نفثــــاتُ رجــلٍ مختـــلف

    • كذبتُ على أمي (7)


      أيامٌ قلائل قبل عيد الأضحى، و فرحة اقتراب العيد غائبةٌ لسببٍ لم يستطع صاحبي تبيّنه!
      بيومٍ طلب ابن أخ صاحبي مقابلة عمّه، و حين التقيا أسرّ ابن الأخ إلى عمّه أن جدّته لا تنام الليل بسبب آلامها، و أنها تخفي ذلك عنه

      قرّر صاحبي و ابن أخيه أن يتحرّكا سريعا
      كان القرار أن تُجرى فحوصاتٌ بأشعةٍ لا تتوفّر إلا في أماكن قليلة و بأسعارٍ باهظة
      كان الفحص لا يتوافر إلا بمواعيد مسبقة، و كان الميعاد في أيام العيد

      جاء العيد، و بهجتُه مفارقةٌ له!
      كانت الأم منطوية منعزلة، و هي التي كانت من قبل شعلة البيت المضيئة

      في ثاني أيام العيد طلبت الأم أختيها، فحضرن مسرعات ليكنّ جنبها
      و في نفس اليوم قرّر صاحبي أن يأخذ أمّه إلى المستشفى الذي كانت تُعقد فيه جلسات العلاج الكيميائي

      حين طلب منها الذهاب معه، رفضت و قالت: "أريد الموت بين أبنائي"
      و مع إصرارها و إصرار صاحبي، أجابها: "لو قدّر لك الموت فستموتين بينهم بإذن الله" .... و كانت تلك أوّلُ كذبةٍ يكذبها صاحبي على أمه!!

      هرع صاحبي و أخوه الأكبر منه مباشرة و أخته الكبرى بأمهم إلى المستشفى المشهور، و تبعهما لاحقاً أخوهما الأضغر و ابن أخيهم
      و حين وصلوا عند الطبيب بعد طول انتظار، و تحايلٍ على كادر المستشفى الذين رفضوا استقبالها بحجة أن الحالة غير طارئة
      سمعوا من التأنيب و التقريع الكثير، فالطبيب يؤكّد أن الأمّ ليس بها شئ

      و لم يزد على أن أعطاهم بعض المسكنات

      بعد أيامٍ قلائل جاء موعد الأشعة التي طلبوها، و ذهب صاحبي بأمه
      و حين ظهرت النتيجة بعد أيام، كانت مفاجأة لم يتوقعها أحد!

      الأشعة تُظهرُ أن الأورام انتشرت بجميع أحشائها، و أن بالكلية أيضا ما قد يكون ورماً أو مجرّد حصى
      حين التقى صاحبي بأمه و سألته عن نتيجة الأشعة أجابها: "مجرّد حصى بالكلية يا أمي، لا داعي للقلق" ...... و كانت تلك الكذبة الثانية!!

      جمعَ صاحبي أباه و إخوته جميعا للتشاور
      كان المطروح أن يُسافر بها للخارج مرة أخرى، لكن اجتمع الرأي أخيراً ألا فائدة من ذلك قبل التأكد من وجود العلاج فكان القرار مخاطبة بعض المستشفيات للتأكد أولا
      و في الوقت نفسه، قام الأخ الأكبر بترتيب سرير لها في المستشفى التابع لجهة عمله

      في اليوم التالي أدخلت الأمّ المستشفى، و تم عرض الأشعة على الأطباء
      فكان قرار الأطباء إجراء عملية للتأكد إن كان ما يظهر بالأشعة هو حقا ذلك المرض الخبيث
      و لمحاولة استئصال ما يمكن استئصاله منه

      أدخلت الأم غرفة العمليات و أخرجت
      كانت النتيجة أن المرض انتشر بصورةٍ لا يمكن فعلَ شئٍ حيالها!! و أن أيامها في الحياة معدودةٌ إلا أن يشاء الله أمراً غير ذلك!!!
    • كذبتُ على أمي (8)

      دخل صاحبي على أمّه و هي بغرفة العناية بعد إخراجها من غرفة العمليات
      كانت محاطة بشتّى أنواع الأجهزة، و الأسلاك و الأنابيب تنبعث من حولها كثعابين تلوّت عليها

      كان يبدو عليها أنها غائبةٌ عن الوعي
      اقترب منها ببطء
      و همسَ في أذنها ..... تماماً مثلما كان يفعلُ صغيرا

      "أحبّــــــك"

      لم ينتبه صاحبي إلا على أمّه تضطربُ و تتلبّط في سريرها
      و سمعها تقول بصوتٍ بدا أنه آتٍ من بعيد

      "أحبكم.... أحبكم جميعا"

      لم يتمالك صاحبي نفسه، و غالبته دموعه
      و ولّى هارباً!!

      أُخرجت الأم من العناية بعد أيام
      و ظلت في المستشفى، و حالتها تسوء يوماً بعد يوم
      كانت منتبهة تعي ما حولها

      لكن بسبب آلامها الشديدة ظلّت تُعطى إبر "المورفين" المخدّر، و يُزادُ لها في كميّته يوماً بعد يوم حتى أثّر على ذهنها و انتباهها

      فقدت شهيتّها للأكل
      و كان من حولها يُحاول إطعامها، لكنها كانت ترفض الأكل

      أخذ صاحبي يُطعمُها بيده يوماً، و حين رفضت قبول أكثر من لقمتين
      ألحّ عليها قائلا: "يجب أن تتغذّي، حتى تتعافي سريعاً" ........ و كانت تلك الكذبة الثالثة!!

      أجابته أمّه:
      "و هل يشتهي الأكل من ينتظر الموت؟!"

      يالها من كلمةٍ هزّت صاحبي هزاً عنيفا
      و يالها من كلمةٍ لو وعاها البشر، لما استلذّوا لذيذا!

      "و هل يشتهي الأكلَ من ينتظرُ الموت؟!" و من منا لا ينتظر الموت؟!
      حتى و هي على فراش الموت، كانت تعطي صاحبي دروساً سيظلّ يذكرها حتى تفارقَ روحُه جسدّه.


      كان صاحبي يعمل حتى وقتٍ متأخر من المساء، و حين ينتهي من عمله يمرّ على أمه بالمستشفى و يقعد عندها حتى يُغلقَ بابُ الزيارة
      فيعود إلى بيته

      كان يصل إلى البيت منهكاً، خائر القوى

      بيومٍ طُلبَ من صاحبي أن يقوم بزيارةٍ ميدانية في اليوم التالي
      لذلك حين مرّ على أمه بالمستشفى، أخبرها أنه لن يراها غداً لأنه سيذهب في زيارةٍ ميدانية و لن يعود إلا في المساء

      أمسكته أمه من ذراعه و قالت بصوتٍ ملؤه الرجاء، و حشوه خوف الوداع
      "أدعُ الله لي، فدعاؤك مستجاب"

      كم قرّع صاحبي نفسه
      يا ربّ أنت تعلمُ مني ما لا يعلمه من حولي
      الجميع يظنّ بي الخير، و إن لم تتداركني برحمتك، فلستُ أهلا للخير

      في اليوم التالي عاد صاحبي من عمله الميدانيّ متأخراً
      و بينما كان يتناول طعام العشاء، أخبرته زوجه أن حال أمّه اليوم كان سيئا
      لم يستطع صاحبي إكمال عشائه، فتركه و مضى

      عند منتصف الليل، و كان صاحبي مستغرقاً في نومه بسبب إجهاده
      قام على صوتِ رنين الهاتف
      كان على الجانب الآخر ابن أخيه يقول له بصوتٍ باكٍ: "جدتي مجهدة جداً، و ينبغي أن نذهب لنراها"

      أدرك صاحبي حينها، أن ما كان يؤمّل النفسَ ألا يحدثَ قد حدث

      تسربلَ صاحبي سربالَ التماسك و التجلّد طول الطريق إلى المستشفى
      لكنّه ما إن وصل المستشفى و دخل على أمّه مسجّاةً في سريرها

      انهار باكيا
    • كذبتُ على أمي (النهاية)

      يحدّثني صاحبي كثيراً متذكراً كذباته الثلاث على أمّه
      و يسألني إن كان سيُغفرُ له كذبُه على أمّه؟!

      لا أخفيكم أنني حين أذكر قصّته مع أمّه تخنقني العبرات

      ما أعلمُه أنه رثى أمّه بقصيدةٍ لم يُكملها حتى اليوم!! و لم ينشرها أو يُطلعْ عليها أحداً سواي!!
      حاولتُ إقناعَه أن يأذنَ لي بنشرها هنا، لكنّه رفض
      و ما زلتُ أحاول إقناعَه أن يأذن لي و لو ببعض أبياتٍ من مقدّمتها


      و ما زلتُ أسأل أكان مصادفةً أن يصادفَ يومُ بدئي هذه السلسلة (كذبتُ على أمي) يومَ ذكرى وفاتها الرابع؟!
    • اعتقد أنها كانت سعيده.. ما أجمل الحياة مع أناس نحبهم ويحبوننا.. وما أجمل الموت عندما تعود الروح لخالقها..

      أعتقد أنها سعيده.. وأنها أخيراً تشعر بالراحه.. وأنها لا تنتظر في غرفة صماء متساءلة.. هل نسوني أم مازالوا يذكرون؟

      أدت ماعليها في الحياة.. وتركتها لتمضي نحو الطمأنينه.. نحو رفقة لا تمل.. حيث لا نفكر ماذا فعلوا لنا أو ماذا فعلنا..

      انتهى السباق، وصلت النهاية وهاهي في انتظار اعلان النتيجة.. أعتقد أنها سعيده.. لأن زوجة ابنها البكر كانت خائفه عليها..

      لأن ابن ابنتها استيقظ باكياً يسأل عن صحتها.. لأن هناك أضواء كثيره تحيط بها..
      نصل متأخرين دائماً بعمـــر !!
    • نوائبُ الدهر

      هذا هو عنوان الرثاء الذي وضعه صاحبي لأمّه
      و قد أذنَ لي أن أضع هنا عشرةَ أبيات من مقدّمة القصيدة

      [TABLE='width: 632']
      [TR]
      [TD]نــوائـبُ الـدهــــر لا تُبقـــي و لا تـــــذرُ
      [/TD]
      [TD][/TD]
      [TD]مـا باتَ منهـــا معــافـىً دائمـــــاً بشـــــــرُ
      [/TD]
      [/TR]
      [TR]
      [TD]فاحـــذر فمــا صفــوُهـــا إلا مخـــادعـــة
      [/TD]
      [TD][/TD]
      [TD]و الصّفـــوُ منهــــا سريعـــاً شـابَــهُ الكـدرُ
      [/TD]
      [/TR]
      [TR]
      [TD]لا تركـــننّ إلـى الـدنيــــــا فليـس بهــــــا
      [/TD]
      [TD][/TD]
      [TD]عيشـــاً يـدومُ فعاين حـــالَ مـــن غبــــروا
      [/TD]
      [/TR]
      [TR]
      [TD]نلهـــو و نلعـــبُ و الآمــــالُ تشغلنــــــــا
      [/TD]
      [TD][/TD]
      [TD]و حبــــــلُ آمــالنـــــــا لا شــكّ ينبتــــــــرُ
      [/TD]
      [/TR]
      [TR]
      [TD]أمــــا رأيــتَ المنايــا قائمـــــاتٍ لهـــــــا
      [/TD]
      [TD][/TD]
      [TD]بين الــــورى حــربُ ســـوءٍ ليـس تنحسرُ
      [/TD]
      [/TR]
      [TR]
      [TD]تُقصــي الأحبّــةَ رغمــاً عـن مـــؤالفِهــم
      [/TD]
      [TD][/TD]
      [TD]و لـم تُبـــالِ كبـــــارَ القــــومِ أو صغـــروا
      [/TD]
      [/TR]
      [TR]
      [TD]حتـى أتـت ليـلَ يــومٍ ســـــاءَ فانتزعـــت
      [/TD]
      [TD][/TD]
      [TD]أمــي الـرؤومَ و قلبــي كـــــاد ينفطــــــــرُ
      [/TD]
      [/TR]
      [TR]
      [TD]يـا مــوتُ أقصـــر فمـا أبقيــتَ مـن نِعَــمٍ
      [/TD]
      [TD][/TD]
      [TD]يهنــا بهــــا ربُّ لــبٍّ زانـــهُ الفكـــــــــــرُ
      [/TD]
      [/TR]
      [TR]
      [TD]أشعلــــتَ في قلبـيَ المكلـــــومِ نارَ أســىً
      [/TD]
      [TD][/TD]
      [TD]لا زالَ حــــرٌّ لهـــا في الجوفِ يستعــــــرُ
      [/TD]
      [/TR]
      [TR]
      [TD]طويـتَ أمــي فبـــالـي اليــــومَ منكســـرٌ
      [/TD]
      [TD][/TD]
      [TD]و العيــنُ منهــــا سخيــنُ الـدمـــعِ ينتثــــرُ
      [/TD]
      [/TR]
      [/TABLE]
    • [TABLE='class: cms_table']
      [TR]
      [TD]قدري في الكون مختلفُ
      أتراني عشــتُ مختلـفــاً
      إن رأوا حُسناً رأيتُ بـه
      إن رأوا قُبحاً رأيتُ بــه
      وردوا وِرداً لـه نهلـــوا
      فهـل هـم خالفـوا نهجــاً[/TD]
      [TD][/TD]
      [TD]بتُّ و الأحــزانَ أأتلـفُ
      أم بعيني الكونُ يختلفُ؟!
      عيبَ مَن للسوءِ يقترفُ!
      نورَ مَن بالحسنِ يلتحفُ!
      و لـوردي بـتُّ أغتــرفُ
      أم بنهجي صرتُ أختلفُ؟![/TD]
      [/TR]
      [/TABLE]
    • ضعيف شخصية !!!



      كان صاحبي صغيراً ضعيف الشخصية مهزوز الإرادة

      نعم، كان كذلك، و أظنّه ما زال يحمل بين طيّاته بعضاً من ذلك!!

      كان لا يُقدمُ على أمرٍ حتى يقلّب النظر في عاقبته و تقبّل الآخرين له
      كان يحملُ الكثيرَ من الهمّ لما يظنّه الآخرون أو ما يقولونه عنه

      لربّما كان هذا سببَ اهتمامه الشديد بما يقوله أو يكتبه
      فهو حين يكتب ينتقي الكلمات انتقاء، و أصبح هذا الأمر سليقةً فيه حتى ليظنّ من لا يعرفه أنه يتكلّف الأمر

      في الجانب الآخر لا ينتبه كثيرون أن الكلمات التي استخدمها لم تأت اعتباطاً، فهو -مثلا- حين يستخدم كلمة "سنة" في موضع، و كلمة "عام" في موضعٍ آخر، فإنما يفعلُ ذلك لسبب!


      امممم، بلغ به ضعف الشخصية أحياناً ان تنطبعَ فيه تصرّفاتٍ لا إرادية تنتقلُ إليه من أحدِ من يُعجب بهم!!

      كما أنّه ما زال يحملُ اهتماماً شديداً لما قد تفعلُه كلماتُه أو أفعاله بمشاعر الآخرين، لذا كثيراً ما دارى في تبيين حقيقةٍ ما فقط لكي لا يجرح مشاعرَ أحدهم!
      امممم، أليس الأمر عجيباً حقاً؟!
      لأنّ الناظر في كتاباته يرى قوةً و شدّة! و ثقةً قد تتعدى حدود الثقة إلى الغرور!


      ما لا ينتبه له الكثيرون، و ربما لن ينتبه له إلا من عاشره واقعاً، أنّ تلك الشدّة و الثقةُ لا تكون إلا في أمورٍ لا علاقةَ لها بـ"ذاته"
      لأنه كثيراً ما تنازل عن بعضٍ من حقوقه، أو تغاضى عن كثيرٍ من التعدّيات على شخصه و ذاته

      اممممم، حسناً، فإذا كان الأمر كذلك
      فلكم أن تتخيلوا "عظم" ما يستدعي شدّته في الهجوم على أمرٍ ما أو شخصٍ ما!
    • أليف الروح


      دون سابق إنذار، أو بصيصٍ من توقّعٍ أو ترقّب، ظهرت من حيث لا أحتسب
      لم أملك إلا أن أنتبه لظهورك، و يشدّني حضورك، كان شيئٌ ما يجذبني اتجاهك، يسوقني نحوك، يشوّقني للوصول إليك


      هل أتيتَ و أنا هدفٌ و غاية؟
      أكنت تتعمّد جذبَ انتباهي؟
      أيُعقلُ أن الصدفة رمت بك أمامي؟
      لستُ أؤمن بالصدفة، فكل شئٍ مقدّرٌ بقدر، منزّلٌ بأمر

      و إلا كيف التقينا هناك و وصلنا معاً حتى لكأنا ضربنا موعداً لذلك؟!!
      لمَ لم أحفل بغيرك، و لم أنتبه لسواك؟

      وجدتُ فيك مكمّلا لفكري و عقلي، و بعدَ لأيٍ محرّكاً لنبضي و حسّي
      لكأنما كنتُ خيلاً اعتادَ مرعىً لا يفارقه، و حلبةً لا يجاوزها، ففُتحت له مراعيَ أبهى و أنضر، و حلبةً أوسع و أكبر، فانطلق فيها مستكشفاً فسيح جنباتها و مستنشقاً عبيرَ نسماتها

      ما أروع نقاشات الفكر، و أحاديث السمر
      تعاطينا أكواباً بالعلم مترعة، و تنازعنا كؤوساً من أدبٍ و حِكَم

      اتفقنا كثيراً و اختلفنا أكثر، و ما زادنا اختلافنا إلا قربا

      تعلّمتُ منك و تعلّمتَ مني، و تعلّمنا سوياً
      و أجملَ منه شعرتُ بك و شعرتَ بي، و شعرنا سويا!

      ما زلنا معاً، و أظنّنا سنبقى معاً
      فليست هي الأشباح من تآلفت، و إنما من تلاقى هي الأرواح
      و ليست العيون من أبصرت، و إنما القلوب من تناظرت
    • تاج محل (1)




      لم تكن تلك هي المرة الأولى التي يزور فيها الهند، فقد سبق له زيارتها مراتٍ عديدة من قبل

      لكنها كانت المرة الأولى التي يزور فيها منطقة قريبة من العاصمة "دلهي"، و المرة الأولى التي يأتي فيها في فصل الشتاء!!

      لم يتوقّع أن يكونَ البردُ قارساً هكذا!
      حمدَ الله أنّه في اللحظةِ الأخيرة قبل إغلاق حقيبةِ سفره، قرّر وضعَ معطفِ البرد فقط تحسّباً لأي مفاجأة!

      كانت مهمّتُه هذه المرّة أسهلَ من العادة
      كانت جهةُ عمله ترسلُ المختصّين لمعاينة المصانع و الشركات التي تودّ أن تكون من ضمن قائمتها المعتمدة لتوريد المعدّات التخصّصية الثقيلة.
      و قد سبقَ أن تمّ تقييم هذا المصنع منذ عام، و كانت النتيجةُ انّ لدى المصنع بعضُ النواقصِ التي لا تؤهّلُه لإدراجه في قائمة الشركة، و أنّه يُسمحُ له بالتقدّم مجدداً بعد عامٍ واحد.

      كان يُفترضُ أن يقوم بعمليةِ إعادة الزيارة و التقييم نفسُ الشخصين اللذين قاما بها منذ عام، لكن و لسببٍ غير ظاهر فقد رُفضت تأشيرةُ أحدهما
      كان المصنعُ أحد المصانع التي تصنّعُ معدّاتٍ تُستخدمُ في المفاعلات النووية، لذا كان ينبغي لأيّ زائرٍ لذلك المصنع أن تتمّ الموافقةُ عليه من قبل جهاتٍ حكوميةٍ هنديةٍ شتى قبلَ إصدار التأشيرة له!

      طُلبَ من صاحبي أن يحلّ محلّ ذلك الشخص، و بيّن له السبب
      فما كان منه إلا أن أصبحَ يداعبُ زميلَه -و كانت بينهما زمالةٌ و صحبة- أنّ الهندَ رفضت منحَه تأشيرة دخول للإشتباه في كونه "إرهابيا" رغمَ أنّ صاحبي أقربُ لصورة "الإرهابيّ" بحسب ما يحاول الإعلامُ تصويرَه!!
      كان زميلُه يردّ عليه ساخراً "حين ترى المصنع ستعلمُ الحال!"

      مصانعُ كثيرةٌ هي التي رآها صاحبي في الهند من قبل، لكن توقّعَ أن يكونَ هذا مختلفاً بسبب تصنيعه معدّاتٍ حسّاسةٌ جداً، و بسبب التشديد الحكوميّ على زائريه!

      لم تكن مفاجأة البرد القارس المفاجأة الوحيدة بانتظاره!
      فعند وصوله للفندق، و فتحه باب الغرفة المعدّة له ظنّ للوهلة الأولى أنّه قد أخطأ في الغرفة!
      فقد كانت صغيرة جداً بحيث يكاد تكفي للسرير الموضوع فيها!!
      و لم يكن فيها مكانٌ ليضع فيه حقيبته و ملابسه
      و الأدهى لم يكن هناك متّسعٌ ليقيم فيه صلواته!!

      نادى زميلَه الآخر مغضباً –و كان هندياً- أن ما هذا الفندق الذي اختاروه لنا؟أتاه الردّ بأنّه أيضاً لم يتوقّع ما وجده
      و كان القرار بأن يخرجا سريعاً للبحث عن فندقٍ آخر
      لحسن الحظّ، كانت المنطقة تحوي فنادق أخرى، و هي أوسعُ و أحسن، و لكنها أغلى تكلفةً
      اختارا أحدها و انتقلا إليه سريعا.

      تم تحرير الموضوع 1 مرة, آخر مرة بواسطة محب بائن ().


    • استوقفني كثيراً أليف الروح..

      عندما نعجز أن نقدر قيمة أنفسنا عندما لا يكونون حولنا..

      عندما تدفعنا نظراتهم الباكيه خوفاً علينا، وأسألتهم المتكرره عن أخبارنا إلى تقدير وجودنا..

      عندما نفكر في الاحتماء فيهم، غير عابئين بما فيهم أو ربما نكون قد نسينا الفرق بيننا وبينهم ونتحول إلى أنفسنا..

      اليف الروح، الصاحب الصادق، الأخ الذي لم تلده لك أمك..

      أين هو الآن.. ؟ نجدهم كثر حول أناس لا يحتاجونهم.. وقلة حول من يقدر وجودهم..

      نشك، لأن لنا عقل.. ولكن هناك علاقات ترفض العقل... ،،

      هل هذا حقيقي أخي... أم أنه من وحي قلمك.. أم أنها رغبة ما.. أجده صعباً أن أصدق بوجودهم.. أو .. أن أقنع نفسي بوجودهم..


      مجرد مرور.. تحيتي
      نصل متأخرين دائماً بعمـــر !!
    • الكريمة "عيون هند"

      لنقل أنها مزيجٌ من ذلك كلّه!
      حقيقةٌ و رغبةٌ و وحي قلم!!

      أليست الحقيقة مشوبةً بالرغبة؟
      فلا حقيقةَ دون رغبة، و لا رغبةَ دون إيحاءاتٍ و وُحيّ

      هو هناك، قريبٌ و إن بعد
      لربّما لم يحن أوانُ تحصيله، أو ربما لم يأنِ زمانُ إعلانه
      لكنّه هناك

      قد نقضي العمرَ بحثاً عنه فلا نجده، و لا نظفرُ به
      و لكن السعيد من وجدَه و لو بعد لأي

      و الشقيّ من وجده ثم فقده
      فما بعد الفقد وُجد، و لا بعد البتل سرد!


      وقفتُ فاستوقفتْ، و أخشى أن أبكيَ فأُبكي
    • رحمه الله ورحمنا..

      وعوضك بمن تقضي معه بقية رحلتك..

      وجمعك وإياه في ظلل الرحمن..

      لا والله.. السعيد من وجده وإن فقده.. فالله جامعه به..

      والشقي من لم يكتب له في الأرض أو يوم العرض..

      ألم تسمع:

      وقد يجمع الله الشتيتين بعدما ... يظنان كل الظن أن لا تلاقيا

      تحيتي..
      نصل متأخرين دائماً بعمـــر !!
    • يمـــــه

      تدِعين ربّك ليْ يسدَد لي خطآيْ
      وآرفعَ آنآ كفيْ لله وآدعيَه
      يآربيْ تمنحنيَ رضآهِآ بدنيآيْ
      وآن مآ رضَت عنيْ ترىُ آلعمرَ مآبيهَ
      اهــداااء لكل ام في هذي الدنيــا


      لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين يا مُسخّر لحظات الجبر لعبادك، اكرمنا..
    • تاج محل (2)


      بدأ صاحبي و زميلُه الهندي عملهما في معاينة المصنع، و تفتيشه
      لم يجد صاحبي ما شدّ انتباهه، فالمصنع كالمصانع التي شاهدها من قبل، و لا ميزةَ فيه تميّزه عن البقية
      بل إنّ الوضع من ناحية التنظيم و النظافة يكاد يكون أسوأ!!

      لطالما تفكّر صاحبي ما الذي ينقصنا لإقامةِ مصانعَ أمثال هذا المصنع في بلادنا؟!
      و كثيراً ما عزى ذلك إلى أن من يملكون المعرفة لا يملكون المال الكافي، و من يملكون المال الكافي لا يملكون المعرفة!

      بسبب أن المهمّة كانت مجرّد إعادة تقييم، فإنّها لم تستغرق الثلاثة أيام المرصودة لها
      حاول صاحبي بدايةً أن يقدّم موعد رحلة العودة لكنّه فشلَ في ذلك، فانتهى به المطاف إلى أن يكون لديه يوم راحة في الهند!!


      اقترح الزميلُ الهنديّ على صاحبي أن يستغل الفرصة لزيارة "تاج محل"
      راقت الفكرة لصاحبي، لكن لم يكدّرها سوى حالته الصحيّة، فقد أصيب بنزلة بردٍ شديدة لم يعهد لها مثيلا

      رغمَ ذلك فقد تمّ ترتيب سائقٍ ليوصله و ليكون دليلاً سياحياً له بنفس الوقت
      كانت خطةً محكمة لم يكدّرها سوى أن السائق لا يجيد التحدّث بغير الهندية، و صاحبي لا يتحدّثُها!!!

      استيقظ صاحبي باكراً جداً، فالمسافة كما أُخبر طويلة، و رغمَ مرضه و تردّده في البداية إلا أنّه قرّر التحاملَ على نفسه و عدم تفويت الفرصة
      فهو رغم كثرة زياراته لدول عديدة، إلاّ أنّه نادراً ما يجدُ فرصةً للتجوال و السياحة

      انطلق السائق بصاحبي، و كان بين الفترة و الفترة يتحدّثُ بما لا يفهمُه صاحبي، فلا يزيد على أن يهزّ رأسه و يبتسم في وجه السائق، الذي ينتبه بعدها أن صاحبي لا يفهم حديثَه فيسكت.
      اشتدّ المرضُ بصاحبي في الطريق، لذا أحسّ بها طويلةً جداً، و فكّرَ أكثرَ من مرّة أن يُخبرَ السائق بإرجاعه للفندق
      لكن علمَه بأنّ إفهام السائق ما يقول قد يأخذ منه جهداً كبيراً كان يمنعُه في آخر لحظة!

      وصلا أخيراً إلى مكانٍ يشبه "تاج محل"
      أدرك صاحبي أنه ليس هو لأنّه يختلفُ عن الصور التي رآها له من قبل، فهذا المبنى ذو حجارةٍ حمراء
      كان السائق يقولُ كلاماً لم يفهم منه صاحبي سوى أن المكان اسمُه "
      Akbar Tomb" أو "ضريح أكبر"

      أول ما قابله كان بوابةً عظيمة لها أربع منارات بيضاء
      البوابة نفسها يغلبُ عليها اللون الأحمر مع كثيرٍ من النقوش و الزخارف الإسلامية الجميلة

      مشدوهاً بما رآه من جمالٍ و نظافة، تقدّمَ صاحبي و قد نسيَ ما كان يعانيه من أثر الحمّى و البرد، متجوّلاً و مستكشفا

      تُفضي البوابةُ إلى ممرٍ طويلٍ محاطٍ على جانبيه ببساطٍ أخضر ممتد من الحشائش و الأشجار
      حجارة الممر حمراء مما أعطى المكان إشراقةً و جمالاً حين تمتزج حمرة الأحجار مع خضرة الأشجار و زرقة السماء!

      كان المكان محاطاً بسورٍ يمتد على جانبي تلك البوابة و يحيط بمساحةٍ شاسعة هي مساحة الضريح كاملا.


      على جانبي الممر الطويل، شدّ انتباه صاحبي قرودٌ صغيرةٌ تتقافز في المكان، تذكّر صاحبي أطفاله الصغار و كم سيثير إعجابهم هذا المنظر، لذا أخذ آلة التصوير خاصّـته و طفق يسجّل مقطعاً متحرّكاً للمنظر
      في نفس اللحظة مرّت مجموعة من سائحاتٍ شاباتٍ –عرف لاحقاً من لغتهنّ أنهن إنجليزيات- بالقرب منه
      فسمعهن يضحكن و يتهامسن "انظرن إلى ما يصوّره هذا الرجل!!"

      لم يستطع صاحبي حينها فهمَ سرّ تهكّمهنّ و تعجّبهنّ، لكنّه اكتشف ذلك لاحقاً حين تحميل المقطع في جهازه الحاسب المحمول!!
      كان قردان من القرود في حالة "تزاوج" حين تصويرهما، دون أن ينتبه صاحبي لذلك!!!

    • عاآآنـد الدنيـاآآ ،،، و أبتســم ,,,
      إن بعد الليـل فجرر يرتسـم ,,,
      لا تقل حظي قليل ,,,عاآآنـد الدنيـاآآ ،،، و أبتســم ,,, إن بعد الليـل فجرر يرتسـم ,,,
      لا تقل حظي قليل ,,,
      إنمـا ,,,
      قل ,,,
      هذا ما قدرر ربي و ماآآ قسـم ,,,

      انسحاب تام
    • تاج محل (3)


      "ضريح أكبر" هو ضريحٌ بدأ في إنشائه الإمبراطور "أكبر الكبير" ثالث أباطرة المملكة "الموغالية"
      (هل لها علاقة بالمغول؟!) في الهند، ليكون قبراً له
      كانت -كما يبدو- عادة أباطرة تلك الأسرة أن يقومَ الواحدُ منهم ببناء قبره بنفسه
      و يعدّ "تاج محل"، و "ضريح أكبر الكبير" و "ضريح مريم" أهمّ أضرحة تلك الفترة

      ابتدأ البناء في عام 1600م، و في عام 1605م توفيّ الإمبراطور قبل أن يتمّ الإنتهاء من البناء، فأكمله ابنه السلطان "جاهنجير"
      اكتملَ البناء في عام 1613م، ولم يستطع صاحبي معرفة هل دُفن "أكبر الكبير" هناك حين وفاته أم نُقلَ رفاتُه إليه بعد إكتمال البناء!

      كانت البوابة التي دخل منها صاحبي هي واحدةٌ من أربع بوابات موزعة على جوانب الحائط الأربعة، و كانت البوابة الرئيسية
      يُفضي الممر بعدها إلى البناء الرئيسي في الوسط، و هو مكان القبر
      كان البناء مملوءاً بالقباب، و النقوش
      ما شدّ انتباه صاحبي أكثر، هو الآيات القرآنية المخطوطة بإتقان في جميع تلك النقوش، إذ كان المدخلُ الرئيسي لمكان القبر، منقوشاً فيه سورة "الملك" كاملة
      كما أن القبر ذاته كان منقوشا فيه آية "الكرسي"

      لا يذكر صاحبي الكثير من التفاصيل، لكنه يذكرُ أن المكان كان يضمّ قبرين آخرين، يغلبُ على ظنّه أنهما لابنتين من بنات الإمبراطور "أكبر الكبير"

      بعد انتهائه من تجواله هناك، طلب من السائق المواصلة إلى "تاج محل"
      لم تكن المسافةُ بعيدةً بين الضريحين

      ما لفتَ انتباه صاحبي أوّل الأمر أن المكان كان -بعكس ضريح أكبر- ضاجاً بالفوضى و عدم النظافة
      و لا شئ يدلّ على أنّ المكان هو "تاج محل"
      فقط بوابة حمراء مثل تلك التي رآها في "ضريح أكبر"، و إن لم تخن صاحبي الذاكرة فقد كان مخطوطاً فيها سورة "الملك" كاملة.

      كان هناك شبّاكٌ لبيع تذاكر الدخول، ذهب السائق فاشترى تذكرتين، لكن صاحبي حين قدّم التذكرة للحرّاس أوقفوه و أمطروه بوابلٍ من أسئلةٍ لم يفهم منها حرفا!
      كل ما يذكره أن السائق كان يجادلهم و اشتدّ الجدال و تعالت الأصوات، و صاحبي "كالأطرش في الزفّة"!!

      في نهاية المطاف تمكّن صاحبي من فهم المشكلة
      السائق اشترى تذكرتين مخصصتين للمواطنين، في حين أن السياح الأجانب لهم تذاكر أخرى قيمتها أغلى بكثير من تذاكر المواطنين!
      كما يبدو فإن السائق أراد أن يوفّر على صاحبي فارق السعر بين التذكرتين، لكنّه فشل في ذلك!!

      قبل أن يستطيع الدخولُ، طُلبَ منه تسليم هاتفه المحمول و آلة التصوير خاصّته، إذ لم يكن مسموحاً باصطحابهما داخل الضريح!

      أخيراً تمكّن صاحبي من الدخول
      و في اللحظة التي دلفَ فيها من البوابة و رأى المنظر داخلّها، أحسّ بنفسه يخرجُ من عالمٍ و يدخلُ إلى عالمٍ آخر!
    • ृृ..جميل جداا. ृृ

      ابداع اخي القصه مبكيه ؟
      كم وكم من قصص نسمع ؟
      وكم من عقوق الوالدين نرا .
      طبعا الصراحه اخي انا لم استطع ان اكمل القصه ؟

      دموعي انهملت من شده القصه ؟
      ياربي احفظ جميع امهات المسلمين ؟
      الحمد لله
    • ृृ..اخي والله دار راسيृृ

      ماعرفت هذي قصه ؟
      تجربه او وحي قلم ؟
      حيث ارا تداخلات كثيره
      في الموضوع ؟

      شكرا لك تقبل مروووري
    • ,,,

      . . .
      ثقوا تماماً
      !أن السّماء كبيرة جداً تتّسع لكل رسائلكم
      المتلهّفة للإجابة
      فقط أكثروا من قول :
      يااارب
      ,,,
      لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين يا مُسخّر لحظات الجبر لعبادك، اكرمنا..
    • الأخ "كنترول الساحة"
      ما صدَر عن قلبٍ، فلن يقعَ إلا على قلب
      و ما تدثّر بالصدق، فلن يُقابلَ إلا بالتأثّر

      هي قصصٌ صيغت من واقع، و واقعٌ -لمن لم يعايشه- ماثلَ الخيال
    • تاج محل (4)




      شتّانَ ما بين الخارج و الداخل، و ما بين قبل البوابة و بعدها!
      وقفَ صاحبي لبرهةٍ مشدوهاً بجمال المنظر
      فها هو "تاج محل" الذي طالما رآه في الصور، ماثلاً أمامه ببنائه الجميل، و بياضه اللافت

      تُرى، هل هي روعةُ المنظر التي تخلبُ الألباب، أم ما ارتبط بالبناء من قصّةِ حبٍّ تُروى، و وفاءٍ يضربُ به المثل؟!

      لم يطل المقامُ بصاحبي في خيالاته "الرومنسية"، إذ سرعان ما انتبه إلى أفرادٍ يتناهبونه!!
      كان كلّ واحدٍ منهم يحاولُ إقناعه أن يكون مصوّره الشخصي، و يُريه من نماذج الصور التي إلتقطها سابقاً ما يحاولُ به إثبات موهبته
      حاول التخلّص منهم، لكنّ واحداً منهم ظلّ لاصقاً فيه، ملحّاً عليه، متابعاً له كظلّه
      في النهاية وافق صاحبي على استئجاره

      أولُ ما واجهه حين دخوله هو البناء الأبيض بقبابه و مآذنه، يبدو بعيداً رغم قربه، و قريباً رغم بعده!!
      و نافورة ماء ممتدة مستطيلة الشكل أمام البناء، فكأنها سجادةٌ فُرشت لتقودَ إليه

      لم يكدّر صفو استمتاعه بجمال المكان و صفائه سوى المصوّر الذي كان يريد التقاط صورةٍ لصاحبي في كل زاوية و بقعة في المكان!
      حتى أوقفه عند نقطة بالقرب من النافورة قائلا له: " في هذا المكان التُقطت الصورة الشهيرة للأميرة "ديانا" في تاج محل، تعال سألتقطُ لك صورةً كصورتها"!
      تبسّم صاحبي ضاحكاً، فهو لم يرَ تلك "الصورة الشهيرة" التي يتحدّثُ عنها المصوّر، و ليس ممن يحفلون للأميرة "ديانا" أو غيرها من مشاهير يُعجبُ بها الناس!
      دون توقّعٍ لذلك، أخرج المصور من جيبه صورةً و ناولها صاحبي
      كانت صورةً للأميرة "ديانا" تظهر فيها و كأنها تحمل البناء من قبّته!
      "ما رأيك بها؟" سأل المصوّر
      "من؟ ديانا؟ ليست جميلة" أجاب صاحبي، رغم أنه يعرف أنّ المقصود الصورة و ليس صاحبتها!!

      رغم أنّ الضريح ذا القبّة الرخامية البيضاء هو ما تعارف الناس عليه بأنّه "تاج محل"، فإن "تاج محل" في الواقع هو مجموعة أبنية يضمّها سورٌ واحد
      البناء الأبيض في الوسط و عن يمينه و شماله بناءان ذوا حجارةٍ حمراء، أحدهما –و هو الذي على الشمال- مسجد، و لم يستطع صاحبي معرفة كُـنهَ البناء الثاني!

      البناء الأبيض هو مكان القبر، و هو بناءٌ مربّع الشكل تعلوه قبّةٌ كبيرة، خُطّت على جوانب جدرانه الأربعة سورة "يس" كاملةً، بحيث تبتدئ في الجانب المواجه للبوابة و تنتهي في الجانب الشمالي المقابل للمسجد.

      تقولُ الرواية المتداولة أن الإمبراطور "شاه جهان" –و هو ابن "جاهنجير" و حفيد "أكبر الكبير"- بنى الضريح لترقد فيه زوجه الثالثة "ممتاز محلّ"
      و تُسهبُ الروايات في ذكر حبّه و عشقِه لها، لتجعلَ من "تاج محل" رمزاً للعشق و الوفاء.

      صاحبي بعد زيارته لـ"ضريح أكبر" و قراءته عنه و عن "تاج محل" أصبح لا يرى في "تاج محل" ذاك المعلمُ الذي تتجلّى فيه معاني "العشق و الوفاء"، فهو قبل ذلك تقليدٌ درج عليه أباطرة ذلك الزمان و قد سبقته أضرحةٌ عديدة ربما لم تنل شهرته.
    • معرفتك قدراتك ..... ليس غرورا!!

      دائماً ما يردّد عليّ صاحبي "معرفتك قدراتك، ليس غرورا"
      حتى سألتُه يوماً ما سرّ تكراره لها
      فتنهّد تنهّداً علمتُ أنّ وراءه قصّةً ما

      ثم شرع يحكي لي و يقول:

      كنتُ صغيراً لا أسمعُ شيئاً إلا حفظتُه، و لا قرأتُ درساً إلا وعيته
      و نشأتُ على ذلك حتى دخولي المدرسة
      فكنتُ من المتفوقين المتميزين، بل كنتُ علامةً فارقةً، و حالةً جذبت الأنظار، أنظار إعجابٍ أو غيرة!

      لم أكن من الطلاّب المجتهدين الذين يقضون وقتهم في المذاكرة و المراجعة
      فقط كنتُ أتأكّد من فهم الدرس في المدرسة، فيثبت في ذهني
      و لا أعود لمذاكرة دروسي إلا ليلة الإختبار، و ما هي تلك المذاكرة؟ هي مجرّد قراءة مجردة
      أمسك الكتاب فأقرؤه فقط لا غير

      و حين يأتي الإختبار، أحرز نتيجته النهائية أو قريباً منها!!

      كبرتُ على ذلك حتى أنهيت الإبتدائية، ثم الإعدادية بعدها
      أحرزتُ المركز الأول على مستوى المدرسة -و أحسب على مستوى الولاية أيضا- في الإعدادية العامة (يومها).

      تطلّعت الأنظار إلي، و أصبح الجميع يتوقّع مني أن أحرز مركزاً متقدما على مستوى السلطنة في الثانوية
      أخذ الكثير يتقرّبُ مني، و يطلب صحبتي، و أصبحتُ مثار إعجابٍ لبعض، و مصدر غيرةٍ و حقد للبعض!

      صاحبني أحدهم، و أصبح لي كظلّي
      أخذ يستفسر عن منهجي في المذاكرة و الإسترجاع
      و حين أخبرتُه الحقيقة، صرخ في وجهي قائلاً: (هذا غرورٌ و كبر!!)

      كانت صرخةً كصفعة، و صفعة أثّرت في النفس دون البدن، فقد كنتُ أتحسّس من "الكبر و الغرور" و أنفر منهما أيّ نفور، فكيف بي أقعُ فيهما؟!!!!!

      ما فتئ صاحبي ذلك يكرّر عليّ أن فعلي ليس ثقةً و إنما غرور، و أنني ينبغي أن أذاكر و أسترجع مثل الطلاب المجتهدين
      و أصبح يُسهبُ في تعليمي أساليب المذاكرة و طرقها و أوقاتها و و و ...........

      اقتنعتُ بكلامه، بل أقنعتُ نفسي به!
      و اتّخذتُ لي ركناً في البيت لا يقربُه أحد، فهو مكان المذاكرة
      و اتخذتُ دفاتراً و أقلاماً ألخّص فيها و أسترجع، و أتدرّب على المسائل و المعادلات
      و صرتُ أقضي الساعات في ذلك

      و لكن ما بالي أفعل ذلك مكرهاً؟ و ما بالي صرتُ لا أستوعبُ مثلما كنتُ من قبل؟

      راودتني فكرة أن اتخلّى عن كل هذا و أرجع لسجيّتي الأولى
      لكن لا، ذاك غرور!!

      أنهيتُ الثانوية بتفوّق، و لكن كان تفوّقاً بطعم الإخفاق!! فلم اكن من ضمن الحاصلين على مراكز متقدمة على مستوى السلطنة و لا حتى الولاية!

      بعدها، وقفتُ مع نفسي، و اكتشفتُ أن "معرفتي قدراتي، ليس غرورا"
      و لكن كان قد فات الأوان

      فصرتُ مثل الغراب الذي حاول تعلّم مشية الطاووس فلم يتقنها، و حين حاول العودة لمشيته لم يُحسنها!!

    • .
      .
      [ ربِّ ألْهمْني لـذكْركَ طُول عُمْري
      فَـإنّ بذِكْـركَ الدُّنيَـا تَطِيبُ ~
      عندَمآ يكثرَ آلحديثُ عنِي . . سوَاءَ بـ مدحٍّ أو ذمّ =)) أتأكد بأني أشَغـلتُ مَن حولِي . . لدَرجةَ آنهمَ ترَكوَآ . . مَآ يعَنيهِم وَ آهتموَآ بِي . . فَ أُوآصِل نجَآحِي . . و أدعُ لهم متعةَ آلحَديثْ . . !
    • معرفتك بقدراتك..... ليس غروراً !
      عبارة جميلة ،،،وتمسكنا بها قد تقودنا للصواب !
      قصة صاحبك ذكرتني بقصتي مع اخي والنتيجة نفسها للأسف
      لكنه تعلم الدرس الآن ولو إني خائفة من تبعات هذا الدرس !!!
      $$6
      فأحياناً قد يخوننا التقدير ...
      وتكون قدراتنا أضعف مما نظن فنلقي بأنفسنا في امور لا يمكننا التصدي لها
      جميل ان نكون نحن ...ولا نصطنع تصرفات وأفكار من حولنا !
      ولكن قد يوجد قريب لنا يمكنه تقدير إمكانياتنا أكثر منا وقد يكون من المفيد الإستماع له وجعله يستلم الدفة عوضاً عنا في بعض الامور
      طبعاً مع الإقتناع بما يقول وليس مجرد إتباع
      فجهلنا بقدراتنا أمر وارد !!
      :::
      محب بائن
      متابعين لنفثات صاحبك
      ،،
      ودمتم
      $ شـُــــــكـــراً $$9


    • عندمآ يقُولُ لكَ أحدٌ { أبشّرك }
      مُباشرةً تنفرجُ اسآريركَ لِ علمِكَ أنّ البُشرى كُلهآ خيْر
      فَ كيفَ إذآ كآنَ القائِلُ هوَ اللهُ :
      { وبشّر الصآبرين }
      فَ مآذآ تَتَوقّع أعدّ لهُم ! :)


      الطلقه اللي ما تصيبك ...تذعرك..
      احذرني..
    • " نفثات رجــل مختلف "

      قرأتُ شيئًا مختلفًا هنا .

      فِكَــرٌ رائعــةٌ , وأحــاسيس راقية , وسموقٌ لــغويٌّ , و" شيءٌ ما " يؤثر في الـــروحُ ويَعْـلَــقُ في الفكرِ لا يُبارحــه.

      قليلاً مــا أعودُ إلى قراءة مقالة أو كتاب أكثرُ من مــرة , وعدتُ إلى قراءة النفثات أكثر من مــرة, ولا أجد إلا نفس الإحساس , لا يتغير ولا يتبدل!

      ربما لأنه مختلفٌ ... مختلفٌ جــدا , لكــنه رائـــع!
      نُــقيمُ ونحسبُ أنَّـــا نُـــقيمُ ...***... وأيَّـــامُنا كُــلُّها في سَفر .:).
    • فكر كتب:

      أخي الكريم : مُحب بائن

      ألن يكون للنفثات تتمةٌ ؟


      الكريمة "فكر"
      بدايةً أشكر لك حسنَ ظنّك و لطيفَ إطرائك الذي سأتخذه من باب التشجيع
      و إلا فلستُ و لا ما أكتبه في قبيلٍ و لا دبيرٍ من ذلك!

      هل ستكون هناك تتمة للنفثات؟
      ربما، و أسأل الله العون على ذلك

      أما هل ستكون التتمّة هنا؟
      فذلك ما لا أستطيع الجزمَ به، فمشروعي للنفثات قد اصبح أكبر مما بدأت به