في ذلك اليوم قررت البقاء هناك ....كنت أريد أن أرى ما الذي يحمله ذلك المكان من رمضانيات مشوقة..........فطفقت أجوب أنحاءه بشغف ما اعتدت عليه من قبل ...أبحث هنا وأبحث هناك ..وفي كل مرة يقودني الفضول الى شئ أكبر حتى غمرني التعب وعلاني الكلل وعدت أدراجي لأترنح على سرير سربلت أطرافه بكساء ذهبي مزركش...وغرقت في نوم عميق حتى دقت الساعة الثالثة صباحا عندها قامت زميلتي وأيقظتني لقيام الليل ...وهي تكرر قولها .أخيتي انهضي ..أخيتي هيا استيقظي...فقمت أترنح من نومي والنعاس مطبق على عيني كشفتين تأبيان الانفراج...وواصلت طريقي في الممر الذي نادرا ما تراه هادئا ....وأثناء سيري المتسربل تبادر الى أسماعي صوت أنين ضعيف ..ففوجئت بذلك وأعتقدت أن هذيان النوم ما يزال مطبقا على تفكيري ...ولكن الأنين كان يقترب شيئا فشيئا حتى وصلت الى ممر ضيق يفصل بين الحجرات ..كان مخزنا قديما ولكنه الآن أصبح مكانا مهجورا قلما يدخل اليه أحد نظرا لضيق مساحته وفي نهايته كان هناك ما يشبه الكرسي الاسمنتي عليه بلاط أحمر خصص لرفع الأدوات المخزنة..أطللت عليه وأنا أصارع عيني لرؤية ما بداخله فوجدت طالبة تحمل مصحفا ينعكس ضوء المصباح الخارجي على خلفيته المصقولة ..أما وجهها فما رأيته نظرا لأنه كان متواريا في الناحية المظلمة ..عندها واصلت المسير ...وتفكيري غير مبال بما رأى ..وبعد أن فرغت من وضوئي بدأ الأنين يتبادر مجددا الى مسامعي ولكنه الآن كان من داخل نفسي وكأنني أعيد شريط ما حدث في داخلي ...فسرت حينها رعشة في جسدي جعلتني أرتجف خوفا وغرابة مما يحدث ....فهرولت مسرعة الى المخزن وطفقت أبحث عنها فلم أجد شيئا وأخذت أنظر ذات اليمين وذات الشمال بحثا عنها في أوجه المارين ولكنني ما رأيتها ...فأعتقدت بداية أني أحلم ..وأن ما رأيته كان مجرد هذيان نعاس مضى ..ولكي أقطع حبل الشك باليقين دخلت المخزن وأخذت أتلمس البلاط البارد بحثا عن دفأ في أحضانه... ينم عن وجود شخص جلس عليه منذ برهة ....وكانت المصادفة غريبة فقد وجدت ثلاث بلاطات دافئة ...فعلتني الدهشة حينها وعاودت الخروج بحثا عنها ولكن كيف سأجدها وأنا ما رأيت وجهها ولكنني رأيت قلبها رأيت أنينها...وأي أنين كان ..كان يخالف كل أنين سمعته من قبل وكل بكاء رأيته من قبل ...كان أنينا من مزيج مجهولة أوصافه ..لربما كان فيه القليل من الخوف مع الحسرة والالم والرجاء ...فعاودت الرجوع الى غرفتي وحال نفسي يقول:هل لي أن آراها مجددا ؟؟؟
وهل لي أن أسألها عما كانت تفعله؟؟ثم استحضرت حديثا لرسول الله صلى الله عليه وسلم :"عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله"
والى الآن صدى ذلك الأنين ما يزال يتردد على مسامعي ....فهل حاولنا مرة البكاء بقوة ...والرجاء بقوة ...والخوف من ذنوب رصدت علينا.....عسى الله أن يلهمنا القوة لعبادته والشكر لنعمته ...وكان الله عفوا رحيما
وهل لي أن أسألها عما كانت تفعله؟؟ثم استحضرت حديثا لرسول الله صلى الله عليه وسلم :"عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله"
والى الآن صدى ذلك الأنين ما يزال يتردد على مسامعي ....فهل حاولنا مرة البكاء بقوة ...والرجاء بقوة ...والخوف من ذنوب رصدت علينا.....عسى الله أن يلهمنا القوة لعبادته والشكر لنعمته ...وكان الله عفوا رحيما