صفحة من حياتي العاطفية

    • صفحة من حياتي العاطفية

      عندما يعشق الإنسان وتستعبدهُ عيون الجَمال ...
      عندما يتغنى الإنسان بالعبودية لتلك الروح التي أعطتهُ السعادة في نظرةٍ أو همسةٍ أو ابتسامة ...
      عندما يكتشف المرء أن قلباً له زُرع في احد الأجساد وأنّ روحاً فياضة منحتها لهُ إحدى حور الأرض ...
      عندما يصبحُ المرء خلال لحظات شاعراً وأديباً ومبدعاً وسعيداً حتى النخاع بإسم الحب ...
      عندما يتحقق ذلك ويتأمل هذا الإنسان في حياته لدقيقة ...



      فإن دمعتان صادقتان تتدحرجان على وجنتيه يحسده البشر عليهما ...



      دمعة الخشوع لله الذي حباه بهذة الحورية التي اقتحمت حياته فأعطته ترياق الحب الذي يحميه من صروف الدهر ولدغات الزمان .. دمعة الرهبة التي دكدكت الجبل الأشم أمام موسى عليه السلام وهاهي الآن كادت أن تذهب بروح هذا الإنسان لولا ستر الله .. دمعة الراغب في أن يجدد صلته بالله بكل حماسٍ وإخلاص كي يشكره في كل لحظة من أيامه الباقية على هذة الحورية .. دمعة الإمتنان ودمعة العرفان لله الذي أحب هذا الإنسان فأنعم عليه بأغلى الدرر وأثمن الكنوز.



      ودمعة الفرح والسعادة التي تسقط إثر اللحظات التي يتمنى المرء دوامها للأبد .. اللحظات التي تتجسد فيها شفافية الروح البشرية وبراءة الطباع الآدمية فتشعر بالرغبة في الحياة من أجل مثل هذة اللحظة ، وتنسى - فقط في هذة الحالة - أنّ في الدنيا دمعات الأفراح ودمعات الأتراح .. يُسقط الإنسان هذة الدمعة وهو يدعوا الله مائة مرة قبل بلوغها الأرض أن يمنحه القدرة على شكره وشكر الإنسان الذي منحه هذة اللحظة وهذة الدمعة ، فيتجلى بذلك أسمى ما يمكن للحظة الفرح أن تفعله بالإنسان: سعادة القلب وسلامة الروح.



      وعندما يمر الإنسان بهذة التجربة ويعيش كل لحظة من لحظاتها بكل إرادته وبكل حواسه فإنه يخطو وبلا وعيٍ منه نحو الكمال الإنساني المنشود ، والذي لن "يدنو" منه أي بشر إلا حين يتعلق الأمر بالحب الإلهي ، والذي - في سبيله - يمضي الآن هذا "الإنسان" هو وحوريته كي يعطيان البشرية درساً في الحب الذي يجعل العاشقان يشكران العلي القدير على كل لحظةٍ يلتقيان فيها ، ويستودعانه على أرواحهما كلما حانت لحظة الفراق ، وبين هاتين اللحظتين تتذوق القلوب أحلى المشاعر وأسماها على الإطلاق: حيث تلتقي أفئدتهما على بساط الامتنان للخالق الذي صور القلوب بهذا القدر من الرغبة في الآخر والاستعداد للتضحية من أجل الحبيب في سبيل سعادته ، ويجلسان أمام مائدة العرفان للجليل الذي أعطى البشر قدراً من العقل يمكّنه من إدراك روعة الجمال وبهجة الحياة ، ويرتشفان من أكواب الحب العذب .. الحب الذي يجري في الدماء أنهاراً ويسري في الضلوع متدفقاً بسلاسة وعذوبة حتى لتحسبه روحاً فوق روح ونفساً فوق نفس.




      لقد عشتُ حياتي الماضية وأنا في نفاق مع نفسي ومع الناس ..
      أدّعي السعادة في حياتي وأنا من وراء الستار أبكيها وتبكيني .. أختلق الابتسامة وكل ما يعتلج في صدري يستدعي الرثاء والشفقة .. أمضي حثيثاً في مسيري كمن يمضي لغايةٍ وأنا في حقيقتي تائه .. يراني الناس ناجحاً في حياتي بينما لا يدرون أنني فاشلٌ في ذاتي ..
      ألبستُ نفسي أقنعةً كثيرةً أخفت حقيقتي عن الناس ردحاً من الزمن ولكن لم يكن لها أن تستمر طويلاً .. أدركتُ حينها أنّ ما أحتاج إليه هو الابتعاد عن هذة البيئة لفترة من الزمان كي أبحث عن ذاتي وأُلملم شتاتي وأعيد صياغتها بلا نفاقٍ وبكل تفاؤل .. وحين أصبحت الفرصة بيدي والقرار قراري ، ودعتُ الدار والأرحام وغادرتُ المرتع الجميل وتركتُ أمسي بلا هوادة أو تردد وأنا أحسب أنني سأنساه حقاً ، وكان آخر ما أذكر من أطلال أمسي: عينٌ ترمقني من بعيد بدت كما لو كانت تذرف دموعاً تؤنبني وتعاتبني على ما ستعانيه ، إلاّ أنني لم أحفل بهذة الدمعات في يومٍ كثر فيه الدامعون ..
      وحين حطت قدمي على أرض أحفاد سام ، وجدتُني أكتب أول حرفٍ في دفتر حياتي الجديد .. وجدتني عارياً من كل ما ألبسته نفسي قديماً .. وللمرة الأولى أشعر بالإنتماء لذاتي الجديدة وأنني أصنعها بيدي بلا أقنعةٍ أو مجاملات ..
      مرت الأيام وأنا أستمتع بصحبة أحفاد سام .. إلا أنني شعرت بالاختناق في فضاء المليون آكر ، وأحسستُ بالنقصان في بلد الكماليات والمباحات .. ترى ما الذي أحتاجه ولا تملكه يا ابن سام؟

      وتذكرت تماماً ماذا يخنقني في هذة الأرض الفسيحة .. إنها العذراء الباكية في أرض العرب .. تلك التي خلفتها بلا ونيسٍ يؤازرها وهي التي كانت ترى فيّ مستقبلها وحياتها .. إنني بحق افتقدك يا أروع النساء وأنا أفتقد حقاً ابتسامتك كلما التقت العينان وافتقد الالتفاتة الرائعة التي تنمُّ عن حياءٍ أصيل ونفسٍ نبيلة.



      فلأنني بشر ..
      ولأنني أمتلك قلباً عصرته أيدي الدهر ومرغتهُ الدنيا في وحلها ..
      ولأنني عايشتُ الدنيا وعايشتني فما رويتها ولا روتني ..
      ولأنني أردتُ يوماً أن أصرف نفسي عن تلك التي انقذت يوماً ما حياتي فوجدتُني أنزع قلبي من جسدي ..
      ولأنني أريد أن أنقذ نفسي قبل فوات الأوان ..
      لأجل هذا ، فلقد أضفتُ نفسي تلميذاً في مدرسة الحب .. تلميذاً فوق العادة لأنه يطمح إلى التفوق ولا يبالي بالشهادة ، فشهادةُ نجاحه هي احتفاظه بهذة المرأة الفريدة وقدرتهُ على إسعادها كما تستحق .. ولذلك ، فأنا أمرُّ تماماً بتلك المرحلة الحرجة التي إما أن تصرع المرء على ميدان الأشواق فيخرج بقلبهِ محطماً بمعاول الغباء العاطفي والرومانسية الناقصة ، وإما أن تصهر قلبهُ وتصفي وجدانهُ وتنفخ فيه روح الحبيب كي يحافظ عليها لينجو ، ويغدقها بالحب ليسموا وتسموا ، ويعانقها من غير لثمٍ ولا ضمٍ ولا انقطاع.



      هذة هي أيامي ..
      وأنا أقضيها في صراعٍ مع البغضاء كي أقتلها في نفسي ، ومع الشحناء كي تموت ولا أبالي فلستُ لها في حاجةٍ بعد اليوم .. وأنا في مداولةٍ مع المودة كي أغرسها في قلبي ، وأرويها بدمائي ، وأظللها بروحي وعقلي كي لا أخسر تلك العين الفاتنة والفتاة العفيفة والمرأة الحقيقية التي تسعدني وهي صامته ، وتلبسني أثواب السعادة إذا ما تكلمت ، وتُجلسني ملكاً في قلبها حين تفتح ثغرها وتمنحني ابتسامتها اللذيذة والتفاتتها الرائعة ..



      بسبب هذة المشاعر ، ونتيجةً لهذة الأحاسيس .. فأنا بحقٍ أشعر بقيمة السجدة أمام الله في صلواتي الخمس .. حيث تشعرني أنني مدين له بكل ما كان وما يكون وما سيكون وهو عنِّي في غنى ، فأمنح قلبي له لثوانٍ أسبح في ملكوته الذي يحيط بي وأتأمل في فضلهِ العظيم الذي جائني بلا استحقاق وأتفكر بكل بديهيةٍ مَنْ مِنَ الملوك قد يفعل هذا بعبده .. عندها تغرورق عيوني بالدموع الحارة وتخنقني عبرات الأسف المؤلمة على ما كان مني من سوءِ وأنا بهذة الحظوة عند مولاي .. وأتابع تأملاتي هذة في حياتي بكل تأثر حتى أشعر أنني تعبأت بما يكفيني من الوقود الروحي كي أبقى مع الله حتى المرة القادمة التي سأسجد فيها لله.



      فلتدعوا الله لي كي لا أتخبط في حياتي من جديد ...
      ولتدعوا الله أن لا يحرمني من هذة المرأة التي عرفت كيف تجعلني آدمياً فوق العادة ...
      ولتسألوا الله لي أن أبقى له شاكراً وحامداً ومسبحاً في أيامي الباقية ...
      ولتسألوه أن يغفر لي ما فعلتُ وما أفعلُ وما سأفعلُ من سيئات الفعال والأقوال ...
      واتسألوه أن لا أنسى كيف أحبكم ..



      فهذة حياتي وليعذرني التائهون ..




      الكاتب: أبـو المختـــــار .. ssss1111
    • فلتدعوا الله لي كي لا أتخبط في حياتي من جديد ...
      ولتدعوا الله أن لا يحرمني من هذة المرأة التي عرفت كيف تجعلني آدمياً فوق العادة ...
      ولتسألوا الله لي أن أبقى له شاكراً وحامداً ومسبحاً في أيامي الباقية ...
      ولتسألوه أن يغفر لي ما فعلتُ وما أفعلُ وما سأفعلُ من سيئات الفعال والأقوال ...
      واتسألوه أن لا أنسى كيف أحبكم ..


      الله يوفقك انشااالله
    • [TABLE='width:70%;background-color:transparent;background-image:url(backgrounds/15.gif);border:3 ridge skyblue;'][CELL='filter:;']

      صفحة عشنا مع كل حروفها...
      صفحة نقف امامها لا نعرف ما نقول...
      فقط نتأملها... نتأملها وهي تتداخل مع مشاعرنا..
      تتمزج مع نبضات القلب...وهمسات القلم...

      أبو المختار

      جميل ما أبدعه قلمك...
      حروف تشعرنا بالسكينة...
      لنعاود قرائتها كلما انتهينا منها..

      وفقك الله وهوّن عليك غربتك...

      دمت بود....

      [/CELL][/TABLE]