قال تعالى : ( ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ... ) حياة .. ولم يقل سبحانه : الحياة ، لأنها حين النكرة ( حياة ) تعتبر حياة بهيمية لا هدف منها ولا فيها .. أما حين تعرف ( الحياة ) فهي والله تلك الحياة الرغيدة الهانئة السعيدة الكريمة ... مثلاً بمثل حينما نذكر ( السعادة ) أو ( سعادة ) فغالب من يسعى في هذه الأرض جرياً وراء سعادة ، أو بحثاً عن السعادة ... ( لا حظ الفرق بين جرياً وبحثاً )هنا مربط الفرس .. كما يقال .. لا نختلف أن في معاقرة الخمر أم الخبائث سعادة ، ولكنها وقتية ، وهمية ، تزول سريعاً وتبقى عواقبها وخيمة ، كذلك إيذاء الناس ، وكذا السرقة ، بل حتى القتل ؛ لأنها نتاج فكرة خطرت ، فتنفيذها _ بغض النظر عن عواقبها _ هو في حد ذاته سعادة له ، طبعاً هكذا يظن ، لأنه وبتفكير دقيق ومخلص سيجد أنه كمن أراق ( البنزين ) على النار المشتعلة ، لا يزيد الأمور إلا تعقيداً ... ما هو وجه المقارنة بين سعادة هؤلاء ، والسعادة التي تراها بادية على محيا بعض من هداهم الله إلى طريق الحق وهداية الخلق .. كل عمل في هذه الدنيا الفانية لابد له من هدف ، يسعى المرء لتحقيقه ، فيبذل قصارى جهده مستنفذاً كل ما لديه من إمكانات في سبيل تحقيق ذلك الهدف ( أي هدف ) فحين تشرف الغاية تشرف الوسيلة ، والعكس من ذلك بالعكس ، فهذا يجني المال من أوجه متعددة ، لا يهم من أين ، وكيف ، المهم الكم ، وفي الأخير لا يؤدي حق الله سبحانه في هذا المال الذي هو عارية عنده .. لن يدفن معه ريال واحد ، ولكنه الجري واللهث وراء ذلك السراب .. ذلك العامل أيضاً يكد ويتعب ، ويعرق وينصب ، لأجل ماذا ، ألتقوية عضلاته ، أم ماذا .. هذان مثالان ، وغيرهما كثير وكثير ... التاجر يبحث عن تلك السعادة بين ( شيكاته ) وملفاته ، وكذلك العامل المسكين ، يبحث عنها ، يعمل ليسد رمقه ، ويسكن جوعه ، ويسعد أولاده ، فحين يكون همه وتفكيره أنه يعمل ليجنب نفسه أكل الحرام ،ويربي أولاده وينشئهم تنشئة صالحة .. يكون حينها أصاب كبد الحقيقة ، ووصل إلى مراده ، ووفقه الله وأعانه ، وزاده من واسع فضله سبحانه ... أما إن كان قصده جمع الأموال ، ورصها ، وربطها ، وعدها بين آونة وأخرى ؛ فهو الخاسر الوحيد في معركة ليس له قبل بها ، ولن يتحمل تبعاتها .. إن كان هذا هو حال العامل المسكين .. فالتاجر من باب أولى ... إن الحديث ذو شجون ، والحر تكفيه الإشارة ، ولكنها كلمة أخيرة أعجبتني فأردت إيرادها ... ( إن مما يعجب له المسلم ، ويندى له جبينه ، أن يتخلى بعض من أبناء المسلمين عن أمتهم ، ويلهثوا خلف جهالات الغرب ، تاركين دينهم وراءهم ظهرياً ، وأعجب من هذا أن يرموا دينهم وأمتهم بالجهل والتخلف ، ناسين أو متناسين أن ما حدث لأمتهم من تخلف و انحطاط إنما هو من ابتعادهم عن شرع الله ونهجه ) .
آسف لإطالة ، وبارك الله فيكم ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
آسف لإطالة ، وبارك الله فيكم ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...