مناظرة عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ الحرورية ، واحتجاجه فيما أنكروه على أمير المؤمنين عَلَى بْنِ أَبِى طَالِبٍ
أخرج النسائى (( الكبرى ))(5/165/8575) و (( خصائص على بن أبى طالب ))(190) قال : أخبرنا عمرو بن علي ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنِي أَبُو زُمَيْلٍ الْحَنَفِى حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ قَالَ :
لَمَّا خَرَجَتِ الْحَرُورِيَّةُ اعْتَزَلُوا فِى دَارٍ ، وَكَانُوا سَتَةَ آلافٍ فَقُلْتُ لِعَلىٍّ : يا أمير المؤمنين أبرد بالصلاة لعلِّي أكلِّمُ هؤلاء القوم ، قال : إني أخافهم عليك ، قلت : كلا ، فلبست وترجلت ، ودخلت عليهم في دارٍ نصفَ النَّهار ، وهم يأكلون ، فقالوا : مرحباً بك يا بْنَ عَبَّاسٍ ؛ فما جاءَ بكَ ؟ ، قلت لهم : أتيتكم من عند أصحاب النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : المهاجرين والأنصار ، ومن عند ابن عَمِّ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصهره ، وعليهم نزل القرآن ، فهم أعلم بتأويله منكم ، وليس فيكم منهم أحد ، لأبلغكم ما يقولون ، وأبلغهم ما تقولون . فانتحى لي نفر منهم ، قلت : هاتوا ما نقمتم على أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن عمه ، قالوا : ثلاث ، قلت : ما هن ؟ .
قالوا :
أما إحداهن ؛ فإنَّه حكَّمَ الرجالَ في أمر الله ، وقال الله (( إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للهِ )) ، ما شأن الرجال والحكم ؟ ، قلت : هذه واحدة .
قالوا :
وأما الثانية ؛ فإنه قاتل ، ولم يسب سباهم ، ولم يغنم ، إن كانوا كفارا لقد حل سبيهم ، ولئن كانوا مؤمنين ما حل سبيهم ، ولا قتالهم ؟ ، قلت : هذه ثنتان ، فما الثالثة ؟ ، وذكر كلمة معناها ؛ قالوا : محى نفسه من أمير المؤمنين ، فإن لم يكن أمير المؤمنين ، فهو أمير الكافرين .
قلت : هل عندكم غير هذا ؟ ، قالوا : حسبنا هذا ،
قلت لهم : أرأيتكم إن قرأت عليكم من كتاب الله جل ثناؤه وسنة نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما يرد قولكم ، أترجعون ؟ ، قالوا : نعم .
قلت : أما قولكم حكَّمَ الرِّجَالَ في أمر الله ، فإني أقرأ عليكم في كتاب الله : أن قد صَيَّرَ حُكْمَهُ إلى الرِّجَالِ في ثمن ربع درهم ، فأمر الله تبارك وتعالى أن يحكموا فيه ، أرأيت قول الله تبارك وتعالى (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ )) ، وكان من حكم الله أنه صَيَّرَه إلى الرجال يحكمون فيه ، ولو شاء يحكم فيه ، فجاز من حكم الرجال .
أنشدكم بالله ؛ أحكم الرجال في صلاح ذات البين ، وحقن دمائهم أفضل أو في أرنب ؟ ، قالوا : بلى ، بل هذا أفضل . وفي المرأة وزوجها (( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا )) ، فنشدتكم بالله ؛ حكم الرجال في صلاح ذات بينهم ، وحقن دمائهم أفضل من حكمهم في بضع امرأة ؟ أَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ ؟ ، قَالُوا : نَعَمْ .
قلت : وأما قولكم قاتل ، ولم يسب ، ولم يغنم ، أفتسبون أمَّكُمْ عائشة ، تستحلون منها ما تستحلون من غيرها ، وهي أمُّكُمْ ؟ ، فإن قلتم : إنا نستحلّ منها ما نستحلّ من غيرها ، فقد كفرتم ، وإن قلتم : ليست بأمِّنا فقد كفرتم ؛ (( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ )) ، فأنتم بين ضلالتين ، فأتوا منها بمخرج ! ، أَفَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ ؟ ، قَالُوا : نَعَمْ .
وأما محي نفسه من أمير المؤمنين ، فأنا آتيكم بما ترضون : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ صَالَحَ الْمُشْرِكِينَ ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ : اكْتُبْ يَا عَلِيُّ ؛ هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالُوا : لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ مَا قَاتَلْنَاكَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : امْحُ يَا عَلِيُّ ، اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُكَ امْحُ يَا عَلِيُّ ، وَاكْتُبْ : هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، وَاللهِ لَرَسُولُ اللهِ خَيْرٌ مِنْ عَلِيٍّ ، وَقَدْ مَحَا نَفْسَهُ ، وَلَمْ يَكُنْ مَحْوُهُ ذَلِكَ يُمْحَاهُ مِنَ النُّبُوَّةِ ، أَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ ؟ ، قَالُوا : نَعَمْ .
فرجع منهم ألفان ، وخرج سائرهم ، فقتلوا على ضلالتهم ، قتلهم المهاجرون والأنصار .
وأخرجه كذلك عبد الرزاق (10/160:157) ، وأحمد (1/342) ، والطبرانى (( الكبير ))(10/257/10598) ، والحاكم (2/164) ، والبيهقى (( الكبرى ))(8/179) ، والضياء (( الأحاديث المختارة ))(438:432) من طرقٍ عن عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنِي أَبُو زُمَيْلٍ الْحَنَفِى سِمَاكِ بْنِ الْوَلِيدِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ به .
قلت : هذا حديث صحيح ، وإسناده على رسم مسلم فى (( صحيحه )) .
وكتبه أبو محمد الألفى السكندرى
أخرج النسائى (( الكبرى ))(5/165/8575) و (( خصائص على بن أبى طالب ))(190) قال : أخبرنا عمرو بن علي ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنِي أَبُو زُمَيْلٍ الْحَنَفِى حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ قَالَ :
لَمَّا خَرَجَتِ الْحَرُورِيَّةُ اعْتَزَلُوا فِى دَارٍ ، وَكَانُوا سَتَةَ آلافٍ فَقُلْتُ لِعَلىٍّ : يا أمير المؤمنين أبرد بالصلاة لعلِّي أكلِّمُ هؤلاء القوم ، قال : إني أخافهم عليك ، قلت : كلا ، فلبست وترجلت ، ودخلت عليهم في دارٍ نصفَ النَّهار ، وهم يأكلون ، فقالوا : مرحباً بك يا بْنَ عَبَّاسٍ ؛ فما جاءَ بكَ ؟ ، قلت لهم : أتيتكم من عند أصحاب النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : المهاجرين والأنصار ، ومن عند ابن عَمِّ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصهره ، وعليهم نزل القرآن ، فهم أعلم بتأويله منكم ، وليس فيكم منهم أحد ، لأبلغكم ما يقولون ، وأبلغهم ما تقولون . فانتحى لي نفر منهم ، قلت : هاتوا ما نقمتم على أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن عمه ، قالوا : ثلاث ، قلت : ما هن ؟ .
قالوا :
أما إحداهن ؛ فإنَّه حكَّمَ الرجالَ في أمر الله ، وقال الله (( إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للهِ )) ، ما شأن الرجال والحكم ؟ ، قلت : هذه واحدة .
قالوا :
وأما الثانية ؛ فإنه قاتل ، ولم يسب سباهم ، ولم يغنم ، إن كانوا كفارا لقد حل سبيهم ، ولئن كانوا مؤمنين ما حل سبيهم ، ولا قتالهم ؟ ، قلت : هذه ثنتان ، فما الثالثة ؟ ، وذكر كلمة معناها ؛ قالوا : محى نفسه من أمير المؤمنين ، فإن لم يكن أمير المؤمنين ، فهو أمير الكافرين .
قلت : هل عندكم غير هذا ؟ ، قالوا : حسبنا هذا ،
قلت لهم : أرأيتكم إن قرأت عليكم من كتاب الله جل ثناؤه وسنة نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما يرد قولكم ، أترجعون ؟ ، قالوا : نعم .
قلت : أما قولكم حكَّمَ الرِّجَالَ في أمر الله ، فإني أقرأ عليكم في كتاب الله : أن قد صَيَّرَ حُكْمَهُ إلى الرِّجَالِ في ثمن ربع درهم ، فأمر الله تبارك وتعالى أن يحكموا فيه ، أرأيت قول الله تبارك وتعالى (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ )) ، وكان من حكم الله أنه صَيَّرَه إلى الرجال يحكمون فيه ، ولو شاء يحكم فيه ، فجاز من حكم الرجال .
أنشدكم بالله ؛ أحكم الرجال في صلاح ذات البين ، وحقن دمائهم أفضل أو في أرنب ؟ ، قالوا : بلى ، بل هذا أفضل . وفي المرأة وزوجها (( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا )) ، فنشدتكم بالله ؛ حكم الرجال في صلاح ذات بينهم ، وحقن دمائهم أفضل من حكمهم في بضع امرأة ؟ أَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ ؟ ، قَالُوا : نَعَمْ .
قلت : وأما قولكم قاتل ، ولم يسب ، ولم يغنم ، أفتسبون أمَّكُمْ عائشة ، تستحلون منها ما تستحلون من غيرها ، وهي أمُّكُمْ ؟ ، فإن قلتم : إنا نستحلّ منها ما نستحلّ من غيرها ، فقد كفرتم ، وإن قلتم : ليست بأمِّنا فقد كفرتم ؛ (( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ )) ، فأنتم بين ضلالتين ، فأتوا منها بمخرج ! ، أَفَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ ؟ ، قَالُوا : نَعَمْ .
وأما محي نفسه من أمير المؤمنين ، فأنا آتيكم بما ترضون : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ صَالَحَ الْمُشْرِكِينَ ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ : اكْتُبْ يَا عَلِيُّ ؛ هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالُوا : لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ مَا قَاتَلْنَاكَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : امْحُ يَا عَلِيُّ ، اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي رَسُولُكَ امْحُ يَا عَلِيُّ ، وَاكْتُبْ : هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، وَاللهِ لَرَسُولُ اللهِ خَيْرٌ مِنْ عَلِيٍّ ، وَقَدْ مَحَا نَفْسَهُ ، وَلَمْ يَكُنْ مَحْوُهُ ذَلِكَ يُمْحَاهُ مِنَ النُّبُوَّةِ ، أَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ ؟ ، قَالُوا : نَعَمْ .
فرجع منهم ألفان ، وخرج سائرهم ، فقتلوا على ضلالتهم ، قتلهم المهاجرون والأنصار .
وأخرجه كذلك عبد الرزاق (10/160:157) ، وأحمد (1/342) ، والطبرانى (( الكبير ))(10/257/10598) ، والحاكم (2/164) ، والبيهقى (( الكبرى ))(8/179) ، والضياء (( الأحاديث المختارة ))(438:432) من طرقٍ عن عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنِي أَبُو زُمَيْلٍ الْحَنَفِى سِمَاكِ بْنِ الْوَلِيدِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ به .
قلت : هذا حديث صحيح ، وإسناده على رسم مسلم فى (( صحيحه )) .
وكتبه أبو محمد الألفى السكندرى