لقد كانت ظاهرة عجيبة ، أن يتحول عرب الجزيرة العربية من قبائل متفرقة متناحرة ، تعيش على هامش التاريخ ، لا قيمة لها بين جيرانها من القوى العظمى التي كانت تستعبدها ، إلى أمة جديدة تغير وجه التاريخ و تحطم أمماً و حضارات و تزلزل عروشاً و تيجاناً، و تقيم حضارة جديدة ، و تضع قيماً جديدة تصهر معادن العرب و تخلق منهم رجال دولة ، و قادة جيوش ، و مشرعين ، و علماء ، و فلاسفة ، و أبطالاً-كأبطال الأساطير- سرعان ما يخضعون الإمبراطوريات التي كانت تستعبدهم و تمتص خيراتهم.
لقد كان هذا الحدث العظيم من أعجب الأحداث التي عرفها الجنس البشري في تاريخه على الإطلاق ، و السر يعرفه الجميع و هو ظهور خاتم الأنبياء و المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم ، الذي اختاره الله لتبليغ هذه الرسالة التي أحدثت انقلاباً في نفوس العرب و بواسطتهم في المجتمع الإنساني كله، و لقد كان هذا الانقلاب غريباً في كل شيء ، كان غريباً في سرعته و في عمقه و في سعته و شموله و آثاره..
فما كاد الإسلام يظهر حتى اعتنقه المسلمون حين رأوا فيه طوق النجاة للعالم كله من دمار محقق ، و من هنا انطلقوا في الأرض ينشرون الخير الذي أكرمهم الله به ، و أعزهم بعد ذل -على حد قول عمر بن الخطاب : "لقد كنا قوماً أذلاء فأعزنا الله بالإسلام"..
و لم يمض قرن و نصف منذ ظهور الإسلام سنة 611م حتى أسس المسلمون دولة عالمية عظيمة إذ انتصروا على أعظم أمم الشرق و العرب و هم الفرس و الروم و فتحوا مصر و الشام، كما وصلوا إلى تركستان الغربية؛ بل إلى حدود الصين سنة 36 هـ على يد القائد المسلم "قتيبة بن مسلم" و انتزعوا إفريقية من القوط، بل هددوا فرنسا في الغرب و القسطنطينية في الشرق، و بذلك وضعوا العالم النصراني بين فكي كماشة...
و مخرت أساطيلهم التي بنيت بالإسكندرية و موانئ الشام و مياه البحر الأبيض المتوسط حتى وصلت إلى جزر اليونان، و تحدت الإمبراطورية البيزنطية سيدة البحار.
و امتد التوسع الإسلامي في أوروبا حتى توقف إلى حين، بهزيمة عبدالرحمن الغافقي والي أسبانيا على يد "شارل مارتيل" زعيم مملكة الفرنجة في موقعة "بواتيه" قرب مدينة "تور" الفرنسية 110هـ -733م و هي المعركة المعروفة باسم معركة بلاط الشهداء..
و لولا هزيمة عبدالرحمن الغافقي عبر حدود فرنسا لكان للتاريخ الإسلامي شأن غير هذا، فقد أوصدت أمام المسلمين أوروبا من ناحية الغرب و كان في نيتهم أن ينشروا الخير و العدل في أوروبا كلها، بحيث يصلون إلى القسطنطينية من ناحية غرب أوروبا . و لنا أن نقدر ماذا كان يحدث في التاريخ الإسلامي لو أن هذه الخطوة الجريئة قد تحققت..
و استمرت فتوحات الخير و النور على جبهات أخرى فقد حاولوا فتح روما سنة 847م ، ثم فتحوا خرسان في أواخر القرن العاشر الميلادي، و استمروا في فتوحاتهم حتى استولوا على مدينة القسطنطينية على يد القائد المسلم محمد بن مراد و هو ابن أربع و عشرين سنة عام 857هـ -1453م..
و في سنة 1522م فتح المسلمون في عهد سليمان القانوني بلغراد ، و في سنة 1529م حاصر المسلمون فينيا "عاصمة النمسا" ، و في سنة 1537م طرد المسلمون البرتغاليين من بحر الهند و كان هذا هو أعلى مد للتيار الإسلامي الذي بدأ في الانحسار بعد ذلك..
و هكذا أسس المسلمون إمبراطورية إسلامية نشرت الإسلام من تخوم الصين حتى أواسط أفريقيا جنوباً ، و كانوا سادة البحر المتوسط من غير نزاع حتى جعلوه بحيرة إسلامية فلا يباح دخوله لأجنبي و أنشأوا أسطولاً عظيماً عجزت عن سحقه كل أساطيل البندقية ، و أسبانيا و البرتغال 945هـ-1457م..
و لم تكن هذه الفتوحات العظيمة من أجل دنيا و لا مال و لا أرض و لا سلطان و لا من أجل سلب أو نهب أو استعمار ، و إنما كانت من أجل هدف أسمى و غاية أرقى من كل ذلك. لقد كانت الفتوحات الإسلامية من أجل إعلاء كلمة الله في الأرض و القضاء على هذه الطواغيت التي عبّدت الناس لها و لتحرير الأرقاء و الشعوب المستضعفة و إخراجها من عبادة الأكاسرة و القياصرة إلى عبادة الله الواحد الذي يستحق العبادة، و إخراج الناس من ظلم الأديان المحرفة إلى عدل الإسلام و أمنه، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ، كما ورد في إجابة ربعي بن عامر و حذيفة بن محصن و المغيرة بن شعبة حين أرسل إليهم رستم قائد الفرس ليسألهم عن سر مجيئهم و حروبهم ، وجه هذا السؤال إلى هؤلاء الأبطال الثلاثة في ثلاثة أيام متوالية فكان الجواب هو : "الله جاء بنا و هو بعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، و من ضيق الدنيا إلى سعتها ، و من جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسل بدينه إلى خلقه فمن قبله منا قبلناه و رجعنا عنه و تركناه و أرضه، و من أبى قاتلناه حتى نفض إلى الجنة أو الظفر".
منقول من موقع التاريخ
لقد كان هذا الحدث العظيم من أعجب الأحداث التي عرفها الجنس البشري في تاريخه على الإطلاق ، و السر يعرفه الجميع و هو ظهور خاتم الأنبياء و المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم ، الذي اختاره الله لتبليغ هذه الرسالة التي أحدثت انقلاباً في نفوس العرب و بواسطتهم في المجتمع الإنساني كله، و لقد كان هذا الانقلاب غريباً في كل شيء ، كان غريباً في سرعته و في عمقه و في سعته و شموله و آثاره..
فما كاد الإسلام يظهر حتى اعتنقه المسلمون حين رأوا فيه طوق النجاة للعالم كله من دمار محقق ، و من هنا انطلقوا في الأرض ينشرون الخير الذي أكرمهم الله به ، و أعزهم بعد ذل -على حد قول عمر بن الخطاب : "لقد كنا قوماً أذلاء فأعزنا الله بالإسلام"..
و لم يمض قرن و نصف منذ ظهور الإسلام سنة 611م حتى أسس المسلمون دولة عالمية عظيمة إذ انتصروا على أعظم أمم الشرق و العرب و هم الفرس و الروم و فتحوا مصر و الشام، كما وصلوا إلى تركستان الغربية؛ بل إلى حدود الصين سنة 36 هـ على يد القائد المسلم "قتيبة بن مسلم" و انتزعوا إفريقية من القوط، بل هددوا فرنسا في الغرب و القسطنطينية في الشرق، و بذلك وضعوا العالم النصراني بين فكي كماشة...
و مخرت أساطيلهم التي بنيت بالإسكندرية و موانئ الشام و مياه البحر الأبيض المتوسط حتى وصلت إلى جزر اليونان، و تحدت الإمبراطورية البيزنطية سيدة البحار.
و امتد التوسع الإسلامي في أوروبا حتى توقف إلى حين، بهزيمة عبدالرحمن الغافقي والي أسبانيا على يد "شارل مارتيل" زعيم مملكة الفرنجة في موقعة "بواتيه" قرب مدينة "تور" الفرنسية 110هـ -733م و هي المعركة المعروفة باسم معركة بلاط الشهداء..
و لولا هزيمة عبدالرحمن الغافقي عبر حدود فرنسا لكان للتاريخ الإسلامي شأن غير هذا، فقد أوصدت أمام المسلمين أوروبا من ناحية الغرب و كان في نيتهم أن ينشروا الخير و العدل في أوروبا كلها، بحيث يصلون إلى القسطنطينية من ناحية غرب أوروبا . و لنا أن نقدر ماذا كان يحدث في التاريخ الإسلامي لو أن هذه الخطوة الجريئة قد تحققت..
و استمرت فتوحات الخير و النور على جبهات أخرى فقد حاولوا فتح روما سنة 847م ، ثم فتحوا خرسان في أواخر القرن العاشر الميلادي، و استمروا في فتوحاتهم حتى استولوا على مدينة القسطنطينية على يد القائد المسلم محمد بن مراد و هو ابن أربع و عشرين سنة عام 857هـ -1453م..
و في سنة 1522م فتح المسلمون في عهد سليمان القانوني بلغراد ، و في سنة 1529م حاصر المسلمون فينيا "عاصمة النمسا" ، و في سنة 1537م طرد المسلمون البرتغاليين من بحر الهند و كان هذا هو أعلى مد للتيار الإسلامي الذي بدأ في الانحسار بعد ذلك..
و هكذا أسس المسلمون إمبراطورية إسلامية نشرت الإسلام من تخوم الصين حتى أواسط أفريقيا جنوباً ، و كانوا سادة البحر المتوسط من غير نزاع حتى جعلوه بحيرة إسلامية فلا يباح دخوله لأجنبي و أنشأوا أسطولاً عظيماً عجزت عن سحقه كل أساطيل البندقية ، و أسبانيا و البرتغال 945هـ-1457م..
و لم تكن هذه الفتوحات العظيمة من أجل دنيا و لا مال و لا أرض و لا سلطان و لا من أجل سلب أو نهب أو استعمار ، و إنما كانت من أجل هدف أسمى و غاية أرقى من كل ذلك. لقد كانت الفتوحات الإسلامية من أجل إعلاء كلمة الله في الأرض و القضاء على هذه الطواغيت التي عبّدت الناس لها و لتحرير الأرقاء و الشعوب المستضعفة و إخراجها من عبادة الأكاسرة و القياصرة إلى عبادة الله الواحد الذي يستحق العبادة، و إخراج الناس من ظلم الأديان المحرفة إلى عدل الإسلام و أمنه، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ، كما ورد في إجابة ربعي بن عامر و حذيفة بن محصن و المغيرة بن شعبة حين أرسل إليهم رستم قائد الفرس ليسألهم عن سر مجيئهم و حروبهم ، وجه هذا السؤال إلى هؤلاء الأبطال الثلاثة في ثلاثة أيام متوالية فكان الجواب هو : "الله جاء بنا و هو بعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، و من ضيق الدنيا إلى سعتها ، و من جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسل بدينه إلى خلقه فمن قبله منا قبلناه و رجعنا عنه و تركناه و أرضه، و من أبى قاتلناه حتى نفض إلى الجنة أو الظفر".
منقول من موقع التاريخ