبراً، وعملا به إن كان طلبا. هل ذلك يفيد العلم واليقين؟ وهذا فيه الخلاف الذي ذكره المؤلف، ولكن جمهور
      علماء المسلمين على أنه يفيد العلم واليقين، وذكر ابن حجر أنه يفيد العلم بالقرائن وهذا هو الحق، فإن أحداً لا
      يتطرق إليه الشك في أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((إنماالأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوي)) مع
      أنه خبر آحاد، ولا نشك في أن الرسول صلي الله عليه وسلم قال: ((منعمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))
      مع أنه خبر آحاد، إلى غير ذلك مما هو خبر آحاد ومع ذلك يفيد العلم اليقيني لكثرة الشواهد التي تثبته
      ولتلقي الأمة له بالقبول.



      * * * * * * * *

      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

      archive.org/download/waq19756/19756.pdf




      • القرآن جنتي
    • بسم الله الرحمن الرحيم




      شرح مقدمة التفسير ( 60 )


      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



      المتن :

      وإذا كان الإجماع على تصديق الخبر موجباً للقطع به؛ فالاعتبار في ذلك بإجماع أهل العلم بالحديث، كما أن
      الاعتبار بالإجماع على الأحكام بإجماع أهل العلم بالأمر والنهي والإباحة.



      الشرح :

      والمؤلف رحمه الله يريد بهذا أن إجماع كل ذي فن بفنه، فمثلاً في علم الحديث نرجع إلى إجماع أهل الحديث،
      فإذا أجمع أهل الحديث على أن خبر الواحد إذا تلقي بالقبول واحتفت به القرائن أفاد العلم فلا يهمنا من خالفهم
      من الفقهاء، كذلك أيضاً الاعتبار للإجماع في الأحكام الشرعية-كالواجب والحرام والمندوب والمكروه والمباح-
      المعتبر في ذلك علماء الأحكام الفقهاء.


      كذلك الإجماع في مسألة نحوية، الاعتبار بإجماع أهل النحو، وعلى هذا فقس، لأن صاحب كل علم أدري بما
      يحصل فيه، فالإنسان الفقيه لا يعرف إجماع أهل النحو، ولا يعرف إجماع أهل الحديث، ولا الأصوليين مثلاً، فالمهم
      أننا نعتبر إجماع كل قوم في علمهم وفنهم الذي يجمعون عليه، فإذا قال لنا قائل مثلاً: إن الفقهاء أو إن أهل الكلام
      خالفوا في خبر الواحد، وقالوا:

      لا يمكن أن يفيد العلم، قلنا لا يهمنا مخالفتهم، إنما نحن ننظر إلي إجماع أهل الحديث وعلى هذا فقس.



      * * * * * * * *

      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

      archive.org/download/waq19756/19756.pdf


      • القرآن جنتي
    • بسم الله الرحمن الرحيم



      شرح مقدمة التفسير ( 61)

      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -


      المتن :

      والمقصود هنا أن تعدد الطرق مع عدم التشاور أو الاتفاق في العادة يوجب العلم بمضمون
      المنقول، لكن هذا ينتفع به كثيراً في علم أحوال الناقلين.

      الشرح :


      لو جاء واحد مثلاً من أهل النحو وقال: أجمع العلماء على وجوب ستر العورة في
      الصلاة، فنقول له: ما هذا عشك فادرجي. قل أجمع العلماء على رفع الفاعل
      ونصب المفعول به، نقول: نعم سمعاً وطاعة، ولهذا يقول المؤلف رحمه الله: لكن
      هذا ينتفع به كثيراً من علم أحوال الناقلين. هل الناقل لهذا الكلام من الفقهاء
      أم من الأصوليين أم من النحويين؟


      * * * * * * * *


      التصفية والتربية

      TarbiaTasfia@




      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

      archive.org/download/waq19756/19756.pdf
      • القرآن جنتي
    • بسم الله الرحمن الرحيم





      شرح مقدمة التفسير ( 62)


      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



      #المتن :

      وفي مثل هذا ينتفع برواية المجهول والسيء الحفظ، وبالحديث المرسل ونحو ذلك، ولهذا كان أهل العلم يكتبون

      مثل هذه الأحاديث ويقولون: إنه يصلح للشواهد والاعتبار ما لا يصلح لغيره، قال أحمد: ((قد أكتب حديث الرجل
      لأعتبره)) ومثل ذلك بعبد الله بن لهيعة، قاضي مصر فإنه كان من أكثر الناس حديثاً ومن خيار الناس، ولكن بسبب
      احتراق كتبه وقع في حديثه المتأخر غلط فصار يعتبر بذلك ويتشهد به وكثيراً ما يقترن هو والليث بن سعد والليث حجة
      ثبت إمام.



      الشرح :

      ذكر المؤلف - رحمه الله- أن الإمام أحمد يقول: ((قد أكتب حديث الرجل لأعتبره)) . وليس معنى لأعتبره: أحتج
      به، لكن المعنى أنني أطلب له شواهد ومتابعات، ولهذا قال ابن حجر في النخبة: ((وتتبع الطرق لذلك يسمي
      الاعتبار)) الشاهد هو الاعتبار، فهنا شاهد ومتابع، فالشاهد أن يأتي حديث مستقل بغير هذا السند يكون شاهداً
      للحديث الذي نحن نطلب له ما يؤيده.

      والمتابعات تكون في السند بمعنى أن الراوى يجد متابعاً له في. الحديث عن هذا الرجل الثقة، فلو روى إنسان غير
      ثقة عن الزهرى مثلاً، والزهري ثقة.

      روي عنه إنسان غير ثقه، فنحتاج أن نرى أحداً تابع هذا الراوي عن الزهري في روايته عن الزهري، فإذا وجدنا متابعاً
      قوي الحديث، أو مثلاً حديثاً آخر من طريق آخر غير طريق الزهرى يشهد لهذا الحديث فيسمى هذا شاهداً، وتتبعنا
      للطرق لأجل وجود متابع أو شاهد يسمى الاعتبار، وهذا معنى قول الإمام أحمد: ((لأعتبره)) أي لأجل أن أنظر
      هل له من يتابعه أو له حديث شاهد.



      ولهذا عبد الله بن لهيعة يكثر الإمام أحمد من الرواية عنه في المسند كثيراً جداً لكن عبد الله بن لهيعة هذا من علم
      أنه سمع منه قبل احتراق كتبه كان حجة، ومن علم أنه سمع منه بعد ذلك كان مشكوكاً فيه وغير موثوق به؛
      لأنه رحمه الله اختلفت حاله بعد احتراق كتبه، وإذا شككنا هل هو ممن سمع منه قبل أو بعد؛ فإننا نتوقف فيه
      بدون أن نرجح، لكن القسم الثاني نرجح أنه خطأ.




      * * * * * * * *



      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

      archive.org/download/waq19756/19756.pdf


      • القرآن جنتي
    • بسم الله الرحمن الرحيم




      شرح مقدمة التفسير ( 63 )


      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



      المتن :

      وكما أنهم يستشهدون ويعتبرون بحديث الذي فيه سوء حفظ، فإنهم أيضاً يضعفون من حديثالثقة الصدوق
      الضابط أشياء تبين لهم غلطه فيها بأمور يستدلون بها، ويسمون هذا: ((علم علل الحديث) وهو من أشرف علومهم،
      بحيث يكون الحديث قد رواه ثقة ضابط وغلط فيه، وغلطه فيه عرف، إما بسبب ظاهر؛ كما عرفوا أن النبي
      صلي الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال وأنه صلى في البيت ركعتين وجعلوا رواية ابن عباس لتزوجها وهو
      محرم ، ولكونه لم يصل مما وقع فيه الغلط، وكذلك أنه اعتمر أربع عمر وعلموا أن قول ابن عمر: إنه اعتمر
      في رجب مما وقع فيه الغلط.



      الشرح :

      إذا مع أن هؤلاء كلهم ثقات لكن الغلط لا يسلم منه أحد، وعلى هذا فالنبي صلي الله عليه وسلم تزوج ميمونة
      وهو حلال؛ لأنها هي بنفسها قالت: إنه تزوجها وهو حلال، وكذلك قال ابو رافع وهو السفير بينهما: إنه تزوجها
      وهو حلال، وأما صلاته في البيت يعني: في الكعبة فهذا لا شك فيه ثابت، ونفي ابن عباس له يحمل على أنه
      نفى علمه به، وأما رواية أنه أعتمر أربع عمر فهو ثابت أيضاً.


      فالنبي صلي الله عليه وسلم اعتمر أربع مرات؛ العمرة الأولي: عمرة الحديبية، والثانية عمرة القضاء، والثالثة عمرة
      الجعرانة، والرابعة: العمرة التي كانت مع حجه، فإنه كان قارناً، فهذه أربع عمر، ولم يعتمر النبي عليه الصلاة
      والسلام سواها أبداً، فقول ابن عمر: إنه اعتمر في رجب هذا مما وهم فيه رضي الله عنه.




      * * * * * * * *


      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

      archive.org/download/waq19756/19756.pdf
      • القرآن جنتي
    • بسم الله الرحمن الرحيم





      شرح مقدمة التفسير (64 )


      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



      المتن :

      وعلموا أنه تمتع وهو آمن في حجة الوداع، وأن قول عثمان لعلي:
      كنا يومئذ خائفين (2) مما وقع فيه الغلط.



      الشرح :

      عثمان رضي الله عنه لا يري التمتع، ويقول إن الرسول عليه الصلاة
      والسلام تمتع؛

      لأنه كان خائفاً، ولكن هذا ليس بصواب، فإن الرسول كان تمتع
      وهو آمن ما يكون وليس فيه خوف.




      * * * * * * * *


      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

      archive.org/download/waq19756/19756.pdf




      • القرآن جنتي
    • بسم الله الرحمن الرحيم





      شرح مقدمة التفسير ( 65)


      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



      المتن :

      وأن ما وقع في بعض طرق البخاري ((إن النار لا تمتلئ حتى ينشئ الله لها خلقاً آخر ، مما وقع
      فيه الغلط وليس فيه خوف.



      الشرح :

      هذا أيضاً مما نعلم أنه غلط وهو أن النار يبقى فيها فضل عمن دخلها، فينشئ الله لها أقواماً فيدخلهم النار،
      فهذا ليس بصواب، بل النار لا تزال يوضع فيها وهي تقول: هل من مزيد؟ حتى يضع الله عليها رجله- سبحانه
      وتعالى- فينزوي بعضها إلى بعض وتقول قط قط ولأن النار لو أنشأ لها أقواماً لإحراقهم بها لكان ذلك منافياً
      للعدل والرحمه، فهذا مما يعلم أنه ليس بصواب حتى وإن ورد في صحيح البخاري، وقال هذا الراوي فيه
      وهم والطريق الآخر اصح منه.




      * * * * * * * *


      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

      archive.org/download/waq19756/19756.pdf


      • القرآن جنتي
    • بسم الله الرحمن الرحيم




      شرح مقدمة التفسير ( 66)


      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -




      المتن :

      والناس في هذا الباب طرفان: طرف من أهل الكلام ونحوهم ممن هو بعيد عن معرفة الحديث وأهله،
      لا يميز بين الصحيح والضعيف فيشك في صحة أحاديث أو في القطع بها مع كونها معلومة مقطوعاً
      بها عند أهل العلم به، وطرف ممن يدعي اتباع الحديث والعلم به كلما وجد لفظاً في حديث قد رواه ثقة أو
      رأي حديثا بإسناد ظاهره الصحة يريد أن يجعل ذلك من جنس ما جزم أهل العلم بصحته.



      الشرح :

      وهذا الذي قاله الشيخ أخيراً، وحكم بأنه طرف يقع فيه كثير من الناس اليوم، فتجدهم يعتمدون على ظاهر
      الإسناد، ويصححون الحديث بناء على ظاهره، ولا ينظرون إلي الأحاديث الصحيحة التي تعتبر في السنة
      كالجبال، وهذه المسألة دائما أحذر منها، وأقول: إن مثل هذه الأحاديث التي ليست في الكتب المعروفة المتلقاة
      عن أهل العلم إذا وردت ولو بسند ظاهر الصحة وهي تعارض الأحاديث الواضحة البينة المتلقاة بالقبول؛
      فإنه لا ينبغي للإنسان أن يعتمد عليها، فكما أننا لا نعتمد على ظاهر الإسناد-لا تصحيحاً ولا تضعيفاً
      -فإنه يجب أن نحيل هذه المسائل إلي القواعد العامة في الشريعة والأحاديث التي تعتبر جبالاً راسية،


      فالشيخ الآن بين رحمه الله أنه قد يكون السند صحيحاً والمتن غير صحيح كما سبق من ذكر الأوهام، كذلك
      بعض الناس الذين يدعون علم الحديث وانهم أهله ورجاله تجدهم يعتمدون على حديث رواته ثقة، وظاهره
      الصحة فيجعلونه معرضاً للأحاديث المتلقاة بالقبول المتفق على صحتها.




      * * * * * * * *


      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

      archive.org/download/waq19756/19756.pdf


      • القرآن جنتي
    • بسم الله الرحمن الرحيم




      شرح مقدمة التفسير ( 67 )


      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



      المتن :

      حتى إذا عارض الصحيح المعروف أخذ يتكلف له التأويلات الباردة أو يجعله دليلاً له في مسائل العلم،
      مع أن أهل العلم بالحديث يعرفون أن مثل هذا غلط.

      وكما أن على الحديث أدلة يعلم بها أنه صدق، وقد يقطع بذلك، فعليه أدلة يعلم بها أنه كذب ويقطع بذلك
      مثل ما يقطع بكذب ما يرويه الوضاعون من أهل البدع والغلو في الفضائل، مثل حديث يوم عاشوراء، وأمثاله
      مما فيه أن من صلي ركعتين كان له كأجر كذا وكذا نبيا، وفي التفسير من هذه الموضوعات قطعة كبيرة
      مثل الحديث الذي يرويه الثعلبي والواحدي والزمخشري في فضائل سور القرآن سورة سورة فإنه موضوع باتفاق
      أهل العلم.


      والثعلبي هو في نفسه كان فيه خير ودين، ولكنه كان حاطب ليل ينقل ما وجد في كتب التفسير
      من صحيح وضعيف وموضوع.



      الشرح :

      حاطب الليل لا يميز بين الرطب واليابس، وبين الحطب والحية وغيرها فيلتقط ما يجده.



      * * * * * * * *


      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

      archive.org/download/waq19756/19756.pdf


      • القرآن جنتي
    • بسم الله الرحمن الرحيم




      شرح مقدمة التفسير ( 68)


      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



      المتن :

      والواحدي صاحبه كأن أبصر منه بالعربية لكن هو أبعد عن السلامة واتباع السلف، والبغوي تفسيره
      مختصر من الثعلبي، لكنه صان تفسيره عن الأحاديث الموضوعة والآراء المبتدعة والموضوعات في كتب التفسير
      كثيرة.



      الشرح :

      هذا تقويم من شيخ الإسلام - رحمه الله- لهذه الكتب فتكلم عن الثعلبي والواحدي والبغوى.
      ومتقضى كلامه أن تفسير البغوي أحسن هذه التفاسير.

      وإذا سأل أحدكم: هل سياق الإسناد قبل الحديث الموضوع يبرر الإتيان به في كتاب التفسير؟
      فأقول هذا وإن كانت تبرأ ذمته به لكنه

      لا ينبغي أن يأتي بالموضوعات، هذا في الموضوع، أما الضعيف فأهون. إذاً فالموضوع لا ينبغي أن يأتي به.



      * * * * * * * *


      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

      archive.org/download/waq19756/19756.pdf





      • القرآن جنتي
    • بسم الله الرحمن الرحيم





      شرح مقدمة التفسير ( 69 )


      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



      المتن :

      منها الأحاديث الكثيرة الصريحة في الجهر بالبسملة وحديث على الطويل في
      تصدقه بخاتمه في الصلاة فإنه موضوع باتفاق أهل العلم .



      الشرح

      تكلم المؤلف- رحمه الله- على حديث على الطويل، وهذا الحديث روي من عدة طرق أخرجها
      الطبري وغيره في تفسير قوله تعالي: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ
      وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) (المائدة: 55) ، وفحواها أن علياً رضي الله عنه مر به سائل في حال
      ركوعه فأعطاه خاتمه فنزلت الآية. قال ابن كثير في هذه الروايات: وليس يصح شيء منها بالكلية
      لضعف أسانيدها وجهالة رجالها، وعلق المرحوم الشيخ أحمد شاكر على هذه الآثار التي أخرجها
      الطبري بقوله: ((وهذه الآثار جميعاً لا تقوم بها حجة في الدين)) .

      وشيخ الإسلام - رحمه الله- يرى أنه موضوع، والموضوع هو المكذوب على الرسول صلى الله
      عليه وسلم.




      * * * * * * * *


      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

      archive.org/download/waq19756/19756.pdf
      • القرآن جنتي
    • بسم الله الرحمن الرحيم




      شرح مقدمة التفسير ( 70)


      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



      المتن :

      ومثل ما روي في قوله: (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ) (الرعد: 7) ، أنه على (وَتَعِيَهَا أُذُنٌ
      وَاعِيَةٌ) (الحاقة: 12) ، أذنك يا علي.



      الشرح :

      والظاهر أن هذا من تفسير الرافضة، فهم الذين يدسون مثل هذه الأشياء، ولا شك أن لكل قوم هادياً،
      لكن ليس هو على فقط، كل قوم يسر الله لهم من يهديهم، وعلى رأس الهداة الرسل عليهم الصلاة والسلام.
      (وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ) هذه في أي أذن واعية، تعي القول وتفهمه فهي داخلة في هذه الآية.


      ومثل هذا ما أخرجه ابن جرير، وابن مردوية، وأبو نعيم وغيرهم من حديث ابن عباس، قال لما نزلت:
      (ِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ) (الرعد: 7) وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره فقال:
      ((أنا المنذر، وأوما بيده إلي منكب على فقال: أنت الهادي يا على. بك يهتدي المهتدون من بعدي ،
      قال الحافظ ابن كثير: وهذا الحديث فيه نكارة شديدة .




      * * * * * * * *


      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

      archive.org/download/waq19756/19756.pdf
      • القرآن جنتي
    • بسم الله الرحمن الرحيم




      شرح مقدمة التفسير ( 71)

      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -


      فصل

      في النوع الثاني: الخلاف الواقع في التفسير من جهة الاستدلال


      وأما النوع الثاني من سببي الاختلاف وهو ما يعلم بالاستدلال لا بالنقل، فهذا أكثر ما فيه الخطأ من جهتين
      حدثتا بعد تفسير الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان، فإن التفاسير التي يذكر فيها كلام هؤلاء صرفا لا يكاد
      يوجد فيها شيء من هاتين الجهتين، مثل تفسير عبد الرزاق ووكيع وعبد بن حميد وعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم،،
      ومثل تفسير الإمام أحمد، وإسحاق بن راهوية، وبقي بن مخلد، وأبي بكر بن المنذر، وسفيان بن عيينه،
      وسنيد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبي سعيد الأشج، وأبي عبد الله بن ماجه، وابن مردويه.



      أحدهما: قوم اعتقدوا معاني ثم أرادوا حمل ألفاظ القرآن عليها.

      والثاني: قوم فسروا القرآن بمجرد ما يسوغ أن يريده بكلامه من كان من الناطقين بلغة العرب من غير نظر
      إلى المتكلم بالقرآن والمنزل عليه والمخاطب به.



      الشرح :

      إذا القسم الأول: وهم الذين اعتقدوا شيئاً فأرادوا أن يحملوا معاني الكلام عليه، وهذا كما يكون في العقائد
      والأمور العلمية يكون كذلك في الأحكام والأمور العملية، تجد الرجل يعتنق مذهباً معيناً ثم يحاول أن يصرف
      معاني النصوص إلي ذلك المعنى المعين الذي كان يعتنقه سواء في أسماء الله وصفاته، أو في التوحيد، أو ما أشبه ذلك.



      فمثلاً: يقول أنا أجيز التوسل حتى بالجن والشياطين، لأن الله يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ
      الْوَسِيلَة) (المائدة: 35) فأتوسل بكل شيء، وكذلك أيضاً ينكر صفات الله عز وجل ويقول لأن الله يقول
      (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (الشوري: 11) وأنا إذا أثبت الصفة مثلت، يكون معتقداً هذا الاعتقاد ثم يحمل القرآن
      على ذلك.



      القسم الثاني: ليس عنده اعتقاد سابق لكنه يفسر القرآن بحسب ما يدل عليه اللفظ، بقطع النظر به وهو الله،
      وعن المنزل

      عليه وهو الرسول صلى الله عليه وسلم، وعن المخاطب به وهم المرسل إليهم، ينظر إلي الكلام من حيث هو
      كلام فقط، وهذا أيضاً خطأ، فإنه بلا شك عند جميع الناس أن الكلام يختلف معناه بحسب المتكلم به،
      وبحسب المخاطب به أيضاً.



      فمثلاً لو جاءتك كلمة نابية من شخص محترم، وجاءتك مثل هذه الكلمة من شخص ساقط فإن كلمة الأول
      أشد تاثيراً، لأن كلمة المحترم لها وزن، فإذا وصفني بعيب مثلاً فمعناه أنه حط من قدري، لكن إذا جاء شخص
      ساقط يسب كل أحد وسبني فلن يهمني كثيراً. مع أن الكلمة واحدة.

      كذلك أيضاً، لو أن واحداً تكلم مع شخص فقال: والله هذا رجيل ‍! ورجيل تصغير رجل- وهو يتحدث عن
      صبي صغير، صارت مدحاً له، ولكن لو قالها لرجل عاقل كبير صارت ذماً.

      إذاً فالكلمة الواحدة تجدها تختلف
      بحسب المخاطب بها، حتى إن الكلمة التي تصغر تكون أحياناً معناها عظيماً وكبيراً كما قيل:



      وكل أناس سوف تدخل بينهم
      دويهية تصفر منها الأنامل

      فبعض الناس يأخذ القرآن والحديث ويفسره بحسب ما يقتضيه ذلك اللفظ الظاهر بقطع النظر عن المتكلم
      به والمخاطب والمنزل عليه وقرائن الأحوال، وهذا خطأ.





      * * * * * * * *


      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

      archive.org/download/waq19756/19756.pdf


      • القرآن جنتي
    • بسم الله الرحمن الرحيم




      شرح مقدمة التفسير ( 72 )


      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



      المتن :


      فالأولون راعوا المعنى الذي من غير نظر إلي ما تستحقه ألفاظ القرآن من الدلالة والبيان والآخرون
      راعوا مجرد اللفظ

      وما يجوز أن يريد به عندهم العربي من غير نظر إلى ما يصلح للمتكلم به والسياق الكلام، ثم هؤلاء كثيراً
      ما يغلطون في احتمال اللفظ لذلك المعني في اللغة كما يغلط في ذلك الذين قبلهم، كما أن الأولين كثيراً ما
      يغلطون في صحة المعني على الذي فسروا به القرآن كما يغلط في ذلك الآخرون، وإن كان نظر الأولين
      إلي المعنى أسبق، ونظر الآخرين إلي اللفظ أسبق.



      الشرح :


      ولكن الواجب على الإنسان أن ينظر إلى اللفظ وينظر إلى قرائنه المحيطة به، من حال المتكلم به والمخاطب
      والمنزل عليه وما أشبه ذلك، وهذا شيء معروف لكل أحد؛ بل إن الكلام يختلف حتى في نبرات المتكلم،
      فلو تكلم مثلاً بعنف واحمرار عين وانتفاخ أوداج وانتشار شعر فليس كمن تكلم بهدوء، تجد الأول كأنما
      يرمي بشرر والثاني ليس كذلك.



      فالشيخ رحمه الله هنا جعلهم على قسمين: قسم ينظرون إلى المعنى لكن يحاولون أن يجعلوه على ما يريدونه
      هم، وقسم ينظرون إلي اللفظ فقط، ليس عندهم اعتقاد سابق لكن ينظرون إلى مجرد اللفظ بقطع النظر عن
      الأحوال والقرائن. فهؤلاء ينظرون إلي المعنى وهؤلاء ينظرون إلي اللفظ، ويقصد بالأولين الذين عندهم
      اعتقاد القسم الأول.



      * * * * * * * *


      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

      archive.org/download/waq19756/19756.pdf
      • القرآن جنتي
    • بسم الله الرحمن الرحيم




      شرح مقدمة التفسير ( 73 )


      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



      المتن :

      والأولون صنفان تارة يسلبون لفظ القرآن ما دل عليه وأريد به، وتارة يحملونه على ما لم يدل عليه ولم يرد به.
      وفي كلا الأمرين قد يكون ما قصدوا نفيه أو إثباته من المعنى باطلاً فيكون خطؤهم في الدليل والمدلول،

      وقد يكون حقا فيكون خطؤهم في الدليل لا في المدلول، وهذا كما أنه وقع في تفسير القرآن فإنه وقع أيضاً في
      تفسير الحديث.


      فالذين أخطأوا في الدليل والمدلول مثل طوائف من أهل البدع اعتقدوا مذهبا يخالف الحق الذي عليه الأمة
      الوسط الذين لا يجتمعون على ضلالة كسلف الأمة وأئمتها.

      وعمدوا إلي القرآن فتأولوه على آرائهم، تارة يستدلون بآيات علي مذهبهم ولا دلالة فيها، وتارة يتأولون ما يخالف
      مذهبهم بما يحرفون به الكلم عن مواضعه.



      الشرح :

      والفرق بين الأمرين أنهم تارة يستدلون بآيات على مذهبهم ولا دلالة فيها، وتارة يتأولون ما يخالف مذهبهم ويحرفون
      الكلام عن مواضعه. ونضرب مثلاً لذلك بالمعطلة، حيث يقولون: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ، هذا يدل على أننا لا نثبت
      أي صفة تكون للمخلوق، وليس صحيحاً أن الآية تدل على ما قالوا. وتارة يحرفون الكلم فيقولون: إن المراد باليد:
      القدرة أو النعمة. فهم يثبون هذا لكن يحرفونه، فتارة يحملون اللفظ، ما لا يحتمله، وتارة يصرفونه عن معناه.


      ومن هذا ما وقع أخيراً من أولئك الذين فسروا القرآن بما يسمي بالإعجاز العلمي، حيث كانوا يحملون القرآن
      أحياناً ما لا يتحمل، صحيح أن لهم استنباطات جيدة تدل على أن القرآن حق ومن الله عز وجل، وتنفع في
      دعوة غير المسلمين إلي الإسلام ممن يعتمدون على الأدلة الحسية في تصحيح ما جاء به الرسول عليه الصلاة
      والسلام، لكنهم أحياناً يحملون القرآن ما لا يتحمله، مثل قولهم: إن قوله

      تعالي: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإنْسِ إِنِ
      اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ) (الرحمن: 33) ، إن هذا
      يعني الوصول إلى القمر وإلى النجوم وما أشبه ذلك، لأن الله قال: (لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ) والسلطان عندهم
      العلم.


      وهذا لا شك أنه تحريف، وأنه حرام ان يفسر كلام الله بهذا، لأن من تدبر الآية وجدها تتحدث عن يوم القيامة،
      والسياق كله يدل على هذا. ثم إنه يقول: (أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا) وهؤلاء ما نفذوا
      من أقطار السموات، بل ما وصلوا إلي السماء، وأيضاً يقول: (يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ) وهؤلاء لم
      يرسل عليهم.


      والحاصل أن من الناس من يتجاوز ويغلو في إثبات أشياء من القرآن ما دل عليها القرآن، ومنهم من يفرط وينفي
      أشياء دل عليها القرآن، لكن يقول هذا ما قاله العلماء السابقون ولا نقبله. لا صرفاً ولا عدلاً، وهذا خطأ أيضاً،
      فإذا دل القرآن على ما دل عليه العلم الآن من دقائق المخلوقات، فلا مانع من أن نقبله وأن نصدق به إذا كان
      اللفظ يحتمله، أما إذا كان اللفظ لا يحتمله فلا يمكن أن نقول به.




      * * * * * * * *


      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

      archive.org/download/waq19756/19756.pdf




      • القرآن جنتي
    • بسم الله الرحمن الرحيم




      شرح مقدمة التفسير ( 74)


      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



      المتن :

      ومن هؤلاء فرق الخوارج والروافض والجهمية والمعتزلة والقدرية والمرجئة وغيرهم. وهذا كالمعتزلة
      مثلاً فإنهم من أعظم الناس كلاماً وجدالاً.



      الشرح :

      فالخوارج مثلاً يأخذون بنصوص الوعيد وما ظاهره الكفر، فيكفرون المسلمين بالكبائر.
      والرافضة يحرفون القرآن أيضاً فيقولون في قوله تعالي: (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ) (الرحمن: 19) ، المراد بذلك
      على وفاطمة، ويقولون ((وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ)) (الاسراء: 60) المراد بها بنو أمية. ولهم تفاسير غريبة
      منكرة -والعياذ بالله-فهم يحرفون الكلم عن مواضعه في تفسير الآيات الدالة على الذم وتأويلها إلي خصومهم،
      والآيات الدالة على المدح يجعلونها لمن ينتصرون لهم.


      وكذلك الجهمية - والعياذ بالله- أصحاب الجهم بن صفوان يحرفون كل آيات الصفات، لأنهم يعتقدون أن الله
      ليس له صفة، وأن أسماءه مجرد إعلام، ومنهم من يقول: إنه ليس له اسم ولا صفة وأما هذه الأسماء فهي أسماء
      لمخلوقاته، ليست أسماء له وعلى كل حال الحمد لله (ْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ)
      (البقرة: 213) ،



      وأما المعتزلة أصحاب واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد فهم كما قال شيخ الإسلام رحمه الله من أعظم الناس
      كلاماً وجدالاً؛ لأنهم دائماً يرجعون إلي العقل ولا يعبؤن بالنصوص إطلاقاً، حتى فيما لا تدركه العقول يحكمون
      العقل، والقاعدة عندهم في الصفات يقولون: إن ما أثبته العقل فهو ثابت سواء كان موجوداً في الكتاب والسنة أو
      لم يكن موجوداً، وما نفاه العقل فهو منفي سواء كان موجوداً في الكتاب والسنة أم لا، وما لا يقتضي العقل
      إثباته ولا نفيه، فأكثرهم نفاه؛ لأنه قال: لا نثبت إلا ما أثبته العقل، وبعضهم توقف فيه، فما دام العقل لا يدل
      على إثباته ولا نفيه نتوقف، وهم يجادلون في هذا جدالا عظيماً، وإذا رأيتهم تعجبك أقوالهم، ولكنها أقوال
      باطلة، كما قيل فيها:


      حجج تهافت كالزجاج تخالها
      حقا وكل كاسر مكسور


      فهم يتناقضون فتجد الواحد منهم يرى أن من الواجب أن يوصف الله بكذا، والآخر يرى أنه من المستحيل
      أن يوصف الله بكذا، وتناقض الأقوال يدل على بطلانها.





      * * * * * * * *


      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

      archive.org/download/waq19756/19756.pdf


      • القرآن جنتي
    • بسم الله الرحمن الرحيم





      شرح مقدمة التفسير ( 75 )


      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



      المتن :

      وقد صنفوا تفاسير على أصول مذهبهم، مثل تفسير عبد الرحمن بن كيسان الأصم شيخ إبراهيم بن إسماعيل
      بن علية الذي كان يناظر الشافعي، ومثل كتاب أبي على الجبائي، والتفسير الكبير للقاضي عبد الجبار بن أحمد
      الهمذاني، والجامع لعلم القرآن لعلي بن عيسى الرماني، والكشاف لأبي القاسم الزمخشري، فهؤلاء وأمثالهم
      اعتقدوا مذاهب المعتزلة.



      الشرح :

      الكشاف لأبي القاسم الزمخشري كتاب معروف متداول، وهو جيد في اللغة والبلاغة، لكنه على أصول المعتزلة
      مثل ما قال الشيخ، ولا تكاد تعرف كلامه في ذلك إلا إذا كان عندك علم بمذهب المعتزلة ومذهب أهل
      السنة والجماعة؛ لأنه رجل جيد وبليغ، يدخل عليك الشيء وأنت لا تشعر به، حتى كأنك تظن أن هذا هو الكلام
      الصحيح السداد، لكن فيه بلاء، فمثلا: قال: (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ

      وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ) (آل عمران: 185) ، قال أي: فوز أعظم من دخول الجنة والنجاة من النار؟ ! وهذا
      كلام طيب. لكنه يريد نفي رؤية الله عز وجل؛ لأن رؤية الله عز وجل أعلى شيء، كما قال تعالى: (لِلَّذِينَ
      أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) (يونس: 26) ، فأنت إذا قرأت هذا الكلام فستجده صحيحا، فليس هناك فوز أعظم
      من دخول الجنة والنجاة من النار، ولن تدري أن هذا الرجل يشير إلى أنه لا رؤية، وأن الله لا يرى؛ لأن رؤية الله
      اعظم من دخول الجنة، وأعظم من كل شيء. وله أشياء عجيبة وتصرف يتلاعب بالعقول. إذا لم يكن عندك
      حذر منه ومعرفة بأصول المعتزلة، وأصول أهل السنة والجماعة، فإنك تضل. هذا إذا تكلم فيما يتعلق بأسماء الله
      وصفاته وما يتعلق بمذهبهم، أما إذا تكلم في البلاغة والعربية فهو جيد.




      * * * * * * * *


      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

      archive.org/download/waq19756/19756.pdf



      • القرآن جنتي
    • بسم الله الرحمن الرحيم




      شرح مقدمة التفسير ( 76 )


      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



      المتن :

      وأصول المعتزلة خمسة يسمونها هم: التوحيد، والعدل، والمنزلة بين المنزلتين، وإنفاذ الوعيد، والأمر بالمعروف
      والنهي عن المنكر. وتوحيدهم هو توحيد الجهمية الذي مضمونه نفي الصفات.



      الشرح :

      فهم يقولون: نحن نوحد الله ونقول من أصولنا التوحيد. ولكن التوحيد الذي يريدون له معنى آخر.
      وكذلك أيضا: العدل، والعدل أيضا أصل عظيم، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإحْسَانِ) (النحل: 90) .
      والثالث: المنزلة بين المنزلتين، ولكي نعرف هذا الأصل عندهم نضرب مثلا فنقول: هناك رجل محافظ على
      الطاعات متجنب للمعاصي، ورجل آخر يفعل الكبائر وهو مؤمن، ورجل ثالث: كافر. فهل تجعل الثلاثة سواء؟
      فإذا أجبتهم: بلا، يقولون: إذا هذا المؤمن الذي يفعل الكبائر يصير في منزلة بين المنزلتين، فلا نقول مؤمن ولا كافر.



      أما الأصل الرابع فهو إنفاذ الوعيد، فهم يقولون: إن الله عز وجل يتوعد على فعل المعاصي التي لا تخرج
      من الإسلام مثل: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً
      عَظِيماً) (النساء: 93) ، ومثل: ((ثلاثة لا يدخلون الجنة مدمن الخمر، قاطع الرحم، والمنان بما أعطى)) (1) ،


      ومثل: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل والمنان والمنفق
      سلعته بالحلف الكاذب)) (2) .


      فيقولون نحن ننفذ هذا الوعيد؛ لأن الذي قال هذا الوعيد الله عز وجل وهو قادر فلابد من إنفاذه، فهم
      يقولون ننفذ الوعيد.

      والأصل الخامس: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا من أصولهم، ونعم الأصل الأمر بالمعروف والنهي
      عن المنكر، لكن سيأتينا ما يريدون بهما من معنى باطل، وما يلبسون به على الناس،




      * * * * * * * *


      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

      archive.org/download/waq19756/19756.pdf


      • القرآن جنتي
    • بسم الله الرحمن الرحيم



      شرح مقدمة التفسير ( 77 )


      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



      المتن :

      فهذهالأصول إذا قرأتها تقول هذه أصول حق لكن عندما تفسر تجد أنها باطلة.
      وتوحيدهم هم توحيد الجهمية الذي مضمونه نفي الصفات وغير ذلك، قالوا إن الله لا يرى، وإن القرآن مخلوق،
      وإنه تعالى ليس فوق العالم. وإنه لا يقوم به علم ولا قدرة ولا حياة ولا سمع ولا بصر ولا كلام ولا مشيئة ولا صفة
      من الصفات.



      الشرح :

      وعلى هذا صار التوحيد عندهم تجريد الله من صفاته، يقولون: وحد الله، يعني جرده من صفاته؛ لأنك إذا أثبت له
      صفة مثلته بغيره وحينئذ لم تكن موحدا؛ لأن التوحيد مبناه على أمرين: على النفي والإثبات؛ لأنه من وحد يوحد،
      فلا توحيد في إثبات فقط ولا توحيد في نفي فقط، لأن النفي المجرد تعطيل، والإثبات المجرد لا يمنع المشاركة،
      فلا توحيد إلا بنفي وإثبات.


      فإذا قلت: لا قائم، فهذا نفي، وبهذا فقد نفيت القيام عن كل أحد فهو تعطيل، وإذا قلت زيد قائم فهذا إثبات،
      لكن لا يمنع المشاركة، قد يكون عمرو قائما، وخالد قائما. وإذا قلت لا قائم إلا زيد صار الآن توحيدا، وجعلت
      القائم واحدا وهو زيد.


      ومثل ذلك لا إله إلا الله. فهؤلاء يقولون إن التوحيد أن لا تثبت لله صفة أبدا ـ نسأل الله العافية ـ فلا سمع ولا
      بصر ولا قدرة ولا حياة ولا علم ولا شيء أبدا.




      * * * * * * * *


      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

      archive.org/download/waq19756/19756.pdf


      • القرآن جنتي
    • بسم الله الرحمن الرحيم




      شرح مقدمة التفسير ( 78 )


      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



      المتن :

      وأما عدلهم فمن مضمونه أن الله لم يشأ جميع الكائنات ولا خلقها كلها ولا هو قادر عليها كلها؛ بل عندهم
      أن أفعال العباد لم يخلقها الله لا خيرها ولا شرها، ولم يرد إلا ما أمر به شرعاً، وما سوى ذلك فإنه يكون بغير مشيئته.



      الشرح :

      وهذا هو العدل عندهم. يقولون: إن الله لا يشاء كل شيء، وأفعال العباد لا يشاؤها، ولا خلق كل شيء. يقولون:
      لو كان الله يشاء أفعال العباد ويخلقها ثم يعذبهم فهذا ظلم، فإذا قلنا لم يشاؤه ولم يخلقها، ويعذبهم لأنهم
      هم الذين شاؤوها أوجدها صار ذلك عدلا. وهذا لو تأتي به لعامي وتحدثه بهذا الحديث وافقك فورا، وقال هذا
      صحيح، كيف الله يشاء أفعالهم ويخلق أفعالهم ثم يعذبهم عليها، فهم قالوا: هذا ظلم. إذا فالله عز وجل لم يشأ
      أفعال العبد ولا خلقها.


      ونقول لهم رداً على قولهم: هذا في الحقيقة تعطيل وتنقص للخالق؛ أن يكون في ملة ما لا يشؤه ولا يريده، أو
      أن يكون هناك خلق لم يقم به، وليس الله هو الذي خلقه، وهذا معنى قوله: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْء) (الزمر: 62) ،
      ثم نقول: إن الظلم منتف بأمرين: معقول، ومنقول.

      أما المعقول فلأن الله سبحانه وتعالى أعطى الإنسان عقلاً يدرك به ويعرف به ما يضره وينفعه، وهو ليس كالبهيمة؛ بل
      له عقل يتصرف به، ولم يحجزه عن عقله أبداً.


      وأما المنقول فقد أرسل إليه الرسل، وبين له الحق من الباطل، وأقام عليه الحجة (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ
      لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) (النساء: 165) .


      والظلم الحقيقي أن يقول لك افعل، ثم تفعل ثم يعاقبك، أما أن يقول: لا تفعل ثم تفعل فيعاقبك فهذا ليس ظلما أبداً،
      ولو أن رجلا قال لولده: لا تفعل ثم فعل فعاقبه لعده الناس عدلا وتقويما لهذا الابن، فانظر إلى تلبيسهم ـ والعياذ
      بالله ـ ومجادلتهم، وإلى باطلهم.


      ثم هم يقولون: إن الله تعالى لا يريد إلا ما أمر به فقط، فجعلوا الإرادة بمعنى الأمر، أي: الأمر الشرعي، وهذا
      باطل، لو قلنا إنه لا يريد إلا ما أمر به شرعا لكان أكثر الناس يعملون بغير إرادته؛ لأن تسعمائة وتسعاً وتسعين
      بالألف كلهم لا ينفذون مراد الله الشرعي، ولا شك أن هناك فرقا بين الرضا التابع للأمر وبين المشيئة الشاملة لما
      أمر به وما لم يأمر به.




      * * * * * * * *


      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

      archive.org/download/waq19756/19756.pdf
      • القرآن جنتي
    • بسم الله الرحمن الرحيم



      شرح مقدمة التفسير ( 79 )


      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



      المتن :

      وقد وافقهم على ذلك متأخروا الشيعة؛ كالمفيد، وأبي جعفر الطوسي وأمثالهما.


      الشرح :

      عبر الشيخ ـ رحمه الله ـ هنا بالشيعة وكان فيما سبق يعبر بالروافض، فهم شيعة بحسب قولهم إنهم شيعة لعلي بن
      أبي طالب، وهم روافض

      لأنهم رفضوا زيد بن علي بن الحسين رحمه الله حين اجتمعوا إليه، وقالوا: ما تقول في أبي بكر وعمر فأثنى عليهما
      خيرا وقال هما وزيرا جدي، يعني بجده الرسول عليه الصلاة والسلام. فلما قال ذلك رفضوه واعتزلوه ومن ثم
      سموا رافضة.


      والحقيقة أن أهل السنة والجماعة هم شيعة علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ومن آمن من آل البيت؛ لأن
      المؤمن هو ولي لكل مؤمن، قال الله تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) (التوبة: 71) ، فكل من
      كان أكثر إيمانا بالله عز وجل، فإنه أكثر ولاية للمؤمنين من آل البيت ولغيرهم، وعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ
      برئ مما ينسب إليه من هذه الأقوال الباطلة، بل إنه ـ رضي الله عنه ـ حرق غاليتهم بالنار، لما جاءوا إليه وقالوا له:
      أنت الله ـ نعوذ بالله ـ فما صبر، وأمر بالأخاديد فخدت وبالحطب فجمع ثم ألقاهم في النار شر قتلة، والعياذ بالله
      لأنهم جعلوه إلهاً، والذين لا يجعلونه إلها باللفظ قد

      يجعلونه إلهاً بالمعنى، ويعتقدون أنه مدبر للكون، وأنه ما من ذرة في الأرض ولا في السماء إلا والذي يدبرها علي بن أبي
      طالب قطب الأقطاب.


      وعلى كل حال فنحن نقول: نشهد الله عز وجل على محبة المؤمنين من آل البيت، ونرى أن المؤمن من آل البيت
      له حقان علينا: الحق الأول: إيمانه، والثاني: قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونرى أنهم ما شرفوا إلا لقربهم
      من الرسول عليه الصلاة والسلام، وليس الرسول هو الذي شرف بهم؛ بل هم شرفوا بقربه، ونرى أيضا أنهم مراتب ومنازل،
      وأنهم وإن تميزوا بهذه الخصيصة -وهي القرب من الرسول عليه الصلاة والسلام- فلا يعني ذلك أن لهم
      الفضل المطلق على من فضلهم في العلم والإيمان، فأبوبكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم هؤلاء أفضل من علي
      بن أبي طالب الفضل المطلق، وإن كان علي ابن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ يمتاز عنهم في بعض الخصوصيات،
      لكن هذا لا يلزم منه التفضيل المطلق؛ لأن هناك فرقا بين الإطلاق وبين التقييد.


      وبالنسبة لإحراقهم بالنار فهو ـ رضي الله عنه ـ رأى أن هذا أعظم عقوبة، مثل ما فعل أبو بكر رضي الله عنه في الأمر
      بتحريق اللوطي، وإن كان الإنسان قد يخفى عليه بعض الشيء أحيانا، ولهذا قال ابن عباس: لو أنه في مقام علي بن
      أبي طالب لقتلهم؛ لقول النبي صلي الله عليه وسلم: ((من بدل دينه فاقتلوه)) وما أحرقتهم بالنار؛ لأن النبي صلي الله عليه
      وسلم نهى أن يعذب بالنار ، فقيل إنه قال: ما أسقط ابن أم الفضل على الهنات يعني على العيب والخطأ.




      * * * * * * * *


      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

      archive.org/download/waq19756/19756.pdf



      • القرآن جنتي
    • بسم الله الرحمن الرحيم




      شرح مقدمة التفسير ( 80 )


      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -




      لأبي جعفر هذا تفسير على هذه الطريقة لكن يضم إلى ذلك قول الإمامية الاثني عشرية، فإن المعنزلة ليس فيهم
      من يقول بذلك، ولا من ينكر خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي.



      ومن أصول المعتزلة مع الخوارج إنفاذ الوعيد في الآخرة، وأن الله لا يقبل في أهل الكبائر شفاعة ولا يخرج منهم
      أحداً من النار. ولا ريب أنه قد رد عليهم طوائف من المرجئة والكرامية والكلابية وأتباعهم فأحسنوا تارة
      وأساؤوا أخرى حتى صاروا في طرفي نقيض كما قد بسط في غير هذا الموضع.



      الشرح :

      وهذا يكون أحيانا يرد بعض الناس على بعض البدع ولكن يكون في طرفي نقيض مع الآخرين فيأتي هو أيضاً
      ببدعة، مثل ما ذهب إليه بعض الناس من أنه ينبغي في عاشوراء التوسعة على الأهل وإدخال الفرح والسرور،
      ليقابلوا بذلك الرافضة الذين يجعلون يوم عاشوراء يوم غم وحزن، وهذا خطأ؛ لأن البدعة لا يجوز أن تقابل ببدعة؛
      بل يكفي في البدعة منعها، بأن توضح أن هذا غير مشروع، وأن كل بدعة ضلالة، وأما أن تحدث شيئا يقابلها فلا
      يمكن هذا، ولا ينفع ولا يذهب البدعة إلا السنة فقط.




      * * * * * * * *


      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

      archive.org/download/waq19756/19756.pdf
      • القرآن جنتي
    • بسم الله الرحمن الرحيم



      شرح مقدمة التفسير ( 81 )


      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



      #المتن :

      والمقصود أن مثل هؤلاء اعتقدوا رأيا ثم حملوا ألفاظ القرآن عليه، وليس لهم سلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان
      ولا من أئمة المسلمين، ولا في رأيهم ولا في تفسيرهم.

      وما من تفسير من تفاسيرهم الباطلة إلا وبطلانه يظهر من وجوه كثيرة، وذلك من جهتين: تارة من العلم بفساد
      قولهم، وتارة من العلم بفساد ما فسروا به القرآن، إما دليلا على قولهم أو جوابا على المعارض لهم.


      ومن هؤلاء من يكون حسن العبارة فصيحاً ويدس البدع، في كلامه ـ وأكثر الناس لا يعلمون ـ كصاحب الكشاف
      ونحوه، حتى إنه يروج على خلق كثير، ممن لا يعتقد الباطل من تفاسيرهم الباطلة ما شاء الله، وقد رأيت من
      العلماء المفسرين وغيرهم من يذكر في كتابه وكلامه من تفسيرهم ما يوافق أصولهم التي يعلم أو يعتقد فسادها
      ولا يهتدي لذلك.



      الشرح :

      ذلك لأنهم كانوا أقوياء في الأساليب، فتجد ظاهر كلامهم أنه جيد وليس فيه شيء، لكنهم يدسون فيه السم، فهؤلاء
      الذين ينقلون من تفاسيرهم ما ينقلون وهم يعلمون فساد قولهم هؤلاء قد اغتروا بأساليبهم وألفاظهم ولم يهتدوا
      إلى ما كانوا عليه من الباطل، وقد سبق لنا أن بينا أن سبب ذلك أنهم كانوا يعتقدون رأياً ثم يستدلون لرأيهم، أو
      يستدلون بنصوص الكتاب والسنة على ما لا تدل عليه.




      * * * * * * * *


      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

      archive.org/download/waq19756/19756.pdf


      • القرآن جنتي
    • بسم الله الرحمن الرحيم




      شرح مقدمة التفسير ( 82 )


      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



      المتن :

      ثم إنه بسبب تطرف هؤلاء وضلالهم دخلت الرافضة الإمامية ثم الفلاسفة ثم القرامطة وغيرهم فيما
      هو أبلغ من ذلك، وتفاقم الأمر في الفلاسفة والقرامطة فإنهم فسروا القرآن بأنواع لا يقضي منها
      العالم عجبا، فتفسير الرافضة كقولهم: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) (المسد: 1) وهما أبو بكر وعمر.



      الشرح :

      يعني يجعلون أبا بكر وعمر اليدين، يدان لأبي لهب - نسأل الله العافية - وهذا مما يدل على أن
      الرافضة في الحقيقة عندهم من الغل والحقد على الصحابة رضي الله عنهم؛ بل وعلىدين الإسلام ما يتسترون
      بظاهر حالهم من أنهم مسلمون وأنهم أهل الإسلام، وهم والعياذ بالله في باطن أمرهم من أشد عداوة وبغضاً
      لأصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام، فرجل يقول إنه مؤمن وإنه مسلم، ثم يقول إن هذه الآية نزلت
      في أبي بكر وعمر، وهما أشرف الأمة على الإطلاق، فإذا كانت مثل هذه الآيات تنزل فيهما فما بقي
      للمسلمين شأن بعد ذلك.




      * * * * * * * *


      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

      archive.org/download/waq19756/19756.pdf



      • القرآن جنتي
    • بسم الله الرحمن الرحيم




      شرح مقدمة التفسير ( 83)


      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



      المتن :

      و (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (الزمر: 65) ، أي بين أبي بكر وعمر وعلي في الخلافة.


      الشرح :

      والمراد لئن أشركت بالله في عبادته (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (الزمر: 65) ،
      وهم يقولون: لئن أشركت بين هؤلاء الثلاثة في الخلافة، يعني لئن جعلتهم خلفاء فإن عملك يبطل،
      وعلى هذا فقد حرفوا القرآن أعظم تحريف، والعياذ بالله.




      * * * * * * * *


      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:


      • القرآن جنتي
    • بسم الله الرحمن الرحيم



      شرح مقدمة التفسير ( 84 )


      للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله -



      المتن :

      إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَة) هي عائشة حسب زعمهم.


      الشرح :

      قاتلهم الله، فالذي يقول هذا هو موسى لقومه، ومع ذلك قالوا: إن المراد عائشة أمرنا الله تعالى أن
      نذبحها، وعندي أن أي إنسان يرى مثل هذه التفاسير، لا يشك في كفرهم والعياذ بالله، ولا يشك
      أنهم حتى ما عندهم حياء من الله ولا يستحيون من عباد الله (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ
      أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) (البقرة: 67) ، أين عائشة من موسى حتى ينزل كلام رب العالمين على هذه المعاني؟



      هذا قول الرافضة المتقدمين، وكذلك المتأخرين، فإنهم يأخذون عنهم ويجادلون عنهم.
      وليس بصحيح قول من يقول إن الرافضة المتقدمين يرون إمامة أبي بكر وعمر، فإني قد رأيت أمراً عجبا
      منهم، لكن ليس من كلهم حيث يقول: إن أبا بكر كافر، وعمر كافر وعثمان كافر، وعلي كافر،
      الثلاثة الأولون قالوا كفرة لأنهم ظلمة، والرابع علي، لأنه لم يدافع عن الحق واستسلم للباطل،
      فكفر برضاه بالباطل.





      * * * * * * * *


      شرح مقدمة التفسير
      لشيخ الإسلام ابن تيمية

      لفضيلة الشيخ العلامة /
      محمد بن صالح العثيمين
      -رحمه الله تعالى -

      الرابط المباشر لتحميل الكتاب:

      archive.org/download/waq19756/19756.pdf


      • القرآن جنتي