خمس روايات عمانية وأربع “بوسنية” تحت نظر الرؤى النقدية في النادي الثقافي

    • خبر
    • خمس روايات عمانية وأربع “بوسنية” تحت نظر الرؤى النقدية في النادي الثقافي

      Alwatan كتب:

      متابعة ـ فيصل بن سعيد العلوي :
      نظم النادي الثقافي مساء أمس الأول جلسة قرائية نقدية لروايات عمانية وبوسنية حيث ادارت الجلسة الدكتورة ميا الحبسية، و بلغ عدد الروايات العمانية التي قدم قراءة عنها من الجانب البوسني خمس روايات وهي رواية “الباغ” للكاتبة بشرى خلفان، و “ذاكرة الكورفيدا” للكاتب الخطاب المزروعي، ورواية “سندريلات مسقط” للكاتبة هدى حمد، و”اسمها هند” للكاتب محمد بن سيف الرحبي، ورواية “القناص” للكاتب زهران القاسمي.
      أما المشاركة العمانية فكانت حول أربع روايات بوسنية وهي رواية “هادئا يتدفق أونا” للروائي البوسني فاروق شيخ وقدم قراءة عنها الكاتب محمد اليحيائي ، ورواية “سربرينيتسا” للروائي إسنام تاليتش وتحدث عنها الدكتور علي المانعي ، ورواية “القلعة” للروائي محمد ميشا سليموفيتش تحدثت عنها الكاتبة والباحثة الدكتورة عزيزة الطائية، ورواية “الشهيد” للروائي زلهاد كلوتشانين وقدم قراءة عنها الدكتور حمود الدغيشي.

      ذاكرة الخطاب المزروعي

      في البداية قدم الدكتور منير مويتش ، وهو أكاديمي ومترجم وباحث بوسني قراءة لرواية الخطاب المزروعي “ذاكرة الكورفيدا” حيث قال ان القصتين المتوازيتين للشخصيتين الرئستين مرزوق وعثمان، الفرق بينهما يكاد يبلغ حدّ التناقض. البطل الرئيسي هو مرزوق و يمكن القول إن الرواية هي صورته، أما شخصية عثمان فهي ليست إلا مرآة تنعكس فيها صورة مرزوق كل منهما يحمل عبء ذاكرته، عثمان رجع من الجيش وجسده مجروح و مرزوق رجع من السجن ونفسه مجروحة. جُرح عثمان من عدوٍّ مجهول بينما مرزوق أصيب من أمِّه و جاره. عثمان يقبل أن يعيش مع ذاكرته أما مرزوق فيصارع معها في كل لحظة.عثمان ـ وهو عاجز عن الزواج لطبيعة إصابته ـ يقول “أريد أن أتزوج” ومرزوق قد كتب وصيته. عثمان غلب عليه الحزن لأنه كان عاجزا في مواساة أمه بعد أن حدثت له مأساته و مرزوق لم يكن قادرا أن يغفر لأُمِّه ورآها سبب مأساته .. تمرض عثمان من الديدان عندما دخلت جسمه و كان هذا تهديدا لحياته. و نجح مرزوق أن يعالجه. أما مرزوق فتمرض من “ذاكرة الغراب” ولم ينجح عثمان أن يعالجه.
      وقال ان الروائي نجح في أن يواري في النص الرموز والدلالات والإشارات يمكن للمتلقى أن يأخذها وحداتٍ تويليةً يستنطق بها النص.

      اسمها هند لمحمد سيف

      بعدها قدم الدكتور منير مويتش قراءة اخرى في رواية “اسمها هند” لمحمد بن سيف الرحبي حيث قال ان الرواية مكتوبة على شكل المواصلة الإلكترونية بين الكاتب وامرأة (مطلقة) تدعى هند. تتكون الرواية من أبواب تحمل كلها عنوانين “اسمها هند” أو “اسمي هند” بالمناوبة باستثناء الباب الأخير وعنوانه “ربما اسمها ليس هند”. الأبواب التي عنوانها “اسمها هند” تحتوى علي مونولجات الكاتب ورسائله إلكترونية يكتبها إلى هند، أما الأبواب التي عنوانها “اسمي هند” فهي تحتوي على رسائل إلكترونية تكبتها هند إلى الكاتب. الموضوع الأساسي في الرواية هو ترسيخ “ذكورية الثقافة” وقبل كل شيء من حيث تفكيك كتابة الأدب كتابةً ذكوريةً. القصة تجري كتجربة تريد هند أن تعرف منها هل يقدر الرجل أن يكتب بالكتابة النسوية؟
      تطلب هند من الكاتب أن يكتب رواية عنها: “لديك كلمات ولدي حكاية”. وهذه مسلَّمة يبدأ منها تسخير صورة الكتابة كشيء يعلو فيها دائما صوت الرجل (“معشر الكتاب أعني معشر الرجال”). و مع أن النص مليء بالتداعى التي توحي أن هندا لها وعي نسوي قوي فإنها تترك كتابة حكايتها للكاتب و”تجبره” أن يكتب هو وأن يكون صوتها صوتًا مسموعًا: “تريد إقناعي بأنها ارتدت عباءة شهريار وتبادلت اللعبة معه، تأمر السياف أن يضرب أعناق الرجال بدلا من أعناق النساء”.
      وأضاف “مويتش” : هذه الرواية تثير الانتباه بشيء خاص، و هو أنها تبدو رواية نُسجت على منوال الكتابة النسوية وتأتى من قلم رجل. ولكن، بين “اسمها هند” و”اسمى هند” اختار الكاتب “اسمها هند” عنوانا لهذه الرواية مع أنَّ هندا/امرأة تبتغى أن تكون الرواية حكايتَها. خطَّطت هند كل الحكاية بانتباه و نسيت العنوان والإمبراطورية الذكورية لا تنسى أبدا أن تردَّ كتابةً.

      باغ بشرى خلفان

      وفي ختام قراءته قدم “منير مويتش” قراءة في رواية “الباغ” للروائية بشرى خلفان مشيرا أنها رواية تاريخية تتحدث عن فترة قبل ولادة عمان الحديثة وزمن ولادتها.
      وأضاف الباحث في قراءته عن “باغ” بشرى خلفان أن : الرواية تُستفتح بالهروب من الجوع والظلم. راشد وأخته ريّا يهربان من البلاد (السراير) إلى مسقط. المشهد الأول يعطى صورة الأخ والأخت على الجمل يهربان فوق السيل الجارف ويتركان وراءهما زوجين اثنين: الجوع والظلم ويحملان في “سفينتهما” أملين اثنين: الأمل في العيش الكريم والأمل في الحرية.. إنَّ الدرامية في هذه الرواية تنبثق من الفرق بين السَّعي والمسعى.
      مشيرا في ختام ورقته ان الرواية تتكون من فصول مرتَّبة بطريقة المفارقة الزمنية وتجنبت الروائية التوافق بين الترتيب الذي يحدث فيه الأحداث والتتابع الذي تُحكَى فيه مما يجعل انتباه القارئ دائما في حالة اليقظة. تمثل كل فصل في الرواية الواقعة الاسترجاعية ويعود بنا إلى مدى معين من الماضي. السارد في الرواية يحيط بكل شيء مما أعطى ذوقا تسجيليا للسرد وفي نفس الوقت لا يخلو النص من التقنية السيكولوجية التي تتحقق في أماكن مختلفة بشكل الحوار الأحادي المسرود .

      هادئا يتدفق لفاروق شيخ

      ثم قدم الكاتب والروائي محمد اليحيائي قراءته في رواية “هادئا يتدفق أونا” للروائي البوسني فاروق شيخ مشيرا فيها إلى أن أحداث الرواية تتحرك في عوالم حرب البوسنة والهرسك، من خلال شخصية الراوي ـ المقاتل، ومن خلال ذاكرته الشخصية لمرحلة ما قبل الحرب. حيث توثق الرواية لمآسي وفضائع الحرب، وتستعيد المكان البوسني في مرحلة التعايش والوحدة قبل نشوب القتال بين مكونات يوغوسلافيا، قبل ان تفككها الحرب وتحولها إلى دول وجماعات. الروائي إسحاق شيخ تطوع للقتال وشارك في الحرب، وبالتالي فإن هذه الرواية تندرج ضمن “أدب السيرة الذاتية” من جهة، و” أدب الحرب” من جهة أخرى.

      الشهيد لزلهاد

      كما قدم الدكتور حمود الدغيشي قراءة لرواية “الشهيد” للروائي زلهاد كلوتشانين حيث اشار الى ان الرواية تعايش واقع استلهم منه الكاتب مرارة ذلك الواقع رغم محاولاته في التجميل والتبسيط في بعض فصول الرواية واضاف ان الشهيد بطل الرواية عايش واقع هذه الرواية حتى نهايتها.

      قناص زهران القاسمي

      بعد ذلك قدم الدكتور ميرزا سارايكتش دراسة نقدية حول رواية “القناص” للكاتب زهران القاسمي حيث اشار الى ان الملامح الرئيسية لهذه الرواية تتأرجح بين المدح النثرى للجبال العمانية والسعي الداخلي للقناص المسنّ. بطل الرواية صالح بن شيخان يصف بالتفاصيل الجمال الخارق للعالم الريفي في عمان. هذا الوصف يكشف عن الحب الدائم لهذه الأرض وطبيعتها. يكون هذا الحب باعثا ضخما يغطي على باقى بواعث الرواية. تتبع صور الجبال الذكريات من الطفولة واحدة تتلو الأخرى. يُبنى المؤلف بهذا التتبع بَانُوراما للعالم الريفي العماني ويؤكد هذا تأثيرَ المكانِ العميقَ علي البطل وحلم حياته. من خلال هذا، تصبح الطبيعةُ البطلَ الرئيسيَ فى الرواية وهذا البطلُ يهمّش حتى صالح بن شيخان ويقلّل عن شأنه.
      وأضاف “إنّ كيفية علاقاتِ صالح بن شيخان مع عائلته تَتمثل في نقطةً بارزةً في الرواية وتتصدى فيها ألوان الاغتراب، والرسالة النهائية تبدى حكمة الحياة و تجعل الحبكة الرواية رأسا على عقب إذ يشعر البطل بالفراغ بعد تحقيق حلم حياته. تمكن الروائي من الإشارة الى التناقض الحتمي لدى البطل عندما تعرّت حقيقة درايته. هذه الحقيقة تنعكس الدراية الدقيقة عن البيئة التي تحيطه وقلة المعرفة عن نفسه وبها تتحول الرواية الى المأساة الروائية المعاصرة المذهلة.

      سندريلات هدى حمد

      بعدها قدم الدكتور ميرزا سارايكتش قراءته عن رواية “سندريلات مسقط” للكاتبه هدى حمد فأشار الى أن الرواية تقدم “سندريلات مسقط” فضاء عجيبا تتفوق فيه ثماني نساء، تتفاوت تجاربهن و أصولهن. تمتلك سندريلات القوة السرية من الجِنّيات و هي الحكي . . تريد السندريلات بهذه القوة المذهلة إزالة الهموم و الأحزان من الناس من ناحية و الابتعاد عن مشقة وأعباء الحياة اليومية التي تحولت الى رُوتينيةٍ مرهقةٍ من ناحية أخرى. هذا الإطار للقصة يختلف كثيرا من حكاية السندريلا الأصلية المشهورة. الاختلاف بين حكاية السينديرلا الأصلية و حكاية سندريلات مسقط يعقد شبكةَ التناص ويثير عدة قضايا متعلقة بتشويه النص الأصلى.
      ويضيف الباحث : يتولد هذا الاندماج بين الاستثنائي والاعتيادي سردا روائيا متلونا بالواقعية السحرية إن صح هذا التعبير والتفكير تكون هذه الرواية قابلةً للوقوع إلى درجة ما. و قد يكون هذا إحدى رسالات هدى حمد للقراء عموما وللمجتمع العربي بصيغة خاصة.

      سربرينيتسا لإسنام تاليتش

      بعدها قدم الدكتور علي المانعي قراءة لرواية “سربرينيتسا” للروائي إسنام تاليتش حيث اشار الى ان “سربرينيتسا” رواية الحرب على البوسنة؛ رواية ترابطت فيها مكونات السرد الروائي لتصف العدوان الذي تعرض له أهل هذه القرية من أرض البوسنة في مرحلتين تاريخيتين؛ استطاع كاتب الرواية إسنام تاليتش أن يوثق الحرب توثيقا أدبيا تاريخيا؛ بكل تفاصيلها؛ لتصبح هذه الرواية وثيقة تاريخية كتبت بعد انتهاء الحرب مباشرة.
      وأضاف “المانعي” : تعتبر الرواية وصفا دقيقا لكل ما في البوسنة من أماكن وتضاريس وعادات وتقاليد؛ حتى أنك تشعر وأنت تقرأها كأنك أمام مشهد تلفزيوني لواقع مرئي لحياة البوسنيين في القرية؛ أما الحرب فقد صورها تصويرا دقيقا يشعر القارىء بالعار من تخاذل المجتمع الدولي ومن كثرة الدماء التي أريقت؛ بأشكال من العذاب وصلت لأكثر من 114 شكلا تعذيبيا.

      القلعة لمحمد ميشا

      واختتمت الكاتبة والباحثة الدكتورة عزيزة الطائية الجلسة بقراءتها لرواية “القلعة” للروائي محمد ميشا سليموفيتش حيث قالت إن رواية “القلعة” لامست بعمق إشكالية “الأنا والآخر” و”المواطن والسّلطة”، إذ تتيح الفرصة لصوت “الأنا” للتّعبير عمّا يضطرم في الأعماق من مخاوف وآلام وأفكار، فتنطلق في نقد الذّات والآخر معًا. إذ أتاحت لصوت “الأنا” للتعبير عمّا يضطرم في الأعماق من مخاوف وآلام وأفكار، لهذا كلّه تشكل هذه الرّواية إحدى الرّوايات الهامة في الأدب اليوغوسلافي.
      تأخذ بنية الرّواية سمكًا مضافًا من استحضار مشاهد الحياة اليومية في ظل حرب مفروضة من فوق، ومن رسم ملامح شخصيات تؤثث ذلك الفضاء السّديمي الذي يؤسسه تيّار الوعي على مسار السّرد. في رواية “القلعة” يبقى المناخ العبثي، القريب من الفانتاستيك، فضاء مقبولًا وجزءا من الواقع القائم، ومن ثم يغدو الانتقال من الوصف الواقعي إلى أحداث ومحكيات تستحضر الفوضى والجنون، أمرًا عاديًا، متجانسًا مع النسيج العام للنّص الروائي.

      Source: alwatan.com/details/195727