رواد الشعر العربي الحديث

    • أدونيس " علي أحمد سعيد "


      [B]4) أدونيس " علي أحمد سعيد " (1930-) :


      سوري ، شاعر وناقد ومحرر ومؤرخ أدبي ، نال درجة الماجستير في الأدب من الجامعة السورية في دمشق ، وشهادة الدكتوراه من معهد الآداب الشرقية في جامعة القديس يوسف في بيروت عام (1973) .
      غادر مع زوجته الناقدة الأدبية خالدة سعيد إلى لبنان ، عاش هناك حتى عام (1968) حيث نال الجنسية اللبنانية .
      استطاع أن يستأصل اللغة العربية الأدبية الرنانة ويُحل محلها لغة حديثة قوية دقيقة في تناغمها وهو في المقام الأول من بين المنظرين المعاصرين في الشعر الحر الموزون ، كما خاض بنجاح تجربة القصائد النثرية الطويلة .

      تضم كتبه الشعرية : ( أوراق في الريح 1958) ، ( أغاني مهيار الدمشقي 1961) ، ( كتاب التحولات والهجرة في أقاليم الليل والنهار1965) ، ( المسرح والمرايا 1968) ، ( وقت بين الرماد والورد 1970) ، ( مفرد بصيغة الجمع 1975) ، ( كتاب القصائد الخمس 1980) ، ( كتاب الحصار 1985) .


      أيام الصقر

      هدأتْ فوق وجهي بين الفريسةِ والفارس والرِّماحُ
      جسدي يتدحرجُ والموتُ حُوذيهُ والرياحُ
      جثثٌ تتدلى ومرثيةٌ ..
      حجرٌ يثقبُ الحياةْ
      وكأنَّ النهارْ
      عرباتٌ من الدمع .
      غَيِّرْ رنينكَ يا صوت ،
      أسمعُ صوتَ الفرات :
      -( قريش ...
      قافلةُ تُبحر صوبَ الهندْ
      تحملُ نارَ المجد ) .
      ... والسماء على الجرح ممدودة ، والضفاف
      تتهامس ،تمتد :
      بيني وبين الضفافْ
      لغةٌ ، بيننا حوارْ
      حضنتهُ الكراكي ، طافتْ به كالشراعْ
      بيننا ،-
      وافرتاهُ ، كنْ لي جسرا ، وكن لي قناع .
      وترسبتْ ،
      غيّرْ رنينكَ يا صوت ، وأسمع صوتَ الفرات :
      -( قريش ...
      لؤلؤةٌ تشعُّ من دمشقْ
      يُخّبِها الصندلُ واللبانْ
      أرقُّ ما رقَّ له لبنانْ
      أجملُ ما حدَّثَ عنه الشرقْ ...)
      ... وأنا في فضاء الجنادبِ تحتَ الغيوم الجريحهْ
      حجرٌ ميتُ القوادم ،
      والموتُ يُسرجُ أفراسه ،
      والذبيحه
      بجع يتخبط ،
      غير دويك يا صوت
      أسمع صوت الفرات :
      - ( قريش ...
      لم يبق من قريش
      غير الدم النافر مثل الرمح
      لم يبق غير الجرح )
      افتحي يا براري مصاريع أبوابك الصدئات :
      ملك والفضاء خراجي ومملكتي خطواتي
      ملك أتقدم أبني فتوحي
      فوق هذا الجليد المؤصل ، فوق الجموح
      أعرف أن أجرح الرمل ، أزرع في جرحه النخيلا
      أعرف أن أبعث الفضاء القتيلا ،
      والطريق يدحرج أهواله ويضيق
      والطريق مرايا
      كتب ومرايا
      أتقرى تجاويفها
      أتفرس
      ألمس فيها بقايا
      فارس عاشق الخطى
      أقرأ الخطوة والعشب والنخيل ، وأفقاً
      نسجته التنهدات القصيرة
      حيث لا يهدأ الحريق
      حيث لا تنتهي الخطوات الأميرة
      في الشقوق تفيأت
      كنت أجلس الدقائق
      أمخض (...*) القفار
      سرت أمضى من السهم أمضى
      عقرت الحصى والغبار
      كانت الأرض أضيق من ظل رمحي - مت
      سمعت العقارب كيف تصيء ، هديت القطا في المجاهل -
      مت ، انحنيت على الأرض أكثر صبراً من الأرض - مت انكببت على كاهل الريح صليت
      وشوشت حتى الحجار
      قرأت النجوم ، كتبت عناوينها ومحوت
      راسماً شهوتي خريطه
      ودمي حبرها وأعماقي البسيطه .
      ساهر بين جذري وأغصانه والمياه
      نضبت ،
      والتوابع مملوءة الجباه
      زهراً يابساً وقبوراً وديعه ،
      صاعد لبروج التحول حيث الفجيعه
      حيث يتساقط الرماد
      حيث يستيقظ النشيج وينطفئ سندباد .
      لو أنني أعرف كالشاعر أن أغير الفصول
      لو أنني أعرف أن أكلم الأشياء ،
      سحرت قبر الفارس الطفل على الفرات
      قبر أخي في شاطئ الفرات
      ( مات بلا غسل ولا قبر ولا صلاة )
      وقلت للأشياء والفصول
      تواصلي كهذه الأجواء
      مدي لي الفرات
      خليه ماء دافقاً أخضر كالزيتون
      في دمي العاشق في تاريخي المسنون .
      لو أنني أعرف كالشاعر أن أشارك النبات
      سويت كل حجرٍ سحابه
      تمطر فوق الشام والفرات ،
      لو أنني أعرف كالشاعر أن أغير الآجال
      لو أنني أعرف أن أكون
      نبوءة تنذر أو علامه
      لصحت يا غمامه
      تكاثفي وأمطري
      باسمي فوق الشام والفرات
      بالله يا غمامه ...
      السماء انفتحت ،
      صار التراب
      كتبا ، والله في كل كتاب
      ساهر
      لم يبق في عيني سراب ..
      علامة تأتي من الفرات :
      أنا هو الساكن في طوقك يا حمامه
      في سربك الراحل يا خطاف
      أنا هو الواضع كالعراف
      رؤياه والعلامه
      في الأفق في لغاته الكثيرهأنا هو الفرات والجزيره .
      علامه ...
      مهلك يا حنيني ...
      الصقر في بادية العروق في مدائن السريره
      الصقر كالهالة مرسوم في بوابة الجزيره
      والصقر تطريز على عباءة الصحراء
      والصقر في الحنين في الحيرة بين الحلم والبكاء
      والصقر في متاهه ، في يأسه الخلاق
      يبني على الذروة في نهاية الأعماق
      أندلس الأعماق
      أندلس الطالع من دمشق
      يحمل للغرب حصاد الشرق .
      يكتب الصقر للفضاء لمجهوله السخي
      سائلاً عن مكان ، كشريانه نقي
      يومئ الصقر للصقور .
      متعب ، حملته متاهاته ، حملته الصخور
      فحنا فوقها ، يغذي متاهاته ويغذي الصخور
      وجهه يتقدم والشمس حوذيه ،
      والفضاء
      موقد ،
      والرياح عجوز تقص حكاياتها ،
      والصقور
      موكب يفتح السماء ؛
      يرفع كالعاشق في تفجرٍ مريدْ
      في وله الصبوة والإشراق
      يرفعها للكون ، هذا الهيكل الجديد
      كل فضاءٍ باسمه كتابٌ
      وكل ريح باسمه نشيد .
      (1962)
      (...*) تم حذفها

      [/B]
    • جبرا إبراهيم جبرا

      الوردة 27
      Rose27 ،،

      بإنتظار وقفتكِ ،

      شكراً لكِ على المتابعة


      --------------

      5) جبرا إبراهيم جبرا (1926-1994) :
      فلسطيني ، شاعر وروائي وناقد ومترجم ، من أهم الشخصيات في الأدب العربي المعاصر .
      ولد في بيت لحم وتلّقى تعليمه في الكلية العربية في القدس وفي جامعتي كامبردج وهارفارد ، عاش في العراق منذ ظهور إسرائيل في وطنه الأم ودرّس لسنوات في جامعة بغداد .
      سعى جبرا كفلسطيني ليعبر عن غضب وانذهال واغتراب بني قومه المقتلعين من أرضهم وتقاليدهم . يعتبر مسألة التكيف مع العالم الجديد
      من المسائل المصيرية بالنسبة للعرب .

      تضم كتبه الشعرية : ( تموز في المدينة 1959) ، ( المدار المغلق 1964) .

      ما بعد الجلجلة

      عشت مع المسيح
      ومتُّ معه وبُعثتُ
      وصوتي في الرحاب يلعلع ،
      يُضرم ناراً لست أدريها -
      ولم النار ؟ ولمن ؟
      أعطني ظلا ، وماء باردا ،
      و لأعلق ذكرياتي على
      جدارٍ في غرفة مهجورة .
      تفرّق الحشد ، والمدعوون راحوا ،
      والصوتُ يلعلع عبثاً
      كأنه صوت ما قبلَ الموتِ والجلجلة .
      *
      على شفتيّ بقيةٌ من عسلٍ
      وبقيةٌ من علقم .
      أبعدَ الموتِ جئتُ لكي أسمع صوتي
      يشدني إلى فراغ هجرتهُ ؟
      أعطني ظلا . ويا هذه
      اجعلي في مائك قطعةً من ثلج .
      الشمس محرقة ، وفي الحياة بعد الموت
      عناء ، وصوتي يعشق النار .
      لمن ؟ لمن ؟
      أغمضتُ جفني ،وعلى الشفتين
      بقيةٌ من عسلٍ وبقية من علقم
      (1962)
    • صلاح عبد الصبور

      د- في التقليد التموزي :

      1) صلاح عبد الصبور (1931-1982):

      مصري ، شاعر ، ومحرر ، وكاتب مقال ، ومؤلف مسرحي ، تخرج من جامعة القاهرة .
      يكشف شعره الذي يجسد أفكاراً إنسانية واشتراكية على حد سواء ، عن رؤيا شخصية تأملية يصبغها الشعور بالموت الداني ، وهو يعزو إلى الشعر قيمة أخلاقية روحية ينظر إليها نظرة تصوفية .

      من دواوينه : ( الناس في بلادي 1957) ، أقول لكم 1961) ، ( أحلام الفارس القادم 1964) ، ( أصوات العصر 1961) ، ( وتبقى الكلمة 1970) ، ( عمر من الحب 1973) .

      [B]أغنية للشتاء


      ينبئني شتاء هذا العام أنني أموتُ وحدي
      ذاتَ شتاءٍ مثله ، ذاتَ شتاءْ
      ينبئني هذا المساء أنني أموت وحدي
      ذاتَ مساءٍ مثله ، ذاتَ مساءْ
      وأن أعوامي التي مضت كانت هباءْ
      وأنني أقيم في العراءْ
      ينبئني شتاء هذا العام أن داخلي ...
      مرتجفٌ برداً
      وأن قلبي ميتٌ منذ الخريف ...
      قد ذوى حين ذوتْ
      أول أوراق الشجر
      ثم هوى حين هوت
      أولُ قطرةٍ من المطرْ
      وأن كل ليلةٍ باردةٍ تزيدهُ بُعدا
      في باطن الحجرْ
      وأن دفء الصيفِ إن أتى ليوقظه
      فلن يمدّ من خلال الثلج أذرعهْ
      حاملةً وردا
      ينبئني شتاء هذا العام أن هيكلي مريض
      وأن أنفاسي شوكُ
      وأن كل خطوةٍ في وسطها مغامره
      وقد أموت قبل أن تلحقَ رِجلٌ رِجلا
      في زحمة المدينةِ المنهمره
      أموتُ لا يعرفني أحدْ
      أموت ... لا يبكيني أحدْ
      وقد يُقال ، بين صحبي ، في مجامع المسامره
      مجلسهُ كانَ هنا ، وقد عبرْ
      فيمنْ عبر .......
      يرحمهُ الله ...
      ينبئني شتاء هذا العام أن ما ظننته ...
      شفاي كان سُمي
      وأن هذا الشعر حين هزّني أسقطني
      ولست أدري منذ كم من السنين قد جُرِحت
      لكنني من يومها ينزف رأسي
      الشرُ زلتي التي من أجلها هدمتُ ما بنيت
      من أجلها خرجتْ
      من أجلها صُلبتْ
      وحينما عُلقتُ كان البردُ والظلمةُ والرعدُ
      ترجنُّي خوفا
      وحينما ناديته ، لم يستجبْ
      لا بد أن نخزٍنَ من حرارة الصيفِ وذكرياته ...
      دفئا
      لكنني بعثرتُ كالسفيه في مطالعِ الخريفِ
      كل غلالي ، كل حنطتي وحبّي
      كان جزائي أن يقول لي الشتاء أنني :
      ذاتَ مساءٍ مثله ....
      أموتُ وحدي
      ذاتَ شتاءٍ مثله ، أموتُ وحدي .
      (1964) [/B]
    • سالم حقي

      2) سالم حقي (1937-) :

      شاعر مصري وطالب وفي لصلاح عبد الصبور ، نظم في البدء الشعر التقليدي في المقام الأول ، لكنه صرف نظره بعد ذلك إلى الشعر الحر الموزون .

      ديوانه : ( هوى الأربعين 1978) فضلاً عن مساهماته في مجلات أدبية مصرية متنوعة .

      [B]الرحلة الأخيرة للسندباد

      ثم ماذا ؟
      أيها الموت الذي يرتوي
      نبعا جف وغيض الماء والنهر تشقق
      لم يعد في الكأس نقظة
      أرضنا صارت خرابا
      صوح الروض وأضحى بلقعا
      هجر البلبل .. أيكه ..
      سكت الصوت .. ومات
      كل شيء حولنا للآن .. رفاة
      صعد النجم بعيداً في السماء
      حطت الظلمة فجأة
      قبلما يأتي المساء
      أيها الحاصد منا كل يوم ... زهرة
      كل يوم ... زهرة
      أيها الموت الذي يرتوي
      من دماء الشعراء
      سندباد
      أزمع الاقلاع يرتاد البحار
      والقفار
      ويجوب الأرض والشطآن ... والجزر السحرية
      لم تطأها بعد أقدام بشر
      يطلب الحكمة والعبرة والقول السديد
      يدرس الخلق وأحوال العباد
      لم يكن يهدأ إذ عاد إلينا ذات يوم
      من بلاد تركب الأفيال
      من بلاد الحب والحكمة والأشعار والسحر الرقيق
      حيث طاغور وغاندي وأكاليل الزهور
      لم يكن يهدأ حتى عاد جياش الخيال
      للسفين
      لم يزل بعد حنين
      لبقاع لم تزل بعد .. بعيدة
      لم تزل مجهولة الأسرار والأغوار
      حبلى بالأساطير وبالحكمة .. والخير الوفير
      أترى يرجع يوماً سندباد
      أترى يرجع للأرض القديمة
      حاملاً بعض هدايا بعض زان
      مثلما كان يعود
      كل مرة
      ناشراً .. في الأرض عطره
      نافثاً في الروح سحره ..
      هاتفاً ..
      يرسل شعره
      أم هي الرحلة للأرض البعيدة
      حيث لا يرجع خطو .. أو يعود
      ويطول الانتظار ...
      ويطول الانتظار :
      يالحبابات من رحلة من ليس يعود ...
      حيث يلقى ذلك الملاح مرساه
      على شط الخلود
      سندباد : لم يزل صوتك يأتينا .. ينادينا .. حميماً وقوياً وندياً
      لم يزل ( زهران ) حياً
      أيها الراحل عنا ذات ليل .
      " في ذكرى صلاح عبد الصبور "
      (1982) [/B]
    • صادق الصائغ

      3) صادق الصائغ (1946-):

      من شعراء الجيل العراقي الأصغر ، يدين في ديوانه ( نشيد الكركدان 1974) وحشية الإنسان تجاه أخيه الإنسان ويقترح نهاية ثورية للمظالم التي يُعاني منها الفلسطينيون والاجئون الآخرون .

      [B]أصابع الليل


      1
      للقلب مراكب مقلوبهْ
      ومطاراتُ الروح لها أعمدة
      تغفو
      وأصابعنا تنمو سرواً لليلْ
      2
      للصحراءْ
      نصفُ مجنزرةٍ خرساءْ
      تتقدمُ في حنجرة الموتى
      للشهداءْ
      دباباتٌ ورمالٌ سوداءْ
      3
      يوماً ما
      سننامُ بأرديةٍ بيضاءْ
      وستنهضُ أنتْ
      لتغطينا
      لتخاطبنا عن القتلى
      لتخاطبَ مملكة الفقراءْ
      يوماً ما .....
      يوماً ما .....
      يوماً ما
      لكل العصور
      حُلُمها
      وعصري له حُلُمهُ
      سيأتي إلى أورشليم
      شاعرٌ من ريو
      يخط قصائده بالرصاصِ
      ويمسحها .
      سيأتي
      سيأتي
      سيأتي
      يعيدُ المساجينَ المتعبينَ
      على ردهاتِ الحقيقهْ
      4
      فكرتُ اللحظة أن أهربْ
      أن أنفي نفسي في ذنب العقربْ
      في كرةٍ تعلو فوق هتافات الملعبْ
      فكرتُ اللحظة يا وطني
      أن أنفي نفسي في رحمكْ
      فكرتُ
      و فكرتُ
      و فكرتُ
      تقدمتُ عكس الرياح ، عبرتُ بك
      المدن الموصدهْ
      عبرتُ الحرائق جبتُ البحار ، رحلتُ مع النازحينَ
      بكيتُ على حائط الخمرةِ
      وكنت ورائي
      لقد كنتَ يا وطني
      مريضاً
      ثقوب الرصاص على جبهتكْ
      وكنتَ تنادي وأنت على ساعدي هاجعٌ
      إلى أين تمضي الرياح ؟
      وأين تطير اللقالق ؟
      وكنت تنادي وأنت على ساعدي هاجع :
      وحيداً أموت وفضلَ ردائي
      فخطا حدودكما وارحلا
      و اتركا لي حدود الخراب
      5
      أقيسُ الفضاءَ بقلبي ،
      أقيس المجازرْ
      فتكبرُ حتى تُضاء الدموعْ
      هي الأرض تبعدُ عني
      هي الريحُ تبعد عني
      وصوتٌ بعيدٌ يغني
      أيها القاتلونْ
      قنابلكم ضوأتني
      وأرجاءُ روحي
      ضياءُ الحرائقْ
      (1974) [/B]
    • هـ) شعر المقاومة :

      1) محمود درويش (1942-) :

      تُعالج أشعاره الحرة ( العروضية منها وغير العروضية ) مسائل المقاومة والكفاح الفلسطيني ، إن استخدامه اللغة الخالية من التعقيد ومناشدة المشاعر الإنسانية الجوهرية ، يمنح تعبيره الشعري صفة السهل الممتنع .
      بخلاف العديد من الشعراء يمكن القول بأنه عاش شعره ، فقد سُجن من قِبل السلطات ( الصهيونية ) لنشاطاته في العصبة المؤيدة للعرب ضمن الحزب الشيوعي .
      حاز على جائزة ( لوتس 1967 ) وكانت من نصيبه في السنة التالية في مؤتمر الكتّاب الأفريقيين الآسيويين الرابع .
      أقام في بيروت منذ أن غادر الأراضي المحتلة عام (1971) وهو الآن في باريس يحرر مجلة أدبية فلسطينية تُدعى (الكرمل ).

      من دواوينه : ( أوراق الزيتون 1964) ، ( عاشق من فلسطين 1966) ، ( آخر الليل 1967) ، ( حبيبتي تنهض من نومها 1970) ، ( العصافير تموت في الجليل 1970) ، ( أحبك أو لا أحبك 1972) ، ( محاولة رقم 7 ، 1974) ، ( تلك صورتها وهذا انتحار العاشق 1975) , صدر ديوانه في جزأين عام (1979) .

      [B]بطاقة هوية


      سجل !
      أنا عربي
      ورقم بطاقتي خمسون ألفْ
      وأطفالي ثمانيةٌ
      وتاسعهم سيأتي بعد صيف !
      فهل تغضب ؟
      سجل !
      أنا عربي
      وأعمل مع رفاق الكدح في محجرْ
      وأطفالي ثمانية
      أسلُّ لهم رغيف الخبز ،
      و الأثوابَ والدفترْ
      من الصخر ..
      ولا أتوسلُ الصدقات من بابكْ
      ولا أصغرْ
      أمام باب أعتابك
      فهل تغضب ؟
      سجل!
      أنا عربي
      أنا إسمٌ بلا لقبِ
      صبورٌ في بلاد كل ما فيها
      يعيش بفورةِ الغضب
      جذوري ..
      قبل ميلاد الزمان رستْ
      وقبل تفتّح الحقبِ
      وقبل السرو والزيتونْ
      .. وقبل ترعرع العشبِ
      أبي ... من أُسرة المحراث
      لا من سادةٍ نُجُُبِ
      وجدي كان فلاحاً
      بلا حسب ... ولا نسب !
      يُعلمني شموخ الشمس قبل قراءة الكتبِ
      وبيتي ، كوخُ ناطورٍ
      من الأعوادِ والقصبِ
      فهل تُرضيك منزلتي ؟
      أنا إسمٌ بلا لقب !
      *
      سجل!
      أنا عربي
      ولون الشعر ... فحميُ
      ولون العين ... بنيُّ
      وميزاتي :
      على رأسي عقالٌ فوق كوفيه
      وكفي صلبةٌ كالصخر ..
      تخمش من يلامسها
      وعنواني :
      أنا من قريةٍ عزلاء ... منسيهْ
      شوارعها بلا أسماء
      وكل رجالها ... في الحقل والمحجرْ
      فهل تغضب ؟
      *
      سجل
      أنا عربي
      سلبت كروم أجدادي
      وأرضاً كنتُ أفلحها
      أنا وجميع أولادي
      ولم تترك لنا ... ولكل أحفادي
      سوى هذي الصخور ..
      فهل ستأخذها
      حكومتكم ... كما قيلا !
      إذن !
      سجل .. برأس الصفحة الأولى
      أنا لا أكرهُ الناسَ
      ولا أسطو على أحد
      ولكني ... إذا ما جعت
      أكلُ لحم مغتصبي
      حذار .... حذار ... من جوعي
      ومن غضبي !!
      (1964) [/B]
    • سميح قاسم

      2) سميح قاسم (1939-) :

      ولد في مدينة (الزرقاء ) في الأردن من والدين فلسطينيين ونشأ في الرامة والناصرة .
      تعرضت كتبه للشجب ودخل السجن عدة مرات نتيجة نشاطاته كعضو مؤسس لحركة ( الأرض ) الثقافية المكرسة للقضية الفلسطينية ، بيد أنه اختار البقاء في الأراضي المحتلة ، ومن الجائز أن يكون العربي الإسرائيلي الوحيد الذي سُحب للخدمة في جيش الكيان الصهيوني .
      شعره تجريبي في الشكل وهو شعر حر موزون ذو أبيات متفاوتة الطول .

      من كتبه الشعرية : ( أغاني الدروب 1964) ، ( دمي على كفي 1967) ، ( دخان البراكين 1968) ، ( سقوط الأقنعة 1969) ، ( في انتظار طير الرعد 1969) ، ( مراثي سميح قاسم 1973) ، ( جهات الروح 1984)

      [B]خطاب في سوق البطالة


      ربما أفقد - ماشئت - معاشي
      ربما أعرض للبيع ثيابي وفراشي
      ربما أعمل حجّارا .. وعتّالا .. وكنّاسَ شوارع ..
      ربما أبحث ، في روثِ المواشي ، عن حبوب
      ربما أخمد .. عريانا .. وجائع ..
      يا عدو الشمس .. لكن .. لن أساوم ..
      وإلى آخر نبض في عروقي ... سأقاوم !!..
      *
      ربما تسلبني آخرَ شبرٍ من ترابي
      ربما تطعمُ للسجن شبابي
      ربما تسطو على ميراث جدي ..
      من أثاث .. وأوان .. وخواب ..
      ربما تُحرقُ أشعاري وكتبي
      ربما تُطعم لحمي للكلابِ
      ربما تبقى على قريتنا كابوسَ رعب
      يا عدو الشمس .. لكن .. لن أساوم ..
      وإلى آخر نبض في عروقي .. سأقاوم !!..
      *
      ربما تطفئ في ليليَ شعله
      ربما أُحرم من أمي قبله
      ربما يشتمُ شعبي وأبي ، طفل ، وطفله
      ربما تغنم من ناطور أحزاني غفله
      ربما زيفَّ تاريخي جبان ، وخرافيٌ مؤُله
      ربما تحرمُ أطفالي يوم العيد بدله
      ربما تخدع أصحابي بوجهٍ مستعار
      ربما ترفع من حولي جداراً وجدار
      ربما تصلب أيامي على رؤيا مذله!
      يا عدو الشمس ، لكن ، لن أساوم
      و إلى آخر نبض في عرقي ... سأقاوم
      يا عدو الشمس ..
      في الميناء زينات ، وتلويحُ بشائر ..
      وزغاريد ، وبهجه
      وهتافات ، وضجه
      والأناشيدُ الحماسية وهجٌ في الحناجر
      وعلى الأفقِ شراع ..
      يتحدى الريح .. واللج .. ويجتاز المخاطر ..
      إنها عودة يُوليسيز
      من بحر الضياع ..
      عودةُ الشمس ، وإنساني المهاجر
      ولعينيها ، وعينيه ... يمينا ... لن أساوم ..
      وإلى آخر نبضٍ في عروقي ..
      سأقاوم ..
      سأقاوم ..
      سأقاوم ..
      (1967) [/B]
    • فدوى طوقان

      3) فدوى طوقان (1917-) :

      ولدت في مدينة نابلس في فلسطين لعائلة أدبية وأتمت دراستها الثانوية هناك . لم تتمكن من الالتحاق بالجامعة ، لكنها حصّلت قسطاً كبيراً من تعليمها وثقافتها ، تحت إشراف أخيها الشاعر إبراهيم طوقان .
      سار شعرها على نحو متصاعد نحو أشكال أكثر حرية ، رغم أن بعضه ما يزال شعراً موزوناً تقليدياً ، وهو شعر اعترافي يرود المفارقات العاطفية لكنه لا يبتعد أيضاً عن مواضيع الحرية والاستقلال والانعتاق من التقاليد .

      من دواوينها : ( وحدي مع الأيام 1955) ، ( وجدتها 1957) ، ( أعطنا حبا 1960) ، ( أمام الباب المغلق 1967) ، ( الليل والفرسان 1969) .

      [B]خمس أغانٍ للفدائيين


      1
      مخاض
      الريح تنقل اللقاح
      وأرضنا تهزها في الليل
      رعشة المخاض
      ويقنع الجلاد نفسه
      بقصة العجز ، بقصة الحطام
      والأنقاض
      يا غدنا الفتي خبّر الجلاد
      كيف تكون رعشة الميلاد
      خبره كيف يولد الأقاح
      من ألم الأرض وكيف يُبعث الصباح
      من وردة الدماء في الجراح
      2
      كيف تولد الأغنية
      نأخذ أغنياتنا
      من قلبك العذب المصهور
      وتحت غمرة القتام والديجور
      نعجنها بالنور والبخور
      والحب والنذور
      نضخ فيها الصوان
      والصخور
      ثم نردها لقلبك النقي
      قلبك البللور
      يا شعبنا المكافح الصبور
      3
      حين تنهمر الأنباء السيئة
      الريح تجدل الدخان في الأغوار
      وفي دروب الليل والإعصار
      تنهمر الصخور والأحجار
      سوداء بالرماد
      سوداء بالدخان
      فلتنهمر كما تشاء هذه الصخور
      ولتنهمر كما تشاء هذه الأحجار
      فالنهر ماض ، راكض إلى مصبه
      وخلفه منحنى الدروب ، في
      رحابة المدى
      ينتظر النهار
      من أجلنا ينتظر النهار
      4
      عاشق موته
      تخطفنني الرؤيا مع ابتسامة الصباح
      أراه طائري يطير
      يهجرني قبل الأوان
      يفلت من يدي في
      دوامة الرياح
      يدافع الرياح ثم يهوي
      من مشارف الكفاح .
      وتفتح الصخور ساعديها
      جدولي حرير
      تلقف طائري الذي يطير
      يهجرني قبل الأوان
      وتسترد ابنها الأوطان ، تسترده
      لقلبها الحي العتيق
      يا شجر المرجان عرّشت غصونه
      على جوانب الطريق
      أعشق موتي في مواسم الفداء والعطاء
      أعشق موتي تحت ظلك المضرّج الغريق
      5
      كفاني أظل بحضنها
      كفاني أموت على أرضها
      وأدفن فيها
      وتحت ثراها أذوب وأفنى
      وأُبعث زهرة
      تعبث فيها كف طفل نمته بلادي
      كفاني أظل بحضن بلادي
      تراباً
      وعشباً
      وزهره .
      (1969) [/B]
    • 4)معين بسيسو (1927-1987) :

      فلسطيني ، ترك فلسطين مثله مثل مئات الآلاف من الفلسطينيين بعد تأسيس دولة الكيان الصهيوني ، وحمل مأساة بلاده معه ، زاده منفاه من شدة وطنيته ومن البعد الشمولي لشعره ، وربط المأساة الفلسطينية بمآسي الأمم الأخرى شاجباً المستعمرين بأشكالهم الجديدة والقديمة على حد سواء .

      من دواوينه : ( مارد من السنابل ) ، ( الأردن على الصليب ) ، ( الأشجار تموت واقفة 1966) ، ( فلسطين في القلب ) ، ( العن أحفادك يا جدي ) ، ( قصائد على زجاج النوافذ 1979) ، جمعت هذه الأعمال في ديوانه عام (1979)

      [B]إشارة مرور


      النور الأحمرْ
      قفْ
      النور الأخضرْ
      سرْ
      النور الأحمرْ
      النور الأخضرْ
      النور الأحمرْ
      النور الأخضرْ
      قفْ
      قفْ
      قفْ
      سرْ
      سرْ
      النور الأحمرْ
      النور الأحمرْ
      أين هو النور الأخضر ...؟
      امرأةٌ حبلى في عربهْ
      ولدتْ في العربهْ
      كبُرَ الطفل ، أحب ، تزوج في العربهْ
      أنجب أطفالا ، قرأ مجلات وصحف العالمِ
      في العربهْ
      اعتقلوه ... سجنوه في صندوق العربهْ
      جنَّدَ واستشهد خلف شبابيكِ العربهْ
      والعربة ما زالت في الشارع
      تنتظر النور الأخضرْ
      تنتظر النور الأصفرْ
      النور الأحمرْ
      قفْ
      النور الأخضرْ
      سرْ
      النور الأحمر .... النور الأخضرْ
      (1979) [/B]
    • عز الدين مناصرة

      5)عز الدين مناصرة (1941-) :

      فلسطيني ، شاعر وناقد يمضي وقته الآن مسافراً بين القاهرة وعمّان ، وينشر مقالاته الأدبية في الدوريات المصرية والأردنية .
      كان آخر كتاب شعري له ( الخروج من البحر الميت ) وهو يعكس الألم الذي يخلفه المنفى ويوظف فيه رمزياً اللغة التي نقرؤها في أشعار الحب كي ينقل الشعور بالفقد الذي يحل بمن طرد من وطنه .

      تأشيرة خروج


      سأرحل عنك غداً فاسمعيني
      اسمعي كلماتي الأخيرة
      ألا تعرفين عذابي
      ألا تشعرين اكتئابي
      أنا ... منذ ستٍ أنوح
      أنا قبل طوفان نوح
      أجوب صحاريك . أسأل عن واحةٍ أو جزيرة
      سأرحل عنك غداً فاسمعيني اسمعي كلماتي الأخيرة
      ولي في حدائق عينيك الخضر أعناب خمرٍ ونخل
      ولي في مقاعدك الحجرية
      مواعيد فيك ، نسيت المواعيد فيك تركت عيون البنية
      هجرت لياليك كان زماناً طويلاً
      هجرت الزمان الخؤون
      ولي في مقاهيك صحب إذا سكروا
      أصبحوا سادةً وإن سكروا
      ذكروا مجدهم في السجون
      وفيك كفرت وجعت وفيك عرفت بلادي
      تشوقت للكروم والنار والداليه
      وفيك انتصرتُ - انهزمت وفيك
      رأيت الطحالب تأكل حيطانك العالية
      وأكره صمتك ، أكره منك الكلام
      وأكره فيك عيون النيام
      وأكره سائقك الأبله المستهام
      سأرحل عنك غداً فاسمعيني .. اسمعي
      كلماتي الأخيرهْ
      أنا منذ ستٍ أنوحْ
      أنا قبل طوفان نوح
      ألوب صحاريك أسأل عن واحةٍ أو جزيره .
      (1980)
    • كمال ناصر

      6)كمال ناصر (1925-1973) :


      فلسطيني ، ولد في بيرزيت ، نال شهادة البكالوريوس في الأدب من جامعة بيروت الأمريكية عام (1945) ، وعمل صحفياً لعدة صحف في الأردن بعد تقسيم فلسطين ، سجنته السلطات الأردنية مرات عدة لصراحة مضمون كتاباته السياسية .
      إن شعره ملتزم بتوثيق نضال الشعب الفلسطيني لا في الأراضي المحتلة وحسب ، بل وفي البلدان العربية الأخرى ، وشعره كسائر شعر المقاومة مشبوب العاطفة والألم ، بيد أن مفرداته المصقولة وزخمه الرمزي يبعدانه عن الأسلوب المباشر العامّي .
      استشهد برصاص الجنود الصهاينة الذين أغاروا على شقته في بيروت وأردوه قتيلاً على مرأى من زوجته وأولاده وقد عُثر في جسده على أكثر من ثمانين طلقة .
      نُِرت قصائده عام (1974) في ديوان تحت عنوان ( الآثار الشعرية الكاملة لكمال ناصر 1974) ، وجُمعت أعماله النثرية في كتاب ( الآثار النثرية الكاملة لكمال ناصر 1974) .

      [B]زعامات بلادي


      عندما أكتب تاريخ بلادي
      بدموعي ومدادي ،
      سوف أُبقي صفحة للخزي ، تنزو بالسواد
      صفحة أرهقها الليل بأسمال الحداد
      صفحة تفضح أسرار الفساد
      وتعرّي القدر في دنيا الجهاد
      وسأرويه جهاراً
      للملايين الحيارى ، في بلادي
      عن زعامات بلادي
      عندما أكتب تاريخ بلادي !
      *
      عندما أكتب تاريخ بلادي
      بوفاء وأمانهْ
      سوف أُبقي صفحة سوداء تنزو بالخيانهْ
      عن عبيد لمسوا الذلّ فذّلوا للمهانهْ
      ولصوص طعنوا الشعب وداسوا صولجانهْ
      شربوا من دمه الحر ، وأسقوه هوانهْ
      واستباحوا وراحوا يتحدون كيانهْ
      إنها صفحة خزي تتنزى من مدادي
      صفحة تدمي فؤادي
      وسأتلوها جهارا
      للملايين الحيارى ، في بلادي
      عن زعامات بلادي
      عندما أكتب تاريخ بلادي !
      *
      عندما أكتب تاريخ بلادي
      بشبابي ودمائي
      فسأبقي صفحة للشعب تنزو بالإباء
      صفحة خالدة حمراء في شعر الفداء
      تتلظى بالبطولات وتهمي بالفدا والشهداء
      صفحة بالنور تروى ، والهدى والكبرياء
      بنضال الأبرياء
      ونضال الشرفاء
      صفحة تصمد في وجه العداء
      عانقت في المجد أحلام السماء
      وسأتلوها جهارا
      للملايين الحيارى ، في بلادي
      عن زعامات بلادي
      عندما أكتب تاريخ بلادي !
      (1960) [/B]
    • توفيق زيّاد

      7) توفيق زيّاد (1932-1994) :

      فلسطيني ، عاش ودرس في الاتحاد السوفيتي السابق فانصب اهتمامه على الفلسفة الشيوعية ونمط الحياة ، انتخب عدة مرات رئيساً لبلدية بلدته ( نازاريت ) .
      يُفسر شعره الذي تغلب عليه الصبغة السياسية الأسباب الكامنة وراء الهزائم العربية المتتابعة في القرن العشرين .
      يتميز شعره الحر الموزون بوضوح الرسالة ومباشرتها ، وقد لُحن بعض من قصائده التي تُعبر عن روح المقاومة الفلسطينية واتخذتها الحركة أغاني لها .
      ظهر ديوانه عام (1970) في أربعة أجزاء هي ( شيوعيون ) ، ( ادفنوا أمواتكم وانهضوا ) ، ( أشد على أياديكم ) ، ( أم درمان ) .

      [B]ست كلمات


      1
      قبل أن يجيئوا
      فتّح الوردُ على مرفق شباكي ، وبرعم
      والدوالي عرّشت
      واخضرّ منها ألف سلم
      واتكا بيتي ، على
      حزمة الشمس .. يتحمم
      وأنا أحلم بالخبز
      لكل الناس ... أحلم
      كان هذا ، قبل أن جاءوا
      على ..
      دبابةٍ
      لطخها
      الدم !!
      2
      ثلج على المناطق المحتلة
      أي شيء
      يقتل الإصرار ،
      في شعب مكافح ؟!
      أي حرب
      قدرت يوما ، على
      سرقة أوطان الشعوب ؟!
      وطني ..!! - مهما نسوا -
      مرّ عليه
      ألف فاتحْ
      ثم ذابوا ...
      مثلما
      الثلج،
      يذوب ..!!
      3
      الأمثال
      عن جدنا الأول ،
      قد جاء في الأمثال :
      واوي ..
      بلع ..
      منجل ..!!
      كل ما تجلبهُ الريحُ
      ستذروه العواصفْ
      والذي يغتصب الغيرَ
      يعيش ..
      العمر ،
      خائف ..!!
      4
      شيء عابر
      عندما مروا ، صباحا ، فوقها
      همست شجرة توت :
      العبوا بالنار ما شئتمْ
      فلا ..
      حق ..
      يموت ..!!
      5
      تلفون
      أول الأنباء من تل أبيبْ
      قال ديان ... وديانُ أريب :
      ( هاهنا نحن سنبقى قاعدينْ
      والذي يحتاجنا ..
      يطلبنا في التلفون ..)
      آخر الأنباء من تل أبيب :
      سيداتي ، سادتي !!
      لم تبض الفرخة ..
      ما زالت :
      تلو .. و .. و ..ب !!
      6
      سلمان
      قال " سلمان " لنا
      قبل أن تدفنهُ قنبلةٌ
      في ساحة البيت الكبيرهْ :
      أيها الأحبابُ ..
      ما كنا كما نشتاقُ
      والآن ... نصير ..!!
      (1970) [/B]
    • توفيق الصائغ

      مـــســـك الــخــتـــام

      8)توفيق الصائغ (1923-1971) :

      ولد في جنوب سوريا ونشأ في طبريا بفلسطين حيث انتقل والداه وهو ما يزال طفلاً صغيراً ، نال تعليمه في سلسلة من الجامعات أوّلها الكلية العربية في القدس ثم تابع تعليمه في جامعة بيروت الأمريكية عندما انتقلت عائلته إلى لبنان وبعدها سافر إلى انجلترا والولايات المتحدة ليلتحق بجامعات كامبردج ، أوكسفورد وهارفارد .
      علّم الأدب العربي في جامعتي كامبردج في لندن وكاليفورنيا في بيركلي خلال الشطر الأخير من حياته .
      توغل في التجربة المحلية المباشرة وتجاوزها أكثر من أي شاعر فلسطيني آخر كي يعيّن تضمناتها الشمولية ، إن الشعر الحر غير الموزون يستسلم لكلام شعري معزز استطاع صائغ أن يضبطه على نحو يثير الإعجاب ، إن سلسلة الصور المتغيرة اللافتة للنظر التي تتسع على مدار فكرة عادية ، تطبع قصائده بطابع الإلحاح .

      تتضمن كتبه الشعرية ( ثلاثون قصيدة 1956) ، ( القصيدة "ك" 1960) ، ( معلقة توفيق صائغ 1963)

      [B]من الأعماق صرخت إليك يا موت


      أقربي أقربي
      أيتها المهرة البيضاء الفتية ،
      أقربي
      أيتها المهرة القوية الغنج
      أقربي واصهلي :
      صهيلك أنغام وتراتيل
      سمعتها تسعة أشهر قبل السقوط
      وسمعتها تهلل لي في السرير
      وسمعتها في أهازيج الراقصين ليالي الزفاف
      وسمعتها في الكنيسة أعلى من جوقة المرنمين
      وسمعتها من شفتي حبيبتي وقد لفنا الشرشفان .
      *
      أقربي
      وإما قفزت على ظهرك الوثير
      فاركلي الأرض وازعقي بوجه المساء
      وأثيري التراب وقرقعي الوجود ،
      و اركضي
      اركضي اركضي اركضي
      اصعدي الجبال واعبري المجاري ،
      سابقي الريح والطير والضوء
      ووعود المحبين .
      واركضي حيث طاب لك
      ولا تتوقفي إن احمر ضوءٌ
      ولا تسألي عن الطريق ،
      واركضي
      ألف منخاسٍ بظهرك يئن :
      اركضي اركضي اركضي .
      *
      ولا تعرجي بي
      على المراعي الخصبة بالهشيم
      الأشهى على فمك من السكر ،
      لا تعرجي بي
      على مهرجان السقم
      ومستنقع الشيخوخة الكدر
      حيث الأجساد أجسام
      والمحاريب ميازيب ،
      حيث تقمصتِ الطفولة بلهاء
      ولم تتقمص بحلمها والبراءة ،
      حيث التقى الشقان
      وتوحدا في غير شق ،
      حيث الشذوذ داءٌ
      والنفي ذلةٌ
      والجنون انحراف .
      لا تعرجي بي
      على ملعب تجنبته الخيول
      إلاك ،
      وإذا ما جبته تخاذلت سيقان ساكنيه
      فجرجرتهم وراءك واحداً بعد واجد .
      لا ، لم أكن لأحبك
      لو أني قبعت في المستنقع
      وكرهت الكون دون أن
      أجرأ على البصق على من فيه ،
      وانتظرت
      بعينين فارغتين ، في وجود فارغ ،
      فراغاً جديداً تحملينه ؛
      لم تكوني مطيتي المفضلة
      لو لم أحد عن ألف اصطبل
      عمرتْ بكل الخيول ،
      بالحمر والشقر والصهب والسود
      بالأصيلة والمولدة
      بخيل السبق وخيل الحمل
      بالمرفهة والمرهقة
      بالمطهمة وغير المطهمة
      لو لم أحد عنهم جميعاً
      وأهف إليك
      صائحا :
      وحدك أحب ووحدك أريد ،
      فاقربي إلي ،
      اقربي :
      فقد صدر الحكم
      وسمرت في زنزانتي ،
      اقربي
      فأشقُّ من التنفيذ انتظاره
      وخبال الزمان أصبح سياط الزمان ،
      اقربي
      فوحدك أحب ووحدك أريد
      ووحدك تعرفين منجاي وبتي وعدني ،
      اقربي
      يا مسعفي ومرشدي ومخلصي
      وقابلتي
      وأمي ،
      اقربي اقربي .
      *
      أنا لا أعرف اسمك
      ولا أبويك ولا موطنك
      ( من يحلل الفخار بتمثال مفضل
      ويبعث بعظام الحبيب للمختبر !)
      لكنما أعرف أنك حلوةٌ
      و أن ظهرك سمسمٌ
      يفتحُ به باب الحياة ،
      وأعرف أن علي الليلة مشوار
      يفتت قلب أبي
      ويفرحني
      كمشوار فتت قلبي
      وفرّح أبي
      فاحمليني واركضي
      ولا تعرجي بي
      على منهل تعودتِ أن ترتوي فيه
      وكنت وعدت أن ألقاك قربه ،
      لا تعرجي بي
      على حقول الدماء
      حيث يستعاض عن الحياة
      بوسام وخطاب زعيم وطنطنات جرائد ،
      لا تعرجي بي
      على حقول يعكر عبق الكراهية فيها
      نتن البطولة والوطنية والواجب ،
      وتصب الكراهية فيها
      على العدو لا سواه :
      حقول دمائي
      لا أجوبها دفاعا ، ليس لي فيها حليف ،
      حقول دمائي
      أفواه تعب و لا ترتوي :
      من دماء الشيوخ الذي جمدت في عروقهم الدماء
      ودماء الصبايا اللواتي عرفن الدم في الوجنات
      ولم يعرفنه بعد نزيفاً رتيبا ،
      من دماء المحاربين ،
      ومن دماء الأطباء والممرضات
      ومن مصارف الدم في المستشفيات
      بأصنافها ألف وباء وجيم ،
      من دماء الأبطال تهطل زياخة كثور ( ...*)
      ودماء المسفلسين تنقط نزرة ملوثة ،
      من دماء صحبي وجيراني ،
      ومن دماء زوجتي
      وطفل على ساعدها وآخر لم تبصقه بعد ،
      حقول دمائي
      رياض تفوح بالكراهية ،
      بالكراهية الرحبة الشاملة
      لمن هناك ولمن هنا
      لمن رأيت ومن لم أر
      بالكراهية
      لك ولك
      ولي أنا .
      *
      أركضي أركضي
      طيري بغير جناح ،
      وتخطي الأفق ،
      وارشفي الكون والفضاء بذيلك ،
      وارشقي ارشقي النور
      وأزيحيه كما تزيحين قراداً مقيتاً
      تصمّغ على جانبي ( ...*) ؛
      ولن أسأل
      أين يضرب الحافر
      وأين مسراك وأني تبيتين :
      حسبي أن أراني فوقك
      وأعبث بناصيتك
      وأسمعك تصهلين ،
      وأن أرى الوجود أرقباً تنحني لك
      وتمحي ،
      وتركضين .
      ولا تعرجي بي
      على معارج التيه
      في روضة نعسانة ثملة ،
      آحاد أسابيع الناس
      وأمسيات أيامهم ،
      على زاروب ملتو
      يرونه جزيرة ألفتها الخرائط
      وصخور صلعاء
      يرونها تربة معشرة .
      ولا تعرجي بي
      على الروضة النعسانة الثملة
      حيث النجوم أعين تتلصص
      والشدو فحيح ،
      حيث الأزاهر من ورق وشريط
      وألوانها المبهمة المتمازجة
      حمراء وبيضاء وصفراء
      رذاذ دمٍ و ( ...*) وقيء ،
      ولا تعرجي بي
      على الروضة المزدحمة
      بحلقات الراقصين ،
      أذرعهم والصدور
      حُنطت منذ قرون
      وركبت على جسوم
      تحركها كآلات
      وترطن الصلاة
      الهمهمة بلغة غريبة
      لآلهة مجهولة ؛
      رقص وصخب
      آلات وآلات
      وأسرار تمارس
      شركةٌ تفصمها ارتعاشة
      وسفك براءة
      ومعمودية إثمٍ ومعرفة
      ورباطٌ يجعل الإثنين واحداً
      والواحد صفرا ،
      ونشيدٌ عذب
      يعلو ويعلو
      ويعلو إذ تقربين
      وتصهلين
      وتختتمين أعيادهم والطقوس
      وتركضين
      مثقلة ولكن قويةً
      تركضين .
      *
      واركضي بي
      أيتها الشهرزاد الحديثة
      تفتض كل ليلةٍ شهريار
      وتمتصه حتى الفناء ؛
      أركضي
      أيها الرحم الفاغر
      يبلله العرق
      وترتخي الأعضاء لديه ( ...*) .
      أركضي بي
      وأركض معك
      ( زفرت شهيقك
      وركزتُ في قدمي حافريك )
      وألهث وتلهثين ،
      معاً نصعد ومعاً نحط
      ومعاً نرود الأفق القصي
      ودارة اللذة الندية .
      أركضي بي
      فالارتماء فوقك أحب إلي
      من الارتماء فوق صدر حبيبتي ؛
      ووقعي حركاتك
      على نغمٍ موحشٍ
      أضج به وتضجين ؛
      تحركي
      أنا فوقك أتحرك
      وأشرس من تحركي تحرقي ؛
      أركضي بي
      هدفنا واحدٌ والطريق قصير ،
      واعبري بي المجرى الأخير ،
      وإما رمتك اللذعة في الإصطبل الفسيح
      رمتني معك
      وكلانا
      منهكٌ متكاملٌ مستريح .
      (1960)

      (...*) تم حذفها [/B]