سلطان عمان أم سلطان التغيير.. لمن الغلبة؟
بقلم: ابراهيم الهطلاني
الكشف عن وجود تنظيم سري يسعى الى قلب نظام الحكم في مسقط يدل على ان عمان ليست بمعزل عن التغيرات السياسية الجارية في الخليج.
ميدل ايست اونلاين
تشهد منطقة الخليج العربي تتابعا ملحوظا ومقلقا لازمات سياسية وأحداثا أمنية تعكس إشكالية لم تنل حقها الداخلي من الدراسة والمعالجة لأبعاد ومخاطر التلازم التاريخي بين هدف الوصول والبقاء في السلطة وبين انتهاج أساليب قمعية للوصول لهذا الهدف منذ بداية القرن العشرين الميلادي وما زالت تلك العلاقة تفرض وضعا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا متأزما بين شرائح المجتمع الواحد من جهة وبينه وبين المؤسسة الحاكمة من جهة أخرى، كما تظهر تبعات وإفرازات تلك الإشكالية التي هيئت بكل انعكاساتها خيارات يائسة يلوذ بها شباب المجتمع الخليجي وخاصة إذا ما تقاطعت في طريقه غايات وأهداف سامية، هذا هو جيل الثورة الثقافية بكل أبعادها الفكرية والسياسية والاقتصادية جيل ملَّ من الانتظار، جيل فقد الثقة بأغلب العناوين الرئيسة.
وما حصل في عُمان لا يختلف كثيرا عن واقع بقية دول الخليج المتأزم سياسيا واقتصاديا حيث تناقلت وسائل الإعلام تطورات قضية التنظيم السري "العماني" الذي أعلنت السلطات العمانية عن اكتشافه والسيطرة على عناصره وتقديمهم لمحكمة امن الدولة يوم الاثنين 2مايو والتي بدأت جلساتها منذ يوم 18 ابريل للنظر في الاتهامات الموجهة لعناصر هذا التنظيم وعددهم 31 متهما بالسعي لقلب نظام حكم السلطان قابوس بن سعيد وإقامة نظام حكم إمامي "اباضي" في المقابل أنكر المتهمون أمام المحكمة تهمة سعيهم لقلب نظام الحكم وقالوا أنهم كانوا يسعون إلى تنشيط المذهب الاباضي والحفاظ عليه من خلال زرع أفكار المذهب لدى الطلاب خلال الإجازة الصيفية، وتمهيدا لمحاولتنا في قراءة وعرض الظروف السياسية "العمانية" المؤثرة والمتأثرة بما يحيط بها نحتاج إلى استعراض للمذهب الاباضي ومنطلقه السياسي، لنتمكن من استنتاج السيناريوهات المتاحة.
الإباضية فرقة من الفرق الإسلامية اشتهر انتسابهم إلى عبد الله ابن إباض ألمري إلا أن المحققين ينسبون الفرقة إلى جابر بن زيد ألأردي فهو العقل الحقيقي للمذهب والمحدد لمعالمه وأما إطلاق اسم الإباضية على أتباع المذهب فيعود إلى بنو أمية، ويعتبر الإباضيون جابر بن زيد هو إمامهم الحقيقي ولم يعرفوا بهذا الاسم إلا بعد وفاته ويقدمونه على عبد الله بن إباض من حيث العلم والتفقه في الدين وهو من تلاميذ ابن عباس رضي الله عنه، أما انتسابهم لعبد الله بن إباض تلميذ جابر بن زيد فيعود لشهرة الرجل بالجراءة في مواجهة الحكام في الوقت الذي كان شيخه يمارس أكثر أفكاره بشيء من الهدوء والحذر. والاباضيون متواجدون في عدة دول منها اليمن والمغرب وليبيا وزنجبار إلا أنهم لم يبرزوا ولم يتمكنوا إلا في عُمان.
ومع وجود لاختلاف بين المؤرخين في تحديد الفترة الأولى أو الانطلاقة الزمنية لظهور المذهب الإباضي إلا أن هناك وقائع سياسية وعسكرية بارزة في التاريخ الإسلامي تعين المهتمين بالتفاصيل في محاولاتهم التعيينية ومن تلك الوقائع اجتماع السقيفة "السياسي" وموقعتي الجمل وصفين "العسكريتين" وما يهمنا في هذا الموضوع هو عناوين الفكر السياسي للمذهب الإباضي، وفي قراءة عامة في أبجدياتهم نجد أن ابرز ركائزهم التي يحرصون عليها في مذهبهم وهي الإمامة والولاء والبراء، الاباضيون متشددون في قضية اختيار الإمام العادل في حكمه الصالح في نفسه كما أنهم يجوزون الخروج على الحاكم الظالم والفاسق "وهذا ما يميزهم سياسيا عن بقية اتجاهات المسلمين السنة " إلا إذا كان أهل الحق في موقف ضعف فهم يرون الكتمان أي الانتظار وعدم المجابهة حتى تتقوى أحوالهم، وكذلك الحال في مبدأ الولاء والبراء وما يترتب عليه من نبذ المحبة والطاعة للمخالفين، ورغم أن المذهب الإباضي هو المسيطر والنافذ في عُمان إلا أن المتشددين منهم يرون إن مذهبهم بدأ ينحسر إما كماً أو كيفاً وهناك بحسب رؤيتهم انحسار في السيطرة على المؤسسة الحاكمة ولذلك تعمل القوى الدينية الآن على تأصيل هذا الفكر في نفوس الأجيال الجديدة ويعملون على إعادة نظام الإمامة الذي تم إلغاؤه عام 1959م.
وإذا أردنا أن نحدد وصفا مختصرا للوضع الداخلي في السلطنة لن نجد أدل من عنوان "الأزمة المزدوجة" فإلى جانب إشكالية أيديولوجية هناك عدة إشكاليات سياسية تتمثل في غياب الحريات العامة وتفشي الفساد المالي والمحسوبيات العائلية وانعدام المشاركة في السلطة والثروة واستمرار التفرد بالحكم، فهل يستطيع السلطان قابوس بن سعيد مواجهة تلك الحزمة المقلقة لوحده وهو وحيد اجتماعيا سياسيا؟
وصل السلطان قابوس بن سعيد للحكم عام 1970م بعد إزاحة والده السلطان سعيد بن تيمور الذي سبق إلى ذات الإجراء واستولى على الحكم من والده تيمور عام 1932م وظل في الحكم إلى أن عُزل، ورغم أن عُمان شهدت تطورا ملحوظا خلال حكم قابوس في عدة مجالات منها التعليم والصناعة والتعمير والمواصلات إلا أن المجال السياسي والحريات العامة لم تزل تراوح مكانها بل وتتراجع في أحيانا كثيرة. ومنذ اعتلائه العرش والسلطان قابوس يسيطر على مقاليد الحكم ويمسك بمراكز القرار متجاوزا عدة أحداث وأزمات لا يمكن للحاكم الرشيد إلا أن يقف عندها بالتحليل والمراجعة باحثا عن حل مناسب للجميع.
وفي دراسته عن الوضع السياسي في عمان نُشرت لأستاذ الحكم السياسي في جامعة جورج ماسون الأمريكية مارك كانز يقول فيها انه يمكن للسلطان قابوس أن يستمر في الحكم بفاعلية لمدة 15 أو 20 سنة أخرى وإذا ما حصل هذا فان مشكلة الخلافة ستترافق مع مشكلة نضوب النفط مما يزيد الاستياء الشعبي من النظام. ولكن مسالة شرعية النظام قد لا تبقى نائمة حتى رحيل قابوس، ويبدو أن بعض العمانيين لديهم شكوك جدية حول شرعية قابوس وجدارته بالحكم كما اظهرت "المؤامرة" التي تم الكشف عنها مؤخرا.
وبعد قراءتنا للنظم العامة للسلطنة وخاصة المادة 41 من النظام الأساسي للسلطنة على أن السلطان رئيس الدولة وذاته مصونة لا تمس واحترامه واجب وهو رمز الوحدة الوطنية، وفي ظل المتغيرات الدولية وإعادة صياغة التركيبة السياسية للمنطقة ووجود مشروع للشرق الأوسط الكبير يتساءل كثير من المهتمين بالأوضاع في منطقة الخليج إلى أي مدى سيلتزم العمانيون بمواد وفقرات نظامهم الذي وضعه سلطانهم وما هي حدود التغير والإصلاح الممكنة؟ وما هو السيناريو المحتمل؟ فهل يتغير النظام أم يتغير السلطان أم يتغير الشعب؟
وما حصل في عُمان لا يختلف كثيرا عن واقع بقية دول الخليج المتأزم سياسيا واقتصاديا حيث تناقلت وسائل الإعلام تطورات قضية التنظيم السري "العماني" الذي أعلنت السلطات العمانية عن اكتشافه والسيطرة على عناصره وتقديمهم لمحكمة امن الدولة يوم الاثنين 2مايو والتي بدأت جلساتها منذ يوم 18 ابريل للنظر في الاتهامات الموجهة لعناصر هذا التنظيم وعددهم 31 متهما بالسعي لقلب نظام حكم السلطان قابوس بن سعيد وإقامة نظام حكم إمامي "اباضي" في المقابل أنكر المتهمون أمام المحكمة تهمة سعيهم لقلب نظام الحكم وقالوا أنهم كانوا يسعون إلى تنشيط المذهب الاباضي والحفاظ عليه من خلال زرع أفكار المذهب لدى الطلاب خلال الإجازة الصيفية، وتمهيدا لمحاولتنا في قراءة وعرض الظروف السياسية "العمانية" المؤثرة والمتأثرة بما يحيط بها نحتاج إلى استعراض للمذهب الاباضي ومنطلقه السياسي، لنتمكن من استنتاج السيناريوهات المتاحة.
الإباضية فرقة من الفرق الإسلامية اشتهر انتسابهم إلى عبد الله ابن إباض ألمري إلا أن المحققين ينسبون الفرقة إلى جابر بن زيد ألأردي فهو العقل الحقيقي للمذهب والمحدد لمعالمه وأما إطلاق اسم الإباضية على أتباع المذهب فيعود إلى بنو أمية، ويعتبر الإباضيون جابر بن زيد هو إمامهم الحقيقي ولم يعرفوا بهذا الاسم إلا بعد وفاته ويقدمونه على عبد الله بن إباض من حيث العلم والتفقه في الدين وهو من تلاميذ ابن عباس رضي الله عنه، أما انتسابهم لعبد الله بن إباض تلميذ جابر بن زيد فيعود لشهرة الرجل بالجراءة في مواجهة الحكام في الوقت الذي كان شيخه يمارس أكثر أفكاره بشيء من الهدوء والحذر. والاباضيون متواجدون في عدة دول منها اليمن والمغرب وليبيا وزنجبار إلا أنهم لم يبرزوا ولم يتمكنوا إلا في عُمان.
ومع وجود لاختلاف بين المؤرخين في تحديد الفترة الأولى أو الانطلاقة الزمنية لظهور المذهب الإباضي إلا أن هناك وقائع سياسية وعسكرية بارزة في التاريخ الإسلامي تعين المهتمين بالتفاصيل في محاولاتهم التعيينية ومن تلك الوقائع اجتماع السقيفة "السياسي" وموقعتي الجمل وصفين "العسكريتين" وما يهمنا في هذا الموضوع هو عناوين الفكر السياسي للمذهب الإباضي، وفي قراءة عامة في أبجدياتهم نجد أن ابرز ركائزهم التي يحرصون عليها في مذهبهم وهي الإمامة والولاء والبراء، الاباضيون متشددون في قضية اختيار الإمام العادل في حكمه الصالح في نفسه كما أنهم يجوزون الخروج على الحاكم الظالم والفاسق "وهذا ما يميزهم سياسيا عن بقية اتجاهات المسلمين السنة " إلا إذا كان أهل الحق في موقف ضعف فهم يرون الكتمان أي الانتظار وعدم المجابهة حتى تتقوى أحوالهم، وكذلك الحال في مبدأ الولاء والبراء وما يترتب عليه من نبذ المحبة والطاعة للمخالفين، ورغم أن المذهب الإباضي هو المسيطر والنافذ في عُمان إلا أن المتشددين منهم يرون إن مذهبهم بدأ ينحسر إما كماً أو كيفاً وهناك بحسب رؤيتهم انحسار في السيطرة على المؤسسة الحاكمة ولذلك تعمل القوى الدينية الآن على تأصيل هذا الفكر في نفوس الأجيال الجديدة ويعملون على إعادة نظام الإمامة الذي تم إلغاؤه عام 1959م.
وإذا أردنا أن نحدد وصفا مختصرا للوضع الداخلي في السلطنة لن نجد أدل من عنوان "الأزمة المزدوجة" فإلى جانب إشكالية أيديولوجية هناك عدة إشكاليات سياسية تتمثل في غياب الحريات العامة وتفشي الفساد المالي والمحسوبيات العائلية وانعدام المشاركة في السلطة والثروة واستمرار التفرد بالحكم، فهل يستطيع السلطان قابوس بن سعيد مواجهة تلك الحزمة المقلقة لوحده وهو وحيد اجتماعيا سياسيا؟
وصل السلطان قابوس بن سعيد للحكم عام 1970م بعد إزاحة والده السلطان سعيد بن تيمور الذي سبق إلى ذات الإجراء واستولى على الحكم من والده تيمور عام 1932م وظل في الحكم إلى أن عُزل، ورغم أن عُمان شهدت تطورا ملحوظا خلال حكم قابوس في عدة مجالات منها التعليم والصناعة والتعمير والمواصلات إلا أن المجال السياسي والحريات العامة لم تزل تراوح مكانها بل وتتراجع في أحيانا كثيرة. ومنذ اعتلائه العرش والسلطان قابوس يسيطر على مقاليد الحكم ويمسك بمراكز القرار متجاوزا عدة أحداث وأزمات لا يمكن للحاكم الرشيد إلا أن يقف عندها بالتحليل والمراجعة باحثا عن حل مناسب للجميع.
وفي دراسته عن الوضع السياسي في عمان نُشرت لأستاذ الحكم السياسي في جامعة جورج ماسون الأمريكية مارك كانز يقول فيها انه يمكن للسلطان قابوس أن يستمر في الحكم بفاعلية لمدة 15 أو 20 سنة أخرى وإذا ما حصل هذا فان مشكلة الخلافة ستترافق مع مشكلة نضوب النفط مما يزيد الاستياء الشعبي من النظام. ولكن مسالة شرعية النظام قد لا تبقى نائمة حتى رحيل قابوس، ويبدو أن بعض العمانيين لديهم شكوك جدية حول شرعية قابوس وجدارته بالحكم كما اظهرت "المؤامرة" التي تم الكشف عنها مؤخرا.
وبعد قراءتنا للنظم العامة للسلطنة وخاصة المادة 41 من النظام الأساسي للسلطنة على أن السلطان رئيس الدولة وذاته مصونة لا تمس واحترامه واجب وهو رمز الوحدة الوطنية، وفي ظل المتغيرات الدولية وإعادة صياغة التركيبة السياسية للمنطقة ووجود مشروع للشرق الأوسط الكبير يتساءل كثير من المهتمين بالأوضاع في منطقة الخليج إلى أي مدى سيلتزم العمانيون بمواد وفقرات نظامهم الذي وضعه سلطانهم وما هي حدود التغير والإصلاح الممكنة؟ وما هو السيناريو المحتمل؟ فهل يتغير النظام أم يتغير السلطان أم يتغير الشعب؟
الموضوع عن سلطان عمان أم سلطان التغيير وأنت تقولين طردتي من السبله 
: 
: 
: