مقاصد الحج

    • مقاصد الحج





      مقاصد الحج



      المقصد الأول من مقاصد الحج العظيمة وهو أعظمها وأجلُّها
      : تحقيق التوحيد لله تبارك وتعالى والبراءة من ضده وهو الشرك بالله والخلوص منه ؛ فهذا أجلُّ مقصدٍ وأعظم مقصد

      ولهذا قال جابر رضي الله عنه - كما في صحيح مسلم - في سياقه لحجة النبي صلى الله عليه وسلم : (( فَأَهَلَّ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ » ))
      وقال عليه الصلاة والسلام في الميقات عندما أهلَّ بالحج (( اللهم حجةً لا رياء فيها ولا سمعة ))



      ثم مضى إلى مكة ملبياً بكلمات التوحيد العظيمة المشتملة على التوحيد وتحقيقه والبراءة من ضده ،فإن الله لا يقبل عمل عامل إلا إذا كان قائماً على التوحيد له عز وجل ، ولهذا جاء في الحديث القدسي أن الله سبحانه وتعالى يقول : (( أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ )) .



      وعلى الملبي الذي أكرمه الله عز وجل بالتلبية بهذه الكلمات العظيمة أن يستحضر معانيها وأن يعي دلالاتها وأن يسعى حياته في تحقيق التوحيد الذي دلت عليه´{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ } [الأنعام:162-163]



      يتبع



      • القرآن جنتي
    • المقصد الثاني من مقاصد الحج

      مخالفة المشركين في أعمالهم وضلالاتهم وجاهلياتهم وأباطيلهم التي لا حدَّ لها ولا عد ،
      ولهذا نرى أن نبينا صلوات الله وسلامه عليه خالف المشركين في أعمال الحج ؛ وقد كانوا يحجون ويلبون ويقفون في عرفات ويقفون في المزدلفة كان المشركون في حجهم يغادرون من عرفات قبل غروب الشمس.

      فخالفهم عليه الصلاة والسلام وجعل دفعه من عرفات بعد الغروب ، وكانوا يدفعون من مزدلفة بعد طلوع الشمس فخالفهم عليه الصلاة والسلام ودفع منها عندما أسفرت وقبل أن تطلع الشمس عليه قال في خطبته : ((إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ )) .




      المقصد الثالث من مقاصد الحج

      إقامة ذكر
      لله سبحانه وتعالى يقول جل وعلا {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ } [الحج:27-28] ؛ بل إن ذكر الله عز وجل شُرعت الأعمال لأجله ، وما تقرب متقرب إلى الله سبحانه وتعالى بمثله.

      ولهذا قال نبينا عليه الصلاة والسلام كما في سنن الترمذي وغيره
      ((إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ))
      ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام : (( أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ – أي الفضة - وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ ؟ قَالُوا بَلَى قَالَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى ))

      والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الأحزاب:41-42]
      ويقول جل وعلا: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا } [الأحزاب:35] ،

      يتبع





      • القرآن جنتي


    • المقصد الرابع


      تعميق الاستجابة لله تبارك وتعالى والامتثال لأمره والطواعية له سبحانه وتعالى والانقياد لشرعه
      ، وفي كلمات التلبية تتكرر كلمة " لبيك" أربع مرات ((
      لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك )) أربع مرات ، وكلمة لبيك هي كلمة استجابة ، وعندما تقول لبيك : أي أنا مستجيب لك يا الله ممتثل لأمرك منقاد لشرعك دعوتني لحج بيتك فقلت لبيك اللهم لبيك . قال الله عز وجل {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}[الحج:27]

      وجاء الجواب من أهل الإيمان استجابة منهم لنداء الرحمن بأن قالوا : " لبيك اللهم لبيك " أي نحن مستجيبين لك يا الله ممتثلين لأمرك منقادين لما دعوتنا إليه . وتكرار كلمة لبيك في التلبية تأكيد للاستجابة ؛ فقولك " لبيك اللهم لبيك " أي استجابة من بعد استجابة ، وانقياد من بعد انقياد ، وامتثال من بعد امتثال.

      وجاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه سئل: ما الحج فقال: ((
      الْعَجُّ وَالثَّجُّ)) والعج : هو رفع الصوت بالتلبية ؛ فكان الصحابة لا يقطعون مسافة من المدينة من ميقات ذي الحليفة إلا وقد بُحَّت أصواتهم من رفع أصواتهم في التلبية .

      ورفع الصوت بالتلبية له معنى عظيم وأثر جليل على العبد في تحقيقه الاستجابة والامتثال لأمر الله سبحانه وتعالى ، وقد جاء في حديث رواه الترمذي عن سهل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُلَبِّي إِلَّا لَبَّى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ حَتَّى تَنْقَطِعَ الْأَرْضُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا))


      ولهذا ينبغي أن نستشعر أيها الإخوة الكرام
      أن التلبية وأعمال الحج تعمق في قلوبنا الاستجابة والامتثال لأمر الله سبحانه وتعالى ، وكم من أناس أكرمهم الله سبحانه وتعالى بأن استفادوا من حجهم فعادوا إلى بلادهم على خير حال وعلى أحسن مآل حفظاً للأوامر وبعداً عن النواهي وتحقيقاً لتقوى الله عز وجل ، ولهذا جاء في أثناء آيات الحج قول الله سبحانه{ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ } [البقرة:197] .


      يتبع



      • القرآن جنتي

    • المقصد الخامس من مقاصد الحج العظيمة :


      التذكير بحال الأنبياء وسِيَر رسل الله عز وجل الأصفياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، فقبلك في هذه الطاعة جاء إلى هذه الأراضي المباركة صفوة عباد الله ؛ فتستشعر هذا ويعمق ذلك في قلبك ارتباطك بأنبياء الله عز وجل
      {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ } [الأنعام:90] .

      وهذا التذكر العظيم يأتيك في كل عمل من أعمال الحج :



      إذا جئت إلى بيت الله فإنك تذكر أن الذي قام على بناء البيت من هو ؟ ومن الذي أعانه أيضا على البناء ؟ {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا } [البقرة:127] .



      وإذا انتهيت من الطواف يأتيك قول الله عز وجل {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125] .



      إذا شربت زمزم وسعيت بين الصفا والمروة ذكَّرك ذلك بقصة هاجر تلك المرأة المؤمنة الصادقة المتوكلة على الله سبحانه وتعالى لما جاء بها إبراهيم إلى هذه الأرض وأراد أن يرحل وأن يتركها بوادٍ غير ذي زرع لا ماء ولا زرع يتركها ووليدها وحدهم في ذلك المكان ماذا قالت ؟ قالت " آالله أمرك بذلك "قال نعم ، قالت "اذهب فلن يضيعنا الله " وبقيت وحدها في ذلك المكان تلك المؤمنة المتوكلة على الله سبحانه وتعالى .

      ثم لما اشتد بها العطش وخافت على وليدها من الهلاك صعدت على الصفا تبحث عن الماء وتنطلق إلى المروة تبحث عن الماء وترجع إلى الصفا وإذا نزلت بطن الوادي أسرعت وشدَّت ثم أذِن الله سبحانه وتعالى بأن ينبع ماء زمزم وبقي من ذلك الزمان ماءً مباركا يقول عليه الصلاة والسلام عن ماء زمزم ((إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ وَشِفَاءُ سَقَمٍ )) وإنه ((لِمَا شُرِبَ لَهُ)) ماء مبارك يستحب للمسلم أن يشرب منه ، وصب منه عليه الصلاة والسلام على رأسه وحمل منه عليه الصلاة والسلام معه ، ماء مبارك ليس على وجه الأرض ماء أطيب ولا أنفع ولا أبرك من هذا الماء .

      ثم أصبح السعي بين الصفا والمروة شعيرة من شعائر الله وطاعة من الطاعات العظام على إثر قيام هذه المرأة الصالحة المؤمنة ، حتى أنبياء الله عليهم صلوات الله وسلامه يسعون في ذلك المكان على إثر تكرر وسير هاجر في ذلك المكان إلى أن يسَّر الله سبحانه وتعالى لها الماء .



      إذا ذهبت إلى عرفات جاء في الحديث أنه عليه الصلاة والسلام قال للصحابة ((كُونُوا عَلَى مَشَاعِرِكُمْ فَإِنَّكُمْ عَلَى إِرْثٍ مِنْ إِرْثِ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام)) هذا ميراث - ميراث الأنبياء - الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهما ورَّثوا دين الله ((فَإِنَّكُمْ عَلَى إِرْثٍ مِنْ إِرْثِ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام)) ، وقال عليه الصلاة والسلام ((خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) .



      إذا رميت الجمار يذكرك ذلك أصل الرمي وهو أن الشيطان عرَض لإبراهيم الخليل عليه السلام ثلاث مرات في ثلاثة مواضع وكان يرميه بحصيات حتى يسيخ في الأرض ؛ فبقي ذلك شعيرة عظيمة يقوم بها المؤمنون في حجهم لبيت الله عز وجل إقامةً لذكر الله سبحانه .

      وفي ذبح الهدايا أيضاً ما يُذكِّر بتلك القصة العجيبة العظيمة عندما رأى إبراهيم الخليل عليه السلام في المنام أنه يذبح ابنه إسماعيل فاستشاره في ذلك {قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ }[الصافات:102-103]

      جاء بابنه ومعه السكين ووضع السكين على رقبته استسلاماً منه ولابنه لأمر الله ففداه الله عز وجل بكبش .


      فكل هذه الأعمال تذكر بالأنبياء فيخرج الحاج من حجه بعبقٍ طيِّب وذكرىً جميلة تربطه بصفوة الخلق وخيار عباد الله أنبياء الله ورسله الذين هم خيار عباد الله أفضلهم على الإطلاق .

      يتبع




      • القرآن جنتي
    • [FONT=&amp] سادساً من مقاصد الحج [/FONT]

      تعميق الاتباع من المسلم لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه ، ولهذا تجد الحاج يحرص حرصاً شديداً في حجه أن يكون كل عمل من أعماله موافقاً للسنة ، وتجد الحاج يسأل كثيراً أهل العلم إن فعلت كذا هل علي حرج ؟ هل هذا العمل صواب ؟ هل هو موافق للسنة ؟

      تجد حرصاً شديداً من الحاج أن تقع أعماله في حجه موافقة للسنة
      ، وكلنا يعلم قول نبينا صلوات الله وسلامه عليه في حديث جابر في صحيح مسلم وغيره ((لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ)) ، قال ذلكم عليه الصلاة والسلام في حجه ، فتجد الحاج يحرص ؛ يحرص في باب الواجبات على فعلها الإتيان بها ، يحرص في باب المحظورات على تركها والبعد عنها ، فتجده يسأل بدقة ويتحرى بصدق أن تكون أعماله موافقة لهدي النبي الكريم عليه الصلاة والسلام .

      وانظر إلى تلك الكلمة العظيمة التي قالها عمر ابن الخطاب رضي الله عنه عندما قبَّل الحجر قال : ((أَمَا وَاللَّهِ)) (( إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ )) ،

      وكان رضي الله عنه يمشي بالمطاف يطوف بالبيت ومعه أحد الصحابة فلما وصلوا إلى محاذاة الركن الذي بعد الباب ويلي الحج فأخذه ذلك الصحابي ليستلم ذلك الركن ، فقال له عمر رضي الله عنه : ألم تطف مع النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال بلى ، قال هل رأيته يستلم هذا الركن ؟ قال لا ،قال "إليك عني"

      يعني لا نفعل شيئاً من الأعمال إلا ما كان موافقاً لسنة النبي صلى الله عيه وسلم ، لماذا نقبِّل الحجر الأسود ولماذا نستلمه ونستلم الركن اليماني ؟ ولماذا لا نستلم بقية أجزاء البيت ؟ لأن ديننا كله مبني على الاتباع ، قال الله تعالى {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } [آل عمران:31] ، وفي الحديث يقول عليه الصلاة والسلام ((مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ)) .

      يتبع



      • القرآن جنتي
    • المقصد السابع من مقاصد الحج العظيمة :

      تذكُّر الآخرة وتذكر الوقوف بين يدي الله سبحانه وتعالى ، وتأمل أول ما يبدأ المسلم من أعمال حجه عندما يتجرد من زينته ولباسه والهيئة التي اعتاد عليها وكل اعتاد في بلده على نوع من اللباس ، فتجد الجميع إذا وصلوا إلى الميقات تجردوا من المخيط واغتسلوا وتطيبوا ثم يلبس الجميع إزار ورداء أبيضين نظيفين

      ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام ((يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا قَالَ قُلْنَا وَمَا بُهْمًا ؟ قَالَ لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ )) لا زراعة ولا تجارة ولا أموال ولا رئاسة إلى آخره . فلباس الإحرام يذكِّر بلباس الكفن .

      والوقوف على صعيد عرفات ، اجتماع الخلائق من أنحاء الدنيا على صعيد واحد في لحظة واحدة من الذي جمعهم هذا الجمع ؟ رب العالمين وهو سبحانه وتعالى الذي يجمع الأولين والآخرين على صعيد عرصات يوم القيامة ، يُجمع الجميع يُجمع الناس من أولهم إلى آخرهم من مات حرقاً ، من أكلته السباع وخرج منها بعراً ،
      من دفن وضل في الأرض { وَقَالُوا أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ } [السجدة:10] .

      كل هؤلاء يجمعهم رب العالمين ، يجمعهم على صعيد واحد يجمع الله سبحانه وتعالى فيه الأولين والآخرين ؛ فوقوفك بعرفات يذكرك بالموقف الأعظم بين يدي الله سبحانه وتعالى في عرصات يوم القيامة .

      والحجاج يقفون على صعيد عرفة وكل منهم يرجو أن تُعتق رقبته من النار في ذلكم اليوم
      وقد قال عليه الصلاة والسلام : ((مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ))
      أكثر يوم لله عتقاء من النار هو يوم عرفة ، ولهذا ينبغي أن يكون طمع المسلم في هذا اليوم قوياً وشديداً أن تُعتق رقبته من النار وأن يخرج من أرض عرفات قد أعتقت رقبته من النار .

      اللهم اعتق رقابنا من النار وآباءنا وذرياتنا وأزواجنا يا رب العالمين .
      وهكذا في الموقف الأعظم يوم القيامة
      يقول الله سبحانه { فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ } [آل عمران:185] .
      يتبع



      • القرآن جنتي
    • المقصد الثامن من مقاصد الحج العظيمة :


      تحقيق الأخوة الدينية والرابطة الإيمانية وهي تتجلى في الحج وتبرز فيه بأبهى صورها وأجمل حُللها ؛ فهاهم الحجيج يجتمعون على صعيد عرفة ويجتمعون في مزدلفة لباسهم واحد ومقصودهم واحد ومعبودهم واحد وأعمالهم واحدة وقبلتهم واحدة ومتبوعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم واحد ، يشتركون في الآمال والآلام ؛ آمالهم واحدة وآلامهم واحدة وهمومهم مشتركة اجتمعوا في أعظم تجمع إسلامي يُظهِر الرابطة الإيمانية والأخوة الدينية هذا أحمر وهذا أسود وهذا عربي وهذا عجمي ، الكل يجمعهم دين الله سبحانه وتعالى ولا فرق بين الجميع إلا بتقوى الله



      المقصد التاسع من مقاصد الحج :

      التربية على الأخلاق الفاضلة والآداب الكاملة والتحلي بجميل الخصال وكامل الآداب ، وحقيقةً الحج مدرسة مُثلى للآداب والأخلاق يتربى فيه المسلم على الآداب الفاضلة ، يتربى على حسن المعاملة ، يتربى على البعد عن الإيذاء ، يتربى على البعد عن الجدل والخصومة { فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ } [البقرة:197] ، ((مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ)) ، كان عليه الصلاة والسلام يقول للناس في الحج : ((أَيُّهَا النَّاسُ السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ )) ، وكان عليه الصلاة والسلام يقول لهم عند الجمرات ((لَا يَقْتُلْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا)) ، وقال عليه الصلاة والسلام في الحج ((تَدْرُونَ مَنْ الْمُؤْمِنُ ؟ .. مَنْ أَمِنَهُ الْمُؤْمِنُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ)) ،

      فتجد الحج يربي الإنسان على التخلُّق بالأخلاق الفاضلة ؛ التحلي بالصبر ، التحلي بالرفق ، التحلي بالأناة ، التحلي بحسن المعاملة ، التحلي بطيب المعاشرة لحجاج بيت الله ، هؤلاء وفد الله فتجد الحاج يترفَّق بهم يحسن إليهم يتلطف في معاملته لهم هكذا يجب أن يكون الحاج في حجه وحجه يربيه على ذلك ، وكلما استشعر الحاج هذا المقصد العظيم في الحج يخرج متأدباً بآداب الإسلام متحلياً بأخلاق الشريعة العظام .

      يتبع



      • القرآن جنتي
    • المقصد العاشر من مقاصد الحج :

      تحقيق الوسطية التي هي زينة هذا الدين وجمال الشريعة ، فدين الله سبحانه وتعالى دينٌ وسط ليس فيه غلو ولا جفاء وليس فيه إفراط ولا تفريط ، قال الله تعالى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا } [البقرة:143]

      أي شهوداً عدولاً ومن أعظم ذلك أن نبينا عليه الصلاة والسلام لما أمر الفضل بن عباس أن يلتقط له حصيات التقط له سَبْعَ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ ، ما هو حصى الخذف ؟ حصاة صغيرة يمكن أن تُستعمل في الخذف ، والنبي عليه الصلاة والسلام نهى عن الخذف قال ((لَا يَنْكَأُ الْعَدُوَّ وَإِنَّهُ يَفْقَأُ الْعَيْنَ وَيَكْسِرُ السِّنَّ )) نهى عنه عليه الصلاة والسلام ،

      وحصاة الخذف حصاة صغيرة فالتُقط له عليه الصلاة والسلام سبع حصيات هن حصى الخذف فوضعهن عليه الصلاة والسلام بيده وأراهن الناس وقال ((أَمْثَالَ هَؤُلَاءِ فَارْمُوا ))
      ثُمَّ قَالَ : (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ ، فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ )) ،
      فهذه وسطية واضحة تُرمى الجمرات بحصيات.


      المقصد الحادي عشر من مقاصد الحج:


      الفوز برضا الله سبحانه وتعالى والنجاة من ناره والفوز بغفرانه ورحمته سبحانه وتعالى ؛ وقد دل على هذا المقصد العظيم أدلة كثيرة منها قوله عليه الصلاة والسلام ((مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ)) ، ومنها قوله عليه الصلاة والسلام : (( الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ )) ، ومنها قوله عليه الصلاة والسلام في حديثه لعمرو بن العاص : ((أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلِهَا وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ )) ، وقوله عليه الصلاة والسلام : ((تَابِعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ))

      فهذا مقصد من مقاصد الحج العظيمة ,نسأل الله عز وجل لنا جميعاً أن يحقق لنا ذلك بالفوز بالجنة والعتق من النار وغفران الذنوب إنه تبارك وتعالى سميع مجيب



      تم ولله الحمد

      • القرآن جنتي